تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : خصائص التصور الاسلامي



عزام
02-24-2008, 12:46 PM
السلام عليكم

مقالة مهمة اظنها لصاحب الظلال

لعلها تجيب على بعض اسئلة الاخ مقاوم عن كيفية التغيير المنشود.

أخ بلال، اقرا ما بالاحمر لأني اعرفك لا تحب المقالات "غير القصيرة جدا". :)

عزام



ضرورة تحديد خصائص التصور الاسلامي

تحديد "خصائص التصور الإسلامى ومقوماته(1)" ... مسألة ضرورية ، لأسباب كثيرة :
ضرورية لأنه لابد للمسلم من تفسير شامل للوجود ، يتعامل على أساسه مع هذا الوجود.. لابد من تفسير يقرب لإدراكه طبيعة الحقائق الكبرى التى يتعامل معها ، وطبيعة العلاقات والارتباطات بين هذه الحقائق : حقيقة الألوهية ، وحقيقة العبودية (وهذه تشتمل على حقيقة الكون .. وحقيقة الحياة ، وحقيقة الإنسان) .. وما بينها جميعا" من تعامل وارتباط .
وضرورية لأنه لابد للمسلم من معرفة حقيقة مركز الإنسان فى هذا الوجود الكونى ، وغاية وجوده الإنسانى .. فمن هذه المعرفة يتبين دور "الإنسان" فى "الكون" وحدود اختصاصاته كذلك ، وحدود علاقته بخالقه وخالق هذا الكون جميعا".
وضرورية لأنه بناء على ذلك التفسير الشامل ، وعلى معرفة حقيقة مركز الإنسان فى الوجود الكونى وغاية وجوده الإنسانى ، يتحدد منهج حياته ، ونوع النظام الذى يحقق هذا المنهج ، فنوع النظام الذى يحكم الحياة الإنسانية رهين بذلك التفسير الشامل ، ولابد من أن ينبثق منه انبثاقا" ذاتيا"
وإلا كان نظاما" مفتعلا" ، قريب الجذور ، سريع الذبول . والفترة التى يقدر له فيها البقاء ، وهى فترة شقاء "للإنسان" ، كما أنها فترة صدام بين هذا النظام وبين الفطرة البشرية ، وحاجات "الإنسان"الحقيقية ! الأمر الذى ينطبق اليوم على جميع الأنظمة فى الأرض كلها - بلا استثناء - وبخاصة فى الأمم التى تسمى "متقدمة(2) !"
وضرورية لأن هذا الدين جاء لينشئ أمة ذات طابع خاص متميز متفرد ، وهى فى الوقت ذاته أمة جاءت لقيادة البشرية ، وتحقيق منهج الله فى الأرض ، وإنقاذ البشرية مما كانت تعانيه من القيادات الضالة ، والمناهج الضالة ، والتصورات الضالة - وهو ما تعانى اليوم مثله مع اختلاف فى الصور والأشكال - وإدراك المسلم لطبيعة التصور الإسلامى ، وخصائصه ومقاومته ، هو الذى يكفل له أن يكون عنصرا" صالحا" فى بناء هذه الأمة ، ذات الطابع الخاص المتفرد المتميز ، وعنصرا" قادرا" على القيادة والإنقاذ ، فالتصور الاعتقادى هو أداة التوجيه الكبرى ، إلى جانب النظام الواقعى الذى ينبثق منه ، ويقوم على أساسه ، ويتناول النشاط الفردى كله ، والنشاط الجماعى كله ، فى شتى حقول النشاط الإنسانى .

***
ولقد كان القرآن الكريم قد قدم للناس هذا التفسير الشامل ، فى الصورة الكاملة ، التى تقابل كل عناصر الكينونة الإنسانية ، وتلبى كل جوانبها ، وتتعامل مع كل مقوماتها .. تتعامل مع "الحس" و "الفكر" و "البديهة" و "البصيرة" .. ومع سائر عناصر الإدراك البشرى ،، والكينونة البشرية بوجه عام - كما تتعامل مع الواقع المادى للإنسان ، هذا الواقع الذى ينشئه وضعه الكونى - فى الأسلوب الذى يخاطب ، ويوحى ، وبوجه كل عناصر هذه الكينونة متجمعة ، فى تناسق ، هو تناسق الفطرة كما خرجت من يد بارئها سبحانه ‍‍!
وبهذا التصور المستمد مباشرة من القرآن ، تكيفت الجماعة المسلمة الأولى ، تكيفت ذلك التكيف الفريد .. وتسلمت قيادة البشرية ، وقادتها تلك القيادة الفريدة التى لم تعرف لها البشرية من قبل ولا من بعد - نظيرة . وحققت فى حياة البشرية - سواء فى عالم الضمير والشعور ، أو فى عالم الحركة والواقع - ذلك النموذج الفذ الذى لم يعهده التاريخ ، وكان القرآن هو المرجع الأول لتلك الجماعة ، فمنه انبثقت هى ذاتها .. وكانت أعجب ظاهرة فى تاريخ الحياة البشرية : ظاهرة انبثاق أمة من خلال نصوص كتاب ‍! وبه عاشت . وعليه اعتمدت فى الدرجة الأولى باعتبار أن "السنة" ليست شيئا" آخر سوى الثمرة الكاملة النموذجية للتوجيه القرآنى .. كما لخصتها عائشة - رضى الله عنها -وهى تسأل عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم - فتجيب تلك الإجابة الجامعة الصادقة العميقة : "كان خلقه القرآن" .. (خرجه النسائى) .

