تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حرب سرية على خلفية الاستحقاق الرئاسي اللبناني



Ghiath
10-07-2007, 10:12 PM
حرب سرية على خلفية الاستحقاق الرئاسي اللبناني

بيروت/محمد مصطفى علوش

لا يغرنّك ما تناقلته بعض أطراف الموالاة أو المعارضة حول ما حدث في مجلس النواب اللبناني في 24 من الشهر الجاري بمناسبة الدعوة لانتخاب رئيس للجمهورية من أن ما حدث كان مخططاً له، وأن الأمور تسير على ما يُرام، كما لا يغرنّك ما حصل قبيل الجلسة من تطورات بارزة تمثلت بلقاء بين نبيه بري والبطريك صفير قبل ساعات من موعد الجلسة أو ما نتج عن لقاء الحريري-بري أثناء تواجد النواب في البرلمان؛ فالحقيقة التي لم تعد غائبة كثيراً أن حرباً سرية كانت قد بدأت بين المعارضة والموالاة عقب تشكل المحورين ما لبثت أن تطورت لتصبح بركاناً يغلي، يكاد ينفجر في أي لحظة، والذي تظهر حدته مع كل عملية اغتيال أو بعده. هذا هو الحال الذي تعيشه البلاد حالياً، وما عدا ذلك فليس سوى مجاملات دبلوماسية أصبحت باهتة.
الحرب السرية هذه لم تعد تقتصر على التصريحات الخشنة والناعمة، بل جُندت في سبيلها صحف ومجلات ومحطات إذاعية وفضائية وحتى بلطجية، وكل ما يخطر ببالك من وسائل يمكن استخدامها في هذا المجال!!
فالموالاة التي تتكون من فسيفساء متنوعة تكاد تختلف بقدر ما تتفق، ترى في المعارضة خطراً يريد العودة بالبلد للحضن السوري أو يريد تلزيم إيران الوضع اللبناني، وهي تسخر كل طاقاتها في سبيل هذا الوضع.
في حين ترى المعارضة أن الموالاة تريد تدويل البلد وتسليمه للوصاية الأمريكية.
الغريب في الموضوع وأنه قبل (24) ساعة من تقاطر النواب للمجلس النيابي كان الملف الأمني يأخذ حيزاً كبيراً من النقاش، متقدماً على الملف السياسي؛ فعلى مدار سبع ساعات متواصلة التأم مجلس الوزراء المحسوب على الأكثرية بعد أن انضم إليه مدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد جورج خوري المتهم بقربه من سوريا، إضافة لرئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي وسام الحسن المتهم بقربه من السفارة الأمريكية، والمحسوب على تيار المستقبل للتباحث حول آخر المستجدات الأمنية.
الاجتماع الذي تطرق لملف (فتح الإسلام) فضلاً عن ملف التسلح، وبعد أن ذُهل الرئيس السنيورة من حجم التسلح وظاهرة التدريبات المتنقلة لدى غالبية الأحزاب من موالاة ومعارضة تحت غطاء الأمن الذاتي، تمنى على الموجودين إبقاء ما تم نقاشه داخل الجلسة المغلقة سرياً، لكن اللافت ليس تسابق الوزراء لتسريب محضر الجلسة -كما تحصل العادة دائماً- بل لنقل معلومات حتى مغلوطة في إطار الحرب السرية الدائرة بين محوري المعارضة والموالاة؛ ففي الوقت الذي كررت الصحف المعارضة مقولتها بأن المعلومات المسربة تؤكد تورط (القاعدة) ووقوفها وراء تنظيم (فتح الإسلام) خرجت الصحف الموالية تؤكد أن غالبية عناصر التنظيم جاؤوا من سوريا، وهم على علاقة ببعض الشخصيات الأمنية السورية، في حين شطح البعض للحديث عن دور شيعي إيراني في الملف؛ فقد نقلت إحدى الصحف المحسوبة على الموالاة حرفياً ما يلي: "تنافس وزراء على تسريب معلومات مضللة عن جلسة الحكومة بالأمس، على عكس الاتفاق الذي حصل داخلها، ووصل الأمر بأحدهم للقول إن مرشداً إيرانياً كان يعمل مع (فتح الإسلام) في البارد، بينما وصل آخرون إلى "ولاية الفقيه" مباشرة".
هذه الحرب لم يكن محورها فقط حول من يتحمل مسؤولية (فتح الإسلام)، بل تعداها إلى أساليب أخرى منها التسابق نحو تحقيق كل طرف الأمن الذاتي له في مواجهة أي اغتيال؛ إذ تقول المعلومات المسربة أنه ليلة انعقاد الجلسة في البرلمان، وبالتزامن مع إعلان المكان الذي يقع في البرلمان منطقة عسكرية لوحظ "استنفار أمني لا سابق له من جانب فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، فيما تحدثت أوساط "الأكثرية" عن انتشار كثيف للغاية- وإن كان غير مرئي- للمئات من عناصر (حزب الله) في بيروت، وأن أجواء قوى المعارضة توحي باحتمال حصول مواجهة في أي لحظة".
