تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مفهوم النصر



طرابلسي
12-09-2007, 06:20 PM
بسم الله نبدأ
مفهوم النصر
ان النصر محبب إلى النفوس وقد جُبل الإنسان على حب النصر وغلبة الأعداء ، كما قال الله تعالى : { وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب } .
وأيام النصر والهزيمة كانت ولا تزال أيام حاسمة في تاريخ الأمم منذ القدم وحتى يومنا هذا .
فمثلاً نجد أياماً كانت بارزة في حياة المسلمين وفي تاريخهم مثل : بدر ، والقادسية ، واليرموك ، وحطين ، وعين جالوت ... الخ .
ولما للغلبة والنصر من أثر في نفوس البشر سجل القرآن الكريم لنا قصة غلبة الفرس للروم وأخبر بأن الروم سيغلبون وتدور الدائرة على الوثنيين ، وذلك بشارة للمسلمين وتسلية لهم : { ألم . غلبت الروم . في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون . في بضع سنين . لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون . بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم } .

ثانياً : مفهوم النصر
: ( الخلل الذي وقع فيه والنتائج المترتبة على هذا الخلط ) .
لقد أخبر الله سبحانه وتعالى في أيما آية من كتاب الله عز وجل وبأكثر من أسلوب أن النصر والتمكين في الأرض لعباده المؤمنين والعاقبة لأوليائه المتقين : { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئاً } { ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين ، إنهم لهم المنصورون ، وإن جندنا لهم الغالبون } .
هذه آيات قطعية من كتاب الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والله سبحانه وتعالى لا يخلف وعده وهو على كل شيء قدير .
ونحن نقرأ هذه الآيات ونتأمل الواقع فنجد أن من الأنبياء من قتله قومه كيحيى وزكريا عليهما السلام ، ومنهم من طرده قومه كإبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام ، ومنهم من حاولوا قتله كعيسى عليه السلام ، ومنهم من ألقوه في النار كما فعل بإبراهيم الخليل ، ومنهم من كذبه قومه ولم يستجب له منهم إلا نفر يسير كنوح ولوط وشعيب وصالح وهود عليهم السلام .
وهنا يعرض سؤال مهم يطرح نفسه بإلحاح وهو أين النصر الذي وعد الله به رسله وعباده المؤمنين في الحياة الدنيا ؟ ووعد الله لا يتخلف ولا مبدل لكلماته ، ألم يقل عز وجل : { وكان حقاً علينا نصر المؤمنين } ألم يقل الله في محكم كتابه : { إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد } .

وللجواب عن هذا التساؤل نقول أولاً : أنه قد حصل هناك خلل كبير في التصور وخلط للمفاهيم لدى الكثيرين في مفهوم النصر والهزيمة ، أما الخلل فهو أن الناس يقصرون معنى النصر على صورة معينة من صور النصر معهودة عندهم محسوسة لديهم ، والحقيقة هي أن للنصر أنواعاً متعددة وصوراً شتى ، بل بعضها قد يبدو في صورة هزيمة في حس الكثيرين من قصار النظر ، وأما الخلط فهو أن الكثيرين حتى من الدعاة يخلطون بين مفهوم انتصار الدين الذي يقصد به ظهوره وتمامه والتمكين له وبين مفهوم انتصار الداعية إلى الله عز وجل ، إن انتصار الداعية إلى الله تعالى يكمن في قيامه بواجب دعوته وبثباته على منهجه مهما كانت العقبات والتحديات أما النتائج المحسوسة التي يتوق إليها البشر من هداية الناس والتمكين في الأرض فهذا ليس إليه بل هو إلى خالقه وخالق الأرض والناس { إن عليك إلا البلاغ } { وما على الرسول إلا البلاغ } { وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } { فتول عنهم فما أنت بملوم ... } { فذكر إنما أنت مذكر . لست عليهم بمصيطر } .




يقول سيد قطب مصححاً لهذا المفهوم – وهو يعلق على قول الله تعالى :
{ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد } - :
فأما في الآخرة فقد لا يجادل أحد من المؤمنين بالآخرة في هذه النهاية ، وأما النصر في الحياة الدنيا فقد يكون في حاجة إلى جلاء وبيان ، إن وعد الله قاطع جازم
{ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا }
بينما يشاهد الناس أن الرسل منهم من يقتل ومنهم من يهاجر من أرضه وقومه مكذباً مطروداً ، وأن المؤمنين فيهم من يسام العذاب ، وفيهم من يلقى في الأخدود ، وفيهم من يستشهد ، وفيهم من يعيش في كرب وشدة واضطهاد ... فأين وعد الله لهم بالنصر في الحياة الدنيا ، ويدخل الشيطان إلى النفوس من هذا المدخل ويفعل بها الأفاعيل ! ولكن الناس يقيسون بظواهر الأمور ويغفلون عن قيم كثيرة وحقائق كثيرة في التقدير ، إن الناس يقيسون بفترة قصيرة من الزمان ، وحيز محدود من المكان ، وهي مقاييس بشرية صغيرة ، فأما المقياس الشامل فيعرض القضية في الرقعة الفسيحة من الزمان والمكان ، ولا يضح الحدود بين عصر وعصر ولا بين مكان ومكان ، والناس كذلك يقصرون معنى النصر على صور معينة معهودة لهم ، قريبة الرؤية لأعينهم ، ولكن صور النصر شتى ، وقد يلتبس بعضها بصور الهزيمة عند النظرة القصيرة ..
إبراهيم عليه السلام وهو يلقى في النار فلا يرجع عن عقيدته ولا عن الدعوة إليها .. أكان في موقف نصر أم في موقف هزيمة ؟ ما من شك - في منطق العقيدة – أنه كان في قمة النصر وهو يلقى في النار ، كما أنه انتصر مرة أخرى وهو ينجو من النار ، هذه صورة وتلك صورة ، وهما في الظاهر بعيد من بعيد ، فأما في الحقيقة فهما قريب من قريب .
إن هذا الخلل الذي وقع في التصور والخلط في المفاهيم نتجت عنه سلبيات كثيرة أثرت على العاملين وأضرت بالدعوة كثيراً ، ومن أهم تلك السلبيات :
1 – حكم الناس على الداعية ودعوته – بل وحكمه على نفسه أحياناً – بالفشل وعدم النجاح ، وهو أمر ينبغي للمؤمن أن لا يلتفت إليه لأن هدفه هو امتثال أمر ربه ورضى خالقه عنه أما البشر فأخبرك الله عنهم نتيجة طاعتهم واتباع رغباتهم :
{ وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله } .
2 – اليأس والقنوط ومن ثم اعتزال الدعوة والنكوص على الأعقاب ، وهو من الأمراض الخطيرة التي تسببت في قعود كثير من العاملين في حقل الدعوة عن مواصلة طريقهم ،
وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن اليأس والقنوط كما قال الله تعالى :
{ ولا تيأسوا من روح الله ... } { ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون }
وأمر بالصبر والمرابطة والثبات : { يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا ... }
{ ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين } .
3 – الاستعجال : وهو داء فتاك لا ينجو منه إلا من رحم الله لأن النفوس جبلت على حب جني الثمار وقطفها في أقرب الأوقات ، بل إنه من طبيعة الإنسان :
{خلق الإنسان من عجل }
{ ويدعو الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولاً }
ولكن على الداعية إلى الله تعالى أن يتأسى بأنبياء الله عليهم السلام كم لبث نوح عليه السلام وهو يدعو قومه وكم استجاب له منهم ؟ ونبي الله يونس عليه السلام لم يقص الله علينا قصته إلا لأجل الموعظة والاعتبار
{ وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين . فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننج المؤمنين }
ولكن بعد أن نجاه الله ورجع إلى قومه ماذا كانت النتيجة
{ وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين }
{ فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس ... }
وموسى عليه السلام كم جلس يدعو قومه ؟ ومتى دعى عليهم ؟ عندما قال :
{ ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ... } قال الله تعالى :
{ قال قد أجيبت دعوتكما ... } قال ابن جريج : أجيبت الدعوة بعد أربعين سنة !كما روى الطبري وابن كثير .
والنبي صلى الله عليه وسلم كم عانى هو وأصحابه من قومهم ومع ذلك كان يربي أصحابه على الثبات وعدم الاستعجال ، يقول خباب بن الأرت رضي الله عنه : شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا : ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا . فقال : قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ما يرده ذلك عن دينه ، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون .
4 – الانحراف عن المنهج : ذلك لأن الإنسان الذي لديه خلل في التصور ومفهوم النصر والهزيمة لن يستطيع تحمل مشاق الطريق الطويل والثبات عليه ومن ثم فإنه سيبحث عن طريق أخرى توصله وليس ثم إلا طريق واحد يوصل طريق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وما عداها فهو انحراف عنها .

