تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أعلام من أمتي (سلسلة متواصلة)



مقاوم
01-02-2008, 04:20 PM
سيرة أمير المؤمنين في الحديث

ذلكم العالم العَلَم

وهل يخفى علم في رأسه نار ؟!
هو أمير المؤمنين في الحديث
المقدّم عند جماهير علماء الإسلام
المعترف له بالفضل والإمامة

اسمه :
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَرْدِزْبَـه ، وقيل بَذْدُزْبه ، وهي لفظة بخارية معناها الزراع .
قاله الإمام الذهبي في السير .

كنيته :
أبو عبد الله .

لقبه :
أمير المؤمنين في الحديث .
وقد لُقب بهذا اللقب غير واحد من أئمة السنة .

مولده :
كان مولده في شوال سنة أربع وتسعين ومائة .

تهيئـتة :
سبحان من هيأه لنصرة دينه والذب عن سنة نبيه
فقد كان جدّه المغيرة مجوسياً فأسلم على يدي رجل يُقال له : اليمان الجُعفي والي بخارى .
ثم طلب إسماعيل بن إبراهيم العلم .
ومن هنا يُقال في ترجمة الإمام البخاري : الجُعفي مولاهم . أي ولاء الإسلام .

قال أحمد بن الفضل البلخي : ذهبت عينا محمد بن إسماعيل في صغره ، فرأت والدته في المنام إبراهيم الخليل عليه السلام فقال لها : يا هذه قد ردّ الله على ابنك بصره لكثرة بكائك أو كثرة دعائك شك البلخي ، فأصبحنا وقد رد الله عليه بصره .

طلبه للعلم :
هو من بيت علم ، فأبوه طلب العلم من قبله
قال الإمام البخاري : سمع أبي من مالك بن أنس ، ورأى حماد بن زيد ، وصافح ابن المبارك بكلتا يديه .

أما كيف طلب هو العلم فلندع الإمام نفسه يُحدّثنا بالعجب العجاب !
سأله محمد بن أبي حاتم : كيف كان بدء أمرك ؟
قال : أُلهمت حفظ الحديث وأنا في الكُـتّاب .
فقلت : كم كان سنك ؟
فقال : عشر سنين أو أقل ، ثم خرجت من الكتاب بعد العشر فجعلت أختلف إلى الداخلي وغيره فقال يوما فيما كان يقرأ للناس : سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم فقلت له : إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم ! فانتهرني ، فقلت له : ارجع إلى الأصل ، فدخل فنظر فيه ثم خرج فقال لي : كيف هو يا غلام ؟ قلت : هو الزبير بن عدي عن إبراهيم ، فأخذ القلم مِني وأحكم كتابه ، وقال : صدقت ! فقيل للبخاري : ابن كم كنت حين رددت عليه ؟
قال : ابن إحدى عشرة سنة
قال الإمام البخاري : فلما طعنت في ست عشرة سنة !!! كنت قد حفظت كتب ابن المبارك ووكيع ، وعرفت كلام هؤلاء ، ثم خرجت مع أمي وأخي أحمد إلى مكة ، فلما حججت رجع أخي بها ، وتخلفت في طلب الحديث .

ابن إحدى عشرة سنة يردّ على شيخه ؟!
وابن ست عشرة سنة قد طعن في السن !!!

إنها العناية الربانية لصُنع ذلك الإمام ، ليُصبح إماماً للدنيا عربها وعجمها ، وإن كان أعجمي الأصل !
( ولِتُصنع على عيني )

ومما يدلّ على أنه طعن في السن – على حدّ قوله – وهو ابن ست عشرة سنة أنه قدِم العراق في آخر سنة عشر ومائتين من الهجرة .
فيكون قدم بغداد وهو ابن ست عشرة سنة !

وكَتَبَ الإمام البخاري عن ألف شيخ !
نعم
قال الإمام البخاري : دخلت بلخ فسألوني أن أملي عليهم لكل من كتبت عنه حديثا ، فأمليت ألف حديث لألف رجل ممن كتبت عنهم .

بل زاد العدد عن ذلك
فقد قال قبل موته بشهر : كتبت عن ألف وثمانين رجلا ، ليس فيهم إلا صاحب حديث كانوا يقولون : الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص .

ثم طعن الإمام في السن أكثر ! فبلغ الثامنة عشرة من عمره !
قال رحمه الله : حججت ورجع أخي بأمي ، وتخلفت في طلب الحديث ، فلما طعنت في ثمان عشرة جعلت أصنف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم ، وذلك أيام عبيد الله بن موسى .
وقال :
صنفت كتاب التاريخ إذ ذاك عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليالي المقمرة ، وقَـلّ اسم في التاريخ إلاّ ولَـهُ قصة ، إلا أني كرهت تطويل الكتاب .

وفي ذلك السن كان يحكم بين شيوخه !
قال الإمام البخاري :
دخلت على الحميدي وأنا ابن ثمان عشرة سنة ، وبينه وبين آخر اختلاف في حديث فلما بَصُرَ بي الحميدي قال : قد جاء من يفصل بيننا ، فعرضا عليّ ، فقضيت للحميدي على من يخالفه .

وكُتِب عنه الحديث وهو ابن سبع عشرة سنة
قال أبو بكر الأعيَن : كتبنا عن البخاري على باب محمد بن يوسف الفريابي ، وما في وجهه شعرة ، فقلنا : ابن كم أنت ؟ قال : ابن سبع عشرة سنة .

ومما يدلّ على أن الله هيأه لحفظ السنة أنه كان يُكتب عنه الحديث وهو شاب
وقد كان أهل المعرفة من البصريين يعدُون خلفه في طلب الحديث ، وهو شاب حتى يغلبوه على نفسه ، ويجلسوه في بعض الطريق ، فيجتمع عليه ألوف أكثرهم ممن يكتب عنه ، وكان شابأ لم يخرج وجهه .

حفظه وسعة علمه :
وهبه الله حافظة قوية ، بل حافظة خارقة ، وما ذلك إلا حفظاً للسنة ، فقد تكفّل الله بحفظ الذكر
( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) والسُّنة من الذِّكـر .

شهد له علماء عصره
فقد قال رجاء الحافظ : فضل محمد بن إسماعيل على العلماء ، كفضل الرجال على النساء ، فقال له رجل : يا أبا محمد كل ذلك بمرّة ؟! فقال : هو آية من آيات الله يمشي على ظهر الأرض .
قال إبراهيم الخواص : رأيت أبا زرعة كالصبي جالساً بين يدي محمد بن إسماعيل يسأله عن علل الحديث .

وقال جعفر بن محمد القطان - إمام كرمينية - : سمعت محمد بن إسماعيل يقول : كتبت عن ألف شيخ وأكثر ، عن كل واحد منهم عشرة آلاف وأكثر ، ما عندي حديث إلا أذكر إسناده .

وقال محمد بن أبي حاتم الوراق : سمعت حاشد بن إسماعيل وآخر يقولان : كان أبو عبد الله البخاري يختلف معنا إلى مشايخ البصرة ، وهو غلام فلا يكتب ، حتى أتى على ذلك أيام ، فكنّا نقول له : إنك تختلف معنا ولا تكتب ! فما تصنع ؟ فقال لنا يوماً - بعد ستة عشر يوما - : إنكما قد أكثرتما عليّ وألححتما فاعْرِضا عليّ ما كتبتما ، فأخرجنا إليه ما كان عندنا فزاد على خمسة عشر ألف حديث فقرأها كلها عن ظهر القلب ، حتى جعلنا نحكم كتبنا من حفظه ، ثم قال : أترون أني أختلف هدراً ، وأضيع أيامي ؟ فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد .

ومما يدلّ على سعة علمه وحافظته الخارقة هذه الحكاية
قال أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ : سمعت عدة مشايخ يحكون أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد ، فسمع به أصحاب الحديث ، فاجتمعوا وعمدوا إلى مئة حديث ، فقلبوا متونها وأسانيدها ، وجعلوا متن هذا الإسناد هذا ، وإسناد هذا المتن هذا ، ودفعوا إلى كل واحد عشرة أحاديث ليلقوها على البخاري في المجلس ، فاجتمع الناس ، وانتدب أحدهم ، فسأل البخاري عن حديث من عشرته ، فقال : لا أعرفه ، وسأله عن آخر ، فقال : لا أعرفه ، وكذلك حتى فرغ من عشرته فكان الفقهاء يلتفت بعضهم إلى بعض ، ويقولون : الرجل فهم ! ومن كان لا يدري قضى على البخاري بالعجز ، ثم انتدب آخر ، ففعل كما فعل الأول ، والبخاري يقول : لا أعرفه ، ثم الثالث وإلى تمام العشرة أنفس ، وهو لا يزيدهم على : لا أعرفه . فلما علم أنهم قد فرغوا ، التفت إلى الأول منهم ، فقال : أما حديثك الأول فكذا ، والثاني كذا ، والثالث كذا إلى العشرة ، فَرَدّ كل متن إلى إسناده ، وفعل بالآخرين مثل ذلك ، فأقّـرّ له الناس بالحفظ . فكان ابن صاعد إذا ذكره يقول : الكبش النطاح !

وكَتَب عنه بعض شيوخه ، مما يدلّ على سعة علمه ، وشهادتهم له بالفضل
قال محمد بن أبي حاتم : رأيت عبد الله بن مُنير يكتب عن البخاري .
وعبد الله بن مُنير من شيوخ البخاري .

ومما يدل على سعة علمه واطّلاعه أنه يحفظ مائة ألف حديث صحيح وضعفها من الضعيف
قال ابن عدي : حدثني محمد بن أحمد القومسي قال : سمعت محمد بن خميرويه يقول : سمعت محمد بن إسماعيل يقول : أحفظ مئة ألف حديث صحيح ، وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح .

ثناء العلماء والأئمة عليه :
قال أبو جعفر محمد بن أبي حاتم : حدثني بعض أصحابي إن أبا عبد الله البخاري صار إلى أبي إسحاق السرماري عائدا ، فلما خرج من عنده قال أبو إسحاق : من أراد أن ينظر إلى فقيه بحقه وصدقه فلينظر إلى محمد بن إسماعيل .

وقال أبو جعفر : سمعت يحيى بن جعفر يقول : لو قدرت أن أزيد في عمر محمد بن إسماعيل من عمري لفعلت ، فإن موتي يكون موت رجل واحد ، وموته ذهاب العلم .
وقال : سمعت يحيى بن جعفر وهو البيكندي يقول لمحمد بن إسماعيل : لولا أنت ما استطبت العيش ببخارى .

وقال عبدان : ما رأيت بعيني شابا أبصر من هذا ، وأشار بيده إلى محمد بن إسماعيل .

وقال نعيم بن حماد : محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة .

قال أحمد بن عبد السلام : ذكرنا قول البخاري لعلي بن المديني يعني : ما استصغرت نفسي إلا بين يدي علي بن المديني ، فقال علي بن المديني : دعوا هذا ! فإن محمد بن إسماعيل لم ير مثل نفسه .

وقال أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير : ما رأينا مثل محمد بن إسماعيل .

وعن عبد الله بن أحمد بن حنيل قال : سمعت أبي يقول : ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل .
وقال الإمام أحمد بن حنبل : لم يجئنا من خراسان مثل محمد بن إسماعيل .

وقال حاشد بن إسماعيل : كنت بالبصرة ، فسمعت قدوم محمد بن إسماعيل ، فلما قدم قال بُندار : اليوم دخل سيد الفقهاء .

وقال الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ( إمام الأئمة ) : ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحفظ له من محمد بن إسماعيل .

وقال قتيبة : لو كان محمد في الصحابة لكان آية .

وقال الحاكم : سمعت محمد بن يعقوب الحافظ يقول : سمعت أبي يقول : رأيت مسلم بن الحجاج بين يدي البخاري يسأله سؤال الصبي .

وهذا الإمام مسلم بن الحجاج - وجاء إلى البخاري - فقبّل بين عينيه ، وقال : دعني أقبل رجليك
قال محمد بن حمدون بن رستم : سمعت مسلم بن الحجاج - وجاء إلى البخاري - فقال : دعني أقبل رجليك ! يا أستاذ الأستاذين ، وسيد المحدثين ، وطبيب الحديث في علله .
ومسلم بن الحجاج هو الإمام مسلم صاحب صحيح مسلم .

وقال أبو عيسى الترمذي : لم أر بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل .
وأبو عيسى هو الترمذي صاحب جامع الترمذي ، وهو ينقل عن الإمام البخاري كثيراً ، ويسأله في علل الأحاديث وصحتها .

وقال أحمد بن نصر الخفاف : حدثنا محمد بن إسماعيل التقي النقي العالم الذي لم أرَ مثله ...

وقال محمد بن يعقوب بن الأخرم : سمعت أصحابنا يقولون : لما قدم البخاري نيسابور استقبله أربعة آلاف رجل ركباناً على الخيل ، سوى من ركب بغلا أو حماراً وسوى الرجالة .

وقال سليم بن مجاهد : ما رأيت بعيني منذ ستين سنة أفقه ، ولا أورع ، ولا أزهد في الدنيا من محمد بن إسماعيل .

ورعـه : كان الإمام البخاري رحمه الله ورعاً شديد الورع
قال بكر بن منير : سمعت أبا عبد الله البخاري يقول : أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحداً .
قال الإمام الذهبي في السير : قلت صدق رحمه الله ، ومن نظر في كلامه في الجرح والتعديل علم ورعه في الكلام في الناس وإنصافه فيمن يضعفه ، فإنه أكثر ما يقول : منكر الحديث ، سكتوا عنه ، فيه نظر ، ونحو هذا ، وقلّ أن يقول فلان كذاب ، أو كان يضع الحديث ، حتى إنه قال : إذا قلت فلان في حديثه نظر ، فهو متهم واه ، وهذا معنى قوله : لا يحاسبني الله أني اغتبت أحداً . وهذا هو والله غاية الورع .

قال محمد بن أبي حاتم الوراق سمعت البخاري يقول : لا يكون لي خصم في الآخرة ، فقلت : إن بعض الناس ينقمون عليك في كتاب التاريخ ، ويقولون : فيه اغتياب الناس ، فقال : إنما روينا ذلك رواية لم نقله من عند أنفسنا . قال النبي صلى الله عليه وسلم : بئس مولى العشيرة . يعني حديث عائشة رضي الله عنها .
قال : وسمعته يقول : ما اغتبت أحداً قط منذ علمت أن الغيبة تضرّ أهلها .

مِن زهده : قال الحسين بن محمد السمرقندي : كان محمد بن إسماعيل مخصوصا بثلاث خصال ، مع ما كان فيه من الخصال المحمودة : كان قليل الكلام ، وكان لا يطمع فيما عند الناس ، وكان لا يشتغل بأمور الناس ، كل شغله كان في العلم .

مِن كرمه : قال محمد بن أبي حاتم : كان يتصدق بالكثير ، يأخذ بيده صاحب الحاجة من أهل الحديث فيناوله ما بين العشرين إلى الثلاثين وأقل وأكثر من غير أن يشعر بذلك أحد ، وكان لا يفارقه كيسه . قال : ورأيته ناول رجلا مرارا صُرة فيها ثلاث مئة درهم .

مما ذُكر في عبادته : قال محمد بن أبي حاتم الوراق : وكان أبو عبد الله يصلي في وقت السحر ثلاث عشرة ركعة ، وكان لا يوقظني في كل ما يقوم ، فقلت : أراك تحمل على نفسك ولم توقظني ؟ قال : أنت شاب ولا أحب أن أفسد عليك نومك .
وقال بكر بن منير : كان محمد بن إسماعيل يصلي ذات ليلة ، فلسعه الزنبور سبع عشرة مرة ، فلما قضى الصلاة قال : انظروا أيش آذاني ؟!
وقال محمد بن أبي حاتم : دُعي محمد بن إسماعيل إلى بستان بعض أصحابه ، فلما صلى بالقوم الظهر قام يتطوع ، فلما فرغ من صلاته رفع ذيل قميصه فقال لبعض من معه : انظر هل ترى تحت قميصي شيئا ؟ فإذا زنبور قد أبَـرَهُ في ستة عشر أو سبعة عشر موضعا ، وقد تورم من ذلك جسده ، فقال له بعض القوم : كيف لم تخرج من الصلاة أول ما أبَـرَك ؟ قال : كنت في سورة فأحببت أن أتمها .

جهاده : كعادة العلماء الربانيين ، يُسطّرون العلم بمحابرهم ، ويُعطّرون التاريخ بدمائهم .
وكان الإمام البخاري رحمه الله مع سعة علمه وتعليم الناس ، واشتغاله بذلك ، كان يُقيم في الثغور أحيانا
ويدل على ذلك هذه القصة
قال محمد بن أبي حاتم : رأيت محمد بن إسماعيل البخاري استلقى على قفاه يوما ونحن بـ " فَرَبْر " في تصنيفه كتاب " التفسير " وأتعب نفسه ذلك اليوم في كثرة إخراج الحديث ، فقلت له إني أراك تقول : إني ما أثبت شيئا بغير علم قط منذ عقلت ، فما الفائدة في الاستلقاء ؟ قال : أتعبنا أنفسنا اليوم ، وهذا ثغر من الثغور خشيت أن يحدث حدث من أمر العد ، فأحببت أن استريح ، وآخذ أهبة ، فإن غافََصَنا العدو كان بنا حِراك . ( غافصنا أي فاجأنا ) .
قال : وكان يركب إلى الرمي كثيرا ، فما أعلمُني رأيته في طول ما صحبته أخطأ سهمه الهدف إلا مرتين ، فكان يصيب الهدف في كل ذلك ، وكان لا يُسبق .

تأليفه للصحيح : نفعه الله بمقترح سمعه عند شيخ من شيوخه ، ذلكم هو الإمام الجليل إسحاق بن راهويه
قال الإمام البخاري :
كنت عند إسحاق بن راهويه فقال بعض أصحابنا : لو جمعتم كتابا مختصراً لسنن النبي صلى الله عليه وسلم ، فوقع ذلك في قلبي ، فأخذت في جمع هذا الكتاب .
وقال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكأنني واقف بين يديه وبيدي مروحة أذب عنه ، فسألت بعض المعبرين ، فقال لي : أنت تذبّ عنه الكذب ، فهو الذي حملني على إخراج الجامع الصحيح .
وقال الفربري : سمعت محمد بن أبي حاتم البخاري الوراق يقول : رأيت محمد بن إسماعيل البخاري في المنام يمشي خلف النبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم يمشي ، فكلما رفع النبي صلى الله عليه وسلم قدمه وضع البخاري قدمه في ذلك الموضع .

وهذا الكتاب الذي جمعه هو المشهور بـ ( صحيح البخاري ) .
وقد سماه الإمام البخاري : الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه .
وهو أول كتاب صُنف في الحديث الصحيح المجرد ، وصنّفه في ست عشرة سنة .
قال فيه الإمام البخاري : وما أدخلت فيه حديثا إلا بعدما استخرت الله تعالى ، وصليت ركعتين ، وتيقنت صحته .
ولما ألف البخاري كتاب الصحيح عرضه على أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهم ، فاستحسنوه ، وشهدوا له بالصحة إلا في أربعة أحاديث . قال العقيلي : والقول فيها قول البخاري ، وهي صحيحة .

وهو أصح كتاب بعد كتاب الله عز وجل ،وتلقّـته الأمة بالقبول ، وأجمعت الأمة على وجوب العمل بأحاديثه .
والجمهور على ترجيح البخاري على مسلم ؛ لأنه أكثر فوائد منه .
قال النسائي : ما في هذه الكتب أجود منه .
عدد أحاديثه :
جملة ما فيه من الأحاديث المسندة سبعة آلاف وخمس مئة وثلاثة وسبعون حديثا ، بالأحاديث المكررة ، وبحذفها نحو أربعة آلاف حديث .

وقد قيل فيه :
صحيح البخاري لو أنصفوه = لما خط إلا بماء الذهب
هو الفرق بين الهدى والعمى = هو السد بين الفتى والعطب
أسانيد مثل نجوم السماء = أمام متون كمثل الشهب
به قام ميزان دين الرسول = ودان به العجم بعد العرب

فيا أخوتاه :
لا يحقرن أحد منكم مُقترحأً يقترحه على من يتوسّم فيه الخير ثريّـاً كان أو عالماً أو طالب علم .

ابتلاؤه : قال ابن عدي سمعت عبد القدوس بن عبد الجبار السمرقندي يقول : جاء محمد إلى أقربائه بـ " خَرْتَنْك " فسمعته يدعو ليلة إذ فرغ من ورده : اللهم إنه قد ضاقت عليّ الأرض بما رحبت ، فاقبضني إليك ، فما تم الشهر حتى مات .

وفاته : توفي البخاري ليلة السبت ليلة الفطر عند صلاة العشاء ، ودُفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر سنة ست وخمسين ومئتين ، وعاش اثنتين وستين .

