تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : صلاح المختار : البعث والمقاومة العراقية "من الأعداد حتى الجهاد"



محمد دغيدى
04-24-2007, 03:27 PM
البعث والمقاومة العراقية : من الاعداد حتى الجهاد

شبكة البصرة

صلاح المختار
مقدمة لابد منها
هناك حقيقة اخذت تظهر بوضوح تام : ان المرحلة الحالية التي يمر بها العراق هي مرحلة الحسم الاخير والنهائي، ولذلك فان كافة القوى والخيارات الحاسمة، والتي أجلت بعض الاطراف المتصارعة اخراجها وزجها في الصراع سابقا انتظارا للحسم، نراها الان تستخدم في ساحة الصراع بكامل فاعليتها لتحقيق النصر وحسم الصراع. وفي هذا الاطار يلاحظ ان جهات عديدة منسجمة ومتناقضة تلتقي، في هذه اللحظة المصيرية بالذات، عند نقطة واحدة وهي معاداة البعث، رغم تناقضها فيما بينها، وممارسة سياسات واساليب تقوم على محاولات تغييب دور البعث اوتشويه صورته امام الراي العام وامام مجاهديه بشكل خاص لبث الياس والتردد في النفوس. لقد اطلقت كل دبابير الاعداء المدربة على اللدغ المؤذي بوجه البعث فالاغتيالات لكوادر البعث المجاهدة قد ازدادت على نحولم يسبق له مثيل منذ الغزووبلغ عدد الكوادر فقط التي اغتيلت اكثر من 1300 كادر، اضافة لالاف الاعضاء، وحملات الاعتقال للبعثيين ازدادت واصبحت تتكرر في مدن عديدة، لاجل زج الاف اخرى من البعثيين في السجون، ومحاولات التامر على الحزب من الداخل والخارج لاجل شقه قد توسع اطار من يشارك فيها من خارج الحزب واصبحت المخابرات الامريكية هي المايستروالصريح الذي يحرك المتامرين على الحزب، وهجمات وتصريحات لعناصر واشخاص تنتمي لفصائل اخرى على البعث تشتد وتزداد وقاحة واستفزازا دون ان يكون البعث قد تجاوز على احد اواستفزه، ومحاولات انكار دور البعث في المقاومة تتصاعد، والاعلام العربي يكثف حملاته للاساءة للبعث ومواقفه وسياساته فتطلق التقارير وتبث البرامج القائمة على تزوير الحقائق ومنع البعثيين من الرد عليها، ومهاجمة رموز البعث السياسية الاعلامية بشراسة غير مسبوقة!
كل هذه النشاطات والتحركات تثير اسئلة جوهرية منها : لم تكثفت وازدادت الحملات المعادية للبعث الان؟ هل لذلك صلة مباشرة بوصول الثورة المسلحة الى مرحلة الحسم؟ واذا كان الجواب نعم : ماهي الاسباب التي تجعل الحسم مقترنا بتصعيد حملات شيطنة البعث، التي كانت اولا سياسة امريكية – اسرئيلية – أيرانية لكنها الان اصبحت أيضا سياسة اشخاص محسوبين على بعض الفصائل التكفيرية واجهزة اعلام تظاهرت بالحيادية؟ وما معنى جعل البعث قبل الغزووبعده الهدف الاول لامريكا في العراق؟ وأيهما، في الواقع وليس في الدعاية، اخطر بالنسبة لامريكا البعث ام التكفيريين؟ قبل الاجابة لابد من توضيح بعض النقاط الحيوية لاننا نعيش في عصر أصبح التضليل فيه هواساس عمل القوى المعادية وغيرها!

قصور فهم اساليب الاعداء
هناك نقيصة في ثقافتنا السياسية بشكل عام وفي وعينا الستراتيجي بشكل خاص، وفي معلوماتنا عن الالعاب الاستخبارية السرية بشكل اخص، وهي اننا نتعامل مع الاحداث الكبرى من خلال مظاهر الامور ووثائق الدول الرسمية المعلنة، والتحفظ على، وغالبا رفض، ما قد تستبطنه تلك المواقف اوالسياسات الخاصة بأعدائنا اوخصومنا الدوليين والاقليميين من خطط سرية اواهداف مناقضة لما اعلن في السياسات الرسمية، في حين ان عدونا المشترك (امريكا واطراف اوربية والصهيونية وايران) يخطط لمديات طويلة، واحيانا طويلة جدا، كما هوالحال مع بروتوكولات حكماء الصهيونية وبروتوكولات حكماء ايران، التي تمتد لمئات السنين، وخطط الغرب الاستعماري، التي تمتد لعقود من الزمن، تجري خلالها عمليات الانتقال من خطوة الى اخرى طبقا للمخطط الموضوع وليس طبقا لاجتهادات من يحل في السلطة محل سابقه. وبسبب هذا الامتداد الزمني الطويل ودقة رسم الخطط لا يكتشف الكثيرون ان هناك بروتوكولات اسرائيلية اوفارسية قومية اوخطط استعمارية امريكية واوربية بل يرى احداثا متناثرة لا يظهر رابطا قويا بينها، وهذا هوالفخ الذكي المنصوب للامة العربية!
ان بروتوكولات حكماء صهيون، وتوأمها المكمل بروتوكولات حكماء الفرس وخطط الهيمنة الاستعمارية الراسمالية الغربية، هي نماذج لهذا النمط من التخطيط الستراتيجي السري الطبيعة، والتي تنكر من قبل من ينفذها، مثل أنكار الجهات الرسمية الامريكية وجود مطامع في النفط العربي، قبل وبعد غزوالعراق، مع ان احد اهم عمودين ثابتين في سياسة امريكا تجاه العرب هوعمود النفط، ومثلما كانت ايران تنكر انها تروج لدعوة طائفية في الوطن العربي وتنكر ان لها اهدافا توسعية قومية، لكن غزوالعراق كشف النقاب عن الحقيقة الكاملة لخطط ايران الاستعمارية والتي تكاد تتطابق من حيث الاهداف والاساليب مع الحركة الصهيونية، ومثلما كانت الحركة الصهيونية تنكر انها تريد الإساءة للعرب وانها تريد فقط وطنا آمنا لليهود يوقف اضطهادهم. لكن الواقع يشهد انها مخططات حقيقية وتطبق بتدرج وتخطيط محكم لكي يمتص ويحتوى زخم الرد الشامل والمدروس من قبل الضحايا وهم العرب في اجواء التضليل الاعلامي الشامل.
ومن اهم نتائج تنفيذ هذه المخططات الفعلية، التي تؤكد وجود المؤامرة، هي احتلال فلسطين كنتاج للبروتوكولات الصهيونية، واحتلال الاحواز العربية والجزر العربية في الخليج العربي من قبل ايران كنتاج لوجود بروتوكولات فارسية، واحتلال العراق من قبل امريكا بصفته تأكيد لوجود خطة شاملة للسيطرة على كافة منابع النفط مباشرة وابتزاز العالم بقوته. وهنا يجب ان نذكرّ بان من الحقائق المعروفة تقليد ان بريطانيا وامريكا لا تكشفان اسرار سياستهما الا بعد مرور نصف قرن من الزمن تكون خلالها كل المعطيات قد تغيرت فلا يلحق الضرر بهما بل يعد من مخلفات الماضي الذي انتهى مع ان الحاضر يشهد تنفيذ خطط سرية جديدة! والسؤال المهم هنا هو: لماذا تخفى الاسرار اذا لم تكن هناك خططا سرية غير معلنة وتتناقض مع ما هومعلن؟
ماذا يحصل لمن يخوض صراعا مصيريا مع اعداء اذكياء وحكماء وطامعين وقتلة من الطراز الاول وهولا يفهم لعبتهم الحقيقية واصولها القائمة على اظهار الاعداء له عكس ما يستبطنون؟ الارباك في افضل الاحوال والتضليل في أسوأها. وفي حالتي الارباك والتضليل فان العدوالمشترك يضمن السيطرة على مسرح العمليات الاساسي، وهوالعقل والمنطق، ويجبر الضحية على اتباع سياسات الفعل ورد الفعل، وهي سياسات قاصرة ومنهكة ومدمرة تقود في نهاية المطاف لهزيمة الضحية مهما قاتل ببسالة، في حين ان العدوالمشترك ينفذ مخططا ستراتيجيا بعيد المدى وثابت الاهداف. ان قيام الجهد الاساسي للضحية على اعمال رد الفعل يفقده القدرة على الفعل الاصلي المبادر فيحرم من اكتشاف ما يخبئه العدوالمشترك لانه يقصر تعامله مع التحدي الاني وعدم الانتباه بالقدر الكافي للتحديات الاخطر القادمة، وهوبالضبط ما يرده العدو.
