تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : " أخدود نهر البارد "



البشناتي
08-25-2007, 06:13 PM
" أخدود نهر البارد "
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد :
قال تعالى :
قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ اذ هم عليها قعود وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ..
من أروع القصص التي جاءت في القرآن الكريم مختصرا .. وفي السنة المطهرة مطولا ( كما يرويها الامام مسلم في باب الزهد والرقائق برقم 5327 ) .. وأكثرها تكرارا في هذا الزمان.. هي تلك القصة التي مرت علينا في سورة البروج ..!!
قصة قوم كفروا بالطاغوت وآمنوا بالله العزيز الحميد وماتوا عليه جميعا..!
ثلة مؤمنة أبت أن تكفر بالله سبحانه وتعالى ولو كان الثمن المدفوع هو النفس والنفيس .. والنتيجة هي الاحراق والتقتيل ..!
قوم اختاروا الموت في سبيل الله طوعا بدلا من ارضاء الطاغوت ولو بشق كلمة ..! أو ايماء رأس ..!!
فضلوا لقاء الله ..على لقاء غيره وعملوا صالحا ولم يشركوا بعبادة ربهم أحدا ..! فأبيدوا جميعا من أجله ..!
قصة غنية بدلالات ومعاني عظيمة لا يستغني عنها اي مؤمن سلك مسلك الانبياء والرسل والصالحين .. واستعد للقاء الله ..!
ولا شك بان جميع القصص الواردة في الذكر الحكيم هي لنا معشر المسلمين .. لتكون لنا عبرة لمن اعتبر وهداية لمن اهتدى .. كما قال تعالى في سورة يوسف :
لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ .
الدروس المستفادة من القصة كثيرة جدا ولكننا نشير هنا الى جوهر القصة وعلاقته بواقعنا المرير .. الذي تتكرر فيه هذه القصة بين الحين والآخر بجميع أبعادها ومعانيها ..وفي أماكن شتى ..!
ألا وهو ديدن الطواغيت في كل زمان ومكان ومطلبهم الوحيد : أعبدوني ..!!
فان ابيتم عبادتي والركون الي .. فالقتل والاخدود مصيركم ومأويكم ..!!
طواغيت زماننا وان اختلفت طريقة تعبيرهم في بيان مطلبهم مع ذلك الطاغوت صاحب الاخدود .. الا ان المعنى واحد والمحتوى واحد والهدف واحد وهو الدخول في طاعتهم وولائهم.. وتحليل ما احلو .. وتحريم ما حرموا ..!! ورفع الايادي لهم مستسلما بدلا من رفعها لخالقها وبارءها ..!
وفي حال كفرنا بهم ورفضنا لمطلبهم " وبه ندين " فالعقوبة نفسها ..القتل والابادة .. والرمي في الاخدود ..!!
ولا يعني بالضرورة ان تكون اخاديد العصر كأخدود ذلك الملك الجبار " صاحب الاخدود " المذكور في القرآن .. ووقودها نفس الوقود ..!!
فالدنيا تغيرت ..! وأساليب القمع والابادة تطورت ..! ووسيلة شق الاخدود تبدلت ..!! وأوتاد الطواغيت كثرت ..!
المسلمون اليوم يحرقون باساليب متطورة .. بقنابل النابالم تزن الواحدة منها سبعة اطنان أو اكثر .. أو بالقنابل الذكية .. أو الفسفورية ..أو الحارقة والـخ .. هي بنفسها تحرق وتشق الاخاديد العظام في نفس الوقت ..!!
في زمننا هذا والذي ضُيع فيه كثير من معاني العبادة .. وشوه على الناس دينهم بسبب علماء السوء وسحرة الطواغيت .. دخلت أفواج من المسلمين في دين الملك .. وأظهروا له الطاعة الكاملة .. والسمع المطلق فيما يأمرهم به وينهاهم عنه .. ترغيبا أو ترهيبا ..وبذلك غيروا وبدلوا .. علموا ذلك أم جهلوه ..!
الا ان الخير في أمة المصطفى صلى الله عليه وسلم باقية بقاء الدنيا ولا ينقطع .. لانها الامة التي ترث الارض مهما طال الزمان ..أو بعد ..!
هنالك فئة مؤمنة موحدة .. تقول في وجه الطاغوت وأعوانه وأذنابه : كفرنا بكم وبما تعبدون من دون الله .. وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضآء حتى تؤمنوا بالله وحده ..!
هذه الفئة المسلمة .. تأبى أن تخضع للطاغوت وجبروته .. وتقول له : لا .. والف لا لما تدعو اليه وتطلبه ..!!
هذه الطائفة المنصورة من المسلمين التي تقارع أعداء الله .. وترهبهم .. هي الشوكة الحقيقية لامة الاسلام .. والسد المنيع امام هجمات الطاغوت وجنده للنيل من امة المصطفى صلى الله عليه وسلم..!
