تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : "سعوديون مع فتح الإسلام"..كيف ولماذا؟



Ghiath
07-12-2007, 08:37 PM
"سعوديون مع فتح الإسلام"..كيف ولماذا؟

بيروت/ محمد مصطفى علوش 26/6/1428
11/07/2007

التساؤل الذي ألقى بثقله حول نشأة وظهور تنظيم (فتح الإسلام) خلال المواجهات التي دارت بينه وبين الجيش اللبناني لم يكن أكثر إلحاحاً وغرابة من التساؤل حول هذا الكم من جنسيات وأعضاء التنظيم، لا سيما أن عدد السعوديين في التنظيم يكاد يكون الأكثر ارتفاعاً مقارنة بأعداد أفراد التنظيم من الجنسيات الأخرى، فالمعلومات التي استُقيت من الأجهزة الأمنية اللبنانية تشير إلى توزيع عناصر التنظيم بين الجنسيات كما يلي: "45% من الفلسطينيين والسوريين، و30% من السعوديين و 20% من اللبنانيين، أما 5% الباقية فتعود لجنسيات أخرى من عرب ومسلمين بينهم شيشان"، وإن ما تم التأكد منه هو وقوع (6) سعوديين في الاعتقال في حين قضى (10) منهم خلال الاشتباكات التي دارت في المخيم وطرابلس والقلمون.
لا تكاد تخلو مواجهة من المواجهات التي دارت بين الجيش والتنظيم في عدد من المناطق اللبنانية إلاّ وقد تبين أن من بين القتلى أو المعتقلين سعوديين، ففي عملية أبي سمرة من طرابلس قضى (3) سعوديين، ثم في عملية القلمون جنوب طرابلس التي أعقبتها بعد أيام قضى (3) آخرون، في حين أنه لم يتبين كم سقط من هؤلاء في مخيم نهر البارد الذي لا تزال المواجهات دائرة منذ واحد وخمسين يوماً، إلاّ أن الموقوف السعودي "عائض القحطاني" ( 22عاماً) اعترف بوجود (40) خليجياً ضمن عناصر تنظيم فتح الإسلام.
والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف ومتى ولِمَ دخل هؤلاء إلى لبنان، لا سيما أن جميع من عُرف منهم حتى الآن هم من فئة الشباب التي لم تزر لبنان من قبل بل إن بعضهم لم يخرج من السعودية في حياته كحالة "عايض القحطاني" إلاّ رحلة واحدة كانت إلى نهر البارد شمال لبنان ملتحقاً بتنظيم (فتح الإسلام). بل إن بعضهم شكّل خلايا مهمتها إشعال حرب بين الطوائف اللبنانية كما هو حال "خلية بر الياس" بقيادة السعودي "عبد العزيز المغامس" التي نصبت صواريخ لإطلاقها من قرى شيعية على قرى مسيحية، لولا أنه تم ضبط الخلية قبل تنفيذ العملية.
يذكر لنا الشيخ "محمد الحاج" وسيط رابطة علماء فلسطين بين التنظيم والجيش اللبناني والذي التقى قياديي وكودار التنظيم عشرات المرات أن أفراد التنظيم تشكلوا عقب حرب تموز الأخيرة، وكانوا عبارة عن مجموعات فلسطينية جاءت من الأردن، وغزة، وسوريا والعراق؛ وقد انضم إليهم أثناء وجود بعض أفراد هذه المجموعات في "الجيش الإسلامي في العراق"، مجموعة من العرب، سعوديين وسوريين ويمنيين وجزائريين، ثم أثناء وجودهم في سوريا تم التنسيق مع مجموعة فتح الانتفاضة، بقيادة شاكر العبسي للانتقال إلى لبنان.
في المقابل تؤكد الجهات الأمنية المختصة أن عدداً لا بأس به من هؤلاء قد قدم إلى لبنان من إيران والأردن والسعودية عبر مطار بيروت الدولي أو ما يُعرف بمطار رفيق الحريري، وإن البعض منهم دخل ولم يُعثر له على أثر؛ إذ ترجح الأجهزة الأمنية وجود هؤلاء في مخيم نهر البارد مع تنظيم (فتح الإسلام)، فقد دخلوا الأراضي اللبنانية منذ أكثر من أربعة أشهر وهم "سعيد دليم سعيد العسيري" و"عبد الله مبارك الدوسري"( 23 عاماً) و"تركي محمد آل حمدان الغامدي" (21 عاماً).
