تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : انتهاكات القانون الدولي ضد كوسوفا



مقاوم
02-19-2008, 04:24 PM
انتهاكات القانون الدولي ضد كوسوفا
د. السيد مصطفى أبو الخير*

http://qawim.net/exq.gif يعتبر تدخل حلف شمالي الأطلنطي عسكريًا ضد يوجوسلافيا السابقة، عبر شن الحملة جوية وبحرية لمدة تسعة وسبعين يومًا، أول تطبيق عملي لفكرة حق المجتمع الدولي في التدخل العسكري ضد دولة مستقلة وعضو في الأمم المتحدة، فقد كانت التجربة الأولى التي تشن فيها حرب هجومية على دولة عضو في الأمم المتحدة تتعلق بأحداث تقع على أراض هذه الدولة.

كما أن التدخل جاء بقرار من عواصم دول الحلف ودون تصريح بذلك من مجلس الأمن صاحب الاختصاص الأصيل في التصريح بمثل هذا العمل، لذلك تكون هذا المبحث من الآتي:

المطلب الأول: الخلفية التاريخية للأزمة في كوسوفا.
المطلب الثاني: موقف المجتمع الدولي بأشخاصه وآلياته من الأزمة.
المطلب الثالث: انتهاكات القانون الدولي ضد كوسوفا.

المطلب الأول

الخلفية التاريخية للأزمة في كوسوفا:

إن إقليم كوسوفا خسره الصرب عام (1389م) بعد الهزيمة أمام القوات العثمانية في معركة كوسوفا بولي الشهيرة، ثم عاد إليهم عام (1912م) بعد أن تمكنوا من طرد القوات العثمانية، ولكن بعد أن تغيرت التركية السكانية للإقليم، وبات الألبان والأتراك وقوميات وأعراق أخرى يشكلون أغلبية سكانه مقابل أقلية هامشية من الصرب.

وفى عام 1974م صدر الدستور اليوغوسلافي الذي منح الإقليم حكم ذاتي، ضمن جمهورية صربيا اليوغوسلافية، وقد بدأت المشاكل تجتاح الإقليم بعد رحيل الرئيس اليوجوسلافي "تيتو" في عام 1980م، وفى هذا الإطار أعلن ألبان العاصمة برتيشتينا حركة عصيان للمطالبة بوضع جديد للإقليم ضمن إطار الاتحاد اليوجوسلافي، وقد ردت بلجراد على هذا الطلب بعنف شديد، الأمر الذي وضع الإقليم على حافة الانفجار.

وفى عام 1989م، أعلنت بلجراد عاصمة جمهورية صربيا التي يتبعها الإقليم من الناحية الدستورية إلغاء الحكم الذاتي الذي كان يتمتع به الإقليم، وكان رد ألبان كوسوفا إعلان الانفصال في 2 يوليو 1990، ثم إجراء استفتاء عام في 7 يوليو من ذات العام - قاطعته العناصر غير الألبانية – كان من نتيجته قيام جمهورية كوسوفا. وفى عام 1992م نظم ألبان الإقليم انتخابات رئاسية وجرى تشكيل حكومة جديدة بعيدة عن صربيًا.

وقد حالت الحرب التي احتاجت مناطق يوجوسلافيا المختلفة، سلوفينيا وكرواتيا ثم البوسنة والهرسك، دون تركيز انتباه صربيا تجاه الإقليم، ولكن ذلك تحقق بعد انتهاء الحروب، فبدأت الحركة الصربية المكثفة لاستعادة السيطرة العملية على الإقليم، مما أدى إلى ظهور جيش تحرير كوسوفا وذلك في 2 يوليو عام 1997م، وبدأت المواجهة المسلحة بين جيش تحرير كوسوفا وبين القوات الصربية، وقد اتسعت هذه المواجهات العسكرية مما أدى إلى تهجير أغلب سكان الإقليم (1).

