رسالة إلى بوش...
شعر الدكتور: جابر قميحة


هذه القصيدة ألقاها الشاعر في المظاهرة المليونية في "ستاد القاهرة" مناصرة للشعبين العراقي والفلسطيني , واشتركت فيها الرموز الوطنية (وكان ذلك يوم الخميس 27 من فبراير 2003) وحضرها قرابة مائتي ألف. ومنعت قوات الأمن مئات آلاف أخرى من الـحضور , وأغلقت كل مداخل القاهرة في وجوه المحافظات الأخرى . وأعتقد أنها مناسبة لاستقبال بوش الكريه العقيم.


وزعمتَ بأني إرهابي *** وبأني دمويٌّ مجرمْ
وبأنّي عاملُ تَخْريبٍ *** وبأني رجْعيٌّ مُظلمْ
وكذبتَ؛ فذنبي تعرفهُ *** هو أنّي عربيٌّ مسْلمْ
يا بوشُ حنَانَكَ يا بوشُ *** فعلامَ غرورُك منْفوش؟
قد صِرْتَ الآمرَ والناهِي *** ورصيدُك نارٌ وجيوش
وأساطيلٌ، وصواريخُ *** وضميرٌ خَرِبٌ مغْشوش
أرْعَدْتَ فهابتْك كبارٌ *** وسعَتْ تيجانٌ وعروشُ
ما فيهم إلا مفْزوع *** وضعيفُ الهمَّةِ مرْعوش
قالوا: في حِلفِك مَثْوانا *** وبِظلِّك نحْيا ونعيشُ
يا عجبا!! هل يْؤْمنُ نذْلٌ *** أو تحمي الغزلانَ وحوشُ؟
يا بوشُ حنانك يا بوش *** فعلامَ غرورك منفوش؟
وبحقْدٍ أسودَ ملتهبِ *** أفرزَهُ عقْلٌ مهْروش
تمضي، وتعربدُِ ما شاءتْ *** أهواؤُك يا مسترْ بوش
وطريقُك قد فُرِشَ ضحايا *** بدمٍ ونخاعٍ مرشوشُ
وتقول بأنِّي إرهابي *** وبأني دمويٌّ مجرمْ!!
وبأني عاملُ تخريبٍ *** وبأني ذو عقلٍ مظلمْ
وكذبتَ فذنْبي تعْرفُه *** هو أني عربيٌّ مسلمْ
***
هلْ تذكرُ نكبةً "هَرِشُوَما" *** فَجَّرتم فيها.. الذرِّيَّة؟
وكذلك نكبةَ "نَجَزَاكِي" *** لمْ تبقُوا فيها ذُرِّيَّة؟
لم تُبْقُوا أثرًا لحياةٍ *** بل رعبا هزَّ البشريةُ
والآن زعمتمْ ـ وكذبتمْ ـ *** أنكمو حِصْنُ الحريةْ
ودعاةُ سلامٍ وأمانٍ *** وحياةِ هناءٍ أبديَّةْ
لكنْ لم نلْقَ سوى ظلمٍ *** وسياسة غابٍ وحشيه
لا يملكُ مظلومٌ حقًّا *** في أيِّ محافلَ دَوليّهْ
قلْ لي منْ فينا الإرهابي *** منْ فينا يا بوشُ المجرمْ؟
من فينا عاملُ تدْميرٍ *** من فينا ذو عقلٍ مُظلم
***
وزرعْتم في أرض المسْرى *** دولةَ عدوانٍ وبِغاء
سرطانًا يغتالُ حقوقًا *** ويدنِّس أرضَ الإسْراءِ
تَغْشاها نكباتٌ سودٌ *** بليالي ظلْمٍ سوداءِ
أصحابُ الحق مطاريدٌ.. *** في غربةِ جوعٍ وشقاءِ
وشهيدٌ يتلوهُ شهيدٌ *** ودماءٌ وُصِلَتْ بدماءِ
واللصُّ سعيدٌ وهنيٌّ *** بحياةِ نعيمٍ.. ورخاءِ
والباغيِ عندك مظلومٌ *** واللص أمينُ الأمناءِ
وضحايا الظلمِ ملاعينُ *** ودعاةُ خرابٍ وبلاءِ
أدِمَاءُ يهودٍ قدْ صيغتْ *** من ذهب صاف ونقاءِ
