ابو شجاع
05-26-2007, 02:39 PM
من أصدر القرار السياسي؟ ومن أعطى الغطاء
لارتكاب مجزرة مخيم "نهر البارد" وتهجير أهله؟!!
منذ شهور عدة دفعت الأجهزة الحاكمة في سوريا، مجموعة من المقاتلين الوافدين من بلاد عديدة من العالم الاسلامي للقتال في العراق، دفعتهم بعد استيعابهم والاستحواذ على قرارهم إلى الأراضي اللبنانية، حيث كانت هيّأت لهم بعض المراكز والمباني ليتركّزوا فيها داخل مخيم نهر البارد. وبعد مضي أيام خرج ناطقون باسمهم يعلنون عن قيام حركة جديدة في مخيم نهر البارد تسمى "فتح الإسلام"، وأنها انشقت عن حركة "فتح الانتفاضة" الموالية للنظام السوري.
وقد كان واضحاً لجميع المراقبين، أن إدخال هذه المجموعة أتى في سياق الصراع السياسي الدائر على الساحة اللبنانية، والذي يشكل بدوره جزءاً من الصراع السياسي بين بعض الأطراف الإقليمية.
وبدل أن تتصرف الدولة اللبنانية من خلال مؤسساتها كافة، تصرفاً منسّقاً وواعياً لمعالجة هذه الظاهرة، وجدناها تتحول إلى قضية للتجاذب السياسي بين الأطراف المتصارعة في لبنان، بحيث تسابقت الأطراف السياسية اللبنانية على استيعابهم واختراقهم وتسخيرهم لأهدافها المختلفة، الأمر الذي فاقم الأزمة وعقدها، وأفسح المجال لتتوسع "الظاهرة" خارج دائرة المخيم، ولتمتد نشاطاً في الشمال، ولا سيما في مدينة طرابلس وضواحيها، وهذا ما كشفته الأحداث الدامية التي حدثت يومي الأحد والاثنين الماضيين.
وظهرت العديد من الإشارات التي تدل على التنازع في كيفية التعامل مع هذه "الظاهرة"، بين الأجهزة الأمنية منذ بدايتها وحتى نشوب المواجهات العسكرية الأخيرة، لدرجة الكلام الصريح من بعض القيادات، عن غياب أي تنسيق مسبق قبل شن هذه الحملة الأمنية، ما أدى إلى وقوع عدد كبير من الضحايا في صفوف الجيش.
بناءً على ما تقدّم، نؤكّد على النقاط التالية:
1. إلام يستمر أفواج من المسلمين، ولا سيما من شبابهم، يستدرجون بقلة وعيهم، وفورة حماستهم، إلى تسخيرهم لأهداف قوى لا تمت إليهم بصلة من أنظمة محلية واقليمية أو دولية. بحيث كانت أفواج من المتحمسين المسلمين وقوداً لاشعال الفتنة المذهبية والحروب الأهلية في لبنان وفلسطين والعراق والجزائر وجزيرة العرب وقتل المدنيين من المسلمين وغير المسلمين؟! وفي هذه المناسبة نقول بحزم: إنها لجريمة فظيعة استباحة دماء الناس بغير جريرة، سواء أكانوا في صفوف الجيش أو من سكان طرابلس ومخيم نهر البارد وبلدات الشمال. قال تعالى: (وَلاَ تَقْتُلوا النَّفسَ الّتِي حَرَّمَ اللهُ إلاَّ بِالحَقّ).
2. وبالرغم من أن الأجهزة الأمنية، قد صرحت العديد من المرات أنها تراقب تحركات أمنية لأشخاص معروفين ومشبوهين، إلاّ أن التجاذب الذي بات معروفاً بين فروع الأجهزة الأمنية كان كفيلاً بتنامي هذه الأزمة لتصل بنا إلى هذه الحالة المأساوية!