وقد تفاقم الوضع في الإقليم على النحو الذي كان يفرض ضرورة تدخل دولي من أجل ضبط الأوضاع في الإقليم، وكانت المشكلة الرئيسية هي ضرورة أن يحدث هذا التدخل بشكل حذر وتدريجي وبموجب الاتفاق مع بلجراد وأن يكون الهدف من ذلك وقف العنف وتوفير الحماية للسكان من كافة الأعراق تمهيدًا لعقد اتفاق حول وضع الإقليم يستند إلى مجموعة من المبادئ في مقدمتها استعادة ألبان الإقليم للحكم الذاتي ضمن صربيا، وعدم السماح ببحث فكرة الانفصال والتعامل مع الإقليم على أنه جزء من صربيا (2).

وقد أصدر مجلس الأمن خلال عامي (1998م و1999م) ثلاث قرارات بشأن كوسوفا هي (1203/1998م الصادر في 24/10/1998م، والقرار رقم 1199/1998م الصادر في 23/9/1998م، والقرار رقم 1244/1999م الصادر في 10/7/1999م)، والجمعية العامة أصدرت القرار رقم (164/د 54 والقرار رقم 183/د 54 الصادر في 17/12/1999م) ورغم ذلك فقد تخلت الأمم المتحدة ( الجمعية العامة ومجلس الأمن)عن مسئوليتها في حفظ السلم والأمن الدوليين وتركت الأمر بدون تفويض إلى الولايات المتحدة الأمريكية للتصرف فيه بمفردها حتى بدون مشاورة أعضاء حلف الأطلنطي.

المطلب الثاني

موقف المجتمع الدولي بأشخاصه وآلياته من الأزمة:

في أعقاب توقف الصراع في البوسنة بعد بدء تطبيق اتفاق دايتون، توجهت جهود الاتحاد الأوروبي صوب إقليم كوسوفا في محاولة لمنع تفجر الصراع وتسوية الأزمة وفق الأسس المتفق عليها، وهى حكم ذاتي للألبان الإقليم ضمن جمهورية صربيا مع إشراف دولي على تطبيق بنود الاتفاق ومراقبة الأوضاع في الإقليم.

وقد تشكلت في عام 1998م مجموعة الاتصال الدولية لحل الأزمة من ست دول هي الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا ونادت هذه المجموعة بوقف العنف وتحديد مهلة لبلجراد كي توقف عملياتها العسكرية، وطالبت المجموعة مجلس الأمن بفرض عقوبات على يوجوسلافيا، وفشلت مجموعة الاتصال في التوصل إلى اتفاق، مما أدى إلى فتح الباب أمام الدبلوماسية الأمريكية التي عملت على تقوية صلتها بالألبان على مختلف المستويات.

هذا وقد وقع خلاف بين مجموعة الاتصال حول الوسائل الممكنة لحل أزمة كوسوفا، فبينما رأت أوروبا أن الوسائل السلمية "الدبلوماسية" هي طريق الحل رأت الولايات المتحدة خلاف ذلك فقد رأت أن الحل العسكري هو الحل الصحيح لتلك الأزمة، وكان ذلك في يونيو 1998م، بينما شددت أوروبا على ضرورة استخدام القوة عن طريق مجلس الأمن باستصدار قرار بذلك (3).

اتفاق ميلوسيفتش – هولبروك:

بعد جهود سياسية مكثفة وتهديدات متبادلة تم التوصل إلى اتفاق ميلوسيفتس – هولبروك، نسبة إلى الرئيس اليوجوسلافي سلوبودان ميلوسيفتس والمبعوث الأمريكي للبلقان ريتشارد هولبروك، وقد حقق هذا الاتفاق خطوات عديدة على طريق بلورة دور دولي فاعل في الإقليم، كما وضع أسس تسوية سياسية لوضع الإقليم ضمن صربيا اليوجوسلافية، ومن أهم ما نص عليه هذا الاتفاق سحب القوات اليوجوسلافية من كوسوفا والإبقاء على 18 ألف جندي، والسماح بعودة النازحين من أبناء الإقليم، والسماح لمنظمات الإغاثة الدولية في العمل داخل الإقليم، ونشر بعثة رصد ومراقبة دولية مكونة من (1400) شخص معظمهم من العسكريين الغربيين المكلفين بمهمة مدنية تحت إشراف منظمة الأمن والتعاون في أوروبا كما سمح الاتفاق لطائرات حلف شمال الأطلنطي بالقيام بطالعات مراقبة جوية فوق كوسوفا (4).

