تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ليل بيروت "يهتزّ" حزناً لا فرحاً.. ويرخي بظلمته على كل الأمكنة



14_Azar
06-30-2007, 06:38 PM
ليل بيروت "يهتزّ" حزناً لا فرحاً.. ويرخي بظلمته على كل الأمكنة



http://www.almustaqbal.com/issues/images/2658/C9N1.jpg


http://www.almustaqbal.com/issues/images/2658/C9N2.jpg


http://www.almustaqbal.com/issues/images/2658/C9N3.jpg


عمر حرقوص
بيروت اليوم لا تشبه بيروت قبل عام، أي قبل العدوان الإسرائيلي مباشرة. هي لا تشبه بيروت صيف 2005 الا في حرارته. صيفها هذا العام لا يمت بصلة الى صيف العام 2004 حين أحس اللبنانيون وللمرة الأولى بمعنى تحسن الدخل القومي والناتج المحلي. بيروت تلك الأيام هي كالحلم الذي كان قبل العام 1975. التاريخ عندنا يحدد بما قبل ذلك العام وما بعده. وما قبل العام 2005 وما بعده وتحديداً بعد 14 شباط حين تحول حلم اللبنانيين بالسلام الى مجزرة، كان أول شهدائها الرئيس رفيق الحريري وتبعه باقي الشهداء من المواطنين والسياسيين لتتحول الحياة في هذه الـ10452 كلم مربع الى جحيم يخشاه الناس ويخشون من دخوله الى منازلهم.
المشاريع الاقتصادية الكبيرة توقفت منذ ذلك التاريخ عن الانتاج وانسحبت بهدوء من الحياة الاقتصادية اللبنانية، لتفتش عن أماكن أكثر أمناً خارج قدرة النظام السوري على التفجير. أصحاب هذه المشاريع استطاعوا تحدي نظام البعث وافتتحوا مؤسساتهم في أماكن لا يجرؤ على تنفيذ ألاعيبه الأمنية فيها. انتقلت حياة الليل من بيروت الى مدن أخرى خارج حدودها فانتعشت، فيما بقيت شوارع العاصمة وفنادقها خالية هذا العام من الحضور السياحي العربي واللبناني المهاجر.


