تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سقوط بغداد ( ملحمة شعرية )



أحمد الظرافي
01-01-2008, 08:52 PM
سقوط بغداد في يد أمريكا أم سقوط أمريكا في المستنقع العراقي
" ملحمة شعرية "
أحمد علي صالح الظرافي

يا أهل وادي الرافـدين ســلامُ
عبْـر الأثـيـرِ تَحـفُّـهُ الأنســامُ

يا حبذا أرض السـوادوبُـوركـتْ
ودْيـانـهـا والشـــطُ والآكــامُ

حيا حضـارتهـا وغابر مجدهـا
مـا أروع التـاريــخ والأرســامُ

وسقتْ أقاليـم العراق سحـابـةٌ
وحنى عليـهـا بالظِـلالِ غـمــامُ

أما الغـزاة الظالمـون فمـالهـم
أمــــنٌ ولا ودٌ ولا إكــــرامُ

أنّى سيجزون الأمـانِ ولم تــزلْ
ضربـاتهم فيـنـا لـهـا أيْـــلام

هي غصّـةٌ مثلُ الشجا بحلوقـنـا
هي في القلـوبِ خنـاجـرٌ وسهـامُ

ياويحهُم جعلوا العـراق فـريسـةً
حتــى تُحقـقَ عنــوةً أحــلامُ

غدروا بقطرٍ مستقلٍ واســعٍ
للعُــْربِ والإسـلامِ عُمْـقٌ هــامُ

بلْ أرْضهُ أرض السـواد خصيبـةٌ
مِعـطـاءةٌ وكـريـمـةٌ مِنعـــامُ

أرض ثـراهـا دررٌ وجـواهــرٌ
والمـاء فيهـا والمـواد الخـــامُ

ولطـالما كد العِـدى وتهـافتـوا
من أجلهـا ولطـالمـا قد حـامـوا

حتى أتـاهـا موسـمٌ ليـناعهـا
ليـتمّ عبـر الطـامعـين صِــرامُ

والنفـط زرعٌ طـالمـا حرثوا لهُ
واليــوم تُحْصـدُ تـلكـمُ الأتـلامُ

لوأنّ ذلك قصـدهم فـلـربَّـمـا
قــلَّ الأسـى والحـــزنُ والآلامُ

لكنـه أمــرٌ اشــدّ وخـامـةً
ومـزلْـزلٌ فـجٌّ شــديـدٌ طــامُ

يبـغون تقسـيم العـراق وأهلـهِ
شيـعـا لكـلٍّ رايــةٌ وإمـــامُ

حتى تثـورالحـرب بيـنَ مذاهـبٍ
ويــزلّ فيهــا بالجـميـع تِـرامُ

" فرق تسد " هي الضمان برأيهـم
ليـكـون للغـزو البـغيـض دوامُ

ولكي يصـيـر الإحتلال ضـرورةً
ولهُ برغــم شـروره استـلـزامُ

ويكـون في نظر الأهالي قـاربـا
لنجـاتهــم ولأمنـهـم صـمّـامُ

وهناك يفرض ما يشاء ، ويجتـني
أثـمارهـا ، وتُـوفَـرّ الأغــرامُ

تـبـا لهـم إن العراق عصـيـةٌ
لا راحــةٌ فيـهِا ولا استـجمـامُ

هي للعلوج الغـاصبـين مقـابـرٌ
هـي للعِـدى مستـنقـعٌ وجُـثـامُ

إن العـراقيـين أهـلُ سـمـاحةٍ
عربــا وكـردا أخـــوةٌ تُـؤامُ

وهــمُ نسيـجٌ واحـدٌ متكـامـلٌ
فـأبــوهـم طـرا هـو الإسـلامُ

أمّا الذين أتـت بهــم دبـّابــة
- سحقا لهم - فجـلّهــــم ألأمُ

تركـوا مواخيـرَ الفسـادِ بلنـدنٍ
ومع الغـزاةِ المجـرمين تضـامُّوا

جـاءوا أدّلاءً لغـزو بـلادهــمْ
ولكي يــذّلَ الأهــلُ والأرحــامُ

قـالـوا معـارضةً ولم يكُ بينهـمْ
معــارضٌ أو قــائــدٌ عــزّامُ

ما بينـهـم إلا طــريد عـدالـةٍ
وملاحــقٍ تطـلبـهٌ الأحكـــامُ

أو رافضـيٌ باطنـيٌ حــاقــدٌ
ولـهُ بهـا ثـأرٌ ، لـهُ أخصــامُ