وللحديث بقية

من هناك
12-09-2007, 07:13 PM
ما شاء الله
كلام يكتب بماء الذهب وارجو من الله ان يمد في عمرك كي تتابع ويعطينا الطاقة كي نبدأ في مكان صحيح ونجدد كل ما علق بالأذهان من عقد نقص وهزائم

هنا الحقيقه
12-09-2007, 08:11 PM
بارك الله بك اخي الطرابلسي
وحقيقة موضوع مفبد يشرح للمسلم ان النصر انواع وله اوجه
لكن اخي العزيز اعتقد قد فاتك توضيح او شرح كيف انتصر يحيى بن زكريا او كيف نصره الله تعالى ؟
فحبذا لو تقرنه في هذه المقالة لكتمل عقد اللؤلؤ
اخوك المحب

طرابلسي
12-10-2007, 06:55 AM
أخ بلال هذا الموضوع قمنا على بحثه لأشهر منذ عدة سنوات قل اكثر من عشر سنوات
تذكرته فقمت ببحث عنه حتى وجدته فهو كما تفضلت فيه فوائد كثيرة إن شاء الله


أخي هنا الحقيقة
قلت للحديثة بقية :)

طرابلسي
12-10-2007, 11:19 AM
من صور النصر :
وهذه الأنواع التي سنذكرها ليست إلا صوراً يسيرة من الصورة الكثيرة التي يتجلى فيها النصر لعباد الله المتقين ، فليس في مقدورنا حصرها ولا الإحاطة بها وما في علم الله تعالى منها مما لم نطلع عليه أكبر وأعظم .
1 – أن النصر قد يكون بالغلبة المباشرة والقهر للأعداء على يد الأنبياء وأتباعهم من الدعاة فيظهر الدين وتقوم دولة الإسلام ممكناً لها في الأرض كما حدث لداود وسليمان وموسى عليهم السلام ولنبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
2 – وقد يكون النصر بإهلاك المكذبين ونجاة الأنبياء وأتباعهم كما حدث لقوم نوح عليه السلام ولقوم هود وصالح ولوط وموسى عليهم السلام ، وقد نص القرآن الكريم على أن هذا نوع من أنواع النصر كما قال الله تعالى في قصة نوح عليه السلام : { كذبت قبلهم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر . فدعا ربه أني مغلوب فانتصر } .
3 – وقد يكون النصر بانتقام الله لعباده المؤمنين من أعدائهم بشكل من الأشكال قد لا يكون بالضرورة إهلاكاً عاماً وقد يحدث ذلك بعد وفاة هذا النبي أو الداعية وذلك كما حدث مع من قتلوا يحيى عليه السلام فانتقم الله له من قومه بعد حين فسلط عليهم بختنصر فسامهم سوء العذاب ، وكما حدث للذين حاولوا صلب عيسى عليه السلام فبعد أن رفعه الله إليه انتقم له من أعدائه بتسليط الروم عليهم فساموهم سوء العذاب .
4 – ومن أعظم صور النصر على الإطلاق وأشدها وقعاً في النفوس ثبات الداعية على مبدئه رغم كل التحديات والعقبات والشهوات والشبهات ، فإبراهيم عليه السلام وهو يقذف في النار كان في قمة انتصاره ، وبلال بن رباح وهو يعذب ويردد أحد أحد كان والله في قمة انتصاره ، وآل ياسر وهم يعذبون في مكة كانوا في قمة انتصارهم (( صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة )) .
والإمام أحمد وهو يضرب ويوضع رجلاه في قيد الحديد كان في قمة الرفعة والانتصار ، وسيد قطب وهو يصلب على أعواد المشنقة كان في قمة الانتصار ، وقبل ذلك وبعده نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حين أخرجه قومه وأرادوا قتله كان
– وهو في الغار – في أعلى درجات النصر بنص القرآن : { إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها ... } .
5 – ومن أنواع النصر وصوره العظيمة التي قد يظنها بعض الناس هزيمة ما يلقاه الداعية إلى الله تعالى من أنواع البلاء في سبيل دعوته من قتل وسجن وتعذيب وطرد وتشريد وإيقاف .. ذلك أولاً : لأنه في الوقت الذي يقوم فيه الأعداء بالقتل أو السجن أو النفي فمعنى ذلك أنهم قد هزموا في معركة المنطق والحجة والبيان وذاقوا المر من الغيظ والحنق والألم فضاقوا ذرعاً بهذا الداعية فلجأوا إلى القوة والإرهاب تماماً مثل منطق فرعون مع موسى : { قال فرعون وما رب العالمين . قال رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين . قال لمن حوله ألا تستمعون . قال ربكم ورب آبائكم الأولين . قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون . قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعلمون . قال لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين } .
وثانياً : لأن هذا الذي يفعله الأعداء بالداعية يكون دائماً سبباً في كثرة أتباعه وانتشار دعوته : فكم من شهيد ما كان يملك أن ينصر عقيدته ودعوته ولو عاش ألف عام كما نصرها باستشهاده وما كان يملك أن يودع في القلوب من المعاني الكبيرة ويحفز الألوف إلى الأعمال الكبيرة بخطبة مثل خطبته الأخيرة التي كتبها بدمه ، فتبقى محركاً للأبناء والأحفاد ، وربما كانت حافزاً محركاً لخطى التاريخ كله مدى الأجيال ،
وفي تعليقه رحمه الله على قصة أصحاب الأخدود يجلي لنا بعض المعاني الكبيرة التي قد نغفل عنها في مثل هذه المواقف :
