تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : على شفا تشييع بغداد .. العرب السنة ... بين الدور القادم ومتغيرات الساحة



FreeMuslim
06-09-2007, 01:16 PM
على شفا تشييع بغداد .. العرب السنة ... بين الدور القادم ومتغيرات الساحة
07-6-2007
همام عارف / بغداد
http://www.alasr.ws/images/asr-spacer.gif






بعد أربع سنين عجاف، أُهلك فيها الحرث والنسل، وعاث فيها الأميركان والصفويون في رحاب العراق وبغداد العرب والإسلام فساداً .. في حرب مجنونة لم يعلموا أنها بداية طريق انتحارهم، الذي شحذوا فيه سكاكين غدرهم..

بعد أربع سنوات من عمر الصراع .. وجد سُنة العراق أنفسهم يقفون أمام واقع قد تغيرت ملامحه، بعد انكشاف المشاريع وسقوط ورقة التوت عن الجميع..

* أهل السُنة .. العملية السياسية .. والأمل المتبدد:

بعد عام من الظلم والقهر على أيدي رجال المرجعية السوداء، ومن خلال الأداء الحكومي الطائفي للجعفري وأركان حكومته، وأبرزهم صولاغ سفاك الدماء، وجد سُنة العراق مبرراً حقيقياً لدخولهم العملية السياسية ومشروع الانتخابات والدستور، ظناً منهم أن الفرصة أصبحت مناسبة للعب دور في إيقاف حمامات دمهم المستباح، ولكن الواقع عاكس الطموح ..

فقد أثبتت الأيام عجز ممثليهم في جبهة التوافق وجبهة الحوار وغيرهم من أن يقدموا شيئاً حقيقياً، يخفف من وطأت الواقع المرير الذي يعيشونه، وهذا العجز إنما هو نتيجة طبيعية لعدم امتلاكهم لعناصر القوة .. لا في الميدان من خلال عدم استنادهم لقوة المقاومة الفاعلة على الأرض، وعدم وجود نفوذ حقيقي لهم داخل مؤسسات الحكومة وأجهزتها الأمنية، التي تكاد تكون منغلقة تماماًَ على الشيعة في الوسط والجنوب والكرد في الشمال، وبالتالي غدت هذه الكيانات السياسية لا تملك سوى الكلام والوعود والتهديدات بين الحين والآخر، وكانت لغة تعامل المالكي معهم بارعة.

فكلما وصلت الأمور إلى طريق مسدود، تتوعد عندها جبهة التوافق بالانسحاب وترك الحكومة، وهو ما يهدد بسقوطها وسحب الشرعية منها، يتدارك المالكي الموقف، وينحنون مؤقتا أمام العاصفة، ويمنحون كماً من التعهدات، التي تذهب بجذوة حماسة جبهة التوافق، وبالتالي تبطل عزمها بالانسحاب، وتمنح بذلك عمراً إضافياً لحكومة المالكي الآيلة للسقوط .. وتعمق الهوة بين جبهة التوافق والشارع السني، الذي يرزح تحت ظلم الاحتلال والمليشيات والحكومة و(تنظيم القاعدة).

* البيت الشيعي ... التصدع والتغيير:

وفي هذه المرحلة، بدأت بوادر تصدع الائتلاف الشيعي الموحد، وذلك بانسحاب حزب الفضيلة ومن ثم لحاق التيار الصدري به، في محاولة لهذا التيار المتطرف تلميع صورته وبروزه بالمظهر الوطني، ولكن انسحابه جاء بعد فشل ذريع في إدارة الوزارات التي أسندت إليه، والتي تم تحويلها لمقرات ومعتقلات ونقاط انطلاق لميليشيات (جيش المهدي) وفرق موتها.

