تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قصة الاختلاط



Abuhanifah
01-30-2008, 07:43 PM
أما الحرب التي تواجه الإسلام الآن فهي أشد وأنكى من كل ماكان، إنها عقول كبيرة جداً، شريرة جداً، تمدها قُوى قوية جداً، وأموال كثيرة جداً، كل ذلك مسخَّر لحرب الإسلام على خطط محكمة، والمسلمون أكثرهم غافلون.

يَجِدُّ أعداؤهم ويهزلون، ويسهر خصومهم وينامون، أولئك يحاربون صفاً واحداً، والمسلمون قد فرَّقت بينهم خلافات في الرأي، ومطامع في الدنيا.

يدخلون علينا من بابين كبيرين، حولهما أبواب صغار لا يُحصى عددها، أما البابان الكبيران فهما باب الشبهات وباب الشهوات.

أما الشبهات فهي كالمرض الذي يقتل من يصيبه، ولكن سريانه بطيء وعدواه ضعيفة. فما كل شاب ولا شابة إذا ألقيت عليه الشبه في عقيدته يقبلها رأساً ويعتنقها.

أما الشهوات فهي داء يمرض وقد لا يقتل، ولكن أسرع سرياناً وأقوى عدوى، إذ يصادف من نفس الشاب والشابة غريزة غرزها الله، وغرسها لتنتج طاقة تستعمل في الخير، فتنشيء أسرة وتنتج نسلاً، وتقوي الأمة، وتزيد عدد أبنائها، فيأتي هؤلاء فيوجهونها في الشر، للذة العاجلة التي لا تثمر. طاقة نعطلها ونهملها ودافع أوجد ليوجه إلى عدونا، لندافع بها عن بلدنا، فنحن نطلقها في الهواء، فنضيعها هباء، أو يوجهها بعضنا إلى بعض.

هذا هو باب الشهوات وهوأخطر الأبواب. عرف ذلك خصوم الإسلام فاستغلوه، وأول هذا الطريق هو الاختلاط.

بدأ الاختلاط من رياض الأطفال، ولما جاءت الإذاعة انتقل منها إلى برامج الأطفال فصاروا يجمعون الصغار من الصبيان والصغيرات من البنات.

ثم إنه قد فسد الزمان، حتى صار التعدي على عفاف الأطفال، منكراً فاشياً، ومرضاً سارياً، لا عندنا، بل في البلاد التي نعدُّ أهلها هم أهل المدنية والحضارة في أوربا وأمريكا.

كان أعداء الحجاب يقولون أن اللواط والسحاق، وتلك الإنحرافات الجنسية سببها حجب النساء، ولو مزقتم هذا الحجاب وألقيتموه لخلصتم منها، ورجعتم إلى الطريق القويم. وكنا من غفلتنا ومن صفاء نفوسنا نصدقهم، ثم لما عرفناهم وخبرنا خبرهم، ظهرلنا أن القائلين بهذا أكذب من مسيلمة.

إن كان الحجاب مصدر هذا الشذوذ، فخبروني هل نساء ألمانيا وبريطانيا محجبات الحجاب الشرعي ؟ فكيف إذن نرى هذا الشذوذ منتشراً فيهم حتى سَنّوا قانوناً يجعله من المباحات ؟

ثم إن أصول العقائد، وبذور العادات ومبادئ الخير والشر، إنما تغرس في العقل الباطن للإنسان، من حيث لايشعر في السنوات الخمس أو الست الأولى من عمره، فإذا عودنا الصبي والبنت الاختلاط فيها، ألا تستمر هذه العادة إلى السبع والثمان ؟ ثم تصير أمراً عادياً ينشأ عليه الفتى ، وتشب الفتاة، فيكبران وهما عليه ؟ وهل تنتقل البنت في يوم معين من شهر معين، من الطفولة إلى الصبا في ساعات معدودات، حتى إذا جاء ذلك اليوم حجبناها عن الشباب ؟

أم هي تكبر شعرة شعرة، كعقرب الساعة تراه في الصباح ثابتاً فإذا عدت إليه بعد ساعتين وجدته قد انتقل من مكانه. فهو إذن يمشي وإن لم تر مشيه، فإذا عودنا الأطفال على هذا الاختلاط فمتى نفصل بينهم ؟

والصغير لا يدرك جمال المرأة كما يدركه الكبير، ولا يحس إن نظر إليها بمثل ما يحس به الكبير، ولكنه يختزن هذه الصورة في ذاكراته فيخرجها من مخزنها ولو بعد عشرين سنة. أنا أذكر نساء عرفتهن وأنا ابن ست سنين، قبل أكثر من سبعين سنة. وأستطيع أن أتصور الآن ملامح وجوههن، وتكوين أجسادهن.

ثم إن من تُشْرِف على تربيته النساء يلازمه أثر هذه التربية حياته كلها، يظهر في عاطفته، وفي سلوكه، في أدبه، إذا كان أديباً.

ولاتبعد في ضرب الأمثال، فهاكم الإمام ابن حزم يحدثكم في كتابه العظيم الذي ألَّفه في الحب " طوق الحمامة " حديثاً مستفيضاً في الموضوع.

خلق الله الرجال والنساء بعضهم من بعض، ولكن ضرب بينهم بسورٍ له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قِبَلِهِ العذاب. فمن طلب الرحمة والمودة واللذة والسكون والاطمئنان دخل من الباب، والباب هو الزواج. ومن تسوَّر الجدار أو نقب السقف، أو أراد سرقة متعة ليست له بحق، ركبه في الدنيا القلق والمرض وازدراء الناس، وتأديب الضمير، وكان له في الآخرة عذاب السعير...

الشيخ علي الطنطاوي

أبو مُحمد
01-30-2008, 07:58 PM
السلام عليك،
بارك الله فيك للنقل الطيب.

يبدو يا أخي أن النص لم يكتمل نسخه أو نُسخ بطريقة خاطئة فأظن أنه تنقصه بعض الكلمات والله أعلم.

Abuhanifah
01-30-2008, 08:06 PM
وعليكم السلام ...
هلا حصرت أخي ما أشكل عليك كي يتسنى لي تصحيح الخطأ أو النقص ان وجد؟
وجزاك الله خيرا

أبو مُحمد
01-30-2008, 08:22 PM
الامر غريب حقا. فقد حاولت نسخ بعض السطور ولكن بعضا من الكلمات المفقودة في المشاركة الاصلية ظهرت لي بعد لصقها!

ولكنها كما ذكرت لازالت مختفية في النص الاصلي أعلاه!

هلا حاولت قراءة السطرين 25 و 26 وأعلمتني ان كنات الجمل يظهرن كاملة أم لا؟

وبارك الله فيك

Abuhanifah
01-31-2008, 07:23 PM
السلام عليكم
أخي أبا محمد لقد رجعت الى النص الأصلي فوجدته مثل المنقول تماما وهو من "ذكريات الشيخ علي الطنطاوي".
والنص أراه كاملا عندي لذا أتمنى أن تكتب بنفسك دون اقباس هذين السطرين كما تراهم لأصلح الخلل ان وجد...

أبو مُحمد
01-31-2008, 11:42 PM
سبحان الله!

كان بالامر خلل ما ولعله يظهر لي فقط والله أعلم.
فالان والحمد لله النص اكتمل وحتى السطور التي عددتها لك تغير مكانها وتعدادها!

بارك الله فيك أخي وجزاك عنا خيرا.

من هناك
02-01-2008, 03:24 AM
بارك الله بك على هذا النقل المبارك ورحم الله الشيخ الطنطاوي