هذا وقد قدمت مجموعة الاتصال السالف ذكرها – مبادرة من ثلاث مبادىء أساسية:

الأول: يؤكد على أن هدف المفاوضات الوصول إلى حكم ذاتي موسع للألبان في الإقليم.
الثاني: إجراء انتخابات بإشراف دولي.
الثالث: تشكيل حكومة وقوة شرطة من الأغلبية الألبانية في الإقليم.

وفى 29 يناير 1999م انتهت اجتماعات مجموعة الاتصال الدولية في لندن وقد حرصت المجموعة على تقديم مبادرتها السابقة إلى مجلس الأمن للحصول على دعمه، وهو ما تحقق عندما أعلن مجلس الأمن بالإجماع تأييد خطة مجموعة الاتصال الدولية.

وأكد في بيان أصدره بشأن الأزمة تمسكه بوحدة وسيادة أراضى جمهورية يوجوسلافيا الاتحادية، وبذلك تكون مجموعة الاتصال فد نجحت في تغيير محتوى التهديدات الصادرة عن حلف شمال الأطلنطي، فبعد أن كان حلف الناتو يوجه تهديداته إلى الصرب أصبح يوجه تهديداته إلى الصرب والألبان سويًا (5).

مفاوضات رامبوييه:

في السادس من فبراير 1999م بباريس بدأت مفاوضات مجموعة الاتصال الدولية من أجل التوصل إلى اتفاق شامل حول الوضع في الإقليم عبر تسوية جوهر الصراع وهو وضع الإقليم عبر الحكم الذاتي لسكانه مع توسيع نطاقه من ناحية، وتشكيل قوات عسكرية دولية تتولى مراقبة تنفيذ الشق السياسي وضبط الأوضاع بالإقليم في المرحلة التالية لخروج القوات العسكرية وشبه العسكرية اليوجوسلافية من الإقليم.
في هذه المفاوضات طالب الجانب الأمريكي/ الأوربي بأن تتولى قوات من حلف شمال الأطلنطي مهمة مراقبة وضمان تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، الأمر الذي رفضه الجانب الصربي بدعوى إن حلف الناتو مؤسسة عسكرية معادية، وطالب بأن تكون قوات المراقبة تحت إشراف منظمة الأمن والتعاون في أوربا أو الأمم المتحدة وتتشكل هذه القوات من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، مما يعنى أن القوات الأمريكية ستشارك كعضو من مكونات هذه القوات دون أن تحتكر قيادة هذه القوات، وقد اختتمت مفاوضات رامبوييه جولتها الأولى في 27 فبراير 1999.

مع توقيع الوفد الصربي ورفض ألبان الإقليم التوقيع وعلقت الاجتماعات انتظارًا لقرار ألبان الإقليم بالتوقيـع على الشق السياسي الذي وقع عليه الوفد الصربي. وفى 19 مارس 1999م توقف مفاوضات الجولة الثانية من مفاوضات رامبويية، بعد أن كانت الأطراف قاب قوسين أو أدنى من التوقع على اتفاق تسوية بشقية السياسي والعسكري (6).

وبفعل الولايات المتحدة الأمريكية لكي تثبت لأوربا أن الكلمة الأولي والأخيرة في النظام الدولي بعد الحرب الباردة لها وحدها، حتى دون الحلف العسكري الذي يجمع بينها وبين أوربا وهو حلف الناتو فقد أخذت الولايات المتحدة قرار ضرب الإقليم بمفردها ودون إشراك الحلف في ذلك، وقد أدي ذلك إلى ازدياد الأمور سوءا في الإقليم، كما أن استخدام القوة تم دون تفويض من الأمم المتحدة أي خارج إطار الشرعية الدولية وانتهاكا لها.