***
ولكن الناس بعدوا عن القرآن ، وعن أسلوبه الخاص ، وعن الحياة فى ظلاله ، عن ملابسة الأحداث والمقومات التى يشابه جوها الجو الذى تنزل فيه القرآن .. وملابسة هذه الأحداث والمقومات ، وتنسم جوها الواقعى ، هو وحده الذى يجعل هذا القرآن مدركا" وموحيا" كذلك ، فالقرآن لا يدركه حق إدراكه من يعيش خالى البال من مكان الجهد والجهاد لاستئناف حياة إسلامية حقيقية ، ومن معاناة هذا الأمر العسير الشاق وجرائره وتضحياته وآلامه ، ومعاناة المشاعر المختلفة التى تصاحب تلك المكابدة فى عالم الواقع ، فى مواجهة الجاهلية فى أى زمان !
إن المسألة - فى إدراك مدلولات هذا القرآن وإيحاءاته - ليست هى فهم ألفاظه وعباراته ، ليست هى "تفسير" القرآن - كما اعتدنا أن نقول ! المسألة ليست هذه إنما هى استعداد النفس برصيد من المشاعر والمدركات والتجارب ، تشابه المشاعر والمدركات والتجارب التى صاحبت نزوله، وصحبت حياة الجماعة المسلمة وهى تتلقاه فى خضم المعترك .. معترك الجهاد .. جهاد النفس وجهاد الناس ، جهاد الشهوات وجهات الأعداء . والبذل والتضحية . والخوف والرجاء . والضعف والقوة . والعثرة والنهوض .. جو مكة ، والدعوة الناشئة ، والقلة والضعف ، والغربة بين الناس .. جو الشعب والحصار ، والجوع والخوف ، والاضطهاد والمطاردة والانقطاع إلا عن الله .. ثم جو المدينة : جو النشأة الأولى للمجتمع المسلم ، بين الكيد والنفاق ، والتنظيم والكفاح .. جو "بدر" و "أحد" و "الخندق" و "الحديبية" وجو " الفتح " و "حنين" و "تبوك" .. جو نشأة الأمة المسلمة ونشأة نظامها الاجتماعي والاحتكاك الحي بين المشاعر والمصالح والمبادئ فى ثنايا النشأة وفى خلال التنظيم .
فى هذا الجو الذى تنزلت فيه آيات القرآن حية نابضة واقعية .. كان للكلمات وللعبارات دلالاتها وإيحائاتها .. وفى هذا الجو الذى يصاحب محاولة استئناف الحياة الإسلامية من جديد يفتح القرآن كنوزه للقلوب ، ويمنح أسراره ، ويشيع عطره ، ويكون فيه هدى ونور قد كانوا يومئذ يدركون حقيقة قول الله لهم :
"يمنون عليك أن أسلموا . قل : لا تمنوا على إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين" (الحجرات : 17)
وحقيقة قول الله لهم :
"يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ(24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ(25)وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " (الأنفال : 24 : 26)
وحقيقة قول الله لهم :
"ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون" . (آل عمران : 123)
وحقيقة قول الله لهم :
"وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(139)إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ(140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ(141)أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ(142)وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَتَمَنَّوْن الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ"". (آل عمران : 139-143)
وحقيقة قول الله لهم :
"لَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمْ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ(25)ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ" . (التوبة : 25 - 26 )
وحقيقة قول الله لهم :
"لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ" . (آل عمران : 186)
كانوا يدركون حقيقة قول الله لهم فى هذا كله ، لأنه كان يحدثهم عن واقعيات فى حياتهم عاشوها ، وعن ذكريات فى نفوسهم لم تغب معالمها ، وعن ملابسات لم يبعد بها الزمن ، فهى تعيش فى ذات الجيل ..
والذين يعانون اليوم وغدا" مثل هذه الملابسات ، هم الذين يدركون معانى القرآن وإيحاءاته ، وهم الذين يتذوقون حقائق التصور الإسلامى كما جاء بها القرآن ، لأن لها رصيدا" حاضرا" فى مشاعرهم وفى تجاربهم ، يتلقونها به ، ويدركونها على ضوئه .. وهم قليل ..
ومن ثم لم يكن بد - وقد بعد الناس عن القرآن ببعدهم عن الحياة الواقعية فى مثل جوه - أن نقدم لهم حقائق : "التصور الإسلامى" عن الله والكون والحياة والإنسان من خلال النصوص القرآنية ، مصحوبة بالشرح والتوجيه ، والتجميع والتبويب ، لا ليغنى هذا غناء القرآن فى مخاطبة القلوب والعقول ، ولكن ليصل الناس بالقرآن - على قدر الإمكان - وليساعدهم على أن يتذوقوه ، ويلتمسوا فيه بأنفسهم حقائق التصور الإسلامى الكبير !
على أننا نحب أن ننبه هنا إلى حقيقة أساسية كبيرة .. إننا لا نبغي بالتماس حقائق التصور الإسلامي ، مجرد المعرفة الثقافية ... لا نبغى إنشاء فصل فى المكتبة الإسلامية، يضاف إلى ما عرف من قبل باسم "الفلسفة الإسلامية" . كلا ! إننا لا نهدف إلى مجرد "المعرفة" الباردة ، التى تتعامل مع الأذهان ، وتحسب فى رصيد "الثقافة" ! إن هذا الهدف فى اعتبارنا لا يستحق عناء الجهد فيه! إنه هدف تافه رخيص ! إنما نحن نبتغى "الحركة" من وراء "المعرفة" . نبتغى أن تستحيل هذه المعرفة قوة دافعة ، لتحقيق مدلولها فى عالم الواقع . نبتغى استجاشة ضمير "الإنسان" لتحقيق غاية وجوده الإنسانى ، كما يرسمها هذا التصور الربانى ، نبتغى أن ترجع البشرية إلى ربها ، وإلى منهجه الذى أراده لها ، وإلى الحياة الكريمة الرفيعة التى تتفق مع الكرامة التى كتبها الله للإنسان ، والتى تحققت فى فترة من فترات التاريخ ، على ضوء هذا التصور ، عندما استحال واقعا" فى الأرض ، يتمثل فى أمة ، تقود البشرية إلى الخير والصلاح والنماء .