ورغم انسحابه من الائتلاف، فإن (حزب الفضيلة) لم يرض أن يغرد خارج سرب البيت الشيعي، فأعلن أكثر من مرة رفضه الانضمام لأي تحالف خارج هذا البيت، في محاولة لعدم إضعافه للصف الشيعي ... كما تجلت المرحلة عن صورة من التبعية المطلقة للتيار الصدري وذراعه العسكري مليشيات (جيش المهدي) للجانب الإيراني، وتسليمه زمام قيادة مليشيات لفيلق القدس الإيراني، الذي نجح في تحقيق جزء كبير من أجندته بحراب (جيش المهدي ) ..

وقد حاول المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، وذراعه العسكري فيلق بدر، في هذه المرحلة أن يحقق مكاسب جديدة، وطرح نفسه ممثلا للشيعة في أي تحالف وطني أو جبهة وطنية جديدة تضم تلاوين الطيف العراقي، وحاول مرات عديدة تسويق نفسه لدى الإدارة الأميركية، ليكون الطرف الأقوى في هذا التحالف في حال تشكله ...

وعلى صعيد فيلق بدر، فقد كُللت مساعيه الحثيثة لاختراق الأجهزة الأمنية وضرب جذوره بعيداً فيها، بالنجاح، في وقت تتعالى فيه المطالب بتطهير الأجهزة الأمنية من المليشيات، وفي ذات الوقت بقي حزب الدعوة والمالكي يلعبان بالبيضة والحجر، لإيجاد موازنة بين المطالب الأميركية والأجندة الشيعية الإيرانية.

* المليشيات وقضم المناطق:

بعد أكثر من شهرين من بداية الخطة الأمنية التي أطلقها المالكي ومن خلفه الإدارة الأميركية، والتي كانت نتائجها هدوء نسبي لفترة وجيزة من الزمن، قللت المليشيات من هجماتها وحدت من حركتها التوسعية، يبدو أن تفاهما مسبقا تم بين المالكي والتيار الصدري، الذي أوصله إلى سدة الحكم، كما راج الحديث يومها عن توصيات من المالكي لرموز هذا التيار، بالتواري عن الأنظار في إيران وغيرها، كي لا تطالهم الملاحقة، وهو ما تم فعلاً ..

حتى إن (مقتدى الصدر) نفسه ذهب إلى إيران وبقى فيها لمدة أكثر من شهرين، ولم يرجع إلا قبيل المؤتمر والمباحثات الإيرانية ـ الأميركية، والتي يُرجح أن ضمان سلامة مقتدى هي إحدى الشروط الإيرانية لعقدها.

اتسمت الفترة التي أعقبت منتصف شهر آيار، بعودة النشاط الملحوظ للمليشيات وبشدة وإصرار، حيث عادت سياسة قضم المناطق السنية بجانب الكرخ من قبل المليشيات، وبغطاء وإسناد من الأجهزة الأمنية للدولة، إذ إن هناك خطة موضوعة لابتلاع المناطق السنية، والسير بأكثر من اتجاه عبر الجنوب الشرقي، فالجنوب .. ثم الجنوب الغربي لبغداد من جهة .. وعبر الشرق .. فالشمال الشرقي ... وشمالا وباتجاه الشمال الغربي .. لتقطيع المناطق السنية وحصرها بين كماشات شيعية، لخنق بغداد وتشييعها ..

وفعلاً استطاعت تلك المليشيات الصائدة من إسقاط أحياء جديدة في جانب الكرخ، ومن أهمها إستراتيجياً: حي الإعلام وحي الشباب ومناطق الرسالة والشرطة، والسير باتجاه البياع الثانية، وإحكام السيطرة على حي العامل، الذي لم يبق منه إلا حياً صغيراً جداً يتمركز فيه أهل السنة ....

كما بدأت الهجمات على السيدية، لضمها إلى الكتلة الشيعية الجديدة، ومحاولة الضغط على بعض الأحياء السنية والمختلطة في حي الجهاد ... وإحكام السيطرة على الجانب الأيمن لطريق مطار بغداد الدولي، وجعل هذه المناطق نقطة انطلاقة جديدة للاستحواذ على الجانب الأيسر لشارع المطار (العامرية والسفارات والقادسية والداخلية) ...