منهـم أمير المؤمنين بـــراءةٌ
ولهــم حسـينٌ لاعــنٌ لــوامُ

فهمُ الأولى حفروا الحفائر تحتهـا
كي تـُـزرعَ الأشـواكُ والألغــامُ

حتى هـوت بالفعـل بين بـراثـنٍ
كلمى تـولى أمـرها ضِمـضــامُ

غــولٌ عتـلٌ ، ماردٌ متـجبـرٌ
متــوحـشٌ وماعـلـيـهِ حِـجـامُ

طبـقا لشرعِ الغـاب يحكـمُ أهلها
وعلـى هــواهُ تُنـفـذّ الأحكــامُ

وهناك أهـدافٌ للعِـدى ومصـالحٌ
عبرَ التمـركز في العـراق ضِخَــامُ

فبُعيـدهُ حتما سـتذعن ليـبـيـا
وكـذا تُطــوقُ بالغـزاةِ الشــامُ

ومن السهولةِ أنْ تـحجـّم بعـده
إيــرانُ ثمّـتَ كوريـا وسَـيـامُ

وعـواصـمٌ للعُـرب بدون تـرددٍ
تَرقى لصهيــونٍ بهـا أعـــلامُ

ويـزيـد شـأنٌ لليهـود وربّمـا
مشــروع شـرقٍ أوسـطٍ سيُقـامُ

بـرعايـةِ الموساد بعـد دراسـةٍ
قـد صـاغه ذو خبــرة رسـّـام

ولقــد عرفنـا قبـل ذلك كـلـهِ
أنّ العــدو لـم يكــنْ صــدَّامُ

كـلاّ ولا تــرسـانـةٌ نـوويـةٌ
وذخـائــرٌ فتـاكــةٌ وســوامُ

إذْ كـلّ ذلك كـانَ محـض إشاعةٍ
قـد سـرّبـتْ ليـبـثهـا الإعـلامُ

ودعـايـةٌ ممقـوتـة وسـخيفةٌ
سيـقتْ ليـخـدعَ سـذجٌ وعـوامُ

في مركـز التضليـل قام بحبكهـا
متـطـرفـون ومتـرفـون دمِـامُ

ومن الضمير مجـردون حيـاتهـم
غـدرٌ ومـكــرٌ ، متعـةٌ وغـرامُ

ترعـاهمُ في الغرب أكبـر دولـةٍ
ولهـا نفــوذٌ كاســحٌ ومقــامُ

عمْـلاقة في الكون لاشيء فوقها
إلا الإلــهُ الـواحــدُ العـــلامُ

باتت تفـاخر في غـرورٍ أنّـهـا
فـي كـلّ شـيءٍ حـجـةٌ وإمــامُ

منهاجها في الحكم تـزعم أنــهُ
ينـبـوع خيـــرٍ للـورى ورهامُ

هي للصنـاعـة والتطـور معـْلمٌ
هـي للتـقــدِّمِ غـايـةٌ ومــرامُ

هـي فـي الإدارةِ سيـدٌ ومعـّلـمٌ
هـي فـي السيـاسـةِ ذروةٌ وسنامُ

ومزاعم اخـرى ، وثـمّ حقيـقـةٌ
فيـما تقــول وما هنـاك خِصـامُ

لكـن تلـك المنـجزات وغيـرها
عنـد التعـمـق صِـبغةٌ وهُــلامُ

ومـظاهـرٌ بـراقـةٌ لحضــارةٍ
فيـهـا يســودُ الجـانب الهـدّام

جـوفاء خاوية الصميم فما بهـا
روحٌ ولكـنْ في الصمـيـمِ عُـرامُ

ومرامها الدنيـا ، وأكبـرُ همّهـا
فيـها هـو الديـنـارُ والـدِّرهـامُ

كل الوسـائل للوصـول لغـايـةٍ
مشْـروْعـةٌ ، وتُـبــرّرُالآثــامُ

أمّا المهيـمـن في حـوار ثقـافةٍ
وفقـا لها فالصـارمُ الصـمـصـامُ

ومن الشواهـد والشـواهد جمـةٌ
ما قد جنـتْ من شـرَّهـا فتـنـامُ

وهـروشيـمـا دمرت بدقـائـقٍ
وكــأنّ كـل السـاكنـيـن هـوامُ

وكذا الهنود اُستأصلوا وكـأنـّهـمْ
ورمٌ خبـيـثُ مُـزمــنٌ وجُــذامُ

واليـوم قد كشـف النقـاب مجدَّداً
وأُميـط عنـهـا في العـراقِ لثـامُ

إذا بـهـا رمـزٌ لكـلّ قبـاحـةٍ
وبشـــاعــةٍ ، وكلّـهـا أورامُ

والوجـه فضٌ بالدمـاءِ مُلـطـخُ