***
ولقد وقع - فى طور من أطوار التاريخ الإسلامى - أن احتكت الحياة الإسلامية الأصلية ، المنبثقة من التصور الإسلامى الصحيح ، بألوان الحياة الأخرى التى وجدها الإسلام فى البلاد المفتوحة ، وفيما وراءها كذلك ، ثم بالثقافات السائدة فى تلك البلاد .
واشتغل الناس فى الرقعة الإسلامية - وقد خلت حياتهم من هموم الجهاد ، واستسلموا لموجات الرخاء .. وجدت فى الوقت ذاته من جراء الأحداث السياسية وغيرها مشكلات للتفكير والرأى والمذهبية - كان بعضها فى وقت مبكر منذ الخلاف المشهور بين على ومعاوية - اشتغل الناس بالفلسفة الإغريقية وبالمباحث الللاهوتية التى تجمعت حول المسيحية ، والتى ترجمت إلى اللغة العربية .. ونشأ عن هذا الاشتغال الذى لا يخلو من طابع الترف العقلى فى عهد العباسيين وفى الأندلس أيضا"، انحرافات واتجاهات غريبة على التصور الإسلامى الأصيل ، التصور الذى جاء ابتداء لإنقاذ البشرية من مثل هذه الانحرافات ، ومن مثل هذه الاتجاهات ، وردها إلى التصور الإسلامى الإيجابى الواقعى ، الذى يدفع بالطاقة كلها إلى مجال الحياة ، للبناء والتعمير ، والارتفاع والتطهير ، ويصون الطاقة أن تنفق فى الثرثرة كما يصون الإدراك البشرى أن يطوح به فى التيه بلا دليل .
ووجد جماعة من علماء المسلمين أن لابد من مواجهة آثار هذا الاحتكاك ، وهذا الانحراف ، بردود إيضاحات وجدل حول ذات الله - سبحانه - وصفاته . وحول القضاء والقدر وحول عمل الإنسان وجزائه ، وحول المعصية والتوبة .. إلى آخر المباحث التى ثار حولها الجدل فى تاريخ الفكر الإسلامى ! ووجدت الفرق المختلفة خوارج وشيعة ومرجئة ، قدرية وجبرية ، سنية ومعتزلة .. إلى آخر هذه الأسماء .
كذلك وجد بين المفكرين المسلمين من فتن بالفلسفة الإغريقية - وبخاصة شروح فلسلفة أرسطو - أو المعلم الأول كما كانوا يسمونه - وبالمباحث اللاهوتية- "الميتافيزيقية" - وظنوا أن "الفكر الإسلامى" لا يستكمل مظاهر نضوجه واكتماله ، أو مظاهر أبهته وعظمته ، إلا إذا ارتدى هذا الزى - زى التفلسف والفلسفة - وكانت له فيها مؤلفات ! وكما يفتن منا اليوم ناس بأزياء التفكير الغربية . فكذلك كانت فتنتهم بتلك الأزياء وقتها . فحاولوا إنشاء "فلسفة إسلامية" كالفلسفة الإغريقية . وحاولوا إنشاء "علم الكلام" على نسق المباحث اللاهوتية مبنية على منطق أرسطو !
وبدلا" من صياغة "التصور الإسلامى" فى قالب ذاتى مستقل ، وفق طبيعته الكلية ، التى تخاطب الكينونة البشرية جملة ، بكل مقوماتها طاقتها ولا تخاطب "الفكر البشرى" وحده خطابا" باردا" مصبوبا" فى قالب المنطق الذهنى .. بدلا" من هذا فإنهم استعاروا "القالب" الفلسفى ليصبوا فيه "التصور الإسلامى" ، كما استعاروا بعض التصورات الفلسفية ذاتها ، وحاولوا أن يوفقوا بينها وبين التصور الإسلامى أما المصطلحات فقد كادت تكون كلها مستعارة !
ولما كانت هناك جفوة أصلية بين منهج الفلسفة ومنهج العقيدة ، وبين أسلوب الفلسفة وأسلوب العقيدة ، وبين الحقائق الإيمانية الإسلامية وتلك المحاولات الصغيرة المضطربة المفتعلة التى تتضمنها الفلسفات والمباحث اللاهوتية البشرية.. فقد بدت "الفلسفة الإسلامية" - كما سميت - نشازا" كاملا" فى لحن العقيدة المتناسق ! ونشأ من هذه المحاولات تخليط كثير ، شاب صفاء التصور الإسلامى، وصغر مساحته ، وأصابه بالسطحية .
ذلك مع التعقيد والجفاف والتخليط . مما جعل تلك "الفلسفة الإسلامية" ومعها مباحث علم الكلام غريبة غربة كاملة على الإسلام . وطبيعته وحقيقته ومنهجه ، وأسلوبة !
وأنا أعلم أن هذا الكلام سيقابل بالدهشة - على الأقل ! - سواء من كثير من المشتغلين عندنا بما يسمى "الفلسفة الإسلامية" أو من المشتغلين بالمباحث الفلسفية بصفة عامة .. ولكنى أقرره ، وأنا على يقين جازم بأن "التصور الإسلامى" لن يخلص من التشويه والانحراف والمسخ ، إلا حين نلقى عنه جملة بكل ما أطلق عليه اسم "الفلسفة الإسلامية" وبكل مباحث "علم الكلام" وبكل ما ثار من الجدل بين الفرق الإسلامية المختلفة فى شتى العصور أيضا" ! ثم نعود إلى القرآن الكريم ، نستمد منه مباشرة "مقومات التصور الإسلامى" ، مع بيان "خصائصه" التى تفرده من بين سائر التصورات ، ولا بأس من بعض الموازنات - التى توضح هذه الخصائص - مع التصورات الأخرى - أما مقومات هذا التصور فيجب أن تستقى من القرآن مباشرة ، وتصاغ صياغة مستقلة .. تماما" .

