تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الإسلاميّون في لبنان والقوّة الصاعدة (1/3)



fakher
01-29-2008, 08:54 AM
http://www.al-akhbar.com/files/images/p14_20080124_pic.full.jpg


إسلامي يتظاهر من أجل الإفراج عن موقوفي الضنية ومجدل عنجر في بيروت في تشرين الأول الماضي (أرشيف - هيثم الموسوي)


أميمة عبد اللطيف *

ثمّة اليوم، صعود لافت للحركات الإسلامية السنية كأحد اللاعبين السياسيّين على الساحة اللبنانية. فالحملة العسكرية التي شنّها الجيش اللبناني طوال ثلاثة أشهر ضدّ «فتح الإسلام»، في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان، والتي انتهت مطلع أيلول الماضي، أثارت موجة من الجدل الحادّ بشأن هذه المجموعات وأجنداتها السياسية والاجتماعية. وحتى وقت ليس ببعيد، لم تكن طروحات الإسلاميّين تلقى اهتماماً لدى أغلبية المسلمين السُّنة في لبنان. بيد أنّ الاضطرابات الحاصلة، وغليان الرأي العام عقب حربَي العراق وأفغانستان، واغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في شباط 2005، وتزايد التوتّرات المذهبيّة في المنطقة كلّها، والحرب الإسرائيليّة على حزب الله ولبنان في تموز 2006، زوّدت الإسلاميّين بإطار عمل للترويج لأجندتهم بين مسلمي لبنان، حتى إنهم لم يعودوا قوة سياسية لا حول لها ولا قوة.

اغتيال الحريري والشعور «باليتم»
ويرتبط صعود الإسلاميّين السنة كلاعبين سياسيين بارزين في لبنان ارتباطاً وثيقاً بمقتل الحريري الذي عمّق الشعور بالاضطهاد المذهبي والتضامن بين سُنّة البلاد. جاء صعود الحريري إلى السلطة في لبنان على حساب السياسيين السنة التقليديين. والحريري الذي نشأ في عائلة متواضعة غير سياسية، جمع ثروة في السعودية وعاد إلى لبنان ليصبح رئيساً للوزراء عام 1992. وربطته علاقات وثيقة بسوريا لسنوات كثيرة، غير أنّ العلاقة أخذت منحىً هابطاً أواخر التسعينيات. وقد عمل بشكل منهجي على إقصاء السياسيّين السنة الآخرين أو احتوائهم حتى بات يُعرف بزعيم السنة بامتياز. عندما قُتل الحريري، وجد السنة أنفسهم أمام فراغ ضخم في القيادة و«شعور باليتم»، على حدّ تعبير إحدى الشخصيات الإسلامية البارزة. كذلك «لبنن» مقتل الحريري، السنة؛ فللمرة الأولى في تاريخهم، بدأ هؤلاء بالتصرف باعتبارهم أقلية مهدّدة بوجودها ومستهدفة بقادتها، ينتابها شعور عميق بأنها الضحية، ما حدا بأغلبية السنة إلى تأييد تيار المستقبل الذي أسّسه الحريري وأصبح القوة السياسية الأبرز في الطائفة بقيادة ابنه وخلفه سعد. أمّا آخر ملامح التشدّد المذهبي، فقد تجلّت في تعاطي عموم الشارع السني مع حركة الاحتجاج المستمرة منذ قرابة سنة بقيادة حزب الله والتيار الوطني الحرّ وغيرهما من مجموعات المعارضة ضدّ حكومة فؤاد السنيورة المدعومة من الحريري من منظار مذهبي، ورأوا أنها حركة عدائية بقيادة «شيعية» ضدّ حكومة بقيادة «سنية» ولم ينظروا إليها باعتبارها معارضة شرعية ضدّ سياسات الحكومة الفاشلة وأدائها الهزيل إبان حرب صيف 2006 مع إسرائيل وبعدها.
وقد بلغ التوتر الشيعي ــــــ السنّي ذروة لا سابق لها في كانون الثاني 2007 عندما اندلع اشتباك بين مؤيّدي حزب الله و«أمل» من جهة، ومؤيّدي تيار المستقبل من ناحية أخرى، تخلّلته مشاهد عنيفة أعادت إلى ذاكرة اللبنانيين أيام الحرب الأهلية. وكان من بين المعتقلين إبان الاشتباكات أعضاء من مجموعة «الدعوة والتبليغ» السلفية. وتسلّل الخطاب المعادي للشيعة سريعاً إلى الخطاب السائد بين التيار العام للسنة. وكانت النتيجة «شارع سني» ليس أكثر مذهبية وتشدداً فحسب، بل أيضاً أكثر عرضة لتأثير قادة دينيّين متشدّدين يوجّهون رسائل تحضّ على الكراهية ورفض الآخر. ولم تغضّ المؤسسة الدينية الطرف عن تسييس الهويات المذهبية فحسب، بل شاركت فيه أحياناً. فمشهد المفتي محمد رشيد قباني يؤمّ الصلاة في السرايا الحكومية، مقرّ حكومة السنيورة، عقب اعتصام المعارضة، وجّه رسالة واضحة إلى اللبنانيين مفادها دفاعه عن موقع «سني»، مقدّماً بذلك مساهمة أكبر في تعريف الصراع على أسس مذهبية.