فرحم الله الإمام البخاري برحمته الواسعة ، وأسكنه فسيح جناته .
وجزاه عن أمة الإسلام خير الجزاء وأوفره وأجزله .


ووالله إني لأحبه حباً شديداً ، وأرجو الله أن يجمعنا به في دار كرامته ، وبحبوحة جنته .


ورحم الله الإمام البخاري فلقد كان أمة وحدة .
لم يكن صاحب بدعة بل كان صاحب سنة ، بل علما في السنة .
ولم يكن مُقلِّـداً لغيره بل كان إماماً مُجتهداً .
فرحمه الله وأعلى منزلته .
زيادة في مصادر ترجمته :
سير أعلام النبلاء
هدي الساري مقدمة فتح الباري
مقدمة عمدة القارئ


كتبه

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

أبو مُحمد
01-02-2008, 05:09 PM
"فلما طعنت في ست عشرة سنة !!!"
سبحان الله

"قال أحمد بن عبد السلام : ذكرنا قول البخاري لعلي بن المديني يعني : ما استصغرت نفسي إلا بين يدي علي بن المديني ، فقال علي بن المديني : دعوا هذا ! فإن محمد بن إسماعيل لم ير مثل نفسه"
سبحان الله...نسأل الله من فضله

"فرحم الله الإمام البخاري برحمته الواسعة ، وأسكنه فسيح جناته .
وجزاه عن أمة الإسلام خير الجزاء وأوفره وأجزله"

"وأرجو الله أن يجمعنا به في دار كرامته ، وبحبوحة جنته "
اللهم آمين

جَزاك الله خيرا أخي مُقاوم..

مقاوم
01-02-2008, 05:16 PM
وإياكم أخي الكريم

هنا الحقيقه
01-02-2008, 05:39 PM
سبحان الله والله ما اقتبست من ما كتب الاخ مقاوم الا وجدت الاخ ابو محمد اقتبس مثله سبحان الله نعم كان كذلك شيخنا البخاري رحمه الله واسكنه فسيح جناته بارك الله بك اخي مقاوم على ما نقلت

ولكن لي ملاحظة

"فلما طعنت في ست عشرة سنة !!!"
ليس معناه انه طعن بالسن كما اشار الكاتب

فعندما نقول طعنت بالسادسة عشر اي معناه دخلنا في سن السادسة عشر او اكملتها الا قليلا

وعندما نقول طعنت بالسن اي اصبحت مسنا

وعليه اقتضى التنويه

فكلمة طعن عندما تاتي مع عدد السنين معناه دخل فيه او مضى من تلك السنة اغلبها
والله اعلم

مقاوم
01-02-2008, 05:42 PM
ولكن لي ملاحظة

ليس معناه انه طعن بالسن كما اشار الكاتب

فعندما نقول طعنت بالسادسة عشر اي معناه دخلنا في سن السادسة عشر او اكلمتها الا قليلا

وعندما نقول طعنت بالسن اي اصبحت مسنا

وعليه اقتضى التنويه

فكيمة طعن عندما تاتي مع العدد السنين معناه دخل فيه او مضى من تلك السنة اغلبها
والله اعلم

نعم صدقت بارك الله بك.

هنا الحقيقه
01-02-2008, 06:04 PM
وبك الله يبارك استاذي مقاوم

منال
01-02-2008, 07:57 PM
السلام عليكم

جزاكم الله خيرا

كثيرا ما نقرا فى سيرة العلماء فيكونوا من بيت علم هل لابد للعالم ان يخرج من بيت علماء؟

أبو مُحمد
01-02-2008, 08:03 PM
كنتُ أكتب ردا والضجيج يملأ عقلي وقلبي فبدلا من أن أكتب هنا الحقيقة كتبتُ هنا المقاومة متأثرا طبعا بالاثنين "هنا الحقيقة ومقاوم" !

المهم.... أردتُّ أن أشكر الاخ هنا الحقيقة للتبيين فيما يخص "الطعن"

وبارك الله في الجميع...

مقاوم
02-02-2008, 06:46 AM
الإمام مسلم

نسبه ومولده:

هو الإمام الحافظ أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد القشيري النيسابوري، وقد اختلف في نسبته إلى القبيلة؛ هل هو قشيري من أنفسهم أو مولى، فرجح الأول ابن الصلاح والنووي، ومال الذهبي إلى الثاني.

ولد سنة 206هـ كما رجحه كثير من العلماء، وقيل سنة 204هـ ، قال ابن خلكان في وفيات الأعيان(5/194): ولم أر أحداً من الحفاظ يضبط مولده ولا تقدير عمره، وأجمعوا أنه ولد بعد المائتين. وكان شيخنا تقي الدين أبو عمرو عثمان المعروف بابن الصلاح يذكر مولده، وغالب ظني أنه قال: سنة اثنتين ومائتين، ثم كشفت ما قاله ابن الصلاح فإذا هو في سنة ست ومائتين، نقل ذلك من كتاب "علماء الأمصار" تصنيف الحاكم أبي عبد الله بن البيع .. وصورة ما قاله بأن مسلم بن الحجاج توفي بنيسابور لخمس بقين من شهر رجب الفرد سنة إحدى وستين ومائتين، وهو ابن خمس وخمسين سنة، فتكون ولادته في سنة ست ومائتين، والله أعلم.

طلبه للعلم وشيوخه وتلامذته:

اتجه الإمام مسلم إلى طلب العلم في صغره فسمع الحديث وتلقى العلم عن شيوخ بلده ثم ارتحل وطوّف في البلدان؛ قال الذهبي في تذكرة الحفاظ (2 / 588): وأول سماعه سنة ثماني عشرة ومائتين، فأكثر عن يحيى بن يحيى التميمي والقعنبي وأحمد بن يونس اليربوعي وإسماعيل بن أبي أويس وسعيد بن منصور وعون بن سلام وأحمد بن حنبل وخلق كثير روى عنه الترمذي حديثا واحدا وإبراهيم بن أبي طالب وابن خزيمة والسراج وابن صاعد وأبو عوانة وأبو حامد بن الشرقي و...وعبد الرحمن بن أبي حاتم و.. وخلق سواهم

قلت: وقد ذكر الذهبي في السير مئتين واثنين وعشرين شيخا من شيوخ الإمام مسلم.

وقال ابن خلكان: أحد الأئمة الحفاظ وأعلام المحدثين، رحل إلى الحجاز والعراق والشام ومصر، وسمع يحيى بن يحيى النيسابوري وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وعبد الله بن مسلمة القعنبي وغيرهم، وقدم بغداد غير مرة فروى عنه أهلها، وآخر قدومه إليها في سنة تسع وخمسين ومائتين، وروى عنه الترمذي وكان من الثقات.

قلت: وقد استفاد الإمام مسلم من الإمام البخاري كثيرا، لا سيما في علم العلل، ومما يؤيد ذلك قوله للبخاري عندما سأله عن حديث كفارة المجلس: دعني حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين وطبيب الحديث في علله.(النكت على كتاب ابن الصلاح 2/716)

وقد تتلمذ على الإمام مسلم عدد كبير من الأئمة الأعلام منهم: الترمذي وابن خزيمة وأبو عوانة، وأبو الفضل أحمد بن سلمة النيسابوري، ونصر بن أحمد الحافظ، وعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، وغيرهم.

عقيدته:

كان الإمام مسلم من كبار أئمة أهل السنة والجماعة أهل الحديث؛ فقد ذكر الإمام أبو عثمان الصابوني في كتابه"عقيدة السلف أصحاب الحديث" علامات أهل السنة ومن بينها حبهم لأئمة السنة وعلمائها، فذكر أسماء بعض العلماء الذين يعد حبهم من علامات أهل السنة، وذكر منهم الإمام مسلما.

ومما يدل على سلامة اعتقاده كتبه التي ألفها وخاصة كتابه الصحيح، فمن نظر في الكتاب علم حسن اعتقاد الرجل.

مهنته:

قال الذهبي في العبر: وكان صاحب تجارة وكان محسن نيسابور، وله أملاك وثروة.

ثناء العلماء عليه:

لقد فاضت ألسنة العلماء بعبارات التقدير والثناء على الإمام مسلم ومن ذلك ما ذكره المذي في تهذيب الكمال (27/499)، والذهبي في السير وتذكرة الحفاظ(2/588) وابن حجر في تهذيب التهذيب وابن خلكان في وفيات الأعيان وغيرهم؛ وفيما يلي أسوق بعض عبارات الأئمة في الثناء عليه:

قال الحاكم أبو عبد الله الحافظ قرأت بخط أبي عمرو المستملي أملى علينا إسحاق بن منصور سنة إحدى وخمسين ومائتين ومسلم بن الحجاج ينتخب عليه وأنا أستملي فنظر إسحاق بن منصور إلى مسلم فقال لن نعدم الخير ما أبقاك الله للمسلمين.. وقال أيضا حدثنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم قال سمعت أحمد بن سلمة يقول رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما .. وقال أبو قريش الحافظ: حفاظ الدنيا أربعة فذكر منهم مسلما قال أبو عمرو بن حمدان: سألت بن عقدة أيهما أحفظ البخاري أو مسلم فقال: يقع لمحمد الغلط في أهل الشام وذلك لأنه أخذ كتبهم ونظر فيها فربما ذكر الرجل بكنيته ويذكر في موضع آخر باسمه يظنهما اثنين، وأما مسلم فقلما يوجد له غلط في العلل لأنه كتب المسانيد ولم يكتب المقاطيع ولا المراسيل...

وقال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب (10/113):

قال الحاكم كان تام القامة أبيض الرأس واللحية يرخي طرف عمامته بين كتفيه قال فيه شيخه محمد بن عبد الوهاب الفراء: كان مسلم من علماء الناس وأوعية العلم ما علمته إلا خيرا وكان بزازا وكان أبوه الحجاج من المشيخة. وقال ابن الأخرم: إنما أخرجت مدينتنا هذه من رجال الحديث ثلاثة محمد بن يحيى وإبراهيم بن أبي طالب ومسلم. وقال ابن عقدة: قلما يقع الغلط لمسلم في الرجال لأنه كتب الحديث على وجهه. وقال أبو بكر الجارودي: حدثنا مسلم بن الحجاج وكان من أوعية العلم، وقال مسلمة بن قاسم: ثقة جليل القدر من الأئمة. وقال ابن أبي حاتم: كتبت عنه، وكان ثقة من الحفاظ له معرفة بالحديث، وسئل عنه أبي فقال: صدوق.

قلت: وقد ذكره الذهبي في الطبقة الخامسة ممن يعتمد قوله في الجرح والتعديل، وذلك في كتابه"ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل ص180)

بعض مؤلفاته:

قال ابن حجر في تهذيب التهذيب: وله من التصنيف غير الجامع كتاب الانتفاع بجلود السباع والطبقات مختصر والكنى كذلك ومسند حديث مالك وذكره الحاكم في المستدرك في كتاب الجياء استطرادا وقيل إنه صنف مسندا كبيرا على الصحابة لم يتم.

قلت: وله أيضا: التمييز (وقد طبع ما وجد منه)، وله المنفردات والوحدان(وهو مطبوع)، وأوهام المحدثين، وأولاد الصحابة، وأوهام الشاميين، وغيرها

وفاته:
قال الحاكم: سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب يقول سمعت أحمد بن سلمة يقول عقد لأبي الحسين مسلم بن الحجاج مجلس للمذاكرة فذكر له حديث لم يعرفه فانصرف إلى منزله وأوقد السراج وقال لمن في الدار لا يدخل أحد منكم هذا البيت فقيل له أهديت لنا سلة فيها تمر، فقال قدموها إلى فقدموها إليه فكان يطلب الحديث ويأخذ تمرة تمرة فيمضغها فأصبح وقد فني التمر ووجد الحديث، قال الحاكم: زادني الثقة من أصحابنا أنه منها مات وقال: أيضا سمعت محمد بن يعقوب أبا عبد الله الحافظ يقول توفي مسلم بن الحجاج عشية يوم الأحد ودفن الاثنين لخمس بقين من رجب سنة إحدى وستين ومائتين

وقال ابن خلكان في وفيات الأعيان (5/ 194): وتوفي مسلم المذكور عشية يوم الأحد ودفن بنصر أباذ ظاهر نيسابور يوم الاثنين لخمس، وقيل لست، بقين من شهر رجب الفرد سنة إحدى وستين ومائتين بنيسابور، وعمره خمس وخمسون سنة.

ينظر في ترجمته: تذكرة الحفاظ: 588 وتاريخ بغداد(13/ 100) وطبقات الحنابلة(1/337) وتهذيب الكمال(27/499) وتهذيب التهذيب(10/ 113) والبداية والنهاية(11/33) والعبر(2/23) والشذرات (2/144)

من هناك
02-02-2008, 08:09 AM
فكان يطلب الحديث ويأخذ تمرة تمرة فيمضغها فأصبح وقد فني التمر ووجد الحديث،
ما شاء الله

هنا الحقيقه
02-02-2008, 02:01 PM
ملاحظة :

فكان يطلب الحديث ويأخذ تمرة تمرة فيمضغها فأصبح وقد فني التمر ووجد الحديث،
القصد ليس يطلبه من كتاب او مجلد
انما يطلب الحديث من ذاكرته وحفظه اي يتتبع اسناد الحديث في ذاكرته ليتذكر من الذي حدثه ومن حدث الذي حدثه وكان هذا الحديث من ما اخرجه الامام مسلم رحمه الله تعالى

أبو مُحمد
02-02-2008, 02:58 PM
نسأل الله من فضله.
رحمه الله وجزاه عن الاسلام والمسلمين خيرا

من هناك
02-02-2008, 11:32 PM
ملاحظة :
القصد ليس يطلبه من كتاب او مجلد
انما يطلب الحديث من ذاكرته وحفظه اي يتتبع اسناد الحديث في ذاكرته ليتذكر من الذي حدثه ومن حدث الذي حدثه وكان هذا الحديث من ما اخرجه الامام مسلم رحمه الله تعالى
شكراً لك على الملاحظة وهذا ما دفعني للإستعجاب فقد ظننت اولاً انه يبحث في الكتب ولكن بعد ذلك تأكدت انه كان يعصر ذاكرته... سبحان الله

أم ورقة
03-05-2008, 11:04 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


الإمام أحمد بن حنبل

ولد في أواخر القرن الهجري الثاني، وتولت أمه رعايته بعد أن فقد أباه وهو طفل، فعاش يتيم الأب.
قال رحمه الله: "فحفظتني أمي القرآن وعمري عشر سنوات "
و لما بلغ السادسة عشر من عمره ، طلبت منه أمه أن يذهب في طلب الحديث.
فذهب من عند أمه من بغداد ، باحثاً عن حديث المصطفى عليه الصلاة و السلام، إلى مكة و المدينة.

قال رحمه الله :" مضيت من بغداد على رجلي إلى مكة ، فضعت في الطريق ثلاث مرات، فكنت كلما ضعت استغفرت الله، ودعوته، وقلت: يا دليل الحائرين! دلني، فوالله ما أنتهي من كلامي إلا ويدلني دليل الحائرين على الطريق."

و من هو دليل الحائرين؟ من غير الله سبحانه و تعالى...!

حفظ الله فحفظه...إلى أن وصل إلى مكة وأخذ الحديث من أهل مكة ، وبعدها سافر إلى صنعاء ، إلى عبد الرزاق بن همام الصنعاني يطلب الحديث، وبينما هو في طريقه ضاع مرة رابعة..
فماذا فعل؟
اسمعوا ماذا قال:
قال: "نزلت إلى قوم أهل مزارع يحصدون ويصرمون، فأجرت منهم نفسي ثلاثة أيام. "
سبحان الله .. هذا الإمام الذي يحفظ ألف ألف حديث ( = مليون ) - بل لم يحفظ أحد من الأمّة كحفظه- يؤجر نفسه من الحصادين فيحصد معهم...!

~ *~ *~

"أفتى الإمام في ستين ألف مسألة بقال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، ذم المنطق، وذم الرأي، وذم الفلسفة والجدل، وقال للناس:
نحن قومٌ مساكين اجتمعنا لندرس حديث الرسول صلى الله عليه وسلم. " *


يتبع إن شاء الله..

أبو مُحمد
03-05-2008, 11:13 PM
نسأل الله من فضله

أم ورقة
03-05-2008, 11:20 PM
* كان يقول لابنـه : اقرأ عليَّ الحديث وأُخبركُ بالسند ، أو اقرأ عليَّ الإسناد لأخبرك بالحديث .


... التقى بعديد من العلماء، منهم: الشافعي في مكة ، ويحيى القطَّان ، ويزيد بن هارون في البصرة .

وقال عنه العلماء:

قال عبد الرزاق شيخه : ما رأيت أحداً أفْـقَـه ولا أوْرع من أحمد.

* قالوا : إذا رأيتَ الرجل يحبُ الإمام أحمد فاعلم أنَّـه صاحب سنة .

* قال الشافعي وهو من شيوخ الإمام أحمد : خرجتُ من بغداد فما خلَّفتُ بها رجلاً أفضل ولا أعلم ولا أفْـقَـه من أحمد بن حنبل.




نعم.. فذلك هو إمام السنة ، الإمام أحمد بن حنبل ، رحمه الله.


يتبع..

أبو مُحمد
03-05-2008, 11:29 PM
جزاكِ الله خيرا ورحم الله الامام.
وللداعية محمد بن موسى الشريف تسجيل عن سيرة الامام من أروع ما سمعت.

نتابع باذن الله ...

أم ورقة
03-05-2008, 11:38 PM
كان الإمام أحمد بن حنبل عفيفاً، يطلب العلم و يستغني عن سؤال الناس.
كما كان يكره الشهرة و الثناء، قال: أريدُ أنْ أكونَ في شِعْبِ مكـة حتى لا أُعْـرَفْ.
و كان رحمه الله يعمل بكل حديث يكتبه. قال: ما كتبتُ حديثـاً إلاَّ وقد عملتُ بـه.

أما صلاته، فكان يصلي في اليوم و الليلة 300 ركعة، إلا انه حين سُجن صار يصلي 150 ركعة.
و كان يصوم الاثنين و الخميس و الأيام البيض، و لما رجع من السجن أدمن الصيام حتى مات.

تزوَّجَ وعُمْـرهُ أربعون سنة ، يقول عن زوجـتـه : مكـثـنا عِشرينَ سنة ما اختلفنا في كلمةٍ واحدة .


يتبع...

أم ورقة
03-05-2008, 11:47 PM
محنة الإمام أحمد:

و هي محنة خلق القرآن ، التي كان سببها المأمون
يقول ابن تيمية رحمه الله: إن الله لا يغفل عن المأمون ، لما أدخله من علم المنطق على المسلمين.

فقد زعم المأمون ان القرآن مخلوق، و استخدم السيف ليثبت مقولته، و قتل نحو 100 من علماء الأمة،
و ملأ بهم السجون.
بعضهم أجاب خوفاً من السيف، و بعضهم رفض فقُتلَ في الحال.

و منع التدريس في المساجد، و منعت الخطابة الا للمعتزلة... فانتشر الخبث،
حتى نصر الله الإسلام بأحمد بن حنبل .

وقف وحده، وقال: لا والله، القرآن كلام الله..

فاستدعي إلى الخليفة.

يتبع..

مقاوم
03-06-2008, 08:10 AM
أختي أم ورقة
جزاك الله خيرا كثيرا على هذا الموضوع.

كنت قد بدأت بسلسلة في الصوت الإسلامي تحت عنوان: "أعلام من أمتي" وأود استئذانك في إضافة هذا إلى عنوان هذا الموضوع ليصبح: "أعلام من أمتي: إمام أهل السنة" فما رأيك؟

أم ورقة
03-06-2008, 08:28 AM
لا مانع ..
جزاك الله خيراً

هنا الحقيقه
03-06-2008, 08:41 AM
بارك الله بك يا ام ورقة على مجهودك

فعلا كان هكذا الامام احمد

ننتظر المزيد

عبد الله بوراي
03-06-2008, 09:38 AM
قال رجل للإمام أحمد : جزاك الله عن الإسلام خيراً، فقال الإمام أحمد :
بل جزى الله الإسلام عني خيراً، مَنْ أنا ؟ وما أنا ؟

بارك الله فيكِ أختاه
عبد الله

أبو مُحمد
03-06-2008, 11:23 AM
نسأل الله من فضله.
نتابع باذن الله.