قبل عام كان السهر في مطاعم مونو يتطلب حجزاً مسبقا والأسرع هو من يحجز طاولة جيدة وتتسع لعدد أكبر من الأشخاص. كانت السيارات تضطر للوقوف ساعات في وسط الشارع محاولة التقدم خطوة خطوة للوصول الى المواقف داخل الحي. عجقة الشبان كانت تشبه التظاهرات فيما الصراخ والغناء يمتد حتى طلوع الفجر.
هذا ما كان عليه مونو في العام الماضي قبل أسر الجنديين الإسرائيليين عبر الخط الأزرق واندلاع الحرب الإسرائيلية على لبنان. حاله هذه الأيام غريبة عنه، فهو مقفر وإن كان للكلمة أي معنى ملتبس فالمقصود أن الحي فارغ نهائياً. لا ساهرين ولا سيارات تعجقه بحضورها المتثاقل سيراً. أماكن السهر الكثيرة مغلقة من الناصرة وصولاً الى مخيم "الاغتصاب". كأن منع تجول معلن يسري في حياة الشبان الذين كانوا يشعلون الليل رقصاً وغناءً.
ذهبت حياة الشارع بطيئاً منذ قيام "أشاوس" المعارضة باحتلال وسط بيروت بمخيمهم في المرحلة الأولى من الحرب على حياة اللبنانيين. بدأ الحصار على مونو بإغلاق مخرجه ووقوف "الأشاوس" باستعراض قوى أمام الساهرين في الحي. حاول أصحاب المؤسسات الاستفادة من "الاحتلال" الواقع على ساحتي رياض الصلح والدباس وعلى الوسط ورواده وناسه. ولكن حملتي الثلاثاء والخميس الأسودين كانتا بالمرصاد فتأثر الشارع بأكثر مما كان متوقعاً له وأدى ذلك الى إغلاق عدد من المطاعم فيه.
أدرك مونو بأهله وأصحاب مؤسساته أن اغترابه عن الحياة البيروتية لن يكون إلا قسرياً ولفترة محدودة. فانضمت هيئاته المدنية والهيئات الاقتصادية وراجعت قيادة المعارضة من النائب ميشال عون الى نواب حزب الله في سبيل فك أسر الشوارع البيروتية من هذا الحصار المحكم الذي يشبه في إغلاقه حصار بيروت في العام 1982. باءت المحاولات بالفشل وبقي المحاصرون يفتشون عن سبل أنجع لاخراج حياتهم الاقتصادية من قبضة النزاع الذي أدخلوا فيه بالقوة. فكان خروج العديد من المؤسسات الى بلدان ودول من الأردن الى مصر وتونس والجزائر والمغرب للبحث عن أسواق جديدة ظهرت نتائج حركتها كمؤسسات لبنانية في الأشهر الأولى لحضورها في الخارج.
بعض المحال تفتح أبوابها من الصباح لجلب الزبائن من موظفي المؤسسات وطلاب الجامعة اليسوعية. بعد الثالثة تبدأ بالإغلاق كأنها أمام أمر مهول يمنعها من إكمال السهر في المساء. أماكن السهر تفتح أبوابها عند السادسة وتغلق عند التاسعة فيما يشبه المدينة المهجورة إلا من بعض حراس المؤسسات الخاصة وحاجز الجيش اللبناني.
كان الأمل منعقداً على صيف كبير يعطي أرباحاً تغطي خسائر الأعوام السابقة. ما حصل من تفجيرات متسلسلة واغتيال النائب وليد عيدو جعل أصحاب المؤسسات يفقدون الأمل بإبقاء محالهم مفتوحة. ينظر بعض الواقفين الى المخيم المطل من تحت على الشارع الهادئ. يشاهدون "عُتاة" "الأمن المضاد" وهم يتصدون لهجمات الهواء المقبلة من البحر ليمنعونها من انعاش حياة الناس في هذا الصيف.
الجميزة
في الجميزة ضجة بين بائع الورد المتنقل ليلاً في شوارع بيروت والفتاة الصغيرة التي تبيع "تشكلس". صار صوت طفلة وشاب يملأ الشارع من أوله الى آخره. هذا الشارع الذي يحتاج فيه الشاب أكثر من نصف ساعة لقطعه من أوله الى آخره أيام العز. عمل هذا الحي بدأ يتوسع مع تجديد "قهوة القزاز". صارت السهرات في البيوت القديمة والمتحولة الى مقاه مقصد الكثير من الشبان والصبايا من كل المناطق اللبنانية.الشارع يتشابه ومونو بفارق مسحة أكثر ثقافية لبعض محاله. الإضاءة الخافتة فيه توحي بالرقص وهز الخصور، فيما الشبان يتكدسون محاولين حجز مكان في أي مقهى فيه حتى يدخر للأيام ا لمقبلة أخباراً عن السهر في الجميزة.
في أيام العز كانت المنطقة تغص بالعديد من السيارات التي لا توفر مكانا الا وركنت فيه ما يدل على حدة العجقة الليلية الممتدة حتى ساعات الصباح الأولى، الا ان حالها هذه الأيام مختلف تماما بحيث يستطيع أي سائق أن يركن سيارته في المكان الذي يريد بسبب من غياب الرواد والساهرين..
بعض الأماكن ما زالت تحتفظ بعدد من الرواد لا يتعدى أصابع اليد الواحدة. أصوات الموسيقى خافتة والإضاءة قوية في محاولة للإيحاء من بعض المؤسسات بعدم الإغلاق. في فترة مسلسل الانفجارات المتنقلة، اصبح على اصحاب السيارات المتوقفة الى جانبي الطريق تسجيل اسمائهم عليها وارقام هواتفهم في حركة أمنية صارت معتمدة في أكثر شوارع بيروت بحثاً عن الهدوء.
الحمرا لا تهتز مع الراقصين
صفة شارع الحمرا هي مقاهي الأرصفة الممتلئة نقاشات حادة وقراء جرائد مستعجلون على ارتشاف فنجان قهوة. غابت العجقة عن المقاهي ليلاً، بعض الرواد يؤنسون وحدتهم بمراقبة السيارات المارة في الشارع كأنها تتهادى في صحراء خالية.
من "الريغستو" الى "البارومتر" والـ"ة مربوطة" بعض من الساهرين المعتزين ببقائهم في لقاءاتهم التي تخف تدريجياً بسبب الخوف ورحيل الرواد الى دبي للعمل، وأوروبا وأميركا للدراسة. الأماكن التي تحتاج لحجز مسبق صارت تعيش على سهر نفس الزبائن المتنقلين كل يوم، فيما صوت ضرب الكؤوس يخف تدريجياً.