وأدّت بعض القوى السلفية المتحالفة مع «المستقبل» دوراً بارزاً في تحريض أقسام من الشارع السني على الشيعة وحزب الله تحت شعار «الدفاع عن أهل السنة». وعُثر على منشورات تعجّ بعبارات الكراهية والضغينة في بعض أحياء بيروت والبقاع. ومُنح علماء دينيون، على غرار مفتي محافظة جبل لبنان محمد علي الجوزو، منصّة لتحريض أتباعهم وتعبئتهم بلغة مذهبية شديدة الخطورة، ما أتاح أمام الإسلاميّين المتشدّدين، ولا سيّما السلفيّين، فرصة البدء بالتحرك بفاعلية.

«المستقبل»: حركة حداثويّة؟
وعلى الرغم من أن تيار المستقبل يقدّم نفسه كحركة حديثة تعتنق وجهة نظر معتدلة عن الإسلام وتدافع عن مفهوم الدولة، فإنه لم يتردّد في تقويض تلك القوى الإسلامية المعتدلة التي تغرد خارج سربه، على غرار جبهة العمل الإسلامي، فيما أنشأ تحالفات مع قوى ذات رؤية غير واضحة المعالم لمفهوم الدولة ونظرة متشددة وأحياناً متطرفة وغير متسامحة عن الإسلام.
وغالباً ما تضطرّ قيادة المستقبل بفعل غياب رؤية سياسية أو عقائدية جلية من جانبها إلى اللجوء إلى الخطاب المذهبي بغية تعبئة قاعدتها الاجتماعية. وفي هذا السياق، يعدّ الإسلاميون، ولا سيما العناصر المتشددة بينهم، أدوات مفيدة في ضمان الدعم الشعبي.

