تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إلغاء للتهميش أم هوسٌ بالرئاسة؟



14_Azar
08-14-2007, 09:45 AM
إلغاء للتهميش أم هوسٌ بالرئاسة؟




مايز محمد خالد

حكومة السنيورة غير شرعية، حكومة السنيورة غير دستورية، حكومة السنيورة مغتصبة للسلطة وكل قراراتها باطلة ولا تعنينا. كلمات لطالما رددها الفريق المعارض، فريق 8 اذار في توصيفه لحكومة لبنان بعد انسحاب الوزراء الشيعة منها.
أحد أطراف هذا الفريق وهو التيار الوطني الحر والذي يدّعي احتكاره التمثيلي المسيحي، اتخذ لنفسه وِرداً يردّده اعضائه في الصباح وفي المساء وكل حين: "حكومة السنيورة تمارس التهميش بحق المسيحيين، وهي تحاول إلغاء موقع الرئاسة وتفريغه من مضمونه وتحويله الى مجرد موقع بروتوكولي ونحن ـ أي التيار الوطني الحر ـ سنحافظ على هذا الموقع وعلى صلاحياته".
حسناً. اذا كانت هذه الحكومة غير دستورية كما تزعمون فالمنطق يفترض انكم لا تعترفون بها ولا بقراراتها. والسؤال لكم: لماذا تعتزمون المشاركة في الانتخابات الفرعية في المتن والتي أقرتها حكومة السنيورة؟ أوليس هذا هو اعتراف منكم صراحة وبشكل قاطع بشرعية الحكومة ودستوريتها؟
وفي قولكم ان حكومة السنيورة تحاول إلغاء صلاحيات رئيس الجمهورية نسأل: من ألغى صلاحيات الرئاسة؟ أوليس هو الرئيس لحود نفسه؟ أليس اصراره على التمديد على الرغم من معارضة اللبنانيين لهذا التمديد وللشخص الممدد له هو اصرار على ضرب موقع الرئاسة؟ أوليس قبول الرئيس لحود بأن تحكم دولة الوصاية وأجهزتها الأمنية والمخابراتية البلد مقابل احتفاظه بالكرسي هو تنازل منه عن الرئاسة وعن صلاحياته ؟
وما زال حضرة الجنرال عون يقول: "ان حكومة السنيورة تهمّش المسيحيين". ان هذا القول مردود على قائله، وهو قول تدحضه الوقائع والممارسات السياسية على أرض الواقع. فلم يعرف تاريخ لبنان السياسي حكومة شهدت كل هذا التناغم السياسي بين المسلمين والمسيحيين أكثر من حكومة السنيورة وحكومة لبنان الشرعية. هذه الحكومة تضم في عدادها أطرافاً مسيحية أساسية على الساحة اللبنانية كالقوات اللبنانية وحزب الكتائب ولقاء قرنة شهوان. والمسيحيون طرف فاعل ومؤثر في اتخاذ القرارات وأجزم انه ما من قرار اتخذته هذه الحكومة الا برضى الوزراء المسيحيين والمسلمين على السواء. وماذا نريد شاهداً على ذلك اكبر من اعتراف الوزراء المسيحيين أنفسهم بأنهم فاعلون ومؤثرون في هذه الحكومة وبأنهم يتمتعون بحقوقهم الكاملة؟ وإذا كان القاضي راضي فماذا نريد نحن؟