3. بأي حق يفسح المجال لأشخاص مدنيين غير منظمين في أي جهاز عسكري أو أمني ليحملوا السلاح وليشاركوا في أعمال عسكرية؟ أليست هذه بالضبط صورة المليشيات التي تتكرر مشاهدها على مساحة لبنان، والتي باتت من أهم أدوات الأطراف السياسية في لبنان لتحقيق أهدافها؟ أم يريد هؤلاء الذين يفسحون المجال لهؤلاء المسلحين، أن يدخلونا في فتنة من نوع جديد بعد شبح الفتنة المذهبية، ألا وهي فتنة العداء بين أهل لبنان وأهل فلسطين؟
4. إذا كانت حركة "فتح الإسلام" قد أعلنت أن أهم مسوّغات قيامها، الدفاع عن "أهل السنة" في لبنان، فإننا نسأل: أليست الطبقة السياسية في لبنان بشتى انتماءاتها، هي التي أسهمت في إذكاء العصبية المذهبية التي آذنت بفتنة لا تبقي ولا تذر؟ وبالتالي أليس كثيرٌ من الشباب الذي التحق بهذه الحركة بعد دخولها الأراضي اللبنانية هو ضحية ذلك التحريض المذهبي الذي مارسته أطراف الطبقة السياسية في لبنان منذ أكثر من سنتين؟!
5. إننا ننظر بريبة كبيرة إلى التصريحات التي أطلقها بعض بعض القيادات، منطلقاً من الشعار الإسلامي الذي ترفعه حركة "فتح الإسلام"، لتوسيع دائرة التهمة والتشكيك وإدراج كل صاحب طرح إسلامي، وكل من يرفع راية كتب عليها لا اله إلا الله محمد رسول الله في الخانة نفسها، بل وصل الأمر بالبعض إلى إقحام اسم حزب التحرير، في الأحداث الجارية، على الرغم من أن الجميع، ولا سيما الجيش وسائر الأجهزة الأمنية، يعرفون أنّ حزب التحرير لا ينتهج العمل المسلّح، بل يدين الأعمال العسكرية التي مارستها بعض الجماعات المسلّحة ضدّ أفراد الأجهزة الأمنية، لمجرّد أنهم موظفون عسكريون.
إن هذه الأصوات التي توالي بعض الأنظمة الإقليمية، هي في حقيقتها صدى للهجمة الأمريكية على الإسلام التي تُشن تحت شعار "الحرب على الإرهاب"، بحيث سخرت نفسها هي والأنظمة التي تتبع لها لتحقيق جدول أعمال أمريكي. وهي تبرهن بذلك على مدى انتهازيتها ودجلها في ممارسة العمل السياسي، وهي التي لا تكف عن التبجح بأهمية التعددية السياسية وحرية الرأي والتعايش بين الأفكار والثقافات.
ولقد تمكن بعض أهالي المخيم من خرق التعتيم على حقيقة ما يجري فيه، عبر اتصالهم بوسائل الإعلام، ما مكّنهم من كشف ما تتعرض له عائلات المخيم من تدمير البيوت على رؤوس قاطنيها، وتدمير خزانات المياه، وشُحّ التموين، وانقطاع الدواء، وموت الجرحى في الطرقات، والهلع والرعب، نتيجة سقوط القذائف المدفعية على الأحياء السكنية، إن صح تسميتها أحياء سكنية، خاصة مع عدم وجود ملاجئ تؤوي الناس.
بعد أن تسربت كل تلك الأخبار التي تدمي القلوب، ورغم وصولها إلى آذان المسؤولين في الحكومة، وجدناهم يستخفّون بدماء الناس وأرواح أبنائهم، إلى درجة أن بعض الأصوات صرّح، مسوِّغاً القصف العنيف للمخيم، بأن أهالي المخيم يتحملون جزءاً من المسؤولية، لإيواء جماعة "فتح الإسلام"، وكأن أحداً استشار أهالي المخيم قبل إدخال هؤلاء المقاتلين إليه. وعليه، فإنه ما من اعتبار يبيح تدمير المساكن والمستوصفات والمساجد، وما يترتب عليه من جرح، وقتل، وترويع، وتهجير، وانقطاع للماء والغذاء والدواء، والعجز عن نقل الجرحى ومداواتهم.
ومما زاد الأمر سوءاً، ما شاهده الناس بأم العين، من مسلحين مدنيين يطلقون النار باتجاه المخيمات، في عملٍ ظاهره مساعدة الجيش في أعماله القتالية، بحيث وصل بهم الأمر إلى إطلاق النار على شاحنات تنقل مساعدات غذائية وإنسانية إلى داخل المخيم، ومنعها بالتالي من الدخول، وإفشال وقف إطلاق النار أكثر من مرة.