بتعبير اخر ان ان العفوية في القتال لدى الضحية تغيّب القدرة على اكتشاف آليات تفكير العدووانماط العابه الاستخبارية والستراتيجية فيقع فريسة غموض في فهم ابعاد الصراع وتساوي الاحتمالات لديه والعجز عن فرز الاحتمال الارجح عن الاخر الاقل اهمية، ومن ثم تفشل الضحية بالقيام بحشد القوى وتوزيعها بشكل صحيح، طبقا لاهمية كل معركة! يقترن ذلك بما هو اسوأ وهوتغيير الخطط اعتباطيا لمجرد التخلص من تحد قد يكون مفبركا لاجل الارباك، وذلك هوالطريق المفضي الى الهزيمة مهما كان القتال بطوليا، لقد حدد العدوالمقتل في سلوك الضحية وهومقتل خطط العدولابرازه وضربه في الوقت المناسب.
ولحسن الحظ فان عصرنا هذا قد سمح بكسر الكثير من الاسرار، فاكتشف كثير منا بان ماتعرضنا له من احداث في العقود الماضية، لم يكن كما لاحظنا في الظواهر، بل انه كان يستخدم الظواهر لتحقيق ما اخفاه عمدا في البواطن. فمثلا لم تدرك القوى الوطنية العربية بان الصراعات فيما بينها، والتي تفجرت في نهاية الخمسينيات، كانت مخططا لها من قبل العدوالصهيويني – الغربي، بل كنا نظن انها غالبا ثمرة نقص الخبرة وعواطف التحزب وأنانيات الزعماء، اما الان، ورغم اهمية العوامل التي ذكرت، فاننا اخذنا نكتشف وعلى نحومتزايد بان ثمة تخطيطا بعيد المدى قد وضع ونفذ، خصوصا منذ صعود القومية العربية ببزوغ عصر القائد المرحوم جمال عبدالناصر، اساسه تدمير وحدة القوى الوطنية العربية، خصوصا القوى القومية التقدمية الوحدوية منها، وتهيئة البيئة لاحلال قوى تشرذم ولا توحد الصف العربي محلها في قيادة الشارع العربي اوالسلطة.
ولا يمكن لاي عاقل يستخدم ذكاءه ان يتجاهل ان مانواجهه الان من تشرذم كان ثمرة تخطيط غربي صهيوني محكم لم تكن اخطاء وقصور وتخلف العرب الا عاملا مساعدا له وليس خالقه. والمفارقة المذهلة في قصور وعي بعضنا تتجسد في اننا نملك تراثا وتقاليدا عريقة عمرها الاف السنين وسبقت نشوء الغرب مثل معرفتنا لشعار (فرق تسد)، ولكننا لم نتعمق في فهم آليات واساليب قيام الاعداء بتفريقنا كي يسودوا بل اكتفينا بالتعميم المباشر ونسينا الغوص في التفاصيل الشيطانية لهذا الشعار وهذا التكتيك.
في ضوء ما تقدم ندخل في موضوعنا الاساسي وهودور البعث في المقاومة العراقية المسلحة، الذي اصبح الان، وبعد تعزز دور الحزب وتعاظم جماهيريته على نحولم يسبق له مثيل، خصوصا عقب اغتيال امينه العام سيد الشهداء صدام حسين ورفاقه الابطال على يد الاحتلالين الامريكي والايراني، هدفا لحملات اعلامية اشد ضراوة مما سبق تلتقي فيها قوى تبدومتناقضة لكنها تتفق على امر جوهري وهواجتثاث البعث، سواء بالإبادة الجسدية اوبالتشويه المتعمد لدوره وهويته. ومن اهم ما لا حظناه هوان العدوالمشترك، خصوصا امتدادته التجسسية داخل بعض من يقاومون الاحتلال، واجهزة اعلام معروفة الهوية، يحاولون الان انكار دور البعث في المقاومة العراقية اوالتقليل من شأنه، ولكي لا يضيعنا العدوالمشترك في متاهات العابه الذكية علينا ان نضع انفسنا داخل خطي السكة الحديدية الصارمة للواقع العراقي وان لا نخرج منها حتى نصل الى الحقيقة ونسقط الدعايات الخبيثة، وسكة الحقيقة هذه هي قراءة الواقع العراقي كما هولا كما يريد العدوان يظهره هووطابوره الخامس مهما تعددت اسماء افراد هذا الطابور.

ستراتيجية الخداع الشامل
لم يعد سرا ان الخداع الشامل كان الاساس الذي بني عليه غزوالعراق واسقاط النظام الوطني فيه، ولكن الذي قد لا ينتبه اليه كثيرون هوان ستراتيجية الخداع الشامل مازالت هي العمود الفقري في عمل الاحتلال الامريكي في العراق خصوصا فيما يتعلق بالبند الاول في برنامجه في العراق المحتل وهواجتثاث البعث. كيف تتجلى ستراتيجية الخداع الشامل عندما تحرك وتنفذ قانون اجتثات البعث؟ ان ما يجري الان يجسد خير تجسيد خطوات واساليب الخداع الشامل الذي تقوم به امريكا في العراق. ومن اهم مظاهر ذلك ما يلي :
1 – ان من اهم الاساليب خبثا التي تتبعها قوات الاحتلال هواسلوب تقزيم المقاومة العراقية من خلال محاولة تصوير عملها وكأنه يقتصر على نسف الاليات المعادية وان عمليات النسف الوحيدة التي تجري هي تلك التي تصور! أين يكمن الخبث والتقزيم؟
أ – الخبث هوفي تقديم انطباع مضلل وهوان المقاومة العراقية المسلحة صارت عبارة عن مفخخات بالاساس، الامر الذي يخفي الاهمية الحاسمة للعمليات القتالية الاخرى وهي اهم بكثير من المفخخات التي تعتمد على وسائط قتالية وليس على قتال جبهي يقوم به بشر. فالمفخخة لا تكلف سوى ثمن صنعها وزرعها ثم تفجر عن بعد، فهي تخلوا من المخاطرة الكبيرة ومهما كانت اضرارها على الاحتلال، بينما القتال مع العدوهومواجهة بين المجاهدين والاحتلال تعتمد اساسا على التضحية بالنفس والقدرة القتالية الخاصة. لقد انزل تكتيك ابراز المفخخات مرتبة القتال الجبهي الى مستوى واطئ اوالاهمال، فيما رفعت قيمة المفخخات لتصبح الرمز الاساسي للمقاومة مع انه رمز ثانوي لها.
ب – ان الاعتماد على تصوير العمليات الخاصة بنسف الاليات واعتبار ذلك هوالدليل الوحيد على الفعل الجهادي، كما تدعي عناصر معينة اواجهزة اعلامية معينة، انما هواحلال للجهاد الاعلامي محل الجهاد العسكري، ومن ثم تحويل المقاومة الى فعل دعائي في المقام الاول يجير لخدمة طرف اوعناصر دورها القتالي الحقيقي ثانوي.
ج – بجعل المعيار الجهادي الاول والاهم هوالتغطية الاعلامية سوف يصبح ممكنا الاساءة لفصائل تقاتل العدوبالرجال والمعدات القتالية المباشرة كالرشاشات والقنابل، ولا تقوم بزرع مفخخات، بتحديها ان تبث فيلما يثبت انها قامت بعمل جهادي! ان هذه الخدعة لا تظهر خباثتها الا اذا تذكرنا ان تصوير مفخخة امر سهل لانه لا يتم اثناء القتال بل اثناء الهدوء وحينما يحدث الانفجار وتتطاير الالية يتم التصوير من بعد ودون اضرار اوخسائر لذلك فان التصوير امر ممكن. اما حينما تخوض المقاومة معركة دفاعية اوهجومية شرسة ضد الاحتلال واعوانه فان التفكير بالتصوير يصبح غباء مفرطا لان المقاتل يكون منغمسا في الهجوم اوالدفاع في اجواء تفوق عسكري وتكنولوجي كبير جدا للعدووفي وقت قصير لا يسمح احيانا حتى باكمال مستلزمات المعركة الاساسية كحشد المقاتلين اوتوفير العتاد.