وقد أسهمت الأزمة السياسية، التي أشعلت فتيلها استقالة الوزراء الشيعة الخمسة من الحكومة في تشرين الثاني الماضي وتلاها اعتصام لمدة أكثر من عام، في إظهار الانقسامات بشكل واضح بين الإسلاميّين السنة في لبنان وتأكيد عدم تجانسهم. ففيما أدّت بعض القوى الإسلامية المتحالفة مع تيارالمستقبل دوراً بارزاً في تصعيد التوتر المذهبي، التحق إسلاميون سنة آخرون بصفوف حزب الله والتيار الوطني الحر وأحزاب معارضة أخرى ضدّ حكومة السنيورة. وأظهر الانقسام الطبيعة السياسية بدلاً من المذهبية للصراع. كذلك أظهر أن الإسلاميّين السنة ليسوا منقسمين حول علاقتهم بالقوة «العلمانية» الأساسية في الشارع السني أي تيار آل الحريري فحسب، بل، والأهم من ذلك، أنهم منقسمون أيضاً حول طبيعة العلاقة التي تربطهم بالمسلمين «الآخرين» أي الشيعة، ونوع العلاقة التي تربطهم بنظرائهم الإسلاميين أي حزب الله.
ولعلّ أقلّ ما توصَف به العلاقة بين الحركات الإسلامية السنية و«المستقبل» هو أنها معقّدة ومبهمة. فقد ساعدت أصوات الإسلاميّين في شمال لبنان كتلة الحريري على تحقيق انتصار ساحق هناك بفوزها بالمقاعد الـ28 في انتخابات عام 2005. وتلى ذلك بروز علاقة عملية بين الاثنين. ففيما سعت بعض القوى الإسلامية إلى التحالف مع التيار المذكور بحثاً عن الدعم المالي والنفوذ السياسي والحماية، كما هي حال بعض الشخصيات السلفية ــــــ سعى بعضها الآخر إلى ذلك انطلاقاً من حسّ التضامن المذهبي (كما في حال الجماعة الإسلامية مثلاً).

أمّا حزب التحرير، فظهر كقوة ثالثة حافظت على علاقة مبهمة مع «المستقبل»، فلم تدعمه ولم تعارضه. بيد أنّ إسلاميين آخرين، على غرار جبهة العمل الإسلامي، ارتأوا البقاء في معسكر المعارضة. وفي أثناء ذلك، استفاد تيار المستقبل من قدرات الإسلاميّين على التعبئة ومن رأسمالهم الاجتماعي، ولا سيما في الشمال، مع الحفاظ على مسافة بينه وبينهم في العلن، لئلّا ينأى عنه بأنفسهم حلفاؤه غير السنة في لبنان وداعموه الأميركيّون والغربيّون الآخرون.

وعمل الحريري من خلال مستشاريه ونوّابه في الشمال على استقطاب الإسلاميين. وكانت أغلبية السلفيّين من بين القوى التي جرى احتواؤها كما كانت حال الجماعة الإسلامية. وحاولت الحكومة استقطاب حزب التحرير عبر ترخيص الحزب المحظور سابقاً، وأسهم ذلك بالفعل في اعتدال موقف الحزب لكنه لم يؤدِّ إلى استقطابه بالكامل. وعمل تيار المستقبل على عزل بعض القوى الإسلامية السنية التقليدية، على غرار جبهة العمل الإسلامي.

بيد أنّ الأدلّة كثيرة اليوم على أن التحالفات التي أبرمها «المستقبل» مع بعض هذه المجموعات الإسلامية هي قيد الاختبار. فالبعض ينتقد موقف التيار المؤيّد للغرب وانحرافه عن قضية المقاومة. فيما يلومه البعض الآخر لفشله في الدفاع كما يجب عن الطائفة السنية. كذلك يشكّك عدد من السلفيّين والإسلاميّين التقليديّين في التحالف في ضوء المواجهة الواسعة النطاق بين الجيش اللبناني والمجموعة السلفية «فتح الإسلام» في نهر البارد. فقد أعادت هذه الحادثة إحياء مخاوف السلفيّين المتمثّل باستهدافهم من جانب المؤسّسة الأمنية، كما كانت الحال دائماً طوال 30 سنة من الوجود السوري في لبنان، أو بالتضحية بهم على مذبح السياسة. فالزيارة التي قام بها وفد من قادة الهيئات السلفية في الشمال لقائد قوى الأمن الداخلي أشرف ريفي في 14 أيلول 2007 بعيد انتهاء معركة البارد ببضعة أيام، عكست عميق قلقهم من تداعيات مواجهة نهر البارد. وبحسب مصدر حضر الاجتماع، تبادل الطرفان تطمينات بأن السلفيّين ليسوا مستهدفين من قوى الأمن الداخلي. وبحسب صحيفة «السفير» اللبنانية، تعهّد الوفد التمسّك بالتزامه الحفاظ على الأمن القومي والدفاع عنه لأنه «من المستلزمات المهمّة لنشر الدعوة التي تمثّل الأولوية الأهم للسلفيّين».