عبد الله بوراي
03-06-2008, 03:42 PM
http://img256.imageshack.us/img256/5651/mywork1un1.jpg (http://imageshack.us)

أم ورقة
03-06-2008, 08:59 PM
جزاكم الله خيراً
----
تابعوا معنا كيف يروي الإمام أحمد بداية محنته:

قال الإمام أحمد : أُخذت من بيتي وسط الليل وأنا أصلي، فوضع الحديد في يدي وفي رجلي حتى كان الحديد أثقل من جسمي
قال: فلما وضعت على فرس، أتيت أتمسك فما استطعت أن أتمسك، فكدت أسقط ثلاث مرات، كل مرة أقول: اللهم احفظني! فكان يردني الله حتى أتساوى على الفرس

قال: فلما أدخلت السجن سحبت على وجهي فنـزلت،
قال: فكنت أستغفر الله، فنزلت في آخر الليل، قال: فلا أدري أين القبلة؟ ولا أدري أين أنا، في ظلام وفي وحشة لا يعلمها إلا الله، فكنت أقول: حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [التوبة:129] قال: فمددت بيدي فإذا بماء بارد، فتوضأت منه وقمت أصلي إلى الفجر.
قال: فلما أصبح الصباح، حملت على الفرس ثانية، وما طعمت طعاماً، وكدت أسقط من الجوع، فأدخلت على المعتصم الخليفة العسكري الثاني، صاحب عمورية بعد المأمون . قال: فلما دخلت عليه هز السيف في وجهي، وقال: يا أحمد ! والله إني أحبك كابني هارون ، فلا تعرض دمك لنا. فقال الإمام أحمد : ائتوني بكتاب الله أو بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم!


يتبع ان شاء الله..

هنا الحقيقه
03-06-2008, 09:01 PM
جزاك الله خيرا

التشويق مستمر :)

أم ورقة
03-06-2008, 09:04 PM
و جزاكم..

من عاشر القوم..

أبو مُحمد
03-06-2008, 09:12 PM
الله أكبر ...

أم ورقة
03-06-2008, 09:17 PM
... حاول معه المعتصم، و لم يوفّر الجلّادين ، و على رأسهم عجيف، ليقرّ بأن القرآن مخلوق، و لكنه أبى أن يقول.

قال المعتصم لعجيف: اضرب هذا الرجل -أي: الإمام أحمد -
فجلده مائة وستين سوطاً حتى غشي عليه، ثم استفاق،
وكان يقول: لا إله إلا الله حسبي الله ونعم الوكيل

أقوى الكلمات المنجيّات... قال ابن عباس رضي الله عنهما: "قالها إبراهيم فنجاه الله من النار، وقالها محمد فنجاه الله من كيد الكفار "

و بعد، هل نفع معه الجلد و استجاب ؟
بل رفض ان يجيب، و مكث في السجن 18 شهراً ، و سرد الصيام فما أفطر يوماً ،يعرضون له المائدة ليأكل، فيقول: والله لا آكل لهم لقمة، ولا أشرب لهم شربة.

قد نتساءل و على ماذا كان يتغذى الامام أحمد؟

" كان عنده جراب فيه سويق، فإذا اقترب وقت المغرب أخرج كفاً منه، ثم وضعه على الماء وشربه، هذا غذاؤه في ثمانية وعشرين شهراً. "

.....عُرضَ على السيف مرّات، إلى أن أعجزهم فأعادوه إلى بيته، جريحاً.

يقول ابنه عبد الله : دخل أبونا علينا في الليل بعدما أُطلق من السجن، فأنزلناه من على الفرس، فوقع من التعب ومن الإعياء ومن الضعف والهزال والمرض على وجهه، قال: فبقي أياماً، ثم تولى الخلافة المتوكل فنصر السنة، وأتى بالمال والذهب إلى الإمام أحمد ، فبكى الإمام أحمد
وقال: والله إني أخاف من فتنة النعمة أكثر من فتنة المصيبة والمحنة،
فرفض وما أخذ شيئاً، وبقي على هذا الحال.

وكان يقول: يا ليتني ما عرفت الشهرة! يا ليتني في شعب من شعاب مكة لا يعرفني الناس!


رحم الله الإمام أحمد ...... و جزاه عنا كل خير

يُتبع ان شاء الله............

أبو مُحمد
03-06-2008, 09:28 PM
الله أكبر .. في كل مرة وكأنني أقرأ سيرته لأول مرة.

أم ورقة
03-06-2008, 09:35 PM
كل ما أقرأ مثل هذه السير أشعر بخيبتي
كيف اننا لا نستغني عن لقمة واحدة
و الامام احمد استغنى عنها وهو في وقت أشد حاجة لها.. في وقت ضعف جسمه و هزل، و مع هذا استغنى عنها
و لم يعتبر تلك اللقمة من "الضروريات"
و نحن اليوم.. نقنع أنفسنا بأن كل ما حولنا صار من الضروريات..
هداني الله و الجميع..

أبو مُحمد
03-06-2008, 10:07 PM
نسأل الله من فضله.
هؤلاء حفظوا الله فحفظهم.

من هناك
03-07-2008, 12:18 AM
ما هو قول اهل العلم في المعتصم؟

مقاوم
03-07-2008, 05:44 AM
من لم يعرف السجن والتعذيب لا يمكن أن يسبر غور المعاناة والكرب اللذان ابتلي بهما الإمام، ويأتينا بعد ذلك من يقول "هم رجال ونحن رجال".

عبد الله بوراي
03-07-2008, 07:08 AM
ما هو قول اهل العلم في المعتصم؟

عندما أُخرِج أحمد بعد موت المعتصم وكان أحمد بعد خروجه يجتهد في الدعاء للمعتصم ويسأل الله أن يعفو عنه , فلما كلمه الناس قال رضي الله عنه وأرضاه ورحمه " لا أريد أن أقف بين يدي الله وبيني وبين أحد من قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم خصومة " .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عبد الله

هنا الحقيقه
03-08-2008, 10:27 PM
يُتبع ان شاء الله............

ننتظر الذي يتبع اين هو ؟

أم ورقة
03-08-2008, 10:28 PM
نعم سأحاول أن أتابع قريباً ان شاء الله

أم ورقة
03-08-2008, 10:37 PM
..مرض الإمام أحمد تسعة أيام، و لما عرف الخليفة أنه مريض أمر الناس بزيارته.
فانقلبت بغداد طوابيراً و كتائباً إلى بيته لتزوره في اليوم الأخير..


قال أبناؤه: والله لقد أغلقت المتاجر حول بيوتنا، وتوقف الباعة، وتوقف حرس المتوكل من ممر الثكنات إلى بيتنا من كثرة الناس، فرفض الإمام أحمد أن يدخل عليه إلا الصبيان والمساكين، فأدخلوا الأطفال عليه، فأخذ يبكي ويقبلهم، ويمسح على رءوسهم، ويدعو لهم، ثم أدخل عليه الفقراء فأخذ ينظر إليهم، ويقول: اصبروا فإنها أيامٌ قلائل، لباس دون لباس، وطعامٌ دون طعام، حتى نلقى الله.

وفي سكرات الموت كان يقول :
لا! بعدُ، لا! بعدُ، لا! بعدُ
فقالوا: مالك؟! قال: تصور لي الشيطان، ورأيته يعض على إصبعه، ويقول: فتني يا أحمد ، فتني يا أحمد ! أي: هربت مني، فقد فتنت الناس إلا أنت،
فيقول الإمام أحمد : لا! بعدُ،
أي: انتظر إني أخاف على نفسي. ( سبحان الله !)

فقبضه الله عز وجل، واستودع أبناءه، وأوصاهم بوصية إبراهيم عليه السلام لأبنائه؛ ألا يشركوا بالله شيئاً، وأن يقيموا فرائض الإسلام، وأن يتخلقوا بالخلق الحسن.

أتدرون ماذا كان آخر كلماته؟!

قال:
اللهم اعف عمن ظلمني، اللهم اعف عمن شتمني، اللهم سامح من ضربني، اللهم سامح من سجنني إلا صاحب بدعة يكيد بها دينك فلا تسامحه..


رحم الله الإمام أحمد و جزاه عنا كل خير

يتبع.. ان شاء الله

هنا الحقيقه
03-09-2008, 06:21 AM
إلا صاحب بدعة يكيد بها دينك فلا تسامحه..


نعم الامام كان
رحمه الله تعالى

مقاوم
03-09-2008, 07:36 AM
رحمه الله رحمة واسعة.
فهل عرفتم الآن لماذا يسمى إمام أهل السنة؟

عبد الله بوراي
03-09-2008, 09:03 AM
رحم الله شيخنا و امامنا بادنه تعالى و جزاه عنا كل خير

أبو مُحمد
03-09-2008, 01:43 PM
نسأل الله من فضله .

اللهم اعف عمن ظلمني، اللهم اعف عمن شتمني، اللهم سامح من ضربني، اللهم سامح من سجنني إلا صاحب بدعة يكيد بها دينك فلا تسامحه..

وهذا هو الاسلام ترفع عن الاذى "الشخصي" ولكن صبر وجلد وقسوة على من اعتدى على الدين وأصر على البدع .

ائمة الاسلام كلهم هكذا ... جزاهم الله عنا خيرا.
وأدعوا بدعاء الامام رحمه الله رحمة واسعة ولا حرمنا أجره :
اللهم اعف عمن ظلمني، اللهم اعف عمن شتمني، اللهم سامح من ضربني، اللهم سامح من سجنني إلا صاحب بدعة يكيد بها دينك فلا تسامحه ..

أم ورقة
03-09-2008, 04:34 PM
.......شيَّعه -كما يقول أهل العلم- مليون وثلاثمائة ألف، وستون ألف امرأة؛ كما أثبت ذلك أصحاب التواريخ، وتوقف اليهود والنصارى من بيعهم ذاك اليوم، وهبت رياح على بغداد حتى قال بعض الجهلة: قامت القيامة وخرج الجيش وقوامه تسعون ألف في مقدمة الناس يرتبون الصفوف، وتراددت بغداد بالبكاء من أولها إلى آخرها، ووصلت جنازته، حتى قال بعض أهل التاريخ: كانت تذهب الجنازة على رءوس الناس تحمل بالأصابع، وتعود إلى المؤخرة وتذهب وتأتي.

فلما وضعت ارتفع البكاء، وقام الناس يصلون عليها: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي [الفجر:27-29].

قال ابن كثير : رآه كثير من الصالحين تلك الليلة، قالوا: ما فعل الله بك؟ -بعد أن توفي- قال: ناداني فقال: يا أبا عبد الله ، إلحق بـأبي عبد الله وبـأبي عبد الله وبـأبي عبد الله قلت: من هم؟ قال: بـالشافعي وسفيان الثوري والإمام مالك ؛ كلهم أبو عبد الله أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ [الأحقاف:16].

أم ورقة
03-09-2008, 04:39 PM
المراجع و المصادر التي اعتمدت عليها :
http://www.islamdoor.com/kotab7/emam.htm

http://www.denana.com/articles.php?ID=1587

عبد الله بوراي
03-09-2008, 05:29 PM
.......شيَّعه -كما يقول أهل العلم- مليون وثلاثمائة ألف، وستون ألف امرأة؛ كما أثبت ذلك أصحاب التواريخ، وتوقف اليهود والنصارى من بيعهم ذاك اليوم، وهبت رياح على بغداد حتى قال بعض الجهلة: قامت القيامة وخرج الجيش وقوامه تسعون ألف في مقدمة الناس يرتبون الصفوف، وتراددت بغداد بالبكاء من أولها إلى آخرها، ووصلت جنازته، حتى قال بعض أهل التاريخ: كانت تذهب الجنازة على رءوس الناس تحمل بالأصابع، وتعود إلى المؤخرة وتذهب وتأتي.

فلما وضعت ارتفع البكاء، وقام الناس يصلون عليها: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي [الفجر:27-29].

قال ابن كثير : رآه كثير من الصالحين تلك الليلة، قالوا: ما فعل الله بك؟ -بعد أن توفي- قال: ناداني فقال: يا أبا عبد الله ، إلحق بـأبي عبد الله وبـأبي عبد الله وبـأبي عبد الله قلت: من هم؟ قال: بـالشافعي وسفيان الثوري والإمام مالك ؛ كلهم أبو عبد الله أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ [الأحقاف:16].

رحمة الله عليه


قال إمام أهل السنة أبو عبد الله الإمام أحمد بن حنبل : قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم يوم الجنائز .

أبو مُحمد
03-09-2008, 05:48 PM
رحمه الله تعالى رحمة واسعة ولا حرمنا أجره.

مقاوم
07-08-2008, 09:02 AM
الإمام سفيان الثورى

هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثورى , ولد سنة خمس (أو سبع) و تسعين من الهجرة (http://vb.arabseyes.com/redirector.php?url=%68%74%74%70%3a% 2f%2f%77%77%77%2e%6d%75%73%6c%69%6d %65%64%69%61%2e%6e%65%74%2f%69%6e%6 4%65%78%2e%70%68%70%3f%74%69%74%6c% 65%3d%25%44%38%25%41%37%25%44%39%25 %38%34%25%44%39%25%38%37%25%44%38%2 5%41%43%25%44%38%25%42%31%25%44%38% 25%41%39%26%61%6d%70%3b%61%63%74%69 %6f%6e%3d%65%64%69%74&titlet=) ب الكوفة (http://vb.arabseyes.com/redirector.php?url=%68%74%74%70%3a% 2f%2f%77%77%77%2e%6d%75%73%6c%69%6d %65%64%69%61%2e%6e%65%74%2f%69%6e%6 4%65%78%2e%70%68%70%3f%74%69%74%6c% 65%3d%25%44%38%25%41%37%25%44%39%25 %38%34%25%44%39%25%38%33%25%44%39%2 5%38%38%25%44%39%25%38%31%25%44%38% 25%41%39&titlet=) و توفى ب البصرة (http://vb.arabseyes.com/redirector.php?url=%68%74%74%70%3a% 2f%2f%77%77%77%2e%6d%75%73%6c%69%6d %65%64%69%61%2e%6e%65%74%2f%69%6e%6 4%65%78%2e%70%68%70%3f%74%69%74%6c% 65%3d%25%44%38%25%41%37%25%44%39%25 %38%34%25%44%38%25%41%38%25%44%38%2 5%42%35%25%44%38%25%42%31%25%44%38% 25%41%39%26%61%6d%70%3b%61%63%74%69 %6f%6e%3d%65%64%69%74&titlet=) سنة احدى و ستين و مائة.

حياته :
كان أبوه من مشاهير المحدثين, فاتجه تلقائيا لدراسة الحديث و طلبه, و عن ذلك يقول: "طلبت العلم فلم تكن لى نية, ثم رزقنى الله بالنية",و شجعته والدته على هذا الاتجاه, فعن وكيع (http://vb.arabseyes.com/redirector.php?url=%68%74%74%70%3a% 2f%2f%77%77%77%2e%6d%75%73%6c%69%6d %65%64%69%61%2e%6e%65%74%2f%69%6e%6 4%65%78%2e%70%68%70%3f%74%69%74%6c% 65%3d%25%44%39%25%38%38%25%44%39%25 %38%33%25%44%39%25%38%41%25%44%38%2 5%42%39%26%61%6d%70%3b%61%63%74%69% 6f%6e%3d%65%64%69%74&titlet=) أن والدة سفيان قالت له: "يابنى اطلب العلم و أنا أعولك بمغزلى, و إذا كتبت عشرة أحرف , فانظر هل ترى فى نفسك زيادة فى الخير, فإن لم تر ذلك فلا تتعبن نفسك". و عن يحيى بن يمان (http://vb.arabseyes.com/redirector.php?url=%68%74%74%70%3a% 2f%2f%77%77%77%2e%6d%75%73%6c%69%6d %65%64%69%61%2e%6e%65%74%2f%69%6e%6 4%65%78%2e%70%68%70%3f%74%69%74%6c% 65%3d%25%44%39%25%38%41%25%44%38%25 %41%44%25%44%39%25%38%41%25%44%39%2 5%38%39%5f%25%44%38%25%41%38%25%44% 39%25%38%36%5f%25%44%39%25%38%41%25 %44%39%25%38%35%25%44%38%25%41%37%2 5%44%39%25%38%36%26%61%6d%70%3b%61% 63%74%69%6f%6e%3d%65%64%69%74&titlet=) قال سفيان:"لما هممت بطلب الحديث و رأيت العلم يدرس, قلت : أى يارب, أنه لابد لى من معيشة, فاكفنى أمر الرزق, وفرغنى لطلبه, فتشاغلت بالطلب فلم أر الا خيرا". و اشتغل بالتجارة و سافر متاجرا , و كان يرى بذلك ليكفى العابد نفسه الاحتياج الى سؤال الناس.وفى ذلك يروى عبد الرازق (http://vb.arabseyes.com/redirector.php?url=%68%74%74%70%3a% 2f%2f%77%77%77%2e%6d%75%73%6c%69%6d %65%64%69%61%2e%6e%65%74%2f%69%6e%6 4%65%78%2e%70%68%70%3f%74%69%74%6c% 65%3d%25%44%38%25%42%39%25%44%38%25 %41%38%25%44%38%25%41%46%5f%25%44%3 8%25%41%37%25%44%39%25%38%34%25%44% 38%25%42%31%25%44%38%25%41%37%25%44 %38%25%42%32%25%44%39%25%38%32%26%6 1%6d%70%3b%61%63%74%69%6f%6e%3d%65% 64%69%74&titlet=) , أن سفيان سافر الى اليمن متاجرا, فلما حضر من اليمن ذهب اليه ابن عيينه (http://vb.arabseyes.com/redirector.php?url=%68%74%74%70%3a% 2f%2f%77%77%77%2e%6d%75%73%6c%69%6d %65%64%69%61%2e%6e%65%74%2f%69%6e%6 4%65%78%2e%70%68%70%3f%74%69%74%6c% 65%3d%25%44%38%25%41%37%25%44%38%25 %41%38%25%44%39%25%38%36%5f%25%44%3 8%25%42%39%25%44%39%25%38%41%25%44% 39%25%38%41%25%44%39%25%38%36%25%44 %39%25%38%37%26%61%6d%70%3b%61%63%7 4%69%6f%6e%3d%65%64%69%74&titlet=), فسلم عليه ورد وهو متكئ على عصاه, فقال ابن عيينه: يا أبا عبد الله, عاب عليك الناس خروجك الى اليمن , فقال:عابوا غير معيب, طلب الحلال شديد, وخرجت أريده. و لم تكن تجارته فى الغالب تدر الربح الضخم, بل كانت تكفيه مؤونة الوقوف بأعتاب الملوك و سؤال الناس, و يروى عبد الله بن محمد الباهلى (http://vb.arabseyes.com/redirector.php?url=%68%74%74%70%3a% 2f%2f%77%77%77%2e%6d%75%73%6c%69%6d %65%64%69%61%2e%6e%65%74%2f%69%6e%6 4%65%78%2e%70%68%70%3f%74%69%74%6c% 65%3d%25%44%38%25%42%39%25%44%38%25 %41%38%25%44%38%25%41%46%5f%25%44%3 8%25%41%37%25%44%39%25%38%34%25%44% 39%25%38%34%25%44%39%25%38%37%5f%25 %44%38%25%41%38%25%44%39%25%38%36%5 f%25%44%39%25%38%35%25%44%38%25%41% 44%25%44%39%25%38%35%25%44%38%25%41 %46%5f%25%44%38%25%41%37%25%44%39%2 5%38%34%25%44%38%25%41%38%25%44%38% 25%41%37%25%44%39%25%38%37%25%44%39 %25%38%34%25%44%39%25%38%39%26%61%6 d%70%3b%61%63%74%69%6f%6e%3d%65%64% 69%74&titlet=): جاء رجل الى الثورى فقال : يا أبا عبد الله تمسك هذه الدنانير؟ و كان فى يد سفيان خمسين دينارا. فقال سفيان: اسكت , لولا هذه الدنانير لتمندل (جعلونا كالمناديل فى أياديهم) بنا هؤلاء الملوك. و عن أبو نعيم (http://vb.arabseyes.com/redirector.php?url=%68%74%74%70%3a% 2f%2f%77%77%77%2e%6d%75%73%6c%69%6d %65%64%69%61%2e%6e%65%74%2f%69%6e%6 4%65%78%2e%70%68%70%3f%74%69%74%6c% 65%3d%25%44%38%25%41%33%25%44%38%25 %41%38%25%44%39%25%38%38%5f%25%44%3 9%25%38%36%25%44%38%25%42%39%25%44% 39%25%38%41%25%44%39%25%38%35%26%61 %6d%70%3b%61%63%74%69%6f%6e%3d%65%6 4%69%74&titlet=) , قال سفيان: لولا بضاعتنا , لتلاعب بنا هؤلاء.

