تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وصلت الرسالة - مقتل أبو القعقاع



FreeMuslim
10-07-2007, 10:50 AM
مفكرة الإسلام/ اغتيل يوم الجمعة 28ـ9ـ2007 شاب سوري يدعى محمود قول آغاسي والذي كانت تثار الشكوكحول كونه يقوم بتجنيد مقاتلين أجانب للسفر إلى العراق لمقاتلة القوات التي تقودهاالولايات المتحدة وقال مساعده أحمد حيدر إن آغاسي تم قتله بالرصاص عقب خروجه منأحد مساجد مدينة حلب بعد صلاة الجمعة.
وأول مرة دخل فيها ما يطلق عليه أبو القعقاع دائرة الضوء الإعلامي الرسمي في مارس عام 2006 لدى تصدي قوات الأمن السورية لمجموعة متطرفة قرب مبنى التلفزيون وسط دمشق ونشرت وسائل الإعلام المحلية حينها صوراً ظهرت فيها الأشياء التي كانت بحوزة المجموعة وهي ذخيرة ومواد متفجرة وبنادق وأقراص مدمجة تتضمن خطبا جهادية لأغاسي الذي كان معروفاً بتسهيل إرسال مقاتلين إلى العراق قبيل سقوط نظام صدام حسين. وأطلق أتباع أغاسي على أنفسهم غرباء الشام وأقاموا موقعا على الانترنت تحت هذا الاسم.
وبحسب مصادر مطلعة في حلب فإنه قبل احتلال العراق لم يكن أبو القعقاع معروفا للمتدينين في الشمال السوري لكن بعد الاحتلال الأميركي للعراق برز كداعية لامع في جامع العلاء بن الحضرمي في حي الصاخور في حلب وتميز بخطب جهادية جذبت إليه الكثير من الأتباع.
وكان أغاسي يؤكد دائما أنه ليس ضد الدولة وأنه والدولة ضد الخطأ بل وكان يحث على التعاون مع الحكومة ويدعو إلى توحيد الجهازين الأمني والإيماني لأن كل إنسان مؤمن عليه أن يرى الأمن فعلاً ايجابيًا طالما كان هدف دين المؤمن الحض على رفع الأذى عن الإنسان والأمن يفعل ذلك.
وينتقده الكثيرون لأنه بعدما اقنع الكثيرين بالسفر للعراق نفض يده من الجهاديين الذين أرسلوا إلى العراق عندما طلبت منه السلطات الكف عن ذلك. كما اتهم من قبل بعض أتباعه بأنه يساعد السلطات السورية في تعقّب خطوط تهريب المجاهدين. وكان مجاهد يمني في الفلّوجة قد أعرب عن نفس الشكوك تجاه أغاسي في خريف 2005. وظهر بيان على شبكة الانترنت لما يسمى مركز خدمات المجاهدين في العراق حذر ممن وصفهم بالمندسين والمنافقين. وتم اتهام أبو القعقاع بالتجسس والعمالة لسلطات الاحتلال الأميركية ورد أبو القعقاع على الاتهام بالنفي عبر بيان نشر في الصحف ورد فيه اتهامي عار عن الصحة تماماً.. وكذب وافتراء وحول اتهامه من قبل مركز خدمات المجاهدين في العراق باختراق مجموعات من المقاتلين الذين قصدوا العراق للقيام بعمليات تستهدف قوات الاحتلال وبكونه مسئولاً عن اعتقال أعداد منهم بيد المخابرات الأميركية قال: يعلم الله إن ما من أحد حافظ على هؤلاء الشباب ونصرهم مثلي بإقناعهم بالعودة إلى بلادهم وعدم الدخول إلى محرقة العراق أوائل سقوط بغداد حيث صار مسجدي يغص بالآلاف منهم وقد عاد الكثير بقناعة.
ولكن أغاسي هنا يتراجع عن أفعال سبق وأن مارسها وهذا ما كشفه كثير من المجاهدين في العراق وعلماء ودعاة من الشام في كثير من البيانات والقصص التي سردوها على الإنترنت ومنهم أبو محمد السلماني والدكتور رامي محمد ديابي مدير موقع مدرسة الإسلام والدكتور هشـام الشـامي في نشرة الشرق والكاتب السوري حكم البابا في أخبار الشرق.
