تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هذه هي الصوفيه ( الجزء الثاني )



سلطان المصري
05-17-2007, 06:42 PM
هذه هي الصوفيه ( الجزء الثاني )

تتكون الخلية الصوفية من الشيخ والمريد أي الأستاذ والتلميذ . وعلى المريد أن يطيع شيخه في السر والعلن طاعة عمياء تصل إلى حد سلب الإرادة، ، حتى إن المريد لا يقوى على مد قدميه إلا بعد استئذان شيخه، ولا يمكنه جماع زوجته، أو تناول طعامه إلا باستئذان شيخه حتى في سره. إنه سحق للإرادة و الكرامة حتى
غدا هذا التابع الرقيق مسخاً بلا حول ولا قوة كالميت في يد الغاسل وكيف يٌطلب من هذا المخلوق المسخ مدافعة الظلم أو التصدي لغاز أو طلب علم، بعد أن سلبه شيخه الإرادة. ويروْن أن المريد لابد له من شيخ، ومن لا شيخ له فالشيطان شيخه، وأن قلب المريد بيد شيخه يصرفه بهواه، وأن غضب الشيخ من غضب الله، وأن طاعة الأشياخ مقدمة على طاعة الله، ويتمادون في غيهم فيقولون بأن الولي أفضل من النبي، وأن العارف يسمع كلام الله كما سمعه موسى عليه السلام، أي مباشرة وليس وحياً، الأمر الذى لم يحصل لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .والولى عندهم يعلم الشريعة والحقيقة، ولكن النبي والرسول لا يعلمان سوى الشريعة أو الظاهر فحسب، وما مصدر هذه الحقيقة في نظرهم ؟ ليس العقل، وإنما الذوق من " التذوق "، لذا فهم يقولون من ذاق عرف. أمّا العقل فيكفرون به ويرونه حجابا يستر الحقيقة، فمنابذة العقل والشرع هي الدعامة الأساسية للصوفية.
وتدين العوام، بل والخواص، بالطاعة العمياء للشيخ وبتقديس الولي الصوفي وتأليهه، فيلتمسون منه البركات والشفاء والمغفرة حتى ولو كان معتوها مجذوبا يسير عاريا في الشوارع أو جثة قد أرمت تحت قبة ضريح . وكان الإيمان بالشيوخ
شائعاً في زمن المماليك، حتى إنه إذا أقسم أحد على أحد بشيخه – لا بالله – كان حقا عليه أن يبره .عندما قام طومان باى سلطان مصر بمبارزة القائد المملوكي الخائن قانبردى الغزالى الذي حارب في صف العثمانيين، دارت الدائرة عليه ووقع من فوق حصانه، وهمَّ السلطان بقتله، إلا أنه استعطفه وأقسم عليه قائلاً : إني سألتك بالله تعالى، وتوسلت إليك برسول الله وبسر شيخك سيدي أبى السعود الجارحى أن تجعلني عتيقك في هذا اليوم "(20). فعفا عنه السلطان من فوره وبلا تردد، إذ أقسم عليه
بعزيز، شيخه أبى السعود الجارحى .وموطن الخطر هو اللبس الذى ترسخ فى عقول المسلمين فلم يتبينوا حقيقة الصوفية
وظنوا أنها الدين. وفاقم الأمر إعراض وتراخى رجال الدين عن خوض معركة هم رجالها لإظهار الحق لجهال العامة الذين يتحلقون حول كل زاعق ، ويؤمنون بكل فرية . ويسترهب الصوفيون الناس لصرفهم عن مناجذتهم وفضح أضاليلهم، فيشيعون أن من يميل عنهم، أو يميل عليهم، فإنه يصاب في نفسه أو ماله، لذا يرى ضعاف الإيمان والدهماء أن التسليم بما جاءوا به أسلم، وينصرفون عنهم إيثاراً للسلامة .ويرى الشعراني (أن من أشرك بشيخه شيخاً آخر وقع في الشرك بالله)(21).
ويقول ابن عطاء الله السكندري : (من أخذ الطريق على غير شيخه، كان على غير دين)(22)، تلك هي بعض مفتريات الصوفيين ومسامير نعوشهم، وخليق بنا، إذ فهمنا
إفكهم، أن نكون المطارق التي تدق رءوس تلك المسامير، فلعمري إن دحض أباطيلهم لمن أرجى الأعمال .ويعمد أولو الأمر إلى التهرب من مواجهة ضلال الصوفيين خشية تأليب العامة
