تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مأساة سامراء بين الجار اللدود والعدو الحقود



من هناك
05-19-2007, 03:07 PM
تفيد الأنباء الواردة من مدينة سامراء في العراق بأن المدينة تعيش أزمة خانقة حيث تفتقر إلى المواد الغذائية والمحروقات بسبب حظر فرضه جيش الاحتلال وتابعه الجيش "العراقي" بعد هجوم وقع قبل أكثر من عشرة أيام. وأفادت الأنباء بأن أربعة أطفال رضّع توفوا في مستشفى المدينة بسبب انطفاء أجهزة الحضانة، بعد أن انقطعت عنها الطاقة, كما توفي مريضان متقدمان بالسن. سكان المدينة طالبوا بإنهاء الحظر للسماح لدخول المساعدات الإنسانية إلى المدينة، إذ أن كمية المساعدات التي سمح لها أن تدخل المدينة صغيرة للغاية. وقال عامل إغاثة تابع للهلال الأحمر العراقي وقد قدم من تكريت إن ثلاثة من شاحنات الهلال الأحمر قد منعت من دخول المدينة، مضيفا: "إن الوضع الإنساني في سامراء رهيب."


وقد بدأ الحظر بعد وقوع انفجار في السادس من الشهر أيار الجاري أدى إلى مصرع اثنا عشر شرطيا بمن فيهم قائد الشرطة في المدينة. وكانت ردة فعل القوات الأميركية والعراقية محاصرة المدينة وإغلاق المداخل، ومن ثمّ تمديد حظر على سكان المدينة الـ300 ألف وفرض قيود صارمة على حركة الناس والبضائع من وإلى سامراء, وتفاقمت أزمة المدينة وازدادت حدة مع انقطاع الكهرباء والماء عنها.


وأعربت "أطباء من أجل العراق" وهي منظمة إنسانية عراقية عن قلقها الكبير إزاء الوضع في سامراء. وقال بيان صادر عن المنظمة أنها تستنكر أشد الاستنكار أية أنشطة تمنع المدنيين من الحصول على العناية الصحية أو المساعدة الإنسانية، أيا تكن الجهة التي تقوم بالأنشطة. وطالبت المنظمة برفع فوري للحصار وللقيود عن المدينة والتي اعتبرتها أنها شكل من أشكال العقاب الجامعي، وبالسماح لجميع المنظمات غير الحكومية وعاملي الإغاثة الدخول إلى المدينة بأقرب وقت ممكن.


جرائم حرب جديدة ترتكبها قوات الاحتلال الأمريكية وعملاؤها في العراق, فيما العالم يراقب وبلا مبالاة لعقوبات جماعية وحصارا قاتلا وانقطاعا للماء والكهرباء والخدمات في جو من القيظ والتعسف. أربعة أطفال يقضون في مستشفى سامراء ورجلين كبيرين في السن فيما الحصيلة مرشحة للارتفاع. وإذا كان العالم مشغول – وهو محق- بمصير الصحفي البريطاني الآن جونسون والذي خطف في غزة, فإن ذلك العالم المثقل بالمعايير المزدوجة لا يذكر على الإطلاق ولا يتذكر لمأساة عشرات الالآف من سكان سامراء الأبرياء العزل. كل النقاشات في الكونغرس وفي الصحف الأمريكية وفي غيرها تركز على خسائر جيش الاحتلال وعلى الإستراتيجية التي يجب إتباعها لتقليل تلك الخسائر دون الالتفات إلى المعاناة الهائلة والمأساة المتواصلة والتي يعاني منها العراقيون وبكل طوائفهم وأعراقهم جراء الاحتلال الظالم وجرائمه المستمرة.


أين الدول العربية والإسلامية من محنة ومعاناة أشقاءهم العراقيين؟ ولماذا هذه اللامبالاة غير الإنسانية ولا المبررة من الحريق العراقي والذي لن يتوقف على الأرجح عند حدود ذلك البلد المنكوب بقسوة الاحتلال وهمجيته وبسلبية الأشقاء وعجزهم؟ ثم على ماذا سيكون اللقاء الأمريكي-الإيراني المرتقب؟ سيكون توزيعا للغنائم والنفوذ في المنطقة في عالم لا يعترف ألا بالأقوياء, وحين يؤكل العراق ويفتت سيأتي الدور على الدول التي وقفت تنظر إلى النيران تأكل ذلك البلد العريق وكأن الأحداث تجري على كوكب أخر.


أما الدمي السياسية في المنطقة الخضراء-السوداء والتي تزعم أنها تمثل سامراء وشقيقاتها من مدن العراق والتي ما فتأت تهدد وتتوعد بمقاطعة المهزلة والتي تسمى "بالعملية السياسية" ثم ما تلبث أن تلعق تصريحاتها إن تلقت اتصالا من مسئول في الاحتلال أو وعدا زائفا من سياسي الاحتلال, فإن التاريخ سيسجل مواقفها بكل الخزي والعار, لقد ارتضوا مقابل مناصب شخصية ووهمية بأن يكونوا غطاءا لجرائم الاحتلال ولعملاء إيران.

ماذا يتوقع العالم من الأطفال والفتيان والذي يترعرعون وينشئون في أجواء شبيه بتلك التي تعاني منها سامراء وغيرها, حصار ومعاناة وقهر وذل ومناظر الموت البطيء الظالم تملأ العيون والصدور والقلوب؟ هذا هو الجيل الذي يحاول أن يدمر فيه بوش كل معاني الإنسانية والأمل بالمستقبل, جيل لن يرى التعامل مع هذا العالم الظالم ألا بالطريقة التي علمها ذلك العالم نفسه التفجير والتدمير...ويحدثونك بعدها عن الإرهاب والإرهابيين....قاتلهم الله من تجار ومجرمي حرب ومن قاتلي أطفال ومدمري أمم وحضارات.


ياسر سعد