تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ذوقيات زوجية



من هناك
02-22-2008, 02:00 AM
ذوقيات زوجية
بقلم: عائشة جمعة
يُروى عن عائشة- رضي الله عنها- قولُها عن رسول الله صلىالله عليه وسلم:"أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خلُقًا،وخِيارُكم- أي المُفَضَّلون فيكم-خياركملنسائهم"أي المُحسِنُون إليهم بالمعاشرة الطيبة.

ما استفدته من الحديثالشريف:

- لا يكمُلُ إيمان مسلم حتى يحسُنَ خلقُه.

- خيار المؤمنين مَن حَسُن خلقه في بيته.

- معيار التفاضل بين المؤمنين حسن الخلق.

- معيار الخيرية بين المؤمنين هو العِشرة الطيبة مع منيعول.



هناك ذوقياتٌ في التعامل بين الزوجين تتخلل مناحي الحياةالمختلفة.. هذا الموضوع سوف يتناول هذه النواحي من الذوقيات التي يحب الزوج أوالزوجة التعامل بها.



نبدأ بذوقيات الكلام:

- إلقاء التحية كلما التقيا، وتنويع هذه التحية لتنقل أجملالمشاعر.

- الصوت المعتدل والمعبِّر.

- الكلمة المنتقاة والمناسبة للحال والمكانوالزمان.

- النقد غير المباشر وغير اللاذع والمجدي مما لا يمكنإصلاحه.

- عدم الإكثار من التفاخر والتباهي بالكلام.

- التعبير عن الاستياء دون انفعالٍ، وتقبُّل هذه المشاعر،وفتح مجال للتبرير أو التفسير أمان.

- إجادة الغزل واستمراره من باب (الكلمة الطيبةصدقة).

- تحديث المعلومات والتحدث بها؛ وذلك يبني صرح الثقافة فيالنفوس.

- التحدث بما يهمُّ الآخر وحسن الإصغاء إلى ما يقول، وتبادلالمشاعر، كالفرح لفرح المتكلم والأسى لما يؤاسي.

- إجادة فن الإضحاك، والاحتفاظ ببعض الطُّرَف لاستخدامها فيموضعها، وأحياناً لكسر الحواجز.

- عدم التحدث عن المعارف والأصدقاء بإعجاب.

- الإنفاق: على الرجل أن يعرف أن لزوجته متطلبات، وأنها عندأهلها كانت حاجاتُها مقضيةً.

- على الزوجة أن تراعي حال زوجها فلا تطالبه بما لا يُطيقهولا تقارن حياتها بحياة غيرها.

- على الزوج إن كانت امرأته تعمل أو لها مورد رزق ألا يمدَّ عينيه إلى ما عندها، وأن يعتبر أن هذا ملكيةٌ فرديةٌ، وأن يمدها من فينةٍ إلى أخرى بعطيةٍ يُثبت فيها أنه القيِّم عليها "اليد العليا خيرٌ من اليد السفلى".

- على الزوج ألا يمنَّ على زوجته بالإنفاق؛ فهذا واجبه،ومأجورٌ عليه من الله.

- على الزوجة إن كان لها مورد رزق أو كانت عاملةً ألا تبخلعلى بيتها وأولادها وزوجها دون منٍّ أو أذى.

- على الزوجة ألا تنسى والديها اللذين أنفقا عليها ويسَّرالها طريق العلم.

- على الزوجة الميسورة أن تكون كريمةَ اليد مع أمِّزوجها.

- على الزوج أن يراعيَ بنفقته احتياجات أفراد أسرته بتوازنٍ،ودون تحيِّز العلاقات داخل البيت وخارجه.



وتحكم العلاقات الزوجية الداخلية والخارجية مجموعةُ مبادئ،وهذه المبادئ ما نطلق عليه مصطلح (حسن الخلق)؛ فلو أن الزوجين يحرصان على التحليبالأخلاق الحميدة- كالصدق والإخلاص، والأمانة والرضا، وحب الآخرين وضبط النفس.. إلخ- لكانت العلائق الداخلية والخارجية على ما يُرام، ويبقى أن يكون الزوجان متفقينعلى أسسٍ مشتركةٍ لتتم عملية التواصل على أحسن وجه.



ومن هذه الأسس:

- عدم الاختلاف على ناحيةٍ تربويةٍ أمامالأطفال.

- عدم مقاطعة الأهل والجيران.

- عدم مفاجأة أحد الزوجين الآخر بدعوة أصدقاء.

- عدم التمادي في العلاقات الخارجيِّة.

- عدم التركيز على التواصل مع فئةٍ وترك بقيةالفئات.

- ترك مساحة حرَّة لكل فرد تسمح له ببعضالخصوصيات.

- التوازن في الاهتمام والرعاية.

- الحياة بجدٍّ يكتنفها بعض الترفيه.

- التناصح والتشاور مع احترام الرأي الآخر.




ذوقيات المأكل والمشربوالملبس

يعيش الزوجان سنواتٍ عديدة قبل الزواج كلٌّ في بيت أهله،وتتكوَّن مجموعةٌ من الأذواق في المطعم والمشرب والمأكل، وقد يروق لأحدهما ماتعوَّد أن يأكله الآخر أو يلبسه أو يشربه.