صدامه مع المنصور :
كان سفيان الثورى يتجنب العمل مع الخلفاء و الولاة, و كثيرا ما دعاه الخليفة أبو جعفر المنصور (http://vb.arabseyes.com/redirector.php?url=%68%74%74%70%3a% 2f%2f%77%77%77%2e%6d%75%73%6c%69%6d %65%64%69%61%2e%6e%65%74%2f%69%6e%6 4%65%78%2e%70%68%70%3f%74%69%74%6c% 65%3d%25%44%38%25%41%33%25%44%38%25 %41%38%25%44%39%25%38%38%5f%25%44%3 8%25%41%43%25%44%38%25%42%39%25%44% 39%25%38%31%25%44%38%25%42%31%5f%25 %44%38%25%41%37%25%44%39%25%38%34%2 5%44%39%25%38%35%25%44%39%25%38%36% 25%44%38%25%42%35%25%44%39%25%38%38 %25%44%38%25%42%31%26%61%6d%70%3b%6 1%63%74%69%6f%6e%3d%65%64%69%74&titlet=) فكان يرفض, و يقول فى ذلك:"مايريد منى أبو جعفر ؟ فوالله لئن قمت بين يديه لأقولن له: قم من مقامك فغيرك أولى به منك". و يلتقي سفيان بابى جعفر فى منى, فيقول له سفيان:"اتق الله ,فإنما أنزلت هذه المنزلة , و صرت فى هذا الموضع بسيوف المهاجرين و الأنصار و أبناؤهم يموتون جوعا.حج عمر بن الخطاب (http://vb.arabseyes.com/redirector.php?url=%68%74%74%70%3a% 2f%2f%77%77%77%2e%6d%75%73%6c%69%6d %65%64%69%61%2e%6e%65%74%2f%69%6e%6 4%65%78%2e%70%68%70%3f%74%69%74%6c% 65%3d%25%44%38%25%42%39%25%44%39%25 %38%35%25%44%38%25%42%31%5f%25%44%3 8%25%41%38%25%44%39%25%38%36%5f%25% 44%38%25%41%37%25%44%39%25%38%34%25 %44%38%25%41%45%25%44%38%25%42%37%2 5%44%38%25%41%37%25%44%38%25%41%38&titlet=) فما أنفق الا خمسة عشر دينارا, وكان ينزل تحت الشجر.فيقول له المنصور:أتريد أن أكون مثلك؟فيقول له سفيان:لاتكن مثلى, ولكن كن دون ما أنت فيه, وفوق ما أنا فيه.فيقول له المنصور:أخرج. و يحكى عبد الرازق:أخذ أبو جعفر بتلباب الثورى و حول وجهه الى الكعبة فقال: برب هذه البنية أى رجل رأيتنى؟قال: برب هذه البنية , بئس الرجل رأيتك. و بسبب هذا الجفاء المتواصل, و شدة الثورى على أبا حعفر, يأمر أبا جعفر بصلب سفيان الثورى, و لكن يموت المنصور قبل تنفيذ هذا الأمر.

صدامه مع المهدى :
و يحاول المهدى مع سفيان فيما فشل فيه المنصور, فلا يستطيع, فعن يحيى بن يمان (http://vb.arabseyes.com/redirector.php?url=%68%74%74%70%3a% 2f%2f%77%77%77%2e%6d%75%73%6c%69%6d %65%64%69%61%2e%6e%65%74%2f%69%6e%6 4%65%78%2e%70%68%70%3f%74%69%74%6c% 65%3d%25%44%39%25%38%41%25%44%38%25 %41%44%25%44%39%25%38%41%25%44%39%2 5%38%39%5f%25%44%38%25%41%38%25%44% 39%25%38%36%5f%25%44%39%25%38%41%25 %44%39%25%38%35%25%44%38%25%41%37%2 5%44%39%25%38%36%26%61%6d%70%3b%61% 63%74%69%6f%6e%3d%65%64%69%74&titlet=) يقول: سمعت أبى يقول,سمعت سفيان الثورى يقول:قال لى المهدى (http://vb.arabseyes.com/redirector.php?url=%68%74%74%70%3a% 2f%2f%77%77%77%2e%6d%75%73%6c%69%6d %65%64%69%61%2e%6e%65%74%2f%69%6e%6 4%65%78%2e%70%68%70%3f%74%69%74%6c% 65%3d%25%44%38%25%41%37%25%44%39%25 %38%34%25%44%39%25%38%35%25%44%39%2 5%38%37%25%44%38%25%41%46%25%44%39% 25%38%39%26%61%6d%70%3b%61%63%74%69 %6f%6e%3d%65%64%69%74&titlet=):أبا عبد الله , اصحبنى حتى أسير فيكم سيرة العمرين, قال:قلت:أما وهؤلاء جلساؤك فلا,قال:فإنك تكتب الينا حوائجك فنقضيها, قال سفيان:و الله ما كتبت اليك كتابا قط. قال:وقال لى سفيان:إن اقتصرت على خبزك و بقلك , لم يستعبدك هؤلاء.

شيوخه:

يقال أن عدد شيوخه600 شيخ وكبارهم الذين حدثوه عن أبي هريرة وجريربن عبدالله وابن عباس وامثالهم
أما الرواة يقال انهم اكثر من 20000 الف

مصنفاته :
كتاب الجامع


من أقواله :

سلونى عن المناسك و القرآن فإنى بهما عالم.
عليك بعمل الأبطال: الكسب من الحلال , و الانفاق على العيال.
لما سأل عن الحلال ماهو ؟ قال: تجارة برة, أو عطاء من إمام عادل, أو صلة من أخ مؤمن,أو ميراث لم يخالطه شئ.
لأن أخلف عشرة ألاف درهم (http://vb.arabseyes.com/redirector.php?url=%68%74%74%70%3a% 2f%2f%77%77%77%2e%6d%75%73%6c%69%6d %65%64%69%61%2e%6e%65%74%2f%69%6e%6 4%65%78%2e%70%68%70%3f%74%69%74%6c% 65%3d%25%44%38%25%41%46%25%44%38%25 %42%31%25%44%39%25%38%37%25%44%39%2 5%38%35%26%61%6d%70%3b%61%63%74%69% 6f%6e%3d%65%64%69%74&titlet=) أحاسب عليها, أحب الى من أن أحتاج الى الناس.
اذا أردت أن تتعبد, فاحرز الحنطة(أى اكف نفسك من كسب يدك).
اذا كان فى البيت بر فتعبد, و إذا لم يكن فالتمس.
يا عباد , ارفعوا رؤوسكم: فقد وضح الطريق, ولا تكونوا عالة على الناس.
اذا فسد العلماء , فمن بقى فى الدنيا يصلحهم.
يا معشر العلماء يا ملح البلد من يصلح الملح إذا الملح فسد؟.
قالوا عنه :

"و منهم الامام المرضى , و الورع الدرى, أبو عبد الله سفيان بن سعيد الثورى, رضى الله تعالى عنه, كانت له النكت الرائقة, و النتف الفائقة, مسلم له فى الامامة, مثبت به الرعاية, العلم حليفه, و الزهد أليفه" أبو نعيم (http://vb.arabseyes.com/redirector.php?url=%68%74%74%70%3a% 2f%2f%77%77%77%2e%6d%75%73%6c%69%6d %65%64%69%61%2e%6e%65%74%2f%69%6e%6 4%65%78%2e%70%68%70%3f%74%69%74%6c% 65%3d%25%44%38%25%41%33%25%44%38%25 %41%38%25%44%39%25%38%38%5f%25%44%3 9%25%38%36%25%44%38%25%42%39%25%44% 39%25%38%41%25%44%39%25%38%35%26%61 %6d%70%3b%61%63%74%69%6f%6e%3d%65%6 4%69%74&titlet=).
"إنى لأرى الرجل يصحب سفيان فيعظم" أبو بكر بن عياش (http://vb.arabseyes.com/redirector.php?url=%68%74%74%70%3a% 2f%2f%77%77%77%2e%6d%75%73%6c%69%6d %65%64%69%61%2e%6e%65%74%2f%69%6e%6 4%65%78%2e%70%68%70%3f%74%69%74%6c% 65%3d%25%44%38%25%41%33%25%44%38%25 %41%38%25%44%39%25%38%38%5f%25%44%3 8%25%41%38%25%44%39%25%38%33%25%44% 38%25%42%31%5f%25%44%38%25%41%38%25 %44%39%25%38%36%5f%25%44%38%25%42%3 9%25%44%39%25%38%41%25%44%38%25%41% 37%25%44%38%25%42%34%26%61%6d%70%3b %61%63%74%69%6f%6e%3d%65%64%69%74&titlet=).
"سمعت أبى يقول: كان يحيى بن سعيد (http://vb.arabseyes.com/redirector.php?url=%68%74%74%70%3a% 2f%2f%77%77%77%2e%6d%75%73%6c%69%6d %65%64%69%61%2e%6e%65%74%2f%69%6e%6 4%65%78%2e%70%68%70%3f%74%69%74%6c% 65%3d%25%44%39%25%38%41%25%44%38%25 %41%44%25%44%39%25%38%41%25%44%39%2 5%38%39%5f%25%44%38%25%41%38%25%44% 39%25%38%36%5f%25%44%38%25%42%33%25 %44%38%25%42%39%25%44%39%25%38%41%2 5%44%38%25%41%46%26%61%6d%70%3b%61% 63%74%69%6f%6e%3d%65%64%69%74&titlet=) , لايعدل بسفيان الثورى أحدا" عبد الله بن أحمد بن حنبل (http://vb.arabseyes.com/redirector.php?url=%68%74%74%70%3a% 2f%2f%77%77%77%2e%6d%75%73%6c%69%6d %65%64%69%61%2e%6e%65%74%2f%69%6e%6 4%65%78%2e%70%68%70%3f%74%69%74%6c% 65%3d%25%44%38%25%42%39%25%44%38%25 %41%38%25%44%38%25%41%46%5f%25%44%3 8%25%41%37%25%44%39%25%38%34%25%44% 39%25%38%34%25%44%39%25%38%37%5f%25 %44%38%25%41%38%25%44%39%25%38%36%5 f%25%44%38%25%41%33%25%44%38%25%41% 44%25%44%39%25%38%35%25%44%38%25%41 %46%5f%25%44%38%25%41%38%25%44%39%2 5%38%36%5f%25%44%38%25%41%44%25%44% 39%25%38%36%25%44%38%25%41%38%25%44 %39%25%38%34%26%61%6d%70%3b%61%63%7 4%69%6f%6e%3d%65%64%69%74&titlet=).
"مارأيت أحدا أفضل من سفيان, و لا أرى سفيان مثل نفسه" سفيان بن عيينه (http://vb.arabseyes.com/redirector.php?url=%68%74%74%70%3a% 2f%2f%77%77%77%2e%6d%75%73%6c%69%6d %65%64%69%61%2e%6e%65%74%2f%69%6e%6 4%65%78%2e%70%68%70%3f%74%69%74%6c% 65%3d%25%44%38%25%42%33%25%44%39%25 %38%31%25%44%39%25%38%41%25%44%38%2 5%41%37%25%44%39%25%38%36%5f%25%44% 38%25%41%38%25%44%39%25%38%36%5f%25 %44%38%25%42%39%25%44%39%25%38%41%2 5%44%39%25%38%41%25%44%39%25%38%36% 25%44%39%25%38%37%26%61%6d%70%3b%61 %63%74%69%6f%6e%3d%65%64%69%74&titlet=).
سأل إبراهيم بن محمد الشافعى (http://vb.arabseyes.com/redirector.php?url=%68%74%74%70%3a% 2f%2f%77%77%77%2e%6d%75%73%6c%69%6d %65%64%69%61%2e%6e%65%74%2f%69%6e%6 4%65%78%2e%70%68%70%3f%74%69%74%6c% 65%3d%25%44%38%25%41%35%25%44%38%25 %41%38%25%44%38%25%42%31%25%44%38%2 5%41%37%25%44%39%25%38%37%25%44%39% 25%38%41%25%44%39%25%38%35%5f%25%44 %38%25%41%38%25%44%39%25%38%36%5f%2 5%44%39%25%38%35%25%44%38%25%41%44% 25%44%39%25%38%35%25%44%38%25%41%46 %5f%25%44%38%25%41%37%25%44%39%25%3 8%34%25%44%38%25%42%34%25%44%38%25% 41%37%25%44%39%25%38%31%25%44%38%25 %42%39%25%44%39%25%38%39%26%61%6d%7 0%3b%61%63%74%69%6f%6e%3d%65%64%69% 74&titlet=)عبد الله بن المبارك (http://vb.arabseyes.com/redirector.php?url=%68%74%74%70%3a% 2f%2f%77%77%77%2e%6d%75%73%6c%69%6d %65%64%69%61%2e%6e%65%74%2f%69%6e%6 4%65%78%2e%70%68%70%3f%74%69%74%6c% 65%3d%25%44%38%25%42%39%25%44%38%25 %41%38%25%44%38%25%41%46%5f%25%44%3 8%25%41%37%25%44%39%25%38%34%25%44% 39%25%38%34%25%44%39%25%38%37%5f%25 %44%38%25%41%38%25%44%39%25%38%36%5 f%25%44%38%25%41%37%25%44%39%25%38% 34%25%44%39%25%38%35%25%44%38%25%41 %38%25%44%38%25%41%37%25%44%38%25%4 2%31%25%44%39%25%38%33%26%61%6d%70% 3b%61%63%74%69%6f%6e%3d%65%64%69%74&titlet=) : هل رأيت مثل سفيان الثورى؟ فيقول ابن المبارك: و هل رأى سفيان الثورى مثل نفسه؟.
"لولا الثورى لمات الورع ولولا أحمد لأحدثوا فى الدين" قتيبة (http://vb.arabseyes.com/redirector.php?url=%68%74%74%70%3a% 2f%2f%77%77%77%2e%6d%75%73%6c%69%6d %65%64%69%61%2e%6e%65%74%2f%69%6e%6 4%65%78%2e%70%68%70%3f%74%69%74%6c% 65%3d%25%44%39%25%38%32%25%44%38%25 %41%41%25%44%39%25%38%41%25%44%38%2 5%41%38%25%44%38%25%41%39%26%61%6d% 70%3b%61%63%74%69%6f%6e%3d%65%64%69 %74&titlet=).
-------------------------------------------------------
قلت: كان رحمه الله شديدا في الحق عظيم الورع دفن كتبه قبل موته* مخافة الأخطاء التي قد يتناقلها طلبة العلم فيحمل وزرها ووزرهم. له قصة مشهورة مع الخليفة العباسي هارون الرشيد رحمه الله أوردها هنا للعبرة:



عن أبي عمران الجوني قال لما ولى هارون الرشيد الخلافة زاره العلماء فهنوه بما صار إليه من أمر الخلافة ففتح بيوت الأموال وأقبل يجيزهم بالجوائز السنية وكان قبل ذلك يجالس العلماء والزهاد وكان يظهر النسك والتقشف وكان مؤاخيا لسفيان بن سعيد بن المنذر الثوري قديما فهجره سفيان ولم يزره فاشتاق هارون إلى زيارته ليخلو به ويحدثه فلم يزره ولم يعبأ بموضعه ولا بما صار إليه.

اشتد ذلك على هارون فكتب إليه كتابا يقول فيه:

بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله هارون الرشيد أمير المؤمنين إلى أخيه سفيان بن سعيد بن المنذر أما بعد يا أخي قد علمت أن الله تبارك وتعالى آخى بين المؤمنين وجعل ذلك فيه وله واعلم أني قد واخيتك مواخاة لم أصرم بها حبلك ولم أقطع منها ودك وإني منطو لك على أفضل المحبة والإرادة ولولا هذه القلادة التي قلدنيها الله لأتيتك ولو حبوا لما أجد لك في قلبي من المحبة واعلم يا أبا عبد الله أنه ما بقي من إخواني وإخوانك أحد إلا وقد زارني وهنأني بما صرت إليه وقد فتحت بيوت الأموال وأعطيتهم من الجوائز السنية ما فرحت به نفسي وقرت به عيني وإني استبطأتك فلم تأتني وقد كتبت لك كتابا شوقا مني إليك شديدا وقد علمت يا أبا عبد الله ما جاء في فضل المؤمن وزيارته ومواصلته فإذا ورد عليك كتابي فالعجل العجل.

فلما كتب الكتاب التفت إلى من عنده فإذا كلهم يعرفون سفيان الثوري وخشونته فقال على برجل من الباب فأدخل عليه رجل يقال له عباد الطالقاني فقال يا عباد خذ كتابي هذا فانطلق به إلى الكوفة فإذا دخلتها فسل عن قبيلة بني ثور ثم سل عن سفيان الثوري فإذا رأيته فألق كتابي هذا إليه وع بسمعك وقلبك جميع ما يقول فأحص عليه دقيق أمره وجليله لتخبرني به.

فأخذ عباد الكتاب وانطلق به حتى ورد الكوفة فسأل عن القبيلة فأرشد إليها ثم سأل عن سفيان فقيل له هو في المسجد قال عباد فأقبلت إلى المسجد فلما رآني قام قائما وقال أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وأعوذ بك اللهم من طارق يطرق إلا بخير. قال عباد فوقعت الكلمة في قلبي فجرحت فلما رآني نزلت بباب المسجد قام يصلي ولم يكن وقت صلاة فربطت فرسي بباب المسجد ودخلت فإذا جلساؤه قعود قد نكسوا رءوسهم كأنهم لصوص قد ورد عليهم السلطان فهم خائفون من عقوبته، فسلمت فما رفع أحد إلى رأسه، وردوا السلام علي برؤوس الأصابع .

بقيت واقفا فما منهم أحد يعرض علي الجلوس وقد علاني من هيبتهم الرعدة ومددت عيني إليهم فقلت إن المصلي هو سفيان فرميت بالكتاب إليه فلما رأى الكتاب ارتعد وتباعد منه كأنه حية عرضت له في محرابه فركع وسجد وسلم وأدخل يده في كمه ولفها بعباءته وأخذه فقلبه بيده ثم رماه إلى من كان خلفه وقال يأخذه بعضكم يقرؤه فإني أستغفر الله أن أمس شيئا مسه ظالم بيده.

قال عباد فأخذه بعضهم فحله كأنه خائف من فم حية تنهشه ثم فضه وقرأه وأقبل سفيان يتبسم تبسم المتعجب فلما فرغ من قراءته قال اقلبوه واكتبوا إلى الظالم في ظهر كتابه فقيل له يا أبا عبد الله إنه خليفة فلو كتبت إليه في قرطاس نقي فقال اكتبوا إلى الظالم في ظهر كتابه فإن كان اكتسبه من حلال فسوف يجزى به وإن كان اكتسبه من حرام فسوف يصلي به ولا يبقى شيء مسه ظالم عندنا فيفسد علينا ديننا.

فقيل له ما نكتب فقال اكتبوا:

بسم الله الرحمن الرحيم

من العبد المذنب سفيان بن سعيد بن المنذر الثوري إلى العبد المغرور بالآمال هارون الرشيد الذي سُلب حلاوة الإيمان أما بعد فإني قد كتبت إليك أعرفك أني قد صرمت حبلك وقطعت ودك وقليت موضعك فإنك قد جعلتني شاهدا عليك بإقرارك على نفسك في كتابك بما هجمت به على بيت مال المسلمين فأنفقته في غير حقه وأنفذته في غير حكمه ثم لم ترض بما فعلته وأنت ناء عني حتى كتبت إلي تشهدني على نفسك أما إني قد شهدت عليك أنا وإخواني الذين شهدوا قراءة كتابك وسنؤدي الشهادة عليك غدا بين يدي الله تعالى، يا هارون هجمت على بيت مال المسلمين بغير رضاهم، هل رضي بفعلك المؤلفة قلوبهم والعاملون عليها في أرض الله تعالى والمجاهدون في سبيل الله وابن السبيل؟ أم رضي بذلك حملة القرآن وأهل العلم والأرامل والأيتام؟ أم هل رضى بذلك خلق من رعيتك فشد يا هارون مئزرك وأعد للمسألة جوابا وللبلاء جلبابا واعلم أنك ستقف بين يدي الحكم العدل فقد رزئت في نفسك إذ سلبت حلاوة العلم والزهد ولذيذ القرآن ومجالسة الأخيار ورضيت لنفسك أن تكون ظالما وللظالمين إماما.

يا هارون قعدت على السرير ولبست الحرير واسبلت سترا دون بابك وتشبهت بالحجبة برب العالمين ثم أقعدت أجنادك الظلمة دون بابك وسترك يظلمون الناس ولا ينصفون يشربون الخمور ويضربون من يشربها ويزنون ويحدون الزاني ويسرقون ويقطعون السارق أفلا كانت هذه الأحكام عليك وعليهم قبل أن تحكم بها على الناس فكيف بك يا هارون غدا إذا نادى المنادي من قبل الله تعالى احشرو الذين ظلموا وأزواجهم أي الظلمة وأعوان الظلمة فقدمت بين يدي الله تعالى ويداك مغلولتان إلى عنقك لا يفكهما إلا عدلك وإنصافك والظالمون حولك وأنت لهم سابق وإمام إلى النار كأني بك يا هارون وقد أخذت بضيق الخناق ووردت المساق وأنت ترى حسناتك في ميزان غيرك وسيئات غيرك في ميزانك زيادة عن سيئاتك.

بلاء على بلاء وظلمة فوق ظلمة فاحتفظ بوصيتي واتعظ بموعظتي التي وعظتك بها واعلم أني قد نصحتك وما أبقيت لك في النصح غاية فاتق الله يا هارون في رعيتك واحفظ محمدا صلى الله عليه وسلم في أمته وأحسن الخلافة عليهم وأعلم أن هذا الأمر لو بقي لغيرك لم يصل إليك وهو صائر إلى غيرك وكذا الدنيا تنتقل بأهلها واحد بعد واحد فمنهم من تزود زادا نفعه ومنهم من خسر دنياه وآخرته وإني أحسبك يا هارون ممن خسر دنياه وآخرته فإياك إياك أن تكتب لي كتابا بعد هذا فلا أجيبك عنه والسلام.

