تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اسمـــي 113



chidichidi
06-01-2007, 07:35 PM
اليوم الأول
هذا القبر بارد.. بارد و مظلم
لا تزال جراحي تنزف على المعدن البارد , لكني لا أشعر بالألم على الإطلاق..
ربما لأن المعدن البارد يلاصق جسدي العاري, أو ربما لأنني مذهول أكثر من قدرتي على الألم
لماذا أتوا بي هنا؟
إن ما أذكره أنني ذهبت لأصلي الفجر في المسجد المجاور لمنزلي, لكنني حين خرجت من المسجد شعرت بمن يضع ذلك الكيس القماشي الأسود على رأسي, بينما ثان يكبّل حركتي بقوة لا تجدي معها مقاومة, و ثالث يحملني حملاً ليلقي بي في البوكس, لأسقط على آخرين مكبلين يصرخون صرخات مكتومة.. ثم سقط أخرون فوقي
حدث هذا في لحظة فلم أشعر إلا و بالبوكس وقد تحرك, بينما صرخاتي المكتومة تمتزج بصرخات من معي لتحدث طنينً غير مفهومًا , بينما التزم مختطفينا الصمت التام كأنهم ملائكة الموت يؤدون مهمتم الأبدية
المشكلة أن هذا القبر لا يسمح لي بالحركة
ضيق أكثر مما ينبغي, و بارد كأنه ثلاجة صغيرة
لقد ظننت أم جسدي سيبعث ببعض الدفء في المعدن البارد , لكن العكس يحدث الآن.. سأتجمد في هذا القبر بعد قليل
أذكر أن جسدي المتكوم أسفل وفوق أجساد الباقين ظلّ يترجرج ساعات طويلة, قبل أن يتوقف البوكس أخيرًا لنسمع الأصوات المعدنية لمؤخرة البوكس إذ يفتحه أحد مختطفينا, ثم شعرت بالثقل من فوق يقل تدريجيًا , لأفهم أنهم يحملوننا خارج البوكس إلا حيث لا يعلم أين إلا الله
كل هذا كان يتم بصمت و ثقة, حتى بدأت أصوات ترتفع.. أصوات من كانوا في البوكس
وهذه المرة لم تكن صرخاتهم مكتومة
لكنني الآن أريد أن أنام
الألم.. البرودة.. السهر.. الصدمة.. الدماء التي فقدتها
أريد أنا أنااااااااااااااااااااااااااام
آه.. اسمي هو: عادل رمزي
********
اليوم الثاني
لا يزال المعدن باردًا
إنهم يحافظون على برودة هذه القبور المعدنية بوسيلة ما, و لا بد أنهم عباقرة, فهم يتحكمون في درجة البرودة ببراعة تضمن لهم أننا لن نهلك.. لكنني لا زلت لا أفهم سبب وجودي هنا
ثم إن البرودة لا تناسب مثانتي الممتلئة.. لقد ناديت عليهم لساعات ليأخذونني إلى دورة المياه, دون أن يجيب أحدهم.. حتى أنا لم أسمع صوتي واضحًا
منذ أن خرجت من البوكس محمولاً كالباقين, ليلقي بي حاملي بين يدي لجنة الإستقبال, حيث ما يحدث يسمونه: رزق.. البعض رزقهم أن تهوي الهروات المعدنية على ضلوعهم, و البعض على أطرافهم , و البعض على وجوههم, لكن المحظوظين وحدهم هم من يتلقون الضربات على رؤوسهم, فهؤلاء لن يستمروا طويلاً.. على قيد الحياة
اسمي هو: عادل رمزي
لو كان تحريك ذراعي متاحًا, لحفرت اسمي بأظافري على المعدن البارد كيلا أنساه.. عادل رمزي.. عادل رمزي ولا شيء سواه
بعد الإستقبال ألقوا بنا في أحد الغرف , نلملم جراحنا ذاهلين و سؤال واحد يلهب رؤوسنا: لماذا؟
الطبيعي أن تتساءل أين أنا؟ أو.. ما الذي يحدث؟.. لكن إذا واجهت ما واجته, ستجد أن: لماذا؟ هو السؤال الأهم
بعد هذا نزوعوا الأقنعة السوداء من على رؤوسنا
و رأينا الـ.. الـ
********
اليوم الثالث
كما توقعت أصبت بالحمى.. إن جسدي يرتعش وكأنما أوصل أحدهم تيارًا كهربيًا بقبري المعدني, و أصبحت أعجز عن التنفس دون سعال.. و إن كنت تتساءل عن مثانتني فلن تروق لك الإجابة أبدًا.. الرائحة هنا لم تعد تطاق
اسمي هو: عادل رمزي.. لن أنساه مهما فعلوا
حين نزعوا الأقنعة من على وجوهنا رأيت القاعة التي جمعونا فيها, و رأيت آثار من سبقونا هنا لتسيل دموعي هلعًا على الفور.. ما الذي يفعلونه؟.. ما الذي يفعلونه؟
