تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : التضخم أسبابه وعلاجه



ابو شجاع
12-24-2007, 12:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

التضخم أسبابه وعلاجه

http://www.hizb-ut-tahrir.org/arabic/images/other/pdf6.gif (http://www.hizb-ut-tahrir.org/PDF/AR/ar_w_pdf/Wilayah-KT211107.pdf)
كلما هبط سعر الدولار خسرت الكويت مليارات الدولارات على أربع جهات؛ تخسر الكويت من قيمة النفط لأنه مقوّم بالدولار، وتخسر ثانية عند صرف الدينار بالعملات العالمية، وتخسر ثالثة من قيمة استثماراتها المقوّمة بالدولار في الخارج، وتخسر رابعة من قيمة احتياطها النقدي فى البنك المركزي. فهبوط الدولار 20% من قيمته مثلاً يعني خسارة من قيمة برميل النفط بالنسبة نفسها. وهبوط سعر الدولار يعني ارتفاع سعر العملات العالمية الأخرى مثل اليورو والين والجنيه الإسترليني مقابل الدينار، حيث يشكل الاستيراد من مناطق هذه العملات حوالي 80% من استيراد الكويت. أما خسائرها من قيمة استثماراتها، فقد نقل تقرير الشال المنشور في جريدة القبس بتاريخ 09/09/2007م عن جريدة وول ستريت جيرنال، أن استثمارات الكويت بلغت حالياً 213 مليار دولار، ولكن تظل قوتها الشرائية أقل مما كانت عليه في عام 1990 عندما كانت قيمتها نحو 100 مليار دولار. أما خسارة الكويت من قيمة احتياطها النقدي، فسببها أن الدولار يشكل النسبة الأكبر من سلة العملات التي تغطي الدينار، ومهما ارتفعت العملات الأخرى أمام الدولار، لا تغطي الخسارة التي تتكبدها الخزينة بهبوط الدولار. هذه الخسارة المركبة وراء ضعف القيمة الشرائية للدينار وبالتالي ارتفاع الأسعار، وهو ما يعرف بالنظام الرأسمالي بالتضخم. وفى المقابل فإن أميركا تربح بهبوط الدولار ثلاث مرات؛ تربح بزيادة صادراتها لرخص أسعارها، وتربح ثانية من تحويلات أرباح شركاتها العالمية من العملات العالمية المرتفعة إلى الدولار الرخيص، وتربح ثالثة بتنشيط اقتصادها وحمايته من الركود.

هذه الخسارة التي تتحملها الكويت وغيرها من بلاد المسلمين، والأرباح التي تجنيها أميركا عند هبوط سعر الدولار ما هي إلا النتيجة. أما سبب هذه الخسارة فهو إلغاء نظام الذهب واستبدال نظام النقد الورقي الإلزامي به من جهة، وتقويم النفط بالدولار من جهة أخرى. ونظام الذهب، هو أن تكون الوحدة النقدية للدولة مقوّمة بكمية محددة من الذهب، وقابلة للاستبدال بالذهب في أي وقت، فيكون سعر الصرف ثابتاً لأنه منسوب إلى وحدة ذهبية متعارف عليها. فمثلاً الدينار في الإسلام محدد (4,25) جرام ذهباً، والجنيه الإسترليني كان محدداً بغرامين من الذهب الصافي، والفرنك الفرنسي كان يساوي غراماً واحداً من الذهب. ولذلك كان الصرف ثابتاً لا يتأثر بالتقلبات أو الأزمات الاقتصادية. أما نظام النقد الورقي الإلزامي، فهو أن أي مادة تصبح بفضل القانون وسيطة عامة للتبادل المالي، تأخذ قيمتها بقانون الدولة، وترتفع قيمتها وتنخفض بحسب اقتصاديات الدولة وسياساتها المتبعة. ولذلك تتقلب الأوراق النقدية صعوداً ونزولاً بشكل مستمر ولأسباب لا حصر لها.

وقد تم إلغاء نظام الذهب في عام 1944م في مؤتمر بريتون وودز في الولايات المتحدة الأميركية، واشترطت أميركا على الدول أن يكون الدولار فقط قابلاً للاستبدال بالذهب، وسمي هذا بنظام صرف الذهب. وعليه بدأت الدول تغطي نقدها بالدولار ونسبة قليلة من الذهب. ولكن مع كل أزمة نقدية أو اقتصادية كانت أميركا تتنصل من جزء من مسؤولياتها تجاه نقد الدول الأخرى، فبدأت بالتخلي عن استبدال الذهب بالدولار الموجود داخل السوق الأميركي، ثم تخلت عن استبدال الذهب بالدولار للأفراد والشركات، أي الأموال الخاصة، فى الخارج. وفي عام 1971م ألغت أميركا استبدال الذهب بالدولار نهائياً، أي تم إلغاء نظام صرف الذهب، وأصبحت الأوراق النقدية الإلزامية هي المستعملة. عندها كانت الدول الكبرى والصغرى تتخذ من الدولار غطاءً لنقدها. وحين ألغت أميركا نظام صرف الذهب، كانت عملاقاً اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، لم تستطع الدول التخلي عن الدولار، إما خوفاً على عملتها واقتصادها من الانهيار، أو خوفاً من سطوة أميركا. ففضلت بعض الدول التمسك بالدولار وتحمل الأزمات النقدية، وخضع البعض الآخر للهيمنة الأميركية ولو خسرت المليارات من قيمة ثرواتها. ومن هنا يتضح لنا كيف ارتبطت العملات ومنها الدينار بالدولار.