يتـطايـرمنـهُ الشــرُ والإجـرامُ

قالوا: العراقيون شعـبُ حضـارةٍ
ومُكــافِـحٌ ومثـابــرٌ هـمّــامُ

لكنــه مستـعـبـدٌ ومـعـذبٌ
يطـغـى عـليـه حـاكـمٌ ظـلاّمُ

من حقـه يحيا بـدون تعـاسـةٍ
ويكـون مـن بعـد العنـاء وئـامُ

ويُـزاح صـدّام وسـائـرجـيشهِ
وقيــادةٌ بـعـثـيـة ونظـــامُ

مـذ ثـلـث قـرنٍ قد أناخ بثقلهِ
فــوق الصــدور وجـاثـمٌ رزّام

بل لا يـزال مهيـمنٌ ومسيـطـرٌ
وبكـفـّه رغـم الحصـار زمــامُ

لكـنّ أمـريكا بهِ لـزعـيـمـةٌ
هـذا علـيهــا واجـبٌ ولــزامُ

أهـدافـها العليا بـذلك قــررت
وقـضـت فلا نقـضٌ ولا إبــرامُ

ومضت بإصرارٍ تـجمّـعُ شملهـا
بـل كـان منـهـا الجـدُّ والإقـدامُ

وهنـاك لا ظلٌ يظـلّ ولم تـطـرْ
كيمــا تبشـرَ بالسـلامِ حَـمــامُ

بـل طـائراتٌ أمطـرتـهُ بقسـوةٍ
حمما ، وفيها الـرعـب والإعْـدامُ

ومن القنـابـل كلّ ماهو صاعـقٌ
كـلاّ ولـم يسبـق لـه استـخـدامُ

ومن الصواريخ التي تعبـرُالمـدى
كوروز ، توماهوك ، سكود ، وسـامُ

وذخـائرٌ محضـورةٌ وخـطيـرةٌ
والمــوت فيهــا أحمــرٌ وزؤامُ

وإلى جحيم أرض دجلـةَ حـولت
ولهــا أزيــزٌ هـائـلٌ وضـرامُ

أفـلاذ أكبـاد العـراق بجـوفـها
سـحقـوا كمـا قـد تُسحقُ الأكمامُ

وقضى ألـوف الآمنيـن حيـاتهم
صعـقـاً وهـم في دورهـم نـُوامُ

يــاربّ أحيــاء وجـدّ فقيـرةٌ
قـد كـان فيهـا كثـرة وزحــامُ

قصـفت نهارا دون أيّ هــوادةٍ
وأصـابهـا طـرا دمــارٌ تــامُ

سُفـكـتْ بـلا ذنـبٍ دماء نسائها
ورجـالهــا وتشـوهـت أجسـامُ

كانـوا طعـاما للهيـب ومن نجا
من قصفهم قضى عليـه ركـــامُ

ولمـن بقى مـن بعد ذلـك كلـه
فهنـاك أهــوالٌ أشــدّ جســامُ

يشوى الفتى منها بكـلّ دقيـقـةٍ
وأمـامـه دون الِحمـام حِـمــامُ

كم مـن مسـنٍ قد أصيـب بسكةٍ
لمّا يقـم مـن بعــد ذاك قَــوَامُ

كم مرضعٍ تـركت رضاع وليـدها
بل اسـقـطت أحمـالهـا الأرحـامُ

جـرّاء قصـفٍ شامل متـواصـلٍ
قـاسٍ ومنْـهُ تصْـعـقُ الأحــلامُ

فقدت بـلاد الرافـدين وئـامهـا
وتزايد فيـهـا الفـقـرُ والأيـتـامُ

وتشـرّد الأهلون في صحـرائهـا
وبيوتهم بعــد القصــور خيــام ُ

أمسوا حيارى فـاقـدين لأمنهـم
وتفـاقمت الأمـراضُ والأسـقــامُ

والموت أضحى خلفهم وأمـامهـم
حتـى الهـواء مـلـوثٌ أو سـامّ

ومسـاجدٌ قُصـفت بدون هـوادةٍ
والنـاسُ فيـهـا ركــعٌ وقيــامُ

جُعلتْ حضارات العراق مبــاحـةً
وعـدا عليهـا عـابـثـون طغـامُ

هذي متاحفهـا يبـابـا أصبـحت
تـأوي بهـا الغـربـان والأبــوامُ

بل العــراق بأسـرها قـد دنست
غدرا وفيـهـا للغــزاة مَـقــامُ

هذي سيـول من دمـاء رجالهـا
تجـري ويـزعــم أن ذاك سـلامُ

أما الشباب ففي السجـون ومالهم
عنـد الغـزاة الغـاصبين ذِمــامُ[1]