إن قصة أصحاب الأخدود حقيقة بأن يتأملها المؤمنون الداعون إلى الله في كل أرض وفي كل جيل ، فالقرآن بإيرادها بهذا الأسلوب كان يخط بها خطاً عميقاً في تصور طبيعة الدعوة إلى الله ودور البشرية فيها ، واحتمالاتها المتوقعة في مجالها الواسع ، وكان يرسم للمؤمنين معالم الطريق ، ويعد نفوسهم لتلقي أي من هذه الاحتمالات التي يجري بها القدر المرسوم ، إنها قصة فئة آمنت بربها واستعلنت حقيقة إيمانها ، ثم تعرضت للفتنة من أعداء جبارين باطشين مستهزئين بحق الإنسان في حرية الاعتقاد والإيمان بالله العزيز الحميد ، وبكرامة الإنسان عند الله عن أن تكون لعبة يتسلى الطغاة بآلام تعذيبها ، ويتلهون بمنظرها في أثناء التعذيب بالحريق ، لقد تحررت هذه القلوب من عبوديتها للحياة ، فلم يستذلها حب البقاء وهي تعاين الموت بهذه الطريقة البشعة ، وانطلقت من قيود الأرض ومن جواذبها جميعاً ، فارتفع بها الإيمان عن الفتنة ، وانتصرت فيها العقيدة على الحياة ، فلم ترضخ لتهديد الجبارين الطغاة وهي تُحرق بالنار حتى تموت ، إن الناس جميعاً يموتون ، وتختلف الأسباب ، ولكن الناس جميعاً لا ينتصرون هذا الانتصار !؟ لقد كان في استطاعة المؤمنين أن ينجو بحياتهم في مقابل الهزيمة لإيمانهم ، ولكن كم كانوا يخسرون هم أنفسهم ؟ وكم كانت البشرية تخسر ؟ كم كانوا يخسرون وهم يقتلون هذا المعنى الكبير ، معنى زهادة الحياة بلا عقيدة ، وبشاعتها بلا حرية ، وانحطاطها حين يسيطر الطغاة على الأرواح بعد سيطرتهم على الأجساد ؟ إن عليهم أن يؤدوا واجبهم ثم يذهبوا فهم أجراء عند الله ، وليس عليهم أن تتجه الدعوة إلى أي مصير ، فذلك شأن صاحب الأمر لا شأن الأجير ، وأما الأجرة فإنهم يقبضون الدفعة الأولى منها : طمأنينة في القلب ، ورفعة في الشعور وجمالاً في التصور .. ويقبضون الثانية ثناء في الملإ الأعلى وذكراً وكرامة ، ثم هم يقبضون الدفعة الكبرى في الآخرة حساباً يسيراً ونعيماً كبيراً ، ومع كل دفعة ما هو أكبر منها : رضوان الله .
6 – الهداية الربانية إلى طريق الله العزيز والاستقامة على هذا الطريق ، وسلامة التصور والنور والفرقان القلبي الذي يفرق به بين الحق والباطل : { يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً .. } .
وهذه نتاج الانتصار على نوازع النفس وشهواتها وحبها الدعة والراحة والإخلاد إلى الأرض ، قال الله تعالى : { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ... } .
7 – انشراح الصدر وطمأنينة القلب والتلذذ بفيض رحمة الله مهما كان الحال ، يقول ابن تيمية رحمه الله : ( ماذا ينقم أعدائي مني ، أنا جنتي وبستاني في صدري ، فسجني خلوة ، ونفيي سياحة ، وقتلي شهادة ) .
ولذلك قال الإمام الطبري في تفسير قوله تعالى : { وإن جندنا لهم الغالبون } أي : بالسعادة ، وهذا واقع مشاهد محسوس فالحجاج عندما قتل سعيد بن جبير رحمه الله لم يطب له عيش ، وكان يقول : مالي ولسعيد ، وصار يقوم من الليل فزعاً حتى مات .
إذن فمن المعذب والمنهزم ومن المنتصر ؟
ويصوّر لنا سيد رحمه الله هذه الحقيقة في تعليقه على قول الله تعالى : { ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم } :
أي طمأنينة وأي قرار وأي وضوح في التصورات والمشاعر والقيم والموازين تقره هذه الآية في الضمير ، آية واحدة ترسم للحياة صورة جديدة وتنشئ في الشعور قيماً لهذه الحياة ثابتة ، وموازين لا تهتز ولا تتأثر بالمؤثرات كلها صورة واحدة لو استقرت في قلب إنسان لصمد كالطود للأحداث والأشياء والأشخاص والقوى والقيم والاعتبارات ، ولو تضافرت عليه الإنس والجن ، فهم لا يفتحون رحمة الله حين يمسكها ولا يمسكونها حين يفتحها ، وهي تتمثل في الممنوع تمثلها في الممنوح ، وما من نعمة يمسك الله معها رحمته حتى تنقلب هي بذاتها نقمة ، وما من محنة تحفها رحمة الله حتى تكون هي بذاتها نعمة ، ينام الرجل على الشوك مع رحمة الله فإذا هو مهاد وينام على الحرير وقد أمسكت عنه فإذا هو شوك القتاد ، ويعالج أعسر الأمور برحمة الله فإذا هي هوادة ويسر ، ويعالج أيسر الأمور وقد تخلت رحمة الله فإذا هي مشقة وعسر ، ويخوض بها المخاوف والأخطار فإذا هي أمن وسلام ويعبر بدونها المناهج والمسالك فإذا هي مهلكة وبوار ، لا ضيق مع رحمة الله ولو كان صاحبها في غياهب السجن أو جحيم العذاب أو في شعاب الهلاك ، ولا وسعة مع إمساكها ولو تقلب الإنسان في أعطاف النعيم ، فمن داخل النفس برحمة الله تتفجر ينابيع السعادة والرضا والطمأنينة ، ومن داخلها مع إمساكها تدب عقارب القلق والتعب والنصب والكد والمعاناة ، هذا الباب وحده يفتح وتغلق جميع الأبواب ، وتوصد جميع النوافذ وتسد جميع المسالك .. فلا عليك فهو الفرح والفسحة واليسر والرخاء ، وهذا الباب وحده يغلق وتفتح جميع الأبواب والنوافذ والمسالك فما هو بنافع فهو الضيق والشدة والكرب والقلق والعناء ، هذا الفيض يفتح ثم يضيق الرزق ويضيق السكن ويضيق العيش وتخشن الحياة ، ويشوك المضجع فلا عليك فهو الرخاء والراحة والطمأنينة والسعادة ، وهذا الفيض يمسك ثم يفيض الرزق ويقبل كل شيء فلا جدوى وإنما هو الضنك والحرج والشقاوة والبلاء ، المال والولد والصحة والقوة ، والجاه والسلطان .. تصبح مصادر قلق وتعب ونكد وجهد إن أمسكت عنها رحمة الله فإذا فتح الله أبواب رحمته كان فيها السكن والراحة والسعادة والاطمئنان .
7 – قوة الحجة وظهور الدليل واتضاح الحق على يد داعية هي صورة من صور انتصاره كما قال الطبري والسدي في قول الله تعالى : { وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء } فقوة الحجة نصر للداعية ورفع لدرجته وذكره في الحياة الدنيا وفي الآخرة .
وفي قصة الذي حاج إبراهيم في ربه في سورة البقرة أوضح برهان على هذا الأمر : { ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت ... } الآية ، فقيام الداعية بإبلاغ دين الله للناس وإقامته الحجة عليهم هو من أهم صور الانتصار .
وهناك صور أخرى من صور نصر لا يتسع المقام لذكرها كحماية الله لأوليائه ومعيته لهم ، وكإظهاره لدعوتهم وفكرهم ونشر دعوتهم في العالمين بعد وفاتهم ، إلى غير ذلك من صور النصر وأشكاله التي قد لا ندركها نحن وهي في علم الله تعالى أعظم وأكبر من كل ما ذكرناه .

