تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الوجهان القبيحان للحرب الدائرة في نهر البارد



FreeMuslim
06-09-2007, 01:21 PM
الوجهان القبيحان للحرب الدائرة في نهر البارد
07-6-2007
http://www.alasr.ws/images/asr-spacer.gif


بقلم د. بشير موسى نافع (http://www.alasr.ws/index.cfm?method=home.authors&authorsID=641)




ثمة جدل متصل حول حقيقة الحرب الشاملة (مدرعات، مدفعية، طائرات مروحية، وزوارق مسلحة)، التي يشنها الجيش اللبناني علي مخيم نهر البارد.

هل هذه معركة الجيش اللبناني فعلاً، أو هي معركة فئة سياسية؟ هل هي معركة للصالح الوطني اللبناني، أو هي معركة الحرب العالمية ضد الإرهاب؟ هل تنتهي بتعزيز السلم الأهلي اللبناني، وتساعد في الخروج من أزمته السياسية المتفاقمة، أو هي مقدمة لانفجار أمني وسياسي أوسع وأكثر تعقيداً؟ هل نحن إزاء حلقة أخري من حلقات التآمر السوري لزعزعة أمن لبنان، أو مظهر جديد من مظاهر التوسع القاعدي؟ هذه، وعدد آخر من الأسئلة، قد تتداعي إجاباتها الواحدة منها تلو الآخر خلال الأسابيع أو الأشهر القليلة القادمة، وقد تغرق، كما غرق الكثير من الأسئلة الهامة حول الراهن العربي والإسلامي، تحت الدخان الأسود الكثيف الذي بات يغطي سماء نهر البارد.

ولكن هناك وجهان لهذه المعركة المدمرة الدائرة في المخيم الهش، لا يحتاجان مزيداً من الانتظار لرؤية ملامحهما.

يتعلق الوجه الأول بالعنف الذي يسم هذه المعركة، والسرعة التي تطور بها القرار السياسي اللبناني للحسم العسكري، محاطاً بإجماع لبناني نادر. حتى القوى اللبنانية التي أعربت مبكراً عن قلقها تجاه معركة طويلة تدور رحاها في مخيم فلسطيني بائس للاجئين، سرعان ما خفت صوتها، والتزمت ما يعرف في لغة الفقهاء بالإجماع السكوتي.

لو أن ظاهرة فتح الإسلام برزت في جونيه أو النبطية أو طرابلس، هل كان الجيش اللبناني سيشن مثل هذه الحرب، بمثل هذا السلاح والعنف، وهل كانت الحكومة اللبنانية العتيدة ستأخذ قراراً، مثل القرار الذي يسمح للجيش بمواصلة هذه الحرب المدمرة، وهل كنا سنشهد مثل هذا الإجماع اللبناني النادر حول الحرب؟

هل كان مفتي الجمهورية ورئيس المجلس الشيعي والبطرك الماروني سيصمتون هذا الصمت المدوي، بينما معاش الآلاف وحياتهم، تتهددها المدفعية الثقيلة وقصف الطائرات والزوارق الحربية.

بغض النظر عن طرفيها، وحول ماذا تدور، ومتى وكيف ستنتهي، هذه حرب، بكل ما للحرب من معنى، وبكل ما تحمله الحرب من بشاعة، تجري في شوارع مخيم للاجئين، وسط أهله وبيوته وفي فضائه.

هل تعود الرأي العام العربي علي الموت إلي هذه الدرجة؟ هل تأسس المشهدان الفلسطيني والعراقي في ضميرنا الجمعي، ونحن نعايش الموت اليومي في شوارع غزة ورفح ونابلس وبعقوبة وبغداد، حتى أصبحنا أمة تستهل الموت؟ أم أن هناك ما يستدعي القلق في علاقة هذا الكل اللبناني بالوجود الفلسطيني؟

لبنان، بالطبع، عانى الكثير من وجود الدولة العبرية، أثر هذا الوجود علي جواره العربي، والحروب التوسعية المتلاحقة التي أطلقتها هذه الدولة. بل ربما تحمل لبنان نصيباً من أعباء الصراع العربي ـ الإسرائيلي أكبر من نصيب أية دولة عربية أخري.

