تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فَمَن يا ترَى أَعلَى الوَرَى كمحَمّـدٍ..وأرفَعهُم مَجـداً وَأَسْمَـى مَنَاقِبَـا



عبد الله بوراي
06-09-2007, 04:46 PM
هُوَ الدهرُ لا يَخشَى القَنا والقواضِبَـا

ولكن يهابُ الدهـرُ منكَ المَوَاهِبَـا

فَلا تَكُ مَغـرُوراً بنفسـكَ غافِـلاً

حَقِيقَتَها فَاعلَـم وَحـدّ العَوَاقِبَـا

ولا تَـكُ مِمَّـن طَيّشتَـه مَطامِـع

فَيَأبَى بأن يَقضي لدى الحَقّ واجِبَـا

عَلى أثَـري يا مَـن أرَاهُ مُجَاهِـداً

لِيَبلُـغَ فِي هـذا الزّمـانِ الرّغائِبَـا

فَما أنا بالشّانِي ولكـن أنا الّـذي

عَلى منبرِ الإخلاصِ ما زالَ خاطِبَـا

فَمِن دَرَكاتِ الذلّ تصبـحُ صَاعِـداً

عَلى دَرَجاتِ العِـزِّ تَعلـو مَراتِبَـا

فَقَد جَمَعَتنِـي وَاللَّيالِـي حَـوَادِثٌ

فكانَت مَوَاثِيـقُ اللَيَالِـي كَوَاذِبَـا

فَنَكّبتُ عن صِدقِ الزّمـانِ لأنَّنِـي

رأيتُ زَمانِي عَن هَوَى الصّدقِ ناكِبَا

وقَد صَحِبَتنِي هشمّـةٌ لا تَخُونَنِـي

وَلَو أنشَبَت فِيَّ الخُطـوبُ مَخَالِبَـا

إِذا لَم يَكُن لِي غَيـرُ نَفـسٍ أبِيّـةٍ

أَبَـى اللهُ إِلاَّ أَن تُلَبِّـي المَطـالِبَـا

فَحَسبِي افتخاراً أَن أَجـوُدَ بِبَذلِهـا

لِخدمَةِ خَلـقِ اللهِ والعَـدلِ راغِبَـا

فَمَا قَصَبَاتُ السَّبقِ إِلاّ لِمَـن غَـدا

بِميـدَان هَذا الدَّهرِ للدَّهرِ حَاسِبَـا

وما المَـرءُ ِإلاّ مَـن تَـرَاهُ مُدافِعـاً

عَنِ الوَطَنِ المَحبوبش قَلبـاً وقالِبَـا

فَقُل للّذي يَبغِي اهتِضَـامَ حُقوقِنَـا

ستُصبِحُ مَغلُوباً وَإِن كُنـتَ غَالِبَـا

فَما هِيَ إِلاَّ النَّفس نسمَـة خَالِـق

فَحاشـا لَها أن تَستَلِـذّ المَصَائِبَـا

وَكُن فَطِناً يا مَن مَلَكَـتَ عنانـها

إِذا جَمَحَت مادَت بِهَا الأرضُ جانِبَا

فَلَيسوا بقَومـي مَن ترَاهـم أذِلّـةً

ولكِن قَومـي مَن أذَلّـوا المَصاعِبَـا

لَنـا كلّ قَلـبٍ فِيـهِ كلّ عزيـمَة

تَجَـرّدُ مِنـهَا للدّفـاعِ كَتـائِبَـا

فَنحنُ بَنو الأعرَابِ كُنَّـا ولَم نَـزَل

بِما خَصَّنا المَولَى نَفُـوقُ الأجَانِبَـا

فَمَن يا ترَى أَعلَى الوَرَى كمحَمّـدٍ

وأرفَعهُم مَجـداً وَأَسْمَـى مَنَاقِبَـا

وَمَن مِثل مَن قادوا الخلافـةَ بعـده

وكانوا لِصرحِ العَـدلِ مِنهُ جَوَانِبَـا

ألَسنَا الألَى سادوا العِبـادَ ودَوَّخُـوا

البِلادَ وأبدَوا فِي الحُـرُوبِ عَجَائِبَـا

