تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الدين لله والوطن للجميع



عزالدين القوطالي
08-06-2007, 09:33 AM
الدين لله والوطن للجميع



حول أكذوبة إضطهاد المسيحيين في الوطن العربي







كثيرا ما تثار مسألة الأقليات الدينية في الوطن العربي وتبرز الى السطح كلما نشب خلاف مهما كانت بساطته بين المسلمين والمسيحيين كما حصل أخيرا في مدينة الإسكندرية بمصر ويكون ذلك مبررا وحافزا لتكثيف الحملات الدعائية الصهيونية المضادة الرامية الى تقديم العرب الى العالم على أنهم مجموعة من الهمج البرابرة الذين لا يوجد في قاموسهم معنى للتسامح والإخاء والعيش المشترك ؛ ولا يعترفون بوجود الآخر وإمكانية الحوار أو التفاهم معه ؛ ولا يولون إعتبارا لحرية المعتقد والحق في ممارسة الشعائر الدينية المخالفة للإسلام.


وفي أغلب الأحيان تنجح وسائل الإعلام المعادية في ترسيخ قناعة شعوب العالم بعنصرية العرب وإضطهادهم للأقليات وعدم إيمانهم بالحقوق الدينية والعرقية للآخرين لا سيما وأن البعض من الظلاميين المتخلفين يساهمون بدون أن يشعروا في تنمية شعور الشعوب في العالم بعدم الثقة في كلّ ما له صلة بالعروبة والإسلام وبالنتيجة لا يمكن تصوّر فرضية مناصرة العرب في قضاياهم المصيرية والتضامن معهم حينما يواجهون الأزمات والمؤامرات طالما بقيت صورتهم قاتمة مخيفة مشوّهة كما تفنّنت في تقديمها وسائل الإعلام الصهيونية .
إن مواجهة الحملات التشويهية التي تقودها إمبراطوريات الإعلام الضخمة الخاضعة للصهيونية العالمية هي جزء من النضال اليومي من أجل تصحيح صورة العرب لدى الرأي العام العالمي بل إن النضال في هذا المجال من الأهمية بمكان بالنسبة للأمة العربية ذلك أن معركة الأمة من أجل الوحدة والتقدّم والخلاص هي معركة شاملة متشعبة تشمل السياسي والعسكري والإعلامي والثقافي بمعنى أنها معركة حضارية بأتمّ معنى الكلمة تقتضي إبراز الجوانب المضيئة في التاريخ العربي الإسلامي والتذكير بروح التسامح والإخاء التي حملها الإسلام الى العالم حينما كانت أغلب الشعوب تعيش في غياهب الظلمات وقانون الغاب والفوضى العارمة والتناحر الحيواني وعدم التسامح الديني.
فقد كان الإسلام يشكّل ثورة حضارية إنسانية تقدمية تحمل الخلاص الى شعوب الأرض كافة وتبشّر بعالم يسوده التسامح والمساواة والحرية وتناضل من أجل إرساء العدالة في مواجهة العنجهية والظلم والقهر الذي عانته الشعوب على أيدي الإمبراطوريتين البيزنطية والفارسية في العصر السابق لظهور الإسلام وإنتشاره فلا غرو أن يستقبل العرب الفاتحين بالترحيب والإكبار من طرف الشعوب التواقة الى الحرية في تلك المستعمرات والمحميات وكانت الأقليات الدينية أول من إستفاد من الفتح الإسلامي الذي حفظ لها تراثها وكرامتها وحريتها ودافع عن حقها في الوجود والإعتقاد بل وصل الأمر بالعرب الفاتحين الى تقنين مبادئ حرية المعتقد والتسامح الديني من خلال إبرامهم للعهود والمواثيق التي كان أهمها العهد الذي قدّمه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام الى مسيحيي نجران وجاء فيه كما ورد في فتوح البلدان للبلاذري: (( ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله على أنفسهم وملتهم وأرضهم وأموالهم وغائبهم وشاهدهم وعيرهم وبعثهم وأمثلتهم لا يغيّر ما كانوا عليه ولا يغيّر حقا من حقوقهم وأمثلتهم ولا يفتنّ أسقف من أسقفيته ولا راهب من رهبانيته وليس عليهم رهق و لا دم جاهلية ولا يحشرون و لا يعشرون ولا يطأ أرضهم جيش ولا يأخذ منهم رجل بظلم آخر ولهم على ما في هذه الصحيفة جوار الله وذمة محمد النبي أبدا حتى يأتي أمر الله ما نصحوا واصلحوا فيما عليهم غير مكلفين شيئا بظلم...)).
وكذلك فعل العرب الفاتحين مع يهود يثرب و أغلب الأقليات الدينية في الجزيرة العربية أولا ثمّ في بقية الأمصار والبلدان ثانيا فأصبحت تلك الأقليات تنعم بالعيش الكريم بعد القهر والظلم والإستعباد الذي عانته على أيدي ابناء ملّتها أنفسهم من الروم والبيزنطيين حتّى أضحت الجزيرة العربية في تلك المرحلة قبلة لكلّ الأقليات المضطهدة في العالم وملجأ لمن أراد ممارسة شعائره الدينية بحرية وأمان ووجهة لكل باحث عن العدل والإنصاف والتسامح فلا غرابة والحالة على ما ذكر أن يكون المسيحيون في البلاد العربية أول من يعترف بفضل الإسلام والعروبة في إرساء القيم الإنسانية الخلاقة وتمتينها والحفاظ عليها إذ قال رئيس الكنيسة النسطورية في سنة 650 (( إن هؤلاء العرب لا يحجمون عن محاربة المسيحية فحسب بل إنهم يكبرون ديننا ويثنون عليه ويحترمون قسسنا ورجالنا المقدسين ويقدمون الهدايا لأديرتنا وكنائسنا...)).
