تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : التدخل الإيراني في العراق : نداء أخير قبل الطوفان



عزالدين القوطالي
07-31-2007, 10:21 AM
التدخل الإيراني في العراق


نداء أخير قبل الطوفان







أضحى النفوذ الإيراني الفارسي في العراق من المسلمات والبديهيات بعد سقوط النظام القومي التقدمي بقيادة حزب البعث العربي الإشتراكي وما نتج عنه من إنهيار كامل لكافة مؤسسات الدولة ومرافقها وبصفة خاصة المؤسسة العسكرية وما كانت تمثّله من توازن وهيبة وقفت حائلا ولعقود طويلة دون تحقيق الأهداف المعلنة والخفية للعمائم الصفراء وحثالة الدجالين القابعين في قم ومشهد وطهران أولائك الذين كانوا ولازالوا يحلمون بإستعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية في أوج سطوتها وجبروتها وعنفوانها أيام كان العرب يغطون في نوم عميق ويتناحرون بلا هوادة بسبب وبدونه ويتقاتلون لعشرات السنين من أجل ناقة ويتسابقون في تقديم الولاء للفرس تارة والروم تارة أخرى حتى بعث الله فيهم رسولا يحمل إليهم ومنهم الى العالم بأسره رسالة الإسلام والتوحيد والعدالة ويدعوهم الى الوحدة والتكاتف ونبذ مظاهر التجزئة والتخلف والتبعية حتى وصلت راياته الى مشارق الأرض ومغاربها ودكّت حوافر الخيل معاقل الجبروت والظلم والعدوان فأذلّت إمبراطوية الأكاسرة وأطفأت نارهم المقدّسة وألجمت أفواه الناعقين الحاقدين الشعوبيين ممّن عزّ عليهم نهضة العرب وتقدّمهم وإزدهارهم .
ومنذ ذلك التاريخ وأحفاد كسرى يتحيّنون الفرص ويتربّصون بالعروبة تحت مسميات وعناوين مختلفة فكانوا مصدرا دائما ومتواصلا للتآمر على جناحي هذه الحضارة الإنسانية المتمثلين في العروبة والإسلام من خلال بثّ الفتن وتشجيعها وإختلاق البدع وتبنّي الحركات الإنفصالية ونشر روح البغضاء بين المسلمين عبر التكتّل المذهبي والطائفي والزندقة الفكرية التي مهّدت لقيام الحركة الشعوبية القائمة أساسا على خلفية التنكيل بالعروبة ونبذ كلّ ما هو عربي والإستهتار به إذ أن هذه النزعة قامت حسبما أكده أغلب المؤرخين على مفاخرة الشعوب الأعجمية وفي مقدمتهم الفرس للعرب مفاخرة تستمد من حضاراتهم العريقة ومما كان عليه العرب من بداوة وحياة غليظة إذ يقول الشاعر الشعوبي الفارسي مهيار الديلمي في هذا النطاق :


