تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الملكة إليزابيث الثانية تمنح سلمان رشدي وسام الفارس.. ظاهرة غربية رسمية لا حالة خاصة!



FreeMuslim
06-23-2007, 10:17 AM
الملكة إليزابيث الثانية تمنح سلمان رشدي وسام الفارس.. ظاهرة غربية رسمية لا حالة خاصة!
19-6-2007
http://www.alasr.ws/images/asr-spacer.gif

بقلم إسماعيل أحمد





لا أستطيع تصنيف هذا الموقف في إطار التقدير الموضوعي والفني المحض لإبداع سلمان رشدي...

ماذا قدم سلمان رشدي من خدمة لبريطانية، وللإنسانية جمعاء، غير أنه أطلق لسانه شتيمة في مقدسات دين عظيم، له أتباعه في كل أنحاء العالم، بل هو الدين الثاني في بريطانية نفسها!

أين كانت شجاعة هذا الفارس الذي كلف الخزينة البريطانية أكثر من عشرة ملايين جنيه أسترليني حتى الآن، لحمايته من طيشه وسفاهاته وتطاوله على الناس!

ترى لو كانت آيات هذا المخبول في ما تسمونه كراهية السامية، أو في الهولوكوست، أكان يمكن أن يحلم بوسام الفارس، ويقال عنه شجاع؟!

كم من علماء الغرب الضليعين، والمبتكرين الرفيعين، والمستشرقين المنصفين، والمثقفين الأكثر ضلوعا من صاحب الآيات الشيطانية في الفكر والإبداع والبيان، كانوا رأوا في الإسلام جواهر ونظريات تصلح للعالم مخرجا من كل ويلاته وأزماته فلماذا لم يمنح واحد من هؤلاء وساما ما دامت بريطانية وسائر النظم الغربية يتاجرون بفكرة التسامح والأنسنة واحترام الآخر!

لم أسمع أن واحدا من هؤلاء نال وساما أو تقلد منصبا، بل على العكس، وجدنا من يعادى وينبذ لأنه يؤسس لجسور التواصل بين الثقافات، بينما رأينا رواد نظريات صدام الحضارات ونهاية العالم في موقع القرار والتأثير والتفخيم!

لست أستغرب هذا من بريطانية، لولا أن ذاكرتنا نحن العرب والمسلمين قصيرة جدا، لا ترى أبعد مما يمثل أمامها، وربما عظَمت اليوم من كان بالأمس القريب يسومها سوء العذاب، بل من كان السبب في كل نكباتها!!

منذ العصور الوسطى وحملاتها الصليبية، وهم لا يرون فينا مدنية ولا حق إنسان!

باسم العناية الإلهية المباشرة، سلطهم بابواتهم على مشرقنا، وكنا نرفض على الدوام تصنيف الحروب معهم في دائرتها الدينية، الضيقة، وأسميناها حروب الفرنجة، غير أنهم رفضوا إلا رفع الصليب شعارا واسما!

وباسم العناية الإلهية، عقدوا معاهدة فينا 1815م، وكان هدف ما سموه زورا يومها بالقانون الدولي فصل رومانيا واليونان والصرب وبلغاريا عن الدولة العثمانية المسلمة!

بل صرح أحد ساسة فرنسا في عهد لويس الرابع عشر بقوله: إن على فرنسا أن تنتهز فرصة السلام الذي تنعم به أوروبا بعد حرب السنوات السبع، وتنقضّ على الإمبراطورية العثمانية لتقيم صرح المسيحية وتستخلص الأراضي المقدسة، وإن مشروع قناة السويس مشروع صليبي، ويجب أن تكون ملكاً مشتركاً للعالم المسيحي.

حاول المسلمون، ممثلين بخيمتهم العثمانية، أن ينضموا للاتفاقية على قدم المساواة، تماما كما لا يزال الأتراك يحاولون دخول النادي الأوربي حتى الساعة، لكنهم رفضوا إلا في إطار ضيق بمعاهدة باريس (30 آذار 1856م).

كانت المعاهدة منحازة تماما، وفيها من الاستعلاء والعنصرية ما يجعلها لا تعترف بمدنية خارج شروط فكرها وثقافتها الأوربية بكينونتها الصليبية والإغريقية والرومانية والمادية!

