تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قرأت لك : التعليق السباسي التالي ....



نائل سيد أحمد
10-04-2007, 02:38 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
التعليق السياسي
تزامن تصويت مجلس الشيوخ الأميركي على تقسيم العراق مع التحضيرات لعقد مؤتمر الخريف الذي دعا له الرئيس الأميركي جورج بوش الابن، ورغم أن قرار التقسيم غير ملزم للرئيس الأميركي إلا أنه يوحي بقرب تنفيذ التقسيم وبخاصة وأن مراكز البحث الأميركية كانت تطرح منذ أشهر نفس موضوع التقسيم للنقاش والبحث، مما يشير إلى طلب الإدارة الأميركية منها ذلك بغية توجيه الرأي العام الأميركي وطرح الفكرة ليتم تداولها على صعيد الدول المعنية وأهل العراق بخاصة.
أما التحضيرات لمؤتمر الخريف الذي وصفته رايس بانه سيكون "واقعياً وجاداً" وأنه ليس لالتقاط الصور التذكارية، فإن الإدارة الأميركية وحكام وزعماء المنطقة منشغلون في تلك التحضيرات الثنائية، والعمل جار على قدم وساق لتنسيق المواقف وإبراز إعداد وثائق وتهيئة الأجواء لدخول أطراف لم تدخل بعد في مباحثات رسمية ظاهرة مع بعضها (سورية والسعودية- إسرائيل) إضافة إلى إيجاد ظروف تسهل خروج المؤتمر بنتائج من مثل ضغط الإدارة الأميركية على المعارضة في "إسرائيل" بل وكتم أنفاسها واعتبار أولمرت بعد اجتماعه مع رايس في تصريح أدلى به أن هناك شريكاً فلسطينياً "سنوات طويلة اكتفينا بالقول أن لا شريك في الطرف الآخر ووفق كل المؤشرات هناك شريك".
وتريد أميركا أن تتم الموافقة على وثيقة ستوضع أمام المؤتمرين تقضي بالإعلان عن دولة فلسطينية في موعد محدد وإطلاق مباحثات الحل النهائي، وأميركا معنية بإظهار جدية المؤتمر، وكما ذكر أحد الدبلوماسيين الأجانب "مؤتمر الخريف منعطف مركزي يصعب تجاهله" وسيكون فعلاً منعطفاً مركزياً باعتبار نتائجه التي يتوقع أن تكون بحق تصفية لقضية فلسطين، سواء أكان ذلك بموافقة الأطراف المعنية على الحالة السلمية، أو بإشعال حرب تهدد وجود ما يسمى بدولة "إسرائيل"، وما التهديدات المتبادلة بين أميركا وإيران والحديث عن ضربة أميركية محتملة تجر بها أميركا "إسرائيل" للتورط بحرب تشترك فيها سوريا وإيران وحزب الله إلا شاهد على ذلك. ولا نستبعد أن تشمل الحرب دولاً أخرى في المنطقة، وستكون نتائجها كارثية على ما يسمى بكيان "إسرائيل" الذي يلمس من سكوت المعارضة بل وتصريحات أولمرت شعورهم الجدي بأن المسألة تتعلق بوجود دولة "إسرائيل".
وغاية أميركا من السير في الحل أن يظهر من اعترافها بحقوق الفلسطينيين واعترافها مستقبلاً بالدولة الفلسطينية أنها لا تكيل بمكيالين، فتنهي بذلك حالة الانحياز المطلق لصالح "إسرائيل" الذي سبق أن نتجت عنه حالة عدم الرضا الدائم عن سياسات أميركا في المنطقة حيث أثر ذلك وما يزال بشكل سلبي على مشروعها لإعادة صياغة المنطقة، عدا عن أن سير الإدارة الأميركية الحالية الجدي لفرض حل لقضية فلسطين سيكون له أثر إيجابي على شعبية الحزب الجمهوري في الانتخابات الأميركية المقبلة.