ولكن ماذا لو أن الطرف الآخر لم يعجبه سائر ما ذُكر؟.. العوام تقول: "كُلْ ما يُعجبك والبس ما يُعجب غيرَك"؛ لأن في الملبس يراك الآخر،وهناك ألوانٌ مفضلةٌ وثيابٌ مختلفةُ الأنواع، وقد يكون أحدهما غير مبالٍ بمظهرهوالطرف الآخر يهمُّه المظهر، عندها يجب تغيير النظرة ومراعاة شريكالحياة.



بعض الأزواج يُفضِّل المكياج، وبعضهم لا يُطيق أن يراه.. بعضالزوجات تحب أن ترى زوجها أنيقَ المنظر في البيت وعند الخروج منه.



بعض الأزواج لا ينتبه إلى أي تغييرٍ في مظهر الزوجة، كقصالشعر أو تغيير تسريحة، وبعضهم إذا لاحظ فرقًا سارع إلى إبداء إعجابه وغبطتهبالتغيير الحاصل.



وهذا غيضٌ من فيضٍ، يُرشد إلى مراعاة الطرف الآخر وأخذ رأيهومعرفة ما يفضله.أما اختلاف الطعام كزيادةِ ملحٍ أو العزوف عن أكلةٍ معينة، أوإضافة شيءٍ إلى فنجان الشاي كالكريمة أو النعناع، أو حب البهارات أو التأذي منها.. كل هذا يتم بالاتفاق والوفاق، وليس من الذوقيات التغاضي عن رغباتالآخرين.



ذوقيات المعايشة اليوميَّة تعتبر الحياة مع الزوج- كلمة زوجللذكر والأنثى- أشبهَ بالحياة مع النفس؛ فهي معايشةٌ تشمل الليل والنهار، فإذا كانالإنسان يرى معيشته مع نفسه أمرًا طبيعيًّا وعاديًّا، كذلك عليه أن يرى الحياةَ معالزوج أمرًا طبيعيًّا وعاديًّا، وكما يهتم الإنسان بنفسه فيكرمها ويحرص عليها، كذلكعلى الزوج أن يفعل ذلك.



ولكن الإنسان مع نفسه يأتلف وتكون طوعًا له تارةً، وتارةًيكون طوعًا لها، وهما في انسجامٍ ووئامٍ، لكن مع الزوج هناك نفسٌ أخرى لها كيانوتحمل تاريخًا من العادات والطباع.. فكيف يتم الانسجام والوئام؟.



إن التقارب بين النفسين آيةٌ من آيات الله تكفَّل بهاوحقَّقها، ولكن البشر يستثمرون هذا التقارب بتنميته وإبقاء هذا التواصل حيًّايُرزق، فما معنى أن تتحكم عادةٌ في نفس أحدهما لتكون مثار خلافٍ بيننفسيهما؟!.



إن التقارب يتمُّ عن طريق كلٍّ منهما، كلُّ واحد يقترب مننظامِ الآخر طوعًا وحبًّا، وقديمًا قالوا: (الصاحب ساحب)، كلٌّ منهما يسحب الآخرإلى ما يراه خيرًا، والآخر ينسحب برضاه، وحديثاً قال شوقي:


ليلى على دينِ قيسٍ ** فحيث مال تميل



إنها عملية انسجامٍ واندماجٍ وتأقلمٍ، إذا لم تحدث يحدثبينهما النفور، والزواج الناجح يتوخَّى فيه الزوجان تعزيزَ كلِّ صفةٍ حسنةٍ وطرحكلِّ ما فسد من طبعٍ وتحسينٍ كلِّ طبعٍ جيدٍ ليبلغ مداه، عندها تتولَّد سعادةٌحقيقيةٌ يلمس فيها كلٌّ من الزوجين جمالَ الحياة مع رفيقٍ يجعل درب الحياة سهلاًوجميلاً ومثمرًا.



ذوقياتٌ زوجيةٌ إصلاحيةٌ يردد المسلم في دعائه كلمةً أصلحأكثر من مرة، يقولها لإصلاح دينه ودنياه وذريته؛ مما يدل على أن عملية الإصلاحعمليةٌ مطلوبةٌ ومستمرةٌ، ويبدأ الإصلاح من ملاحظة الخطأ ومعرفة الصواب، وحتى لايكون الخطأ والصواب تبعًا للأهواء هناك شرعٌ سماوي وفيضٌ إلهي وهديٌ نبوي يظهر منخلالها وجوهُ الصواب والخطأ.



ونقطةُ البداية إيمانٌ بالتنزيل، ورغبةٌ بالتحسين لما ينتظرالملتزم بالشرع المبين من أجرٍ وفيرٍ، ثمَّ يتلوها إيمانٌ بمبدأِ التناصح، والقدرةعلى النصيحة بلا فضيحة، والمساعدة على اجتياز الانتقال من حالٍ سيئٍ إلى أحسنحال.



ولما كان كلا الزوجين من البشر فلا غرابةَ أن يتقبَّل كلاهماالنصح، وأن يُخضع النصيحة للحقيقة، ويُناقش بأسلم طريقة نتائجَ هذه العملية؛ نماءًفي الحياة الأسرية، ونموًّا في الشخصية، وتحمُّلاً للمسئولية، وتقاربًا في الفكروالروحانية، ونجاحًا في فن الحوار والجدلية والعيشة الرضية.