قال عباد فألقى إلي الكتاب منشورا غير مطوي ولا مختوم فأخذته وأقبلت إلى سوق الكوفة وقد وقعت الموعظة من قلبي فناديت يا أهل الكوفة فأجابوني فقلت لهم يا قوم من يشتري رجلا هرب من الله إلى الله فأقبلوا إلي بالدنانير والدراهم فقلت لا حاجة لي في المال ولكن جبة صوف خشنة وعباءة قطوانية قال فأتيت بذلك ونزعت ما كان على من اللباس الذي كنت ألبسه مع أمير المؤمنين وأقبلت أقود البرذون وعليه السلاح الذي كنت أحمله حتى أتيت باب أمير المؤمنين هارون حافيا راجلا، فهزأ بي من كان على باب الخليفة ثم استؤذن لي فلما دخلت عليه وبصر بي على تلك الحالة قام وقعد ثم قام قائما وجعل يلطم رأسه ووجهه ويدعو بالويل والحزن ويقول انتفع الرسول وخاب المرسل مالي وللدنيا ولملك يزول عني سريعا. ثم ألقيت الكتاب إليه منشورا كما دفع إلي فأقبل هرون يقرؤه ودموعه تنحدر من عينيه ويقرأ ويشهق.

فقال بعض جلسائه يا أمير المؤمنين لقد اجترأ عليك سفيان فلو وجهت إليه فأثقلته بالحديد وضيقت عليه السجن وكنت تجعله عبرة لغيره فقال هرون اتركونا يا عبيد الدنيا المغرور من غررتموه والشقي من أهلكتموه وإن سفيان أمة وحده فاتركوا سفيان وشأنه ثم لم يزل كتاب سفيان إلى جنب هرون يقرؤه عند كل صلاة حتى توفي رحمه الله.

--------------------------------------------------
*ذكرها الإمام إبن الجوزي في "صيد الخاطر"

طرابلسي
07-08-2008, 08:56 PM
ورفع الله قدرك اخي
فهذا مطلب اخونا أبو حنيفة حفظه الله تعالى
ولنا عودة لقراءة كاملة لكل الروابط التي تكلمت عن اعلامنا الفضلاء
ليتكم وضعتموهم في رابط واحد ليسهل تناولهم دفعة واحدة

مقاوم
07-09-2008, 06:24 AM
ليتكم وضعتموهم في رابط واحد ليسهل تناولهم دفعة واحدة
سيتم دمجها بعون الله تعالى بعد الفراغ من السلسلة ليعطى كل علم حقه. وقد يكون الدمج على دفعات بحسب الحقب الزمنية التي جمعت بعض هؤلاء الأعلام أو على تواليها (أي الحقب).

Abuhanifah
07-10-2008, 10:40 AM
جزاك الله خيرا استاذي مقاوم على جهدك الطيب...
لله درهم من علماء لا يخافون في الله لومة لائم

مقاوم
07-10-2008, 11:05 AM
وإياكم أيها الفاضل. فقد بلغني الأخ الحبيب طرابلسي بطلبك ويسرني تلبيته.

مقاوم
08-08-2008, 06:27 AM
الإمام عبد الله بن المبارك

- ابن واضح ، الإمام ، شيخ الإسلام، عالم زمانه و أمير الأتقياء في وقته ، أبو عبد الرحمن الحنظلي مولاهم التركي ثم المروزي، الحافظ الغازي ، أحد الأعلام.

- مولده في سنة ثمان عشرة ومئة .

- قال نعيم بن حماد : كان ابن المبارك يُكثر الجلوس في بيته ، فقيل له : ألا تستوحش ؟ فقال : كيف استوحش و أنا مع النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه ؟

- قال أشعث بن شعبة المصِّيصي : قدم الرشيد الرقة ، فانجفل الناس خلفَ ابن المبارك ، وتقطعت النعال و ارتفعت الغبرة ، فأشرفت أم ولد لأمير المؤمنين من برج من قصر الخشب ، فقالت : ماهذا ؟ قالوا : عالم من أهل خراسان قدم ، قالت : هذا والله المُلكُ ، لا ملكُ هارون الذي لا يجمع الناس إلا بشُرط و أعوان .

- قال محمد بن علي بن الحسن بن شقيق : سمعت أبي قال : كان ابن المبارك إذا كان وقت الحج اجتمع إليه إخوانه من أهل مرو ، وفيقولون : نصحبك ، فيقول : هاتوا نفقاتكم ، فيأخذ نفقاتهم فيجعلها في صندوق ويُقفل عليها ، ثم يكتري له ويخرجهم من مرو إلى بغداد ، فلا يزال يُنفق عليهم ويطعمهم أطيب الطعام و أطيب الحلوى ، ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زي و أكمل مُروءة ، حتى يصلوا إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقول لكل واحد : ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طُرفها ؟ فيقول : كذا وكذا فيشتري لهم ، ثم يخرجهم إلى مكة فإذا قضوا حجهم قال لكل واحد منهم : ما أمرك عيالُك أن تشتري لهم من متاع مكة ؟ فيقول : كذا وكذا ، فيشتري لهم ، ثم يُخرجهم من مكة، فلا يزال يُنفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو ، فيجصص بيوتهم و أبوابهم ، فإذا كان بعد ثلاثة أيام عمل لهم وليمة و كساهم، فإذا أكلوا وسرّوا دعا بالصندوق ، ففتحه ودفع إلى كل رجل منهم صُرته عليها اسمه .

- قال سفيان الثوري : إني لأشتهي من عمري كله أن أكون سنة مثل ابن المبارك ، فما أقدر أن أكون ولا ثلاثة أيام .

- قال ابن عُيينة : نظرت في أمر الصحابة ، و أمر عبدالله ، فما رأيت لهم عليه فضلاً إلا بصحبتهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وغزوهم معه.

- قال القاسم بن محمد بن عباد : سمعت سُويد بن سعيد يقول : رأيت ابن المبارك بمكة أتى زمزم فاستقى شربة ، ثم استقبل القبلة ، فقال : اللهم إن ابن أبي الموال حدثنا عن محمد بن المُنكدر عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((ماء زمزم لما شُرب له ))وهذا أشربه لعطش القيامة ، ثم شربه .

- قال نعيم بن حماد : كان ابن المبارك إذا قرأ كتاب الرقاق يصير كأنه ثور منحور أو بقرة منحورة من البكاء، لا يجترئ أحد منا أن يسأله عن شيء إلا دفعه .

- قال أبو حاتم الرازي : حدثنا عبدة بن سليمان المروزي قال : كنا سرية مع ابن المبارك في بلاد الروم ، فصادفنا العدو ، فلما التقى الصفان ، خرج رجل من العدو فدعا إلى البراز ، فخرج إليه رجل فقتله ، ثم آخر فقتله ، ثم دعا إلى البراز ، فخرج إليه رجل ، فطارده ساعة فطعنه فقتله فازدحم إليه الناس ، فنظرت فإذا هو عبد الله بن المبارك و إذا هو يكتم وجهه بكمه ، فأخذت بطرف كمه فمددته فإذا هو هو . فقال : و أنت يا أبا عمرو ممن يُشنع علينا .

- وقال أبو حسان عيسى بن عبد الله البصري : سمعت الحسن بن عرفة يقول : قال لي ابن المبارك : استعرت قلماً بأرض الشام ، فذهبت على أن أرده فلما قدمت مرو نظرت فإذا هو معي ، فرجعت إلى الشام حتى رددته على صاحبه .

- قال أسود بن سالم : كان ابن المبارك إماماً يُقتدى به ، كان من أثبت الناس في السنة،إذا رأيت رجلاً يغمز ابن المبارك فاتهمه على الإسلام .

اجتمع جماعة فقالوا : تعالوا نعد خصال ابن المبارك من أبواب الخير ، فقالوا : العلم ، والفقه ، والأدب ، والنحو ، و اللغة ، و الزهد ، و الفصاحة ، و الشعر ، و قيام الليل ، و العبادة ، و الحج ، و الغزو ، و الشجاعة ، و الفروسية ، و القوة ، و ترك الكلام فيما لا يعنيه ، والإنصاف ، وقلة الخلاف على أصحابه .

- قال حبيب الجلاب : سألت ابن المبارك ، ماخير ما أعطي الإنسان ؟ قال : غريزة عقل ، قلت : فإن لم يكن ؟قال : حسن أدب ، قلت : فإن لم يكن؟ قال : أخٌ شفيق يستشيره، قلت : فإن لم يكن ؟ قال : صمت طويل ، قلت : فإن لم يكن ؟ قال : موت عاجل .

- عن عبد الله قال :إذا غلبت محاسن الرجل على مساوئة لم تذكر المساوئ ، و إذا غلبت المساوئ على المحاسن لم تذكر المحاسن .

- قيل لابن المبارك : إذا أنت صليت لم لا تجلس معنا ؟ قال : أجلس مع الصحابة و التابعين ، أنظر في كتبهم و آثارهم فما أصنع معكم ؟ أنتم تغتابون الناس .

- وجاء أن ابن المبارك سُئل : من الناس ؟ فقال : العلماء ، قيل : فمن الملوك ؟ قال : الزهاد، قيل : فمن الغوغاء ؟ قال : خزيمة و أصحابة ( يعني من أمراء الظلمة )، قيل : فمن السفلة ؟ قال : الذين يعيشون بدينهم .

- وعنه قال : إن البصراء لا يأمنون من أربع : ذنب قد مضى لا يدري ما يصنع فيه الرب عز و جل ، وعمر قد بقي لا يُدرى مافيه من الهلكة ، وفضل قد أُعطي العبد لعله مكر واستدراج ، وضلالة قد زينت يراها هدىً ، وزيغ قلب ساعة فقد يسلب المرء دينه ولا يشعر .

- عن ابن المبارك قال : من استخف بالعلماء ذهبت آخرته ، ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه ، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته .

- عن محمد بن إبراهيم بن أبي سُكينة ، قال : أملى علي ابن المبارك سنة سبع وسبعين ومئة ، وأنفذها معي إلى الفضيل بن عياض من طرسوس :
ياعابد الحرمين لو أبصرتنا **** لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب جيده بدموعـه **** فنحورنا بدمـائنا تتخـضـب
أو كان يُتعب خيله في باطلٍ **** فخيولنا يوم الصبيحة تتعب
ريحُ العبير لكم ونحن عبيرنا **** رهج السنابك والغبارالأطيب
ولقد أتانا من مقال نبينا **** قـول صحـيح صـادق لا يكـذب
لا يستوي وغبار خيل الله في *** أنف امرئ ودخان نار تلهـب
هذا كتابُ الله ينطق بيننا **** ليـس الشهـيد بميت لا يُكـذبُ
فلقيت الفُضيل بكتابة في الحرم فقرأ و بكى ثم قال : صدق أبوعبد الرحمن ونصح .

- وجاء من طرق عن ابن المبارك ، ويُقال : بل هي لحميد النحوي :
اغتنم ركعتين زُلفى إلى الله **** إذا كـنت فارغاً مُستريحاً
و إذا ما هممت بالنطق بالباطل **** فاجعل مكـانه تسبيـحاً
فاغتنم السكوت أفضل من **** خوض وإن كنت بالكلام فصيحاً

- وقال إسماعيل بن إبراهم المصيصي : رأيت الحارث بن عطية في النوم ، فسألته ، فقال : غفر لي ، قلت :فابن المبارك ، قال : بخ بخ ذاك في علِّيين ممن يلج على الله كل يوم مرتين .

- مات سنة إحدى وثمانين ومئة .

- عن يحيى الليثي قال : كنا عند مالك ، فاستؤذن لعبد الله بن المبارك بالدخول فأذن له ، فرأينا مالكاً تزحزح له في مجلسه ، ثم أقعده بلصقه ، وما رأيت مالكاً تزحزح لأحد في مجلسه غيره ، فكان القارئ يقرأ على مالك ، فربما مر بشيء فيسأله مالك : ما مذهبكم في هذا ؟أو ما عندكم في هذا ؟فرأيت ابن المبارك يُجاوبه ، ثم قام فخرج فأعجب مالك بأدبه ، ثم قال لنا مالك : هذا ابن المبارك فقيه خراسان .

- وسئل ابن المبارك بحضور سفيان بن عيينة عن مسألة فقال : إنا نهينا أن نتكلم عند أكابرنا .

صرخة حق
08-08-2008, 10:59 AM
(والله إني لأحبه في الله، وأرجو الخير بحبه، لما منحه الله من التقوى والعبادة والإخلاص والجهاد وسعة العلم والاتقان والمواساة والفتوة والصفات الحميدة) مقولة للإمام الذهبي

جزاك الله خيرا

مقاوم
08-08-2008, 06:01 PM
وإياكم ...حياكم الباري.

العمر
08-08-2008, 07:45 PM
ياعابد الحرمين لو أبصرتنا **** لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب جيده بدموعـه **** فنحورنا بدمـائنا تتخـضـب
أو كان يُتعب خيله في باطلٍ **** فخيولنا يوم الصبيحة تتعب
ريحُ العبير لكم ونحن عبيرنا **** رهج السنابك والغبارالأطيب
ولقد أتانا من مقال نبينا **** قـول صحـيح صـادق لا يكـذب
لا يستوي وغبار خيل الله في *** أنف امرئ ودخان نار تلهـب
هذا كتابُ الله ينطق بيننا **** ليـس الشهـيد بميت لا يُكـذبُ
فلقيت الفُضيل بكتابة في الحرم فقرأ و بكى ثم قال : صدق أبوعبد الرحمن ونصح .


نسخة بدون تحية الى العلماء والمخذلين الذين لا هم لهم سوى الخروج على الفضائيات، وقضاء الصيف في آوروبا بحجة الدعوة، و التمتع بالنساء في الفرش.

مقاوم
08-09-2008, 06:10 AM
أخي العمر
لو قلت "العلماء المخذلين" أو قيدت كلمة العلماء بكلمة كالـ"السوء" أو "السلاطين" لكان أفضل من إطلاقها وأسلم.

Hassano
08-19-2008, 05:36 PM
اللهم ارزقنا عالما فقيها ورعا تقيا يحب الله ويحبه الله ليعين هذه الأمة ويعيدها إلى رشدها بعد كثرة الروبيضة وعلماء السوء وتكالب الأمم على أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم

اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز به الإسلام والمسلمين ويذل به كل من سواهما من كفر وكفار وطاغوت ومنافقين
اللهم بلغنا رمضان واهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت
آمين آمين آمين

عبد الله بوراي
08-19-2008, 06:49 PM
رحمه الله
وقد صدق القائل: _


جمال ذي الأرض كانوا في الحياة ، وهم ...... بعد الممات جمال الكتب و السير

وبارك الله فيكَ أخي مقاوم
عبد الله

Abuhanifah
08-21-2008, 12:26 PM
رحمه الله رحمة واسعة وجزاه خير الجزاء لما قدمه لهذا الدين...
بارك الله بجهودك أخي مقاوم
ملاحظة:
قرأت تعليقا من قبل لأخي عبدالله بوراي ورد فيه أن نسبة أبيات "يا عبد الحرمين" الى عبد الله بن المبارك غير صحيح... فهل من توضيح؟

مقاوم
08-21-2008, 01:06 PM
وفيكم بارك الله أيها الفاضل

الأبيات ثابتة عنه في كل ما قرأت من تراجم له وسير.

عبد الله بوراي
08-22-2008, 09:23 AM
وفيكم بارك الله أيها الفاضل

الأبيات ثابتة عنه في كل ما قرأت من تراجم له وسير.

وهل هو ثبوت يطمئن إليه العقل والمنطق بحسب ما فى سيرة هذا الرجل وما فيها من رقائق الإيمان ومواعظه...؟

أخي

لست مُناصياً

ولكني تلميذكم

الباحث عن الحق

عبد الله

عبد الله بوراي
08-22-2008, 09:26 AM
ذَهَـب الـرِّجَالُ

عبدالله بن المبارك


ذَهَـب الـرِّجَالُ الـمُقتَدَى بِـفِعَالِهِم... وَالـمُنكِرُونَ لِـكُلِ أمـرٍ iiمُـنكَرِ
وَبَـقيتُ فـي خَـلفٍ يُـزَيِّنُ بَعضُهم... بَعْضَا ليأخذ مُعْوِرٌ من معْورِ
رَكِـبُوا ثَـنِيّاتِ الـطَرِيقِ فَـأصبْحُوا... مُـتَنَكِّبِينَ عَنِ الطَّرِيقِ iiالأكَبرِ
مَـا أقَـرَبَ الأشـيَاءَ حِـينَ يَـسوُقُهَا... قَـدَرٌ وَأبَـعَدها إذَا لَـمْ iiتُـقدَرِ
الـعِلمُ زَيـنٌ لَـلرِّجَالِ مُـرُوءةٌ... وَالـعِلمُ أنـفَعُ مَـن كُـنُوزِ iiالـجَوْهَرِ
أأخيّ إِنَّ مِن الرِّجَالِ بَهيمةً... فِي صُورَةِ الرَّجُلِ السَمِيعِ المُبصر
فَـطِـنٌ لِـكـلِّ مُـصِـيبَةٍ فِـي مَـالِه... وَإذَا يُـصَابُ بِـدِيِنهِ لَـمْ iiيَـشعُرِ

مقاوم
08-24-2008, 09:22 AM
الإمام الزاهد: الحسن البصري


عظيم أن يولد الإنسان في بيت تقى وصلاح ، وأعظم منه أن يكون البيت بيت علم وهداية ، فما بالك أخي القارئ لو كان البيت بيـًتا قرآنيـًا ، فيه القرآن تلي وقرأ ،وعلى أصحابه تنزل ، وما بالك لو كان البيت لإحدى أمهات المؤمنين ؟ هكذا ولد صاحب هذه الترجمة ، فقد كان مولده في بيت أم سلمة رضي الله عنها ، إذ كانت أمه مولاة لها ، وزاده قدر الله ميزة أخرى ، فلم يكن بيت أم سلمة رضي الله عنها مولده فحسب ، بل لقد كان حجرها غطاءه ، وصدرها سقاءه ، فأدفته بصدرها ، وأرضعته لبنها ، وشاء الله أن يدر


له منها لبنـًا ، فكان لبنـًا مباركـًا ، غدى به ذرب اللسان ، قوي الحجة والبيان ، إن تحدث فجدير لأن يسمع له ، وإن سئل فجدير بأن يجيب ، إن وعظ علا صوته ، وجرى دمعه ، وبدا إخلاصه ، فيظهر على الناس الأثر ، يسبق فعله كلامه ، كما يسبق ضوء الفجر وهج الشمس .


أمور كثيرة هي التي منَّ الله عليه بها فرفع بين الناس ، وإن لم يكن ذا نسب رفيع ، لكنه رفعه علمه وفضله وتقاه ، طلب الحكام منه النصيحة فنصحهم ، والعظة فوعظهم ، وأعطوه أجرًا فرده وزجرهم ، فهو لا يريد من البشر أجرًا إنما كان شعاره " إن أجري إلا على الله "(هود/9) ، فنعم الأجر هو ، ونعم الرجل كان ، أتدري من هو صاحب هذه الترجمة ؟ إنه حليف الخوف والحزن ، أليف الهم والشجن ، إنه الحسن ،وما أدراك ما الحسن ؟‍ إنه الحسن البصري .


نسبه :
هو أبو سعيد ، الحسن بن أبي الحسن بن يسار ، كان أبوه مولى لزيد بن ثابت الأنصاري ، وكان يسار من سبي حسان ، سكن المدينة ، وأعتق وتزوج في خلافة عمر رضي الله عنه بأم الحسن وأسمها خيرة، كانت مولاة لأم المؤمنين أم سلمة المخزومية .


نشأته :
ولد الحسن رحمه الله لسنتين بقيتا من خلافه عمر رضي الله عنه وذهب به إلى عمر فحنكه ، ولما علمت أم المؤمنين أم سلمة بالخبر أرسلت رسولاً ليحمل إليها الحسن ، وأمه لتقضي نفاسها في بيت أم سلمة رضي الله عنها ، فلما وقعت عينها على الحسن وقع حبه في قلبها ، فقد كان الوليد الصغير قسيمـًا وسيمـًا ، بهي الطلعة ، تام الخلقة ، يملأ عين مجتليه ، ويأسر فؤاد رائيه ، ويسر عين ناظريه ، وسمته أم المؤمنين رضي الله عنها بالحسن ، ولم تكن البشرى لتقتصر على بيت أم سلمة رضي الله عنها فحسب ؛ بل عمت الفرحة دار الصحابي الجليل زيد بن ثابت رضي الله عنه ، فهو مولى أبيه .