وللحديث بقية إن شاء الله

هنا الحقيقه
12-10-2007, 03:46 PM
الله الله ما اجمل البحث

نعم حياك الله هذا القول الفصل الذي فيه يمترون

احسنت اخي واثلجت القلب
فواصل فنحن لنهجك متتبعون

طرابلسي
12-10-2007, 06:01 PM
أسباب تأخر النصر :
إن الله سبحانه وهو العليم الحكيم قادر على نصر دينه وحملة دعوته في أقل من طرفة عين دون عمل منهم أو تضحية ، ودون مشقة أو قتال ، ولكن الله سبحانه لم يشأ ذلك لحكمة بالغة ، والذي ندركه نحن البشر من تلك الحكمة ويظهر لعقولنا وتجاربنا القاصرة هو أن الله سبحانه لم يرد أن يكون حملة دعوته وحماتها من ( التنابلة ) الكسالى الذين يجلسون في استرخاء ثم يتنَزل عليهم النصر سهلاً هيناً بلا عناء لمجرد أنهم يقيمون الصلاة ويرتلون القرآن ، ويتوجهون إلى الله بالدعاء كلما مسهم أذى أو وقع عليهم اعتداء ، نعم يجب أن يفعلوا ذلك ولكن هذه العبادة وحدها لا تؤهلهم لحمل دعوة الله وحمايتها إنما هي الزاد والذخيرة والسلاح الذي يطمئنون إليه وهم يواجهون الباطل يمثل سلاحه ويزيدون عليه سلاح التقوى والاتصال بالله .
لقد شاء الله سبحانه أن يجعل دفاعه عن الذين آمنوا يتم عن طريقهم هم أنفسهم كي يتم نضجهم في أثناء المعركة ، فالبنية الإنسانية لا تستيقظ كل الطاقات المذخورة فيها كما تستيقظ وهي تواجه الخطر وهي تدفع وتدافع ، وتستجمع كل قوتها لتواجه القوة المهاجمة ، والنصر السريع الذي لا يكلف عناء يعطل تلك الطاقات الكامنة في الأمة والتي هي بحاجة إلى استيقاظها وحشدها لحمل الأمانة الضخمة التي تحملتها ، هذا فضلاً عن أن النصر الهين سهل الفقدان والضياع لأن أصحابه نالوه رخيص الثمن لم يبذلوا فيه تضحيات عزيزة ، ولأنه لم تتدرب قواهم على الاحتفاظ به ولم تحشد لكسبه فهي لا تتحفز للدفاع عنه .
فالتربية الوجدانية والدربة العملية لا تنشأ إلا من النصر والهزيمة والكر والفر ، والقوة والضعف ، والتقدم والتقهقر .. ومن المشاعر المصاحبة لها من الأمل والألم ، ومن الفرح والغم ، ومن الاطمئنان والقلق ، ومن الشعور بالضعف والشعور بالقوة ، والتجمع والفناء في العقيدة والجماعة والتنسيق بين الاتجاهات في ثنايا المعركة وقبلها وبعدها ، وكشف نقط الضعف ونقط القوة وكلها أمور ضرورية للأمة التي تحمل الدعوة وتعمل على التمكين لها ، وبناء على ذلك يمكن أن نعد من أسباب تأخر النصر عن العاملين للإسلام ما يلي :

1 – عدم الإخلاص والتجرد : فقد يبطئ النصر لأن الأمة لم تتجرد بعد في كفاحها وبذلها لله فهي تقاتل وتكافح حمية لذاتها أو لمغنم تحققه والله يريد أن يكون الجهاد له وحده وفي سبيله بريئاً من المشاعر الأخرى التي تلابسه ، وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل حمية ويقاتل شجاعة أو ليرى مكانه ، فأي ذلك في سبيل الله فقال : (( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله )) متفق عليه .
2 – الابتلاء والتمحيص : وقد يبطئ النصر لابتلاء المؤمنين وتمحيصهم وتمييزهم من مرضى القلوب والمنافقين : { إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين . وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين }
{ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم ... }
{ وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور }
{ الم . أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون . ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } .
3 – لأن الأمة لم تبذل كل طاقتها : فقد يبطئ النصر لعلم الله سبحانه أن الأمة ما زالت لديها طاقات مدخرة لم تبذلها في سبيل الله ، فيتأخر النصر حتى تبذل الأمة آخر ما في طوقها من قوة وآخر ما تملكه من رصيد فلا تستبقي عزيزاً ولا غالياً إلا بذلته هيناً رخيصاً في سبيل الله .
4 – لزيادة الصلة بالله وإدراك أن النصر منه وحده : فقد يتأخر النصر لتزيد الأمة من صلتها بالله وتتبرأ من حولها وقوتها وتعلم أن النصر بيد الله ينْزله متى شاء
{ وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم }
تدرك ذلك وهي تعاني وتتألم وتبذل فلا تجد لها ملجئاً ولا متوجهاً إلا إلى الله فتكل الأمر إليه بعد أن بذلت هي ما في وسعها .
5 – عدم تمحض الشر الذي تحاربه الجماعة المؤمنة : وقد يبطئ النصر لأن في الشر الذي تكافحه الأمة المؤمنة بقية من خير يريد الله أن يجرد الشر منها ليتمحض خالصاً ويذهب وحده هالكاً لا تتلبس معه ذرة من خير .

6 – لأن الباطل الذي يحاربه المؤمنون لم يتكشف زيفه للناس بعد تماماً فلو غلبه المؤمنون حينئذ فقد يجد له أنصاراً من المخدوعين به لم يقتنعوا بعد بفساده وضرورة زواله ، فتظل له جذور في نفوس الأبرياء الذين لم تتكشف لهم حقيقته ، فيشاء الله أن يبقى الباطل حتى يتكشف للناس عارياً ويذهب غير مأسوف عليه .