هكذا إذن كانت علاقة العرب والمسلمين مع بقية الأديان تحكمها قواعد الإخاء والتسامح التي تفرضها العقيدة السمحاء والمبادئ الإنسانية الخالدة ولعلّ خير مثال لمتانة هذه العلاقة وصفائها ما ذكره إبن هشام في سيرته من أن الرسول عليه الصلاة والسلام إستقبل وفدا من مسيحيي نجران بمسجد المدينة وسمح لهم بالصلاة بالمسجد حينما حانت صلاتهم ؛ فهذه والله وحدها آية في التسامح لم يشهد التاريخ مثلها من قبل . وقد شكّلت معاملة الرسول للطائفة المسيحية حافزا ومشجّعا للإستفادة من هذه الثقافة والإعتماد عليها وعلى رجالاتها في تنمية الثقافة العربية الإسلامية وإشعاعها إذ قدّمت الطائفة المسيحية العربية على أيدي النساطرة واليعاقبة والموارنة والمسيحيين الغساسنة والمناذرة خدمات جليلة الى الأمة العربية من خلال الإسهام الفعال في ترجمة الفلسفة والعلوم اليونانية من اللغة السريانية الى اللغة العربية ولعلّنا لا نبالغ حين نقول إن المسيحيين العرب كانوا في طليعة المثمّنين للثقافة العربية الإسلامية والناشرين لتراثها في أغلب بلدان العالم والمدافعين الاوائل عن الدعوة الإسلامية في وقت كان فيه العرب يتخبّطون في الجهل والأمية والتبعية. ومن هذا المنطلق جاءت كتابات جورجي زيدان وفرح انطوان وقسطنطين زريق وميشيل عفلق وإلياس فرح وغيرهم لتنير الطريق أمام الأمة العربية وتعيد للقومية العربية صفاءها وتبعث فيها الروح من جديد بعد أن كادت تضمحلّ وتذهب ريحها فبقدر إستفادة المسيحيين العرب من روح التسامح والإخاء التي كانت سائدة بالوطن العربي بقدر ما إستفاد إخوانهم في الوطن من المسلمين العرب بالتراث الضخم الذي خلّفه مثقفي هذه الأمة المنحدرين من الطائفة المسيحية والذين كانوا ولازالوا يدافعون بشراسة على تاريخ هذه الأمة ووجودها الحضاري والثقافي رافعين شعارا تاريخيا خالدا مفاده أن الدين لله والوطن للجميع وهو شعار ما أحوج الأمة إليه في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة إذ أن المسيحيين والمسلمين شركاء أبديون في الوطن والتاريخ والحضارة والمصير ولهذا قال البطريرك الأنطاكي الأرثوذكسي غريغوريوس الرابع حداد الذي أنتخب بطريركا سنة 1906 :(( إني أحب أبناء وطني من جميع المذاهب على حد سواء ولا فرق بينهم عندي أولسنا نسكن أرضا واحدة ونستنير بضوء شمس واحدة ونستضل بسماء واحدة وترفرف فوقنا راية واحدة هي راية الوطن العزيز أولسنا نحن والمسلمون توحدنا جامعة الإنتساب الى وطن واحد ...)).
وبهذا يتبين أن ما يسمى بالمشكلة المسيحية في الوطن العربي هي مجرّد أزمة مفتعلة ومفضوحة الأهداف والمرامي ولكن البعض ممن أعمتهم أبواق الدعاية الصهيونية مازال يصرّ على بثّ الفتنة وتكرار ما يتردّد في وسائل الإعلام بطريقة ببّغائية والبعض الآخر يصطاد في الماء العكر ويحاول إيجاد موقع له بركوب موجة العداء للعروبة والإسلام معتمدا على الدعم الخارجي من جهات مشبوهة غايتها تشوية صورة العرب أمام الرأي العام العالمي فالإسلام لم يكن يوما عدوّا للمسيحيين العرب ولن يكون كذلك طالما آمن هؤلاء بأن الإسلام بالنسبة للمسيحيين العرب :قومية وحضارة وثقافة وبالنسبة للمسلمين العرب : دين وقومية وحضارة وسوف لن نجد في خاتمة هذا المقال كلمات أشدّ تعبيرا عن هذه المعاني السامية من قول مؤسس حزب البعث العربي الإشتراكي المرحوم أحمد ميشيل عفلق سنة 1943 : (( إن الفروق الطائفية أبعدت قسما هاما من العرب عن روح بلادهم وتقاليدها وجعلتهم شبه غرباء في وطنهم وأضعفت بالنتيجة مساهمتهم في الحركة القومية ونحن نريد أن تستيقظ في المسيحيين العرب قوميتهم يقظتها التامة فيروا في الإسلام ثقافة قومية لهم يجب أن يتشبعوا بها ويحبونها...)).
عزالدين بن الحسين القوطالي
تونس في: 06/08/2007