والمثير أن كثيرًا من الشيوخ المشهورين كانوا يثقون به وموقع طريق الإسلام كان قد خصص له صفحات له ثم حذفت مشاركاته.
وبقراءة عميقة لأفكار أغاسي ولتحركاته وأساليبه لا يشك المرء لحظة أنه أمام اختراق جديد للحركة الإسلامية فالاختراق التنظيمي يقصد به إدخال فرد أو أفراد من جهة مخابراتية إلى داخل الهيكل التنظيمي لفصيل من فصائل الحركة الإسلامية ويتم توجيه الفصيل عن طريق هؤلاء الأفراد بما يخدم التوجهات السياسية للجهة المخابراتية وفي هذا الصدد يقول جمال سلطان: فالحركة الإسلامية لم يستطع خصومها إحراز نصر عليها إلا عن طريق النفاذ إلى داخلها واستثمار حالة القلق السياسي والمنهجي الذي يمثل الداء الأكبر في كافة فصائل هذه الحركة. وعن طريق هذا القلق تمكنت بعض القوى من اختراق الحركة واحتواء بعض فصائلها وقولبة بعض فصائلها واتجاهاتها وفق منهجية حركية معينة.
أما النظام السوري فله باع طويل في اختراق التنظيمات الإسلامية وغيرها فابتداء من أواسط السبعينات برزت الطليعة الإسلامية في سوريا والتي كان لها دور أساسي في تفجير العمليات القتالية في سوريا بقيادة مروان حديد وبعد مقتله تابع طريقه ولم تستطع الأجهزة الأمنية السورية وعلى الرغم من عنفها الشديد وبطشها بل وقتل كثير من مقاتلي الطليعة لم تستطع القضاء على هذا التنظيم فكان لا بد من الاختراق من الداخل لينهار البنيان دفعة واحدة. وهذا ما حدث تماما وعلى يد جاسوس واحد هو أبو عبد الله الجسري والذي بسببه تم القبض على «عدنان عقلة» وحوالي السبعين من أفضل الكوادر العسكرية في التنظيم وأبو عبد الله الجسري هذا استطاع اختراق الطليعة بل والترقي في صفوفها القيادية بسرعة معتمدًا على طيبة القائد «عدنان عقلة» وحماسته للجهاد وتشجيعه الشباب على القتال بصرف النظر عن اختلاف وجهات النظر حول هذا المنهج الذي يبدو متسرعًا في نظر الكثيرين.
وأضاف الجسري هذا لصفاته صفة الورع والتقوى فكان يكثر من قراءة القرآن ويصلي والناس نيام وكان يوقظ زملاءه الذين يسكنون معه لصلاة قيام الليل وهذا السلوك كان من أهم الأسباب التي جعلت «عدنان عقلة» وآخرين غيره يطمئنون إليه وكانت الثغرة الأساسية التي نفذ منها هي تهاون أعضاء الطليعة في انتقاء كوادرهم وعدم التثبت من ماضي الرجال وكثرة الكلام من غير داع لذلك وقد بدأ الجسري اختراقه بعملية هروب من سورية إلى بغداد ومن هناك انتقل إلى عمان ورغم شك بعض الدعاة السوريين به إلا أنه وخلال فترة قصيرة أصبح أحد قادة الطليعة وأقنعهم أن عنده مجموعة من المجاهدين شمال سورية وأظهر لهم الرسائل التي يتلقاها منـهم ويطلبون منـه مسئولين من الطليعة ليحركوا العمليات القتالية التي ضعف شأنـها في الفترة الأخيرة وخاصة بعد مجزرة حماة.. وكان أبو عبد الله يعلم أن مثل هذا المطلب تنتظره الطليعة بفارغ الصبر وسوف تتفاعل معه دون أي حذر لاسيما وأن صاحب هذا الاقتراح من أهل الحل والعقد عندهم.
أقنع «عدنان عقلة» مساعديه بهذا الاقتراح وبدءوا يستعدون لتنفيذه وكان أبو عبد الله يرسل التقرير تلو التقرير إلى المخابرات ويوهمهم بأنـه يرسلها لأصحابه في شمال سورية.