فيجـرجـرون بـدون أدنى حجـةٍ
من البـيـوت كـأنـّهـم أغـنـامُ

يتـفنـن العِـلجان فـي إذلالهـم
ولهـمْ بـذلك شـهــوةٌ وهـيـامُ

يلقـونهـم أرضا بكـلّ فضاضـةٍ
وتُكسـَـرّ الأطــرافُ والأعـظـامُ

ودمـائهم مهـراقـةٌ وجسومهـم
قـد شــوهتـهـا نُـدبٌ وكُــلامُ

أحْـوالهـم في الأسر شيءٌ مرعبٌ
منـهُ تُشـيـب مفــارقٌ ولمــامُ

أمـا لمـاذا كـل ذلك يـافتــى
فلكـونهـم شـمّ الأنـوف شِـهـامُ

ولكـونهـم لم يظهروا لمنِ اعتدى
لارايــةٌ بيضــاء لا اسـتسـلامُ

في أم قصـرٍ والزبـيـر وبصـرةٍ
سـالت دمــاء كالسيـول سجـامُ

في مدن الأنبـار حـربُ شـوارعٍ
ومـعـاركٌ طــاحنـةٌ وصِــدامُ

وعلـى تخوم أبي غريـبٍ فلّقـتْ
للمعـتـديـن الظـالمـيـنَ الهـامُ

وشـدّ في درب الفـداء وقـوفهم
متـطـوعـون ومخلصـون هِمَـام

عبـروا الحـدود وهامهـم بأكفهم
كـلٌ ليــوم المـلتـقـى بسـَّـامُ

كـلٌ فـداءُ للعــراقِ بـروحـهِ
لينال من شــرف الجهـاد وسـامُ

ففـدى لهم روحي وما ملكت يدي
ولهـم جـزيـلُ الشـكرِ والإعظـامُ

أسـدٌ ليومِ كريـهـةٍ وبمثـلهـمْ
تُحمى الثغـورُ وتُحـرسُ الآجــامُ

وبمثـلهم ياصاح تنـهـض أمّـةٌ
وتُحـطّـمُ الأوثــانُ والأصـنـامُ

إخوان صـدقٍ أوفيـاء لدينـهـم
ولمستـوى الحديث الخطير تسـاموا

قد جسدوا ما في النفوس وعبروا
عمّـا يجيش بـه الشعـورالعــامُ

في طول أرض المسلمين وعرضها
فيمـا عـدا العمــلاء والحكــامُ

وأقـولـها بـمَـرارةٍ وتـشنـجٍ
وتــأجــجٌ بيـنَ الحشــا وأوامُ

ودمي يثـور في العروق ويغتـلي
كمـراجلٍ فـيهـا يثــور الجــامُ

إنّ البـلاءَ أسـاســهُ الحكــامُ
أولئــك الأتبــاعُ والأقــــزامُ

الجاثمونَ على العروش وما لهـمْ
مثـل الدمى حـلٌ ولا إبـــــرامُ

فالبعضُ منهـمْ طـيعٌ بيد العـدى
وكـأنّــهُ فـي أصـبـعٍ خيـتـامُ

والبعـضُ منهمْ راضـخٌ وكـأنّما
في أنفـهِ مثـل البعـيـرِ خِـطـامُ

ولهـم مواقفُ جـدُّ جدُّ عجيـبـةٌ
تَحْتــارُ في تفسـيرهـا الأفهـامُ

شمّ الأنوف على الشعوب ضـراغمٌ
وعلى الغـزاة المجرمين نعــــامُ

وعلى الشعوب صـوارمٌ وصواعقٌ
وعلـى العِـدى فتـائـل ورمــامُ

ومحنـكون ومبـدعـون أمامنـا
لكـن أمــام الغــاصبـين بعـامُ