من هناك
08-06-2007, 06:34 PM
السلام عليكم،
اخي القوطالي بارك الله بك على جهودك وكتاباتك وإن شاء الله تجزى عليها خير الجزاء ولكن عندي بعض النقاط التعقيبية لو سمحت.

انت تخلط في كتاباتك بين ما فعله العرب وما فعله المسلمون لأن المسلمون الذين احترموا الاديان الأخرى والأقليات لم يكونوا عرباً كلهم ولم يفعلوا هذا لأنهم كانوا عرباً بل لأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم رباهم على هذه الطريقة بوحي الكتاب.

ثانياً، لا ينكر احد ان الكثير من العروبيين آذوا الأقليات في الوطن العربي وضيقوا عليهم سواء في مصر او في الشام او في المغرب العربي وهم فعلوا هذا بعدما بنى القوميون العروبيون (الذين ذكرتهم) امجاداً العرب التليدة التي لا اصل لها بدون البعد الإسلامي.


ومن هذا المنطلق جاءت كتابات جورجي زيدان وفرح انطوان وقسطنطين زريق وميشيل عفلق وإلياس فرح وغيرهم لتنير الطريق أمام الأمة العربية وتعيد للقومية العربية صفاءها وتبعث فيها الروح من جديد بعد أن كادت تضمحلّ وتذهب ريحها
ليتها ظلت مضمحلة لأن هذه القومية الصافية من العنصرية المذمومة في الإسلام. نحن نريد ان يعود للعرب مجدهم ضمن المجد الإسلامي ويبقون حملة لغة القرآن ولا نريد ان يعود العرب للتناحر القبلي وقتل النفس بما حرم الله.


رافعين شعارا تاريخيا خالدا مفاده أن الدين لله والوطن للجميع وهو شعار ما أحوج الأمة إليه في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة إذ أن المسيحيين والمسلمين شركاء أبديون في الوطن والتاريخ والحضارة والمصير
إن كل شي لله سواء والدين عند الله الإسلام. كما ان في هذه العبارة مغالطة كبرى لان الدين للناس والوطن والأرض لله رب العالمين. نحن بحاجة إلى العودة إلى روح الإسلام في التعامل مع الشركاء في البلاد ولا بأس بهذا لأن الإسلام هو من ضمن حقوق هؤلاء وليس القوميون من عرب وسوريين.



وبهذا يتبين أن ما يسمى بالمشكلة المسيحية في الوطن العربي هي مجرّد أزمة مفتعلة ومفضوحة الأهداف والمرامي ولكن البعض ممن أعمتهم أبواق الدعاية الصهيونية مازال يصرّ على بثّ الفتنة وتكرار ما يتردّد في وسائل الإعلام بطريقة ببّغائية والبعض الآخر يصطاد في الماء العكر ويحاول إيجاد موقع له بركوب موجة العداء للعروبة والإسلام معتمدا على الدعم الخارجي من جهات مشبوهة غايتها تشوية صورة العرب أمام الرأي العام العالمي
شكراً لك على هذه النقطة المنيرة جداً والتي يجب ان يتمعن فيها الجميع وينظروا إلى ما فيها من الحقائق.

(( إن الفروق الطائفية أبعدت قسما هاما من العرب عن روح بلادهم وتقاليدها وجعلتهم شبه غرباء في وطنهم وأضعفت بالنتيجة مساهمتهم في الحركة القومية ونحن نريد أن تستيقظ في المسيحيين العرب قوميتهم يقظتها التامة فيروا في الإسلام ثقافة قومية لهم يجب أن يتشبعوا بها ويحبونها...)).
ليته اخذ قسطاً من عظته لنفسه !