تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أنا والإذاعة...علي الطنطاوي.. أديب الفقهاء، وفقيه الأدباء



chidichidi
06-10-2007, 05:37 PM
أنا والإذاعة، وقد أُذيعت من إذاعة دمشق عام 1942: "... وإذا هم يدخلونني من دهليز إلى دهليز، حتى انتهيت إلى زاوية مظلمة، فأشاروا إلى باب وقالوا: >هُسْ<، إياك أن تتكلم، أو تعطس، أو تسعل، أو تخبط برجلك، أو تدق بيدك، أو تُخَشْخِش بأوراقك! قلت: فكيف إذن أتحدث؟ قالوا: إذا جاء دورك تكلمت. ورأيت مكتباً ما عليه إلا علبة قائمة على عمود من الحديد وقد وقف أمامها شاب يصوّت أصواتاً بعضها يخرج من حلقه وبعضها من صدره وبعضها من بطنه، ويتخلّع ويتلوّى مع النغمات، فأجهدت ذهني خمس دقائق كاملات لأعرف ماذا يصنع هذا الرجل: أيغني أم يخطب، أم هو مصروع معتوه يخلِّط، فلم أهتدِ إلى حقيقته. ثم سكت وتقدم من العلبة أحد موظفي المحطة فقال: لقد انتهت الحفلة الموسيقية. فقلت: إذن هي حفلة موسيقية؟ سبحان القادر على كل شيء! وأقبل الموظف عليّ فأشار بيده إلى حيث كان يقف الشاب صاحب الأصوات المخنثة، فقلت: ماذا؟ أأعمل أنا أيضاً حفلة موسيقية؟ قالوا: هس.. هس! وأدار مفتاحاً كمفتاح الكهرباء وجعل يكلمني بلسانه بعد أن كان يتكلم بيديه وقال: تفضل يا أستاذ، اقعد وتكلم. قلت: أتكلم مع مَن؟ أين المستمعون؟ قال: تكلم هنا.. وأشار إلى العلبة. قلت في نفسي: أعوذ بالله من شر هذه الغرفة! لقد حسبتها سجناً مغلقاً فإذا هي بيمارستان! أأكلم علبة؟ أمجنون أنا؟ وبحثت عن مهرب فلم أجد، وفتشت عن نصير فلم ألقَه، فاستسلمت للمقادير وقعدت، وشرعت أكلم العلبة كالمجانين!".

فـاروق
06-10-2007, 06:45 PM
رحمه الله.... ورحم ابنته المقتولة ظلما وعدوانا....

و حفظ الله لنا علماءنا الربانيين