وهـمُ كـرامٌ بالمــوارد للعِـدى
وللـرعيـة والشـعــوب عجـامُ

والويل كل الويـل لكـل معـارضٍ
والسـحـلُ والتنكيـلُ والإفحـــامُ

فهـمُ كحجـاج وأكثـرُ قســوةً
لكنـّــهُ سهـــمٌ وهـــم أزلامُ

أم أين هم من ابن يوسـف والذي
دانـت لـه الرومــانُ والأعجـامُ

ولهــمْ جيـوشٌ وفيـالقُ جمّـة
بـل مالهـا حصــرٌ ولا أرقــامُ

وأراضهــم محتلةٌ وعروضهــمْ
تـلقى الهـوان أمامـهـم وتُسـامُ

لمّـا يُحـرّك دون ذلـك فيـلـقٌ
وتجـاهـلـوا أنـاتهـا وتعـامـوا

وإن استُـفزّ لنجـدةٍ ذو غـيـرةٍ
قـالـوا حــرامٌ أنْ يُسـلَّ حُسـامُ

وإذا انبـرى ليـمـدّ أيّ معــونةٍ
فبتهـمـة الأرهـاب سـوف يُـرامُ

ويُقـابـل الغازي الأثيـم بغبـطةٍ
وبشــاشـةٍ وتعـزفُ الأنـغــامُ

يَحْـظَى بتكـريـمٍ كبـيـرٍ قلَمـا
يحـظـى بـهِ الأخـوانُ والنـُـدّامُ

ويُحـتسى تحيــةً لحـلــولـهِ
ضيـفـا عليـهـم نُخُـبٌ ومُـدامٌ

ويُتـوجون خزيـهـم بتـواطىءٍ
وخيانةٍ وتبـصـــمُ الإبهـــامُ

ومعسكرات أوقــواعـد للعِـدى
فـي قلـبِ أرض المسلميـن تُقـامُ

متناقضاتٌ في الغـرابـة غـايـةٌ
أعـيـا لبـيـبا حـولهـا استفهامُ

إن لم يكنْ للديـنِ والأرض قيـمةٌ
عنْ أيّ شيءٍ ياتُــرى سيحــامُوا

إن لـم يكن للعرض درعُ وقـايةٍ
أتــرى لجيـشٍ بعـد ذاك مهـامُ

وقضـية الإعـلام جـدّ خطـيـرة
فـإنـّه مـن حــولهـم حــوّامُ

أمسى لهم ظلا يـواكب خطـوهـم
وصـدى لكـل شئـونهـم وبغـام

إّذ كـلِّ فعـلٍ أو لقـاءٍ تـافــهٍٍ
فلـهُ بـأول صفـحــةٍ إقحــامُ

وغـدا مع الأيـام بوق دعـايـة
يصحــو على إطـرائهـم وينـامُ

يثنـي على أمجـادهـم وفعِالهـم
وكـأنّهــمْ معــالــمٌ وأطــامُ

يضـفي عليهم هـالـةً وقداسـة
وهــمُ مقــالٍ هشــةٌ وبـُـرامُ

وكلامهــمْ دررٌ وفيـهِ بـلاغـةٌ
أو حكمـةٌ مــع أنهــمْ أغتــامُ

فكفى أسىً ياصاح ويكفي حسـرةً
هل يجـدي أصحـاب القبور مـلامُ

كلٍّ بـوقـرٍ قـد أصيب بسـمعـه
وعلى القلــوب غشـاوة وسخـامُ

انظر إلى سيـمائهم ووجـوههـم
واْحـذرْ يغــرك منهـم الهـنـدامُ

ستـرى وجوها قـد أريقَ حياؤها
وزال منـهـا رونــقٌ ووســـام

وترى أنوفـا قد أهيـن شموخهـا
فعـلى عـرانيـن الأنـوف سحـام

وأبـو رغالٍ مثـلهـم إن قورنوا
