المستقبل
05-10-2007, 07:31 AM
نصر الله: استقل إذا كنت صادقا
أدلى زعيم حزب الله حسن نصر الله بتصريح مذهل الأسبوع الماضي. فقد أثنى على اسرائيل لقيامها بتحقيق في حرب العام الماضي مع حزب الله، وهو تحقيق اتهم رئيس الوزراء ايهود أولمرت بـ«اخفاق خطير في ممارسة الحكم والمسؤولية والحكمة».
ونقلت بي.بي.سي عن نصر الله قوله، إن الاسرائيليين «يدرسون هزيمتهم ليتعلموا منها» على خلاف الأنظمة العربية التي «لا تبحث ولا تسأل، ولا تشكل لجان تحقيق، كما لو أنه لم يحدث أي شيء».
ويتعين على المرء ان يتأثر بصدقه، لكنه لم يمض بذلك حتى نهاية الشوط، ذلك ان الزعيم العربي الذي يحتاج أكثر من الآخرين الى البحث العميق، هو نصر الله نفسه. فقد بدأ الحرب مع اسرائيل وكانت كارثة للجانبين. وإذا كانت هناك لجنة تحقيق صادقة تابعة للجامعة العربية بشأن الحرب، فإنها يمكن أن تقول عنه ما يلي:
في 12 يوليو 2006 اختطف مقاتلو حزب الله بتوجيه من نصر الله، اثنين من الجنود الاسرائيليين وقتلوا ثمانية آخرين في هجوم لم يسبقه استفزاز عبر الحدود اللبنانية الاسرائيلية، بذريعة السعي الى تبادل سجناء. وهذا أثار حربا أدت الى مصرع 1200 لبناني و160 اسرائيليا. وبعد اجراء مقابلات مع جميع الأطراف ذات العلاقة، تجد لجنة الجامعة العربية أن نصر الله مذنب بالإخفاق الخطير في الحكم والمسؤولية والحكمة للأسباب التالية.
جسد نصر الله اخفاقا تاما في توقع رد فعل اسرائيل على غارته. فقد افترض ان اسرائيل ستنفذ الانتقام المحدود ذاته الذي قامت به في غارات سابقة. وهذا شيء خاطئ. وأخفق في أن يأخذ بالحسبان الظروف المتغيرة في اسرائيل. ان اختطاف جندي اسرائيلي في غزة قبل اسابيع قليلة، اضافة الى حقيقة ان رئيسا جديدا للأركان الاسرائيلي ورئيس وزراء جديدا ووزير دفاع جديدا تولوا مناصبهم حديثا وكانوا كلهم يشعرون بأنه كان يجري اختبارهم مما أثار رد فعل اسرائيلي هائل. ومات حوالي 1200 لبناني بسبب هذا الخطأ الفادح في الحكم.
في شن حرب من جانب واحد ضد اسرائيل بدون تصويت الحكومة اللبنانية، التي يشارك فيها حزب الله، ألحقت الميليشيا ضررا بالغا بالديمقراطية الهشة في لبنان والديمقراطية الهشة في العالم العربي. وقد تحققت على يد حزب الله كل المخاوف التي تشير الى انه، اذا سمحت لحزب اسلامي في أن يتولى حكومة، فإنه لن يحترم اللعبة.
منحت ايران وسورية حزب الله صواريخ، من اجل عملية ردع خاصة بهما. فحزب الله هو ذراعهما الطويلة لممارسة ضغط على اسرائيل ودفعها الى مساومات سياسية وتهديد اسرائيل اذا ما هاجمت ايران وسورية. وبإطلاق كل هذه الصواريخ قبل الأوان وبدون هدف استراتيجي، ازال حزب الله قدرته وكذلك قدرة سورية وايران. ولا تستطيع اللجنة أن تجد مكسبا استراتيجيا واحدا من افعال نصر الله.
عندما بدأت الحرب كان مقاتلو حزب الله موجودين على الحدود مع اسرائيل ويعملون بحرية. وكان هذا تهديدا حقيقيا لإسرائيل. ونتيجة للحرب قامت اسرائيل بإبعاد حزب الله عن الحدود، ووضعت الأمم المتحدة مكان ذلك قوة جديدة لحفظ السلام تضم 10 آلاف فرد، بمن فيهم عدد كبير من الأوروبيين تقودهم فرنسا وايطاليا. نعم ان حزب الله ما يزال يمتلك مقاتلين في المنطقة، ولكنه فقد بنيته العسكرية ولا يمكنه ان يهاجم اسرائيل الآن بدون ان يشتبك مع فرنسا وايطاليا، مما يشكل خسارة استراتيجية لحزب الله.