وإنا كنا في نشرة سابقة، بتاريخ 21/5، حذّرنا من استهداف سكّان المخيم الآمنين، فأكّدنا على حرمة استباحة الدماء المعصومة، وإنها «لجريمة فظيعة استباحة دماء الناس بغير جريرة، سواء أكانوا في صفوف الجيش أو من سكان طرابلس ومخيم "النهر البارد" وبلدات الشمال. قال تعالى: (وَلاَ تَقْتُلوا النَّفسَ الّتِي حَرَّمَ اللهُ إلاَّ بِالحَقّ)»، ثمّ نبّهنا إلى أن «قصف مخيم يحوي عشرات الألوف من السكان في دائرة لا يزيد قطرها على كيلومتر واحد أدى إلى أن يطال التدمير المساكن والمستوصفات والمساجد، الأمر الذي يحتم على الأطراف المعنية التصرف بحكمة لمعالجة المشكلة»، ثم أشرنا إلى أنه «يجب أن تبقى أرواح الناس ودماؤهم في مقدمة الاعتبارات التي تتحكم بأي قرار سياسي أو عسكري»، وبعدها بيّنا في النشرة ذاتها أن «الأزمات المتكررة في مخيمات "اللاّجئين الفلسطينيين" ليست من صنع أهليها، وإنما هي بسبب إجبارهم على السكن فيما يشبه السجن الكبير، ثم تحويل تلك المخيمات إلى مناطق معزولة محرومة، ما يسمح باستغلالها لتكون منطلقاً أو محطة لتنفيذ خطط زعزعة الاستقرار في لبنان. والذي يدفع ثمن هذا الوضع الشاذ هم: أهل لبنان، وأهل المخيمات الذين يكابدون العيش غير الإنساني والحرمان الفظيع، ومعهما يدفعون ثمن هذا الوضع الشاذ رعباً وقتلاً وتشريداً بعد تشريد». ورغم ذلك، لم يُعِرِ المسؤولون ما حذّرنا منه، وما سمعوه من أصوات ارتفعت محذرة، بالاً، بل أصمّوا آذانهم.
وعليه فإننا نؤكد على التالي:
1- نحمّل الحكومة المسؤولية الأولى تجاه مأساة المخيم.
2- نتوجه إلى المسؤولين والرأي العام لنقول: أوقفوا هذه المأساة فوراً.
3- نتوجه إلى كل من هو معني بالشأن العام، وإلى الرأي العام، للعمل فوراً على التحقيق لكشف من أصدر القرار السياسي، ومن أعطى الغطاء لما حصل، وما زال يحصل، من مأساة وتهجير لأهالي المخيم، وتحميل كلّ ضالع فيما حصل، المسؤولية وعواقبها.
4- ثم لا بد من الأخذ على يد السلطة، والمبادرة فوراً إلى وضع ترتيبات وخطوات عملية لمنع تكرار ما حصل، سواء أكان في مخيم "البارد" أم خارجه، أم في أي بقعة من البلاد.
وفي الختام نخاطب جميع الناس بما يلي: إذا كانت أزمة "فتح الإسلام" حلقة ضمن سلسلة تسخير المسلمين لتحقيق مصالح الآخرين ولتشويه صورة الإسلام وحملة الإسلام السياسي، فإننا من داخل هذه الأجواء كما في أي جو آخر، ندعو الجميع إلى دراسة الإسلام الحق، بوصفه نظاماً للحياة والمجتمع والدولة، وبوصفه المشروع الوحيد الذي يخلص الأمة بما فيها أهل لبنان، من شرور النظام العالمي الغربي، والمشروع الحضاري الوحيد القادر على أن يعبر عن شخصية الأمة بدلاً من أنظمة لا تملك الاستمرار إلا مرتكزة على تبعية وعمالة للقوى العالمية الكبرى.
قال تعالى: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ)
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المؤتمر الصحافي الذي عقده حزب التحرير- ولاية لبنان، في فندق ميريدان كومودور- الحمرا- بيروت،
عند الساعة العاشرة من قبل ظهر يوم 6 من جمادى الأولى 1428هـ- 23 من أيــــــــــــار 2007م
لإيضاح موقفه من اشتباكات مخيم نهر البارد
رئيس المكتب السياسي لحزب التحرير في لبنان الأستاذ أحمد القصص
لارتكاب مجزرة مخيم "نهر البارد" وتهجير أهله؟!!