أو شــاور الغـدّار أو ضـرغـامُ

والرافضيّ ابن العلقمي شبيهـهـم
وكـذا سلـْولُ المـرجـفُ النمـامُ

لوكـان فيـهـم ذرةٌ مـن نخـوةٍ
لم يـغـزُ أرض الرافـديـن لئـامُ

لـو لم يكـونـوا للغـزاةِ مطيّـةً
مـا ذلَّ في دار الســلامِ كـــرامُ

لهفي وهل يجدي التلهـفُ والأسى
نفعـا ، وحاضـرة الرشيـد تُضـامُ

والرافـدان من الدمـاء تخضـبا
وطفتْ جمـاجـمُ فيـهـما ورِمـامُ

ذاك الجمـال الغضُّ غيـره البـِلى
تلك المحـاسـن عمَّهــا الإدهـام

تلك القصـور الشـمّ أين بهـاؤها
أم أيـن منهـا مـرمـرٌ ورخــام

وزوابع الدخـان من أحيـائـهـا
تعلـو وفيهـا للأنــوف زكــامُ

وحـدائق من حـولهـا ومـزارعٌ
عـاثـت بهــا الغــزلانُ والآرامُ

وكـأنّهـا بالأمـس لم تـكُ جنَّـةً
فيـهـا فـواكـهُ جمـةٌ وطعــامُ

وبـلابـلٌ تشـدو تُسبَّـح ربـهـا
وحمـائــمٌ صــدّاحـةٌ ويمــامُ

والمسـلمات الماجدات بحـرقـةٍ
يـصـرخـن واربــاه وإســلامُ

فعلى الحـواجـز كـم يجدنً مهانةً
بــل في المنـازلِ فُضّـتِ الأختامُ

كـمْ مـنْ فتاةٍ حـرّةٍ وعفيـفـةٍ
لـمْ يبـدُ منـْهـا للشقيـقِ خِـدامُ

ويقـودهـا العـلجُ الصفيق كأنّها
شـاةٌ ، وعنهـا قـد أُزيـل حِـرَامُ

يـا أمَّـة القــرآن أتباع أحمـدٍ
حتــّـامَ هــذا الواقـعُ المِظـلامُ

هنـّا وهانتْ في الحيـاة دماؤنـا
وكـأنّنــا وسـط الفـلاةِ سـوامُ

ولخلْـع ثوب الذلّ قـومي انْهضي
قـد حـان وقـتٌ أن يكـون قيـامُ

كيف الرقـاد وفي الحضيض كرامةٌ
مثـل السـجـار تـدوسهُ الأقـدامُ

دار الخـلافـة أصبـحت محتـلةً
فيها العلـوج الغـاصبيـن أقامـوا

والأخت ليلى في العـراقِ أسـيرة
ويُـهيْـنهـا الأوغـادُ والأزنــامُ

قـومٌ تـرعرع جلّهـم بمـلاجىء
حـمـرٌ وخضـرٌ بعضهـمْ وفِحـامُ

قـوم حديثٌ عهـدهـم بمـدينـةٍ
ومـن الحضـارة مفلسـون عِقـامُ

ومن العجـائـب أن يُقـال بإنَّهـم
رسُـلٌ لتحـريـر العــراق فِهـامُ

أيصـدّر التـحرير منهـمُ مثـلما
منْهــمْ تصــدّر نحـونا الأفـلامُ

هـل التحـّررِ أنْ تـُـدمَّر دولـةٌ
ويُبـاد بالقصـف العنـيـف أنـامُ

هـل العراقيـون شعـبٌ قاصـرٌ
مـازال في نظـرِ الغــزاة غـلامُ

حتى يـولـى أمـرهُ أبـْـريـمرٌ
ويصـيـغ دستـورا لـهُ حـاخـامُ