قومي إستولوا على الدهر فتى ***** ومشوا فوق رؤوس الحقب


عمموا بالشمس هاماتهمــم ***** وبنوا أبياتهم في الشهـب


وأبي كسرى علا إيوانـــه ***** أين في الناس أب مثل أبي

ولم يتمكّن الشعوبيون الحاقدون من تحقيق أغراضهم وإنجاز أهدافهم رغم تخفّيهم بقميص الأئمة الشهداء من آل البيت وإدعائهم نصرة المستضعفين في الأرض ورفع راية الحق والعدل والحرية والظهور بمظهر المدافع عن المقدسات الإسلامية إذ إصطدم مكرهم وخداهم وتآمرهم وتقيّتهم بجدار صلب أسمه عراق البعث وصدام حسين الذي وقف بالمرصاد أمام الهجمة الشعوبية ورياح الدجل والشعوذة القادمة من بلاد فارس في حرب إمتدّت لثماني سنوات كاملة وإنتهت بتجرّع آية النفاق الأعظم لكأس سمّ الهزيمة النكراء في القادسية الثانية وقد أثبت التاريخ أن الطموحات التوسعية لإيران المغلفة بغلاف طائفي مذهبي وشعارات إسلامية لم تكن إلاّ مجرّد شعارات للإستهلاك وضحك على الذقون لا صلة لها بالإسلام والمسلمين تماما كما كانت شعارات الدولة الصفوية أيام الشاه عباس الصفوي الذي كان بدوره يدعي الحرص على الإسلام والمسلمين ولكنه في الحقيقة يدعم بكلّ قوّة الجهود الرامية الى تقويض وحدة العرب والتنكيل بالمسلمين الى حد تفضيل الصليبي المحتلّ على المسلم إذ نقل أحد أهمّ رموز النظام الشعــوبي الإيراني علي أكبر هاشمي رفسنجاني في كتابه الصادر عن مؤسسة إنتشارات فراهاني سنة 1387 هـ تحت عنوان ( أمير كبير: سيرة مناضل ضد الإستعمار) عن الشاه عباس الصفوي قوله : (( إن نعال واحد من النصارى لهي عندي أغلى من رؤوس كبار رجال الدولة العثمانية )) . وكأني بقادة الدولة الإيرانية الحديثة يرددون هذا القول صباحا مساءا مع إختلاف بسيط في التسميات والعبارات فتعوّض عبارة نعال النصارى بعبارة نعال الغزاة الأمريكيين وتستبدل عبارة رؤوس كبار الدولة العثمانية بعبارة رؤوس كبار الدولة في العراق العظيم .
وقد توفرت للصفويين الشعوبين الجدد فرصة تاريخية لتحقيق ما عجزت أجيال منهم على إنجازه في حالتي السلم والحرب منذ سقوط الإمبراطورية الفارسية والى تاريخ 09/04/2003 ودخول قوات الغزو الأمريكية الى العاصمة العراقية بغداد وما صاحب ذلك من فوضى عارمة إجتاحت الأخضر واليابس وطالت جميع مرافق الدولة والمجتمع وحالة من التدهور الأمني مهّدت عمليا لتسلل آلاف المندسين من الصفويين الجدد المرتبطين عضويا بالآيات الشيطانية في طهران علاوة على آلاف الإيرانيين المنضوين تحت لواء ما يسمى بفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني والذين إستقروا في أغلب المحافظات العراقية بأسماء عربية ووثائق هوية مزيفة مثلما هو شأن بيان جبر وإسمه الحقيقي باقر جبر سولاغ من مدينة اللار في إيران ومحمد باقر الحكيم وشقيقه عبد العزيز الطبطبائي من مدينة يزد الإيرانية وبحر العلوم من مدينة بر وجرود وحامد البياتي وإسمه الحقيقي طالب الإصفهاني وآية الله مدرسي وإسمه الحقيقي رهبر بور وصادق الموسوي من مدينة كرمنشاه في إيران وفائق شيخ علي وإسمه الحقيقي فائق دعبول المرندي وعلي الدباغ وموفق الربيعي وغيرهم من الأعاجم الذين إتخذوا لأنفسهم أسماءا عربية وإدعوا زورا وبهتانا أنهم عراقيون إضطهدهم (النظام السابق) وأصبحوا بتبوّؤون مراكز حساسة في مؤسسات الدولة المهزلة في عراق ما بعد الإحتلال .
وعن طريق هؤلاء وبواسطتهم إستطاع القادة الإيرانيون أن يحكموا قبضتهم على أغلب المؤسسات السياسية في العراق ومن ضمنها مجلس الوزراء ومجلس النواب فضلا عن سيطرتهم العملية على أغلب الأحزاب الشيعية العاملة في بلاد الرافدين مثل ما يسمى بالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية وحزب الدعوة وجيش المهدي وحزب الفضيلة وجماعة أحمد الجلبي وغيرها من المنظمات والتيارات الشيعية التي ساهم حكم الملالي في تمويلها بالمال والرجال والعتاد حتى أصبحت كلها تدور في فلك إيران وتأتمر بأمرها وتنفذ إملاءاتها وتنخرط طوعا في مشاريعها التآمرية تحت عنوان مذهبي طائفي لخّصه السيد محمد علي الشيرازي أستاذ الحوزة العلمية في مدينة مشهد حينما صرّح لجريدة القبس الكويتية العدد 11262 السنة 33 بتاريخ 15/10/2004 صفحة 4 قائلا : (( إن