منذ شهور عدة دفعت الأجهزة الحاكمة في سوريا، مجموعة من المقاتلين الوافدين من بلاد عديدة من العالم الاسلامي للقتال في العراق، دفعتهم بعد استيعابهم والاستحواذ على قرارهم إلى الأراضي اللبنانية، حيث كانت هيّأت لهم بعض المراكز والمباني ليتركّزوا فيها داخل مخيم نهر البارد. وبعد مضي أيام خرج ناطقون باسمهم يعلنون عن قيام حركة جديدة في مخيم نهر البارد تسمى "فتح الإسلام"، وأنها انشقت عن حركة "فتح الانتفاضة" الموالية للنظام السوري.
وقد كان واضحاً لجميع المراقبين، أن إدخال هذه المجموعة أتى في سياق الصراع السياسي الدائر على الساحة اللبنانية، والذي يشكل بدوره جزءاً من الصراع السياسي بين بعض الأطراف الإقليمية.
وبدل أن تتصرف الدولة اللبنانية من خلال مؤسساتها كافة، تصرفاً منسّقاً وواعياً لمعالجة هذه الظاهرة، وجدناها تتحول إلى قضية للتجاذب السياسي بين الأطراف المتصارعة في لبنان، بحيث تسابقت الأطراف السياسية اللبنانية على استيعابهم واختراقهم وتسخيرهم لأهدافها المختلفة، الأمر الذي فاقم الأزمة وعقدها، وأفسح المجال لتتوسع "الظاهرة" خارج دائرة المخيم، ولتمتد نشاطاً في الشمال، ولا سيما في مدينة طرابلس وضواحيها، وهذا ما كشفته الأحداث الدامية التي حدثت يومي الأحد والاثنين الماضيين.
وظهرت العديد من الإشارات التي تدل على التنازع في كيفية التعامل مع هذه "الظاهرة"، بين الأجهزة الأمنية منذ بدايتها وحتى نشوب المواجهات العسكرية الأخيرة، لدرجة الكلام الصريح من بعض القيادات، عن غياب أي تنسيق مسبق قبل شن هذه الحملة الأمنية، ما أدى إلى وقوع عدد كبير من الضحايا في صفوف الجيش.
بناءً على ما تقدّم، نؤكّد على النقاط التالية:
1. إلام يستمر أفواج من المسلمين، ولا سيما من شبابهم، يستدرجون بقلة وعيهم، وفورة حماستهم، إلى تسخيرهم لأهداف قوى لا تمت إليهم بصلة من أنظمة محلية واقليمية أو دولية. بحيث كانت أفواج من المتحمسين المسلمين وقوداً لاشعال الفتنة المذهبية والحروب الأهلية في لبنان وفلسطين والعراق والجزائر وجزيرة العرب وقتل المدنيين من المسلمين وغير المسلمين؟! وفي هذه المناسبة نقول بحزم: إنها لجريمة فظيعة استباحة دماء الناس بغير جريرة، سواء أكانوا في صفوف الجيش أو من سكان طرابلس ومخيم نهر البارد وبلدات الشمال. قال تعالى: (وَلاَ تَقْتُلوا النَّفسَ الّتِي حَرَّمَ اللهُ إلاَّ بِالحَقّ).
2. وبالرغم من أن الأجهزة الأمنية، قد صرحت العديد من المرات أنها تراقب تحركات أمنية لأشخاص معروفين ومشبوهين، إلاّ أن التجاذب الذي بات معروفاً بين فروع الأجهزة الأمنية كان كفيلاً بتنامي هذه الأزمة لتصل بنا إلى هذه الحالة المأساوية!
3. بأي حق يفسح المجال لأشخاص مدنيين غير منظمين في أي جهاز عسكري أو أمني ليحملوا السلاح وليشاركوا في أعمال عسكرية؟ أليست هذه بالضبط صورة المليشيات التي تتكرر مشاهدها على مساحة لبنان، والتي باتت من أهم أدوات الأطراف السياسية في لبنان لتحقيق أهدافها؟ أم يريد هؤلاء الذين يفسحون المجال لهؤلاء المسلحين، أن يدخلونا في فتنة من نوع جديد بعد شبح الفتنة المذهبية، ألا وهي فتنة العداء بين أهل لبنان وأهل فلسطين؟
4. إذا كانت حركة "فتح الإسلام" قد أعلنت أن أهم مسوّغات قيامها، الدفاع عن "أهل السنة" في لبنان، فإننا نسأل: أليست الطبقة السياسية في لبنان بشتى انتماءاتها، هي التي أسهمت في إذكاء العصبية المذهبية التي آذنت بفتنة لا تبقي ولا تذر؟ وبالتالي أليس كثيرٌ من الشباب الذي التحق بهذه الحركة بعد دخولها الأراضي اللبنانية هو ضحية ذلك التحريض المذهبي الذي مارسته أطراف الطبقة السياسية في لبنان منذ أكثر من سنتين؟!
5. إننا ننظر بريبة كبيرة إلى التصريحات التي أطلقها بعض بعض القيادات، منطلقاً من الشعار الإسلامي الذي ترفعه حركة "فتح الإسلام"، لتوسيع دائرة التهمة والتشكيك وإدراج كل صاحب طرح إسلامي، وكل من يرفع راية كتب عليها لا اله إلا الله محمد رسول الله في الخانة نفسها، بل وصل الأمر بالبعض إلى إقحام اسم حزب التحرير، في الأحداث الجارية، على الرغم من أن الجميع، ولا سيما الجيش وسائر الأجهزة الأمنية، يعرفون أنّ حزب التحرير لا ينتهج العمل المسلّح، بل يدين الأعمال العسكرية التي مارستها بعض الجماعات المسلّحة ضدّ أفراد الأجهزة الأمنية، لمجرّد أنهم موظفون عسكريون.
إن هذه الأصوات التي توالي بعض الأنظمة الإقليمية، هي في حقيقتها صدى للهجمة الأمريكية على الإسلام التي تُشن تحت شعار "الحرب على الإرهاب"، بحيث سخرت نفسها هي والأنظمة التي تتبع لها لتحقيق جدول أعمال أمريكي. وهي تبرهن بذلك على مدى انتهازيتها ودجلها في ممارسة العمل السياسي، وهي التي لا تكف عن التبجح بأهمية التعددية السياسية وحرية الرأي والتعايش بين الأفكار والثقافات.
ولقد تمكن بعض أهالي المخيم من خرق التعتيم على حقيقة ما يجري فيه، عبر اتصالهم بوسائل الإعلام، ما مكّنهم من كشف ما تتعرض له عائلات المخيم من تدمير البيوت على رؤوس قاطنيها، وتدمير خزانات المياه، وشُحّ التموين، وانقطاع الدواء، وموت الجرحى في الطرقات، والهلع والرعب، نتيجة سقوط القذائف المدفعية على الأحياء السكنية، إن صح تسميتها أحياء سكنية، خاصة مع عدم وجود ملاجئ تؤوي الناس.
بعد أن تسربت كل تلك الأخبار التي تدمي القلوب، ورغم وصولها إلى آذان المسؤولين في الحكومة، وجدناهم يستخفّون بدماء الناس وأرواح أبنائهم، إلى درجة أن بعض الأصوات صرّح، مسوِّغاً القصف العنيف للمخيم، بأن أهالي المخيم يتحملون جزءاً من المسؤولية، لإيواء جماعة "فتح الإسلام"، وكأن أحداً استشار أهالي المخيم قبل إدخال هؤلاء المقاتلين إليه. وعليه، فإنه ما من اعتبار يبيح تدمير المساكن والمستوصفات والمساجد، وما يترتب عليه من جرح، وقتل، وترويع، وتهجير، وانقطاع للماء والغذاء والدواء، والعجز عن نقل الجرحى ومداواتهم.
ومما زاد الأمر سوءاً، ما شاهده الناس بأم العين، من مسلحين مدنيين يطلقون النار باتجاه المخيمات، في عملٍ ظاهره مساعدة الجيش في أعماله القتالية، بحيث وصل بهم الأمر إلى إطلاق النار على شاحنات تنقل مساعدات غذائية وإنسانية إلى داخل المخيم، ومنعها بالتالي من الدخول، وإفشال وقف إطلاق النار أكثر من مرة.