د – بجعل معيار التغطية الاعلامية هوالفصل فيمن يجاهد ومن لا يجاهد ستتضخم الانا لدى فصائل صغيرة جدا، يقتصر دورها اساسا على زرع المفخخات، وهوعمل يمكن لفرد واحد ان يقوم به، وتصبح قادرة على التجاوز على الفصائل الاساسية واستفزازها والانتقاص من دورها، خصوصا في اجواء لا تخلوا من قلة الوعي وضعف الثقافة، وهكذا تبرز مشاكل تنظيم سلوك المجاهدين بصورة عقلانية تؤمن الحد الادنى من الانسجام والتوافق لتجنب الصراعات غير المبررة.
ه – يصبح ممكنا للاحتلال الادعاء بان من يقاوم هم انفار ومجموعات صغيرة تزرع المفخخات في الطرق ثم تفجرها، الامر الذي يجعل المقاومة بعيون من لا يعرف ولا يعي جيدا عمل مغامر، وكل عمل مغامر محكوم عليه بالفشل في النهاية، بعكس المقاومة القائمة على مقاتلة العدوبالرجال فانها عمل مخطط ويعتمد على جماهير غفيرة ومقاتلين مدربين واستعداد للموت. يضاف الى ذلك ان المقاومة عمل فدائي وبهذا المعنى فان القتال وليس زرع المفخخات هومعيار العمل الفدائي الاساسي.
6 – لقد اثبتت التجربة الواقعية لغزوالعراق بان تصوير الكلمات وبثها اوتصوير العمليات غالبا ما يؤدي على انكسارات امنية، لان العدوسرعان ما يحلل الافلام والصور المبثوثة ويحدد اماكن ومناطق ووجوه من خلال القدرات التكنولوجيا المتفوقة التي يمتلكها، فتكون النتيجة اعتقالات واسر اشخاص كان يمكن حمايتهم لولم يتم التصوير. بل يجب المصارحة الان بان الضغط على البعثيين لبث خطب اوافلام مصورة كان ومازال مدفوعا من قبل الاحتلال، بصورة غير مباشرة غالبا، لانه سيساعد على تحديد احداثيات واكتشاف معلومات مطلوبة للمتابعة الامنية، فمثلا حينما بث خطاب مسجل للمجاهد عزت الدوري اعقب ذلك حملة اعتقالات طالت المئات من المواطنين خصوصا في المناطق التي توقع العدوان يكون فيها المجاهد الدوري.
ان من اكبر عناصر الخداع الامريكي هي خطة تحويل التغطية الاعلامية الى بديل عن الواقع العراقي، واختصار المقاومة باعمال المفخخات واهمال اهم ما فيها وهوالقتال بين بشر محتلين وبشر محررين! فهل يختلف هذا النوع من الخداع عن خداع الاعداد لغزوالعراق؟ الان المطلوب من قبل الاحتلال هوتجيير المقاومة لمن هوالاقل قدرة والاصغر حجما والاندر فاعلية، وحرمان الاكثر والانشط والذي يتحمل مخاطر القتال من تقديم صورة حقيقية عنه في الاعلام!
7 – ان الدليل الحاسم على خباثة امريكا، والدليل على انسياق بعض اصحاب المفخخات وراء خداعها القائل بان من لا يملك افلاما مصورة لا دور جهادي له، هوالحقيقة التالية : اعترف الاحتلال رسميا بان عدد العمليات العسكرية للمقاومة قد تجاوزت 140 عملية يوميا، واذا قبلنا هذا الرقم، وهوالحد الادنى للعمليات العسكرية والتي تقدرها اوساط المقاومة باكثر من 300 عملية يوميا، فان دور وحجم عمليات المفخخات يظهر بوضوح تام ويسقط لعبة الخباثة الامريكية. فمن المعروف ان ما يبث من عمليات نسف اليات لا يتجاوز العملية في اليوم، ولكن لنفترض انها عشرة عمليات في اليوم، فهل يشكل هذا العدد شيئا مقارنة بعدد العمليات العسكرية من الانواع الاخرى للمقاومة والتي تبلغ في الحد الادنى 130 عملية بعد انقاص عمليات المفخخات؟
نعم المقاومة تشن عمليات قتالية في مختلف انحاء العراق تتوزع ما بين جمع معلومات استخبارية وقصف معسكرات ومهاجمة قوات والدفاع عن الاحياء والمناطق التي تهاجم من قبل الاحتلال... الخ، وهي اهم انواع المقاومة واكثرها تأثيرا على الاحتلال. وهذه العمليات لا تصور لاسباب عملية صرفة كما قلنا، لذلك فان السؤال الذي يفضح الخبث الامريكي هولماذا يتم اهمال اوتجاهل اوتقزيم العمليات العسكرية الاساسية للمقاومة؟ الجواب لان من يقوم بها هم مقاتلون محترفون يمثلون القوة الاساسية في المقاومة العراقية وينتمون لفصائل جهادية بعثية وغير بعثية تنتمي كلها تقريبا للجيش الوطني الذي حله الاحتلال فتحول بقوى كبيرة منه الى العمل المقاوم السري والمنظم. وهذه القوة هي التي يراهن عليها في تحرير العراق بسبب انتشارها في كل العراق وخضوع اغلبها لتنظيم سياسي واحد يوجهها ويحدد مسارات ضرباتها بما يضمن تقريب يوم النصر. لذلك فان التعتيم عليها لا يقصد به حجب عملياتها فقط عن الراي العام واقناعه بأنها ضعفت اوزال دورها بل اساسا المطلوب هوتفتيت هذه القوة الضاربة وشقها ورزع الارتباك في صفوفها، وتقديم نخب مقاتلة بدلا عنها تفتقر الى القاعدة الجماهيرية والعسكرية، لان الاحتلال يعرف يقينا انها نخب لا تستطيع السيطرة على العراق بسبب محدودية بشرها وفقر خبرتها وتشرذمها واستحالة اتفاق النخب على موقف واحد تجاه الاحتلال وسعي كل منها للانفراد بالسلطة وتكفير الاخرين، فهي لذلك مشاريع تفتيت وشرذمة وتفتقر بشدة الى الرؤية العقلانية والموضوعية للواقع العراقي.
ما الذي يترتب على هذه الملاحظات الجوهرية؟ اول ما يجب الانتباه اليه هوان العدوالامريكي يتبع اساليب خداع وتضليل ذكية جدا وفعالة جدا قبل ان تكشف ومنها التي اشرنا اليها، ولذلك، ولاكتشاف الحقيقة، يجب تفكيك قصص الاحتلال ومن يشاركه ترويجها لتحديد ما هوصحيح فيها وما هوتضليل محض. لقد اكتشفنا ان الاحتلال والاعلام العربي وفصائل فرحة بعمليات المفخخات، وهوفرح مشروع طبعا، قد قدم صورة مضللة عن واقع المقاومة العراقية باختصارها وتقزيمها بجعل تصوير نسف الاليات هوالعمل الاساسي مع انه عمل ثانوي مقارنة بالقتال الجبهي بين البشر، وترتب على هذا تغييب دور من يقاتل بلا مفخخات على ارض العراق ويقوم باكثر من 130 عملية من بين 140 عملية يومية!
ان البعث لا يحتاج لشهادة من احد ابدا لانه هوالذي يمنح الشهادات للاخرين ليس انطلاقا من غرور تحزبي بل من واقع عياني معروف وهودور البعث الجهادي قبل الغزوودوره في الاعداد للمقاومة وتفجيرها ومواصلتها رغم انه الاكثر تعرضا للابادة الجسدية!

