تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فلنعترف بفشلنا



مقاوم
05-17-2007, 06:27 AM
فلنعترف بفشلنا

عبد الباري عطوان

عندما كتبت مقالاً قبل بضعة أشهر يحمل عنوان أخجل من كوني فلسطينياً في تعليقي على الاشتباكات الدموية التي وقعت بين مسلحين من حركتي فتح وحماس، فوجئت بأن الكثيرين أساؤوا فهمي، واعتقدوا أنني أتنصل من انتمائي الفلسطيني، بل إن بعض أنصار حركة حماس ذهبوا إلى أبعد من ذلك، وشنوا هجوماً شرساً ضدي، نشرنا بعضاً منه في هذه الصحيفة (القدس العربي)، ونشر الكثير من المقالات في مواقع الحركة الرسمية، وبعضها خرج عن نطاق أدب الحوار، الذي من المفترض أن يكون من سمات المسلم وأخلاقياته، وقالوا إنني ساويت بين الجلاد والضحية في توجيه اللوم، الجلاد هو حركة فتح وأجهزتها الأمنية، والضحية حركة حماس.

ومن بين هؤلاء اللائمين مسؤولون كبار في حماس لأفاجأ، وبعد أيام قليلة باتفاق صلح مكة الذي أسس لشراكة سياسية بين التنظيمين أثمرت عن حكومة وحدة وطنية وتقاسم الوزارات والمناصب، وشاهدنا الجلاد يعانق الضحية على شاشات التلفزة، وبعض قادة حماس يتبادلون النكات مع رأس الفتنة، وموقعي اتفاقات أوسلو.

قطاع غزة شهد في اليومين الماضيين صدامات دموية أسوأ من تلك التي سبقتها، سقط ضحيتها حتى الآن أكثر من عشرين فلسطينياً ولا يلوح في الأفق أي أمل بتوقف هذه الاشتباكات عمّا قريب، فاتفاقات وقف القتال لا تصمد إلا لساعات، إن لم يكن لدقائق معدودة، ولا أحد يعرف، من المواطنين الأبرياء الذين التزموا منازلهم خوفاً ورعباً، لماذا هذا التقاتل ولمصلحة من.

إنه اقتتال مخجل بكل المقاييس، ولا يوجد له أي مبرر، ويكشف عن جهل مطلق في صفوف الجانبين المتقاتلين، وانعدام الحكمة لدى قياداتهما، وحدوث انهيار في القيم الوطنية، وغياب الرؤية المسؤولة في مثل هذا الظرف الصعب.

يتقاتلون على سلطة وهمية، أو جيفة متعفنة، وصلاحيات شكلية، فلا السلطة سلطة، ولا الوزراء وزراء، ولا السفراء سفراء. لقد كذبنا الكذبة وصدقناها، وتحولنا إلى ضحايا لها.

علينا أن نعترف أننا فشلنا في التعايش ونحن أبناء الوطن الواحد، والقضية الواحدة، فشلنا في إقامة مؤسسات، وتطوير أدوات حكم، وتكريس ديمقراطية وليدة، واعتماد الحوار العقلاني البناء كأسلوب وحيد لحل الأزمات، وتجنب الصدامات.

طالبنا مراراً وتكراراً بحل السلطة، وسخرنا منها، وقلنا إنها وكل ما يتفرع عنها هو نبتة خبيثة، لا تتمتع بأي شرعية، فلا سلطة تحت الاحتلال، ولا ديمقراطية في ظل حرابه، ولكن طالما أن البعض اختلف معنا والملايين من أمثالنا في وجهة النظر هذه، وقرر أن يمضي قدماً في هذه الأكذوبة، فقد كان عليه أن يقدم البديل الأفضل، طالما أنه يتذرع بخدمة مصالح الشعب الفلسطيني ويريد تخفيف معاناته، من حيث بناء المؤسسات على أسس علمية ومهنية صحيحة، وتحسين الأوضاع المعيشية والتأسيس لبناء دولة وأسلوب حكم وفق المعايير العصرية.

الشعب الفلسطيني بات يائساً محبطاً مجوعاً، يعيش حالة من القلق على حاضره، والرعب على مستقبله، فقد خيبت قياداته الفلسطينية في الجانبين آماله، وجعلته يعيش ظروفاً لا تقل سوءاً عن أوضاع أشقائه في العراق، رغم أن الطائفية المذهبية ليست موجودة في أراضيه، ولكن هناك من يريد تحويل الفصائلية إلى طائفية سياسية تقود إلى حرب أهلية.

لا يجب أن نعلّق فشلنا واقتتالنا الداخلي كله على إسرائيل وأمريكا والعرب، وإن كان هذا الثالوث يتحمل اللوم جزئياً، ولكن اللوم كله يتحمله الفلسطينيون أنفسهم وقياداتهم التي أوقعتهم في هذا المستنقع الدموي.