7 – لأن البيئة لم تصلح بعد لاستقبال الحق والعدل التي تمثله الجماعة المؤمنة : فلو انتصرت الجماعة والحالة هذه للقيت معارضة من البيئة لا تستطيع القرار معها ولا تطبيق المشروع الذي كافحت من أجله ، وقد تفقد هذا النصر وشيكاً لعدم قدرتها على حمايته طويلاً ، فيشاء الله أن يظل الصراع قائماً حتى تتهيأ النفوس من حوله لاستقبال الحق والخير واستبقائه .
من أجل هذا كله ومن أجل غيره مما يعلمه الله قد يؤخر الله النصر عن عباده المؤمنين لحكمة أرادها .
خامساً : مقومات النصر :
1 – وصول الجماعة المسلمة إلى درجة من الإيمان والإخلاص والتجرد لله تستحق بموجبها النصر :
{ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد } إن وعد الله قائم للمؤمنين به ، ولكن لا بد أن توجد حقيقة الإيمان في القلوب التي ينطبق هذا الوعد عليها ، وهي لا توجد إلا حين يخلو القلب من الشرك في كل صوره وأشكاله ، فهنالك أشكال من الشرك خفية لا يخلص منها القلب إلا حين يتجه إلى الله وحده ويفوض إليه الأمر ويتلقى قضاءه بالرضى والقبول موقناً أنه هو الخير ، ومن ثم فلن يقترح على الله صورة معية من صور النصر ولن يقدم بين يديه ، وهذا بحد ذاته معنىً من معاني النصر .. النصر على الذات وعلى هوى النفس ، وهو النصر الداخلي الذي لا يتم نصر خارجي بدونه بحال .
2 – البذل والتضحية بكل غال ونفيس في سبيل الله ومن أجله وحده : يقول الله تعالى :
{ يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم }
وكيف ينصر المؤمنون الله حتى ينالوا ما شرط لهم من النصر والتثبيت ؟
يكون ذلك بأن يبيعوا أنفسهم لله فيتجردوا من الحظوظ وكل ارتباط سواه فيحكموا منهجه في نفوسهم في رغباتها وحركاتها وسكناتها وخلجاتها ، فهذا نصر الله في ذات النفوس .
وإن لله شريعة ومنهاجاً للحياة ، تقوم على قواعد وموازين وقيم وتصور خاص للوجود كله وللحياة ، ونصر الله يتحقق بنصر شريعته ومنهاجه ، ومحاولة تحكيمها في الحياة كلها بدون استثناء ، فهذا نصر الله في واقع الحياة ، إنه لا جهاد ولا شهادة ولا جنة إلا حين يكون الهدف هو أن تكون كلمة الله هي العليا ، وأن تهيمن شريعته ومنهاجه في ضمائر الناس وأخلاقهم وسلوكهم وفي أوضاعهم ونظمهم ، أن تكون كلمته هي العليا في النفس والضمير ، والعليا في الخلق والسلوك والعليا في الأوضاع والنظم ، والعليا في العلاقات والارتباطات وفي كل أنحاء الحياة ، وفيما عدا هذا فليس هنالك جنة ولا نصر من عند الله ولا تثبيت للأقدام .
3 – من شروط التمكين الصبر واليقين : إن الإيمان بالله عز وجل وبآياته ورسله وعدده ووعيده الذي يصل إلى درجة اليقين والصبر على مقتضيات هذا الإيمان هو طريق المؤمن للإمامة والقيادة في هذه الحياة ، وقد أخبر القرآن الكريم في أكثر من موضع وبأكثر من أسلوب أن عاقبة التحلي بالصبر واليقين هي دائماً : النصر والتمكين في الأرض في هذه الحياة ، والفوز بالدرجات العلى والنعيم المقيم في دار القرار ، فهما شرطان أساسيان من شروط التمكين ولذلك قال غير واحد من السلف : ( بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين ) قال الله تعالى : { وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون }
{ وقال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين } .

4 – ومن مقومات النصر كذلك : التماسك ووحدة الصف الداخلي للجماعة المسلمة وعدم الخلاف والشقاق .وبالجملة فمقومات النصر هي التغلب على معوقاته وأسباب تخلفه التي ذكرنا بعضها .
سادساً : خاتمة :
لقد قام بناء الإيمان واستقرت جذور العقيدة في الأرض على الرغم من تكذيب المكذبين وعلى الرغم من التنكيل بالدعاة والمتبعين ، وباءت كل المحاولات التي بذلت لمحو العقائد الإلهية التي جاء بها الرسل بالفشل ، وبقيت هذه العقائد تسيطر على قلوب الناس وعقولهم ، وتكيف تصوراتِهم وأفهامَهم ، وما تزال على الرغم من كل شيء هي أظهر وأبقى ما يسيطر على البشر في أنحاء الأرض ، وهذه ظاهرة ملحوظة في جميع العصور ، وهي كذلك متحققة في كل دعوة لله يخلص فيها الجند ويتجرد لها الدعاة ، إنها غالبة منصورة مهما وضعت في سبيلها العوائق وقامت في طريقها العراقيل ، ومهما رصد لها الباطل من قوى الحديد والنار ، وقوة الدعاية والافتراء ، وقوى الحرب والمقاومة ، وإن هي إلا معارك تختلف نتائجها ثم تنتهي إلى الوعد الذي وعده الله لرسله ، والذي لا يُخلف ولو قامت قوى الأرض كلُّها في طريقه ، الوعد بالنصر والغلبة والتمكين ، هذا الوعد سنة من سنن الله الكونية ، سنة ماضية كما تمضي هذه الكواكب والنجوم في دوراتها المنتظمة ، وكما تنبثق الحياة في الأرض الميتة عندما ينْزل عليها الماء ، ولكنها مرهونة بتقدير الله يحققها حين يشاء ، ولقد تبطئ آثارها الظاهرة بالقياس إلى أعمار البشر المحدودة ، ولكنها لا تتخلف أبداً ، وقد تتحقق في صورة لا يدركها البشر لأنهم يطلبون المألوف من صور النصر والغلبة ولا يدركون تحقق السنة في صورتها الجديدة إلا بعد حين .
وهكذا يريد البشر صورة معينة من صور النصر والغلبة لجند الله وأتباع رسله ويريد الله صورة أخرى أكمل وأبقى ، فيكون ما يريده الله ، ولو تكلف الجند من المشقة وطول الأمد أكثر مما كانوا ينتظرون ، ولقد أراد المسلمون قبيل غزوة بدر أن تكون لهم عير قريش وأراد الله أن تفوتهم القافلة الرابحة الهينة ، وأن يقابلوا النفير وأن يقاتلوا الطائفة ذات الشوكة ، وكان ما أراده الله هو الخير لهم وللإسلام ، وكان هو النصر الذي أراده الله لرسوله وجنده ودعوته على مدى الأيام
{ ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين . إنهم لهم المنصورون . وإن جندنا لهم الغالبون . فتول عنهم حتى حين . وأبصرهم فسوف يبصرون . أفبعذابنا يستعجلون } إلى { والحمد لله رب العالمين } .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه .


توضيح مهم
هذا المقال وجدته بنحو ما قمنا به من قبل وبنفس الدلة التي استشهد بها الكاتب وبنفس أقوال سيد قطب رحمه الله
فهذه الاحالة إلى كاتب المقال الأصلي فجزاه الله عنا خير الجزاء
كما أرجو من بلال أن يحذف هذه الجملة من داخل الموضوع الأول وله جزيل الشكر

يقول سيد قطب مصححاً لهذا المفهوم – وهو يعلق على قول الله تعالى :

http://www.rayah.info/browse.php?comp=viewArticles&file=print&sid=1668

منال
12-10-2007, 06:04 PM
السلام عليكم

بارك الله بك شيخنا الفاضل

انهيت المشاركة الاولى ووقتى انتهى

نعود للثانية غدا باذن الله

هنا الحقيقه
12-15-2007, 06:59 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ الطرابلسي بارك الله كنت قد انتظرت حتى تكمل المقال بعدما اخبرتني انك مواصل ان شاء الله وها بعد ان تم ذلك والحمد لله
اتمنى ان يتسع صدرك الرحب لبعض الملاحظات والاستفسارات بارك الله بك


إبراهيم عليه السلام وهو يلقى في النار فلا يرجع عن عقيدته ولا عن الدعوة إليها .. أكان في موقف نصر أم في موقف هزيمة ؟ ما من شك - في منطق العقيدة – أنه كان في قمة النصر وهو يلقى في النار
كيف انتصر من منطق العقيدة هلاشرحتها اخي الشيخ الكريم بارك الله بك فقد استعصى علي فهم الانصار هنا وربما اكون قد اولتها بعيدا عن المقصد
اخي العزيز قد قلت :