ومن أبرز نقاط الخلاف التي تعكّر صفو التحالف بين الإسلاميّين وآل الحريري هو الموقف إزاء قضية المقاومة. ففي حرب تموز 2006، عاد بعض الإسلاميين المنتمين إلى الجماعة الإسلامية إلى قضية أهملوها منذ زمن هي مقاومة إسرائيل. وقاتل بعض أعضاء الجماعة الإسلامية إلى جانب حزب الله في البلدات الجنوبية على طول الحدود مع إسرائيل. واليوم أصبح السؤال عن طبيعة الدور الذي بوسعهم أداؤه كقوة مقاومة، من أكثر القضايا إلحاحاً بالنسبة إليهم. ويشير الأكثر تشدّداً بينهم إلى أن «الصراع» مع حزب الله ليس مذهبياً بل قائم لأن حزب الله «يحتكر مقاومة إسرائيل ولا يسمح لقوى أخرى بالعمل» لا أكثر.

ويمكن فهم اهتمام الإسلاميّين السنة بقضية المقاومة من منطلق السعي إلى الحصول على الشرعية في الشارع السني الذي كثيراً ما اعتبر نفسه المدافع عن الهوية العربية للأمة وحمل لواء مقاومة إسرائيل. وهو كذلك أداة مفيدة في معارك النفوذ التي يشنّها بعض الإسلاميين على «المستقبل» الذي يتّهمه بعضهم بأنه «يخدم المشروع الغربي».

وأصبحت المسألة الإسلامية السنية في لبنان، موضع نقاش حادّ بين الإسلاميّين أنفسهم في البلاد، ولا سيما في أعقاب تطورين أساسيين: أوّلهما المواجهة مع «فتح الإسلام» التي وصفها قائد الجيش في لبنان بأنها متصلة بـ«القاعدة»، وثانيهما تقارير صحافية ما انفكت تتحدّث عن «تزايد وجود القاعدة على الأراضي اللبنانية». وقد أثارت هذه التقارير مخاوف من أن المتشدّدين الإسلاميين باتوا يرون في لبنان الآن أرضاً خصبة تستقطبهم للإقامة فيها. وأشارت التحقيقات الأولية للشرطة في الاعتداءات التي طاولت «قوة الأمم المتحدة المؤقتة الجديدة في لبنان» (يونيفيل) في صيف 2007، فضلاً عن تفجير حافلة في عين علق، المنطقة المسيحيّة بأغلبيتها، في شباط من العام ذاته، إلى أنّ كليهما من صنع أفراد أو مجموعات سلفية متأثرة بفكر تنظيم القاعدة.

وأفادت تقارير الشرطة أن «فتح الإسلام» كان متورطاً في تفجير عين علق فيما أشاد الرجل الثاني في القاعدة، أيمن الظواهري، في رسالة فيديو مسجّلة، بالاعتداء على «اليونيفيل» من دون تبنّي مسؤولية العمل. كذلك حوّل التوتر المذهبي المتزايد في المنطقة كلها إثر الاحتلال الأميركي للعراق، الانتباه إلى الدور الذي أدته القوى الإسلامية في البلدان التي تشهد انقساماً بين السنة والشيعة، كلبنان، في تصعيد التوتر.

من أفغانستان والعراق... إلى لبنان
وكثيراً ما كانت الديناميّة الداخلية في لبنان، جزءاً لا يتجزّأ من تحالفاته وعلاقاته الإقليمية. فقد كانت الحربان الغربيّتان على أفغانستان والعراق عاملين حاسمين في تحديد شكل النقاش بين الإسلاميwين في داخل البلاد وفي تزويدهم بما يؤكد صحة تخوفهم الأكبر من حملة غربية على الإسلام والمسلمين.