مقاوم
02-24-2008, 01:32 PM
العنوان هو في الواقع عناون لأحد كتب سيد قطب رحمه الله وهو:
خصائص التصور الإسلامي ومقوماته.
كتاب رائع!!

عزام
02-24-2008, 01:41 PM
نعم اخي الحبيب قلت انه لصاحب الظلال
كتاب رائع بلا شك
لكن كما يقول المقال
العبرة بالتطبيق
لا بالقراءة الباردة.
فعسانا فعلا نطبق ما نقرأ.
الكاتب طبق مبادئه فعلا و استشهد من اجلها لذا فكل كلمة يقولها لها اعتبار.
عزام

من هناك
02-24-2008, 04:56 PM
بارك الله بك اخي عزام وقد قرأت ما هو بالأسود اليوم وسوف اعود لقراءة ما كتب بالأحمر. الحق عليك لأنك وضعت الآيات كلها بالأسود فأجبرتني على البدء بها:)

بالنسبة للكتاب فقد قرأته من فترة طويلة وهو كتاب اكثر ما رائع. إنه لا يوقظ الفكر فقط بل يصفع الكبرياء الفكري عند المثقف المترف ويعرض له الحقيقة بكل بساطة. هذه هو التصور الإسلامي فأين هو تصورك مما يجب ان يكون.

ملاحظة فقط، يبدو ان الأخ عزام سلفي اكثر من السلفية :)

عزام
02-24-2008, 05:00 PM
ملاحظة فقط، يبدو ان الأخ عزام سلفي اكثر من السلفية :)
من عاشر القوم اربعين يوما صار منهم :)
تعريف السلفية موضوع طويل..
الامام محمد عبده يعد نفسه سلفيا على سبيل المثال...

من هناك
02-24-2008, 05:12 PM
من عاشر القوم اربعين يوما صار منهم :)يا لطيف لهذه الدرجة عندك حساسية.
طيب خلص سوف نقول عنك انك اشعري :)

مقاوم
02-24-2008, 05:19 PM
أرايتم كيف تزرع الأنماط في النفوس؟
بمجرد ملاحظة بلال انبرى عزام للدفاع والتدليل وكأن السلفية تهمة!!
:)

عزام
02-24-2008, 06:00 PM
أرايتم كيف تزرع الأنماط في النفوس؟
بمجرد ملاحظة بلال انبرى عزام للدفاع والتدليل وكأن السلفية تهمة!!
:)
اخي مقاوم الله يشد الضهر فيك..
لما حكي بعض الناس عن الاشعرية انها فئة ضالة ومبتدعة سكتت حضرتك
وهلق انا ما حكيت الا كل شي منيح عن السلفيين بتقول انو عم بتعامل معها على انها تهمة؟
مش معقولين انتو..
انا مش سلفي ولا اشعري..
خلصونا بقى.. يعني لازم اتصنف؟؟
انا مهندس .. شخص عادي متل كل الناس..
انتو اساتذتي بعلم الدين
بس علم الدين مش هو كل الدين..
يمكن في ناس انا اقدر اثر فيهم اكثر من اكبر شيخ حسب طريقة معاملتي لهم..
عزام

مقاوم
02-24-2008, 06:05 PM
طول بالك يا عمي
خدنا بحلمك شو بنا؟؟ :)
خلص يا خيي مانك سلفي ولا أشعري بس لا تزعل.
بعدين أليس السكوت علامة الرضا؟ (غمزة)

عزام
02-24-2008, 06:12 PM
هو بالي طويل
لكن في ناس تقرأ وتاخذ الامور على محمل الجد.
فانا لا اريد ان يظنوا اني اشعري
لانه ليس جميلا ان اتعرض لموجة تكفير ثانية
واحد غيري كان ترك المنتدى وما رجع
انا متل جنبلاط
بسامح بس ما بنسى :)
عزام

من هناك
02-24-2008, 06:32 PM
مش معقولين انتو..
انا مش سلفي ولا اشعري..
خلصونا بقى.. يعني لازم اتصنف؟؟
انا مهندس .. شخص عادي متل كل الناس..


يمكن في ناس انا اقدر اثر فيهم اكثر من اكبر شيخ حسب طريقة معاملتي لهم..
اخي عزام كلنا يحاول الخروج من التصنيفات ولكن للأسف فهذا الأمر صعب وقد نسير احياناً في هذا الركب ونصنف الناس ثم نعترض لو صنفنا الآخرون :)

كان الأفضل ان تقول: اما مسلم عادي مثل كل المسلمين وعلى نهج الأوائل بدل ان تقول انك مهندس (تشرفنا إستاذ).

