عندما وافقت سوريا على المبادرة العربية تجاه الانتخابات الرئاسية في لبنان، ظن البعض أن المشكلة اللبنانية في طريقها للحل، لأن الذين ظلوا يعطلون الحل هم حلفاء دمشق الممثلون في حزب الله وحركة أمل. ويضاف إليهم الحليف الجديد ميشيل عون، الذي وجد في الهجوم على الدور السني في السياسة اللبنانية ورئيس الحكومة (السني) وزعيم الأغلبية البرلمانية ( السني ) ما يؤهله للانضمام إلى الحلف السوري / الإيراني / الميلشيوي الجديد، الذي يريد لبنان ساحة لتصفية حساباته كل وفق حاجاته ومقاصده ورسائله.

والآن يدعي حلفاء سوريا أنهم يوافقون على المبادرة العربية لكنهم لا يستطيعون ترك حليفهم السياسي الجديد ميشيل عون. ومعهم في ذلك بعض الحق، لأن عون حقق أهدافهم في السابق وسيحققها في المستقبل. فهو حصان طروادة لكل التعطيلات التي أصابت المؤسسات الدستورية. ولكل الشلل الذي أصاب الجمهورية، ولكل مناخات التأزيم الطائفي والمذهبي، التي يتم تهديد الحكومة بها كلما خطت خطوة لا تعجب بعض هذه القوى أو حلفائها الخارجيين.

والآن سوريا التي وافقت على المبادرة العربية ترفض أن تسهل تنفيذها. فهي تقول إنها لن تضغط على حلفائها، الذين في الأساس عرقلوا الحكومة والانتخابات الرئاسية من أجلها ومن أجل مخاوفها من المحكمة الدولية، بمعنى أن موافقتها على المبادرة العربية كانت مجرد مناورة سياسية لا غير. وهذا يعني أن الشكوك لا بد أن تحوم حول سوريا حول رغبتها في أمن واستقرار لبنان، لأن الجميع يعلم أن تفجير الأزمات السياسية في لبنان كان يحصل بإشارات سورية واضحة، وأحيانا معلنة من المنابر.

وأمام هذه الازدواجية السياسية فإن على سوريا أن تتحمل نتائج تدويل الأزمة اللبنانية، مثلما تسببت في تدويل أزمة الرئاسة اللبنانية عند إصرارها على التمديد لحليفها الرئيس السابق إميل لحود.

على دمشق أن تقرر بين الاستقرار اللبناني وبالتالي الإقليمي، أو التدويل بكل ما يعنيه ذلك من خروج الأوراق الإقليمية من أصابع دول المنطقة.

الوطن السعودية