مداخل الفهم الصحيح
علينا اولا وقبل كل شيء لفهم الامور بصورة صحيحة ان نفكك مكونات حملة الخداع الشامل من خلال تثبيت الحقائق التي تغيّب عمدا ومنها ما تلخصه الاسئلة والاجوبة التالية :
1 – من هوالعدوالاول والرئيسي للاحتلال والصهيونية وايران كما نراه في الواقع الفعلي وليس في الاعلام، والذي تركز هذه الاطراف الثلاثة كل الجهود لتصفيته جذريا؟
الجواب : انه البعث والنظام الوطني بقيادة الشهيد صدام حسين كما اثبتت وقائع غزوالعراق وحسمت الامر، فالحروب والهجمات لم تقع الا على البعث ونظامه الوطني، اما حروب الكلام والرصاص الخلب، والتي كان هدفها تأهيل اطراف للعب دور تخريبي تحت غطاء محبوب، فكانت مع الاخرين.
2 – من خاض ويخوض المعركة الرئيسية مع امريكا والصهيونية وايران؟
الجواب : انه البعث والنظام الوطني، وهي حقيقة اكدها اضطرار امريكا لخوض حرب شاملة ضد العراق، وبتواصل واصرار استمرا منذ عام 1988 فخاضت امريكا وحلفاء لها حربين ضد العراق (في عام 1991 وعام 2003)، وبلغ عدد الدول الحليفة والداعمة لامريكا ضد العراق حوالي اربعين دولة، وهوعدد من الدول اكثر واهم واقوى من الدول التي اشتركت في الحرب العالمية الثانية ضد النازية، فهل هذا الحشد كان صدفة اونتيجة غضب؟ ام انه حصيلة حسابات ستراتيجية دقيقة حددت العدوالرئيسي في عراق البعث وصدام حسين؟ واذا كان هناك طرف اخر يشكل عدوا رئيسيا لامريكا لم لم يتعرض لنفس المستوى من الحروب؟
3 – كيف تتم عمليات تصفية البعث فكريا وسياسيا وتنظيميا وجهاديا وماليا ودعائيا؟
الجواب : تتبع امريكا في تصفية البعث كافة الطرق المتاحة من اغتيالات واعدامات لمئات الكوادر ولالاف المناضلين وزج عشرات الالاف في الاسر ومصادرة الاموال والطرد من الوظائف والتشويه الفكري وتلفيق الاكاذيب وعدم السماح للبعث بالرد من خلال منع الاعلام من اعطاء مناضليه فرص الرد اوتوضيح مواقفه، والعمل على شق الحزب والسطوعلى اسمه وتهجير الالاف من أعضاءه من العراق. باختصار شديد ان الجهد الشامل لامريكا وايران واسرائيل واطراف اخرى يتركز على محوالبعث، هوية ووجودا ماديا، من العراق والوطن العربي، فهل واجه اويواجه حزب اوطرف اخر هذا النمط المركب من الحملات الاجتثاثية؟ بالتاكيد كلا، ومن يقول غير ذلك فليقدم دليله.
4 – ما هوأثر ذلك على البعث وافعاله وردود افعاله في الساحات كافة؟ هل يملك حرية نسبية اومطلقة للتحرك مثل باقي الفصائل؟
الجواب : ان الاثر المباشر وغير المباشر لهذا التركيز الخاص جدا على اجتثاث البعث يظهر في اختفاءه ظاهريا عن ساحات العمل الاعلامي والسياسي، بقرار من الحزب لحماية كيانه التنظيمي من الابادة المستمرة، اما على المستوى العسكري الجهادي فانه الطرف الاكثر سرية والاشد تمويها على عمله وتحركاته وفعالياته العسكرية، لانه هوالمستهدف الاول وهوالعدوالاول والاخطر للاحتلال، لذلك فانه تخلى منذ البداية عن ترف مخاطبة الاعلام وركز على البقاء المادي والتوسع الفعلي على الارض لتجنب كارثة الهزيمة امام الاحتلال، رغم انه لم يضيع فرصة للتعبير عن رايه كلما سنحت. ان الفصائل الاخرى دون استثناء تتمتع ببيئة اكثر أمنا للتحرك من البعثيين وتجد من العدوتساهلا كثيرا في مجال الدعاية وجمع الاموال والحصول على السلاح وتجنب الاعتقالات والاغتيالات. ومع ذلك فان البعث كان ومازال يشكل الجسم الرئيسي المقاتل في الساحة ويعمل تحت مسميات مختلفة اغلبها تستخدم للتمويه وخداع العدووتقليل فرصه على تحديد من هوالبعثي ومن هوغير البعثي من بين المجاهدين.
5 – كيف ينظر العدوالمشترك للاطراف الاخرى المناهضة للاحتلال من حيث :
أ – أنها تأتي من حيث الخطورة الستراتيجية البعيدة المدى، وليس التكتيكية الآنية، بعد العدوالرئيسي والاول.
الجواب : انها قوى تخدم الاحتلال بصورة غير مباشرة لان مشروعها تشرذمي وبدون رؤية ستراتيجية متماسكة ولذلك يمكن تحريك عناصر الشرذمة لديها لخلخلة المشروع المقاوم وتمزيق بنادقه، رغم انها تكتيكيا تلحق ضررا ماديا ومعنويا به. ومن ينظر الان للساحة العراقية يرى بوضوع ان عوامل الشرذمة قد بدأت تطل برأسها حتى بين التنظيمات الاسلاموية المتشابهة الهوية.
ب – انها يمكن ان تستغل من قبل العدولضرب اواضعاف القوة الرئيسية، سواء بوعيها اوبدون ذلك.
الجواب : من يراقب الان العراق يرى ان الهجمات والاغتيالات التي تطال مجاهدين بعثيين وغير بعثيين تتم بيد مجاهدين اخرين، وهي ظاهرة لا تخدم بالتاكيد الا الاحتلال وكان يحلم بها ويريد حصولها منذ وقع في الفخ العراقي، والان تقوم عناصر بهذا العمل مع ان المرحلة هي مرحلة حسم حرب تحرير العراق! فهل يوجد استغلال اخطر من هذا لتلك العناصر التكفيرية التي لم تجد الا هذا الوقت لتصفية الاخرين جسديا وسياسيا وعسكريا وهي مهمة مستحيلة النجاح وكل ما ستؤدي اليه هوشق الصفوف؟ ان العدوالاساسي الذي يخشاه الاحتلال هوالبعث بحكم حجمه ودوره القتالي وكونه الحزب الوطني الوحيد الذي يغطي القطر تنظيميا وشعبيا ويمثل كافة مكونات الشعب، لذلك فان مهاجمة البعث لا تخدم الا الاحتلال.
6 – ماذا جرى في الواقع العراقي خلال الفترة بين 1980 و2003؟ هل اعد البعث للحرب والغزوفي عام 2003؟ وكيف جرى ذلك؟ وما اثر ذلك على مستوى ونوعية المقاومة العراقية حاليا؟ وهل كانت المقاومة ستكون بهذا المستوى الفريد لولا اعداد مسبق وطويل لها؟
الجواب سياتي فيما بعد.
7 – من فجر المقاومة المسلحة وقادها بمفرده اولا ثم التحق اخرون به فيما بعد؟
الجواب سياتي فيما بعد.
هذه اسئلة مهمة جدا وضرورية لتقديم صورة امينة وحقيقية عما حصل ويحصل في العراق منذ الغزوبعيدا عن الدعاية والتضليل تساعد على اسقاط ما يروج دون التورط في دهاليز مظلمة قد يكون الخروج منه مكلفا جدا. لذلك يجب ان نتأمل في اجابات هذه الاسئلة بهدوء ونستخلص معانيها ونتائجها كما رأها العراقيون والعالم.