وإنا كنا في نشرة سابقة، بتاريخ 21/5، حذّرنا من استهداف سكّان المخيم الآمنين، فأكّدنا على حرمة استباحة الدماء المعصومة، وإنها «لجريمة فظيعة استباحة دماء الناس بغير جريرة، سواء أكانوا في صفوف الجيش أو من سكان طرابلس ومخيم "النهر البارد" وبلدات الشمال. قال تعالى: (وَلاَ تَقْتُلوا النَّفسَ الّتِي حَرَّمَ اللهُ إلاَّ بِالحَقّ)»، ثمّ نبّهنا إلى أن «قصف مخيم يحوي عشرات الألوف من السكان في دائرة لا يزيد قطرها على كيلومتر واحد أدى إلى أن يطال التدمير المساكن والمستوصفات والمساجد، الأمر الذي يحتم على الأطراف المعنية التصرف بحكمة لمعالجة المشكلة»، ثم أشرنا إلى أنه «يجب أن تبقى أرواح الناس ودماؤهم في مقدمة الاعتبارات التي تتحكم بأي قرار سياسي أو عسكري»، وبعدها بيّنا في النشرة ذاتها أن «الأزمات المتكررة في مخيمات "اللاّجئين الفلسطينيين" ليست من صنع أهليها، وإنما هي بسبب إجبارهم على السكن فيما يشبه السجن الكبير، ثم تحويل تلك المخيمات إلى مناطق معزولة محرومة، ما يسمح باستغلالها لتكون منطلقاً أو محطة لتنفيذ خطط زعزعة الاستقرار في لبنان. والذي يدفع ثمن هذا الوضع الشاذ هم: أهل لبنان، وأهل المخيمات الذين يكابدون العيش غير الإنساني والحرمان الفظيع، ومعهما يدفعون ثمن هذا الوضع الشاذ رعباً وقتلاً وتشريداً بعد تشريد». ورغم ذلك، لم يُعِرِ المسؤولون ما حذّرنا منه، وما سمعوه من أصوات ارتفعت محذرة، بالاً، بل أصمّوا آذانهم.
وعليه فإننا نؤكد على التالي:
1- نحمّل الحكومة المسؤولية الأولى تجاه مأساة المخيم.
2- نتوجه إلى المسؤولين والرأي العام لنقول: أوقفوا هذه المأساة فوراً.
3- نتوجه إلى كل من هو معني بالشأن العام، وإلى الرأي العام، للعمل فوراً على التحقيق لكشف من أصدر القرار السياسي، ومن أعطى الغطاء لما حصل، وما زال يحصل، من مأساة وتهجير لأهالي المخيم، وتحميل كلّ ضالع فيما حصل، المسؤولية وعواقبها.
4- ثم لا بد من الأخذ على يد السلطة، والمبادرة فوراً إلى وضع ترتيبات وخطوات عملية لمنع تكرار ما حصل، سواء أكان في مخيم "البارد" أم خارجه، أم في أي بقعة من البلاد.
وفي الختام نخاطب جميع الناس بما يلي: إذا كانت أزمة "فتح الإسلام" حلقة ضمن سلسلة تسخير المسلمين لتحقيق مصالح الآخرين ولتشويه صورة الإسلام وحملة الإسلام السياسي، فإننا من داخل هذه الأجواء كما في أي جو آخر، ندعو الجميع إلى دراسة الإسلام الحق، بوصفه نظاماً للحياة والمجتمع والدولة، وبوصفه المشروع الوحيد الذي يخلص الأمة بما فيها أهل لبنان، من شرور النظام العالمي الغربي، والمشروع الحضاري الوحيد القادر على أن يعبر عن شخصية الأمة بدلاً من أنظمة لا تملك الاستمرار إلا مرتكزة على تبعية وعمالة للقوى العالمية الكبرى.
قال تعالى: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ)
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المؤتمر الصحافي الذي عقده حزب التحرير- ولاية لبنان، في فندق ميريدان كومودور- الحمرا- بيروت،
عند الساعة العاشرة من قبل ظهر يوم 6 من جمادى الأولى 1428هـ- 23 من أيــــــــــــار 2007م
لإيضاح موقفه من اشتباكات مخيم نهر البارد
رئيس المكتب السياسي لحزب التحرير في لبنان الأستاذ أحمد القصص