تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وفاة آمنة



بشرى
04-30-2003, 03:13 PM
**وفاة آمنة بنت وهب:
حان الوقت التي كانت "آمنة" تترقبه حيث بلغ محمدٌ السادسة من عمره بعد العناية الفائقة له من والدته. وظهرت عليه بوادر النضج. فصحبته إلى أخوال أبيه المقيمين في يثرب ولمشاهدة قبر فقيدهما الغالي، وعندما وصلت إلى قبر زوجها عكفت هناك ما يقارب شهرا كاملا، وهي تنوح وتتذكر الأيام الخوالي التي جمعتها مع زوجها بينما "محمد" يلهو ويلعب مع أخواله.

تعبت "آمنة" في طريقها بين البلدتين إثر عاصفة حارة وقوية هبت عليهم. فشعرت "آمنة" بأن أجلها قد حان فكانت تهمس بأنها سوف تموت، ولكنها تركت غلاماً طاهراً، ثم أخذها الموت من بين ذراعي ولدها الصغير وفارقت هذه الدنيا. وبدأت عينا الطفل بالبكاء بين ذراعي أمه، فهو -بعد- لا يدرك معنى الموت.

فأخذته "أم أيمن" فضمته المسكينة إلى صدرها وأخذ تحاول أن تفهمه معنى الموت حتى يفهمه. وعاد اليتيم الصغير إلى مكة حاملا في قلبه الصغير الحزن والألم، ورأى بعينيه مشهد موت أعز الناس وأقربهم إلى قلبه؛ أمه آمنة التي يصعب عليه فراقها.


**آمنة بنت وهب المرأة الخالدة
ماتت " زهرة قريش" السيدة العظيمة، ولكنها خلدت في قلب أهل مكة، وفي قلب ابنها سيد البشر، فهي عظيمة وأم لنبينا -صلى الله عليه وسلم-. وقد اختاره الله -عزّ وجلّ- واصطفاه من بين البشر ليحمل رسالة عظيمة إلى شتى أنحاء العالم وللبشر.

هذا اليتيم لم يعد يتيمًا بل كفله عمه "أبو طالب" بعد وفاة جده، وكان يحبه حبا شديدا فكان يعتبره واحداً من أبنائه، وكان ينتظره إلى أن يأتي ويتغدى الجميع بصحبة محمد المباركة، وعلى الرغم من أن محمّدا صلى الله عليه وسلم أحيط بحب زوجته "السيدة خديجة" و حنان زوج عمه "فاطمة بنت أسد"، ولكن ذكريات أمه بقيت معه في كل لحظة، ويذكر كل لحظة جميلة قضاها معها إلى لحظة موتها، حتى كان ينوح من البكاء.

وكأنه يرى ملامحها الجليلة في زوجته "خديجة" التي سكن عندها منذ أن بلغ الخامسة والعشرين من عمره إلى أن توفيت قبل الهجرة بثلاث سنين. كذلك تمثلت في بناته وفي حنوه وأبوته لهن، وهاهو يقول: "الجنة تحت أقدام الأمهات"، وجعل البر بالأم مقدّما على شرف الجهاد في سبيل الله والدار الآخرة، ونجد القرآن الكريم يقرن بين العبادة والإخلاص به والبر بالوالدين، "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا".

وسوف تظل صورة الأم العظيمة آمنة بنت وهبا تنتقل عبر الأجيال وسوف تظل باسمها خالدة في نفوسنا وفي أعماقنا.. ويقول أمير الشعراء أحمد شوقي:
تتباهى بك العصور وتسمو بك علياء بعدها علياء
فهنيئاً به لآمنة الفضل الذي شرفت به حواء!

سلام على " آمنة بنت وهب" سيدة الأمهات، ووالدة أعظم شخص وأحب شخص إلى نفوسنا، خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.