وعلى الرغم من صعوبة تقويم الثقل الفعلي للإسلاميّين السنة على الساحة السياسية اللبنانية، تسعى هذه الورقة إلى الإجابة عن بعض الأسئلة الحاسمة: ما هي المجموعات الإسلامية الأكثر نفوذاً في لبنان اليوم؟ ما هي مناطق وأدوات نفوذها؟ إلى أي حدّ تعتمد المجموعات الإسلامية المختلفة أجندات سياسية واجتماعية مختلفة؟ ما هي مصادر تمويلها وقاعدتها الشعبية؟ أي معايير تحكم تحالفاتها السياسية وما هو موقفها إزاء الصراع السياسي الحالي في البلاد؟ والأهم من ذلك، ما هي نظرتها للتوتر المذهبي وما العلاقة التي تربطها بالقوة الأكبر بين شيعة لبنان، أي حزب الله؟ ولا شكّ في أن الإجابة عن هذه الأسئلة ستساعد على فهم التحولات السياسية الحاصلة في صفوف السنة في لبنان.

من هم إسلاميّو لبنان؟
الإسلاميون السنة في لبنان ليسوا كتلة متجانسة أو ثابتة. فهم يتوزعون بين المنظمات المعتدلة نوعاً ما، على غرار الجماعة الإسلامية، والمجموعات ذات النزعة الجهادية المتشددة والمتأثرة بفكر تنظيم القاعدة، على غرار مجموعة الضنية التي اشتبكت مع الجيش اللبناني عام 1999. هناك مجموعات أخرى، على غرار حركة التوحيد، اعتمدت في بدايتها رؤية متشددة في السياسة والمجتمع، كما ظهر إبان سيطرة المجموعة على طرابلس بين عامَي 1984 و1985 (تضمّنت هذه السيطرة قتل المعارضين السياسيين وفرض سلوكيات صارمة جدّاً وإرغام غير المسلمين على مغادرة المدينة)، لكنها اليوم تعتمد مقاربة وسطى في السياسة ومتحالفة سياسياً مع حزب الله تحت مظلّة جبهة العمل الإسلامي الأكثر اعتدالاً.

لم يواجه الإسلاميون معارضة شديدة أو مقاومة من البيئة السنية الاجتماعية التي يعملون فيها. فالشمال كان مسقط رأس أغلبية هذه الحركات الإسلامية. ومثّلت مدينة طرابلس، إضافةً إلى المناطق الريفية المحيطة مثل عكار والضنية، أرضاً خصبة للإسلاميين. وغالباً ما يُشار إلى العامل الديموغرافي كأحد أسباب شرح الظاهرة نظراً إلى أن نصف مسلمي لبنان السنة متمركزون في المحافظات الشمالية. وتعد الأحوال الاقتصادية الصعبة والتهميش الاجتماعي وغياب خدمات الدولة من المحفّزات التقليدية التي غالباً ما يشار إليها في شرح أسباب وجودهم في هذا الجزء من البلاد ونجاحهم في تجنيد عناصر جديدة. وبالفعل، أفاد تقرير صادر عن مجلس الإنماء والإعمار عن الفقر في لبنان أن الدخل الشهري لنصف العائلات التي تعيش في منطقة باب التبانة الموبوءة بالفقر في طرابلس لا يتعدى 130 دولاراً. وقدّر تقرير آخر أن 23.7 في المئة من فقراء لبنان يعيشون في عكّار. وساهمت شبكة واسعة من الخدمات الاجتماعية والمدارس الدينية في زيادة نفوذ الإسلاميّين.