من حق إيران أن تتدخّل في شؤون الشيعة في كلّ مكان لأنها هي ولية الشيعة ووجود عناصر إستخبارات ليس جريمة سياسية لأن العراق بلد شيعي وتوجد به العتبات المقدسة والمرجعية الدينية ...)) فمثل هذا التبرير يفسّر بالضرورة سعي إيران الدائم والمتواصل للسيطرة على بلاد الرافدين ومحاولة تصدير الفوضى والدجل والشعوذة الى باقي الدول العربية التي تحتضن أقليات شيعية كالسعودية والكويت وغيرها وكيف لا وقد إعتبرت إيران نفسها ولية للشيعة في العالم وشرّعت تحت هذا العنوان التدخّل السافر في شؤون العراقيين من خلال الزجّ بآلاف من العناصر الإستخباراتية وعشرات الآلاف من المجندين والعملاء والجواسيس إذ كشف السيد محمد المحدثين رئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية خلال مؤتمر صحفي عقد في باريس عن قائمة طويلة تضمّ أكثر من 31.690 عراقيا مرتبطين بنظام الملالي في إيران ويتقاضون أجورا شهرية ورواتب لقاء عمالتهم وخيانتهم وتآمرهم على وحدة ومستقبل العراق والخطير في تلك القائمة أنها تضمّنت أسماءا لوزراء وأعضاء في المجلس الوطني وشخصيات سياسية ودينية وثقافية كانوا الى زمن قريب يتبجّحون بوطنيتهم وإستقلاليتهم ونظافة أيديهم حتى كشف أمرهم ونشر غسيلهم الوسخ على صفحات وسائل الإعلام وأصبحت فضيحتهم على كلّ لسان شريف في العراق والعالم ؛ فالوثيقة التي نشرها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الجناح السياسي لحركة مجاهدي خلق جاءت دقيقة للغاية ومفصلة ودامغة بشكل أفقد الصفويين الجدد في إيران والعراق صوابهم وجعلهم مشدوهين صمّ بكم عمي فهم لا يبصرون من هول الفضيحة وهذا ما يفسّر تعدد الأصوات الداعية في أيامنا هذه الى طرد منظمة مجاهدي خلق من الأراضي العراقية بتعلة مساعدتها للمقاومة الوطنية وإسنادها لما يسميه أعوان دولة الفرس الصفوية العنصرية بـ"فلول الإرهاب" والحال أن شعبنا العربي في العراق مدين لتلك المنظمة التي كشفت المستور وأماطت اللثام عن أعداء العراق الحقيقيين الذين يتخفون بعمامة دينية وشعارات طائفية وحرص مزعوم على وحدة وإستقلال بلاد الرافدين في حين أنهم جاؤوا يحملون خنجر الغدر بين طيات ثيابهم ويتقاضون أجورا لقاء تقتيلهم للعراقيين وبثّهم للفتنة والحقد والبغضاء وتآمرهم من أجل تقسيم العراق خدمة لمصلحة أسيادهم في قم وطهران وهذا بالضبط ما تضمنته الوثيقة الخطيرة التي إحتوت قائمة إسمية مطوّلة للعملاء والجواسيس وأرقام حسابهم البنكي ورواتبهم بالريال الإيراني وأسماؤهم الحركية ورتبهم العسكرية وتاريخ تجنيدهم وإسم الوحدة التي ينتمون إليها .
وفي واقع الأمر فإن ما كشفت عنه تلك الوثيقة كان معلوما لدى أغلب المتابعين للشأن العراقي منذ سقوط بغداد إذ حذّرت التقارير الواردة حينذاك من تغلغل الإيرانيين داخل المدن العراقية من خلال مكاتب الإستخبارات العاملة تحت مسميات مختلفة أبرزها الجمعيات الخيرية والدينية والإجتماعية والثقافية وترتيب زيارة العتبات المقدسة مثل ما يسمى بمكتب مساعدة فقراء شيعة العراق الذي يعتبر واجهة لتجنيد آلاف العراقيين لفائدة المخابرات الإيرانية هذا فضلا عن شراء أكثر من 5700 وحدة سكنية بمختف المدن العراقية وخاصة بمدينتي النجف وكربلاء مما يؤكّد بصفة قاطعة أن التدخل الإيراني في العراق طال ما هو سياسي وإجتماعي وثقافي وديني وأمني بشكل أصبح فيه العراقيون تحت رحمة آيات الغدر والخيانة والدجل في طهران وأضحى فيه العراق أسيرا للإحتلال الأمريكي من جهة والفارسي الصفوي من جهة ثانية وهو ما ينذر بالخطر على المدى القريب طالما لم يتفطّن العراقيون الى حجم الكارثة ويتعاملوا مع الوجود الصفوي الإيراني بإعتباره إحتلالا مثله مثل الإحتلال الأمريكي فهذا الأخير إحتلال مكشوف ومباشر وعلني في حين أن الإحتلال الإيراني مغلّف بغطاء طائفي وديني يخفي وراءه حقدا تاريخيا دفينا على العروبة والإسلام ورغبة جامحة في الإنتقام من أبناء القادسية الأولى والثانية قادسية سعد وقادسية صدام وبهذه الخلاصة أتوجه الى أبناء شعبنا الصابر المجاهد في العراق العظيم بنداء أخير من أجل اليقظة والحذر قبل أن يطال الطوفان الأخضر واليابس اللهمّ فأشهد اللهمّ إني بلغت .