وكذلك الضغط على منطقة الفضل وشارع حيفا والصليخ وحي تونس، بإسناد الأجهزة الحكومية الداعمة لهذه المليشيات ... وبالتالي فإن الخطة الأمنية لم تتقاطع مع أهداف الميليشيات وخططها ... كما أن ظاهرة الجثث المجهولة الهوية عادت للظهور وبقوة خلال الشهريين الماضيين، فوصل عدد قتلى المدنيين في شهر آيار الماضي إلى أكثر من 2000 قتيلا في بغداد وحدها، وهو ما يمثل زيادة بنسبة الثلث عن شهر نيسان 2007م.

* هيئة العلماء ... من الدين إلى السياسة:

لم يدم التأييد الذي حظيت به هيئة علماء المسلمين طويلاً، خاصة بعد تلاشي ثورة المشاعر المؤيدة لها، والتي نجحت الهيئة في توظيفها لحشد الدعم لها في بداية الأحداث، وتغير النظرة الشعبية السنية للهيئة، راجع لأسباب عدة، منها:

1 ـ المواقف التي تبنتها الهيئة والتي صورتها للوهلة الأولى على أنها آراء واجتهادات شرعية، ولكنها فيما بعد اعتبرت مواقفها تلك، آراء واجتهادات سياسية، حيث بدلت الهيئة مواقفها في مرات كثيرة، وأعلنت على لسان أمينها العام والناطق باسمها، أنها هيئة شرعية سياسية بعد أن كانت شرعية أيام تأسيسها، وبعدها ابتعدت عن الجانب الشرعي، الذي لم توغل فيه كثيراً، لتغرق نفسها في اجتهادات سياسية خالفت معطيات الواقع وحقائق، أدت إلى خسارة أهل السُنة حتى لضروريات وأساسيات الدين والحياة: حفظ النفس والدين والعقل والمال والنسل، من خلال تركها للأجهزة الأمنية لأصحاب المشروع الصفوي الاستئصالي، الذي لم يتورع عن ممارسة أبشع أساليب الإبادة ضد العرب السنة.

وعندها وجد العرب السنة أنفسهم أمام أخطاء جمة ساقتهم إليها الهيئة، التي صورتها لهم على أنها مواقف شرعية، بينما تنصلت عنها فيما بعد، لتعلن أن مواقفها كانت اجتهادية.

2ـ إن المشايخ والعلماء والدعاة وطلاب العلم ابتعدوا عن الأشخاص الذين حاولوا فرض أنفسهم كقيادة للهيئة من غير توفر مؤهلات القيادة فيهم، بالإضافة إلى حصر تلك القيادة في دائرة صغيرة من الأشخاص، الذين يؤيدون نفس التوجه .. حتى إنهم انقلبوا على النظام الشوري في اتخاذ القرار والانتخابات، والذي وثق في النظام الداخلي للهيئة .. وأدى ذلك إلى خروج شخصيات بارزة من الهيئة، واتخاذ مواقف مخالفة لها.

3ـ إن غياب الرموز التي تمسكت بإدارة الهيئة عن الساحة، وسكنهم خارج العراق، أدى إلى إثارة مشاعر العرب السنة، الذين بقوا مرابطين في بغداد لوقف المشروع الصفوي الصليبي، حتى إنهم باتوا يتساءلون: أين تضحية أولئك الساكنين في عواصم الدول الأخرى؟ وأين تلك التصريحات النارية والمواقف المتصلبة التي دفع العرب السنة ثمنها؟

4 ـ إن دعم الهيئة للتيار الصدري ولجيش المهدي لفترة طويلة من الزمن، وتلميع صورته، حتى بعد أحداث سامراء، واعتباره تياراً وطنياً ومقاوماً، في حين كان مشاركاً في حكومة الجعفري بصوره خافية، ثم بصورة معلنة في حكومة المالكي، زاد من الهوة بينها وبين جمهور أهل السنة، وقلل من رصيدها الشعبي، ففي نفس الوقت الذي كانت فيه الميليشيات تلك تعيث فساداً في المناطق السنية، كانت الهيئة تتجنب الطعن في هذا التيار، وتنأى عن اتهامه بتلك الجرائم إلى حد قريب جداً من الزمن، حيث حاولت تصحيح مسارها وتبديل موقفها هذا، بعدما بانت عورة التيار الصدري للجميع.