لذلك ترى طواغيت الشرق والغرب .. والعرب والعجم يتسابقون ويتعاونون ويتكاتفون في ابادة هذه البقية الصالحة اينما وجدت وحيثما ظهرت ..!!
ونتيجة لذلك .. ولصمود تلك الطائفة على دينها وعقيدتها ..واصرارها على قول لا في وجه الطاغوت .. رأينا ونرى اخاديد كثيرة متعددة شقت في كثير من بلاد المسلمين لابادة الموحدين ومحو آثارهم ..!!
صحيح ان الطواغيت لن يقدروا على ابادة امة الاسلام بشكل عام مهما فعلوا وبلغوا .. منعهم رب العزة من ذلك استجابة لدعاء نبيه محمد صلى الله عليه وسلم .. الا انه لا يعني عدم حدوث مثل هذه الاخاديد بصورة جزئية ..ومشتتة ..!
ومن الامثلة البارزة للاخاديد المعاصرة :
أخدود حماه في سوريا .. وسربرينيتسا في البوسنة .. وكروزني في الشيشان .. طورا بؤرا و قلعة جنكي في افغانستان .. وبيارة " أنصار الاسلام " والفلوجة في العراق ..!
وآخرها وليس أخيرها هي ما نراه ونسمعه كل يوم ..على شاشات التلفاز.. أخدود نهر البارد في لبنان ..!
جماعة من المسلمين من مهاجرين وانصار .. يتعرضون لأبشع انواع العذاب .. والابادة الجماعية .. من قبل جيش كافر مدعوم من جميع قوى الكفر والنفاق والزندقة ..!
جيش مكوناته جميع أصناف ملل الكفر من المارونيين والارمنيين والدروز والمرتدين ..!
جيش يقوده راية الصليب بقيادة عدو الله ميشيل سليمان الماروني الصليبي ..!!
كل هذا في أرض الاسلام .. وفي عقر دار المسلمين ارض الشام الحبيبة الابية .. ارض الانبياء عليهم السلام .. وارض الملحمة مع الصليب واليهود..بمرأى ومسمع من الناس و في ظل سكوت مخيف .. وتخاذل عجيب .. لم ير التاريخ مثيلا له ..!
أخدود نهر البارد والذي لا تتعدى مساحته 2200 متر مربع .. بشوارعها الضيقة .. وازقتها المتراكمة .. وبيوتها الهشة .. يتعرض فيه المسلمون ليل نهار لانواع من العذاب الاليم .. وبقية أخوانهم المسلمين مشاهدون ومتفرجون .. وربما يعدون فقط اعمدة الدخان المتصاعدة للقنابل الحارقة في كل شبر من ارض ذلك المخيم .. ومن الناس من يتمتع برؤية السنة اللهب فوق الاخدود ..!!
مضى على بداية اشتعال هذا الاخدود ما يقارب ثلاثة اشهر .. والمجاهدون صامدون مرابطون .. يقولون : أَحدٌ ، أَحدٌ .. !!
كفرنا بكم ..!! وبطاغوتكم وسيدكم الكبير ..!
نختار الموت في سبيل الله ولا نركن اليكم ايها الطواغيت ..! اسوة بمن كان قبلنا من الموحدين..من الانبياء والشهداء والصالحين ..!
بهذا الموقف النبيل والشجاع.. صنعوا اروع معاني التضحية والفداء .. وجسدوا التوحيد ومقتضياته .. فقتل من قتل .. واسر من اسر .. وجرح من جرح ولسان حالهم يقول : لن نركع اليكم .. وسنقاوم ظلمكم وجبروتكم وطغيانكم مادام فينا قلب ينبض ..!!
و من سنن الله في عباده ابتلاءهم وامتحانهم بمثل هذه الحوادث والاخاديد .. ليمحص الله الذين آمنوا ويفضح المنافقين ..!!
ليميز الله الخبيث من الطيب ..!
وليفرق بين فسطاط الايمان .. وفسطاط الكفر ..!
وليفرق بين من يعيش للاسلام .. وبين من يعيش على الاسلام .. !! ياله من اله حكيم .. ورب عليم ..!
رأينا كيف ان سحرة الهالك رفيق الحريري وابنه المارق الجاهل .. ظهروا بطرابيشهم الحمراء منددين بهذه الفئة المجاهدة من فتح الاسلام .. ويتبرأون بملء فيهم من المجاهدين ومن منهجهم .. ويحرضون الجيش الكافر على قتلهم وقتالهم .. ويسعرون النار الموقدة لهم في اخدود نهر البارد ..!
رأيناهم كيف يمجدون قائد الجيش الماروني الصليبي .. ويمدحون صنيعه ..ويظهرون له الدعم الكامل من دون خجل ولا حياء .. واثقين من قدرة قائد الجيش على التصدي للارهابيين .. وانهاء الازمة ..!
رأيناهم كيف والوا أعداء الله .. وحاربوا أولياءه ..!! والوا ميشيل سليمان .. وحاربوا العبسي واخوانه ..!