وتتضمن الانتهاكات أيضا ما تعرض له مسلمي الإقليم من تطهير عرقي ومذابح دون عقاب كما حدث في البوسنة والهرسك، في قارة تدعي الحضارة والمدنية، وهل من سمات الحضارة والمدنية القتل علي الهوية والقتل لكون الشخص مسلما حتى ولو كان أوربيا من الميلاد، حقا ً إنها مذابح وجرائم دولية.

المطلب الثالث

انتهاكات القانون الدولي ضد كوسوفا:

سبق وأن ذكرنا، أن المفاوضات انتهت في 19 مارس 1999م، وفى اليوم التالي صدر قرار قائد فريق المراقبين الدوليين، بسحب الفريق، وبعد ذلك بأربعة أيام بدأت غارات الحلف الجوية والبحرية على يوجوسلافيا دون تفويض مجلس الأمن، فقد تم إجراء اتصالات بين واشنطن والعواصم الأوروبية الحليفة، وذلك دون الانتظار حتى تصل الوسائل الدبلوماسية السلمية إلى غايتها، ولكن الولايات المتحدة الأمريكية حالت دون ذلك للأسباب التالية:

1- سعت الولايات المتحدة إلى الحيلولة دون نجاح الدول الأوروبية الحليفة في تقديم البرهان على القدرة على الفعل المستقل عبر تسوية مشاكل القارة وضمان أمنها دون الاستعانة بالقطب الأول "الولايات المتحدة" في التحالف الغربي باختصار فإن نجاح هذه المفاوضات كان يعنى بداية مرحلة الافتراق بين الإطارين الأوروبي والأطلسي داخل حلف الناتو ولأن الدور الأمريكي في نظام ما بعد الحرب البادرة بين الإطارين الأوروبي والأطلسي يعنى في الوقت نفسه تراجعًا للدور الأمريكي في هذا النظام.

2- سعت الولايات المتحدة من غاراتها على كوسوفا التأكيد على المفهوم الإستراتيجي الجديد لحلف الأطلنطي ووضعه موضع التنفيذ قبل أن يجرى إقراره رسميًا.

3- هدفت الولايات المتحدة إلى التأكيد على استمرار دورها القيادي في القارة الأوروبية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة كما كان قائمًا أثناء هذه الحرب.

4- يوغوسلافيا هي الدولة الوحيدة التي لم تتحول إلى النظام الرأسمالي فمازالت متمسكة باشتراكيتها في منطقة شرق أوروبا، لذلك سارعت الولايات المتحدة بفرض وجهة نظرها فقامت بالغارات الجوية والبحرية ضد يوغوسلافيا لكي تنهى على الدول الشيوعية ويكتمل انتصارها في الحرب الباردة (7).

5- يأتي قرار شن الغارات على يوجوسلافيا متضمنًا في ذاته رسالة قاسية إلى روسيا الاتحادية مؤداها أن لا جدوى من محاولة تحدى الغرب، فالحلف أقرب من حدود روسيا بعد عملية التوسع الأخيرة، وشن الغارات على أحد حلفاء روسيا في الشرق الأوسط – العراق – والآن يشبه الغارات على الشقيق الأصغر للروس في إطار الرابطة السلافية.

باختصار يمكن القول أن قرار شن الغارات على يوجوسلافيا، يأتي متضمنًا أكثر من رسالة لأكثر من طرف مفادها أن الولايات المتحدة تقود العالم ، ومن يتحدى هذه القيادة أو يفكر في ذلك، سوف يواجه بآلة الدمار الأطلسية، وبمجرد بدء العمليات العسكرية للحلف وما ترتب عليها من تداعيات سلبية حتى بالنسبة لأهالي كوسوفا من الألبان الذين يفترض أن عمليات الحلف تجرى من أجل حمايتهم، حتى قال البعض أنه: (لا يمكن تبرئة حلف الأطلنطي من مأساة كوسوفا) وقد انتقل الخلاف إلى داخل الحلف.