وقد يكون النصر بانتقام الله لعباده المؤمنين من أعدائهم بشكل من الأشكال قد لا يكون بالضرورة إهلاكاً عاماً وقد يحدث ذلك بعد وفاة هذا النبي أو الداعية وذلك كما حدث مع من قتلوا يحيى عليه السلام فانتقم الله له من قومه بعد حين فسلط عليهم بختنصر فسامهم سوء العذاب ، وكما حدث للذين حاولوا صلب عيسى عليه السلام فبعد أن رفعه الله إليه انتقم له من أعدائه بتسليط الروم عليهم فساموهم سوء العذاب
وكلنا نعلم بارك الله بك ان السبي البابلي في عهد بختنصر حدث ما بين سنة 586 ق. م. وكما تعلم ايضا ان نبي الله يحيى قد عاصر المسيح عليه السلام فكيف عاقب الله اليهود بقتلهم نبي الله يحيى قبل ان يولد يحيى ب 500 عام واكثر ؟!!! وهل هناك توثيق تاريخي او اقوال السلف في ما يخص هذا الموضوع فليس من المعقول ان يكون عقاب الله قبل الجرم ب 500 عام ارجو التوضيح بارك الله بك ولي عودة ان شاء الله

هنا الحقيقه
12-23-2007, 07:12 PM
رايت ان لهذا المقال علاقة هنا في هذا المقام فنقلته للافادة
في ظل هيمنة الباطل وانتشار سطوته على الأمم والشعوب، مع ما يقابله من استضعافٍ للأمم المسلمة، وانحسار نورها وخفوته، تتطلع كل نفس مؤمنة إلى ذلك اليوم الأبلج، الذي ترتفع فيه راية التوحيد خفاقةً في أرجاء المعمورة، وتنتشر فيه أنوار الحق تضيء للعالم الذي أثقلته قيود الكفر والطغيان .

ولكي تتحقق هذه الأماني الغالية يجب علينا أن نتلمّس طريق النصر والخلاص من هذا الواقع الكئيب، ولا يكون ذلك إلا بالعودة إلى كتاب الله تعالى؛ لنأخذ منه السنن الكونية والنفسية لتحقيق الأمل المنشود؛ فلذلك: اخترنا في هذا الصدد آيةً عظيمةً من كتاب الله تعالى، تصور حال الفئة المؤمنة وقت الشدة والأزمات، وهي قوله تعالى: { متى نصر الله } (البقرة:214) لتكون منطلقاً للحديث عن هذه القضية المهمة .

يقول الله سبحانه في كتابه العزيز: { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب } (البقرة:214) هذه الآية الكريمة نزلت يوم الخندق، حينما عانى المسلمون أقسى لحظات الأذى النفسي والجسدي من البرد وضيق العيش، وتكالبت قوى الكفر عليهم لتزيل وجودهم، وتجعلهم أثراً بعد عين، وليس أبلغُ في وصف حالهم من قوله تعالى: { إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا * هنالك ابتليَ المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً } (الأحزاب:10-11) وبالرغم من ذلك الهول الذي واجهه المسلمون فقد صبروا على ما أصابهم، وأدّوا ما أمرهم الله حتى جاءهم النصر المبين، واندحرت جيوش الكفر تجرّ أذيال الهزيمة، وتتجرّع كؤوس المهانة، وكانت تلك الواقعة درساً عظيماً للأمة المسلمة، كشفت بجلاء عن حقيقة النصر، والسبل التي تؤدي إليه .

ومن خلال فَهْمنا لذلك الدرس، نستطيع أن نجيب على تلك التساؤلات التي يرتفع صوتها بين الحين والآخر قائلةً: " أما آن للظلم أن يندحر ؟ أما آن للقيد أن ينكسر ؟ متى يأتي ذلك اليوم الذي يبزغ فيه فجر الإسلام، ويزول فيه ليل الظلم والطغيان ؟ " أسئلة كثيرة تدور في الأذهان، وجوابها أن الله تعالى قضى بحكمته أن تكون المواجهة بين الحق والباطل سنةً كونيةً من سنن الحياة منذ عهد أبينا آدم عليه السلام وحتى يرث الله الأرض ومن عليها، لكن العاقبة للمتقين، والغلبة لله ولرسوله وللمؤمنين، وفي هذا يقول الله تعالى: { كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز } (المجادلة:21) وقال تعالى: { ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون } (الصافات:171-173) وبشّر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بذلك، فعن تميم الداري رضي الله عنه، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدرٍ ولا وبرٍ الا أدخله الله هذا الدين، بعزّ عزيز أو بذلّ ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل الله به الكفر ) رواه أحمد في " مسنده " و البيهقي في " سننه " .

وهذا النصر الذي وعد الله به عباده المؤمنين ليس مقتصراً على الدنيا فحسب، كما دلّ عليه قوله تعالى: { إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد } (غافر:51) وقد يتساءل البعض فيقول: " قد عُلِمَ أن بعض الأنبياء قتله قومه، كيحيى و زكريا عليهما السلام، ومنهم من ترك قومه مهاجراً كإبراهيم عليه السلام، فهل يتعارض ذلك مع ما جاء في الآية السابقة ؟ " والجواب البديهي والسريع على ذلك أن نقول: لا تعارض في ذلك أبداً؛ وذلك لأن الانتصار لأولئك الأنبياء قد حصل بعد مماتهم، كما فعل الله بقتلة يحيى و زكريا عليهما السلام، فقد سلّط الله عليهم من أعدائهم من يهينهم ويسفك دمائهم، وأما النمرود فقد أخذه الله أخذ جبّار منتقم، وانتصر الله لنبيه إبراهيم عليه السلام، وتحقق بذلك موعود الله تبارك وتعالى، وفي " صحيح البخاري " عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يقول الله تبارك وتعالى: من عادى لي ولياً فقدآذنته بالحرب ) رواه البخاري ، وهكذا نصر الله أنبياءه على من خالفهم وكذبهم، وجعل كلمته سبحانه هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى، وأنجى الله تعالى المؤمنين من بين أظهرهم، ونصرهم على عدوهم .

ما سبق كان جواباً سريعاً وبدهيّاً يحسنه كل أحد، ولكن ليس هذا هو مكمن الأمر، وحقيقة السر، لقد أخبرنا الله عزوجل بقصة أصحاب الأخدود، حين قال تعالى في محكم كتابه: { إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق } (البروج:10) إنها نهاية مؤلمة يتفطّر لها قلب كل مؤمن، ولا يملك عينه من الدمع عندما يتراءى له ذلك المشهد أمام مخيّلته، وبالرغم من ذلك لم يخبرنا الله تعالى بأنه أرسل جنوداً من السماء على أولئك القتلة المجرمين، ولم يخبرنا أيضاً بأنه خسف بهم الأرض أو أرسل عليهم حاصباً، كل هذا لم يخبرنا الله به، فأين النصر؟!! إن الله عزوجل يريد أن يعلم الأمة درساً عظيماً، وأمرا جليلاً، ألا وهو: أن النصر لا يكون بالأسباب الظاهرة، والعقوبات العاجلة فحسب، لكن حقيقة النصر الثبات على المبادئ .