وليس هناك من شك، أن لبنان قدم للعرب نموذجين كبيرين للصمود والانتصار خلال العقد الأخير، سواء في تحرير الجنوب سنة 2000م أو في رد عدوان الصيف الماضي. قد لا يكون هذان المثلان ثمرة جهود الكل اللبناني، ولكنهما ينتميان للبنان على أية حال.

هذا كله لا يجب أن يحجب حقيقة العلاقة المثقلة بين لبنان واللاجئين الفلسطينيين على أرضه. في لبنان، يعيش اللاجئون الفلسطينيون في ظل نظام فصل عنصري بكل المقاييس. خلال الخمسينيات والستينيات، نظرت الدولة اللبنانية، وأغلب القوى السياسية، للمخيمات باعتبارها خطراً أمنياً، يقع على رأس جدول اهتمامات المكتب الثاني.

وما إن استقرت قوى منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، وهي التي تورطت إلي رأسها في أوحال الانقسامات الطائفية والسياسية اللبنانية، ومن ثم في الحرب الأهلية، استبيحت حرمة الحياة الفلسطينية بالكامل. في لبنان وحده، دون كل الدول العربية المستضيفة للاجئين، يمنع الفلسطينيون من مزاولة زهاء السبعين مهنة، ويفرض عليهم الحياة في مخيمات معزولة ومحاصرة، هي في حال أسوأ بكثير من حال كانتونات الأفريقيين السود في جنوب إفريقيا العنصرية.

من غير العدل ولا الدقة التاريخية، تحميل اللبنانيين مسؤولية كل الكوارث التي أوقعت باللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ولكن من الصعب تجاهل حقيقة أنه في لبنان وحده، عاش اللاجئون تجارب في مثل بشاعة ما حدث لمخيم تل الزعتر، وصبرا وشاتيلا، ومن ثم حرب المخيمات. واليوم، يضاف إلي هذا السجل القبيح حرب مخيم نهر البارد.

فتح الإسلام هي بالتأكيد ليست تنظيماً فلسطينياً، ومهما كانت الأهداف المحركة لها، فإن أهدافها ليست أهداف الحركة الوطنية الفلسطينية. وفوق ذلك، فبإمكان حكومة الرئيس السنيورة أن تقول فعلاً أن أغلب التنظيمات الفلسطينية تؤيد قرار الحكومة اللبنانية.

ولكن انتهت هذه المعركة أو لم تنته، خرج لبنان والفلسطينيون منها بسلام وقليل من الجروح أو بثمن باهظ، فقد جاء الوقت لأن يسأل لبنان نفسه: لماذا تستبطن رؤيته للفلسطينيين كل هذه العنصرية، لماذا تستدعي علاقته بالفلسطينيين كل هذه الكوارث والآلام والبؤس، سيما وأن ادعاءات التوطين والإخلال بالتوازنات اللبنانية الطائفية لم تعد كافية لتسويغ هذه الكوارث والآلام والبؤس.

بيد أن ثمة وجهاً آخر لحرب نهر البارد، وجه يتعلق بفتح الإسلام وأخواتها، بالثقافة المؤسسة لهذه الظاهرة وبالنتائج الناجمة عنها.

بغض النظر عن اتهامات زعماء كتلة 14 آذار الحاكمة لسورية، فإن فتح الإسلام تنتمي لظاهرة أوسع وأكبر، أخذت تحقق خلال السنوات القليلة الماضية مزيداً من التوسع والنفوذ.