لا توجد كلمات لوصف ما حدث لنا.. لا يوجد سوى السؤال الوحيد: لماذا؟
إنهم لم يستجوبوننا حتى.. فقط حين انتهوا منحوا كل واحد منا رقمًا.. رقمي هو 113.. لكنهم أخبروني أنه سيكون اسمي الذي لو نسيته سوف يساعدونني على حفظه
اسمي هو 113 ..لا.. اسمي هو عادل رمزي ولن أنساه.. ولن أنسى رقمي كذلك
لكن ما الذي يريدونه مني؟!.. أنا لم أفعل شيئًا.. أنا فقط ذهبت لأصلي الفجر
إنهم يقولون أنني أعرف ما الذي فعلته, لكنني وأقسم بالله العظيم على هذا- لا أعرف
إنهم يقولون لي: أنت تعرف يا 113, لكنني أقسم أنني: عادل رمزي البريء.. لم أفعل شيئًا أبدًا أبدًا أبدًا أبدًا
إنني لا أشعر بساقيّ.. لا أشعر بالـ
لا ..
********
اليوم الرابع
لابد أنهم أخرجوني من هنا حين كنت فاقدًا للوعي , فأنا أشعر بمذاق سكري حول فمي ..ألم أقل لك أنهم عباقرة ولا يريدون لي أن أهلك هنا
لقد كفت جراحي عن النزف لأن دمائي تجمدت, ولم أعد أعرف في أي يوم نحن.. لم يعد هذا يهم في الواقع
إنني الآن على إستعداد لأعترف بأي شيء يريدونه.. فقط فليوجهوا لي اتهامًا و سيروا كمّ تعاوني مهما كانت التهمة
نعم.. أنا قتلت وسرقت وزنيت و اختلست ونصبت وقذفت وهربت واعتديت وظلمت وتعدّيت واختطفت وحرقت.. فقط أخرجوني من هنا
أنا: عادل 113 رمزي..الذي أستحق الإعدام
أعدموني لكن أخرجوني من هنا
أخرجوني و لن أصلي الفجر أبدًا.. بل لن أصلي على الإطلاق.. سأصلي فقط حين يأذنون لي.. أو لا.. لا داعي لأن يرهقوا أنفسهم.. ليخرجوني من هنا و سأقبع غرفتي في المنزل و لن أتركها أبدًا
إنهم يريدونني أن أنسى اسمي, لكني سأقاوم.. سأقاوم.. سأقاوم
اسمي هو: عا 113 دل 113 رمـ 113 زي 113
********
اليوم الخامس
الكلااااااب.. الخونة.. الشياطييييييين
أخرجوووووووووونيي من هناااااااااااااااااا
********
اليوم السادس
حمدًلله أنهم لم يسمعونني..
الواقع أنهم ليسوا مخطئين إلى هذا الحد
أنت تعرف يا 113.. و الواقع أنني بدأت أتذكر ما الذي فعلته بالضبط
لقد.. لقد.. لقد دخنت سيجارة بانجو في الثانوية.. صديقي علي.. الذي أرجو أن يكون هنا ويلاقي ذات العذاب لأنه السبب
كان يدخن سيجارة بانجو عند سور المدرسة, وحين سألته عن سر رائحة سيجارته الغريبة, قدّم لي واحدة, ففكرت أنه لا ضير من التجربة
الآن أدفع ثمن هذا الخطأ, وأنا عليه نادم.. آه.. شيء آخر.. منذ أشهر صحت في طفل صغير كان يقذف نافذتنا بالحجارة.. نعم
لا بد أنه ابن (مش عارف مين !) و لابد أنه اشتكى لوالده الذي قرر أنني أستحق العقاب.. فقط لو يمنحني والده فرصة للخروج من هنا.. سأحطم كل نوافذي و سآكل الزجاج لأثبت له أنني نادم
نعم.. أنا أستحق أن أوجد هنا.. لكن إلى متى؟
فقط مهما طال بقائي هنا يجب أن أتذكر أن اسمي هو: عادل.. أو منير
لم أعدّ واثقًا
لكن أعرف يقينًا أن رقمي هو 113.. لو نسيت سوف
....
********
اليوم الـ ..
إذن هكذا يأتي الموت
دافئًا مطمئنًا حاملاً لي وعود الخلاص من هذا القبر الجليدي
فقط عليّ ألا أقاوم.. فقط عليّ أن أبتسم مرحبًا بنجاتي
فقط عليّ أن
....
********
وأخيرًا
كان هناك خطأ في الإجراءات.. هذا يحدث وعلينا أن نعذر المسئول فهو لم يقصد
لهذا استيقظت لأجد نفسي في المستشفى ووالدي يقف جواري يبكي كالأطفال.. مجرد تشابه بسيط في الأسماء.. لهذا أخرجوني حين اكتشفوا خطأهم.. أخرجوني في الوقت المناسب تمامًا فلم أفقد سوى ساقي اليمنى و إن كنت لا أذكر كيف.. لا بأس اليسرى ستفي بالغرض
مجرد تشابه في الأسماء لكني لا أفهم كيف حدث.. إن من كانوا يسعون وراءه اسمه: علاء رمزي.. أما أنا فاسمي الذي ولدت به و الذي لا أعرف غير هو: 113
********
-د. تامر ابراهيم