وبسبب إلغاء نظام الذهب واتخاذ نظام النقد الإلزامي بديلاً عنه، واتخاذ النقد وسيلة من وسائل الاستعمار، أخذت أميركا تتلاعب بنقد العالم وفقاً لمصالحها، وزادت من إصدار النقود، مما أوجد التضخم الكبير وتدهور القوة الشرائية له.
وللمحافظة على قيمة النقد وحل مشكلة التضخم لابد لنا من ثلاثة أمور:

أولاً؛ إعادة نظام الذهب الذي أمر به الله سبحانه وتعالى، حيث روى أبو داود والنسائي عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ»، وكانت قريش في مكة تتعامل بدنانير الذهب ودراهم الفضة، ولكن ليس عداً بل وزناً. كما أن الأحكام الشرعية المتعلقة بالمال ربطت بالذهب والفضة ليس غير، مثل نصاب زكاة المال، ومقدار الدية، والمقدار الذي يوجب القطع بالسرقة، كما خُصَّ الذهب والفضة في أدلة تحريم كنز المال. علماً بأن الشرع قد حدد وزن الدينار بـ 4.25 جرام من الذهب الخالص ووزن الدرهم بـ 2.975 جرام من الفضة الخالصة. وفوائد نظام الذهب كثيرة منها أنه يحافظ على استقرار النقد المالي، فهو لا يعرف للتضخم معنى؛ لأن قيمة السلع ترتفع بارتفاع قيمة الذهب وتنخفض بانخفاض قيمته كذلك؛ فمثلاً لو أن سلعة ما تساوي جراماً واحداً من الذهب، فإن قيمتها تظل جراماً واحداً بغض النظر عن قيمة الذهب، وبالتالي لا تنخفض القيمة الشرائية للعملة، وعليه لا وجود للتضخم في نظام الذهب. ومن فوائد نظام الذهب أنه يثّبت سعر الصرف بين الدول فتتقدم التجارة الدولية، كما يحافظ نظام الذهب على قيمة النقد لأنه محدد بكمية الذهب الموجودة في الدولة، فلا تستطيع الدولة طباعة عملتها وعرضها بالسوق بدون غطاء كامل من الذهب. وبنظام الذهب تذوب مشكلة العملة الصعبة؛ لأن العملة العالمية هي الذهب.

ثانياً؛ أن يقوّم النفط ومشتقاته والغاز بالذهب، كأن يقوّم برميل النفط بعشرة جرامات من الذهب الخالص مثلاً، فيدخل في خزينتنا ذهب بدلاً من الورق.

ثالثاً؛ سحب أرصدتنا من الخارج واستثمارها، داخل البلاد والمنطقة، بالصناعات النفطية وما يقوم عليها مثل الصناعات البتروكيماوية، وإقامة المصافي والصناعات التي تقوم على النفط وهي كثيرة جداً. وبهذا نبني قاعدة صناعية استراتيجية ونملك أصولاً حقيقية وتكون استثماراتنا محمية، بدلاً من أوراق متقلبة القيمة وأرصدة بنكية غير محمية.

أيها المسلمون:

إن أزمة التضخم من طبيعة الاقتصاد الرأسمالي لأنه نظام عاجز عن معالجة مشاكل الإنسان لأنه من وضع البشر. ولولا هيمنة الدول الرأسمالية على الشعوب ونهب خيراتها وسلب ثرواتها، لعصفت بهذا النظام الرأسمالي أزماته، وانهار كما انهارت الاشتراكية من قبل. ونحن جزء من هذه الشعوب المستعمرَة، ثرواتنا نهباً وخيراتنا سلباً. وإلا! فبأي مقياس شرعي أو عقلي أو منطقي نقبل بأن نتحمل خسائر بمليارات الدولارات لينشط الاقتصاد الأميركي! ونتحمل هذا التضخم ليتعادل الميزان التجاري الأميركي! وتبقى آلاف المليارات من أموال المسلمين تدور في الاقتصاد الأميركي والأوروبي والمسلمون يعيشون هذا الفقر والتخلف والتبعية؟!

إننا ندرك أن الحكام لا يجرؤون على تنفيذ مثل هذه المعالجات، لأنهم استمرأوا التبعية وقبلوا بما يملي عليهم الكافر من سياسات. كما ندرك أن المعالجات الشرعية، صحيحة وعملية وميسورة لدولة مخلصة للأمة، هي دولة الخلافة الراشدة، التي تقوم على عقـيـدة الأمـة ومبـدأ الأمـة وتطـبـق أحكام الله على الأمـة، فتضـع هذه المعالجـات موضع التنفيذ، لتخلص المسلمين من التبعية للكافر والارتباط بنظامه الرأسمالي العاجز وسياساته المالية الفاسدة. فإلى العمل مع حزب التحرير لإقامة الخلافة الراشدة ندعوكم أيها المسلمون.

قـال تعـالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.(النور:51)



11 من ذي العقدة 1428هـ

حزب التحرير


2007/11/21م

ولاية الكويت

http://www.hizb-ut-tahrir.org/index.php/AR/wshow/335