كل إنسان قادر على التأثير في محيطه اكثر من اكبر الدعاة بسبب معرفته الوثيقة بالمحيط الذي يعمل فيه

اسأل الله ان ييسر لك ويرزقك هداية الناس على يدك وحاول ان تتقبل بعض المزاح في صوت :)

اهلاً بك في منتدى ال CROCODILES

عزام
02-24-2008, 06:49 PM
اخي عزام كلنا يحاول الخروج من التصنيفات ولكن للأسف فهذا الأمر صعب وقد نسير احياناً في هذا الركب ونصنف الناس ثم نعترض لو صنفنا الآخرون :)

كان الأفضل ان تقول: اما مسلم عادي مثل كل المسلمين وعلى نهج الأوائل بدل ان تقول انك مهندس (تشرفنا إستاذ).

كل إنسان قادر على التأثير في محيطه اكثر من اكبر الدعاة بسبب معرفته الوثيقة بالمحيط الذي يعمل فيه

اسأل الله ان ييسر لك ويرزقك هداية الناس على يدك وحاول ان تتقبل بعض المزاح في صوت :)

اهلاً بك في منتدى ال CROCODILES

انا مهندس قصدي لست عالم دين او طالب دين
انا أقبل المزح ولو
بس المسالة لماييصير فيها بدع وتكفير
بتضايق.. ولا شو؟
احيانا استغرب والله علام تنتقدون الاحباش؟؟؟؟
هناك مقالات هنا لا تختلف عن اسلوبهم
تطلب مني بعض الوقت حتى اتعود على هذه الفكرة
انا مصطلح التكفير والتفسيق مشطوب عندي
فالله يحكم بين الناس يوم القيامة

هنا الحقيقه
02-25-2008, 10:06 AM
انا مهندس .. شخص عادي متل كل الناس
وضح اكثر انت مهندس سلفي
ام مهندس اشعري ؟:)

عزام
02-25-2008, 10:13 AM
كلمة مهندس لا اعني فيها اي شيء بل اقصد اني لست عالم دين او حتى طالب في كلية شريعة
انا اظن ان هناك هوة يمكن ردمها بين الطرفين اذا توصلوا الى نقاط مشتركة كما توصلنا انا وانت سيدي هنا الحقيقة
وكثير من العلماء المعاصرين حاولوا هذا ومنهم سيد قطب وحسن البنا والقرضاوي وسعيد حوى
حتى هذا المقال يذكر الموضوع
وأنا أعلم أن هذا الكلام سيقابل بالدهشة - على الأقل ! - سواء من كثير من المشتغلين عندنا بما يسمى "الفلسفة الإسلامية" أو من المشتغلين بالمباحث الفلسفية بصفة عامة .. ولكنى أقرره ، وأنا على يقين جازم بأن "التصور الإسلامى" لن يخلص من التشويه والانحراف والمسخ ، إلا حين نلقى عنه جملة بكل ما أطلق عليه اسم "الفلسفة الإسلامية" وبكل مباحث "علم الكلام" وبكل ما ثار من الجدل بين الفرق الإسلامية المختلفة فى شتى العصور أيضا" ! ثم نعود إلى القرآن الكريم ، نستمد منه مباشرة "مقومات التصور الإسلامى" ، مع بيان "خصائصه" التى تفرده من بين سائر التصورات ، ولا بأس من بعض الموازنات - التى توضح هذه الخصائص - مع التصورات الأخرى - أما مقومات هذا التصور فيجب أن تستقى من القرآن مباشرة ، وتصاغ صياغة مستقلة .. تماما" .

هنا الحقيقه
02-25-2008, 10:32 AM
فعلا يبين لنا هذا الكتاب زمن كاتبه وكيف ان الفلسفة الاسلامية طغت على العقيدة
مما جعل من سيد قطب يجهد في تاليف هذا الكتاب
اخي عزام
اظن والله اعلم ان مسالة الهوة وردمها صعبه في الواقع
خصوصا ان الفلسفة او علم الكلام
والعقيدة
مدرستين خطهما متوازيان لا يلتقيان وان وصلتا الى نتيجة واحدة بعض الاحيان
اظن والله اعلم ان سيد قطب وضع اصبعه على الجرح
واشار الى ترك علم الكلام برمته وتفصيلاته
ونتمسك بالقرءان والسنة
فلو لاحظنا اخي الكريم وتتبعنا الفرقة التي حدثت
في ايام خلافة الامام علي ومعاوية رضي الله عنهما
حتى تلك الخلافات لم تكن عقائدية اي ان العقيدة واحدة
لكن اشد الاختلافات العقائدية قد حدثت في زمن المامون وما بعده عندما ترجمت الكتب الخمس او الست او العشر
وبعدها انقسم الناس الى معتزلة وقدرية ومرجئة كما بين ذلك سيد قطب
حتى صار اهل السنة فرقة وليسوا الاصل ظاهريا من جراء كثرت العقائد فحار وتاه عقل المسلم ايها اسلم
واصح

