تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : شموخ في زمن الانكسار



أبو عاصم
12-24-2007, 07:11 AM
شموخٌ في زَمَنِ الإنْكِسَارْ

أ.د.عبدالرحمن العشماوي


سُحُبٌ تلوحُ ورعدُها يتكلمُ

والأرضُ تسمعُ ما ُيقالُ وتَفْهَمُ


وفم الربيع الطًّلق يحكي قصةً

مما مضى وفؤادهُ يتألًّمُ


كانت هنالك روضةٌ مخضرةٌ

وبلابلٌ في ظلِّها تترنَّمُ


كانت هنالك زهرةٌ فوَّاحةٌ

وصغيرةٌ ترعى ، وطفلٌ يحلمُ


كانت هنالكَ أسرةٌ مستورةٌ

تحيا الكفافَ ، والتآلف تنعم


كان المساءُ حكايةً ليليَّةً

يَهذي بها قمرٌ وتُنصت أنجمُ


كان الصباحُ قصيدةً عربيةً

والشمسُ تنشدها فلا تتلعثم


كانت ربوع القدس أرضاً حرَّةً

تُرعى كرامتُنا بها وتُعظَّمُ


يأتي إليها الفجر طفلاً أشقراً

ولسانه بالذكرياتِ يتمتم


كنّا بها الأحبابَ يجمع بيننا

دينٌ يلمُّ شتاتنا وينظِّم


ومضتْ بنا الأيام ، ليلٌ حالكٌ

يسطو ، وفجرٌ ضاحكٌ يتجهَّمُ


ومضت بنا الأيام ، بيتُ رذيلةٍ

يُبنَى ، وبيتُ فضيلةٍ يتهدَّم


ومضت بنا الأيام مركب حسرةٍ

ينجو ، وزورق فرحةٍ يتحطَّم


ومضت بنا الأيَّامُ ،موكب عزمنا

موقفٌ ، وعدوُّنا يتقدَّمُ


وسمعت صوتاً في مغارة خوفنا

يوحي صداه بظالمٍ لا يرحمُ


من أين هذا الصوت ؟ كلُّ إجابةٍ

تاهتْ ، ووضعُ بلادنا تأزَّم


ومضت بنا الأيام حتى أسفرتْ

عن وجهها الأحداث واختلط ّالَدمُ


وتجدًّد الصوت الغريبُ ، نداؤه

شُؤمٌ ، وأصوات المدافع أشْأَمُ


وتجدًّدت مأساتُنا ، وتمزًّقتْ

أوصال أمتنا ، ونام الضَّيغمُ


من صاحب الصوت الغريب وما

الذي أغراه بي ، حتى أتى يتهجَّم؟


هو صوتُ شذًّاذ اليهود ، وراءًه

قوَّات أمريكا تُغير وتجم


ماذا يقول الصوت ؟ نصف حديثه

دعوى ، ونصف حديثه لا يُفْهمُ


مازال ينطق ، والوسائل لم تزلْ

تروي لنا أقواله وتقدِّم


صوتٌ ينادي أمتي ورجالها

جهراً ، ونيرانُ الضَّغينةِ تُضْرَمُ


لا ترفعوا رأساً ، فإنَّ حسامَنا

بإزالة الرأس العزيزة مُغْرَمُ


لا ترفوا كفاً ، فإنَّ عيوننا

مبثوثة ، والقيد قيدٌ أدْهَمُ


لا تنطقوا حرفاً ففي قانوننا

أنَّ الثغور الناطقاتِ تُكمَّم


وإذا ضربناكم ، فلا تتحرَّكُوا

وإذا سحقناكم فلا تتألَّموا


وإذا أجعناكم فلا تتذمَّروا

وإذا ظلمناكم فلا تتظلَّموا


نُلقي الطعام لكم ، فإن قلنا : كلوا

فكلوا ، وإلا بالصيام استعصموا


عرب وأجمل ما لديكم أنَّكم

سلّمتمونا أمركم وغفلتمو


ماذا دهاكم ؟ تطلبون حقوقكم

طلب الحقوق من الضعيف محرّمُ


نحن الذين نقول ، أما أنتمو

فالغافلون الصامتون النوَّمُ


الأرض كل الأرض ، مسرحُنا الذي

تجري الفصول عليه وهو مقسَّمُ


نُجري الشخوص كما نشاء ونشتهي

الدَّور يُملا ، والمشاهد تُرسَمُ


لن تستريح قلوبنا إلا إذا

لم يبق في الأرض الفسيحةِ مُسلمُ