أما عن دور هؤلاء في التنظيم فيوضح لنا الشيخ "عمر بكري" أحد الملمين بملف التنظيم ونشأته أنه قدم مجموعة من الشباب السعودي إلى لبنان منذ مدة، وقد جاؤوا من عدة مناطق من السعودية لا سيما من القصيم وبريدة؛ إذ أردوا الفرار بدينهم من الملاحقة الأمنية في السعودية، فهم ممن ينتمون لتنظيم "قاعدة الجهاد في بلاد الحرمين" بحسب ما لوحظ من البيان المصور الذي نشره التنظيم عقب اندلاع المواجهات بين التنظيم والجيش. ثم خلال وجودهم في لبنان اتصل بهم شاكر العبسي وأنشؤوا معاً "مجلس شورى" للتنظيم، على إثره توسعت القيادة الكلية.
وأما عن الغايات التي رفعها التنظيم في استقطاب العناصر المقاتلة من الخليج والدول العربية والإسلامية -بحسب أحد الناشطين السياسيين الذي لطالما خالط قادة (فتح الإسلام)- فتنحصر في أربع غايات هي: "نصرة أهل السنة في لبنان؛ إذ يعتقدون أن السنة مظلومون في المنطقة بشكل عام وفي لبنان بشكل خاص، ومحاربة الأمريكيين في العراق وإسقاط المشروع الأمريكي في لبنان، ومحاربة القوات الدولية التي أتت إلى لبنان لاحتلاله ووضعه في الفلك الأمريكي، إضافةً إلى الهدف المركزي عند كل الحركات الإسلامية، ألا وهو المساهمة في تحرير القدس".
وقد تم استقطاب العديد من السعوديين عبر المنتديات الجهادية المنتشرة بكثرة على شبكة الإنترنت، مستغلاً الدافع الديني وحب الجهاد لدى الفئات الشابة تحت عناوين جذابة، بدءاً من شعار الدفاع عن مقدسات المسلمين، لا سيما الغزو المجوسي والصليبي للبنان، وانتهاءً بشعار الزواج من حور العين في الجنة، مستغلين الحالة النفسية التي يمر بها معظم الشباب في هذه الفترة العمرية.
فوالد السعودي "سعد الكعبور" (23عاماً) الذي قضى في المعارك بين الجيش والتنظيم يتهم المواقع الجهادية على شبكة الإنترنت بـ "غسل دماغ" ابنه؛ إذ إن ولدهم الذي كان يقيم معهم في الدمام غادر السعودية قبل ثمانية أشهر، تاركاً رسالة لهم مفادها: أنه "ذاهب إلى الجهاد، لطلب الآخرة"، مذيلاً رسالته بأن "الجهاد" سيمنحه "فرصة الزواج من الحور العين".
يشرح الدكتور فايز الشهري أحد الخبراء السعوديين في شبكة الإنترنت لـ(العربية) عملية التجنيد عبر الإنترنت بالقول: "هي عملية إلى حد ما معقدة ليست عملية استقطاب، مرسل ومستقبل يستجيب فوراً، ويذهب إلى مناطق الصراع للمشاركة، هي عملية تعتمد على استغلال إحباطات الشباب النفسية والاجتماعية وحتى الدراسية إذا أخفق في الدراسة, استغلال هذه الإحباطات وبالتالي ينتقل إلى المرحلة الأخرى، وهي تفريغ ذهن الشاب من الأفكار المسبقة التي تلقاها في مدرسته أو في بيته أو في مجتمعه، ثم تهشيم الرموز الفكرية والسياسية والاقتصادية والدينية، وجعلها رموزاً هامشية إما بوصفها بالعمالة والخيانة، أو بالجهل وعدم الدراية بالواقع والصراعات، بالتالي يصبح الشاب جاهزاً لتلقي الوجبة التالية وهي حقنه بالفكر الذي يُرى بأنه هو الفكر الصحيح, وبالتالي يمكن أن يغير العالم ويرفع من شأن أمته، وعندما يقتنع تماماً- وهي مرحلة تأخذ فترة- يُبدأ يُضخ إليه بأدبيات ومواقع متخصصة في نشر المظالم".
وعن عملية التواصل بين أعضاء التنظيم عبر شبكة الإنترنت يقول الشقيق الأكبر لـ"عايض القحطاني" أن أخاه عايض علمه طريقة تواصل أعضاء التنظيم عبر شبكة الإنترنت؛ فهي تقوم "على استخدام شخصين أو أكثر لعنوان بريدي واحد، فيدخل الأول، ويكتب رسالة بمفردات ورموز يفهمها الشخص الآخر، ثم يحفظ الرسالة في العنوان نفسه ولا يرسلها، فيدخل الشخص الآخر بكلمة السر نفسها، ويقرأ الرسالة ثم يمسحها".
وهكذا تحول الشاب السعودي المفعم بالإخلاص لدينه وأمته والمندفع للذود عن حياضها للوقوع في شرك أجهزة مخابرات دولية تحرقه في سبيل تحقيق أجندتها تحت راية "الله أكبر"، ليجد نفسه في مواجهة مع أهله وإخوانه بدلاً من وجوده في المكان الذي كان يبغيه.