عزام
02-25-2008, 10:55 AM
نعم نحن متفقون هنا
لكن الخلاف والله اعلم
هو متى نعرف اننا خرجنا من العقيدة الى علم الكلام
تخيل اخي الكريم اننا نسير من الاسود الى الابيض
الاسود بين والابيض بين
لكن هناك مسائل في الوسط رمادية
لا تعرف هل تصنفها هنا او هناك
لذلك كانت وجهة نظري ان تكون الكتب التي كتبت في الصفات اصغر من الموجودة حاليا
حتى لا ننتقل من العقيدة الى علم الكلام بدون ان ندري
بالنسبة للاشاعرة
فلا يوجد اليوم عالم اشعري بمعنى الكلمة
هذه تهمة تلقى احيانا ضد من لا يكون سلفيا
كما يطلق البعض على السلفيين كلمة وهابية
مثلا بعض العلماء يقول تنزه الله عن الحلول بالمكان والزمان فهو الذي خلقهما
ولا يليق به ان يكون محدودا بهما
او ان يحتاجهما
فهل يكون اشعريا او فيلسوفا؟
وهل كلامه خارج عن القرآن والسنة وكلام الصحابة؟
هونوها بتهون اخي الكريم
هو له ادلة وانتم لكم ادلة
هو لا ينتقص من الله وانتم لا تنتقصون من الله
كل ما في الامر خلاف اصطلاحي
ولو انك درست تعريف المكان والزمان
لوجدت ان النظريات العلمية الحديثة قلبت كل المفاهيم القديمة المتوارثة
فقد اثبت انشتاين ان المكان صفة متغيرة وليس قيمة ثابتة
فهو من خاصية الاشياء المتغيرة
وهو يتقلص او يمتد حسب سرعة حركة الجسم

هنا الحقيقه
02-25-2008, 11:51 AM
اخي عزام
الابيض والاسود كما تفضلت بين
والمساحة ما بين علم الكلام واهل العقيدة
ايضا واضح ودليل هذا
ان اهل الكلاملا يقولون نحن اهل الكلام ولا ينكوه على انفسهم ولا ينكره عليهم احد
واهل العقيدة يقولون نحن اهل العقيدة ولا ينك عليهم احد ولا ينكروه على انفسهم
اما اليوم
في هذا الوقت فاقول
ليس هناك علم من المتكلمين الذين نعرفهم
انما هم من ساروا على خطاهم وقلدوهم او اتبعوهم


اما تنزيه الله عن الزمان والمكان وانه لا يحده لا زمان ولا مكان فهذا قول اهل السلف او اهل العقيدة هم من يقولون هذا
ولا اظن ان هناك من اهل السلف او العقيدة يقول ان الله يحيطه مكان ولا زمان
سبحانه تعالى
واظن ان هناك التباس عندك وتظن ان اهل العقيدة او السلفية يقولون بالزمان والمكان

عزام
02-25-2008, 12:02 PM
بارك الله فيك
لا شيء اضيفه
شيئا فشيئا
نحن نحل كل نقاط الخلاف في وجهات النظر بيننا
عزام

هنا الحقيقه
02-25-2008, 12:08 PM
بارك الله بك

من هناك
02-25-2008, 02:21 PM
انا اعترف لعزام بأنه سياسي بارع وقادر على تدوير الزوايا

هنا الحقيقه
02-25-2008, 02:25 PM
وانا ايضا ولهذا تفاعلت معه
فهو يعرف اين يريد ان يصل وهمه الالتقاء بالمشترك قبل الخوض بالمختلف
وهذا الامر يحسب للمحاور البارع
ولكن جل ما اخشاه ان نتفق بكثير من الفرعيات ونختلف بقليل من الاصل فيضيع هذا وذاك :)

مقاوم
02-25-2008, 02:29 PM
وأنا أعترف لبلال أنه "محركش" بارع ويعرف كيف يزوي الدوائر :)

عزام
02-25-2008, 02:44 PM
بارك الله فيكم
لعل هذا المقال يوضح نظرتي الى الحوار وهي تتلخص بالتحرك من الاسفل الى الاعلى حينما يحتد النقاش للوصول الى نقاط مشتركة حتى اذا هدأت الخواطر نعود الى التفاصيل ونحاور في كل نقطة على حدى.
عزام

اختلفت مرة مع احد الاخوة حين طلب مني الا ادخل في التفاصيل واركز على العموميات، فأتذكر اني قلت له اني اذا ركزت على العموميات فلن يستفيد المرء شيئا. لنقل مثلا اذا اتفقنا نحن والاخوة على قضية "وجوب عدم موالاة الكافر" فمن الممكن تماما ان نتفق عليها ولكن نختلف في فهمها فعلينا ان ننزل الى مستوى تفصيلي اقل وهو التباحث في قضايا "الانتخابات، تقاطع المصالح..." هل هي من ضمن الولاء؟؟؟ وكي نفهم هذه الافكار جيدا علينا ان ننزل الى مستوى تفصيلي اقل الا وهو الامثلة عن هذه الامور "من السنة، من التاريخ، من السياسة.." وقد يكون المثال الذي ضربناه قاصرا عن استيعاب القضية او اعطاء كل ابعادها (لنقل مثال عن تقاطع المصالح بين المجاهدين الافغان والولايات المتحدة) فننتقل الى مستوى موازي باعطاء مثل آخر.. حتى اذا استوفينا الامثلة واتفقنا على تفسيرها ننتقل الى المجال الاعلى (الا وهو فكرة تقاطع المصالح) فنتفق عليه ولكن من الممكن جدا ان يحصل تباين قوي في الرأي اثناء سرد التفاصيل والامثلة لأنها خاضعة للتفسير البشري فما يعتبر انتصارا عند البعض هو هزيمة عند البعض الآخر.. فإذا وجدنا انفسنا غير قادرين على حسم هذا الخلاف ننتقل الى الاعلى من جديد لنصل الى مستوى تلاق جديد وهكذا.. قبل قراءة هذا المقال كنت امارس هذه الامور بالسليقة لذا يراني البعض احتد واحارب بشدة عن نقطة ما ثم بعد فترة ادرك ان التمسك بها غير مجدي لأن الطرف الآخر مقتنع بعكسها عاطفيا. فالغي هذه النقطة من الحوار وارتفع الى مستوى اعلى حتى اذا اتفقت واياه على هذا المستوى نزلت من جديد اذا تطلب الامر الى هذ النقطة وقمنا بتنازل من الطرفين عليها...
عزام