الاهتزاز رقصاً في المكحول صار صوراً محفوظة في الألبوم. والجاز في "البلونوت" على آلات عزف لبنانية. بهجة رواد المقهى الذي ولد في الثمانينيات حين تأتي فرقة من خارج لبنان صارت نادرة في ظل هذه الأوضاع والظروف الأمنية.
بعد انفجار فردان صارت الحركة في الشوارع الرئيسية أخف. أتى انفجار المنارة ليقضي على أمل أصحاب المؤسسات بالصيف الحار اقتصادياً ليتحول الى صيف حار أمنياً لم يكونوا يتمنونه. زاد عدد المحال المعروضة للإيجار، والبضاعة المخفضة السعر من 25% الى 50% كأنه ليس موسم البيع ولا وقت الرواد الخليجيين والسياح الأجانب واللبنانيين القادمين من بلاد الله الواسعة.
في كاراكاس تقفل أماكن السهر باكراً، فلا الشعر نهار الجمعة عند "جدل بيزنطي" يجذب الرواد ولا نقاشات "أبو إيلي" جاهزة لتغيير الأوضاع السياسية. عروض الأفلام في بعض الأماكن لا تحقق المطلوب من جذب للزبائن واللعب على الآلات الموسيقية الصادحة وحدها يصبح نشازاً في الليالي الموحشة.
صور.. رحلة طويلة
بحر صور لا يهدأ هذه الأيام. السهر على شواطئ المدينة الفينيقية والمتعددة الجنسيات هذا الصيف يستحق الرحلة الطويلة. من بيروت الى مقاهي "الجمل" يحتاج بعض التعب. رؤية "الدوليين" في سياراتهم المتنقلة بين السكان هو راحة للباحث عن مخرج من الأزمات الأمنية المتتالية. تمتد السهرات الى الصباح على شاطئ البحر.
القمر الصاعد من خلف البازورية والمنصوري يغطي المياه لتتناسب وسهرات العاشقين. أحاديث النوم فوق الرمال تحاول نسيان ما يحدث في العاصمة والشمال. السهرة تكتمل مع القادمين صدفة الى الرقص والغناء كأنه خروج من الوطن للسياحة في أماكن بعيدة.
الأحد بعد الظهر يعلن عن سقوط 3 صواريخ على "كريات شمونة". عاد الرعب الى الساحل البحري وغابت العجقة بسرعة فيما الدوليون ينسحبون من الحياة الاجتماعية بهدوء. يوم أحد آخر من التفجير الدامي حصيلته ستة من شبان الجيش الإسباني يسقطون في "الدردارة" أمام الخيام. هل يُحسب هؤلاء الشبان من شهداء لبنان؟. في الفيلم السينمائي ينتصر الخير ويموت الشر. في الفيلم اللبناني تستمر المعركة فيموت رجال الخير كأنهم قبضة قمح تنكسر أمام نار زاحفة.
بعد الصواريخ والمتفجرة صار السهر في صور يحتاج الى أوقات إضافية. فالوضع الأمني يفرض حواجز عسكرية. تتأخر الرحلة بين صور وبيروت الى ثلاث ساعات. فيخفق المواطنون في تحقيق الرحلة السريعة في أرجاء الوطن.
البترون.. وجونيه
ذهب الساهرون بعيداً للبحث عن أمكنة آمنة للسهر. امتلأت شوارع البترون بأمكنة مخصصة لسهر الشبان. قفز "شاكر العبسي" بكل لؤمه وذبح الجنود اللبنانيين. أشعل حرباً طويلة مع عناصره القادمين عبر الحدود السورية بمسميات مختلفة. تنقلوا بتفجيراتهم فانقطع الشبان عن "البترون" خوفاً من الجرائم المتنقلة. رجل الشر لديه القدرة على الاختفاء وممارسة دور "المشعوذ" لاخفاء حقده وكراهية من أرسله لتدمير الوطن.
يذهب الساهرون الى جونيه والكسليك بحثاً عن سهر آمن. هو التنقل هرباً من القاتل وبحثاً عن الحياة وحبها. عبوة في المدينة الصناعية في ذوق مصبح. المكان الأقرب الى جونيه. يهرب الناس مجدداً باحثين عن أمل آخر بلا أعداء ولا شريرين.
ناضل اللبنانيون كثيراً للتخلص من "المجرم" القادر على تحويل حياتهم الى جحيم. أخرجوه من بوابة المصنع فدخل عبر نوافذ كثيرة من "نهر البارد" الى سلسلة المتفجرات المتنقلة ومخيم الاعتصام المغلق الطريق على نسائم البحر. يسقط الشهداء في رحلتهم وهم يحلمون بالحرية. أرواحهم تنتظر نهاية الجزء الداكن من الحياة، لتشهد معنا يوم إرسال "القاتل" الى السجن.
سينما.. سينما
صوت البطل في الفيلم السينمائي يملأ القاعة والبرودة تزيد عن حدتها المعهودة. عدد قليل من الأشخاص الملتزمين السينما هم الحضور في هذه المساءات. يصرخ البطل وهو رجل الخير برئيس العصابة وهو رجل الشر أن يسلم نفسه بهدوء وإلا قتله. تدور الاشتباكات العنيفة ويصاب الخير برصاصة تصيب منه مقتلاً. قدرة قادر هي من يوقع رجل الشر بيد البطل الذي يخنقه بيديه.. هو الهروب من مشاهدة الأخبار وصوت المذيعين والمذيعات. هروب من المعلومات المتداولة عن الوساطات المتنقلة من "عمرو موسى" الى "كوشران" الفرنسي ومن يدخل علي الخط اللبناني محاولاً التهدئة. يتوقف "الهاتف الخلوي" في ساعات السينما فترتاح أن دماغك غير مشغول بانقطاع الاتصالات لأسباب تقنية أم لأسباب عبوة ما انفجرت بحياة بعض المواطنين وأرزاقهم.
آخرون لا يدخلون السينما هذه الأيام حتى لا يفاجأوا وقت خروجهم بأخبار المآسي. ينتظرون تلك العبوة في أمكنتهم علها تمر اليوم، ونذهب بعدها لنحاول السهر على ما يقولون. يعلنون مقاومتهم ولكن لا يفضلون هذه الأوقات الجلوس في عتمة السينما كثيراً. الكل خائف من الجلوس باكراً في العتمة الأبدية.
في الفيلم يذهب البطل رجل الخير الى حبيبته في بلده الهادئ. لا عبوة تنفجر ولا صراخ أرملة أو أم ثكلى هناك حيث الحياة هانئة، حيث ينتصر الخير على الشر دائماً