5 ـ عدم واقعية الهيئة في التعاطي مع المشكلة العراقية وتوصيفها للوضع الصحيح، حيث أصر أمينها العام والشخصيات الموالية له، على أن الصراع في العراق هو صراع سياسي بحت وليس طائفيا، وهو ما يخالف الواقع، ويثير حفيظة السنة الذين يقتلون على الهوية، وتهدم مساجدهم باسم المذهب والطائفة.

6. ضعف الهيئة وخجلها من تبني بعض المواقف التي تؤمن بها تجنباً لردة الفعل الجماهيري وتداعياته، والتي قد تخدش صورتها، وبالتالي ترك السنة في حيرة من أمرهم في الكثير من الأحيان، وإضعاف حقهم (للمزيد اقرأ مقال الشيخ الدكتور محمد عياش: "هيئة علماء المسلمين والوقف السني ... وأشياء في الذاكرة" على موقع الجزيرة توك "http://www.aljazeeratalk.net/portal/content/view/953/1/".

* (دولة العراق الإسلامية) .. المشروع المريب:

ما يسمى بـ(دولة العراق الإسلامية) هو الاسم الذي أطلقه (تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين) على دولته المزعومة، التي يريدها أن تكون ثمرة مشروعه الذي يقاتل من أجله، ولكن ثمة غايات أخرى تقف خلف هذا المشروع، الذي تنظر له الفصائل الجهادية العراقية بعين الريبة، خصوصاَ بعد الشبهات التي أحاطت أداء (تنظيم القاعدة)، ولكن ثمة نقاط يجب الوقوف عندها ومنها :

1ـ إن من بين العناصر المنخرطة في (تنظيم القاعدة) أشخاص لا نشك في صدقهم وورعهم واستعدادهم للتضحية وبذل ما يملكون من أجل إعلاء كلمة الله تعالى، ولكنهم كانوا جزءاً من تنظيم له بعض الخطط المشبوهة، بسبب الاختراقات المخابراتية والأجندات الخارجية.

2ـ لاشك أن هناك مصلحة مشتركة بين التنظيم مع إيران، فطهران من مصلحتها أن يتعطل الأميركان في العراق وتستنزف قواهم، كي لا تتاح لهم الفرصة بالتوجه إليهم بعد العراق، وكسب عامل الوقت هو أكثر ما تحتاجه إيران حالياً، ليكتمل برنامجها النووي، وبالتالي اصطفافها ضمن الدول الكبرى القوية.

3 ـ وهذا "القرب" من إيران، سهل اختراق التنظيم بأجندة تصب في غايتها النهائية في خدمة المشروع الشيعي، وخصوصاً استخدام القوة في منع السنة من الاشتراك بالعملية السياسية وقتل من ينخرط منهم في الأجهزة الأمنية والجيش ودوائر الدولة والمجالس البلدية، مما أفرغ تلك الأجهزة والمؤسسات من أهل السنة وجعلها شيعية بحتة، وغدا أهل السُنة يعيشون تحت وطأت الظلم والقهر والإبادة الطائفية، فخدمت (القاعدة) المشروع الشيعي الصفوي المدعوم من إيران، من حيث لا تشعر.

4 ـ بعض عمليات (تنظيم القاعدة)، كانت مبررا للمليشيات والأجهزة الحكومية لتهجير السنة من مناطقهم، وإفراغها وتحويلها من مناطق مختلطة إلى مناطق شيعية، وذلك بتوفير المسوغ لردود فعل عنيفة، وبالتالي فإن المناطق المختلطة، التي اختطفها التشيع، كانت تسبقها أعمال عنف تقوم بها (القاعدة)، وعند ردة الفعل الشيعية، يغيب (التنظيم)، ليواجه الناس مصيرهم من التهجير والقتل.