وبدون الدخول في التفاصيل فقد بدأت خلايا الطليعة تدخل سوريا لتسقط الواحدة تلو الأخرى إلى أن سقط «عدنان عقلة» نفسه بيد المخابرات السورية وبعد ذلك غادر أبو عبد الله الجسري عمان إلى دمشق حيث استقبل بحفاوة بالغة وتبين أنـه ضابط في المخابرات السورية.
ويقول محمد سليم حماد وهو أحد شهود هذه الوقائع إن الطليعة وقعت بالشَرَك الذي أوقعهم فيه النظام عبر عميل مدسوس في صفوف التنظيم اسمه محمد جاهد دندش الذي لقب بأبي عبد الله الجسري وهو ضابط مخابرات عسكرية ادعى أنه تاجر زيت يتردد على عمان لهذا الغرض وادعى أنه من أنصار الطليعة وأنه هيأ قواعد للطليعة مع الحدود التركية ونجح في خطته وأدخل عناصر الطليعة إلى سوريا ليتم اعتقالهم وانتهاء بوحشية التعذيب الذي لاقوه وحدث ذلك بعد أحداث حماة حيث أن قيادة الطليعة قد قررت العودة إلى الداخل لمعاودة بناء قواعدها وبدء مواجهة جديدة مع النظام. فالتقط «جاهد دندش» هذا الخيط وأوحى للطليعة أنه قد أمن لهم الطريق الآمنة والأدلاء الخبراء لإيصال العناصر إلى حلب وبدء نزول الشباب عن طريق الحدود التركية السورية مجموعة بعد أخرى يتقدمهم عدنان نفسه. كان جاهد والمخابرات السورية يستقبلونهم أولاً بأول دفعة وراء دفعة ويرسلوا إلى قيادة الطليعة في الخارج الإشارة المتفق عليها فيما بين النازلين والقيادة إشعاراً بسلامة الوصول. حتى اكتمل نزول قرابة السبعين رجلاً سقطوا جميعاً بين أيدي النظام.
إن أغاسي يبدو أنه لم يخرج عن هذا الإطار فقط أنه في العشرية الجديدة بدأ النظام السوري يطور آليات اختراقه للجماعات الإسلامية ليس فقط للإيقاع بالإسلاميين ولكن ليستخدمها في سوق المساومة الدولية مع الولايات المتحدة وغيرها.
فعقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر قدم النظام السوري خدماته للولايات المتحدة بعرض ملفات اختراقاته للإسلاميين في أوروبا وعن طريق هذه الملفات نجحت المخابرات الغربية في الإيقاع بخلية هامبورج في ألمانيا والتي خرج منها «محمد عطا» ومن أجل هذه الخدمات فإن جورج تينيت اعترض على توجيه أي ضربات للنظام السوري عقب احتلال العراق وذلك عندما بدأ في استخدام ورقة الاختراق للحصول على مكاسب إقليمية ومحلية.
فأغاسي على ما يبدو قام بدور لصالح المخابرات السورية في الإيقاع بالمجاهدين الذاهبين إلى العراق وذلك إما لتسليمهم إلى القوات الأمريكية أو القيام بأعمال تفجيرات هنا وهناك بتوجيهات سورية لتصب في صالح النظام والحصول على ورقة في مفاوضات لتحسين وضعه الإقليمي والإستراتيجي ولكن على ما يبدو فإنه في الشهور الأخيرة فإن الإدارة الأمريكية نظرت إلى النظام السوري بأنه ألعوبة في أيدي الإيرانيين وأنه أصبح ورقة ابتزاز إيرانية فضلاً عن سلوك النظام السوري في لبنان والعراق.
ومن هنا جاءت العمليات الإسرائيلية المجهولة داخل العمق السوري والتي أظهرت سوريا وإيران بالضعف العسكري الواضح وأن الأوراق التي في أيديهم ليست بالمستوى المطلوب في مواجهة إستراتيجية شاملة مع الحلف الأمريكي الإسرائيلي.
فهل جاء مقتل أغاسي كرسالة سورية للحلف الأمريكي الإسرائيلي بأنها فهمت الرسالة بعد الغارة الإسرائيلية وأن ( قرصة الأذن) قد تعلمت منها وأنها ستبدأ في رفع يدها من الملف العراقي وإلى درجة ما اللبناني؟