بعد تسعة وسبعين يوما من القصف الجوى والبحري المتواصل والمكثف من قبل حلف الأطلنطي على يوجوسلافيا الاتحادية، تم التوصل بفعل تحركات أوروبية ودولية شاركت فيها روسيا الاتحادية والصين الشعبية إلى صفقة لوقف حملة الحلف، تضمنت خروج القوت اليوجوسلافية من كوسوفا، ووقف الحلف لغارته، ثم صدور قرار مجلس الأمن القرار رقم (1244) تضمن كل ما يضمن إدارة الإقليم في الفترة القادمة، مع التأكيد على أن الإقليم سيمنح نوعـًا من الحكم الذاتي الموسع ضمن جمهورية صربيا، ومن أبرز بنود هذا القرار:

أ - السماح بعد الانسحاب لعدد محدود من الجنود ورجال الشرطة اليوجوسلاف والصرب بالعودة إلى كوسوفا لأداء المهام الإدارية في الإقليم.
ب- إقامة وجود مدني وأمنى دوليين تحت إشراف المم المتحدة.
ج- مطالبة جيش تحرير كوسوفا وجميع التنظيمات الألبانية الكوسوفية المسلحة الأخرى بأن تضع حدا على الفور لجميع الأعمال الهجومية، وأن تذعن لمتطلبات التجريد من السلاح حسبما يحددها رئيس الوجود الأمني الدولي بالتشاور مع الأمين العام.
إذا كانت الولايات المتحدة، وعدد من الدول غرب أوروبا الأعضاء في حلف شمال الأطلنطي قد اتخذت قرار ضرب يوجوسلافيا دون غطاء دولي، أي دون تفويض من مجلس الأمن الدولي، فإن هذه الدول عجزت عن مواصلة تنفيذ ما رمت إليه عبر الاستمرار في تجاهل مؤسسات النظام الدولي وأيضًا مبادئه الرئيسية.

إن استمرار الغارة الجوية والبحرية من حلف شمال الأطلنطي على تلك الدولة البلقانية الصغيرة ودون أن تلوح في الأفق بوادر حسم عسكري، إضافة إلى تزايد أخطاء الأسلحة الذكية كل ذلك أدى إلى تزايد الأصوات المطالبة بوقف هذه الغارات بصفة عامة مع تبلور تصدع داخل صفوف الدول القائمة بالعمل العسكري ومؤشرات على توترات داخل بلدان الجوار الجغرافي ليوغوسلافيا (8).

وبعد تسعة وسبعين يومًا توقفت غارات حلف الناتو ورجعت دول الحلف إلى الأمم المتحدة بعد فشل الغارات على الصرب خاصة وأنها كان لابد من تدخل القوات البرية وهو ما رفضته الولايات المتحدة نفسها فصدر القرار رقم (1244) من مجلس الأمن الذي بموجبه تولت الأمم المتحدة عملية إدارة الإقليم على أن تعمل القوات التي ستدخل الإقليم تحت راية المنظمة الدولية وقبلت الولايات المتحدة ذلك خوفًا على جنودها في التدخل البرى الذي رفضته كل دول الحلف والدول الأوروبية الاشتراك فيها.

وأدت الغارات الجوية التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية إلي زيادة العداء والكراهية بين عرقيات الإقليم وأجج نار الحرب والصراع أكثر من الأول، حيث أعتقد الألبان أن غارات الحلف لصالحهم فطالبوا بزيادتها وعدم توقفها مما اعتبره الصرب خيانة للدولة الأم فزادت الكراهية بينهما، فأقدم الصرب علي المذابح ضد الألبان.