الترتيب الهرمي للأفكار

تستخدم الكلمات للتعبير عن الأفكار والمفاهيم ، ويمكننا أن نجعلها محددة أو عامة ، مع وجود سلسلة تمتد بين هاتين الصفتين، في أحد طرفي السلسلة نستخدم للغة مفصلة ومحددة تماماً، وفي الطرف الآخر للسلسلة نستخدم لغة عامة وأكثر غموضاً . وفي منهج البرمجة النفسية اللغوية نستخدم نموذج ال( ما وراء ) حينما نرغب في استيضاح تفصيلات أدق عن المعلومات. وعلى النقيض فإن نموذج " ميلتون" يستخدم ما يسمى في سياق هذا المنهج " لغة الغموض" . وكلا النموذجين يمكنهما تحقيق نتائج اتصالية عالية المستوى، ولكن بطريقتين مختلفتين تماماً . هناك العديد من النماذج التي نستخدمها في حياتنا اليومية للحديث والكتابة، وكل منا يستخدم باستمرار نموذجه الخاص متبنياً درجات متنوعة من الوضوح والغموض. ولتوضيح ذلك استخدمنا نموذج الترتيب الهرمي للوضوح والغموض والدرجات المختلفة لذلك، وهذا يعتمد على الغرض من الاتصال والظروف المحيطة به.

سلسلة اللغة

إن الصفات المجردة مثل " الأمانة" كما في "جوان تقدر الأمانة" تدل فقط على معنى عام. ولكن يمكنك أن تقوم بتجزئة الفكرة، وذلك وفقاً للسياق الذي ترد فيه، للحصول على أفكار أكثر تجديداً مثل " إنها تقول الحقيقة لأستاذها" أو "هي تعبر عما في ضميرها " وهكذا… حتى تحصل في النهاية على أفعال محددة تعد نماذج لصفة الأمانة . وهكذا يمكننا تشكيل ترتيب هرمي لكلمة " الأمانة" يمكن أن يمتد إلى أي مستوى من التفصيل حتى نصل إلى "البنيان العميق" للمعنى.

التدرج

إن فكرة الترتيب الهرمي للأفكار تهتم بالطريقة التي نفكر بها ونتصل بها في "خطوات كبيرة" (على كلا المستويين العام والمجرد) أو في نقلات صغيرة (إلى المستوى التفصيلي الذي نرغب فيه)، ويتضمن التدرج لأعلى نقل فكرة لمستوى أعلى وأكثر عمومية. مثلاً: بدلاً من التفكير في الأغنام أو البقر يمكنك الانتقال قليلاً لأعلى إلى مستوى حيوانات الرعي ولأعلى مرة أخرى إلى حيوانات ثم إلى الكائنات الحية وهكذا .

وبنفس الطريقة يمكنك أن تتدرج بالمفهوم إلى أسفل، مثلا: بدلاً من الحديث عن كلب يمكن أن تفكر في كلب معين أو جزء منه ( مثل الذيل) أو شيء مرتبط به ( النباح). وكذلك التحرك جانبياً في الاتجاهين فتظل على نفس المستوى، فتغير كلب إلى قطة أو بقرة أو كنجارو وهكذا وهي كلها تمثل مستوى منخفض معين .

خلال عملية الاتصال، نحتاج أحياناً إلى التحرك البسيط لأعلى وفي أحيان أخرى فإن التدرج لأسفل يساعد في الوصول لفهم أفضل، ويتوقف ذلك على الاستجابة وعلى النتيجة المستهدفة، هل هي محددة أم تكتفي بالتعميم؟ قد تحتاج أحياناً إلى تفصيلات أكثر ، أو معلومات معينة، ففي الحالة الأولى قد ترغب في " رؤية الصورة الكلية" بموقف ما أو إدراك أفضل، وفي الحالة الثانية قد ترغب في التركيز على تفصيلات معينة. وإذا كانت الكلمات تعكس نظامنا التفضيلي وتعبر عنه، فإنها أيضاً تحدد حجم واتجاه التدرج الذي نريده على الترتيب الهرمي للأفكار. إن فهم اللغة بهذه الطريقة سيساعدك بالتأكيد في كل اتصالاتك اليومية. في التفاوض أو البيع والشراء فإنك ستحتاج إلى مرونة في التدرج ما بين الغموض والتحديد الدقيق، وإلى تدرج كبير او صغير عبر الترتيب الهرمي للأفكار.