من العراق إلى السعودية، ومن الجزائر والمغرب، ومن لبنان إلي فلسطين، يعود العنف الداخلي من جديد ليطيح استقرار المنطقة العربية، يثير المزيد من التوتر بين علاقات القوي السياسية بعضها ببعض وبين التيار الإسلامي وأنظمة الحكم، ويعمق من الفجوة المتسعة بين شعوب هذه المنطقة من العالم والدول الغربية.

فتح الإسلام لا يمكن فصلها عن البروز المفاجئ لما يسمي بجند الإسلام في قطاع غزة، وقيامها باختطاف صحافي الـ بي بي سي منذ أسابيع، ولا عن جند الشام، التي تكرر اصطدام عناصرها بقوات الأمن اللبنانية والسورية، داخل مدينة دمشق وخارجها، ولا بما تقوم به أجنحة القاعدة في بلاد الرافدين، من عمليات تفجير لا تميز بين العراقيين والمحتلين، ومن هجمات على قوى المقاومة العراقية الأخرى، بعد أن استعدت قطاعات واسعة من العشائر، ولا عن الهجمات العبثية على قوات الأمن السعودية والعرب والأجانب المقيمين في المملكة، ولا عن التفجيرات في مقاهي الدار البيضاء، والصراع الدموي المستمر في الريف والجبل الجزائريين بين الجماعات المسلحة من ناحية وعناصر الأمن والجيش وبعض الأهالي من ناحية أخرى.

هذه العقلية المدمرة، التي تتوالد بوتيرة متسارعة في المجال العربي، تعيد أوضاع المنطقة إلي ما اعتقد كثيرون أنها تخلصت منه منذ نهاية التسعينات. لا تعبر هذه العقلية عن قاعدة جماهيرية واسعة، ولكنها تعكس قراءة إشكالية للإسلام، للتصاعد الهائل في درجة العنف والسيطرة والتحكم التي تسم علاقة الدولة بالمجتمع، والعودة السافرة للنموذج الإمبريالي إلي قلب المنطقة العربية والإسلامية.

ما يساعد هذه العقلية على البقاء، وما يوفر لها هامش التوسع والتفاقم، هو بالتأكيد بؤس الطبقة السياسية العربية وقصر نظرها، بفسادها، بتفريطها بالمصالح الوطنية، بارتباطاتها، غير المبررة أحياناً، بالقوى الخارجية، بتفاهة خطابها وعجزها عن التعبير عن الميراث التاريخي لشعوبها، تقف الطبقة السياسية العربية قاصرة عن التعامل مع خطاب قوى العنف الإسلامية الجديدة، حتى أكثر تعبيرات هذا الخطاب هشاشة.

ولا يقل قصور المؤسسة العلمائية عن قصور سادة الحكم والدولة. الهامش المتسع أمام هذه القوى والعقلية التي تحملها، صنعه التداعي المستمر في الشرعية السياسية العربية وفي المرجعية الإسلامية على السواء.

بيد أن ما تقوم به هذه المجموعات لا يمكن تبريره أو تسويغه بأي حال من الأحوال. جيل بأكمله من الشبان العرب يلتهمه أتون هذا العنف، بينما لا يعرف التاريخ الحديث حالة واحدة استطاع فيه العنف المسلح، ناهيك عن عنف يفتقد القاعدة الشعبية، إطاحة دولة حديثة تمتلك أدوات عنف منظمة.

كل ما نجحت فيه هذه المجموعات هو دفع حالة التشظي السياسي الداخلي إلى مستويات غير مسبوقة، وتعزيز سيطرة الدولة وتقديم المبرر لتجاوزات الدولة للقوانين وعسكرة المجتمع وتعاظم هيمنة الأجهزة الأمنية علي حياة الناس.

وحتى في المناطق التي تعاني من الاحتلال الأجنبي، ويتوفر المسوغ القانوني والوطني للمقاومة، فإن مجموعات العنف التابعة للقاعدة أو التي تتفرع عنها، تخلط ما هو مسوغ بما هو غير ذلك، ما هو وطني بما هو مخل بالمصالح الوطنية، وما هو حق إنساني، بما هو كفيل بخسارة التعاطف العالمي والإنساني.