5 ـ إن (دولة العراق الإسلامية) كيان لا يملك مبررات إقامته، فالدول تقوم على أرض محررة، وتملك مقومات الإقامة، أما ما يعرف بـ(دولة العراق الإسلامية)، فلا تملك كيلومتراً من الأرض محرراً، والطريف أن من يدعون أنهم جنود وقادة الدولة الإسلامية، يفرون حال مرور قوات الاحتلال في أحيائهم، ويحملون هويات الحكومة العراقية ليمروا من حواجز الأجهزة الأمنية..

6ـ بدأ (تنظيم القاعدة) بتوزيع أحكام الردة بالجملة على العشائر والمناطق السنية، واستهدفها بالسيارات المفخخة وتفجير صهاريج الكلور والقصف بالهاونات، كما حدث في (عامرية الفلوجة والرمادي والفلوجة) وبعض مناطق (محافظة الأنبار) الأخرى، كما قام باستهداف عدد كبير جداً من شيوخ المساجد وروادها وضباط الجيش السابقين وأساتذة الجامعة والمؤسسات.

شهدت الفترة الأخيرة، ظهور الصور الواضحة لـ(تنظيم القاعدة)، وتكشفت النوايا وبانت الغايات من إعلان دولتهم .. ولعل من بين أبرزها:

1ـ إن الهدف الخطير لإعلان (دولة العراق الإسلامية) هو إرباك المقاومة الإسلامية العراقية، وتحجيم عملها ودورها ... لأن معنى الدولة المعلنة من قبل التنظيم، يقضي أن تبايعها جميع الفصائل وتلقي سلاحها، ولا تحمله إلا بعد مبايعتها إياها، والعمل تحت لوائها وبأجندتها وتحت إمرتها وقيادتها، وبالتالي تُحل جميع الفصائل وتنضوي تحت إمرة قيادة (تنظيم القاعدة).


2ـ إن (دولة العراق الإسلامية) أرغمت بقية الفصائل على المبايعة، وفي حالة رفضها ذلك، فإنها تعتبر خارجة عن إرادة (الدولة الإسلامية) ومتمردة عليها !! وبالتالي من حق (الدولة الإسلامية) محاربتها شرعاً .. وهذا أدى لتفجير صراعات عديدة مع أغلب فصائل المقاومة الإسلامية العراقية .

3ـ شهدت الفترة الأخيرة تصعيداً ضد فصائل المقاومة، حيث تفجر الوضع وحصل اقتتال لمرات عدة، مما دعا فصائل المقاومة إلى توجيه نداءات لـ(تنظيم القاعدة) لوقف سياسته هذه، ومن أشهرها موقف الجيش الإسلامي في العراق، الذي وجه نداء (لأسامة بن لادن) و(لقيادة القاعدة)، بالتدخل لوقف تجاوزات القاعدة على الفصائل الجهادية العراقية.

إن حوادث القتل التي ارتكبتها (القاعدة) ضد الفصائل الجهادية كثيرة .. أبرزها الاقتتال مع الجيش الإسلامي في مناطق (العامرية والجامعة والغزالية) ومناطق (جنوب بغداد وشمالها) .. واقتتال آخر لفترة طويلة مع كتائب ثورة العشرين في مناطق (أبو غريب) ومع جيش المجاهدين وكتائب صلاح الدين الأيوبي في مناطق (عرب جبور) .. حيث قتل التنظيم اثنا عشر قيادياً من جيش المجاهدين في يوم واحد فقط، كما أعلنت ذلك جبهة الجهاد والإصلاح في بيان لها.

* المقاومة العراقية .. التوحد والأداء:

إن قناعات ومواقف ورؤى الفصائل العراقية بدأت تتبلور وتأخذ شكلاً جديداً، قد يكون له وزنه في رسم مستقبل العراق، ويمكن إجماله في ما يلي:

1. بدأ الشارع العراقي والعربي والقوى الفاعلة على الساحة العراقية والأطراف المعنية بالملف العراقي، يميز بين الفصائل الجهادية العراقية المختلطة وبين المجاميع والمنظمات المسلحة الأخرى ذات الأجندات المشبوهة، هذا التميز جاء من خلال الأداء المشرف للمقاومة العراقية.