والعـيب فيـنا ، لا يُعـاب عدونا
كــلاّ ولا الأقـــدارُ والأيــامُ

بغــداد بعـد القدسِ وبعـد مليلةٍ
قـد باعـهـا ولاتُـنــا القُـيـامٌ

بـل قـدمتـهـا قِربةً لبقـائهـا
نظـمٌ تمـادت فـي الفسـادِ قِحـامُ

وإنّهـا فعــلا لأعظـم ضــربةٍ
مـن هــولهـا تـداعـت الأعلامُ

هي صعـقـةٌ كبـرى اهتـزت لها
رضــوى ومـادت أطـلسٌ ولكامُ

وانهـار عيبان الأشـم ويـافـعٌ
ومنــاخـةٌ وسمــارةٌ وشـبـامُ

وأصـاب نجدٌ والحجـاز تصـدعًا
واهتــزت الظهــران والـدمـامُ

والبـدر فوق الشـام أمسى مكسفاً
وتنـاثرت مـن جـوهـا الأنجـامُ

ومقـطمٌ في أرض مصر تهشـمت
من الأسـى وانشـقـت الأهــرامُ

وهوى شهابٌ ثـاقـبٌ في ليبـيا
وعلى الربـاط تسـاقطـت أجـرامٌ

وجلّلت السـودان سحبٌ كثـيفـةٌ
سـوداء فيهـا صـرصـرُ وقتـامُ

وكـذا أمـارات الخليـج ومسقـطٍ
نـزلت بـهـا نــوازلٌ ولمــامُ

بل ليـس ثمّة مـن بـلادٍ مسـلمٍ
إلاّ وغـطـى أفقـــهُ الإعـتـامُ

إنّ العـراق عـزيزة ومقـامهـا
عـالٍ ولا يعـلــو عليـه مقــامُ

هي مصنـع التاريخ والمجد والإبا
هي للحضـارة مـركـزٌ وضـمـامُ

هي تـاج عـز العرب فيها مجدهم
طـرا وفيهـا العـلـمُ والأعــلامُ

فيهـا سمتْ للمسلميـن خـلافـةٌ
وسمـا بـهــا خليـفـةٌ وإمـامُ

وشـذا جدودٍ أبـدعوا في ظلهـا
فهـمُ شمـوسٌ في الورى ونِجـامٌ

وبـرغم قسوة أوفـداحـة ماجرى
فلكل شــيء غــايةٌ وتمـــامُ

وسيخـطئ المحتَّـلُ تسعيـن مرةً
إنْ قــال يــومـا إنّـهُ غـنّـّام

إذ أنّـهـا أصـلاً بـدايـةُ جـولةٍ
حاشـا تكـون نهـايــةُ وختـامُ

ولعلّ ذلك مـن دواعـي صحـوةٍ
وخـلافــةٍ منشـودةٍ ستـقـُــــامُ

وعـلامةٌ للمؤمنيـن وعـبــرةٌ
أنّ السـلام مـع العِـدى أوهــامُ

وبأنَّ عـزَّ المسلمين ومجـدهـمْ
فـي دينـهـمْ ، وما عـداهُ غَـرَامُ

إنْ لم يكـن هذا الطـريق طـريقنا
يا هــــــذه الدنيـا عليــك ســلامُ

[1]كتبت هذه القصيدة قبل فضيحة أبي غريب الشهيرة

و عند جهينة
01-10-2008, 05:57 AM
صح لسانك
قصيدة جزلة المعاني وتعابير قوية
بارك الله فيك على الابداع
وبانتظار المزيد

أحمد الظرافي
01-10-2008, 10:35 AM
بارك الله فيك أخي ( وعند جهينة ) وشكرا على مرورك وتعليقك المشجع الذي يرفع المعنويات