إن إدراك أميركا أن العقبات أمام حل قضية فلسطين تتركز في الجانب "الإسرائيلي" دفعها إلى تهيئة الأجواء لحدوث حرب تموز على الجبهة اللبنانية لتكسر هيبة الجيش "الإسرائيلي" الحامي لمكتسبات ما يسمى بدولة "إسرائيل" وهي التي سبق لها أن عملت على تأجيج واستمرارية الانتفاضة الأولى، ثم أشعلت الانتفاضة الثانية بإفساح المجال لشارون لدخول ساحة الأقصى، وكان القصد الأساسي من ذلك دفع اليهود (كشعب) للقبول بالتسوية النهائية. وهي التي تثير منذ وقت قضايا المحرقة لتضعها على مائدة الحوار والبحث لتضعف ما يستند إليه اليهود من دعم شعبي في أميركا والغرب. وهي التي أخذت تهيء الرأي العام الأميركي بوصف "إسرائيل" بأنها عنصرية، وما كتاب كارتر وأبحاث مير شايمر وستيفن والت المثيرة للجدل داخل أميركا ومناقشة ذلك كله أمام الرأي العام الأميركي إلا شاهد آخر على ذلك. كما أنها هي التي خططت لفصل غزة المؤقت حتى تنتهي مباحثات مؤتمر الخريف لتبعد ما تتذرع به الحكومة "الإسرائيلية" من عدم رغبتها في الحديث مع حكومة عباس بوجود حكومة ترأسها حماس مجاراة من أولمرت لضغوطات المعارضة.
أما العراق فبعد الاحتواءات المتعددة لقوى "السنة" والتأجيج المتواصل لعداء "السنة والشيعة" ومطالبات الداخل الأميركي بخروج الجيش من العراق فإن قرب تنفيذ التقسيم المخطط له مسبقا هو ما سيراه كثير من أهل العراق حلاً أمثل يوقف المجازر والمشاكل والأزمات المتوقعة بين "السنة" و"الشيعة" لإعلان الموافقة على التقسيم.
أيها المسلمون.. أيتها الأمة الكريمة..
إن أميركا والغرب الكافرين إنما ينظرون إلى مصالحهم فقط، ولا يرقبون في هذه الأمة إلا ولا ذمة، فتصفية قضية فلسطين إنما يسعون إليها من أجل مصالحهم وأغراضهم، وتقسيم العراق هو كذلك. والغد ينبئ عن أخطار داهمة على هذه الأمة. فأميركا ومراكز أبحاثها إنما يعملون جاهدين لجعل هذه الأمة ولقرن قادم لقمة سائغة في أفواههم، ولن ينالوا ثروات ومقدرات الأمة حتى ينالوا من دينها بإقصائه بعيدا ومحاربته بكل السبل ليبقى بعيداً فعلاً عن هذه الأمة التي لا عزة لها إلا بدينها الذي هو سبب رفعتها بين الأمم وتصدرها على مدى العصور. فهم يعملون في كل اتجاه يمكنهم من تنفير الأمة من دينها وتشويهه ليبقى منبوذاً ومبعداً عن حياتها باعتباره سر عودتها أمة واحدة عزيزة قادرة على دحر الكفر وقهره.

أيها المسلمون.. أيتها الأمة الكريمة..
لقد سبق لنا أن بينا ومنذ بداية احتلال أميركا للعراق أن أميركا إنما تريد تقسيم العراق مذهبياً وعرقياً، وسيكون ذلك التقسيم مقدمة لتقسيمات لبلدان أخرى في المنطقة.