أيها الجنرال. أنظر من خلفك ومن أمامك ومن حولك، ثم انظر الى نفسك وستعرف من يساهم في تهميش المسيحيين، ومن يساهم في تشتيت أفكارهم وتحويلهم عن جادتهم الحقيقية. فلطالما كان المسيحييون ومنذ وجود لبنان قوى سياسية أساسية في الدافع عن سيادة لبنان وحريته وبقائه. أوليس التحالف مع حلفاء الوصايا والتبعية هو خروج عن المبادئ السياسية للمسيحيين؟. لقد انتخبك المسيحيون أيها الجنرال في العام 2005 استناداً الى طروحاتك السياسية وأنت في المنفى والداعية الى استقلال لبنان وسيادته، وبناء على مبادئ تيارك بأن لا سلطة فوق سلطة الدولة وأن لا سلاح الا سلاح الجيش الشرعي. أيها الجنرال، وأنت اليوم تتحالف مع حزب يملك السلاح ويقيم دولة ضمن الدولة ولا يقيم اي وزن للدولة الشرعية، ماذا يعني لك ذلك؟ ألم تسأل يوماً نفسك: كيف ينظر المسيحيون الى هذا التحالف؟ وهل حقق هذا التحالف الغير متجانس القوة للمسيحين؟
ان ادعاء احتكار التمثيل المسيحي من قبلك أيها الجنرال فيه كلام طويل. واذا كنا لا نرى هذا التمثيل في انتخابات مجالس الطلبة في الجامعات ولم نراه في نقابة المهندسين فأين هو اذاً هذا التمثيل المسيحي الذي تدّعيه؟. ان خيار المسيحيين ايها الجنرال هو خيار آخر وهو غير الخيار التي تتخذه أنت الآن على الأقل. والخوف على المسيحيين يتأتى من بُعد المسيحيين عن المسلمين ومن أخذ المسيحيين نحو الخطاب الطائفي المذهبي كما هو حاصل معكم، وليس في اندماج المسيحيين مع المسلمين لتحقيق الصيغة اللبنانية الحقيقية كما هو حاصل في الصيغة الحكومية القائمة اليوم.
حضرة الجنرال، ان من يخاف على المسيحيين لا يقيم حروب إلغاء ضد المسيحيين، والخائف على المسيحيين، لا يعقد تحالفات سياسية تتناقض وتوجهات المسيحيين، والخائف على المسيحيين ليس من الواجب عليه العودة الى حروب الالغاء من جديد لإلغاء عائلات سياسية مسيحية أساسية كما يحصل اليوم في انتخابات المتن الفرعية.
حضرة الجنرال، حول انتخابات المتن دعنا نقول على الأقل انكم لا تخوضون هذه الانتخابات من اجل الغاء التهميش بحق المسيحيين. فإن كان هناك من تهميش فمقعد نيابي يزيد على كتلة التغيير والاصلاح لن يؤدي الى فعل العجائب، ومن لم يحقق شيئاً مع العشرين فلن يحقق شيئاً مع الواحد والعشرين. اننا نرى ان صراعكم على مقعد المتن ليس لإلغاء التهميش المزعوم انما من أجل القول بأنكم تحظون بالتمثيل المسيحي الأوسع الذي سوف تستخدمونه في معركتكم على رئاسة الجمهورية.
حضرة الجنرال، ان تحلم في ان تكون رئيساً للجمهورية فهذا من حقك. ولكن ما ليس من حقك هو قولك أنا أو لا أحد، لأن في الطائفة المسيحية رجالات كثر أهل ليكونوا رؤساء ويتمتعون بكل المواصفات المطلوبة. وما ليس من حقك هو ان تفعل أي شيء للوصول الى سدة الرئاسة. فأنت اليوم على استعداد للتحالف مع الشيطان اذا قيل لك ان الشيطان يجعل منك رئيساً. ألم تقل بأنه ان لم يحصل اتفاق على رئيس الجمهورية فإن البلد ذاهب الى الخراب؟ أليس يقول حلفاؤك في حزب الله بأن عدم الاتفاق على موضوعي الرئاسة والحكومة سيدخل البلد في المجهول؟ هل يستأهل منصب رئيس للجمهورية تدمير بلد بأكمله؟ وماذا تنفعنا المناصب ان خسرنا الوطن؟
حضرة الجنرال انك مصاب بداء عضال اسمه الهوس بالرئاسة. ولأنه لا زواج بالاكراه ولا علاج موصوف لهذا الداء، فقد يقضي هذا الداء الذي أنت فيه بعدواه على كل الوطن.