فـاروق
06-01-2007, 07:56 PM
ان الظلم ظلمات يوم القيامة...

ان الظلم ظلمات يوم القيامة...

ان الظلم ظلمات يوم القيامة...!!!

همسة هدى
06-05-2007, 03:18 PM
لا ادري ..........اهذه قصة حقيقية ام ماذا ؟؟؟؟
(اتمنى ان تكون غير واقعية و من نسج الخيال فهي قصة اكثر من مريعة)
تذكرني بقسوة الظالمين ،تذكرني بمدى معاناة الابرياء
سامحك الله يا اخي لقد ذكرتني بجروح كنت اجاهد و بقوة محاولة ان انساها
و لكن يبدو انه لامفر ..........من التذكر المؤلم.........
سامحك الله

chidichidi
06-05-2007, 08:56 PM
اسف جدا ارجو المسامحة اكيد لم اقصد اعرف ان العالم مليئ بالاشياء البشعة ووالذكريات المرة في اغلب الاوقات تكون دافعا للمضي في الحياة اسف مجددا

من هناك
06-05-2007, 11:19 PM
هناك ابشع من هذه القصة

لقد اصبح الزبانية العرب من افضل المعذبين (بكسر الذال) على وجه هذه البسيطة على الإطلاق وسمعت عن بعضهم انه يتحدى خزنة النار ايضاً ويتحداهم ان يواجهوه يوم القيامة (قاتله الله واخذه شر اخذ)

Saowt
06-06-2007, 01:10 PM
اطمئن يا بلال اطمئن
لم يقرأها أحدا بطريقة خاطئة
فلا داعي لتشكيلها

همسة هدى
06-07-2007, 04:13 PM
لا بأس اخي شادي ولكن من الصعب ان تنسى الاماً عايشتها و تذوق طعمها
اهلك ....ظلمـــــــــاً و الاصعب ان تتذكرها مجدداً ......لا بأس و لكن ارجوان
تدعوا لنا جميعاً اخواني و اخواتي بالا يتعرض اهلي مجدداً لذلك الظلم المروع