تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : صحافي سعودي يكتب عن جنون ميشال عون واخطائه الجسيمة المدمرة



ابن خلدون
08-08-2007, 02:45 PM
عون الذي لا يكل

الجنرال عون ليس الشذوذ عن القاعدة في السياسة اللبنانية، فيها ما لا ينسجم مع المنطق أو التاريخ أو الشعارات المرفوعة. إنما الجنرال عون حالة سياسية مضخمة لكل ما قيل حتى صار الوحيد المتفق على تقلباته وكثرة دورانه على نفسه وعلى غيره. وأظن أن الأمر بلغ مرحلة أن لا أحد في الساحة السياسية اللبنانية، وحتى في الهضبة المجاورة، من يريد أن يراه فائزا بأي منصب، وخاصة رئاسة الجمهورية. وأكاد اجزم أن حتى حلفاءه، مثل حزب الله، لا يريدون أن يروا الجنرال في الكرسي الرئاسي، وبالتأكيد لا أحد يريده في الجبهة الأخرى. إذاً لماذا هذا الصخب حول الجنرال البرتقالي، والحديث عن ترسيمه رئيسا؟
إنها لعبة المخرب، تكتيك مألوف في الانتخابات، حيث تظهر، وأحيانا تخترع، شخصيات دورها تخريبي فقط، كما فعل رجل أعمال نكرة اسمه روز بيرو عندما استيقظ صباح ذات يوم وقرر أن يخوض انتخابات الرئاسة الاميركية. بيرو خسر انتخابات عام 92 وأفسد على فريقه الجمهوري. وعون مهما بدا قادرا على إلهاب حماس المسيحيين في لبنان بتخويفهم من السنة، والحديث عن القوة المسيحية، فإنه وبإجماع رفاقه، قبل خصومه، لا يصلح رئيسا، ولا يوثق بقدراته، ولا يراهن على الوقوف معه أو خلفه. انقلب على كل حلفائه، وآخرهم الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك الذي رعاه بعد أن فر من السوريين وعاش بفضله محميا مكرما في فرنسا 15 عاما. ويعرف الساسة اللبنانيون أن عون خير عدو على العدو، لهذا يضعه فريق 8 آذار، الذي يمثل الأقلية، في المقدمة ليحميهم من السهام، ويفرغ طاقته الهائلة في رمي خصومه.
ويستطيع المدافعون عن عون، وهم ليسوا قلة، بالإشارة إلى أن المؤكد في السياسة اللبنانية هو التحول لا الثبات، كلهم بدلوا كراسيهم، وعون واحد منهم ويعتبرونه نابليون لبنان. والحقيقة انه لا يماثل نابليون إلا في قصر قامته، ربما هو اقرب الى موسوليني. والمطمئن حتى الآن ان عون يبدو الأقل مسيحيا حظا بالرئاسة مهما علت شعبيته مع صخب غوغائيته، لأن الرئاسة ليست بالانتخاب المباشر بل برلمانية.
ولا أدري إن كان الجنرال قد فاته قطار التعلم، لأن ما مر به يفترض كافيا ليعي الكثير من الدروس، جيء به من الثكنة ليشكل حكومة ثانية فضرب النظام السياسي. قيل حينها إنه عسكري لا يفهم السياسة، وثبت جهله العسكري عندما وقف مع صدام في غزو الكويت. عجز عن رؤية هزيمة حليفه العراقي المؤكدة على يد القوات الاميركية. عاقب الأميركيون عون بمنح السوريين الإشارة الخضراء لقصف موقعه في بيروت، ليفر سريعا الى السفارة الفرنسية التي حمته ونقلته الى باريس. طرح موضوع عودته إلى لبنان في مفاوضات أولية مع الرئيس الراحل رفيق الحريري، فعاد عون ولكن ضد تيار الحريري ليساند الفريق الموالي لسورية.
من له ان يثق بعون؟ لا أظن حتى عون يثق بنفسه، لكن الجميع يعرف انه خير من يقوم بدور المخرب، لمن شاء استخدامه. عون عينه وعقله على المنصب، قد يفعل ما يلزم لصعود درج قصر بعبدا. اللعبة اللبنانية اليوم كبيرة، ولم تعد خلافات الجميل وعون، ولا الجبل وبيروت، ولا الدروز والشيعة والسنة والمسيحيين، لأن في الفخ ما هو أكبر من العصفور

عبد الرحمن الراشد عن الشرق الاوسط