الذين يدينون في الواقع، لا بالإسلام الذي يكلفهم مشقة الطاعات، وإنما بالصوفية التي تبيح لهم كل المحظورات وتعفيهم من التكاليف العبادية، وتجتذب الجهلة إذ سيصبحون علماء دون تعليم أو بذل جهد في الدرس والتعلم. ولم يجرؤ أحد على التصدي حتى لمجاذيب الصوفية الذين حظوا بإجلال سلاطين المماليك، فكان السلطان الغوري يعتقد في الصوفيين حتى أنه قبّل يد ابن عنان وهو صوفي مجذوب، وذلك على مرأى من الناس، ثم لقَّب نفسه بأبي الفقراء والمساكين حباً في الصوفيين وتقربا منهم. وزار السلطان الأشرف قايتباى مقامي إبراهيم الدسوقى، والسيد البدوي، كما عيّن السلطان الظاهر بيبرس، إبراهيم الدسوقى شيخاً للإسلام، وبنى له زاوية في دسوق .في سنة 1714م تسامع الناس بواعظ رومي في مسجد السلطان المؤيد بالقاهرة، ومن جملة وعظه أن كرامات الأولياء تنقطع بالموت وما يذكر لهم من كرامات بعد موتهم باطل، وما نقله الشعراني في كتاب الطبقات الكبرى بأن الأولياء لهم اطلاع على اللوح المحفوظ فباطل لا أصل له، ومن يقول بذلك كافر. وحض الواعظ المسلمين على هدم القباب المبنية على قبور الموتى والتكايا وأضرحة الأولياء . وحًّرض على منع الأولياء الفقراء الذين يذكرون الجلالة في رمضان عند باب زويلة بعد العشاء، أي حلقات الذكر التي يعملها المتصوفون .ولما سمعت العامة هذا القول خرجت بالنبابيت والسيوف على حلقات ذكر المتصوفين . وتوجه بعض الناس إلى الشيوخ المالكية والحنفية والشافعية، فأنكروا كلام
الواعظ وقالوا إنه (معتزلي)، وأفتوا ببطلان فتاوى ومحاضرات الواعظ ووصل الأمر إلى ولاة الأمر فخشوا الفتنة والثورة، فطاردوا الواعظ وأتباعه بعساكرهم حتى انتهى الأمر) (23 (
كان ذلك مبلغ إيمان "فقهاء" المسلمين وانقلاب الحق عندهم باطلاً. "ولم يحظ واعظنا الرومي المسكين بما حظي به الراهب الفرانسسكاني أنطوان فريه الذي منعه حاكم باريس من الوعظ لأنه ندد بشدة بسوء الحكم، إذ انبرت بعض النساء لحراسته
ليلاً ونهاراً في دير (كورديلبيه) وقد تسلحن بالأحجار والهراوات لحمايت (24) يقول جولد تسيهر (إن تقديس الأولياء في الإسلام، هيأ المجال للعقائد الشعبية لكي تؤثر على الشعائر الإسلامية، ففشت فيها العناصر الهندية، وتفاقم أثرها شيئاً فشيئاً حتى أنتجت ظواهر دينية فريدة تسترعى النظر، فتحولت الآلهة
الهندية القديمة إلى مجموعة من الأولياء) (25 )ومن عالم الصوفية ولدت فى هذا العصر فرقتان من فرق الضلال هما فرقتا
القاديانية والبهائية. وادعى مؤسس القاديانية الذى ظهر فى الهند فى أواخر النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلادي أنه رسول مجدد للدعوة إلى الإسلام، ثم انتقل إلى ادعاء أنه المسيح، وأن روح الله حلت به، وأخيراً، ادعى أنه هو الله نفسه)(26)، تعالى الله عما يصفون .ولما كانت الرؤى والأضاليل التى تنشرها الصوفية تهدف إلى تبلد الإدراك وتفريغ الدين من مضمونه وإبطال العقل، فقد رعى المستبدون المتصوفين ولا سيما فى
العصرين المملوكي والعثماني حيث اشتدت وطأة الفساد ومست الحاجة إليهم – المتصوفين – للتخفيف من الضغوط المطالبة بالتغيير الاجتماعي والسياسي. وبنوا الخانقاوات لإيواء المتصوفين للعبادة، وكان أول ظهورها فى إيران، وليس من
قبيل الصدفة انتشار هذه الخانقاوات بعد القرن الرابع الهجري بالذات وهو قرن بداية إغلاق باب الاجتهاد واضمحلال الأنشطة العقلية وإصابة العقل بالانكماش والتجمد. "وارتبطت وظيفة بعض الخانقاوات في عصر المماليك ببعض المظاهر الدينية نحو إقامة خطبة الجمعة، ولذا أطلق عليها الجامع الخانقاه تمييزاً لها
عن المسجد الجامع الذي اقتصرت وظيفته على إقامة الصلاة. وفى عهد المماليك البحرية كان لبعض الخانقاوات غرض مزدوج يجمع ما بين الطابع الديني والتعليمي. وقد أٌطلق على هذا الضرب من الخانقاوات اسم المدرسة الخانقاه تمييزاً لها عن الخانقاه الموقوفة على الغرض التعليمي فحسب) (27 ( ولاحظ إسناد مهمة مخاطبة عقول العامة إلى أهل الخانقاوات من المتصوفة