وكان كرم الله على الحسن أن نشأ في بيت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها ، وكانت أمه تتركه عند أم المؤمنين ، وتذهب لقضاء حوائجها ، فكان الحسن إذا بكى ألقمته أم المؤمنين ثديها ، فيدر عليه لبنـًا بأمر الله ، على الرغم من كبر سنها فضلا عن أنه لم يكن لها ولد وقتها ، فكانت أم سلمة رضي الله عنها أمـًا للحسن من جهتين : الأولى كونها زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، فهي أم له وللمؤمنين ، والثانية كونها أمـًا له من الرضاعة .


ولم يكن الحسن رضي الله عنه قاصرًا في نشأته على بيت أم سلمة رضي الله عنها فحسب ؛ بل كان يدور على بيوت أمهات المؤمنين رضي الله عنهنَّ ، وكان هذا داعيـًا لأن يتخلق الغلام الصغير بأخلاق أصحاب البيوت ، وكان هو يحدث عن نفسه ، ويخبر بأنه كان يصول ويجول في داخل بيوتهنَّ رضي الله عنهنَّ حتى أنه كان ينال سقوف بيوتهنَّ بيديه وهو يقفز فيها قفزًا .


زهده :
عاش الحسن رضي الله عنه دنياه غير آبه بها ، غير مكترث لها ، لا يشغله زخرفها ولا يغويه مالها ، فكان نعم العبد الصالح ، حليف الخوف والحزن ، أليف الهم والشجن، عديم النوم والوسن، فقيهـًا زاهدًا، مشمرًا عابدًا، وفي هذا يقول : إن المؤمن يصبح حزينـًا ويمسي حزينـًا وينقلب باليقين في الحزن، ويكفيه ما يكفي العنيزة، الكف من التمر والشربة من الماء، وقال عنه إبراهيم بن عيسى اليشكري : ما رأيت أحدًا أطول حزنـًا من الحسن، وما رأيته قط إلا حسبته حديث عهد بمصيبة، وقال عنه علقمة بن مرثد : انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين ، فمنهم الحسن .


ولقد شهد له أهل البصرة بذلك، حدث خالد بن صفوان، وكان من فصحاء العرب، فقال لقيت مسلمة بن عبد الملك فقال لي : أخبرني عن حسن البصرة ، فقال خالد : أنا خيرٌ من يخبرك عنه بعلم، فأنا جاره في بيته وجليسه في مجلسه وأعلم أهل البصرة به، إنه امرؤٌ سريرته كعلانيته ، وقوله كفعله، إذا أمر بمعروف كان أعمل الناس به ، وإذا نهى عن منكر كان أترك الناس له، ولقد رأيته مستغنيـًا عن الناس زاهدًا بما في أيديهم، ورأيت الناس محتاجين إليه طالبين ما عنده، فقال مسلمة : حسبك يا خالد حسبك ‍‍ كيف يضل قوم فيهم مثل هذا ؟‍‍!!


الحسن والحكام :
لما كان الحسن رضي الله عنه قد طلّق الدنيا برمتها ، وقد رخصت في عينه، فقد هان عنده كل شيء، فلم يكن يعبأ بحاكم ظالم، ولا أمير غاشم، و لا ذي سلطة متكبر، بل ما كان يخشى في الله لومة لائم، ومن ذلك أن الحجاج كان قد بنى لنفسه قصرًا في " واسط " فلما فرغ منه نادى في الناس أن يخرجوا للفرجة عليه، وللدعاء له، فخرج الحسن، ولكن لا للدعاء، بل انتهازًا للفرصة حتى يذكر الناس بالله ويعظ الحجاج بالآخرة، فكان مما قال : ليت الحجاج يعلم أن أهل السماء قد مقتوه، وأن أهل الأرض غروه، ولما حذره أحد السامعين من بطش الحجاج رد عليه الحسن قائـلاً : لقد أخذ الله الميثاق على أهل العلم ليبيننه للناس ولا يكتمونه، وفي اليوم التالي وجه الحجاج إلى الحسن بعض شرطه ثم أمر بالسيف والنطع( البساط من الجلد يوضع تحت المحكوم عليه بقطع الرأس)، فلما جاء الحسن أقبل على الحجاج وعليه عزة المسلم، وجلال المسلم، ووقار الداعية إلى الله، وأخذ يحرك شفتيه يدندن بكلام ويتمتم ببعض الحروف، فلما رآه الحجاج هابه أشد الهيبة، وما زال يقربه حتى أجلسه على فراشه، وأخذ يسأله في أمور الدين، ثم قال له : أنت سيد العلماء يا أبا سعيد، ثم طيبه وودعه، فتعجب الناس من صنيع الحجاج فقالوا : يا أبا سعيد ماذا قلت حتى فعل الحجاج ما فعل؟ وقد كان أحضر السيف والنطع، فقال الحسن : لقد قلت : يا ولي نعمتي وملاذي عند كربتي ، اجعل نقمته بردًا وسلامـًا علي كما جعلت النار بردًا وسلامـًا على إبراهيم .
وكتب إلى عمر بن عبد العزيز لما ولي كتابـًا جاء فيه : إن الدنيا دار مخيـفة ، إنما أهبط آدم من الجنة إليها عقوبة ، واعلم أن صرعتها ليست كالصرعة، من أكرمها يهن، ولها في كل حين قتيل، فكن فيها يا أمير المؤمنين كالمداوي جرحه يصبر على شدة الدواء خيفة طول البلاء .


ودعاه يومـًا ابن هبيرة ،وكان يزيد بن عبد الملك قد ولي ابن هبيرة العراق وخراسان ، وكان مع الحسن الشعبي ،فسألهما ابن هبيرة في كتب تصل إليه من أمير المؤمنين فيها ما يغضب الله ؛فتكلم الشعبي فتلطف في الكلام، فلما تكلم الحسن زأر كالأسد ،وانطلق كالسهم ،وانقض كالسيف ، قائلاً : يا ابن هبيرة :خف الله في يزيد، ولا تخف يزيد في الله، واعلم أن الله يمنعك من يزيد، وأن يزيد لا يمنعك من الله، يا ابن هبيرة إنه يوشك أن ينزل بك ملك غليظ شديد لا يعصي الله ما أمره، فيزيلك عن سريرك هذا، وينقلك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك، حيث لا تجد هناك يزيد، وإنما تجد عملك الذي خالفت فيه رب يزيد، يا ابن هبيرة، إنك إن تك مع الله وفي طاعته، يكفك بائقة ( أذى ) يزيد، واعلم يا ابن هبيرة أنه لا طاعة لمخلوقٍ كائنـًا من كان في معصية الخالق .


مكانته العلمية وأسبابها :
كان رضي الله عنه جامعـًا، عالمـًا ، فقيهـًا ، ثقة ، حجة مأمونـًا فصيحـًا، ويعد الحسن رضي الله عنه سيد أهل زمانه علمـًا وعملاً، وأشدهم فصاحة وبيانـًا، وقد برع ـ رحمه الله ـ في الوعظ والتفسير براعة لا تفاق، حتى كان فارس الميدان، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب منها :
نشأته في بيت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها ، فقد رضع من ثديها، كما رضع منها علمـًا وفقهـًا .
قربه من بيوت أمهات المؤمنين ، فكان ذلك داعيـًا لأن يتعلم منهنَّ .


لزومه حلقة ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ ، فقد أخذ عنه الفقه والحديث والتفسير والقراءات واللغة .
ولوعه بأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ فقد راعه فيه صلابته في الدين وإحسانه في العبادة، وزهده في الدنيا، وقوته في الفصاحة والبيان .


من روى عنهم :
وقد روى الحسن رضي الله عنه عن عدد كبير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن هؤلاء :عمران بن حصين ، والمغيرة ، وعبد الرحمن بن سمرة ، والنعمان بن بشير ، وجابر ، وابن عباس ، وابن سريع ، وأنس ، كما رأى عثمان وطلحة، وكان يحدث هو فيقول أنه أدرك سبعين بدريـًا .


ما قيل فيه :
قال أبو بردة : ما رأيت أحدًا أشبه بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم منه
وقال أبو قتادة : ما رأيت أحدًا أشبه رأيـًا بعمر منه .
وقال قتادة : ما جمعت علم الحسن إلى علم أحد من العلماء إلا وجدت له فضلاً عليه ، وما جالست فقيهـًا قط إلا رأيت فضل الحسن .
وقال الأشعث : ما لقيت أحدًا بعد الحسن إلا صغر في عيني .
وقال عطاء : ذاك إمام ضخم يقتدى به .


من كلامه رضي الله عنه :
كان الحسن رضي الله عنه يتكلم بالحكمة ، قال أبو جعفر الباكر : إن كلامه أشبه بكلام الأنبياء ، وقال حماد بن زيد : سمعت أيوب يقول : كان الحسن يتكلم بكلام كأنه الدر ، وكان من كلامه :


- ابن آدم : إنما أنت أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك .
- فضح الموت الدنيا ، فلم يترك فيها لذي لب فرحـًا .
- ضحك المؤمن غفلة من قلبه .


وفاته رضي الله عنه :
في العام العاشر بعد المائة الأولى وفي غرة رجب ليلة الجمعة وافقت المنية الحسن رضي الله عنه ،فلما شاع الخبر بين الناس ارتجت البصرة كلها رجـًا لموته رضي الله عنه ، فغسل وكفن ، وصلى عليه في الجامع الذي قضى عمره فيه ؛داعيـًا ومعلمـًا وواعظـًا ، ثم تبع الناس جنازته بعد صلاة الجمعة ، فاشتغل الناس في دفنه ولم تقم صلاة العصر في البصرة لانشغال الناس بدفنه .
رحم الله أبا سعيد ، وتقبله في الصالحين ، وجمعنا الله به في دار كرامته .

Saowt
08-24-2008, 05:50 PM
يا سلام....
تسجيلحضور للعودة لقراءة الموضوع.. في القريب العاجل بإذن الله

مقاوم
08-24-2008, 07:46 PM
حياكم الله ونتمنى لكم قراءة ممتعة ومفيدة.

من هناك
08-24-2008, 07:48 PM
لقد كانت القراءة مفيدة جداً
من التالي؟

مقاوم
08-24-2008, 07:54 PM
هل قرأت السوابق؟
الإمام البخاري
الإمام مسلم
الإمام أحمد
سفيان الثوري
عبد الله بن المبارك

من هناك
08-24-2008, 07:57 PM
هل قرأت السوابق؟
الإمام البخاري
الإمام مسلم
الإمام أحمد
سفيان الثوري
عبد الله بن المبارك
عيب ولو :)

مقاوم
08-24-2008, 08:14 PM
فقط ليطمئن قلبي :)

مقاوم
10-27-2008, 06:31 PM
الأعمش رحمه الله تعالى

هو سليمان بن مهران أبو محمد الأسدى الكاهلى، وكان مولده يوم قُتِلَ الحسين بن علي بن أبي طالب وذلك يوم عاشوراء في المحرم سنة ستين، وأعده أصحاب الطبقات من الطبقة الرابع من التابعين. وعاش الأعمش في الكوفة، وكان محدثها في زمانه.

أدرك الأعمش جماعة من الصحابة وعاصرهم ورأى أنس بن مالك وسمعه يقرأ ولم يحمل عنه شيئًا مرفوعًا وأرسل عن ابن أبي أوفى، وتعلم من أبي إسحاق وأبي صالح ومن زيد بن وهب، وسمع من المعرور بن سويد وأبا وائل شقيق بن سلمة وعمارة بن عمير وإبراهيم التيمي وسعيد بن جبير ومجاهدًا وإبراهيم النخعي والزهري.

من أهم ملامح شخصيته:

تواضعه رغم غزارة علمه:

وكان الأعمش يسمى المصحف من صِدقِهِ، وحدّث عنه أمم لا يحصون، إلا أنه كان متواضعًا شديد التواضع، ولقد جاءه رجل يسأله عن مسألة في العلم، وعنده أبو حنيفة - وهو من تلامذته - فقال لأبي حنيفة: أجبه. فأجابه، فقال له: و من أين لك هذا؟ قال: من حديث حدثتَنيه هو كذا وكذا. فقال الأعمش: حسبك ما حدَّثتُكَ به في سنة تحدِّث به في ساعة، أنتم الأطباء و نحن الصيادلة.

جرأته في الحق:

وكان الأعمش جريئًا في الحق لا يخشى لومة لائم وإن عرضه ذلك للتلف أو الهلاك، ولقد بعث إليه هشام بن عبد الملك قائلاً له: أن اكتب لي مناقب عثمان ومساوئ علي؟ فأخذ الأعمش (رحمه الله) القرطاس وأدخله في فم شاة فلاكته، وقال لرسوله: قل له: هذا جوابك. فقال له الرسول: إنه قد آلى أن يقتلني إن لم آته بجوابك، وتحمل عليه بإخوانه، فقالوا له: يا أبا محمد! نجه من القتل، فلما ألحوا عليه كتب له: بسم الله الرحمن الرحيم: أما بعد، فلو كانت لعثمان مناقب أهل الأرض ما نفعتك، ولو كانت لعلي مساوئ أهل الأرض ما ضرتك، فعليك بخويصة نفسك.

زهده في الدنيا:

ولقد كان الأعمش زاهدًا في الدنيا راغبًا في الآخرة، أدان نفسه وعمل لما بعد الموت، لم يغتر بزينة الحياة الدنيا ومتاعها، فعاش زاهدًا معتزًا بعلمه ولو رأيته لظننته سائلاً لما عليه من ثياب رث، ويقول ابن عيينة: لو رأيت الأعمش وعليه فرو غليظ وخفان غليظان كأنه إنسان سائل فقال: يومًا لولا القرآن وهذا العلم عندي لكنت من بقالي الكوفة، ورغم ذلك إلا أن الأغنياء رغبوا في علمه وزهد هو في دنياهم مما جعلهم يقبلون عليه ويتعلمون منه، يقول عيسى بن يونس: لم نر نحن مثل الأعمش وما رأيت الأغنياء عند أحد أحقر منهم عنده مع فقره وحاجته.

عزة نفسه:

ورغم فقره وما كان يعانيه في حياته إلا أنه كانت لديه عزة نفس فلم يأكل بدينه أو بعلمه، ولم يجعل علمه قصصًا يرويها لمن طلب منه، بل كان ينظر إلى ما عنده من علم على أنه شيء ثمين لا يُؤخذ إلا بحقه، ولما دخل على ابن هبيرة طلب منه أن يُحدث فقال له: لست بقاص، فلم يكن علمه ليحدث به عند الأمراء؛ بل الأولى أن يذهبوا إليه ليتعلموا منه، ويحدثهم.

علمه:

وكان الأعمش عالمًا شهد له بذلك علماء عصره وقال عنه ابن عيينة سبق الأعمش أصحابه بخصال: كَانَ أقرأهم لكتاب الله، وأحفظهم للحديث، وأعلم بالفرائض، وقال المغيرة: لما مات إبراهيم رأينا أن الذي يخلفه الأعمش فأتيناه فسألناه عن الحلال والحرام فإذا لا شيء فسألناه عن الفرائض فإذا هي عنده، قال: فأتينا حمادًا فسألناه عن الفرائض فإذا لا شيء فسألناه عن الحلال والحرام فإذا هو صاحبه، قال: فأخذنا الفرائض عن الأعمش وأخذنا الحلال والحرام عن حماد.

ورغم علمه وسعة معرفته إلا انه وصف بالتدليس؛ وصفه بذلك الكرابيسي والنسائي والدار قطني وغيرهم، وفي دراسة أجراها الدكتور خالد بن عبد الله بن سبيت السبيت بعنوان "الاختلاف على الأعمش في كتاب العلل للدار قطني(تخريج ودراسة)" قال فيها:
"الأعمش موصوف بنوعين من التدليس هما تدليس الإسناد وتدليس التسوية:
فأما تدليس الإسناد فتبين لي من خلال العينة التي شملتها الدراسة أن تدليس الأعمش قليل وهو مفهوم كلام أهل العلم وعين ما فعله الحافظان العلائي، وابن حجر العسقلاني إذا وضعاه في المرتبة الثانية.
وأما تدليس التسوية فلم أقف في حديث من أحاديث الدراسة على حديث دلس في هذا النوع من التدليس، وهذا دالٌ على ندرة وقوع هذا النوع من التدليس منه".
وكان الأعمش عابدًا ناسكًا، لم يؤثر عنه انه ضيع فرائض الله أو أهمل فيها؛ بل روي أن الأعمش ظل ما يجاوز من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى، ومما روي عنه أنه ظل قريبا من ستين سنة ما قضى ركعة، وكان يحيى القطان يقول إذا ذكر عنده الأعمش: كان من النساك وكان محافظًا على الصلاة في الجماعة وعلى الصف الأول.

مزاحه ومرحه:

وهو علاّمة الإسلام وَكَانَ صاحب سنّة ومع جلالته فِي العلم والفضل صاحب مُلح ومزاح ومن ذلك ما وقع بينه وبين زوجته من وحشة فسأل بعض أصدقائه من الفقهاء أن يرضيها ويصلح بينهما، فدخل إليها وقال: إن أبا محمد شيخ كبير، فلا يُزهدنك فيه عمش عينه، ودقة ساقيه، وضعف ركبتيه، ونتن بطنه، وبخر فمه، وجمود كفه! فقال له الأعمش: قم، قبحك الله، فقد أريتها من عيوبي ما لم تكن تعرفه.
وقال أبو حنيفة للأعمش وقد أتاه عائدًا له في مرضه: لولا أن أثقل عليك يا أبا محمد، لعدتك والله في كل يوم مرتين. فقال له الأعمش: والله يا ابن أخي، أنت ثقيل علي وأنت في بيتك، فكيف لو جئتني في كل يوم مرتين.

وقال لابنه: اذهب فاشتر لنا حبلاً يكون طوله ثلاثين ذراعًا، فقال الولد: يا أبتي في عرض كم؟ قال: في عرض مصيبتي فيك!

سرعة بديهته:

وكان الأعمش صاحب عقل وحكمة وصفه بذلك زهير بن معاوية فكان يقول: ما أدركت أحدًا أعقل من الأعمش والمغيرة. وكان ذا بديهة سريعة وقد حدث أن خرج الأعمش ذات يوم من منزله بسحر، فمرَّ بمسجد بني أسد وقد أقام المؤذّن الصلاة، فدخل يصلّي، فافتتح الإمام الركعة الأولى بسورة البقرة، ثم في الركعة الثانية سورة آل عمران. فلما انصرف قال له الأعمش: أما تتقي الله؟ أما سمعت حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام: "مَنْ أَمَّ الناسَ فَلْيُخَفِّف، فإن خلفه الكبير والضعيف وذا الحاجة"؟ فقال الإمام: قال الله عزَّ وجَلّ: "وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين". فقال الأعمش: فأنا رسول الخاشعين إليك بأنك رجل ثقيل الظل!

وقد أراد إبراهيم النخعي ذات مرة أن يماشيه وكان أعور، فقال له الأعمش: إن رآنا الناس معًا قالوا: أعور وأعمش؛ فقال النخعي: وما عليك أن يأثموا ونؤجر؟! فقال له الأعمش: وما عليك أن يسلموا ونسلم؟.

من كلماته:

ومما أثر عنه أنه كان يقول: إني لأحب أن أعافى في إخواني؛ لأنهم إن بلوا بليت معهم؛ إما بالمواساة وفيها مؤونة، وإما بالخذلان وفيه عار.

وفاته:

عاش الأعمش حتى سنة تسع وأربعين ومائة وفيها كانت وفاته ودخل عليه أبو بكر بن عياش في مرضه الذي توفي فيه فقلت: أدعو لك طبيبًا فقال: ما أصنع به فوالله لو كانت نفسي في يدي لطرحتها في الحش إذا أنا مت فلا تؤذنن بي أحدًا واذهب بي فاطرحني في لحدي.
قال ابن كثير في البداية والنهاية.وفي سنة ثمان وأربعين ومائة توفي سليمان بن مهران الأعمش أحد مشايخ الحديث في ربيع الأول منها. وجاء في تاريخ بغداد" سليمان بن مهران الأعمش مات سنة تسع وأربعين ومائة وكان ثقة ثبتا في الحديث والله اعلم".

خفقات قلب
10-27-2008, 06:38 PM
رائع..لكن هل من الممكن جعل الملف سلسة لعدة أعلام؟



إن كان كذلك سأكملها معك..بنفس طريقتك

مقاوم
10-27-2008, 07:02 PM
رائع..لكن هل من الممكن جعل الملف سلسة لعدة أعلام؟






إن كان كذلك سأكملها معك..بنفس طريقتك

هي كذلك أختنا الفاضلة ... وقد تناولنا إلى الآن
الإمام أحمد
الإمام البخاري
الإمام مسلم
الإمام سفيان الثوري
الإمام عبد الله بم المبارك
الإمام الحسن البصري

وعند الفراغ منها يمكن جمعها في موضوع واحد لكني أحببت أن تأخذ كل شخصية حقها في تسليط الضوء عليها في موضوع مستقل. ومرحبا بإضافاتك.