الوصاية السوريّة والإسلاميّون
وكان الوجود العسكري السوري الذي دام 30 سنة أحد العوامل الأساسية في تحديد شكل تطور الحركات الإسلامية. فأغلبية الإسلاميين على اختلافهم، باستثناء «الأحباش»، يتذكرون بمرارة «سياسة الحصار» المفروضة على نشاطاتهم تحت الوصاية السورية. ولا يخفي العديد منهم مشاعر العداء لسوريا، فكثيرون منهم أرغموا على الاختباء وطُوردوا وظلت مدارسهم ومراكزهم الدينية تحت المراقبة الصارمة للاستخبارات السورية واللبنانية. لكن السجون السورية واللبنانية كانت دوماً مكاناً خصباً لتعبئة عناصر جدد وتجنيدهم.وشهدت الفترة التي تلت الانسحاب السوري طفرة في نشاطات الإسلاميين في الشمال. فقد مُنح هؤلاء مساحة واسعة للتحرك، بيد أنهم يشتكون من أن السلطات اللبنانية ورثت عن النظام الأمني السابق «حالة من العداء الموروث» إزاء كل ما هو إسلامي. وثمة علاقة متناقضة بين الإسلاميين والمؤسّسة الأمنية اللبنانية بقطبيها، الجيش وقوى الأمن الداخلي. ففيما يتمتّع الجيش بسجلّ حافل في مواجهة الإسلاميين منذ عام 1999، حافظت قوى الأمن الداخلي المدعومة من تيار المستقبل على علاقة وثيقة بهم.

فالمواجهة مع «فتح الإسلام» هي آخر الفصول وأكبرها في سلسلة من المواجهات العنيفة بين الجيش اللبناني والإسلاميين، على الرغم من بقاء هؤلاء على هامش الحركة الإسلامية. غير أن هذه المعركة يمكن إدراجها كأحد فصول «انتفاضات الإسلاميّين» ، كما وصفها أحد المحلّلين، وهي ليست بالجديدة؛ فالانتفاضة الأولى وقعت عام 1999 عندما اشتبكت مجموعة تطلق على نفسها اسم مجموعة الضنيّة مؤلّفة من بعض السلفيّين والخارجين على القانون مع الجيش اللبناني، فقُتل القائد وقُضي على الحركة. تكرّر هذا السيناريو مراراً في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا، حيث اشتبكت وحدات الجيش مرات عديدة مع الإسلاميين اللبنانيين والفلسطينيين المتمركزين هناك على حدّ سواء. ثم وقعت الحادثة الأخيرة، أي المواجهة مع «فتح الإسلام»، فأكّدت فشل الحركات الإسلامية المعتدلة وجهاز الأمن اللبناني في توليد ديناميّة مناسبة يمكن من خلالها احتواء «انتفاضات» كهذه. ويُعدّ التوتّر السياسي والمذهبي والفراغ الأمني اللذان خبرتهما البلاد إثر مقتل الحريري سببين رئيسيين في زيادة نفوذ هذه المجموعات إبان السنتين الماضيتين.

* باحثة مصرية


(هذه الحلقات نسخة مختصرة من دراسة تصدرها قريباً
مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي ومركز كارنيغي للشرق)

من هناك
01-29-2008, 11:58 AM
ما دام كارنيجي مهتماً بالإسلاميين في لبنان، فتوقعوا المزيد. قرأت الموضوع البارحة وقلت انقله إلى صوت ولكني لا اعرف الصحفية ولا اعرف انها مهتمة بلبنان ولكن يبدو ان هناك من اعانها
إن المنتدى صار مصدراً للمعلومات

fakher
01-30-2008, 01:44 PM
عندك مانع ؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!

من هناك
01-30-2008, 04:09 PM
عندك مانع ؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!اجل عندي مانع يمنعني من الرد على اي مشاركة لبدري او لفاروق او مقاوم

Ghiath
01-30-2008, 05:04 PM
إن المنتدى صار مصدراً للمعلومات

شو خيي بلال اوعى تكون انضميت الى جماعة "مصلحة الدعوة" من ورانا :D

من هناك
01-30-2008, 05:17 PM
شو خيي بلال اوعى تكون انضميت الى جماعة "مصلحة الدعوة" من ورانا :D
كلا ولكني احاول ان اجنب الشباب بعض المطبات