العامل الستراتيجي : من هوالعدوالرئيسي؟
منذ عام 1988، وهوعام الانتصار العراقي على ايران، تحددت صورة الصراع الستراتيجي الرئيسي القادم في منطقتنا وفي العالم، واصبح واضحا رسميا وفعليا، ان معارك العالم ستتركز حول العراق، خصوصا وان بوادر التفكك في المعسكر الاشتراكي اصبحت تظهر بوضوح. وحينما بدأ انهيار اوربا الشرقية في المانيا وبلغاريا، وقبل ان تكتمل عملية الانهيار، عرفنا بوضوح تام بان المعركة القادمة ستكون مع العراق،وكان الرئسي الشهيد صدام حسين يعرف ذلك. في نهاية عام 1989 عقد لقاء للسيد الرئيس الشهيد حضره سفراء العراق في اوربا واليابان ونخبة من رجال الاعلام، وحضرته بصفتي مديرا عاما للاعلام انذاك، وبعض الاكاديميين، لمناقشة اثار انهيار المانيا الشرقية وبلغاريا على العالم وبالاخص على الامة العربية. وبعد نقاش مطول طرحت رأيي بوضوح ويتلخص كالاتي : ان الحرب الامريكية – الصهيونية القادمة ستكون مع العراق حتى اذا حل الصراع العربي - الصهيوني بمضمونه الفلسطيني، لانه سيكتسب مضمونا عراقيا ويبقى صراعا عربيا – اسرائيليا ولكن جوهر القضية سيصبح الصراع مع العراق. ويذكر من حضر هذا لاجتماع وهم عشرات واكثرهم احياء وبعضهم انضم للصف المعادي، مادار فيه وكانت فكرة ان العراق سيكون الهدف هي المحور الاساسي مبنية على ما يلي :
1 – ان اقليم النفط، حسب التعابير الامريكية، سيكون اعظم اسلحة الحرب في مرحلة ما بعد انهيار الشيوعية في بعض اوربا وربما سيشملها كلها، كما ان الاتحاد السوفيتي في زمن ميخائيل غورباتشوف كان سائرا نحوالراسمالية، من خلال الغلاسنوست (الشفافية) والبيروسترويكا (الاصلاح) وتخلى عن حلفاءه بوضوح واخذ يعزز علاقاته بالغرب. من هنا فان حلم امريكا الاعظم في اقامة امبراطورية عالمية بزعامتها اصبح ممكن التحقيق. ولكن طبيعة علاقات القوى انذاك كانت لاتسمح لامريكا بالسيطرة بالقوة وانما كان يجب ان تمسك العالم من بين ساقيه وتشله عن الحركة، وعندها تتحرك بحرية. واقليم النفط هوكلمة السر في تحقيق ذلك فمن يسيطر على كل منابع النفط سيسيطر على العالم بلا حروب عسكرية، والعراق هوالقطر الوحيد القادر على كسر الاحتكار النفطي الامريكي اذا سيطرت امريكاعلى بقية منابع النفط دون العراق، بحكم ثقله النفطي المعروف وهوبحدود 120 مليار برميل الاحتياطي الثابت، وثقله المقدر والحقيقي الذي عرفته امريكا قبل العراق عن طريق المسح الجوي وهوان العراق يملك الاحتياطي الاكبر في العالم ويبلغ بين 250 – 300 مليار برميل، وان نفطه افضل وارخص تكلفة من نفوط السعودية وغيرها، من هنا فان احتواء العراق شرط مسبق لاحكام القبضة على اقليم النفط. واستنادا الى ذلك فان أي عملية لاستثمار الفراغ الذي بدأ يظهر في اوربا الشرقية والسيطرة على العالم مرهون بالسيطرة على العراق لتجنب الغزوالعسكري المستحيل للعالم. وهذه الحقيقة الجيوستراتيجية تسقط الرد الاقتصادي المبتذل الذي تقدمه امريكا واتباعها خبراء النفط وهي ان امريكا تحصل على النفط بلا حرب اوغزوفلماذا تغزومن اجله؟
2 – ان العراق هوالقطر الوحيد الذي بقي يرفض الاعتراف باسرائيل اوالمساومة حولها ويتمسك بالحقوق الثابتة والكاملة للشعب الفلسطيني، لذلك يجب التخلص من نظامه لاجل تحقيق نظام شرق اوسطي جديد.
3 – ان العراق هوالقطر الوحيد الذي لديه مشروع نهضوي قومي ووطني بدأ بناءه واخذت ثمراته تظهر للعيان، في تحقيق تقدم سريع ونهضة تنموية وانشاء بنية تحتية ستراتيجية وتأهيل جيش من العلماء والمهندسين والقضاء على الفقر والامية وغيرها. وفي اطار تقسيم العمل الدولي غير مسموح لقطر مستقل وطموح كالعراق ان يكمل بناء مشروعه النهضوي خصوصا وانه مرتبط بفكرة انه قاعدة انطلاق لمشروع نهضوي قومي عربي وحدوي.
4 – لقد نجح العراق في تجاوز محاولات احتواءه، أي السيطرة عليه بطرق مختلفة، وحافظ على استقلاله الوطني، وعززه باقامة نواة صناعة عسكرية متطورة لانهاء الاعتماد الطفيلي العربي على مصنعي السلاح الاجانب، وكانت تلك خطوة خطيرة من وجهة نظر امريكية صهيونية.
5 – لقد افلت العراق من محاولات الاحتواء التي قامت بها امريكا سواء بالضغوط اوغيرها، فاصبح في اطار ما يسمى ب(الدول المارقة)، أي التي لا تخصع لنفود امريكا ولا تقبل العمل في خدمتها. اما نحن فقد اطلقنا على هذه السياسة تسمية (تجاوز الخطوط الحمر الامريكية والصهيونية)، وهي سياسة ان كانت ممكنة التحمل من قبل امريكا والصهيونية اثناء الحرب الباردة فانها اصبحت غير قابلة للاحتمال مع بدء انهيار الحرب الباردة وازدادت ضرورة التخلص من كل من لا يخضع للخطوط الحمر هذه بعد زوال الاتحاد السوفيتي وانعزال الصين وتراجع اوربا عن السياسة الاستقلالية.
تلك هي الاسباب الستراتيجية الكامنة خلف نظرة امريكا والصهيونية واوساط اوربية للعراق تحت قيادة البعث والشهيد صدام حسين بصفته العقبة الاساسية التي تعترض قيام الامبراطورية الامريكية على مستوى عالمي.

محمد دغيدى
04-24-2007, 03:31 PM
السياسة الرسمية لامريكا
من الناحية العملية تعكس السياسات الحكومية ضرورات تنفيذ الاهداف الستراتيجية وهذه بديهية معروفة لا يجوز لمن يعمل في السياسة ان يقفز من فوقها ابدا والا وقع في فخ نظم الشعر بدل ممارسة التحليل السياسي. ماذا قالت السياسات الرسمية عن العراق وايران في العقدين الماضيين بشكل خاص؟ وكيف طبقت في الواقع؟ ان الاجابة على هذين السؤالين هي الفيصل الحاسم في اظهار الحقيقة كاملة.
تميزت السياسة الامريكية تجاه الوطن العربي ودول الجوار منذ التسعينيات بتبني خطتين، خطة الاحتواء المزدوج التي وضعها انتوني ليك مستشار الامن القومي الامريكي ومارتن انديك وكيل وزارة الخارجية الامريكية، وتبنتها ادراة الرئيس بيل كلنتون، وخطة محور الشر التي تبنتها ادارة بوش الابن. وتقوم خطة الاحتواء المزدوج على العناصر التالية
أ – ان العراق وايران خصمان مهمان لانهما يدعمان الارهاب ويطوران اسلحة دمار شامل ويخرقان حقوق الانسان ويعرقلان اقامة السلام الشامل والدائم في الشرق الاوسط.
ب – لذلك يجب احتواءهما وتصفية مصادر خطرهما.
ج – ميزت هذه الخطة بدقة ووضوح تامين بين العراق وايران من حيث كيفية المواجهة لاحتوائهما، ففي حين ان الخطة تصر على رفض أي حوار مع العراق لحل المشاكل معه بالطرق السلمية، وتؤكد ان اسقاط نظام صدام حسين هوالحل الوحيد للمشكلة مع العراق فان الخطة تؤكد على ان الحوار، وليس الحرب اواسقاط النظام في ايران، هوالطريق لحل المشاكل معها، وان الحوار قد يتخذ شكل اتصالات وإغراءات ودمج ايران اقليميا ودوليا وعدم عزلها وتقديم التكنولوجيا وما تحتاج اليه مقابل التخلي عن دعم الارهاب واسلحة الدمار الشامل وخرق حقوق الانسان.
