تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : خلع الرداء الإسلامي



مقاوم
08-28-2007, 10:41 AM
خلع الرداء الإسلامي

بدر الراشد

"الحركات الإسلامية تنزف كوادرها", لعل هذه الإشكالية من أكثر الإشكاليات التي تطرح في أوساط الحركات الإسلامية منذ زمن بعيد, وترتكز على واقع فقدان هذه الحركات لأعز كوادرها، بمجرد تنامي اهتماماتهم الثقافية والفكرية, فتتنامى لديهم روح الاستقلال، ويشعرون بأن العمل وفق منظومة الفكر الإسلامي بصورته الحركية التقليدية عبء ومعوق لثقافتهم الشخصية, وتعجز هذه الحركات على استيعاب هذه الكوادر وتجيير قدراتهم لصالحها فيحدث الانفصال, والذي يتباين بين خروجهم عنها ودورانهم في ذات الفلك, وبين الطلاق البائن والذي يوصف عند البعض بالانحراف الفكري, وقد يصل في مراحل متقدمة لفقد الثقة في الدين نفسه كنتاج لردة الفعل.


أزعم أن معرفة الفرد لقيمته وامتلاكه لاستقلاليته في عمل جماعي, كما تبلور لدى المسلمين الأوائل, كان من أهم عوامل انتصار الإسلام, بالإضافة إلى الأسباب العقدية والمادية الأخرى المركزية, كان وعي الفرد المسلم بقيمته كفرد، وأنه فاعل في مجتمعه وأمته, كما تجد عند الصحابة والتابعين في التاريخ الإسلامي, وكيف أن أسامة بن زيد يشعر بقيمته كفرد وقائد بذات اللحظة التي يصافح فيها أبو بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين.

لكن حين يفقد الإنسان قيمته كفرد في عمل جماعي, ويصبح رقماً يضاف إلى أرقام, سيبحث عن ما يشبع هذه الرغبة, عما يحقق قيمته, إما بتطوير نفسه, أو الدخول في معركة أشد وطأة، وهي النفور النزق بحثاً عن تحقيق الذات, مما يعني الخروج عن كامل المنظومة والحنق عليها.

هذا التحدي من أبرز التحديات التي تواجه الإسلاميين اليوم, حتى لا تترسخ الرؤية التي تتحدث عن التأرجح بين التيارات, وأن الإسلاميين الأكثر محافظة وتقليدية, هم الأكثر قابلية للخروج من هذه الدائرة عند أول عثرة فكرية, وبالتالي الدخول في مأزق الضفة الأخرى, ودخول دوامات الليبرالية المصطنعة, فلم يستمر على فكرة, ولم يستوعب الفكرة الجديدة, مما خلق جو فكري مأزوم ومضطرب لاعتماده على ردود الفعل.

لم يكن الفكر يوماً كالسلوك, بحيث نستطيع التحذير منه, كبته, ولم يكن أيضاً كأي سلعة نستطيع منعها, حكاية الانحراف الفكري, التحذير والتشنيع على الأفكار, لم تعد تجدي, فالأفكار تتداول في كل مكان, لا يمكن حجبها أو اغتيالها, بل هناك طريق واحد فقط لمواجهتها, إلا وهو طريق الفكر أيضاً, أما محاول تشويه الأفكار وشتمها فلن يلغيها, بل يكرس الأزمة بصورة مختلفة.

الحركات الإسلامية اليوم, والعاملون في الأنشطة الطلابية المختلفة, كما أنهم يسعون لدحض أفكار الغلو والتطرف بفكر ديني معتدل, وكما أنهم يسعون لتعزيز جانب القيم الأخلاقية في رؤاهم, هم يحتاجون بذات اللحظة إلى تعزيز الثقافة الفكرية للمنتمين إليهم, الدخول في تحدي الأفكار والرؤى مع تعزيز جانب القيم الأخلاقية, حتى لا نفاجئ فيما بعد بتغليب الجانب الروحي والأخلاقي على الجانب الثقافي فينتج لدينا فرد صالح وطيع, لكنه قابل للفرار شطر فكرة أخرى عند أول هزة ثقافية, كما يحدث غالباً, أو ترسيخ الجانب الفكري فقط ـ وهذا لا يتم عادة وفق منهجية علمية جماعية ـ مما يخلق لدينا فرد مثقف ومنحل عن القيم الأخلاقية.