على سبيل المثال: خلال عملية التفاوض، فإن تحركك قليلاً لأعلى في الترتيب الهرمي يمكن أن يسهل الاتفاق، حيث تصل إلى مستوى تعبير: مثل " كلا الطرفين يرغب في نتيجة متبادلة مفيدة" أو " يتفق الطرفان بشأن تفاوض عادل" أو " كلنا سنكسب بالوصول إلى اتفاق" أو " إننا جميعاً نرغب في تسوية هذا الوضع في أقرب ما يمكن". وبعد ذلك يمكن التحرك خلال الترتيب الهرمي لأسفل بهدف عزل أية عوائق تقف في وجه الاتفاق، وتحديد الموضوع الذي يحتاج لاهتمام خاص، وقد تجد أن هذا الموضوع يتعلق ببند واحد فقط من بنود العقد، أو ينطوي على تنازل بالغ الضآلة، وذلك بعد عزله. وينطبق نفس الشيء عند الاتفاق على تنفيذ خطة أو اتفاق معين حيث إن التعبيرات العامة لن تكون كافية في هذه المرحلة، كما يمكنك التحرك بمستوى أفقي كي تقارن بين هذا الاتفاق وصفقة أخرى سبق أن عقدتها ، أو مثال للموضوع المحدد محل البحث. أما التحرك أفقياً لأحد الأجناب فإن ذلك يحدث إذا قارنت ما وصلت إليه في الاتفاق ، باتفاقات سابقة مع أطراف أخرى مثلاً أو لإعطاء مثال لنقطة مجددة تريد أن تلقي الضوء عليها أكثر.

وقد تحتاج إلى التحرك في كل الاتجاهات (أعلى /أسفل/ الأجناب) ولكل منها اللغة التي تعبر عنها ، فإذا أردت أن تتحرك لأسفل وجّه سؤالاً : ماذا يقدم لنا مثالاً لذلك؟ واستمر في تكرار السؤال لترى إلى أي مدى يمكن التحرك . وفي المقابل إذا أردت التحرك لأعلى فاسأل: ما الذي يمثله ذلك؟ أو ما الغرض من ورائه؟ ولاحظ إلى أي مدى على الترتيب الهرمي يمكنك الموصول. وللتحرك أفقياً " ما الذي يمكن أن نأخذه كمثال على هذا؟ أو كم عدد النماذج المماثلة التي يمكنك ذكرها؟ وباستكشاف القضية خلال الترتيب الهرمي للافكار والتعرف على الإطار العام إلى جانب التفصيلات الدقيقة تتمكن من الوصول إللاى مزيد من الأفكار والرؤى. نموذج تطبيقي: إذا تخيلنا موقفاً تفاوضياً في مجال الأعمال حيث نجد الأطراف تسعى للاتفاق على السعر والشروط والتفصيلات الأخرى فلنلاحظ كيفية الانتقال من مستوى لآخر.

v أنا متأكد أن كلا منا يريد التوصل إلى صفقةة تحقق لنا معاً مكاسب جيدة ( لأعلى)
v دعنا نقضي بعض الوقت لصياغة هذه الفقرة (لأسفل)
v هذه الصيغة نجحت في العقد الخاص بالمملكة العربية السعودية منذ سنتين ( أفقياً )
v لا مانع من أن تذكر باقي النقاط التفصيلية (لأسفل)
v يجب أن ننتهي سريعاً لنحصل على إجازتنا (لأعلى)
v كيف وصلت إلى سعر ثمانمائة جنيه (لأسفل)
v هذه هي نفس الطريقة التي دائماً ما نعمل بها مع الموردين الآخرين ( أفقياً )
v كلانا يرغب في إتمام هذا العمل (لأعلى )
v يبدو أنه بمجرد الاتفاق على الجدولة ستظل هناك نقطتان فرعيتان ( لأسفل )
v ماذا لو جعلنا موعد القسط الثاني مبكراً في مقابل تخفيض 15% ( لأسفل أكثر من مستوى )
v ليس في مقدرة أحد سوانا أن يحدد معدل الفائدة (لأعلى) ولكن ماذا لو استقطعنا جزءاً سمن المصروفات الإدارية ؟ (لأسفل)
v ماذا لو جعلنا "جون" يتعامل مع هذا الموضوع؟ (لأسفل)
v أنا على ثقة من أنه يمكننا البدء في يوم 20 الجاري إذا كان ذلك يناسب مؤسستك ( لأسفل )

إن التحرك لأعلى يمكن أن يبعد التركيز عن الموضوعات الصغيرة المعقدة ـ ولذلك فهو يساعد على استعادة التوافق في الأفكار. أما التحرك لأسفل فهو يساعد على التركيز على الموضوعات المحددة التي تركت للتفاوض بشأنها . ففي أي وقت تشعر بأن هناك مخاطرة بفقدان التواصل فإن التحرك بأي اتجاه على البنيان الهرمي سيساعدك على إعادة الطرف الآخر لحالة التوافق. لاحظ أيضاً أن لكل منا أسلوباً مفضلاً- مثل حب التفاصيل، أو إعادة إلقاء نظرة على الموضوع – حتى يمكنك تحويل مسار التدرج بما يلائم الطرف الآخر.

من هناك
02-25-2008, 02:58 PM
نعود لاحقاً

عزام
02-25-2008, 03:03 PM
اخي بلال
الآن عرفت كيف وصلت مداخلاتك الى 27 الف :) فيما ظل الباقون على عتبة ال 7 الاف
عزام

من هناك
02-25-2008, 04:48 PM
اخي بلال
الآن عرفت كيف وصلت مداخلاتك الى 27 الف :) فيما ظل الباقون على عتبة ال 7 الاف
عزاملأنني احرص على قراءة بعض المواضيع، اضطر للإشارة إليها حتى اجدها لاحقاً

بالنسبة للعدد، كلا فقد وصلت بخدعة كمبيوترية :)

عزام
02-25-2008, 04:55 PM
بالنسبة للعدد، كلا فقد وصلت بخدعة كمبيوترية :)
ايوه يا سيدي من قدك :)
عزام