تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ما أروع ذلك الشاب:



بشرى
06-06-2003, 03:49 PM
عجيب أمر ذلك الشاب الذي فاجأني في الحرم المكي الشريف، وأنا أقف في الصف وهو واقف خلفي، ناداني بصوت متقطع غير مسموع.. سمعته بعد إلحاح منه، سمعته يقول: "يا شيخ.. يا شيخ..!!" التفتّ إليه، فقال لي: "لو سمحت أنزلني على الأرض" وقد كان يستقلّ حينها ذلك الكرسي المتحرك بيديه الضعيفتين، ردد قائلا: "دعني أذوق السجود على الأرض وأتلذّذ به"..!! فكرت في قوله: "أتلذذ به"، فنحن في لذة لم نحس بها.. دارت في بنيات أفكاري أمور كثيرة وخواطر جمة عندما رأيت ذلك الشاب. صليت صلاة العصر وتوجهت إليه..
بدأت بالحديث معه وهو في فرح كبير لحديثه مع شخص يمشي بأرجله على الأرض سليما معافى.. سقطت دمعة من عينيه وتدحرجت على خدّه واستقرّت أخيرا على ثوبه..
بدأ يحدثني عن ماضيه، مع رفقائه الذين ولّوا للجهاد فارين من عيش الحياة الزائلة الفانية.. فروا لنيل الجنان والرفعة عند الرحمن.. ولّوا وتركوه على كرسيه..
بدأ يلومني أشدّ اللوم على عدم اللحاق بأولئك الركب المجاهد..
ارتفع صوته أمام الناس من شدّة حماسه.. أوصاني بوصيتين قبل فراقه ووداعه.. أتعلمون ما هي تلك الوصيتين؟؟
الأولى: أن يجمع الله له ما بين الأجر والعافية على جلوسه على هذا الكرسي، وأن يعجّل بشفائه والوقوف على قدميه سليما معافى.
الثانية: أن يرزقه الله الشهادة عاجلا غير آجل، مقبلا غير مدبر.. برحمة منه وكرم.
سبحان الله... همة تناطح السحاب.. وهو على هذا الكرسي..!!! فما هي همتنا نحن الرجال والشباب الأصحاء؟؟