لن نساوي بين الجلاد والضحية هذه المرة، لأنهم كلهم جلادون، وكلهم ضحايا في الوقت نفسه، والضحية الأكبر هو الشعب الفلسطيني الصابر المحبط الذي يقع بين فكي كماشة الاحتلال والحرب الفصائلية المجنونة التي تحصد أرواح أبنائه.

الأراضي الفلسطينية المحتلة تعيش حالة من الفوضى الدموية، هي ثمرة السياسات الارتجالية، والفلتان الأمني، والانهيار الأخلاقي، وانعدام الرؤية والجدية، وغياب أبسط أبجديات الوعي السياسي المطلوب في ظل احتلال ظالم قمعي عنصري دموي.

ما يجري في الأرض المحتلة حالياً هو انعكاس لاختلاط الأوراق، وانقلاب المعايير، فلم يعد المرء يفرّق بين السلطة والمعارضة، المقاومة أو الحكومة، من هم مع اتفاقات أوسلو أو من هم ضدها، من هو مع الهدنة واستمرارها ومن هو مع خرقها، من هو الحاكم ومن هو المحكوم، من الذي سيذهب قتلاه إلى الجنة ومن الذي سيذهب قتلاه إلى النار.

من الواضح أن الفلتان الأمني لم يعد يقتصر على الشارع فقط، وإنما يمتد حالياً إلى الميليشيات المسلحة، فالقيادات السياسية لم تعد تسيطر على مسلحيها، والأجهزة الأمنية في الجانبين باتت تتصرف باستقلالية تامة عن قياداتها، وهذا ما يفسر عدم صمود اتفاقات وقف إطلاق النار.

قلناها قبل عدة أسابيع، بأن اتفاق مكة لم يكن مقبولاً من المتشددين في الفصيلين الموقعين عليه. فالجناح العسكري في حركة حماس كان غير راض عن استمرار الهدنة وتجميد عمليات المقاومة والاستشهادية منها على وجه الخصوص، أما الجناح المؤيد لنهج أوسلو في السلطة، فكان يعمل على تقويضه لأنه لا يريد الشراكة السياسية، وحكومة الوحدة الوطنية، وإنما المواجهات الدموية لاستئصال المقاومة وفصائلها لإرضاء أمريكا وبما يؤدي إلى عودة حكومات الفساد، واستئناف المفاوضات وإقامة دولة فلسطينية مسخ بشروط إسرائيلية.

الذين وقعوا اتفاق مكة من الجانبين في مظاهرة احتفالية تخللتها خطابات مدحية غير مسبوقة، أو غير معروفة في أدبيات الثوار لم يحصلوا على أي ضمانات صلبة بإمكانية رفع الحصار المالي التجويعي عن الشعب الفلسطيني، والاعتراف الدولي، والأمريكي على وجه الخصوص، بالحكومة التي ستتمخض عنه، الأمر الذي أضعف مصداقية هؤلاء في أعين أبناء جلدتهم، وأدى إلى تأكيد وجهة نظر المعارضين له، وللعملية السياسية تحت الاحتلال برمتها.

نعرف من هو الخاسر الأكبر من هذه الصدامات الدموية، مثلما نعرف أيضاً من هو الكاسب الأكبر. فإيهود أولمرت رئيس وزراء إسرائيل لم يعد بحاجة إلى إرسال قواته لاجتياح قطاع غزة مجدداً، وارتكاب مجازر جديدة ضد أبنائه الصامدين، ونسف بيوتهم فوق رؤوس ساكنيها مثلما جرت العادة في المرات السابقة، فمن المؤلم أن المتناحرين على المناصب الوزارية، والصلاحيات الوهمية قد أعفوه من هذه المهمة، وخففوا الضغوط الداخلية على حكومته، وأخرجوه، والدولة العبرية بأسرها من أزمتها السياسية الراهنة.
فهل هناك حمقى وأغبياء سياسياً ووطنياً أكثر من هؤلاء؟

www.qawim.net (http://www.qawim.net/)

من هناك
05-17-2007, 06:55 AM
لقد كان مشمئزاً اليوم ايضاً وطلب من حماس وفتح ان يتركوا الحكم ويعودوا لمواقعهم اصلاً

لكنه مع ذلك يتقرب لفتح اكثر ويتحامل على حماس

مقاوم
05-17-2007, 08:51 AM
لكنه مع ذلك يتقرب لفتح اكثر ويتحامل على حماس


هذا صحيح لأنه لم يكون في يوم من الأيام "إسلاميا" بل هو من أصدقاء أبو عمار قديما
و"الدم ما بيصير مي" لكنه محق في كثير مما ذهب إليه

كلسينا
05-17-2007, 09:42 PM
أنه من رجالات الثورة الغير متاجرين بها .وصاحب نظرة ثاقبة للأمور .

من هناك
05-18-2007, 02:03 AM
مييين؟؟؟ انكل زازا

من قال لك يا حكيم ان عطوان ليس من تجار الثورات !!!!