ودمُ ابنِ فلسطينٍ ماءٌ *** لا يستأْهِلُ أيَّ رِثاءِ؟
قل لي: منْ فينا الإرهابِي *** من فينا با بوشُ المجرم؟
من فينا عاملُ تخريبٍ *** منْ فينا ذُو عقل مظْلم؟
***
تلعنكم "صبْرَ" و"شاتِيلا" *** ومذابحُ بيروتَ وقانا
ولُعِنْتُم في كلِّ كتابٍ *** إنجيلا كانَ وقرآنا
ويتامَى وأراملُ هاموا *** ما اقتاتُوا إلا الأحزانا
وكهولٌ وشيوخٌ سُحقُوا *** وعمائرُ صارتْ قيعانا
وزعمتم من أجْلِ سلامٍ *** ووئامٍ جئْتُم لبنانا
فجعلتم لبنانَ شقاءً *** وغرستمْ فيه الأشْجانا
وزرعتم فتنًا عمياءَ *** ناصرتمْ فيها الشيْطانا
أوَ هَذا ليسَ بإرهابٍ *** أمْ كانَ لديكمْ إحسانا
حقا.. إحسانٌ فيّاضٌ *** غطانا حتى الأذقانا
فعلينا جُدْتم بدمارٍ *** ومنايا سودٍ مجَّانا
وتقول بأني إرهابي *** وبأني دمويٌّ مجرم
وبأني عامل تخريب *** وبأني رجعيٌّ مظلم
وكذبتَ؛ فذنبي تعرفهُ *** هو أني عربيٌّ مسلم
***
وملأتَ البحرَ أساطيلا *** وشَحنْتَ الجوَّ أبابيلا
وجيوشٌ في البرِّ ألوفٌ *** غطتْ وديانا وسهولا
ومظليون.. جبابرة *** قد جاءُوا للشرِّ قبيلا
والتكْنُولُوجْيا عدتهمْ *** تُذْهلُ قُدْراتٍ وعقولا
وصواريخٌ.. متلاحقةٌ *** لتحيلَ العمرانَ طُلولا
***
وزعمتمْ أنَّ نهوضكموُ *** بجيوشٍ فوق الإمكانِ
مِنْ "أجلِ أسامة بِنْ لادْن"*** ملكِ الإرهاب العدواني
ألفردٍ تُمْضُون جُيوشا*** ماذا لو قام بها ثاني
والثالثُ يتْلوُ ثانيهُمْ*** مِنْ بعد "أسامَ" أُسامان
بل ألفُ أسامةَ يخلفُهُ*** للثأرِ كموج البركانِ
ساعتها لن تجدُوا جيشًا *** يحميكم غيرَ النِّسوانِ
يا بوشُ ـ وأقسم ـ ما قمتمْ *** إلا بنزوعٍ شيطانِي
ولضربِ الإسلاِم كدينٍ *** وجهادٍ حيٍّ ومعاني
وحـضارةِ علمٍ ويقينٍ *** نهضتْ بالفكرِ النوراني
واليومَ بدايةُ خطتكمْ *** إفناءُ الشعبِ الأفغاني
وإذن مَنْ فينا الإرهابي *** مَنْ فينا يا بوش المجرم؟
من فينا عاملُ تخريبٍ *** من فينا الرجْعيُّ المظلمْ؟
***
يا ليتَ ملايَينَك كانتْ *** لشعوبِ يقتلها الجوعُ
ما فيها إلا مظلومٌ *** ويتيمٌ وأبٌ مفجوع
وبقايا أطفالٍ هامُوا *** يُثقلهمْ مرضٌ ودموع
وشيوخ يَمْضُون حيارَى *** لفظتهمْ أرضٌ وربوعُ
وثكالَى عِشْن بِلا أمَلٍ *** في عصرٍ ما فيهِ ربيعُ
مِنْ فيهم ـ قلْ لي ـ العدواني *** مَنْ فيهم في الشرِّ ضَليعُ؟
من فيهم قل لي الإرهابِي *** من فيهم يا بوشُ المجرم؟
من فيهم عاملُ تخريبٍ *** من فيهم ذو عقلٍ مظلم؟
واللهِ لأنتَ الإرهابِي *** واللهِ ما غيرُك مجرمْ