تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اللبناني الواعي: بردان المنتوف ابن فقير وجوعانة



من هناك
11-13-2007, 01:20 AM
وقفت مجموعة طلّاب في باحة كلية العلوم ـــــ الفرع الأوّل في الجامعة اللبنانيّة رفع أفرادها أوراقاً كرتونيّة يحمّلونها مشاكل وهموماً تلاحقهم في وطنهم، كتبوها بأيديهم بعدما لم يجدوا المال لطباعتها. مجموعة شبابٍ مستقلّين و«فقراء» وقفوا أمس دون أعلام حزبيّة للمرّة الأولى لأنّ «المطلوب هذه المرّة رغيف الخبز لا السنيورة»، كما لم يحملوا أيضاً العلم اللبناني لأنّه «لا لبنان حقيقياً بعد»، وإن كان قد حضر صدفة في اعتصامهم لتزامنه مع نشاط «الاستقطاب» الذي يقوم به طلّاب التيّار الوطني الحر من الناحية الأخرى لباحة الكافيتريا. الاعتصام كان «مستقلّاً» في انتمائه وملحّاً في مطالبه التي تمحورت حول «موجة الغلاء التي تعصف باللبنانيين».

وقد أتى الاعتصام الرمزي رمزياً من حيث الحضور، إلاّ أنّه استطاع أن يجمع في ثلاث عشرة ورقة كرتونيّة تفاصيل مشكلة يواجهها الطلّاب وأهاليهم واللبنانيّون عموماً، تبدأ برغيف الخبز وكيس الطحين إلى المازوت والبنزين إلى المواصلات...

الهجرة التي كانت حاضرة أيضاً مثّلت «ورقة إنقاذ» للكثير من الشباب إذا ما استمرّ الوضع على ما هو عليه. وما لم تجرؤ الدولة على ذكره حمله الطلّاب شعاراً أيضاً كحلٍّ آخر للأزمة، فإن لم تبادر إلى المساعدة «حتّى ناكل وحتّى نعيش»، فليس هناك سوى أن «نتاجر بالحشيش».


يتأبّط الطالب محمّد سماحة بطاقة هويّته الجديدة التي لم تعد تعترف بحقّه في أن يكون هو «محمّد»، فاليوم اسمه «فقير، واسم والده جوعان وأمّه بردانة والشهرة منتوف والمهنة الركض وراء رغيف الخبز ورقم السجل ولا قرش في اليوم الثاني من الشهر والجنسيّة لبناني الله يرحمو».


إلى جانب محمد «فقير» آخر يشكو «من الفلافل اللي صارت بـ1750»، وآخر يفكّر في حبيبته «شايفي الرغيف شو بعيد بس طاله برجع بحبّك»، و«جوعان» ثالث يقطع يومياً آلاف الأمتار من بيته في قريته البقاعيّة إلى جامعته وفي رأسه هاجس والده ووالدته وأخواته... و«الصوبيا وصفيحة المازوت وربطة الخبز». وفقراء آخرون «يشغلهم سعر صفيحة البنزين والتخرّج والعمل والهجرة أو الإعدام جوعاً».


لم يخل الاعتصام من الكلمات وإن أراده البعض صامتاً مقتصراً على اللافتات المكتوبة، إلاّ أنّ الطالب في السنة الرابعة حسين إدريس حاول اختصار الموقف. واتّهم إدريس في كلمته الدولة «التي تتّبع سياسة التجويع الممنهج لخنق المواطن اللبناني ووضعه أمام خيارين: إمّا الهجرة أو العيش بذلّ على أعتاب المسؤولين والإقطاعيين».
وانتقد إدريس «الغلاء الفاحش في الأسعار التي لا تميّز بين دينٍ وآخر أو تيّارٍ وآخر والتي أصبحت حملاً ثقيلاً على الشعب اللبناني بكل انتماءاته وأطيافه»، داعياً الجميع إلى «صرخةٍ تدوّي عالياً لتُسمع كل مسؤول تناسى دوره تجاه شعبه».

وكانت فكرة الإعتصام قد بدأت تتبلور قبل أيّامٍ قليلة، حيث كان الشباب مجتمعين في غرفة أحد أصدقائهم «الذي كان يبحث عن المال لتسديد فاتورة هاتفه»، من اقتراحٍ إلى آخر ومن فكرةٍ إلى أخرى «وصل الطلّاب إلى الهمّ المعيشي، بدءاً برغيف الخبز وسعر صفيحة المازوت والصوبيا»، لكون الشباب من «البقاع»، فكانت الفكرة في طرح المشكلة «أمام العلن علّها تصل إلى آذان المسؤولين القابعين في قصورهم».