ثمة غياب كلي في رؤية هذه المجموعات عن تاريخ وواقع وتعقيدات الساحات التي تنشط علي أرضها، بحيث تبدو غير قادرة عن إدراك المواريث التقليدية وغير التقليدية في هذه الساحات، سواء الطائفي والعشائري والاجتماعي، أو التوازنات الإقليمية والعالمية. فهل ثمة من مخرج من دائرة هذا الخطر، هل ثمة من وسيلة لمنعه علي الأقل من التفاقم؟

أحد الطرق التي يمكن بها التعامل مع هذه الظاهرة هو تركها تأخذ مجراها؛ أي باختصار النظر إليها باعتبارها موجة أخرى في سلسلة الموجات التي تطلقها هذه المنطقة، منذ أخذ إجماع مجتمعاتها في الانهيار، وفقدت شعوبها موقعها علي المسرح العالمي، وفتحت بلادها للتدخلات الأجنبية.

فلا داعي إذن لإثارة المخاوف، وليسمح لأجهزة الحكم معالجة الأزمات والحوادث الناجمة عن نشاطات هذه الجماعات، كما تعالج أي عصابة إجرامية.

آجلاً أو عاجلاً، ستدرك هذه العناصر حجم الشر الذي ترتكبه، وحجم الفشل الذي تواجهه. هذا الطريق هو الذي تريد القوي الحاكمة إتباعه، وهو الطريق الذي تريد للشعوب أن تؤمن بأنه الأصوب والأسلم.

هذا الطريق ليس هو الأصوب ولا الأسلم؛ كل ما في الأمر أنه الخيار الذي يعفي الدولة والطبقة الحاكمة عواقب جرائمها وتفريطها.
الطريق الأصوب والأسلم فعلاً هو أن تتحمل الدولة والطبقة الحاكمة مسؤولياتها في وضع نهاية لمسلسل العنف والتعذيب والقهر، أن تعيد بناء القرار الوطني وتضع حداً للتدخلات الأجنبية. وأن يتحمل المثقفون والعلماء وأهل الرأي مسؤولياتهم في التعامل مع هذه المجموعات باستقلالية عن أهل الحكم لا التبعية لهم، وبمصداقية المشاركة في الوطن، لا الرفض والعزل وإصدار الأحكام المسبقة.

من هناك
06-09-2007, 05:10 PM
شكراً لك اخي المسلم الحر على الموضوع


فيلم قصير يروي معاناة اهل نهر البارد من لبنانيين وفلسطينيين




http://www.youtube.com/v/SSoVtAIXR6Q

كلسينا
06-09-2007, 08:06 PM
ولكن هناك تعقيب على راي الكاتب الذي ابرزه بالأخير وهو وضع الحد للتدخلات الأجنبية بالسياسة وبناء القرار الوطني الصائب . هذا هو الحلم العربي . ولنكن واقعيين أخي الكريم بدولة أقوى واكبر واقدر من الدولة البنانية لم نرى هذا الأمر ولا تستطيعه أي دولة من دول المنطقة . ولبنان تحديداً هذا البلد الصغير المركب تركيب والموصل توصيل وبضعفه وقلة ثرواته وعدد سكانه . كيف يمكن أن تصنع هذا الحلم؟بلد منذ تركيبه الأول وهو قائم على النزاعات الداخلية لكثرة التعددية الطائفية والفئوية والمذهبية فيه . ونهوض طرف بدعم خارجي على حساب الأطراف الأخرى ، وكل مرة تتغير البوصلة ويتغير الطرف ويستمر الصراع . فهذه النظريات الأفلطونية على الأرض مستحيلة ، وليجرب صاحبنا الكاتب النزول بالشارع ليرى حقيقة مافيه وليعطينا النظرية ونقطة الإنطلاق وسيجدنا خلفه بالواقع وليس بالحلم الموهوم والمبهم البداية والنهاية