ومنذ سنوات ونحن نرصد الأحداث وتأثيرها على مصير أمتنا ونذكر دائما أن أميركا تريد إعادة صياغة المنطقة، وبرز مشروع أميركا المسمى "الشرق الأوسط الكبير" ليكون عنوانا لإعادة صياغة المنطقة، وكانت قضية فلسطين وما زالت رمزاً لظلم أميركا ودول الكفر وحائلاً حقيقياً أمام تقبل أميركا وما تطرحه من إصلاحات يراد منها إعادة صياغة عقول المسلمين وبرمجتهم لخدمة مصالحها؛ ولذلك أخذت تمهد لإخراج حل لقضية فلسطين، ينظر إليه من ضُلل من المسلمين أنه نصر مبين بإقامة ما يسمى بالدولة الفلسطينية، وهو في حقيقته كارثة حقيقية تضاف إلى كوارث الأمة بالدول المسخ الموجودة في بلادهم، فهي فوق كونها كياناً مسخاً ومشوهاً لا يوجد فيه أية مقومات للبقاء وحده. إلا ان جهلة المسلمين الذين رضوا بتقسيم الأمة إلى مزق سموها أوطاناً يفخرون بحدودها وأعلامها، يرون أن ذلك إنما هو نصر مؤزر وإنجاز هائل رغم عدم شرعيته وضرره البالغ على الأمة باعتباره عقبة جديدة أمام وحدتها، وباعتبار وجوده إنما هو تثبيت لما يسمى بدولة "إسرائيل" وتقبلها في المنطقة.
إن أبناء الأمة في كل مكان قادرون على قصم ظهر المؤامرات التي تحاك ضد أمتنا بوعيهم ورفضهم لما تطرحه أميركا وأدواتها، وإن جيوش المسلمين قادرة على قلب المعادلات وتبديد أوهام المتوهمين بأن أميركا قدر لا يرد، وأن أهل فلسطين قادرون على إفشال هذه المؤامرة الدنيئة التي تستهدف تصفية قضية فلسطين، كما أن أهل العراق قادرون على إفشال ما تسعى إليه أميركا من زيادة بذور الشقاق بين الأخوة ودحر مؤامرة التقسيم وأدوات أميركا في إيجاده واقعاً حيث أن نجاح أميركا وأدواتها في إحداث التقسيم سيوقع أهل العراق في معاناة أشد وأقسى، كما أن تقسيم العراق سيكون انموذجاً سيئاً لتفتيت دول المنطقة.
ومقاومة مشاريع أميركا وخططها في العراق وفلسطين وباقي بلاد المسلمين هو ليس واجباً على أهل فلسطين والعراق فحسب بل واجب الأمة الإسلامية كلها بمن فيهم أهل الحل والعقد والمنعة والقوة والنجدة.

أيها المسلمون.. يا خير أمة أخرجت للناس..
ها أنتم تنظرون إلى ما يجري في بلادكم من أحداث جسام لا تشهدها بلدان العالم الأخرى، وتبصرون أن مصير أبنائنا وبلادنا وثرواتها والأهم من ذلك عزتنا وكرامتنا، منذ عشرات السنين وما يزال، لا نقرره نحن بل تقرره أميركا منذ تفردها، ودول الكفر واميركا قبل ذلك. ويجري تنفيذ كل ما يقررونه بواسطة أدواتهم ونواطيرهم ممن يتوهمون أنهم حكام وزعماء ومتنفذين، وهم في حقيقتهم أجراء وعبيد قد رضوا أن يكونوا خدما أذلاء للكفار وأعداء ألداء لأمتهم.
فإلى متى تستمر التضحيات وتهدر الطاقات ويذل العباد وتنهب البلاد، ومفتاح الحل بأيدينا ولا يلزمه إلا رجال يقفون مع أمتهم وقفة عز فيحطموا أدوات الكفر الرخيصة وينصبوا عليهم خليفة يحكمهم بما أنزل الله ليعود ما يلزم الأمة وعزتها إلى موضعه وترجع أمتنا إلى مكانتها الحقيقية والتي تبوأتها قروناً في مقدمة الأمم تنشر الهدى بحمل رسالة الإسلام محققة ما يطلبه منها ربها {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}.
إننا نبتهل إلى الله في هذا الشهر المبارك وفي العشر الأواخر منه أن يهدي أمتنا لتثوب إلى رشدها وتستجمع إرادتها لتنفض عنها الذل والصغار الذي ما زالت تذوقه على أيدي الكفار وأدواتهم في كافة بلاد المسلمين، ولتستأنف من جديد حمل مشعل الهداية والخير إلى العالم أجمع إنه سميع مجيب.
{يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} .
ــــــــــــــــــــــــــ
رمضان 1428هـ ( نشرةسياسية وزعت في بيت المقدس ).