تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نقاط على حروف



سهيل الحلبي
05-04-2007, 02:28 AM
نقاط على حروف
إننا نمر بمرحلة استثنائية ستوضع فيها كما يقال النقاط على الحروف فيتوجب علينا أن نتحلى بالوعي والهدوء والحكمة والثبات ... نعم الثبات على المبادئ المشرفة .فإن أمتنا تعيش مرحلة شديدة التوتر، حيث تنام وتصحو على إيقاع التهديدات بحرب أميركية صهيونية .......
نعلم أنه منذ تفكك الاتحاد السوفياتي تضاعفت شراسة الولايات المتحدة كقوة عظمى دون منازع حيث لم تجد الصين أو أوروبا أو أي طرف آخر القدرة على الوقوف بوجهها كقوة مضادة تخفف من غلوائها وتحدث توازنا دولياً جديداً تنشده سائر شعوب المعمورة.
فأوروبا التي عُلّقت الآمال على تكتلها ضمن اتحاد يفترض أن يتحلى بديناميكية وفعالية واستقلالية دولية، لم تفعل إلا أن تلعب -في أكثر الأزمات الدولية خطورة- دور التابع الذي تملي عليه واشنطن إرادتها.
ولقد تورطت مع الضغوط الأميركية في مواقف مرغت أنفها في الوحل، بحيث لم تضيّع استقلاليتها السياسية وإنما خسرت أيضا سمعتها الأخلاقية إلى جانب تأكيد تبعيتها الاقتصادية.
صمتها ما زال مدويا بخصوص الحصار الاقتصادي المفروض من الولايات المتحدة حتى الساعة على كوبا منذ بداية الستينيات. هذا إذا لم نتحدث عما بات يعرفه الجميع من مشاركة في المظالم على الشعبين الفلسطيني والعراقي ومن تدخلات في السودان والصومال وفي الشؤون السورية و اللبنانية بتحرك بغيض على أساس المذهب والطائفية.
وقّعت الحكومات الأوروبية يوم 7 فبراير/ شباط الماضي على اتفاقية الأمم المتحدة ضد الاختفاء القسري والتي تجرّم وجود سجون سرية، وهي التي تورطت على مدار السنوات الماضية مع وكالة الاستخبارات المركزية في حوادث اختفاء قسري واختطاف معارضين، كما أشار إلى ذلك البرلمان الأوروبي في تقريره الذي أصدره بعد أسبوع من هذا التوقيع.
طائرات السي.آي.أي التي نقلت دون أي شرعية الأشخاص المشتبه في ضلوعهم في أعمال إرهابية إلى مراكز الاحتجاز في غوانتانامو وأفريقيا وأوروبا، حطت في المطارات الأوروبية ما لا يقل عن 1245 مرة، بمعرفة حكومات أوروبا التي لم يخف عنها الطابع الإجرامي لهذه الرحلات السرية.
وقد سبق أن كُشف عن وجود مراكز تعذيب في كل من رومانيا وبولونيا وغيرها تفتح أبوابها لأميركيين يخضعون أسراهم للتعذيب والمعاملة الحاطة بالكرامة الإنسانية.
كما كُشف عن دور بعض الحكومات الأوروبية الأخرى مثل المملكة المتحدة وألمانيا والنمسا وإسبانيا وإيطاليا والبرتغال وحتى الدانمارك والسويد، في اختطاف مشتبه فيهم من أراضيهم باسم محاربة الإرهاب وانتزاع اعترافاتهم تحت التعذيب.
المسؤولون الكبار -بمن فيهم المسؤول عن السياسية الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا- كانوا على علم بهذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
بموجب قوانين محاربة الإرهاب التي فرضتها الولايات المتحدة على حكومات العالم، يمكن لأي قاضٍ أن يوجه تهمة لأي شخص يشتبه فيه أو يراد تصفية حساب معه ولو كان بريئا.
والحملات الإعلامية والدعائية التي تهدف إلى التأثير على عواطف البشر لتصريف الشركات عابرة الحدود لبضائعها، يصرف عليها في الدول العربية ما لا يقل عن ثلاثة مليارات دولار، ما جعل 80% من المشتريات في الحد الأدنى تتعدى الحاجة الاستهلاكية لهذه الشعوب.
والمصيبة الكبرى هي عندما نجد من المثقفين والسياسيين العرب -المفترض امتلاكهم نوعا من الحصانة التحليلية لاستيعاب العلاقة بين الإدارة الأميركية والديمقراطية- من يستجدي رضا هذه الإدارة...... والتبشير بالفرج القادم عن طريق من لم يستطيعوا تطبيق ما يبشروا به على أنفسهم ناهيك عن إمكانية تطبيقه على غيرهم .
لقد سمحت الأطباق الفضائية المنتشرة فوق بيوت الفقر في كل أصقاع الأرض لكل ضحايا الأمية والجوع والمرض بمتابعة قرارات مجلس الأمن مباشرة وتفهم آليات السيطرة على المنظمة الأممية.
ولم تعد تنطلي على أحد سياساتُ البنك الدولي الذي عهدت إدارته لمهندس العدوان على العراق (جاء وولفويتز بدعوى محاربة فساد تورط به هو نفسه).
غالبية الدول العربية ترزح -حسب التقرير الاقتصادي العربي لعام 2006- تحت وطأة ديون متراكمة وصلت قيمتها عام 2005 إلى 149.3 مليار دولار، في حين أن بعض هذه الدول تستحوذ على القسم الأكبر (59% على أقل تقدير) من احتياطي النفط في العالم، وتساهم بنحو 31.7% من إجمالي إنتاجه. كما أنها تستأثر بـ29.4% من إجمالي احتياطي الغاز وتساهم بنحو 11.4% من إنتاجه.
ألم يشر كيسنجر في خطته المسماة (NSSM200) إلى أن معدلات النمو السكاني في الدول النامية الغنية بالمصادر الخام الإستراتيجية هي مبعث قلق الأمن القومي الأميركي؟
بالتأكيد، صورة أميركا وجبروتها تراجعت بقوة بفعل هذا الاستعمال المفرط والمجنون للقوة. شعوب الشرق لم تتضرر وحدها من هذه الحروب التي طحنتها، فالشعب الأميركي دفع أيضا غالياً سياسات حكامه.
ناهيك هن الإستغباء المطبق على شعوب الغرب بشكل عام .
الجنود الذين يسقطون في العراق أكثر بكثير من المعلن، أما التكلفة فستتجاوز الـ500 مليار دولار في نهاية هذا العام، وهي تقترب من كلفة حرب فيتنام خلال 12 عاما.
إن المخططون لهذه الفوضى الهدامة يخدمون بأفعالهم هذه مصالحهم وتطلعاتهم وهذا أمر قد يقبل عقلياً و لكن ما ليس مقبولاً ولا مفهوماً أن يستمر البعض من العملاء الذي يحسبون على أمتنا بتنفيذ مخططات الأعداء في المنطقة بتآلف مع السياسة الإسرائيلية واللوبي الموالي لها.

من هناك
05-06-2007, 07:11 PM
شكراً لك على هذه المطالعة الوافية. إن الدول العربية ليست دولاً بالمعنى الصحيح للكلمة بل ان الحكام هم نواطير على خيرات يديرها الأمريكي ورعاة على قطعان من الشعوب الإستهلاكية التي لا يمكن ان يتحرر قرارها ما لم يتحرر فكرها من الخوف والرهبة والجوع