تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هل تسعى واشنطن لتغيير ما، في دمشق .... لعزل بيروت عن طهران؟



FreeMuslim
11-21-2007, 08:35 AM
هل تسعى واشنطن لتغيير ما، في دمشق .... لعزل بيروت عن طهران؟

بقلم الطاهر إبراهيم (http://www.alasr.ws/index.cfm?method=home.authors&authorsID=564)

أجمع المحللون السياسيون في لبنان وفي المنطقة أن خطاب نصر الله يوم الأحد 11 تشرين الثاني الجاري، كان زلزالا سياسيا، فقد امتدح "إميل لحود" ليورطه، واتهم خصومه من 14 آذار بأنهم "لصوص وقتلة ومن عملاء المشروع الأمريكي الصهيوني"، حتى الوكالة التي كانت بيد دمشق حول الاستحقاق الرئاسي، فقد سحبت وأعيدت إلى طهران صاحبة الامتياز الأساسي.

كما سحب "نصر الله" التفويضَ الممنوح لرئيس المجلس النيابي "نبيه بري"، بعد المبادرة التي أطلقها هذا الأخير قبل أشهر لتنفيذ الاستحقاق الرئاسي، ثم أصبحت حوارا مع زعيم الأكثرية النيابية اللبنانية النائب "سعد الحريري".

ولم يتوقف الزلزال عند حدود سحب الوكالة من دمشق، وإنهاء التفويض الممنوح للرئيس "بري". فلم يعد الجنرال "ميشيل عون" يعرف ما هو دوره الحالي بعد هذا الانقلاب؟ طالما أن أطرافا أساسية أولى منه وأقرب إلى "نصر الله" قد تم تهميشها. فالجنرال، مهما قيل عنه في استماتته في القتال حتى آخر نفس ليصل إلى الرئاسة الأولى، ومن ثم يصفي حساباته مع الذين ساهموا في نفيه إلى باريس، كدمشق وسمير جعجع على غير اتفاق بينهما، فوجئ ـ كما فوجئ الآخرون ـ بخطاب "نصر الله"، وكان يحسب نفسه بمكانة عنده بحيث ينبغي أن يشاوره على الأقل، لكن ظنه خاب لأن الأمر أكبر من تحالف على توزيع المناصب، بعد أن دخل المشروع الإيراني النووي على الخط.

غني عن الذكر أن باقي المتحالفين مع حزب الله لم يكن لهم أي شأن قبلا ـ هم محسوبون في الأصل على سورية ـ حتى يكون لهم الآن، طالما أن الجنرال نفسه لم يحسب له حساب. ونضرب صفحا عن الأسماء فهم يعرفون أنفسهم كما يعرفهم اللبنانيون.

الرسالة كانت واضحة. صحيح أن نصر الله هاجم الحكومة اللبنانية ـ غير الشرعية بتعبير تلفزيون المنار ـ بعنف وسوى بينها وبين واشنطن، إلا أن الرسالة كانت موجهة لسركوزي الحريص جدا على إنجاز الاستحقاق الرئاسي اللبناني، وكأنه يتعلق بإثبات وجوده، وليقول لأنصار "جاك شيراك": ها قد عملت ما لم يستطعه صاحبكم. وكأن نصر الله أراد أن يقول: واحدة بواحدة. النووي الإيراني في كفة والرئاسة اللبنانية في كفة. اتركوا إيران وشأنها، ثم لا بأس بعدها أن يكون الرئيس مَنْ يكون. أنا لا مطمح لي في الرئاسة، فهي شأن مسيحي، ولا فرق بعدها أن يختار البطريرك الرئيس أو تختاره قوى 14 آذار. ودعوا الجنرال عون لنا، فنحن نرضيه بـ"تبويس الشوارب".

وإذا أكدنا إن الرسالة موجهة إلى "ساركوزي"، فليس لأنه يستطيع إعطاء فَسْحاً "للنووي" الإيراني، بل بصفته "ساعي بريد"، يحمل الرسالة إلى الرئيس "جورج بوش"، لأنه الوحيد الذي يستطيع أن يرفض أو يرفض —هو يرفض الأقل من ذلك بكثير-، وقد تكون المعركة "مكاسرة" إرادات، أولا وأخيرا.

فقد تحدى نصر الله الجميع عندما قال بأن العالم لا يستطيع نزع سلاح المقاومة. هل نستطيع أن نقول إن "نصر الله" قد وضع كل رأسماله على طاولة القمار، فإما ما تريده طهران، أو عليه وعلى خصومه، وليكن ما يكون.