هؤلاء حقا وصدقا هم أحفاد بلعام ابن باعوراء .. رجال باعوا دينهم بثمن بخس .. بعرض من الدنيا .. بفتات ملقاة اليهم من الهالك الخالد في النار وابنه ..!!
وكذلك رأينا من كان يحسب يوما ضمن العلماء العاملين .. فتحي يكن .. كيف يعرض المبادرات الاستسلامية على المجاهدين .. ويندد بالعمليات الجهادية والبطولية والدفاعية لفتح الاسلام ويصفها : بالاعتداء على الجيش .. ولم يخجل من سعيه المستميت في تحميل المجاهدين شروط الجيش الكافر ..!
هذا الضال الذي غر به قوم من قبل .. وضل به آخرون من بعد .. بدلا من ان يكون في الخنادق المتقدمة لمجاهدي فتح الاسلام كان في الفنادق الفخمة .. وارتضى لنفسه ان يكون في زمرة أصحاب الحلول الوسطية التي تستند على المناصفة بين الكفر والايمان والحق والباطل ..!
نقطة للكفر .. ونقطة للايمان .. فقرة لله .. وفقرة لقيصر .. نعوذ بالله ..!
اختار لنفسه الذل والهوان .. وان يُحشر ضمن مضللي الزمان .. ولا عجب في ذلك كله حقيقة .. نظرا لكونه كان من الاخوان ..!!
اما عامة المسلمين فكانهم في غرفة التخدير ..!! سبحان الله ..لم نجد أحدا يحرك ساكنا .. او يلقي لهذه الجريمة بالا ..!! وكأن الامر لا يعنيهم لا من قريب ولا من بعيد ..!
والعيب في ذلك راجع في أكثره ان لم يكن في كله الى سحرة الطواغيت كما اسلفنا .. علماء السوء الذين ضلوا وأضلوا ..!
حتى من إخواننا في التنظيمات الاخرى كعصبة الانصار .. وجند الشام لم نر شيئا يذكر ..!! ربما يعتذر البعيد من المسلمين بحجة استحالة الوصول اليهم .. وعدم القدرة في نصرتهم .. ولكن أمثالهم بم يعتذرون ..؟
اين الرحمة بين المسلمين ..؟
اين الولاء ..؟
اين الجسد الواحد الذي اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ..؟
اين النصرة ..؟
وكأني برب السموت والارض جل في علاه .. يقول لنا بخصوص أخدود نهر البارد في ساحة العرض :
وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ..!!
فلنبادر الى محاسبة النفس والاستغفار والتوبة الى الله قبل فوات الاوان .. والله ان الامر خطير .. والمصاب جلل .. نحسبه هينا وهو عند الله عظيم ..!
يا عصبة الانصار ... كونوا انصار الله ..
يا جند الشام .. كونوا جنوادا لله ..
يا معشر المسلمين في لبنان والشام جميعا . اتقوا الله في اخوانكم .. وأخواتكم ..!!
هلموا الى نصرة فتح الاسلام .. بادروا .. وسابقوا ... قبل ان يأتي يوم الندامة ..!!
اليوم عليهم وغدا عليكم بلا ريب ..!! وان ابيتم وتماديتم في سكوتكم وهدوءكم كما كنتم حتى الان .. فلا تلومن الا انفسكم يوم أخدودكم ..!
يوم حرقكم ونحركم .. يوم تذبحون ويوم تحرقون ..!!
وفي النهاية أقول :
يا ابناء فتح الاسلام .. يا رجال مخيم نهر البارد ونساءه واطفاله .. مهاجرين وانصار .. جزاكم الله عن الامة خير الجزاء .. تقبل الله منكم .. فقد كفيتم ووفيتم .. رغم انف الكفار والمنافقين .. والزنادقة المجرمين .. اصبروا فانكم على الحق .. والله انكم على الحق ..ما بينكم وبين الفوز الكبير الا وقت يسير .. فاصبروا ..واثبتوا ..والله مولاكم ولا مولى لهم ..ان تكونوا تألمون فانهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون ..!
وان الفوز الحقيقي هو الموت على لا اله الا الله .. والفوز برضوانه سبحانه وتعالى .. الم تروا ان الله ذكر صنيع المؤمنين الذين قضوا في الاخدود بالفوز الكبير .. مع انهم ابيدوا واحرقوا ..!
ومع ذلك فانكم منصورون عسكريا ولله الحمد .. صمودكم كل هذا الوقت .. وخسائر جيش الصليب خير دليل على ذلك .. رغم الفارق الكبير بين عتادكم وعتادهم .. وعدتكم وعدتهم ..!
ليتني كنت معكم ..
وأقول : وان اقتربت الحادثة من نهايتها .. ولكن القصة مستمرة .. وذكر هذه الفتية باقي في الاذهان باذن الله تعالى ليكون عبرة لاولي الالباب ..لنا ولمن بعدنا..!!
قتل اصحاب الاخدود ... الا لعنة الله على الجيش اللبناني الكافر ..
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه / الفقير الى الله
حفيد صلاح الدين