كانت اسرائيل قد سمحت لقواتها البرية بالتقلص من أجل استثمار أموال أكثر في قدرة قواتها الجوية على ردع ايران وفي حراسة الضفة الغربية. وكشف هجوم حزب الله عن الكيفية التي جري بها تقليص جيش اسرائيل. ونتيجة لذلك شرعت اسرائيل في تحديث واسع لجيشها. وفي أية حرب مقبلة ستواجه الجيوش العربية قوة اسرائيلية أفضل تدريبا وتسليحا.
يزعم حزب الله ان الميليشيا الشيعية التابعة له كانت، في مهاجمتها اسرائيل، تلبي الحاجات الأمنية للبنان. ولكن رد فعل اسرائيل على هجوم حزب الله أدى الى اضرار تقدر بمليارات الدولارات للمنازل والمصانع والطرق اللبنانية، حيث تعرضت المناطق الشيعية الى الأضرار الأوسع، ولم تتحقق أية فائدة أمنية للبنان.
وتعين على لبنان أن يعتمد على المساعدات الخيرية العربية والإيرانية لإعادة اعماره. وعانت اسرائيل، على النقيض من ذلك، من اضرار قليلة نسبيا، وبعد الحرب تمتع اقتصادها بواحدة من فترات النمو العظيمة، ذلك أن الأجانب استثمروا مبالغ قياسية في صناعة التكنولوجيا المتطورة في اسرائيل.
وباختصار فإن نصر الله ربما حقق شعبية لنفسه ولحزب الله بمقاتلة اسرائيل. ولكن ما أهمية ذلك؟ ففي الوقت الحالي، وبعد اقل من عام على الحرب التي سماها حزب الله نصرا «مقدسا»، نجد لبنان اضعف وإسرائيل اقوى. وهذا هو الأمر الأكثر أهمية، وهذا هو السبب الذي يمكن ان يدفع زعيم حزب الله الى الاستقالة اذا كان صادقا
أدلى زعيم حزب الله حسن نصر الله بتصريح مذهل الأسبوع الماضي. فقد أثنى على اسرائيل لقيامها بتحقيق في حرب العام الماضي مع حزب الله، وهو تحقيق اتهم رئيس الوزراء ايهود أولمرت بـ«اخفاق خطير في ممارسة الحكم والمسؤولية والحكمة».
ونقلت بي.بي.سي عن نصر الله قوله، إن الاسرائيليين «يدرسون هزيمتهم ليتعلموا منها» على خلاف الأنظمة العربية التي «لا تبحث ولا تسأل، ولا تشكل لجان تحقيق، كما لو أنه لم يحدث أي شيء».
ويتعين على المرء ان يتأثر بصدقه، لكنه لم يمض بذلك حتى نهاية الشوط، ذلك ان الزعيم العربي الذي يحتاج أكثر من الآخرين الى البحث العميق، هو نصر الله نفسه. فقد بدأ الحرب مع اسرائيل وكانت كارثة للجانبين. وإذا كانت هناك لجنة تحقيق صادقة تابعة للجامعة العربية بشأن الحرب، فإنها يمكن أن تقول عنه ما يلي:
في 12 يوليو 2006 اختطف مقاتلو حزب الله بتوجيه من نصر الله، اثنين من الجنود الاسرائيليين وقتلوا ثمانية آخرين في هجوم لم يسبقه استفزاز عبر الحدود اللبنانية الاسرائيلية، بذريعة السعي الى تبادل سجناء. وهذا أثار حربا أدت الى مصرع 1200 لبناني و160 اسرائيليا. وبعد اجراء مقابلات مع جميع الأطراف ذات العلاقة، تجد لجنة الجامعة العربية أن نصر الله مذنب بالإخفاق الخطير في الحكم والمسؤولية والحكمة للأسباب التالية.