والدراويش ممن تكفلهم السلطة وتنفق عليهم، ثم لاحظ الوظيفة التعليمية المسندة إليهم، وعدم الاكتفاء بالدور الإعلامي. وتذكر أن رجال الدين ووعاظ المساجد الآن موظفون حكوميون لا يقدرون على مخالفة السلطة وإَّلا فقدوا وظائفهم .ويصف ابن الجوزى أحوال المتصوفة في التكايا والخانقاوات فيقول : "وكان جمهور المتصوفة يستريحون فى الأربطة من كد المعاش متشاغلين بالأكل والشرب والغناء والرقص، يطلبون الدنيا من كل ظالم، وأكثر أربطتهم قد بناها الظلمة ووقفوا عليها الأموال الخبيثة . ومال متأخروهم إلى الدنيا وجمع المال من أي وجه كان إيثاراً للراحة وحب الشهوات. فمنهم من يقدر على الكسب ولا يعمل، ويجلس في الرباط أو المسجد ويعتمد على صدقات الناس"(28 )وربما كان ذلك امتثالاً منهم لقول الشعراني في معاداة العمل والتوكل، إذ يقول لا يبلغ الرجل إلى منازل الصديقين حتى يترك زوجته كأنها أرملة، وأولاده كأنهم أيتام، ويأوى إلى منازل الكلاب" (29 ( واعتاد الصوفيون جمع المال من الموسرين والأغنياء للاحتفال بموالدهم حتى ضاق بهم الناس ذرعاً وقالوا: "لقد سئمت نفوسنا من كثرة سؤال هؤلاء المشايخ الذين يعملون الموالد، فلم يتركوا عندنا عسلاً ولا أرزاً ولا عدساً ولا بسلة، إيش.
قام على هؤلاء أن يشحذوا ويعملوا لهم موالد" (30) .
وكان النساء والرجال والصبيان يجتمعون في الموالد مرتكبين مختلف المنكرات . وهذه الموالد فرص للمنافع التجارية والبيع والشراء، لذا حرص اتباع السيد البدوي على الاحتفال بثلاثة موالد له : المولد الكبير، والصغير، والرجبي، وفي المولد الأخير يتم تجديد العمامة، لذا يعرف بمولد لف العمامة !! . وتٌحدد
مواعيد هذه الموالد بالشهور القبطية ! إذ يتحدد بها مواسم الحصاد وجنى المحاصيل فيذهب الفلاحون البسطاء ومعهم نقودهم بعد بيع غلة الأرض، أي أن الهدف ليس دينياً. (وأصبح التصوف في نهاية العصر المملوكي أداة لكسب العيش (31)
ولما كانت ثورات الأمم تبدأ بالعقول وليس البطون كما يرى الكثيرون- فقد يجوع الناس ويسلبهم المماليك أقواتهم، ومع ذلك لا يثورون. ولكن إذا استناروا – أي الناس استردوا عقولهم التى يعرفون بها أنهم ليسوا من دواب السلطان، عندئذ يهبون ثائرين لكرامتهم وإنسانيتهم. لذا يحاذر المستبد من استنارة العقول، ويعمل جاهدا للحيلولة دون استرداد الناس لعقولهم. وجهوده المبذولة في هذا المسعى تفوق كثيراً جهوده المبذولة فى توثيق ثورتهم من باب الجوع والفاقة. لذا يرى المستبد انتشار الصوفية خير معين له على تغييب عقول الناس التى يفسدها الجهل وتزييف الدين وقهر المستبد وأضاليل المتصوفة .ووقف المتصوفة في الجهة المقابلة للعقل، وحاولوا خوض معركة المعرفة بسلاح القلب وحده، فضلٌّوا وأضلوا. وموطن الخطر في ظاهرة التصوف يتمثل فى استمرار فعاليتها وتأثيرها في المجتمع المسلم حتى الآن، إذ مازالت تؤثر في الطبقات الشعبية وجموع الأميين وهم كثر، كما تؤثر في قطاع لا يُستهان به من أشباه
المتعلمين الذين يتحلقون فى حلقات الذكر، ويتمسحون فى الأضرحة، ويطلبون قضاء حوائجهم وشفاء مرضاهم، لا من الله تعالى، وإنما من قبور شيوخهم ومريديهم الذين ينسبون إليهم الكرامات والخوارق، ويختزن أتباع الصوفية المعاصرين في
ضمائرهم كل أوزار التصوف، وعلى رأسها معاداة العقل ونبذ طلب العلم، والإيمان بالشيوخ والمريدين والأولياء، وطلب الشفاعة والبركة من الأضرحة والقبور .ويعادى الصوفيون العلم إذ اعتبروه علم الظاهر، وادعوا اختصاصهم بالعلم الحقيقي العلم الديني الذي يأتيهم وحياً وكشفاً من الله مباشرة دون مشقة درس أو تعليم،الأمر الذى أغرى العامة واجتذب الجهلة للانخراط في جموع الصوفيين إذ يٌسقط عنهم فى ما بعد – التكاليف العبادية من صلاة وصوم وزكاة وحج، ويبيح لهم الزنى واللواط، ويدخلهم فى زمرة العلماء والفقهاء وإن كانوا أميين. فالصوفية آلية من آليات إلغاء العقل والإبعاد عن الدين، وجعل الناس مسلوبي العقل والإرادة وكأنهم قطعان ماشية، الأمر الذى كان يروق للسلاطين والمماليك، ويحرصون عليه لترويض المسلمين واستئناسهم.