هذه الخطة التي اشتهرت باسم (سياسة الاحتواء المزدوج) نفذت بدقة في زمن كلنتون على الطرفين، وهي تحدد من هوالعدوالرئيسي من وجهة نظر امريكية، ومن هوالخصم الذي يمكن حل المشاكل معه بدون حرب. ونتيجة لهذا التمييز الصارم بين الموقف من العراق وايران اطلق البعض على هذه الخطة تسمية (الاحتواء التمايزي) في اشارة دقيقة الى انها تميز بين نظرة امريكا الى كل من العراق وايران. وتأكيدا لهذه السياسة تبنى الكونغرس الامريكي في عام 1998 قانونا اطلقت عليه تسمية (قانون تحرير العراق) وخصصت مبالغ لتنفيذه بكافة الطرق، وكان هدفه الرئيسي اسقاط النظام الوطني في العراق.
بعد هذه السياسة جاءت ادارة جورج بوش الابن وطرحت سياسة اطلقت عليها تسمية (محور الشر) وشخصت العراق وايران وكوريا الشمالية بصفتها الدول الاطراف في هذا المحور، واعتبرت ان التخلص من محور الشر هوالمهمة الاساسية لامريكا. ولكن وكما في الاحتواء المزدوج فان محور الشر قام على اساس تمييز اشد وادق من الاحتواء المزدوج. فلقد اهملت ادارة بوش ايران، ودخلت في مفاوضات مع الاطراف الاقليمية والدولية لحل مشكلة كوريا الشمالية واستبعد الحل العسكري معها! فماذا ترتب على ذلك؟ ادى تجميد الخلافات مع ايران الى بروز تعاون امريكي ايراني كانت نتيجته غزوالعراق بنجاح في عام 2003، بعد ان توصلت ادارة كلنتون في ضوء فشل عملية (ثعلب الصحراء) عام 1998 الى أستنتاج دقيق وهوانه بدون التعاون مع ايران فان غزوالعراق غير ممكن، وهكذا راينا العراق المحتل يقع في قبضة امريكا وايران بشكل مشترك وفي اطار تعاون واضح ورسمي عبر عنه الرئيس الايراني محمد خاتمي حينما قال (لولا دعم ايران لما تمكنت امريكا من غزوالعراق وافغانستان).
ورغم الخلافات حول المفاعلات الايرانية وحجم الدور ايراني في العراق والمنطقة فان علاقات امريكا وايران مازالت علاقات تعاون وحوار ولم تدخل الحرب بعد قاموس تعاملهما، في تأكيد واضح على ان ايران خصم، وليس عدومزمن، يمكن التعامل معه وحل المشاكل الثنائية بالتفاوض وليس بالحرب.

تطبيق السياسة الرسمية
ولئن كانت تلك هي السياسات الامريكية الرسمية المعتمدة فان تطبيقاتها العملية تقدم دليلا حاسما على ان العدوالرئيسي هوالعراق وليس ايران اوالقاعدة اوغيرهما، وبغض النظر عما يقال دعائيا في الاعلام، وهنا نثبت الملاحظات الجوهرية التالية :
1 – حينما ضربت نيويورك وواشنطن في هجمات 11 – ايلول – سبتمبر عام 2001 كان اول رد فعل امريكي، وبعد اقل من ساعة من الهجوم، هواصدار الاوامر من قبل الادارة الامريكي بالاستعداد لمهاجمة العراق! هذه حقيقة معروفة وموثقة ومن لا ينتبه اليها يفقد الخيط الذي يوصله للحقيقة. تحديد العراق بصفته الهدف الرئيسي ينطوي على معنى محدد يجب اخذه بنظر الاعتبار وهوان امريكا تريد تنفيذ قرار ستراتيجي رسمي اتخذ في عام 1988 وهواسقاط النظام الوطني في العراق بعد ان فشلت كل الجهود لاحتوائه، وتكرس ذلك بقانون (تحرير العراق) الذي تبناه الكونغرس عام 1998. لقد جاءت احداث سبتمبر هبة من السماء لبوش والمحافظون الجدد لتنفيذ خطة وضعوها قبل وصول بوش الابن للادارة واطلقوا عليها تسمية (مشروع القرن الامريكي)، والذي يقوم على تنفيذ خطة طموحة لاستعمار العالم كله من قبل امريكا انطلاقا من السيطرة التامة والكاملة على كل منابع النفط الرئيسية في العالم وفي مقدمتها حاوي الاحتياطي الاكبر والاهم العراق.
2 – ولاسباب منطقية اقنعت ادارة بوش بتأجيل شن الحرب على العراق لان صدور معلومات واعترافات بان هجمات سبتمبر كانت من تنفيذ القاعدة وليس العراق سيثير اسئلة محرجة، فتقرر شن حرب تمهيدية على افغانستان تكون صغيرة وجبهة صراع ثانوية تعقبها حرب رئيسية ضد العراق. ومن المفارقات المهمة جدا حقيقة ان القاعدة قد اتهمت رسميا من قبل امريكا بشن الهجمات، كما ان القاعدة اعلنت مسئوليتها عنها، ومع ذلك فان عين الغزوالامريكي الرئيسية كانت على العراق وليس افغانستان! وتوضحت هذه الحقيقة من خلال معطيات حرب افغانستان وحرب العراق، فالبلد الذي تقيم فيه القيادات التي اتهمت بشن الهجمات وهوافغانستان اقتصرت الحرب على ابعاد طالبان عن السلطة والتمركز في البلد دون القيام بعمل حقيقي وجاد للقبض على بن لادن والظواهري، والدليل على ذلك واضح جدا :
أ – ان القوات الامريكية التي ارسلت الى افغانستان لم تتجاوز 15 الف جندي مع ان من ضرب امريكا حسب الاتهامات الامريكية واعترافات القاعدة هوالقاعدة، فلماذا ارسل هذا العدد القليل جدا (قوات الحلفاء اقل) اذا كان الهدف الحقيقي هوالقضاء على القاعدة اوالقاء القبض على بن لادن؟ تزداد هذه الحقيقية اهمية اذا انتبهنا الى ان جغرافية افغانستان الوعرة تتطلب قوات اكثر مما يرسل للعراق، لتحقيق الهدف لان ارض العراق منبسطة وسهلة. اما العراق وهوالقطر الذي لم تكن له صلة بالهجمات فقد هوجم ب160 الف جندي امريكي وبلغ عدد القوات التي هاجمت العراق اكثر من ربع مليون جندي ومقاتل، اضيف اليهم عراقيون عملاء بعد الغزوليبلغ العدد حوالي نصف مليون جندي ومرتزق يحتلون العراق! ما معنى هذا الفرق في العدد والمعدات انه يعني امرا واحدا دون ادنى شك وهوان المعركة في العراق هي المعركة الاساسية وان معركة افغانستان ما هي الا معركة ثانوية وملحقة بمعركة العراق.
ب – لقد اكدت كل المعلومات التي نشرت بعد احداث سبتمبر بان الولايات المتحدة كانت لا تريد قتل اواسر أبن لادن في الحقيقية بل كانت تريده ان يبقى طليقا يصدر التهديدات بين فترة واخرى ضد امريكا كي تحافظ امريكا على الحشد الذي كونته داخليا وخارجيا باسم (محاربة الارهاب). ان الضابط الامريكي المسئول عن القبض على بن لادن من المخابرات الامريكية اعترف رسميا عبر قناة الجزيرة بان فريقه وصل الى مكان أبن لادن وان الطائرة المخصصة لقصفه كانت جاهزة، وان فريق المطاردة للقبض عليه كان جاهزا ايضا، لكن الاوامر صدرت لهم بترك مطاردته! فما معنى هذا الامر؟ الا يعني ان من مصلحة امريكا ان تبقي بن لادن يثير المخاوف داخل امريكا واوربا لاجل ابقاء النزعة العسكرية التوسعية الامريكية قوية وطاغية؟ نحن هنا لا نشكك ببن لادن، لانه غير قابل لان يكون عميلا بحكم تكوينه الايديولوجي الصارم تماما مثل خميني، بل نوضح حقيقة ان امريكا لم تكن تعده خطرا حقيقيا بل كانت تحتاج الى خطره بشدة. مقابل ذلك ولا ظهار مفارقات السياسة الامريكية يجب ان نذكر بان امريكا ما ان دخلت العراق حتى وضعت مهمة اسر القائد الشهيد صدام حسين في مقدمة اهدافها في العراق، وحشدت كل طاقاتها الاستخبارية والمالية والتكنولوجية والعسكرية لاجل ذلك.