جسد نصر الله اخفاقا تاما في توقع رد فعل اسرائيل على غارته. فقد افترض ان اسرائيل ستنفذ الانتقام المحدود ذاته الذي قامت به في غارات سابقة. وهذا شيء خاطئ. وأخفق في أن يأخذ بالحسبان الظروف المتغيرة في اسرائيل. ان اختطاف جندي اسرائيلي في غزة قبل اسابيع قليلة، اضافة الى حقيقة ان رئيسا جديدا للأركان الاسرائيلي ورئيس وزراء جديدا ووزير دفاع جديدا تولوا مناصبهم حديثا وكانوا كلهم يشعرون بأنه كان يجري اختبارهم مما أثار رد فعل اسرائيلي هائل. ومات حوالي 1200 لبناني بسبب هذا الخطأ الفادح في الحكم.
في شن حرب من جانب واحد ضد اسرائيل بدون تصويت الحكومة اللبنانية، التي يشارك فيها حزب الله، ألحقت الميليشيا ضررا بالغا بالديمقراطية الهشة في لبنان والديمقراطية الهشة في العالم العربي. وقد تحققت على يد حزب الله كل المخاوف التي تشير الى انه، اذا سمحت لحزب اسلامي في أن يتولى حكومة، فإنه لن يحترم اللعبة.
منحت ايران وسورية حزب الله صواريخ، من اجل عملية ردع خاصة بهما. فحزب الله هو ذراعهما الطويلة لممارسة ضغط على اسرائيل ودفعها الى مساومات سياسية وتهديد اسرائيل اذا ما هاجمت ايران وسورية. وبإطلاق كل هذه الصواريخ قبل الأوان وبدون هدف استراتيجي، ازال حزب الله قدرته وكذلك قدرة سورية وايران. ولا تستطيع اللجنة أن تجد مكسبا استراتيجيا واحدا من افعال نصر الله.
عندما بدأت الحرب كان مقاتلو حزب الله موجودين على الحدود مع اسرائيل ويعملون بحرية. وكان هذا تهديدا حقيقيا لإسرائيل. ونتيجة للحرب قامت اسرائيل بإبعاد حزب الله عن الحدود، ووضعت الأمم المتحدة مكان ذلك قوة جديدة لحفظ السلام تضم 10 آلاف فرد، بمن فيهم عدد كبير من الأوروبيين تقودهم فرنسا وايطاليا. نعم ان حزب الله ما يزال يمتلك مقاتلين في المنطقة، ولكنه فقد بنيته العسكرية ولا يمكنه ان يهاجم اسرائيل الآن بدون ان يشتبك مع فرنسا وايطاليا، مما يشكل خسارة استراتيجية لحزب الله.
كانت اسرائيل قد سمحت لقواتها البرية بالتقلص من أجل استثمار أموال أكثر في قدرة قواتها الجوية على ردع ايران وفي حراسة الضفة الغربية. وكشف هجوم حزب الله عن الكيفية التي جري بها تقليص جيش اسرائيل. ونتيجة لذلك شرعت اسرائيل في تحديث واسع لجيشها. وفي أية حرب مقبلة ستواجه الجيوش العربية قوة اسرائيلية أفضل تدريبا وتسليحا.
يزعم حزب الله ان الميليشيا الشيعية التابعة له كانت، في مهاجمتها اسرائيل، تلبي الحاجات الأمنية للبنان. ولكن رد فعل اسرائيل على هجوم حزب الله أدى الى اضرار تقدر بمليارات الدولارات للمنازل والمصانع والطرق اللبنانية، حيث تعرضت المناطق الشيعية الى الأضرار الأوسع، ولم تتحقق أية فائدة أمنية للبنان.
وتعين على لبنان أن يعتمد على المساعدات الخيرية العربية والإيرانية لإعادة اعماره. وعانت اسرائيل، على النقيض من ذلك، من اضرار قليلة نسبيا، وبعد الحرب تمتع اقتصادها بواحدة من فترات النمو العظيمة، ذلك أن الأجانب استثمروا مبالغ قياسية في صناعة التكنولوجيا المتطورة في اسرائيل.
وباختصار فإن نصر الله ربما حقق شعبية لنفسه ولحزب الله بمقاتلة اسرائيل. ولكن ما أهمية ذلك؟ ففي الوقت الحالي، وبعد اقل من عام على الحرب التي سماها حزب الله نصرا «مقدسا»، نجد لبنان اضعف وإسرائيل اقوى. وهذا هو الأمر الأكثر أهمية، وهذا هو السبب الذي يمكن ان يدفع زعيم حزب الله الى الاستقالة اذا كان صادقا