2. إن فصائل المقاومة الرئيسة بدأت تتبلور بثلاث تيارات أساسية، حيث شهدت بينها اندماجات وتحالفات أبرزها:

ـ اندماج بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس العراق)، وهي الجزء الذي انفصل من كتائب ثورة العشرين، والجبهة الإسلامية للمقاومة العراقية (جامع) وجناحها العسكري كتائب صلاح الدين الأيوبي، وهذا التيار يمثل فكر الإخوان المسلمين.

ـ بعد فترة قصيرة من اندماج حماس العراق وجامع .. أعلنت جبهة جديدة باسم (جبهة الجهاد والإصلاح) تضم الجيش الإسلامي وجيش المجاهدين وكتائب الهيئة الشرعية لأنصار السنة .. ولحقهم فيما بعد جيش الفاتحين، ليشكلوا بذلك التيار الجهادي السلفي المعتدل.

ـ وجود أنباء عن عملية اتحاد مؤملة بين كتائب ثورة العشرين (فيلق الجهاد الإسلامي) وجيش الراشدين في كتلة واحدة، تمثل التيار الإسلامي الوطني العام.

3. تزايد وتيرة المقاومة العراقية لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ عام 24م، حيث اعتبر شهر آيار 27م، ثالث أكثر الشهور دموية بالنسبة للجيش الأميركي .. فبلغ قتلاه حسب الإعلان الرسمي الأميركي 122 قتيلاً.

4. من المؤمل أن تنضوي الفصائل الجهادية العراقية، بتياراتها الثلاثة، في تجمع واحد وتطرح مشروعاً موحداً للتعامل مع القضية العراقية، وتضع البرامج والخطط لانتشال العراق من الواقع المرير الذي يعيشه، وربما سيرى الشارع العراقي والعالم ذلك قريباً.

5. من العقبات التي بدأت تتنامى في المناطق السنية، ما يسمى بـ(مجلس إنقاذ الأنبار) والتجمعات المشابهة له في بعض المحافظات، والمدعومة من قبل الحكومة والقوات الأميركية، حيث بدأت تلك المجالس بمحاربة (تنظيم القاعدة) في بادئ الأمر ونفت استهدافها لغيرهم، ولكنها بدأت توسع من دائرة استهدافها، لتشمل الفصائل الجهادية العراقية.

* المأزق الأميركي والبحث عن مخرج:

بعد الحرب الضارية التي خاضت المقاومة العراقية الباسلة فصولها ضد قوات الاحتلال الأميركي والمتحالفين معه، ترنحت الترسانة الأميركية أمام ضربات أسود المقاومة في الميدان، ووصلت آثارها إلى عقر البيت الأبيض والكونغرس ومجلس النواب، وكان من نتائجها الإطاحة بالجمهوريين أمام الديمقراطيين في الانتخابات التشريعية، ويمكن إجمال المواقف الأميركي في العراق على النحو التالي:

1. أصبحت الإدارة الأميركية متيقنة من عجز حكومة المالكي من إخراج البلد من دوامة الفوضى والخراب، ولكنها لم تجد لهذه اللحظة بديلاً عنها.

2. حاولت الإدارة الأميركية إدخال تعديلات على طاقمها القيادي في العراق، بشقيه السياسي والعسكري، حيث تم استبدال سفيرها (زلماي خليل زاد) بـ(رايان كروكر) ... والأخير هو أحد أهم مساعدي الحاكم المدني السابق بول بريمير، وقيل وقتها إنه ترك العمل ضمن سلطة الائتلاف المؤقتة، لرفض بريمر إعطاء دور أوسع للعرب السنة في الحياة السياسية العراقية.