لا شك بأن الكرة الآن في ملعب واشنطن. وهي بالتأكيد معنية بالأمر لأبعد الحدود. القضية ليست قضية رئيس لبناني من 14 آذار أو من 8 آذار. بالنتيجة، فإن الرئيس العتيد لن يعمل ضد واشنطن لو كان من المعارضة. كما أنه لن يقطع مع دمشق، فيما لو جاء من قوى 14 آذار.

لقد عملت واشنطن بكل ما أوتيت من قوة لإيقاف المشروع النووي الكوري الشمالي، مع أن كوريا ليست دولة مسلمة، وستنتهي إن عاجلا أو آجلا إلى أحضان كوريا الجنوبية، كما انتهت ألمانيا الشرقية إلى أحضان ألمانيا الغربية. فأين المشكلة إذن؟

لقد قامت واشنطن بتحطيم نظام صدام حسين، لأنه بدا وكأنه يحاول تشكيل نواة قوة قد تهدد إسرائيل، وذلك من دون إهمال الدافع النفطي في احتلالها بغداد.

واشنطن تعرف أن إيران اتخذت من فلسطين قضية محورية كعامل جذب لعواطف المسلمين ـ أكثر الدول العربية اعتبرت القضية عبئا ـ لا لسبب ديني فحسب، بل أرادت أن ترفعها رايةً تقف تحتها شعوب إسلامية كقضية مقدسة، تخفي وراءها طهران أجندة خاصة بها.

الهدف الشيعي الذي تسعى له طهران يتشكل من حلقات، تريدها أن تتشابك في محور، يمتد من طهران إلى بغداد مرورا بدمشق، وانتهاء ببيروت. وإذا ما اتصلت حلقات هذا المحور تماسكا صلبا، فسوف يصعب على واشنطن أن تبقى في العراق. وإذا بقيت فيه فسيكون ذلك بشروط إيران. وإذا ما أرادت واشنطن كسر هذا المحور ـ توشك حلقاته أن تتصل ـ فسوف يكون ذلك في أضعف حلقاته.

بعض الإستراتيجيين الأمريكيين يعتقدون أن الحلقة الأضعف الآن هي دمشق، لأن سورية هي الأقل حضورا شيعيا. ولأنه ليس هناك تطابق بين أجندة دمشق وأجندة طهران على المدى البعيد، لأن عداوة دمشق مع واشنطن تختلف عن عداوة طهران، فهي طارئة تحاول دمشق جاهدة أن تصل حبال الود معها من جديد.

حتى الآن، ثبت أن واشنطن تقدم رجلا وتؤخر عشرا في دعم المناوئين للنظام السوري. لكن إذا ثبت أن نصر الله يعني حقيقة ما قاله في خطابه الأخير، كما فهمه اللبنانيون وغيرهم، فهل ستغير واشنطن من أولوياتها؟

الإستراتيجيون الأمريكيون الذين أشرنا إليهم آنفا، أكدوا أن أحد أهم أسباب إحجام واشنطن عن إعطاء إشارة البدء في ورشة التغيير في سورية، هو معارضة الجنرالات الإسرائيليين لتغيير النظام السوري، بعد أن أثبت لهم على مدى أكثر من ثلاثة عقود، أنه يحترم الاتفاقات التي أبرمت معه برعاية "هنري كيسنجر" في اتفاقية فصل القوات في عام 1974م، حيث لم يسجل ولو خرق واحد. بل لم يردّ ولو لمرةً واحدةً على الطلعات الجوية التي كان الطيران الإسرائيلي يخترق فيها الأجواء السورية، حتى وصل إلى أقصى الشمال الشرقي في سورية، واخترق حاجز الصوت فوق قصر الرئاسة في اللاذقية.

بعض الإستراتيجيين الأمريكيين زعموا أن الجنرالات الإسرائيليين قد يغيرون مواقفهم، إذا تأكد لهم أن النبرة المرتفعة لخطاب نصر الله الأخير لها علاقة ببرنامج إيران النووي آنف الذكر، عندها فقد يضغط جنرالات إسرائيل من أجل زعزعة المحور الذي تسعى له إيران، وأن هذا لا يتم إلا بتغيير النظام السوري.
ويبقى أن هذا مرهون بأولويات واشنطن في المنطقة وبماذا يفكر الرئيس الأمريكي. ويبقى انتظار المفاجآت من عدمها مرهونا بمشيئة الله، وإن غدا لناظره قريب.