قد لا يكون أن من يقف وراء اغتيال نواب الأكثرية – على الرغم من جهالته حتى الآن- هو الوحيد من يقوم بالحد من عدد نواب الأكثرية لغاية قد لا نعرفها، فإن المعارضة قد انشغلت طيلة الفترة الماضية في احتساب عدد النواب الذين خرجوا من الأكثرية إن تجاه المعارضة كحال النائب العلوي مصطفى حسين بعد ضغط كبير عليه، أو بالتفرد من بين الأكثرية بتمنعهم عن انتخاب رئيس بالنصف زائد واحد كما تهدد الأكثرية، كما هو حال النائبين المسيحيين المرشحين للرئاسة من فريق الأكثرية بطرس حرب وروبير غانم. وما إن هللت المعارضة لموقف التكتل الطرابلسي(4 نواب) الداعم لفكرة الثلثين حتى انقلب الأمر عليها؛ إذ إن تيار المستقبل كان قد نجح في تحقيق زلزال داخل التكتل من خلال الضغط على النائبين قاسم عبد العزيز ومحمد كبارة؛ إذ إن إعلان كبارة وعبد العزيز موقفاً معاكساً لموقف التكتل حول النصاب الدستوري لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية أمس البارحة، جعل الأمر يبدو وكأنّ الصفدي بات وحده يغرّد خارج السرب. وتأتي أحداث التكتل متزامنة مع أكثر من مؤشر يدلل على أن تيار المستقبل يقف وراء ذلك التضعضع للتكتل، لاسيما أن صوراً لزعيم التكتل الوزير محمد الصفدي كانت تعرضت للتمزيق والتكسير في بعض أحياء طرابلس في اليومين الماضيين، ونشبت مشادات عدة بين أنصاره وأنصار تيار المستقبل، في أعقاب حملة اللافتات ضده الأسبوع الماضي، والتي أُزيلت بسرعة، في حين تلقى الصفدي من نظيره عن مدينة طرابلس النائب مصباح الأحدب نقداً لاذعاً بعد أن أثنى على مواقف أعضاء التكتل بصفتها تتماشى مع "الشهامة التي يتمثل بها النواب"، لافتاً إلى أنه "إذا كان الصفدي يلتفت إلى ما كتبت عنه بعض الصحف من أنه سيصبح رئيساً للحكومة المقبلة، فإننا نذكّره أنه بكتلة مكوّنة من أربعة نواب لا يقدر أن يصبح رئيساً للحكومة، في موازاة آخر عنده كتلة مكونة من أربعين نائباً، لذا عليه أن يروق ويطوّل باله".
وهكذا تتطور الحرب السرية بين الطرفين مع اقتراب انتهاء المهلة الدستورية للاستحقاق؛ ففي الوقت الذي يذهب فيه نبيه بري إلى البطريرك صفير قائلاً: "لدي معلومات أن الأكثرية تريد انتخاب رئيس بالنصف زائد واحد، وهذا خطر على البلاد، ويؤدي إلى التقسيم"، راجياً منه التدخل للضغط على الأكثرية، وواعداً إياه بالسعي للتوافق مع سعد الحريري ومع زعماء الموالاة على اسم أو اسمين توافقيين. يسرب رئيس تحرير جريدة الأخبار المعارضة إبراهيم الأمين في مقال له المخطط الذي ستسير عليه العارضة في حال توجهت الموالاة للنصف زائد واحد بالخطوات التالية:
- انتخاب رئيس من المعارضة بمن حضر في خطوة مقابلة لانتخاب الفريق «الأكثري» لرئيس من صفوفه بمن حضر.
- تأليف حكومة جديدة من خلال مشاورات يُدعى إليها النواب مع الرئيس الجديد، ورفض أي محاولة لترك حكومة السنيورة تتولى عملية تصريف الأعمال.
- منع الرئيس المنتخب من فريق 14 آذار من الوصول إلى القصر الجمهوري مهما بلغت التحديات، ومهما تطلب ذلك من تضحيات.
- منع التعرض للجيش اللبناني وجره إلى انقسام سياسي على قاعدة اجتماعية - أهلية، والعمل على ممارسة ضغوط جدية لمنع قوى الأمن الداخلي من تولي السلطة، وذلك ربطاً باقتناع فريق المعارضة بأن قوى الأمن تتبع عملياً وسياسياً لفريق 14 آذار.
- منع سيطرة فريق 14 آذار على المرافق الأساسية من مطار ومرفأ ومصرف مركزي ووزارت حساسة، وإطلاق دورة تحرك تهدف إلى منع إمساك الفريق «الأكثري» بأي إدارة من إدارات الدولة.
- الموافقة على أي خيار يلجأ إليه الرئيس إميل لحود لناحية منع تسليم الرئاسة إلى حكومة السنيورة إذا انتخب الفريق الأكثري رئيساً من صفوفه".
وإذا كنا عرفنا التكتيك العسكري-السياسي للمعارضة على السيناريوهات المحتملة في إطار الحرب السرية الدائرة بين الطرفين، فيا ترى ما هو التكتيك الذي ستحمي به الموالاة خطواتها في حال أقدمت على انتخاب رئيس بمن حضر من النواب؟