أما عن الجانب العسكري، فقد تم استبدال القائد السابق بقائد جديد، كان تصريحه الأول: "إن الحل في العراق ليس حلاً عسكرياً، إنما هو حل سياسي، وإن القوة العسكرية هي جزء ساند للحل".. وهو من المؤيدين لإعطاء دور أكبر للعرب السنة كجزء من الحل .. وربما يفهم من هذين التغييرين، أن الإدارة الأميركية باتت تعتقد بأن للعرب السنة دورا فاعلا في صياغة الحل للمشكلة العراقية وإدارة التغيير.

3. روج الأميركيان في الفترة الأخيرة، لمفهوم التفريق بين المقاومة المشروعة والإرهاب، ودعوا للتفاهم مع أطرافه ، أو هو ما أشار إليه كل من (زادة) و(كروكر)... وهو ما ينم عن تبلور قناعة أميركية، بضرورة الجلوس للتفاوض مع فصائل المقاومة.

4. محاولة الأمريكان توجيه رسائل للمقاومة العراقية عبر طرق غير مباشرة ومن خلال وسطاء تدعوهم للتحاور والتفاوض، ولم ترد المقاومة على ذلك إلى الآن ولم تجلس معهم، مما زاد من صعوبة الموقف الأميركي وتعتقده.

5. حاولت الإدارة الأميركية على امتداد هذه الفترة، إقناع جبهة التوافق بالاستمرار بالحكومة وعدم الانسحاب منها، خشية إسقاطها، وتدخلت بين فترة وأخرى وحاولت الضغط على الحكومة شكلياً لإصدار وعود وتطمينات لجبهة التوافق، كي تضمن استمرارها بالمشاركة في الحكومة، وهذه من نقاط ضعف جبهة التوافق الخطيرة.

* خطوات لابد منها:

إذا كان قياديو أهل السُنة في العراق جادين في الخروج من الأزمة التي يعيشون فيها، والتي هي مخرج للعراق برمته، فعليهم بخطوات عملية حقيقية قبل فوات الأوان وضياع الفرصة الأخيرة .. ومن ذلك:

1. على التيارات الثلاثة للمقاومة العراقية الإسراع بالتوحد في الرؤى والأداء من خلال الانضواء تحت تكتل واحد، يمثل طرفا حقيقاً وفاعلاً في رسم مشروع الخلاص.

2. على الأطراف السياسية السنية، وخصوصاً جبهة التوافق وبالذات الحزب الإسلامي العراقي، الانسحاب من الحكومة لإضعافها وإسقاطها، والعمل على بناء تحالف وشراكة إستراتيجية مع فصائل المقاومة العراقية، وتكتلها المؤمل إنشاؤه، وألا يغردوا بعيداً عن الصف، وإلا خسروا مكانهم في الصورة والتركيبة القادمة لخارطة القوى السنية.

3. إن التحالف السني الجديد لابد أن يكون جزءاً فاعلاً في المشروع البديل لإنقاذ العراق، من خلال التحالف مع القوى العراقية الأخرى ضمن شراكة حقيقية.

4. حث الأطراف والقوى الوطنية الأخرى من ألوان الطيف العراقي على تشكيل تحالفات داخلية، من الممكن أن تكون أطراف الشراكة في مشروع الإنقاذ البديل ..

* ثَمّ كلمة أخيرة نقولها:

إن ما تقدم هو عرض واقعي لطبيعة وشكل الساحة السنية .. وتقييم موضوعي لوزن وأداء تلاوين الطيف السني.. وتحليل يستند إلى معرفة وقرب من مختلف مكونات الفسيفساء السنية العراقية .. في محاولة لإعطاء القارئ صورة تبتعد عن زوايا الرؤيا الفئوية أو الحزبية الضيقة .. من أجل إنضاج مشروع الإنقاذ السني ..

كما أننا نود القول:
إن سنة العراق لو عجزوا ـ لا سمح الله ـ عن إيقاف مشروع تشييع بغداد، فإنهم لاشك سيلعنون كل من انبرى وزعم قيادتهم على كافة الأصعدة، ثم قصَّر في أمانة حفظ بغداد، وسينبري يومها من يبني جيلاً ـ ولو من الشتات ليفتح بغداد .. ويعيد لعاصمة الرشيد رونقها .. إن فُقِد