20- ابن زنبل الرمال / آخرة المماليك .

21- الشعراني / قواعد الصوفية ص 131 .

22- عبد الوهاب الشعراني / لطائف المنن

23- حافظ عثمان / الإسلام والصراعات الدينية (بتصرف)

24- المرجع السابق

25- جولد تسيهر – العقيدة والشريعة فى الإسلام

26- عبد الكريم الخطيب – التصوف والمتصوفة

27- دولت عبد الله – معاهد تزكية النفوس

28- ابن الجوزى – تلبيس إبليس

29- عبد الوهاب الشعراني / الطبقات الكبرى

30- عبد الوهاب الشعراني / لطائف المنن

31- د. سعيد عاشور/ كتاب السيد احمد البدوي

ولا تقتصر خطورة بدع وخرافات المتصوفة على أنها مجرد انحرافات عقلية وإنما جل

ضررها في ذيوعها وانتشارها حتى نخاع المجتمع وضميره وعقله، وتأثيرها فى أسلوب

المعاملات الحياتية للناس وتشكيل سلوكياتهم بعيداً عن إسلامنا الحنيف بعد أن

أصبحت الصوفية عقيدة جديدة تختلف تماماً عن عقيدة الإسلام. وتحول الناس إلى

مجرد قطعان غائبة عن حاضرها، يفعل بها كل مستبد ما يشاء وكأن الأمة هي

العاهرة التى لا ترد يد لامس .

وساعدت الأمية والجهل بالدين وانعدام التعليم - تقريباً- بين الطبقات الشعبية

التى تمثل السواد الأعظم من الأمة، ساعدت على ترسيخ أفكار الصوفية فى

سلوكياتنا، فلم يفكر الناس خارج نطاق الدروشة والتسابيح وحلقات الذكر وأضرحة

الأولياء وكرامات الشيوخ، بدءاً من الإعفاء من تكاليف الدين، وانتهاءً بإحياء

الموتى، وانصرفوا عن الاهتمام بقضايا العقل والحرية والمساواة والعدالة

والشورى ومناهضة الفقر والمرض والقهر .

تقول فرقة "الحبية"، من فرق الجبرية، من شرب كأس محبة الله عز وجل سقطت عنه


وتقول فرقة " الفكرية "، من الجبرية أيضاً، إن من ازداد علماً سقط عنه بقدرذلك من العبادة" (32 (

( منقول )
يتبع - الجزء الثالث

هنا الحقيقه
05-18-2007, 10:13 AM
ماذا تقول لهؤلاء والله كل البدع الظاله جائتنا من بلاد فارس والمجوس والهندوس


بانتظار الجزء الثالث بارك الله بك اخي سلطان المصري

سلطان المصري
05-19-2007, 07:14 AM
وبارك الله فيك اخي الحبيب /هنا الحقيقه -- اعلم ان موضوعنا هذا خمس اجزاء من اروع ما قرات عن التصوف .

هنا الحقيقه
05-19-2007, 07:20 AM
وانا انتظر الاجزاء بشغف لانها فعلا من اروع ما قرأت انا في التصوف