وهذا ما استفز دبلوماسي ياباني مخاطباً العالم الغربي يوم انضمام اليابان بتهكم : حينما تحقق لكم أننا على الأقل نتساوى معكم في علوم الدمار سمحتم لنا بالجلوس على موائدكم باعتبارنا متحضرين! وكان ذلك عقب انتصار اليابان على روسيا القيصرية

استغلت أوربا الصليبية شعار المدنية لترتكب به أفظع الجرائم على البشرية، فاحتلت أقاليم الدول الأخرى، وراحت تستغلها أبشع استغلال، فتفسد عقائدها وأخلاقها، وتستنزف خيراتها ومواردها، وتسخر أبناءها في العمل والصناعة.
لكن الجشع والتنافس على نهب ثروات الدول المستضعفة، فجر الأحقاد، فاندلعت الحرب العالمية الأولى (1914م)، التي تعرضت فيها البشرية لأهوال قاسية، ولما هدأت العاصفة واجتمعت الدول الأوربية في مؤتمر باريس (1919م)، لإعادة بنيان الدول الذي كان على وشك الانهيار، عندئذ أصبحت النغمة الجديدة هي السلام الذي يخفي وراءه ما يخفي، حيث جاء نظام الانتداب ليُطْلَى به نظام الاستعمار القديم، وليخاتل الأمم والشعوب التي وُعدت بالحرية والاستقلال، فمصر تحت الانتداب الإنجليزي، وكذلك فلسطين .. وسورية ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، وهكذا...

إن ما يزعمونه حقا، لا يخرج عن إطار تجذر المدرسة الكاثوليكية في الفكر الأوروبي (بيير ديبو وسالي وليبتي وغيرهم)، ففي تصريح لرئيس الحكومة الهولندية عام 1956م، قال: إن الدول المسيحية وحدها هي التي تستطيع أن تميز بين العدل وغير العدل، وبين الحرب المشروعة وغير المشروعة وتساءل عما إذا كان المسلم أو الهندي يستطيع أن يعي معنى العدوان، لأن إدراك مثل هذا المعنى قاصر على الدول ذات الثقافة المسيحية! ويكتب الرئيس الأمريكي السابق نيكسون في مجلة الشؤون الخارجية، قائلاً: روسيا وأمريكا يجب أن تعقدا تعاوناً حاسماً لضرب الصحوة الإسلامية.

وهو الذي قال حين عاد من جولة قام بها في أفغانستان لدراسة الأحوال هناك، وسأله الصحفيون: ماذا وجدت هناك؟ قال: وجدت أن الخطر هو الإسلام! ويجب أن نصفي خلافاتنا مع روسيا في أقرب وقت؛ فروسيا على أي حال بلد أوروبي! والخلاف بيننا وبينها قابل للتسوية، أما الخلاف الذي لا يقبل التسوية فهو الخلاف بيننا وبين الإسلام! وفي تصريحات رؤساء أمريكا وإيطاليا أبان سقوط بغداد ما يشي بأن عقدة الاستعلاء والصليبية ماضية مع المتنفذين هناك حتى الساعة!

خلاصته: ليس بمستغرب من بريطانية بلفور وضياع فلسطين، بريطانية الانتداب والتمكين للصهاينة، بريطانية القضاء على المظلة الإسلامية، وإغراء الشريف حسين وغيره من المغفلين ليخربوا بيوتهم بأيديهم! بريطانية الاحتلال المباشر للعراق، بريطانية بلير وخراب البصرة وبغداد... ليس بمستغرب منهم أن يحفلوا بكل من يسيء للإسلام بكلمة!

غير أن بعض المخدوعين فينا يخدعهم خطاب لتشارلز، وموقف لعمدة أو نائب، فيحسبون أن القوم محايدين، والحقيقة الشاخصة أنهم أهداء حتى مشاشتهم، والشذوذ فيهم ـ ونحن لا ننكره ـ هو ما تمثله تلك الأصوات المحدودة التي تنتصر لقضايانا...

وسيقولون لك إن سبب تكريمهم لسلمان وأضرابه، إنما هو ملكاتهم الإبداعية والفنية، وعطائهم الإنساني العام... كذبوا وأيم الله، أتحداهم أن يكرموا مبدعا ينال من أسطورة الهولوكوست، بل أتحداهم ألا يحاكموه!
واسلموا تعرية للمنافقين