الحركات الإسلامية خرجت جيلا من الشباب يهتم بقضايا الشأن العام, كما أنها عززت روح العمل الجماعي وقيم الالتزام, ورسخت القيم الأخلاقية, لكنها أهملت الجانب الثقافي والفكري بشكل مخيف, فالكتب الدعوية البسيطة, والكتيبات والمطويات, ومحاضرات تزكية النفوس, ترسخ قيماً أخلاقية ودينية عظيمة, لكنها لا تعطي الإنسان نظرة على أفكار أخرى تدور في هذا العالم, أفكار قد تكون متماسكة, صادمة أو مغرية, يصطدم بها الشخص في مراحل حياته المختلفة, فيشعر بأنه "اُستغفل" من الإسلاميين المنتمي إليهم, يشعر بأنهم خدعوه وأخفوا عنه أشياء كثيرة تحدث في هذا العالم, مما يخلق لديه ردة الفعل السيئة تلك.

فالواجب اليوم تعزيز الجانب الثقافي في خطاب الحركات الإسلامية, لا محاولة شيطنة الثقافة ورجمها وإخراجها من دوائر التفكير, حتى لا يستمر نزف الكوادر الإسلامية العاملة, وهذا لا يتم إلا وفق منهجية علمية واضحة تحفظ للحركة تماسكها الداخلي وبذات اللحظة تزيد الحصيلة الثقافية لأفرادها.

لا يستطيع التربويون اليوم وحدهم إحياء النشاط الفكري والثقافي وتسيير دفته داخل الحركة الإسلامية, بل نحن بحاجة للاستعانة بالخطيب والفقيه والمثقف والمفكر الإسلامي، وإن كان لا ينتمي بشكل مباشر لهذه الفئة أو تلك, ما دمنا نشترك بالرؤية العامة للدين ونتفق في الأهداف التي نسعها لترسيخها في وسطنا الاجتماعي, فما الذي يمنع أن نتعاضد لتحقيق هذا الهدف؟!
إن القيم الأخلاقية ترسخ وفق منهجية محددة وثابتة عند الحركات الإسلامية منذ زمن بعيد, نحن اليوم بحاجة لمن يبني الثقافة والفكر أيضاً وفق منهجية تناسب الواقع الذي نعيشه, حتى لا يطغى جانب أخر, ونبدأ عندها التحرك وفق ردود الفعل ككل مرة, نحن لا نستطيع أن نستمر دائماً بإلقاء اللوم على الآخرين، وأنهم سبب مشاكلنا دائماً, أحياناً نحن من يخلق المشكلة, وعندها نحن فقط من يستطيع حلها وتجاوزها.

شيركوه
08-29-2007, 04:15 PM
الحركات الإسلامية خرجت جيلا من الشباب يهتم بقضايا الشأن العام, كما أنها عززت روح العمل الجماعي وقيم الالتزام, ورسخت القيم الأخلاقية, لكنها أهملت الجانب الثقافي والفكري بشكل مخيف, فالكتب الدعوية البسيطة, والكتيبات والمطويات, ومحاضرات تزكية النفوس, ترسخ قيماً أخلاقية ودينية عظيمة, لكنها لا تعطي الإنسان نظرة على أفكار أخرى تدور في هذا العالم, أفكار قد تكون متماسكة, صادمة أو مغرية, يصطدم بها الشخص في مراحل حياته المختلفة, فيشعر بأنه "اُستغفل" من الإسلاميين المنتمي إليهم, يشعر بأنهم خدعوه وأخفوا عنه أشياء كثيرة تحدث في هذا العالم, مما يخلق لديه ردة الفعل السيئة تلك


=======


لا تعطي الإنسان نظرة على أفكار أخرى تدور في هذا العالم, أفكار قد تكون متماسكة, صادمة أو مغرية, يصطدم بها الشخص في مراحل حياته المختلفة,
=========

هذه النقطة بالذات اشك ان احدا منهم اصلا يفقه فيها حتى يقوم باخفاءها

السلام عليكم