كانت الاقمار الصناعية والتجسس الارضي البشري وملايين الدولارات توزع للوصول الى القائد الشهيد فتم ذلك في نهاية المطاف واسر نتيجة تفوق كامل في القدرات الاستخبارية الامريكية مدعومة بقوات عسكرية متطورة. اذن في حين كانت امريكا تتهم أبن لاد بانه مصدر الخطر الارهابي كانت تريد ان يبقى نشطا ويلقي كلمات تهدد امريكا بين فترة واخرى لان ذلك يبقي الحشد الامريكي خلف الادارة ويسمح بمواصلة حملة بناء امبراطورية امريكية عالمية! مقابل ذلك فان امريكا كانت ترى ان بقاء صدام حسين حيا وحرا يعمق مأزق امريكا الاحتلالي، لان صدام حسين رئيس دولة احتلت اراضيها ومقاومته للاحتلال عمل مشروع وقادر على تحشيد العراقيين والعرب وشرفاء العالم خلف هدف التحرير، بما في ذلك كسب دعم اوساط امريكية تناهض الاحتلال. وفي اطار هذه الحقيقة اخترعت المخابرات الامريكية قصة الصلة الوهمية بين العراق والقاعدة لتسويق وتسويغ الغزو.
ج – ان مستوى الحرب في العراق وفي افغانستان يحدد ايضا اين جبهة الصراع الرئيسية، فحرب افغانستان كانت ومازالت جبهة ثانوية مقارنة بجبهة العراق، لان هدف الاولى هوالتمركز عند مقتربات منابع نفط وسط اسيا، فهي جبهة اطلالة على مصدر الثراء وليست مركز الثراء ذاته، اما في العراق فان الحرب تقع على ارض اكبر مخزون نفطي. كما ان النهج السياسي للنظام الوطني كان منطلقا من نظرة ستراتيجية شاملة تلخص مشروع النهضة العربية الحديثة الذي تبناه البعث واخذ ينفذه وانجز مراحل مهمة منه، في حين ان افغانستان ليست سوى ارضا قاحلة لا مشروع نهضوي فيها سواء لطالبان اوالقاعدة، وكل ما موجود هومشروع عدمي، بكل ماتعنيه هذه الكلمة من معنى، لا مجال لتطبيقه على الارض، ولذلك فان افغانستان لا قيمة لها سوى انها معبر قريب من منطقة ذات قيمة ستراتيجية نفطيا وتتوسط منطقة مهمة جيوبولوتيكيا.
3 – كيف تصرفت امريكا بعد غزوالعراق وافغانستان؟ في افغانستان وبعد اسقاط طالبان اصبحت العمليات العسكرية محدودة داخل المدن لفترة طويلة، في حين ان الحرب على العراق قد تحولت الى فرن ساخن جدا، اخذ يذيب الكثير من حقائق الارض. وكان (قانون اجتثاث البعث) والدستور الفدرالي هما ابرز مظاهر خصوصية اهتمام امريكا بالعراق. فما قيمة ذلك في تحديد اهمية البعث في الصراع؟ لئن كان قانون اجتثاث البعث يشير الى ان العراق بدون البعث هوالمرشح للتقسيم فان الفدرالية كانت الخطة العملية لاجتثاث الرابطة الوطنية والقومية للشعب العراقي.
من المؤشرات التي لا تخطأ اصدار قانون اجتثاث البعث، فهوالعامل الحاسم في تقرير الهدف الامريكي الاول بعد غزوالعراق، وهوتصفية البعث تنظيما وفكرا وبشرا، لان ذلك هوالمدخل الطبيعي لحرمان العراق من عنصر الشد والتوحيد في مجتمع يتميز ب:
أ – وجود طائفتين رئيستين متقاربتين من حيث العدد هما السنة والشيعة، لذلك فان تمثيل الشعب مشروط بتمثيل هاتين الطائفتين، وهوامر غير ممكن الا اذا كان الحزب وطنيا وقوميا يتجاوز الطوائف ومنطقها وطروحاتها، وهذه الصفة لا يملكها حزب جماهيري سوى البعث.
ب - وجود تنوع اثني، فهناك عرب (بنسبة 85 % واكراد وتركمان) وتلك حقيقة تفرض ان يكون من يحكم العراق سواء كان حزبا اوجبهة ممثلا لهذا التنوع الاثني، من خلال الاعتراف بحقوق الاقليات والتعامل معها على اساس المساواة القانونية والفعلية بين المواطنين كافة دون أي تمييز. كما ان ذلك الواقع يتطلب تسامحا واعتدالا في التعامل مع خطوط الفصل الطائفي - الاثني، بطريقة تضمن التداخل الاجتماعي والاندماج الوطني. وهذه الشروط لا تتوفر الا في احزاب وطنية عابرة للطوائف والاثنيات وملتزمة بقاعدة تساوي حقوق كل المواطنين. وكان البعث قد نجح في طرح الحل التاريخي وهوانه حزب قومي ووطني يتعامل مع مواطنيه على اساس المواطنة وليس الانتماءات الاخرى، وادى ذلك الى غياب أي نوع من انواع التمييز الطائفي بين عرب العراق فتعززت وحدتهم الوطنية. اما غير العرب فقد اعترف بحقوق القومية الكردية والتركمان وترجم ذلك عمليا في الحياة اليومية، وادى ذلك الى ازالة مشاعر التمييز لدى الاقليات، وهكذا تميز عراق البعث بانه انموذج للتداخل الاجتماعي والعدالة في التعامل مع المواطنين العراقيين.
كيف يمكن تقسيم العراق بوجود ضمانة الاعتراف بحقوق الجميع؟ ببساطة يجب تحطيم القوة التي تمثل الوحدة الوطنية العراقية، وشرذمة العراق بالاعتماد على تنظيمات طائفية واثنية تنقل المواطن من الولاء للوطن الى الولاء اما للطائفة اوللعرق. أذن قانون اجتثاث البعث لم يكن خطأ ارتكبه بول بريمير بل كان عملا مدروسا بتأن وضع لتحويل العراق من دولة مركزية قوية الى دولة قوتها في الاطراف وليس في المركز، وتدمير القوات المسلحة وحلها لم يكن هدفه امني (منع مهاجمة الجيش العراقي للاحتلال) بل كان ستراتيجي وهوالسماح بشرذمة العراق وتقسيمه بعد حرب طائفية عرقية كما كان مخططا، في ظل غياب قوة عسكرية مركزية تستطيع ايقافها والحفاظ على وحدة العراق. وبعد اضعاف المركز وتقوية الاطراف باسم الفدرالية، تأتي خطوة اخرى وهي تقسيم العراق لاحقا وبعد النجاح في الغاء وتدمير القوة الموحدة للعراقيين وتركهم امام خيار واحد لا غير وهوالاحزاب الطائفية والعرقية.
وتقسيم العراق لا يقتصر على اقامة 3 دول بل ايضا تذويب الهوية العربية للعراق وجعل عربه مجرد قومية من بين قوميات اخرى، هذا الهدف تطلب ادخال اكثر من اربعة ملايين ايراني وكردي من ايران وتركيا الى العراق ومنحوا الجنسية العراقية، كما تطلب تهجير ستة ملايين عراقي عربي من أماكنهم بالقوة الغاشمة التي استخدمتها فرق الموت الايرانية بدعم امريكي مباشر. من هنا فان اجتثاث البعث اكبر واخطر من مجرد القضاء على حزب لانه مخطط لالغاء الهوية العربية في كل الوطن العربي انطلاقا من جعل العراق بلدا متعدد القوميات والاعراق، كما نص دستور الاحتلال، وليس قطرا فيه قومية رئيسية هي القومية العربية. وهذه الحقيقة الستراتيجية المنظورة الان في العراق هي التي دفعت حتى الكثير من مناهضي البعث في العراق للاقتناع بان اجتثاث البعث يتجاوز الاعتداء على حق البعثيين في الحياة والعمل والسياسة ويصل الى تهدد الهوية العربية للعراق.