وقَصّرَ عن إِدرَاكِهم كـلُّ لاحِـقِ

غَداةَ امتَطوا ظِهرَ العُلـى والمَناكِبَـا

فَكَم دولَةٍ شدنـا وسُدنـا بِهمّـةٍ

أحَدّ مِنَ البِيـضِ الرّقـاقِ مضارِبَـا

وَكُنَّا قَديمـاً مثلـما اليـوم قومُنَـا

إِذا صُفّتِ الأقـوامُ نَعلـو المَناصِبَـا

فمـا رَوَتِ الأيـامُ من عَهـدِ آدمٍ

إِلَى اليَومِ عن شَعبٍ يفوق الأعارِبَـا

كَـذاكَ بَنَينَـا للعُلُـومِ مَعـاهِـداً

وَشدنا لأهلِ الأرضِ فِيـهَا مكاتِبَـا

وقد أخذَت عَنّا الشُّعـوبُ مَعارِفـاً

كَما أخَذت عَنَّـا قديـماً مَذاهِبَـا

وَنَحنُ الألَى فِي النّثرِ فاقـوا بَلاغَـةً

وأبدوا لَدى نَظمِ القَريـضِ غَرَائِبَـا

وسارَت بِنَا الأمثَالُ من فرطِ جودنا

فَكُنّا بُحُـوراً بِالنَّـدى وَسحائِبَـا

كذا قَد وَرَدنَا فِي الأصُولِ وعِندنـا

نُفُـوسٌ أبِيّـاتٌ تَنَـالُ المـآرِبَـا

بِموطِنِنَـا لَولا الَّذِي جَـلَّ عَرشُـهُ

لَفَاخَرَتِ الأرضُ السَّما والكواكِبَـا

جَنَى شَرفاً من فضلِ عيسى واحمـد

يَجُرّ عَلَـى هَـامِ الثّرَيّـا ذوَائِبَـا

مَطَالِـعُ أنـوَارٍ وَمَهبـطُ حِكمَـةٍ

وَآيـاتُ إِلـهَامٍ تَظَـلّ نَجَـائِبَـا

فَيَـا وَطَنِـي لا زلـتَ أوّلَ بُقعَـةٍ

من الأرضِ أبدَت للبَرَايـا عَجَائِبَـا

طَوَيـتَ من الآثـارِ ما لو نشرتَـهُ

لضاقت بِهِ الدُّنيَا حِجـىً ومَوَاهِبَـا

فَلا تَحسَبَنَّ القومَ شَـطّ مَزَارُهُـم

وَلا تَحسَبَنَّ البَحرَ أصبـحَ حاجِبَـا

جَذبَتَ قُلوبَ النَّـاس حَتَّى رَأيتهُـم

يَحُجّونَ أفوَاجاً فَحَسبـكَ جَاذِبَـا

وَحُرمَةِ عَهدٍ بَينَنَـا قَـد عهدتـها

وَعِزّةِ نَفـسٍ لا تَهَـابُ التّجارِبَـا

لأنتَ مَنيعٌ وَسـطَ مَن قد عرَفتهـم

يَصُـدّونَ بالأروَاحِ منـكَ النّوَائِبَـا

كماة لَقَد صاغـوا النفـوس أسِنّـةً

ومن عَزمِهم سَلّـوا قنـاً وقَوَاضِبَـا

وَحقِّـك يا حرّيـة قَـد عَشِقتُـها

وأنفَقتُ عمري فِي هَوَاها مُحارِبَـا

وسرِّ جَمـالٍ فِيـك هـامَ بِحبّـه

بنو الشرقِ إِجلالاً فَحَلّـوا المَغارِبَـا

وحسن انعِطافٍ منك يعذُبُ دونـهُ

عَذابٌ لَقَد أَمسَى عَلَى النَّاس واصِبَا

وَوَصف سَنَاءٍ لاحَ مِنـك حَسِبتـهُ

شِهاباً عَلى وَجـهِ البسيطَـةِ ثاقِبَـا

لأنتِ مُنَى الدَّنيَـا وغايـة سُؤلـها

وأفضَـلُ شيء قد رَأتـهُ مُنَاسِبَـا

فلا يُختَشى ظلـمٌ وأنـت عدالـةٌ

ولا ظُلَمٌ فالنّـورُ يَمحُـو الغَيَاهِبَـا

* رشيد أيوب

شاعر من ( سبكتنا ) لبنان