مقاوم
10-27-2008, 07:12 PM
يرفع للمتابعة.

عبد الله بوراي
10-27-2008, 07:18 PM
رفع الله قدرك في عليين وجمعك ووالديك بالنبيين في جناتِ ونهر

مقاوم
10-27-2008, 07:22 PM
رفع الله قدرك في عليين وجمعك ووالديك بالنبيين في جناتِ ونهر
اللهم آمين ... والقائل إن شاء الله.

مقاوم
10-27-2008, 07:22 PM
يرفع للمتابعة.

من هناك
10-27-2008, 07:56 PM
يخفض لعدم المتابعة.

صرخة حق
10-27-2008, 10:16 PM
ووالله إني لأحبه حباً شديداً ، وأرجو الله أن يجمعنا به في دار كرامته ، وبحبوحة جنته .



جزاك الله خيرا أخي مقاوم على هذه السلسلة العطرة وجعل هذا في ميزان حسناتك



وأوافق الأخ طرابلسي في اقتراحه

صرخة حق
10-27-2008, 10:27 PM
ما أعظمها من سيرة .. تدمع العين ويتفطر القلب عندما ترى أصحاب الهمم العالية

جُزيت الجنة أم ورقة وبارك الله فيكم

وأحسن الله إليكم حين قدمتم هذه السير من الخلف لنطلع عليها ... وكما قال أخونا أبو محمد ذكره الله بخير وغفر له كأننا نقرأها أول مرة

خفقات قلب
10-27-2008, 10:38 PM
جيد أنك أظهرت أسماء الأعلام كي لا أكررها..جهد مشكور ومبارك..لكن كيف ستفرغ منها؟؟ هم كثر..أم لديك أسماء محددة أو مواضيع محددة كأن يكونوا من رواة للحديث كما ألحظ في أعلامك؟

خفقات قلب
10-27-2008, 11:23 PM
من مواقف محنة ناصر السنة الإمام أحمد كما ذكرها الشيخ الطنطاوي في كتاب (رجال من التاريخ):



لما عجز المعتصم نصب آلة التعذيب ومدوا الإمام أحمد عليها وضربوه، فانخلعت كتفه من الضربة الأولى، وانبثق من ظهره الدم فقام إليه المعتصم يقول:
يا أحمد قل هذه الكلمة، وانا أفك عنك بيدي وأعطيط وأعطيك،
وهو يقول هاتوا آية او حديثا!!



فقال المعتصم للجلاد: شد قطع الله يدك، فضربه أخرى فتناثر لحمه!!
وقال له المعتصم: لماذا تقتل نفسك مَن مِن أصحابك فعل هذا؟



وقال له عالم من جماعة الخليفة اسمه المروزي:
ألم يقل الله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم)؟؟



قال احمد: يا مروزي اخرج فانظر أي شيء وراء الباب؟



فخرج إلى صحن القصر، فإذا جمع لا يحصيهم إلا الله معهم الدفاتر والأقلام، قال: أي شي تعملون؟



قالوا: ننظر ما يجيب به أحمد فنكتبه!



فرجع قال: يا مروزي أنا أضل هؤلاء كلهم؟؟ أقتل نفسي ولا اضل هؤلاء كلهم!

خفقات قلب
10-27-2008, 11:42 PM
ولتعلموا كيف نبتت هذه النبتة المباركة، أحب تذكيركم بقصة والده المبارك (مبارك):



يقول الطنطاوي في أعلام التاريخ:



إن منبتها أيها القراء في بستان في خراسان، وكان (ناطور) هذا البستان مولى تركيا صالحا اسمه (مبارك)،
فجاء صاحب البستان يوما فأمره أن يقطف له رمانة حلوة، فذهب فجاءه برمانة فذاقها، فإذا هي حامضة، فقال له:



- إنها حامضة، فجئني برمانة حلوة.



فجاءه بأخرى، فذاقها فإذا هي حامضة، فصاح به:



- أقول لك إني أريدها حلوة.



فقطف له الثالثة فذاقها فوجدها حامضة، فقال له:



- ويلك، أحمار أنت؟ ما تعرف الحلو من الحامض؟



قال: وكيف أعرفه وأنا لم أذقه؟



قال: لك في البستان (كذا) سنة ولم تذقه؟



قال: نعم، لأنك ما أذنت لي بالأكل منه!



فعجب منه وحقق فإذا هو قد صدق، فأكرمه وعظمه وجعل يستشيره في أمره، وكانت لصاحب البستان بنت كثر خطابها، فسأله، فقال له:



- يا مبارك، من ترى نزوج هذه البنت؟



قال: أهل الجاهلية كانوا يزوجون للحب، واليهود للمال، والنصارى للجمال، وهذه الأمة للدين.



فأعجبه عقله وذهب فأخبر به أمها وقال لها:



- لا أرى لها زوجا غيره..



فتزوجها، فجاءت بـ(عبدالله بن المبارك).

خفقات قلب
10-27-2008, 11:52 PM
ورد في تهذيب التهذيب:




قال يونس ابن عبيد: سألت الحسن قلت: يا أبا سعيد، إنك تقول قال رسول الله وإنك لم تدركه؟



قال: يا ابن أخي: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك،
ولولا منزلتك مني ما أخبرتك،
إني في زمان كما ترى –وكان في عمل الحجاج- كل شيء سمعتني أقول:
قال رسول الله فهو عن علي بن أبي طالب!
غير أني في زمان لا أستطيع أن أذكر عليا!

مقاوم
09-04-2009, 12:36 PM
يرفع للمتابعة

مقاوم
09-04-2009, 12:58 PM
الإمام مالك بن أنس
إمام دار الهجرة


يروى في فضله ومناقبه الكثير ولكن أهمها ما روي [عن أبي هريرة يبلغ به النبي (صلى الله عليه وسلم) قال ليضربن الناس أكباد الإبل في طلب العلم فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة]




إنه الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة، وصاحب أحد المذاهب الفقهية الأربعة في الإسلام وهو المذهب المالكي، وصاحب كتب الصحاح في السنة النبوية وهو كتاب الموطأ. يقول الإمام الشافعي: إذا ذكر العلماء فمالك النجم.


نسبه ومولده

هو شيخ الإسلام حجة الأمة إمام دار الهجرة أبو عبد الله مالك ابن أنس بن مالك بن أبى عامر بن عمرو بن الحارث بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن الحارث وهو ذو أصبح بن عوف بن مالك بن زيد بن شداد بن زرعة وهو حمير الأصغر الحميري ثم الأصبحي المدني حليف بني تيم من قريش فهم حلفاء عثمان أخي طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المبشرين بالجنة.




وأمه هي عالية بنت شريك الأزدية وأعمامه هم أبو سهل نافع وأويس والربيع والنضر أولاد أبي عامر.


ولد مالك على الأصح في سنة 93هـ عام موت أنس خادم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ونشأ في صون ورفاهية وتجمل


طلبه للعلم


طلب الإمام مالك العلم وهو حدث لم يتجاوز بضع عشرة سنة من عمره وتأهل للفتيا وجلس للإفادة وله إحدى وعشرون سنة وقصده طلبة العلم وحدث عنه جماعة وهو بعد شاب طري.


ثناء العلماء عليه


عن ابن عيينة قال مالك عالم أهل الحجاز وهو حجة زمانه.


وقال الشافعي: إذا ذكر العلماء فمالك النجم.


وعن ابن عيينة أيضا قال كان مالك لا يبلغ من الحديث إلا صحيحا ولا يحدث إلا عن ثقة ما أرى المدينة إلا ستخرب بعد موته يعني من العلم.


ـ روي عن وهيب وكان من أبصر الناس بالحديث والرجال أنه قدم المدينة قال فلم أرى أحدا إلا تعرف وتنكر إلا مالكا ويحيى بن سعيد الأنصاري.


إمام دار الهجرة


روي عن أبي موسى الأشعري قال [قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يخرج ناس من المشرق والمغرب في طلب العلم فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة] ويروى عن ابن عيينة قال كنت أقول هو سعيد بن المسيب حتى قلت كان في زمانه سليمان بن يسار وسالم بن عبد الله وغيرهما ثم أصبحت اليوم أقول إنه مالك لم يبق له نظير بالمدينة.


قال القاضي عياض هذا هو الصحيح عن سفيان رواه عنه ابن مهدي وابن معين وذؤيب بن عمامه وابن المديني والزبير بن بكار وإسحاق بن أبي إسرائيل كلهم سمع سفيان يفسره بمالك أو يقول وأظنه أو أحسبه أو أراه أو كانوا يرونه.


وذكر أبو المغيرة المخزومي أن معناه ما دام المسلمون يطلبون العلم لا يجدون أعلم من عالم بالمدينة فيكون على هذا سعيد بن المسيب ثم بعده من هو من شيوخ مالك ثم مالك ثم من قام بعده بعلمه وكان أعلم أصحابه.


ولم يكن بالمدينة عالم من بعد التابعين يشبه مالكا في العلم والفقه والجلالة والحفظ فقد كان بها بعد الصحابة مثل سعيد بن المسيب والفقهاء السبعة والقاسم وسالم وعكرمة ونافع وطبقتهم ثم زيد بن أسلم وابن شهاب وأبي الزناد ويحيى بن سعيد وصفوان بن سليم وربيعة بن أبي عبد الرحمن وطبقتهم فلما تفانوا اشتهر ذكر مالك بها وابن أبي ذئب وعبد العزيز بن الماجشون وسليمان بن بلال وفليح بن سليمان وأقرانهم فكان مالك هو المقدم فيهم على الإطلاق والذي تضرب إليه آباط الإبل من الآفاق رحمه الله تعالى.


قال أبو عبد الله الحاكم ما ضربت أكباد الإبل من النواحي إلى أحد من علماء المدينة دون مالك واعترفوا له وروت الأئمة عنه ممن كان أقدم منه سنا كالليث عالم أهل مصر والمغرب والأوزاعي عالم أهل الشام ومفتيهم والثوري وهو المقدم بالكوفة وشعبة عالم أهل البصرة إلى أن قال وحمل عنه قبلهم يحيى بن سعيد الأنصاري حين ولاه أبو جعفر قضاء القضاة فسأل مالكا أن يكتب له مائة حديث حين خرج إلى العراق ومن قبل كان ابن جريج حمل عنه.


قصة الموطأ


يروي أبو مصعب فيقول: سمعت مالكا يقول دخلت على أبي جعفر أمير المؤمنين وقد نزل على فرش له وإذا على بساطه دابتان ما تروثان ولا تبولان وجاء صبي يخرج ثم يرجع فقال لي أتدري من هذا قلت لا قال هذا ابني وإنما يفزع من هيبتك ثم ساءلني عن أشياء منها حلال ومنها حرام ثم قال لي أنت والله أعقل الناس وأعلم الناس قلت لا والله يا أمير المؤمنين قال بلى ولكنك تكتم ثم قال والله لئن بقيت لأكتبن قولك كما تكتب المصاحف ولأبعثن به إلى الآفاق فلأحملهنم عليه.فقال مالك: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فإن أصحاب رسول تفرقوا في الأمصار وإن تفعل تكن فتنة!!



مواقف من حياته


روي أن مالكا كان يقول ما أجبت في الفتوى حتى سألت من هو أعلم مني هل تراني موضعا لذلك سألت ربيعة وسألت يحيى بن سعيد فأمراني بذلك فقلت فلو نهوك قال كنت أنتهي لا ينبغي للرجل أن يبذل نفسه حتى يسأل من هو أعلم منه




وقال خلف: دخلت عليه فقلت ما ترى فإذا رؤيا بعثها بعض إخوانه يقول: رأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) في المنام في مسجد قد اجتمع الناس عليه فقال لهم إني قد خبأت تحت منبري طيبا أو علما وأمرت مالكا أن يفرقه على الناس فانصرف الناس وهم يقولون إذا ينفذ مالك ما أمره به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم بكى فقمت عنه.


وروي أن المهدي قدم المدينة فبعث إلى مالك بألفي دينار أو قال بثلاثة آلاف دينار ثم أتاه الربيع بعد ذلك فقال إن أمير المؤمنين يحب أن تعادله إلى مدينة السلام فقال قال النبي (صلى الله عليه وسلم) المدينة خير لهم ولو كانوا يعلمون والمال عندي على حاله.


وقدم المهدي المدينة مرة أخرى فبعث إلى مالك فأتاه فقال لهارون وموسى اسمعا منه فبعث إليه فلم يجبهما فأعلما المهدي فكلمة فقال يا أمير المؤمنين العلم يؤتى أهله فقال صدق مالك صيرا إليه فلما صارا إليه قال له مؤدبهما اقرأ علينا فقال إن أهل المدينة يقرؤون على العالم كما يقرأ الصبيان على المعلم فإذا أخطئوا أفتاهم فرجعوا إلى المهدي فبعث إلى مالك فكلمه فقال سمعت ابن شهاب يقول جمعنا هذا العلم في الروضة من رجال وهم يا أمير المؤمنين سعيد بن المسيب وأبو سلمة وعروة والقاسم وسالم وخارجه بن زيد وسليمان بن يسار ونافع وعبد الرحمن بن هرمز ومن بعدهم أبو الزناد وربيعه ويحيى بن سعيد وابن شهاب كل هؤلاء يقرأ عليهم ولا يقرؤون فقال في هؤلاء قدوة صيروا إليه فاقرؤوا عليه ففعلوا.


يروي يحيى ابن خلف الطرسوسي وكان من ثقات المسلمين قال كنت عند مالك فدخل عليه رجل فقال يا أبا عبد الله ما تقول فيمن يقول القرآن مخلوق فقال مالك زنديق اقتلوه فقال يا أبا عبد الله إنما أحكي كلاما سمعته قال إنما سمعته منك وعظم هذا القول.


وعن قتيبه قال كنا إذا دخلنا على مالك خرج إلينا مزينا مكحلا مطيبا قد لبس من أحسن ثيابه وتصدر الحلقة ودعا بالمراوح فأعطى لكل منا مروحة.


وعن محمد بن عمر قال كان مالك يأتي المسجد فيشهد الصلوات والجمعة والجنائز ويعود المرضى ويجلس في المسجد فيجتمع إليه أصحابه ثم ترك الجلوس فكان يصلي وينصرف وترك شهود الجنائز ثم ترك ذلك كله والجمعة واحتمل الناس ذلك كله وكانوا أرغب ما كانوا فيه وربما كلم في ذلك فيقول ليس كل أحد يقدر أن يتكلم بعذره.


وكان يجلس في منزله على ضجاع له ونمارق مطروحة في منزله يمنة ويسرة لمن يأتيه من قريش والأنصار والناس، وكان مجلسه مجلس وقار وحلم قال وكان رجلا مهيبا نبيلا ليس في مجلسه شيء من المراء واللغط ولا رفع صوت وكان الغرباء يسألونه عن الحديث فلا يجيب إلا في الحديث بعد الحديث وربما أذن لبعضهم يقرأ عليه وكان له كاتب قد نسخ كتبه يقال له حبيب يقرأ للجماعة ولا ينظر أحد في كتابه ولا يستفهم هيبة لمالك وإجلالا له وكان حبيب إذا قرأ فأخطأ فتح عليه مالك وكان ذلك قليلا قال ابن وهب سمعت مالكا يقول ما أكثر أحد قط فأفلح.


وقيل لمالك لم لا تأخذ عن عمرو بن دينار قال: أتيته فوجدته يأخذون عنه قياما فأجللت حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن آخذه قائما.


ويروى عن ابن وهب قال: سمعت مالكا يقول لرجل سأله عن القدر نعم قال الله تعالى {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها}(السجدة:12)


وقال جعفر بن عبد الله قال كنا عند مالك فجاءه رجل فقال يا أبا عبد الله [الرحمن على العرش استوى " كيف استوى فما وجد مالك من شيء ما وجد من مسألته فنظر إلى الأرض وجعل ينكت بعود في يده حتى علاه الرضاء ثم رفع رأسه ورمى بالعود وقال الكيف منه غير معقول والاستواء منه غير مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وأظنك صاحب بدعة وأمر به فأخرج]


وفي رواية أخرى قال: الرحمن على العرش استوى، كما وصف نفسه ولا يقال له كيف وكيف عنه مرفوع وأنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه.


من كلماته

العلم ينقص ولا يزيد ولم يزل العلم ينقص بعد الأنبياء والكتب.




والله ما دخلت على ملك من هؤلاء الملوك حتى أصل إليه إلا نزع الله هيبته من صدري.


أعلم أنه فساد عظيم أن يتكلم الإنسان بكل ما يسمع.


ما تعلمت العلم إلا لنفسي وما تعلمت ليحتاج الناس إلي وكذلك كان الناس.


ليس هذا الجدل من الدين بشيء.


لا يؤخذ العلم عن أربعة سفيه يعلن السفه وإن كان أروى الناس وصاحب بدعة يدعو إلى هواه ومن يكذب في حديث الناس وإن كنت لا أتهمه في الحديث وصالح عابد فاضل إذا كان لا يحفظ ما يحدث به.


صفة الإمام مالك


عن عيسى بن عمر قال ما رأيت قط بياضا ولا حمرة أحسن من وجه مالك ولا أشد بياض ثوب من مالك، ونقل غير واحد أنه كان طوالا جسيما عظيم الهامة أشقر أبيض الرأس واللحية عظيم اللحية أصلع وكان لا يحفي شاربه ويراه مثله.




وقيل كان أزرق العين، محمد بن الضحاك الحزامي كان مالك نقي الثوب رقيقه يكثر اختلاف اللبوس، و قال أشهب كان مالك إذا اعتم جعل منها تحت ذقنه ويسدل طرفها بين كتفيه.



إمام في الحديث


كان الإمام مالك من أئمة الحديث في المدينة، يقول يحيى القطان ما في القوم أصح حديثا من مالك كان إماما في الحديث، قال الشافعي قال محمد بن الحسن أقمت عند مالك ثلاث سنين وكسرا وسمعت من لفظه أكثر من سبعمائة حديث فكان محمد إذا حدث عن مالك امتلأ منزله وإذا حدث عن غيره من الكوفيين لم يجئه إلا اليسير.




قال ابن مهدي أئمة الناس في زمانهم أربعة الثوري ومالك والأوزاعي وحماد بن زيد وقال ما رأيت أحدا أعقل من مالك.


محنة الإمام مالك


تعرض الإمام مالك لمحنة وبلاء بسبب حسد ووشاية بينه وبين والي المدينة جعفر بن سليمان ويروى أنه ضرب بالسياط حتى أثر ذلك على يده فيقول إبراهيم بن حماد أنه كان ينظر إلى مالك إذا أقيم من مجلسه حمل يده بالأخرى، ويقول الواقدي لما ولي جعفر بن سليمان المدينة سعوا بمالك إليه وكثروا عليه عنده وقالوا لا يرى أيمان بيعتكم هذه بشيء وهو يأخذ بحديث رواه عن ثابت بن الأحنف في طلاق المكره أنه لا يجوز عنده قال فغضب جعفر فدعا بمالك فاحتج عليه بما رفع إليه عنه فأمر بتجريده وضربه بالسياط وجبذت يده حتى انخلعت من كتفه وارتكب منه أمر عظيم فواالله ما زال مالك بعد في رفعة وعلو، وهذه ثمرة المحنة المحمودة أنها ترفع العبد عند المؤمنين وبكل حال فهي بما كسبت أيدينا ويعفو الله عن كثير ومن يرد الله به خيرا يصيب منه وقال النبي (صلى الله عليه وسلم) كل قضاء المؤمن خير له وقال الله تعالى {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين} (محمد:31) وأنزل الله تعالى في وقعه أحد قوله {أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أني هذا قل هو من عند أنفسكم}(آل عمران:165) وقال {وما أصابكم من مصيبة فبما كسب أيديكم ويعفو عن كثير} (الشورى:30)




فالمؤمن إذا امتحن صبر واتعظ واستغفر ولم يتشاغل بذم من انتقم منه فالله حكم مقسط ثم يحمد الله على سلامة دينه ويعلم أن عقوبة الدنيا أهون وخير له

تراث الإمام مالك


عني العلماء بتحقيق وتأليف الكتب حول تراث الإمام مالك، وما زال العلماء قديما وحديثا لهم أتم اعتناء برواية الموطأ ومعرفته وتحصيله


وفاة الإمام مالك


قال القعنبي سمعتهم يقولون عمر مالك تسعا وثمانين سنة مات سنة تسع وسبعين ومئة وقال إسماعيل بن أبي أويس مرض مالك فسألت بعض أهلنا عما قال عند الموت قالوا تشهد ثم قال {لله الأمر من قبل ومن بعد} (الروم:4)، وتوفي صبيحة أربع عشرة من ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائة فصلى عليه الأمير عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي.