إن أولئك الشهداء المؤمنين قد انتصروا في حقيقة الأمر؛ لأنهم استطاعوا أن يثبتوا على مبدأ الإيمان مع كل تلك الخطوب العظيمة، والآلام الجسيمة، تلك هي حقيقة النصر التي يجب أن تتعلمها الأمة وتعيها جيداً .

على أن هذا النصر الظاهر قد يتأخر، ويستبطئه المؤمنون؛ لحكمة يريدها الله، ولأسباب لا يعقلها إلا من وهبه الله نظراً ثاقباً وفهماً عميقاً للأمور والأحداث، ومن تلك الأسباب كون الأمة الإسلامية غير مؤهلة لحمل راية الإسلام، فلو نالت النصر لفقدته سريعاً، لعدم قدرتها على حمايته طويلاً، وقد يبطيء النصر لأن الله سبحانه يريد من المؤمنين أن يزيدوا صلتهم بالله، ويجردوا نواياهم من كل ما يشوبها من حب للظهور أو طلبٍ لأطماع دنيوية أو مآرب شخصية، فإذا توافرت أسباب النصر عند الأمة كانت الأمة جديرة بنصر الله تعالى لها، ومن ناحية أخرى قد يتأخر النصر؛ لأن الباطل الذي تحاربه الفئة المؤمنة لم تنكشف حقيقته للبسطاء من الناس، وبالتالي لم يقتنعوا بعدُ بفساده، وضرورة زواله، فيحتاج الأمر إلى مزيد من الوقت والجهد لكشف زيفه، وبيان بطلانه، كي يتقبّل الناس ذلك النصر، ويكون له أعظم الأثر في نفوسهم بعدما تبيّنت لهم حقيقة الباطل، وأثره السيء على دينهم ودنياهم. فإذا غلبه المؤمنون حينئذٍ لم يجد من يذرف الدموع عليه، ويأسف على زواله .

وخلاصة القول: إن الله سبحانه وتعالى سوف يعلي كلمته، وينصر دينه، ولن يتم ذلك إلا بالأخذ بأسباب النصر، وعوامل تحققه، ومهما طال ليل الهزيمة، فإن فجر النصر آت بإذن الله ووعده، وحينئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله، ويتم الله الأمر لهم، وتنتشر الدعوة المحمدية في مشارق الأرض ومغاربها، نسأل الله تعالى أن يرينا ذلك اليوم، وما ذلك على الله بعزيز .

منقول من الشبكة الاسلامية

http://www.islamweb.net/ver2/archive/readArt.php?lang=A&id=53405

من قلب بغداد
12-25-2007, 06:24 PM
أُتابع جُزيتم خيراً

من هناك
12-25-2007, 06:33 PM
اتابع ايضاً

هنا الحقيقه
12-26-2007, 06:55 PM
المختصر ..في مفهوم النصر
بقلم :هنا الحقيقه


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين نحمده حمدا كثيرا
والصلاة والسلام على سيد المرسلين صاحب المقام المحمود واللواء المعقود والحوض المورود وعلى اله وصحبه وسلم
اما بعد
فأني نظرت في عدة مواضيع تتكلم وتبحث عن كيفية نصر الله تعالى لرسله وانبياءه فوجدت ان الدعاة والمستنبطين من هذه الايات قد اطنبوا وتفرعوا تفرعاً لا يجوز تفرعها وسوف احاول ابين ما يتوجب علينا ان نعتقده
اقول ان القرءان الكريم انما هو كلام الله تعالى الذي انزل به الروح الامين على رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم وبما انه كتاب الله وكلام الله تعالى رب العالمين فاننا نعتقد متيقنين ان هذا الكتاب لا ياتيه الباطل ابدا ولهذاكان هذا اليقين اصل من اصول العقيدة وركن من اركان الايمان .ولا يتوجب علينا نحن المسلمين ان نطلب الدلائل والبراهين من الله ورسوله ان اخبرنا الله في الكتاب الكريم عن امور غيبية او تباشير مستقبلية او احداث لامم قد خلت الا ما قد اخبرنا به القرءان الكريم فنصدقه تصديقا كاملا
ولهذا كما اسلفت كانت هناك ايات في القرءان تحتوي على بشارات مستقبلية بشر بها القرءان وصدقها الصحابة قبل ان تحدث وهم لم يروها في وقتها وفي ساعتها انما جاء التبليغ بها في القرءان فقالوا صدق الله ورسوله ومن تلك الامثال الاسراء والمعراج (سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من اياتنا انه هو السميع البصير) وهناك بشائر لم تحدث الا بعد مدة من السنين لكن الصحابة صدقوها ولم يسألوا رسول الله كيف ومتى ومثال ذلك (غلبت الروم *في ادنى الارض وهم من بعد غلبهم سيغلبون*في بضع سنين لله الامر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون) وهناك بشارات لم تحدث في زمانهم بالماتوا وهم مصدقين بها لايمانهم ان هذا قول الله تعالى ولا مبدل لكلماته ولم يطالبوا بدليل ولا برهان
ونحن كمسلمين متبعين سنة رسول الله والسلف الصالح الواجب علينا ان نحذوا حذو السلف الصالح في هذا الامر فنتبع المحكم ونرد المتشابه لله رب العالمين ويتوجب علينا ان نعتقد يقينا بأن هناك احداث وقصص لم يذكرها الله تعالى في كتابه العزيز رأفة بنا او لامر يعلمه هو وليس نسيان منه وسهو (تعالى الله رب العالمين) ولهذا ومن هذا المنطلق نجد ان الله قد ضرب لنا من كل شيء مثلا ولكنه لم يقص علينا كل القصص فضرب لنا مثلا بالصبر والشكر والشجاعة والحلم وغيرها من امثله لكنه لم يورد كل الامثلة في الصبر مثلا لانه يعلم ان مثال واحد يكفي لقوم مؤمنين
فعليه فان الله تعالى قد قال في محكم كتابة (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ),ولو اكتفى الله تعالى بهذه الاية ولم يضرب لنا مثلا على كيفية نصره لكان اعتقادنا وايماننا ثابتا لا يتزحزح عن ان الله ينصر رسله والمؤمنين ولكنه ربنا و يعلم ما بنا من ضعف وجدل وحيرة وتشكيك وكذلك رأفة منه علينا ورحمة وليثبت قلوب المؤمنين فضرب لنا امثالا وليس مثلا واحد فجاء مثل ابراهيم ونوح وموسى وهود وصالح وغيرهم من الانبياء والحمد لله رب العالمين
فالمطلب ليس ان نتتبع كل نبي ورسول ونقول كيف انتصر الله له انما الواجب ان نعتقد اعتقاد جازم ان الله قد انتصر له رغم ان الله لم يحدثنا عنه في القرءان ومثال ذلك نبي الله يحيى عليه السلام فالله تعالى لم يحدثنا كيف قتل او كيف انتصر له ولو انه حدثنا كيف قتل ولم يخبرنا كيف انتصر له لكان لزاما علينا ان نعتقد بان الله انتصر له تصديقا للاية (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد )

فعلى الداعية والمستنبط والباحث او المنظر ان يكتفي بالايات والقصص المحكمات التي اوردها القران ولا يتفرع ويتوغل في ما هو متشابه او الاسرائيليات حتى لا يتوه ولا يهلك ويؤخذ من حيث لا يعلم فيضيع جهده ويضعف عمله وتسقط فكرته ويذهب صنيعه ووقته ادراج الرياح ومهما تكن في مقالته وبحثه ورسالته من مادة غنية مفيدة فانها لا تاتي اكلها بعدما جرحت بمباضع العلم والدليل وعلى الداعية ان يتمسك بالادلة في القرءان والقصص التي ذكرت فيه والامثلة التي ضربت فيه وان اراد الاستزاده عليه بالاحاديث الصحيحة عن الذي لا ينطق عن الهوى انما هو وحي يوحى
فعقاب قتلت يحيى عليه السلام لا يجوز لنا ان نقول ان الله ارسل عليهم جيش فلان يسوموهم سوء العذاب او رماهم بحجارة من سجيل او ارسل عليهم ريحا صرصرا او اخذتهم الصيحه بدون علم ولا دليل قاطع من كتاب الله والسنة النبوية الشريفة فتحديد الطريقةلم تذكر في القرءان وانما الذي ذكرفي القرءان ان الله ينصر الرسل فعلينا عندما نتظرق الى نصر الله ليحيى عليه السلام ان نقول فنصره الله بانه عاقب قتلت يحيى ونسكت .اما ان اردنا ان نثبت قلب المسلم فالامثلة على نصر الله للرسل كثيرة في القرءان وكافيه وليس المطلوب ان نقول ونبحث على كل نبي كيف كان انتصار الله له
ومن لم يصدق في الايات البينات المحكمات فالاولى انه لن يصدق بقولك انت العبد الضعيف الذي لا علم لك الا ما علمك الله تعالى فلو رويت له قصص من في الارض جميعا فلن يصدق بك
مادام انه لم يصدق الامثلة التي في القرءان
اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم
فان كنت على صواب فمن الله وان اخطات فمن نفسي والشيطان

منال
12-26-2007, 07:31 PM
بارك الله فيك اخينا الفاضل

هنا الحقيقه
12-28-2007, 05:14 PM
وبك الله يبارك اختي منال

طرابلسي
01-13-2008, 06:50 PM
سلم (http://www.alsakher.com/vb2/member.php?u=1411) http://www.alsakher.com/vb2/images/statusicon/user_online.gif
متّهم
زمان الغواية : Mar 2001
عدد الأدلة: 168
http://www.alsakher.com/vb2/images/misc/im_yahoo.gif (http://www.alsakher.com/vb2/showthread.php?t=21617#)

و لا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
فقد توالت الأحداث سريعة خلال أيام (في آخر شعبان و أول رمضان) على أرض (أفغانستان) ، حيث حصل تراجع واضح لـ(طالبان) المجاهدين – حفظهم الله ووقاهم شر الأعادي – مع تقدم أعدائهم من المنافقين والمرتزقة الشماليين تحت مظلة الصليبيين، وأحب أن أذكر أخواني بهذه المناسبة بأمور :
الأمر الأول :
أن كثيراً من المسلمين يستعجل النصر ، وهذه طبيعة البشر ، ولكن سنة الله سبحانه في خلقه ماضية ، والناظر للقرآن – مع استقراء التاريخ وحروب الأنبياء والصالحين – يعلم يقيناً أنه لن يكون نصر إلا بعد مراحل من الابتلاء ، كما قال تعالى (حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا) ، وقال تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلو من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب) .
الأمر الثاني :
أن من سنن الله سبحانه وتعالى تمحيص الصفوف قبل النصر ، فلا يحصل إلا على يد الصفوة من عباده ، فإن تتابع النصر وسرعته يجعل كثيراً من الناس على اختلافهم في الصدق والإيمان في صف الغالب ، لذلك يبتلي الله عباده أولاً حتى تتميز الصفوف ، ولا يكون في صفوف المجاهدين إلا أهل الصدق والثبات – وهم الذين ينصرهم الله بعد ذلك – كما صار هذا الأمر في غزوة (أحد) ، فإن المسلمين لما نصرهم الله في غزوة (بدر) دخل كثير من الناس في (المدينة) الإسلام – ومنهم المنافقون – فجعل الله سبحانه (أحداً) بعد هذه الغزوة للتمحيص كما قال تعالى بعد هذه الغزوة ( وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا منكم) ، فظهر المنافقون بعد هذه الغزوة ، وكما حصل لطالوت وجنوده لما قال لمن معه (إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلاً منهم) ، فتمحص الصف بهذا الابتلاء ، ثم كان هذا (القليل) هو المنتصر على (جالوت) وجنوده .
ولما دخل الناس في دين الله أفواجاً في (جزيرة العرب) في آخر زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان الله قد أعد المسلمين لحمل هذه الرسالة إلى جميع الأمم ، كان لا بد من تمحيصهم قبل بداية نشرهم للإسلام وقتالهم فارس والروم ، فكان موت النبي صلى الله عليه وسلم هو الامتحان الذي أظهر الصادق في دينه من الكاذب ، فظهرت جماعات المرتدين الذين قاتلهم المسلمون ، فخلصت بذلك صفوفهم ، وحصلت الفتوحات العظيمة بعد ذلك .
الأمر الثالث :
إن ظهور بعض آثار الهزيمة على المجاهدين – قبل نصر الله لهم – يظهر حقائق المنافقين والمتربصين بالدين ، كما حصل في غزوة الأحزاب لما حوصر المسلمون من كل جانب قال المنافقون (ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً) ، وكما قال الآخرون (غر هؤلاء دينهم) ، والمتتبع لمقالات وتصريحات بعض الصحفيين بعد الأحداث الأخيرة وشماتتهم بالمجاهدين واستهزائهم بهم يرى أنهم قد شابهوا سلفهم المنافقين في (غزوة الأحزاب) .
الأمر الرابع :
أن سنة الله سبحانه قد جرت مع عباده المجاهدين – إذا صدقوا معه – أن ينصرهم إذا اشتد البلاء عليهم ، كما قال تعالى واصفاً لحال الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه في (الأحزاب) : (إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا ، هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً) ، ثم أنزل الله نصره عليهم كما قال (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها) ، وكما قال تعالى (حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا) .
الأمر الخامس :
أن الحق لا يتوقف على (شخص) يموت بموته ، فإن الشيطان صاح في المسلمين في (غزوة أحد) : ألا إن محمداً قد قتل ، فحصل بعض الخبط في صفوف المسلمين ، فأنزل الله تعالى قوله (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) ، فلم ينكر الله سبحانه أن يموت محمد صلى الله عليه وسلم أو يقتل ، بل أنكر الارتداد على الأعقاب بعد ذلك . لذلك فالواجب على المسلمين التمعن في هذه الآية ليعرفوا أن (الحق) ليس معلقاً برجل – مهما كان فضله – إذا مات أو قتل ذهب الحق معه ، أو ظهر اليأس يعده .
وأخيراً :
أسأل الله تعالى أن ينصر (طالبان) ، وأن يعلي راية الإسلام ، وأن يخذل (أمريكا) وأحلافها ، وأن يرينا فيهم عجائب قدرته ، ون يجعلهم وأموالهم وأسلحتهم غنيمة للمسلمين .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد .






http://www.alsalafyoon.com/alsalaf/s...&threadid=4362 (http://www.alsalafyoon.com/alsalaf/showthread.php?s=&threadid=4362)
__________________
نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم


موضوع قديم ذات صلة

أبو مُحمد
02-07-2008, 09:46 PM
جزاك الله خيرا أخي طرابلسي.