إسرج خيولك إن الروم تقترب *** ووجه أمك قتال به العتب


إسرج خيولك كسرى عاد ثانية *** وشهوة الملك في عينيه تلتهب

عزالدين بن حسين القوطالي
تونس في : 31/07/2007

ابن خلدون
07-31-2007, 08:53 PM
إيران على بعد أمتار يا عرب الخليج والجزيرة


المعلومات الواردة في هذا التقرير, مصادرها شتى, فهي تستقى من ينابيع المعارضة الايرانية, ومن العراقيين في ديارهم وقراهم وتجمعاتهم على الحدود الايرانية العراقية, والعراقية العربية, ومن المحافظات الجنوبية, حيث يتأكد التوغل الايراني لبناء مثابات ايرانية على الحدود العراقية السعودية والعراقية الكويتية, وتتعدد اساليب بناء محطات التجسس والوثوب وتجنيد العملاء وتوطيد النفوذ لتحقيق اغراض آنية ومستقبلية تتراكم من دون ان يتصدى لها جهد رسمي عراقي أو عربي, فالعراق ساحة مفتوحة, والحدود العربية معه مشغولة باهتمامات أخرى, وحيث انعدم الجهد الامني العربي والعراقي, فتحت الابواب امام حلقات اجهزة المخابرات الايرانية ووزارة اطلاعات, ليس بالنشاط على الارض العراقية وحسب, وانما تطل مصادرها الاستخبارية على الاراضي السعودية والكويتية كمنافذ الى الجزيرة العربية ودول الخليج كلها, من على الارض العراقية.
وبرغم ان المثابات التي اوجدتها اجهزة النظام الايراني في عمق الصحاري والبيد العراقية, وعرة وصعبة المسالك والاستيطان,الا انها استغلت هذا الواقع لترسيخ مجال حيوي لحرية الحركة مستفيدة من تعاون عملائها الذين اخترقوا اجهزة الجيش والشرطة العراقية بشكل واسع ومؤثر جدا, واغفال الاميركان والبريطانيين حدود غرب العراق لاسباب تتعلق بجهلهم بالجيوبوليتيكيا العراقية العربية الاقليمية, ومفرداتها المفصلية التفصيلية في المواضيع المخابراتية والنشاط على جوانب سياسية واقتصادية واجتماعية أخرى.
افادات العراقيين و المعلومات الاخرى التي اوردتها وثائق غير رسمية, لكنها معبرة, وهي في مصاف الوثائق الرسمية بما تحويه من معلومات باتت تحديداتها الجغرافية, غائبة عن السلطات العراقية المشغولة بازماتها الداخلية, وعن الارشيفات التى كانت تحويها والتي اتلفت بفعل تسلل عناصر من اجهزة المخابرات الايرانية وتمكنها من الاستيلاء على هذا الارشيف واتلاف محتوياته او مصادرتها, وتصفية عناصر الامن والمخابرات العراقية الخبيرة والعارفة بها.
وعلى هذه الخلفية فليس غريباً علينا ان نعرف خرائط جديدة - مصورة- لطرق صحراوية وعرة تمتد من كربلاء الى النخيب, ومن السماوة والنجف والناصرية الى المنطقة نفسها - النخيب- ثم رأس الشنانه فالبريت وهي خرائط مرسومة ومكتوب عليها شروحات بالفارسية ترجمها لنا اصدقاء, لطبيعة الارض بين البريت والاراضي النجدية, واسماء وارقام العملاء, والبنوك التي يتقاضون رواتبهم منها, ونوعية المهام التي يقومون بها, والتي تتغطى بغطاءات عدة منها - تهريب المخدرات -, مافيات عدة لتهريب السلاح والذخيرة والتكنولوجيا والبشر- نساء واطفال- والاعضاء البشرية, مافيات ابعدت حتى البدو من رعاة الأبل عن مواقع رعيهم - وربيعهم - وبيدهم, ولم تعد اللهجة البدوية هي السائدة في المنطقة, فثمة لغة أخرى هي الحاكمة اليوم-الفارسية- حيث تتوغل قوافل الابل الى جانب طرقات - اللاندكروز-الرباعية الدفع - عبر الخطوط الحمر المرسومة على اوراق-ظهور نجد نزولاً الى الاحساء والقطيف, واسماء مشايخ القرى والعيون والواحات هناك, واوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية, وكيفية الانطلاق نحوها - خبيئة - أوخفية -أو-بالمستور- من محافظات كربلاء والنجف والسماوة والناصرية والبصرة-كما انك تجد أوراقأ مطبوعة على-برنتات-المولدات في الخيم الموزعة على الطريق بين النخيب وجديدة عرعر, وهي تصف لك من ستلتقي وكيف? وبالاسماء, حتى منطقة اللصف-ومخيمات الاصدقاء- حيث تقام كرنفالات ليلية على اضواء- ليلى علوي واللاندكروز والشينوك و...وتجد اوراقاً توضح لك معالم الطريق بين النجف والشبكة -وبركة زبيدة - بئر أو آبار زبيدة- على طريق المسبح العباسي القديم, حتى منطقة عيدها ومن ثم الجميمة داخل حدود نجد, بمالم يسمع به من قبل, ولم يقرأ عنه الكثيرون من العراقيين, وحالا يعرفونه اليوم, فقد غاب عن خرائطهم كما غابت الخرائط نفسها, بينما تعرفها تفصيلياً عناصر-اطلاعات- وتقدم لك ما يكفي للاشارة الى تفاصيل الطريق بين الجميمة وحائل داخل الاراضي السعودية. وتبلغ المسافة بين النجف والجميمة في نجد حوالي 350 كيلو متراً حسبما تشير الاوراق الموزعة على مستخدمي هذه الدروب والمسالك والشعب, ويمكن قطعها ذهاباً واياباً باللاندكروز ذات الدفع الرباعي- مع الاستراحات- في نهار واحد أو ربما نصف نهار عند الاستعجال.
وتجد من يخبرك خلال مسارك عن اصدقاء - في-واكعنة والشيحة والحوارة والصفاوي والشبكة والسلمان وعيدها- يملكون خياماً خاصة تزودن بالماء والوقود وتوفر لك الطعام والمبيت والحماية والمعلومات, وتخفي الاجهزة والاشخاص والاسلحة وما تريد ان تحبئ شرط ان تحمل هوية تؤكد انتماءك الى احد اجهزة النظام الايراني, او ان يتلقون اوامر منها بخصوص التعاون معك.
وثمة طريق يمتد من الزبير الى-الركعي- موازيا لظهر الباطن عبر وديان وظهور البرجسية -البرتك-الهليبة-جريشان- ثم طريق البصية واتجاهه نحو شمر في وادي الباطن ثم الى عذيبة والرحيل, في حين يتجه طريق آخر الى برك الحبارى والشكاية والعبيد والعرجة ومن ثم الى خرجة المقابة للركعي في نجد ومن الركعي يمكن التوجه مباشرة الى الرياض, وتزودك وريقات الصحراء هذه بمعلومات كتبت بالعربية والفارسية عن عدد الساكنين في هذه المناطق وطموحاتهم وانتماءاتهم العشائرية والمذهبية وعدد حيواناتهم وقدراتهم المالية واستعداداتهم ومدى تعاونهم واسماء شيوخهم ووجهائهم, بل انك يمكن ان تجد اقراصاً مدمجة مسجلا عليها دروس تعلمك اللهجة البدوية السائدة ومفرداتها الشائعة, ويقول الكاتب الاميركي مايكل ليدين في وصف مافيا الصحراء الحدودية العراقية العربية الغربية- انها تستطيع ان تمرر الى الخليج جيشاً كاملا ً مزوداً بالدبابات والمدرعات,- وان ما يسمى بفيلق القدس- هو الذي ينشط بشكل رئيسي في المنطقة.
ويمكن القول الان ان هذه الصحاري وكهوفها, من خلال استفادة اجهزة المخابرات الايرانية من الخبراء بها, قد تحولت الى مواقع لخزن الاسلحة, لتجهيز الخلايا النائمة التي يدعمها النظام الايراني وتواليه بما تحتاجه في ساعة الصفر التي يحددها, بل ان هذه المثابات يمكن ان تركب فيها وعلى عجل اجزاء الصواريخ المفككة وقواعد الاطلاق لتطلق على اي مكان في الجزيرة والخليج, من دون ان يتحمل النظام الايراني مسؤولية اطلاقها, فهل من صحوة يا عرب الجزيرة والخليج?
* كاتب وصحافي عراقي




عبدالكريم عبدالله*