من هناك
12-23-2010, 04:01 AM
يوسف بن تاشفين .. أسد المرابطين


محمد حسين (http://www.shareah.com/index.php?/authors/view/id/332/s/1/)
20 - 5 - 2009



لقد كتب الله لهذه الشريعة أن تنتصر على يد اثنين يجمع بينهما اسم يوسف، يوسف المشرق صلاح الدين يوسف بن أيوب، ويوسف المغرب يوسف بن تاشفين، الأول أعاد القدس إلى ديار الإسلام، والثاني أنقذ الأندلس وأقام شرع الله فيها وفي بلاد المغرب العربي قاطبة.
مولده ونشأته:
هو أبو يعقوب يوسف بن تاشفين بن إبراهيم اللمتوني الصنهاجي, 400-500 هـ /1009- 1106م، وكانت قبيلته قد سيطرت بسيادتها وقيادتها على صنهاجة، واحتفظت بالرئاسة منذ أن جعلها الإمام عبد الله بن ياسين فيها بعد وفاة الأمير يحيى بن إبراهيم الجُدالي، فنما عزيزًا كريمًا فى قومه.
تلقَّى يوسف تعاليمه الأولى فى قلب الصحراء من أفواه المُحَدِّثِين والفقهاء، ونما وترعرع وتربَّى على تعاليم الإمام الفقيه ابن ياسين، ونبغ فى فنون رجال الحرب، وفى السياسة الشرعية التى تتلمذ على الفقهاء فيها، وقام بها خير قيام.
مراحل حياته:
بدأ نجم أسد المرابطين يوسف بن تاشفين في الظهور فى معركة الواحات 448هـ - 1056م التى كان فيها قائدًا لمقدمة جيش المرابطين المهاجم، وبعد فتح مدينة سجلماسة عيَّنه الأمير أبو بكر بن عمرو اللمتوني واليًا عليها، فأظهر مهارة إدارية فى تنظيمها، ثم غزا بلاد جَزولة وفتح ماسة ثم سار إلى تارودانت قاعدة بلاد السوس وفتحها, وكان بها طائفة من الشيعة البجليين نسبة إلى مؤسسها على بن عبد الله البجلي، وقتل المرابطون أولئك الشيعة, وتحوَّل مَن بقى منهم على قيد الحياة إلى السنة.
ثم جاء دور أغمات، كانت مدينة مزدهرة حضاريًّا إذ كانت أحد مراكز النصرانية القديمة, ومقرًا للبربر المتهودين، كان يحكمها الأمير لقوط بن يوسف بن على المغراوي، وتلقَّى يوسفُ التعليمات من الأمير أبى بكر بالزحف نحوها, ومهاجمتها, ودكِّها، ودخل المرابطون المدينة (449هـ/ 1057م).
وسار المرابطون وفى جملتهم يوسف نحو دولة برغواطة "الدولة الكافرة الملحدة" ونشبت المعارك بين الفريقين، وأصيب خلالها الإمام ابن ياسين بجراح بالغة توفى على أثرها؛ فكان استشهاد الإمام الفقيه عبد الله بن ياسين البداية الأولى فى دفع يوسف إلى رئاسة الدولة الناشئة.
وعندما دخل أبو بكر بن عمر بجيوشه إلى الصحراء, وأناب ابن عمه يوسف على المغرب, ظهرت خلالها مواهب يوسف العسكرية والإدارية والتنظيمية والحركية والدعوية، وسلم النَّاسُ بزعامته, وبدأ فى تأسيس دولته بالحزم والعلم والجد والمثابرة والبذل والعطاء.
وعندما رجع أبو بكر من الصحراء جمع أشياخ المرابطين من لمتونة وأعيان الدولة، والكُتَّاب والشهود، وأشهدهم على نفسه بالتخلى ليوسف عن الإمارة، وعلَّل الأمير أبو بكر هذا التنازل لابن عمه يوسف لدينه وفضله وشجاعته وحزمه ونجدته وعدله وورعه وسداد رأيه ويمن نقيبته، وأوصاه الوصية التالية قائلًا:
(يا يوسف، إنِّى قد ولَّيتُك هذا الأمر وإنِّى مسئول عنه؛ فاتقِ الله فى المسلمين, وأعتقنى وأعتق نفسك من النار، ولا تُضيِّع من أمر رعيتك شيئًا؛ فإنَّك مسئول عنهم، والله تعالى يصلحك ويمدك ويوفقك للعمل الصالح والعدل فى رعيتك) [روض القرطاس، ابن أبي زرع الأندلسي، ص(86)].
إمارته للمرابطين:
وبعد أن صار يوسف قائدًا وأميرًا للمرابطين، قام نحو المغرب الشمالي؛ لينتزعه من أيدى الزناتيين, واستخدم من أجل تحقيق هذا الهدف المنشود إرسال الجيوش للقضاء على جيوش المخالفين مستفيدًا من الخلافات السياسية بين قادة المدن، فحالف بعضها من أجل قتال الباقي، واستطاع أن يَدخُل مدينة فاس صلحًا عام 455هـ، ثم تمرَّد أهلها عليه إلا أنه استطاع إخماد جميع الثورات التى قامت ضد المرابطين بجهاده وكفاحه المستمرِّ، حتى تمَّ له فتح جميع البلاد من الريف إلى طنجة عام 460هـ / 1067م.
وأعاد فتح فاس عنوة بحصار ضربه عليها بجيش قوامه مائة ألف جندى عام 462هـ/ 1069م, فقضى على شوكة مغراوة وبنى يقرن وسائر زناتة، ونظَّم المساجد والفنادق وأصلح الأسواق، وخرج من فاس عام 463هـ إلى بلاد ملوية وفتحها واستولى على حصون وطاط من بلاد طنجة.
توحيده المغرب العربي:
وبعد أن رجع من تلك الجولَة التفقدية الإصلاحية سار بجيوشه عام (465هـ/1072م) لغزو الدمنة من بلاد طنجة وفتح جبل علودان ، وفى عام (467هـ/1074م) استولى على جبل غياثة وبنى مكود وبنى رهينة من أحواز تازا, وجعلها حدًّا فاصلًا بينه وبين زناتة الهاربة إلى الشـرق، وأبعد عن المغرب كلَّ مَن ظنَّ فيه أنه من أهل العصيان، فأصبح خالصًا له مرتاحًا إلى طاعته مطمئنًا إلى خلوده إلى السكينة والهدوء غير تواق للثورة عليه.
وأصبحت منطقة تازا ثغرًا منيعًا بينه وبين زناتة؛ ولذلك اعتبر المُؤَرِّخُون عام 467هـ/ 1074م فاصلاً فى تاريخ الدولة المرابطية؛ إذ بسط يوسف نفوذه على سائر المغرب الأقصى الشَّمَالى باستثناء طنجة وسبتة.
وسيَّر يوسف بن تاشفين إلى طنجة جيشًا من اثنى عشر ألف فارس مرابطي وعشـرين ألفًا من سائر القبائل, وأسند قيادته إلى صالح بن عمران عام 470هـ، وعندما اقتربت جيوش المرابطين من طنجة برز إليهم الحاجب بن سكوت على رأس جيش وهو شيخ يناهز التسعين، وانتصـر المرابطون وفتحوا طنجة وقتل فى تلك المعارك الحاجب بن سكوت.
وبعد فتح طنجة استأنف الأمير يوسف توسُّعَه نحو الشـرق لمطاردة زناتة التى لجأت إلى تلمسان، وكان هدفه القضاء على أى مقاومة تُهَدِّد دولة المرابطين فى المستقبل، وبدأت عمليات الهجوم الوقائي التى استطاعت أن تحقق أهدافها وتهزم جيش تلمسان المعادي وتأسر قائده معلى بن يعلى المغراوى الذى قُتل على الفور، ورجعت كتائب المرابطين إلى مراكش, ثم عاد يوسف نحو الريف، وغزا تلك الأراضى وضم مدينة تكرور.
ثم رجع بجيوشه نحو وهران وتنس وجبال وانشريش ووادى الشلف حتى دخل مدينة الجزائر, وتوقف عند حدود مملكة بجاية التى حكمها بنو حمَّاد -فرع من صنهاجة، وبنى يوسف فى مدينة الجزائر جامعًا لا يزال إلى اليوم ويُعرف بالجامع الكبير.
وعاد إلى مراكش عام 475هـ/1081م وبذلك توحَّد المغرب الأقصى بعد جهاد استمرَّ ثلاثين عامًا، وأصبحت دولة المرابطين فى مرحلة التَّمكين الفعلية, وفى عام 476هـ / 1083م وجَّه الأمير يوسف ابنه المُعزَّ فى جيش إلى سبتة لفتحها إذ كانت المدينة الوحيدة التى لم تخضع له, كان يحكُمُها بعد وفاة الحاجب بن سكوت ابنه ضياء الدولة يحيى, فحاصرها المعزُّ برًا وبحرًا, ودارت معركة بحرية طاحنة، وفى نهاية المطاف استطاع المرابطون أن يفتحوا سبتة، وقُتِل ضياء الدولة بعد أن أُلقي القبض عليه، وكان ذلك عام 477هـ/ 1084م.
الأندلس وملوك الطوائف:
بعد هذه الجولة الجهادية الموفَّقَة تم توحيد المغرب الأقصى بجميع نواحيه بعد عمل جادٍّ مستمرٍّ، وأصبحت الدولة المرابطية قُوَّة لا يُستهان بها تُشكل خطرًا على النصارى في الأندلس، وملجأ وحصنًا للمسلمين فى الأندلس، حيث إن النصارى استفحل خطرهم فى الأَنْدَلُس، حيث قامت للمسلمين دويلات في كل مدينة وصلت إلى ثلاث وعشرين دويلة تناحرت فيما بينها، وعُرف حكامها بملوك الطوائف وتلقَّبوا بألقاب الخلفاء كالمأمون والمعتمد والمستعين والمعتصم والمتوكل إلى غير ذلك من الألقاب، ووصف هذه الحالة المشينة الشاعر أبو على الحسن بن رشيق فقال:
مما يزهدني فى أرض أندلــس سماع مــقتدر فيـها ومعتضد
ألقـاب مملكة فى غير موضعها كالهرِّ يحكي انتفاضًا صولة الأسد
ولما كان الوضع في الأندلس على هذا السوء، من التفرق والتشرذم، أعمل ملك الصليبين فيها ألفونسو السادس سيفه وسنانه، حتى أصبح ملوك الطوائف يبعثون بالجزية إليه كل عام، فضج ملوك الطوائف من تجبره وغطرسته، وقتل المعتمد رسل ألفونسو التي جاءت لتحصيل الجزية، فأعد ذلك الصليبي العدة لإفناء المعتمد وباقي ملوك الطوائف.
ومِن هنا أرسل ألفونسو برسالة إلى الأمير يوسف بن تاشفين يهزأ منه قائلًا: (فإن كنت لا تستطيع الجواز فابعث إليَّ ما عندك من المراكب نجوز إليك، أناظرك فى أحب البقاع إليك؛ فإن غلبتنى فتلك نعمة جُلِبت إليك، ونعمة شملت بين يديك، وإن غلبتك كانت ليَّ اليد العليا عليك, واستكملت الإمارة, والله يتم الإرادة).
فكان رد الأسد المرابط يوسف بن تاشفين مدويًّا، يقطر عزة وإباءً مع قلة حروفه ، فكتب على ظهر الرسالة: (الجواب ما ترى لا ما تسمع) [تاريخ الأندلس، ابن الكردبوس، ص(91)].
نصرته لملوك المسلمين في الأندلس:
أرسل ألفونسو رسالات التحذير والتهديد للمعتمد، مما دفعه بعد تفكير طويل إلى إرسال رسالة مكتوبة إلى الأمير يوسف مؤرخة 479هـ, يستنجد بيوسف بن تاشفين، جاء فيها: (ونحن أهل هذه الأندلس ليس لأحد منا طاقة على نصرة جاره ولا أخيه، ولو شاءوا لفعلوا إلا أن الهواء والماء منعهم من ذلك، وقد ساءت الأحوال، وانقطعت الآمال، وأنت أيَّدك الله سيد حمير، ومليكها الأكبر، وأميرها وزعيمها، نزعت بهمتي إليك واستنصرت بالله ثم بك، واستغثت بحرمكم لتجوز بجهاد هذا العدو الكافر وتحيون شريعة الإسلام وتدينون على دين محمد صلى الله عليه وسلم، ولكم عند الله الثواب الكريم على حـضرتكم السامية السلام ورحمة الله وبركاته ولا حول ولا قوة إلا بالله
العلى العظيم) [دولة المرابطين في المغرب والأندلس، د.سعدون عباس، ص(71)].
وأرسلت وفود شعبية من الشيوخ والعلماء رسائل تحثُ الأمير على إنقاذ الأندلس، وتأثر المرابطون لمُصاب إخوانهم فى الدِّين، وعرض أميرهم قضية مسلمى الأندلس على أهل الحلِّ والعَقْد عنده، وأجمعوا على نصرة دينهم وإعزاز كلمة التوحيد.
يوسف بن تاشفين في الأندلس:
لقد انزعج ألفونسو من مجيء المرابطين انزعاجًا كبيرًا, حيث شعر بعودة الروح المعنوية إلى أهالى الأَنْدَلُس الذين كان يسومهم سوء العذاب، يُقتِّل رجالهم ويسبى نساءهم، ويأخذ منهم الجزية، ويحتقرهم ويزدريهم، ويتلاعب بمصيرهم, وينتظر الفرصة لاستئصالهم من الأَنْدَلُس، لتعم النصرانية فى سائر البلاد، ويرتفع الصليب على أعناق العباد، وإذا بالمرابطين يربكون مخططاته ويبددون أحلامه.
وأرسل يوسف بن تاشفين إلى ألفونسو كتابًا يعرض عليه الدخول فى الإسلام أو دفع الجزية أو الحرب، ومما جاء فى كتاب الأمير: (بلغنا يا ألفونس أنَّك نحوت الاجتماع بنا, وتمنيَّت أن تكون لك فُلْكٌ تعبر البحر عليها إلينا، فقد جزناه إليك، وجمع الله فى هذه العرصة بيننا وبينك، وترى عاقبة ادعائك، وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) [وفيات الأعيان، ابن خلكان، (7/116)].
ولما قرأ ألفونسو الكتاب زاد غضبه وذهب عقله وقال: (أبمثل هذه المخاطبة يخاطبني وأنا وأبي نغرم الجزية لأهل ملته منذ ثمانين سنة؟) *[دولة المرابطين في المغرب والأندلس، د.سعدون عباس، ص(78)]، وقال لرسول الأمير يوسف: (قُل للأمير لا تتعب نفسك أنا أصل إليك) [روض القرطاس، ابن أبي زرع الأندلسي، ص(94)].
موقعة الزلاقة:
والتقى الجيشان بمكان عرف بعد الموقعة باسم الزلاقة؛ لأن الخيول كانت تنزلق من كثرة دماء الصليبيبن التي سالت على أرض المعركة، وفي محاولة ماكرة لخديعة المسلمين أرسل "ألفونسو السادس" يحدد يوم المعركة، فأرسل أن غدًا الجمعة، وهو عيد من أعياد المسلمين ونحن لا نقاتل في أعياد المسلمين، وأن السبت عيد اليهود وفي جيشنا كثير منهم، وأما الأحد فهو عيدنا، فلنؤجل القتال حتى يوم الإثنين.
استلم يوسف بن تاشفين الرسالة، وبوعي تام وبقيادة تعلم خبايا الحروب وفنون مقدماتها لم يُعلِم جيشه هذه الرسالة، إذ إنه يعلم أن هذا الرجل مخادع، وبعد ترتيب الجيش وصلاة فجر يوم الجمعة الموافق 12 من شهر رجب 479 هـ= 23 من أكتوبر 1086 م، هجم ألفونسو بجيشه، ولم تكن مفاجأة ليوسف بن تاشفين أن يخالف "ألفونسو السادس" طبيعته وينقض عهده.
إنما المفاجئة أصابت "ألفونسو السادس" الذي وجد الجيش الإسلامي على أتمِّ تعبئة وأفضل استعداد، وبخطة محكمة، كان يوسف بن تاشفين قد قسَّم الجيش ثلاث فرق: الفرقة الأولى وهي المقدمة بقيادة المعتمد وتضم خمسة عشر ألف مقاتل، والفرقة الثانية خلف الأولى وعلى رأسها يوسف بن تاشفين وتضم أحد عشر ألف مقاتل، ومن بعيد تنتظر الفرقة الثالثة وتضم أربعة آلاف مقاتل هم من أمهر الرماة والمحاربين.
لم تكن خطة يوسف بن تاشفين رحمه الله جديدة في حروب المسلمين، فقد كانت هي نفس الخطة التي استعملها خالد بن الوليد رضي الله عنه في موقعة الولجة في فتوح فارس، وهي أيضًا نفس الخطة التي استعملها النعمان بن مقرن رضي الله عنه في موقعة نهاوند في فتوح فارس أيضًا، فكان رحمه الله رجلًا يقرأ التاريخ ويعرف رجالاته ويعتبر بهم.
وأصاب الصليبين مقتلة عظيمة، وولَّى ألفونسو مطعونًا فى إحدى ركبتيه طعنة أفقدته إحدى ساقيه فى 500 فارس من ثمانين ألف فارس ومائتى ألف راجل قادهم الله على المصارع والحتف العاجل، وتخلَّص إلى جبل هنالك, وأصبح ألفونسو كما يصفه لسان الدين بن الخطيب: (فارًا لا يُهدى ولا ينام ومات من الخمسمائة فارس الذين كانوا معه بالطريق أربعمائة، فلم يدخل طُلَيْطِلَة إلا مائة فارس والحمد لله على ذلك كثيرًا، وكانت هذه النعمة العظيمة والمنة الجسيمة) [الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية، ابن الخطيب، ص (47)].
وأصبح يوم الزِّلاقَة عند المغاربة والأندلسيين مثل يوم القادسية واليرموك، يوم لم يسمع بمثله من القادسية واليرموك، فياله من فتح ما كان أعظمه، يوم كبير ما كان أكرمه، فيوم الزِّلاقَة ثبتت قدم الدِّين بعد زلاقها وعادت ظلمة الحق إلى إشراقها.
وفاته:
وفى غرة محرم سنة 500 هـ أي وهو في المائة من العمر، قرنًا كاملًا من الزمان، رحل البطل، وترجّل الفارس الشجاع، وموحد الأمة بعد أن أتم أمير المرابطين عمله الذي عاش وجاهد من أجله، ووحد بلاد المغرب والأندلس تحت راية واحدة، وأعاد الإسلام الصحيح بربوع المغرب، وأزال الظلمة والطواغيت والمتسلطين على رقاب العباد، وصدَّ الصليبيين عن مسلمي الأندلس، وأوقف حرب الاسترداد الإسبانية فترة من الزمان.
ويكفي شهادة ابن الأثير لذلك الرجل حين قال عنه: (وكان حسن السيرة خيرًّا عادلًا يميل إلى أهل الدين والعلم ويكرمهم، ويصدر عن رأيهم) [الكامل في التاريخ، ابن الأثير، (4/406)].
أهم المراجع:
1. روض القرطاس، ابن أبي زرع الأندلسي.
2. تاريخ الأندلس، ابن الكردبوس.
3. دولة المرابطين في المغرب والأندلس، د.سعدون عباس.
4. وفيات الأعيان، ابن خلكان.
5. الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية، ابن الخطيب.
6. الكامل في التاريخ، ابن الأثير.
7. فقه النصر والتمكين في دولة المرابطين، د.علي الصلابي.
8. موقع قصة الإسلام، www.islamstory.com (http://www.islamstory.com/)

مقاوم
12-23-2010, 05:49 AM
وعندما رجع أبو بكر من الصحراء جمع أشياخ المرابطين من لمتونة وأعيان الدولة، والكُتَّاب والشهود، وأشهدهم على نفسه بالتخلى ليوسف عن الإمارة، وعلَّل الأمير أبو بكر هذا التنازل لابن عمه يوسف لدينه وفضله وشجاعته وحزمه ونجدته وعدله وورعه وسداد رأيه ويمن نقيبته، وأوصاه الوصية التالية قائلًا:
(يا يوسف، إنِّى قد ولَّيتُك هذا الأمر وإنِّى مسئول عنه؛ فاتقِ الله فى المسلمين, وأعتقنى وأعتق نفسك من النار، ولا تُضيِّع من أمر رعيتك شيئًا؛ فإنَّك مسئول عنهم، والله تعالى يصلحك ويمدك ويوفقك للعمل الصالح والعدل فى رعيتك)
الله أكبر!
مثل زعماء زماننا تماما!!

جزاك الله خيرا يا بلال على هذا النقل المبارك. كنت قد بدأت قديما سلسلة بعنوان: "أعلام من أمتي" فأستذنك في نقل هذا الموضوع إليها.

مقاوم
12-23-2010, 05:57 AM
يرفع للمتابعة..

من هناك
12-24-2010, 12:22 AM
انت تأمر يا زعيم