إلا أن الأوضاع بدأت في التحسن بعد اتفاق رئيس المجلس الانتقالي المؤقت مع زعماء الألبان في الإقليم علي إنهاء وجود مؤسساتهم الخاصة بما فيها البرلمان المنتخب عام 1998م والحكومة المؤقتة اعتبار من الأول من فبراير2000م، وتعيين نائبين لرئيس الحكومة المؤقتة في قيادة المجلس المكون من كافة الأعراق.

نخلص من هذا العرض الموجز للأزمة في كوسوفا أن الانتهاكات للقانون الدولي تتمثل في تخلي الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عن دوره ومسئوليته في تطبيق نظام الأمن الجماعي أي تحقيق أول وأهم هدف للأمم المتحدة المتمثل في حفظ السلم والأمن الدوليين, وتخلي الأمم المتحدة وخاصة مجلس الأمن عن دوره ومسئوليته الرئيسية في حفظ السلم والأمن الدوليين طبقا للمادة (24) من ميثاق الأمم المتحدة. فضلا عن السكوت عن الجرائم الدولية التي ارتكبت ضد المسلمين.

وقد أعلنت يوم 17/2/2008م استقلال دولة كوسوفا ، وهذا حق كفله لهم القانون الدولي مبادئ وقواعد وأحكام ، وميثاق الأمم المتحدة ، ومشكلة اعتراف العالم بهم كدولة مستقلة ذات سيادة وشخص من أشخاص القانون الدولي وطبقا للقانون الدولي يوجد نظريتان في الاعتراف الأولي : أن الاعتراف منشأ للدولة وهو من ضمن أركان الدولة التي يتطلبها القانون الدولي في أي إقليم حتى يتم الاعتراف به كدولة والمتمثلة في الإقليم والشعب والسلطة والاعتراف ، وهذه النظرية من بواقي القانون الدولي التقليدي وقد هجرت هذه النظرية عند إعلان قياد دولة لليهود في فلسطين عام 1948م ، وظهرت حاليا النظرية الثانية التي مفادها أن الاعتراف مقرر كاشف وليس منشأ للدولة ولا يعد من ضمن أركان الدولة المطلوبة في القانون الدولي وهذه هي النظرية السائدة في القانون الدولي المعاصر.

كان ولا زال موقف العرب والمسلمين من أزمة كوسوفا مخزيا للغاية فقد تخاذلوا عن نصرة إخوانهم في العقيدة وتركوهم للمجتمع الدولي الصليب الذي لا يرحم مسلما مهما قدم من تنازلات ، فهي حرب مستعرة ضد الإسلام والمسلمين، والله المستعان!!


الهوامش:

[1] ) د/ عماد جاد وآخرون، الاتحاد الأوروبي، المرجع السابق، ص 168-169.
- الأستاذ/ محمد يوسف عدس، كوسوفا بين الحقائق التاريخية والأساطير الصربية دراسة موسعة، المرجع السابق، ص212.
2 ) د/ عماد جاد، التدخل الدولي، المرجع السابق، ص 98-99.
3 ) د/ عماد جاد وآخرون، الاتحاد الأوربي، المرجع السابق، ص 170.
4 ) د/ عماد جاد، التدخل الدولي، المرجع السابق، ص 100.
5 ) د/ عماد جاد، التدخل الدولي، المرجع السابق، ص103، حلف الأطلنطي، المرجع السابق، ص 155.
6 ) د/ محمد يوسف عدس، كوسوفا بين الحقائق التاريخية والأساطير الصربية، المرجع السابق ص 225-230.
7 ) د/ محمد يوسف عدس، كوسوفا بين الحقائق التاريخية والأساطير الصربية، المرجع السابق ص 212.
- د/ عماد جاد، التدخل الدولي، المرجع السابق، ص 104-105.
8 ) د/ عماد جاد، التدخل الدولي، المرجع السابق، ص 113-118، الاتحاد الأوروبي، المرجع السابق، ص 165-168.

· الخبير في القانون الدولي.

http://qawim.net/index.php?option=com_content&task=view&id=2068&Itemid=1

من هناك
02-20-2008, 02:25 AM
مقالة مهمة جداً جداً جداً