من هناك
07-01-2007, 03:17 PM
الحمد لله ان الساهرين قل عددهم ولا بأس ان يجلس اهل مونو بدون اكتناز المال هذا الصيف فقد جمعوا الكثير في السابق.

لكن المحزن ان المشاريع الحيوية كلها توقفت في البلد بسبب الخلاف السياسي الحاصل وكل فريق يرمي الحق على الآخر. 14 آذار تقول ان سبب الجمود كله في مخيم حزب الله في موقف ساحة رياض الصلح و8 آذار تقول ان سبب الجمود كله هو في عزل الطائفة الشيعية.

لكن الواقع ان الجمود الحاصل هو بسبب عدم وجود اي خطة إقتصادية للدولة بشقيها الحاكم والمعارض وبسبب عدم وجود إي ميزانية للدولة خلال السنوات الثلاثة الماضية وبسبب الهروب الدائم من الدين العام الذي يتصاعد.

لقد ساهم كل الأطراف الموجودين حالياً في الحكم والمعارضة بتنامي الدين العام وتضخمه بشكل هائل يكاد يهدد وجود لبنان كبلد. قد يحاول البعض ان يتهم كلاً منهم الآخر ولكن كل هذا نفاق وعهر سياسي لأن الحكم والمعارضة شركاء بالنصف في سرقة الدولة في الماضي وبناء هذا الهيكل الهائل من الديون المحلية (نصف الدين العام في لبنان هو لأربعة بنوك فقط) والخارجية (باريس 1-2-3-4-5...).