ان البعث بهذا المعنى هوخط الدفاع الاول عن عروبة العراق والوطن العربي امام مخطط امريكي صهيوني ايراني لالغاء الوجود العربي، اوعلى الاقل لاستعمار الامة العربية وتقاسمها والغاء دورها المستقل. وهذه الحقيقة تفسر لم يتم التركيز منذ الغزوعلى ابادة البعث بالقتل الجماعي لكوادره ومناضليه وعزلهم عن المجتمع ومقاطعة الاعلام لهم، وتحشيد قوى متناقضة ضدهم وتعريضهم لاسوأ حملة شيطنة وتشويه صورة في تأريخ العالم كله.
4 – ان معاداة البعث بانتظام وثبات، من قبل امريكا والغرب الاستعماري والصهيونية وايران، مقابل التساهل مع القاعدة والتيارات الطائفية الدينية (يرجي الانتباه الى اننا ننقد التيارات الطائفية وليس الدينية) مقارنة بالتشدد تجاه البعث، يعود الى حقيقة بارزة وهي ان هذه التيارات، ومهما كانت معادية لامريكا بصدق، فانها عبارة عن الغام خطيرة موقوتة سيأتي يوم وتنفجر فيه في وجه الامة كلها فتجرحه وقد تدمره، لانها تقوم على اساس طائفي يجعل مستحيلا اتفاق وتوحيد المسلمين تحت زعامتهم، ولذلك لا يبقى خيار لديها سوى التكفير المتبادل واهدار الدم المتبادل وهذا هوالوضع المثالي بالنسبة لثلاثي الشر امريكا واسرائيل وايران.

محمد دغيدى
04-24-2007, 03:33 PM
كيف يجتث البعث؟
من السذاجة وسوء الفهم افتراض ان اجتثاث البعث محصور في اغتيال كوادره وتشويه ومنع فكره وتصفية تنظيماته بالقوة، فهذا هوالشكل المباشر للاجتثاث، وهناك اشكال اخرى لا تقل خطورة عن ذلك تتبع للقضاء على البعث، ومنها ما يلي :
1 – ان ضرب تنظيمات البعث بشكل منهجي يستهدف ارباكها وعدم السماح لها بالعمل على نحومنظم بدقة ضد الاحتلال فتضيع من البعث فرص المبادرة في المواجهة اوتقل وتضعف، فيفسح المجال لقوى اخرى لملأ الفراغ في مجال المبادرات السياسية والعسكرية والتنظيمية، وهكذا يصبح الحزب الوطني الام، الاكثر اقتدارا على التحرير وتوحيد الشعب، عبارة عن تنظيم يقوم برد فعل قاصر بعد فوات الاوان، وبما ان المبادرة هي احد اهم شروط الانتصار فان اجبار البعث على ممارسة سياسات ردود فعل يعرقل الانتصار.
2 – ان اغتيال واعتقال كوادر الحزب المدنية والعسكرية من قبل الاحتلال وعناصر تكفيرية يؤدي الى تفكك بعض المنظمات الحزبية المهمة وانقطاع صلتها بالحزب فتتعطل عن العمل وتقل امكانية الحزب لمواجهة الاحداث، ويصبح امام الحزبي الذي انقطعت صلته التنظيمية بالحزب ان يواجه احد الخيارات التالية :
أ – العمل الفردي بعيدا عن الحزب وهوموقف وان كان شجاعا الا انه قاصر ومحدود.
ب – الانخراط في اقرب فصيل غير بعثي لمواصلة الجهاد، مع ان بعضها يأخذ تعهدا منه بانه قطع صلته بالبعث اوغيره واصبح ولاءه للتنظيم الجديد، وفي حالة تراجعه وعودته للحزب فانه سيعاقب بالقتل!
ج – العزلة والانطواء.
د – الهجرة الى خارج العراق لتجنب الاغتيال.
وهذه الخيارات هي بالضبط ما يريد الاحتلال للبعثيين ان يحدث من اجل تفريغ الحزب من كوادره وخبراته واضعاف دوره الجهادي والسياسي مقابل تعزيز دور الفصائل الاخرى غير البعثية بعناصر بعثية تملك الخبرة القتالية.
3 – تم توجيه ضربات قاسية للفصائل البعثية بطريقة لم تحصل لاي فصيل اخر، من حيث الشدة والاصرار على المنع اوالتدمير، فمثلا تعرض (جيش محمد)، وكان احد اهم الفصائل البعثية المقاتلة، لضربات موجعة شملت كوادره ومقاتليه الرئيسيين، فتناقصت قدرته القتالية. وحينما بنى البعث فصائل جديدة اخذ العدويتتبع صلاتها ليتأكد من ارتباطها بالحزب، ولهذا تقرر في الحزب ممارسة أعقد اشكال التمويه والخداع الاستخباري للعدوالمحتل لتجنب توجيه ضربات جديدة مدمرة، فولدت تنظيمات يقودها بعثيون لكنها تتجنب ربط نفسها بالبعث بطرق مختلفة. ورغم ان هذه الطريقة ظالمة لدور البعث الا انها هي الاسلم امنيا. ومن بين حوالي 70 فصيلا مجاهدا هناك الان فصائل بعثية تعمل باسماء مختلفة ولديها استقلالية كبيرة في العمل لحمايتها من الاستهداف المتطرف والخاص جدا.
4 – في تعميم لقيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي يوم 28 – 4 – 2003 الى قواعد وكوادر الحزب امرت القيادة الجميع بالانتشار في تنظيمات مختلفة بعثية اوغير بعثية لضمان نشر العمل المسلح المقاوم في اوسع نطاق وتجاهل الخلافات الايديولوجية مع الاخرين ممن يحملون السلاح ضد الاحتلال. كما ان الحزب امر تنظيماته باعتماد نظام اللامركزية في العمل الجهادي لمنع تعريضه لضربات مباشرة تضعفه، كما حصل لجيش محمد، فاخذ كل فصيل يتمتع بالكثير من الاستقلالية واعطى صلاحية لكوادره بتأسيس تنظيمات سرية جدا ومموهة لا توجد لها صلات مباشرة بالحزب.
5- منذ بداية الغزولوحظ بدقة ان الاحتلال يعمل بنشاط خاص على تجفيف المنابع المادية للبعث باعتبارها الشرط الرئيسي الثاني بعد شرط الاستعداد القتالي، في ممارسة الجهاد. لقد صودرت الاف الملايين من الدورات الخاصة بالمقاومة والحزب من قبل ضباط الاحتلال وبث ذلك غالبا من شاشات التلفزيون، وكانت قوات الاحتلال تساوم من يؤسر بطلب تقديمه معلومات عن اموال الحزب مقابل اطلاق سراحه، وبهذه الطريقة تم الاستيلاء على ما كانت القيادة قد اعدته لتمويل المقاومة لسنوات طويلة دون حاجة للدعم الخارجي. كما ان من كانت لديهم امانات من الذين غادروا العراق، اتصلت بهم المخابرات الامريكية، اما مباشرة اوبواسطة انظمة عربية يقيمون على اراضيها، وابلغتهم بان بامكانهم الاحتفاظ باموال الحزب والمقاومة مقابل ضمانة بعدم تسليمها للحزب اوالمقاومة وحمايتهم من عقاب الحزب والمقاومة، فجردت المقاومة الوطنية من اهم مصادر التمويل واصبحت فقيرة ماديا رغم انها تمثل القوة الاساسية عسكريا وتنظيميا وجماهيريا!
لقد تبددت اموال تبلغ اكثر من 3 مليارات دولارات خصصها القائد الشهيد صدام حسين للعمل المقاوم! مقابل ذلك فان التنظيمات الاسلاموية تتدفق عليها اموال كثيرة تزيد على حاجتها الفعلية فتقوم باستقطاب مجاهدين بعثيين في صفوفها لم يعودوا قادرين على ممارسة الجهاد في صفوف البعث نظرا لازمته المالية التي تجبره على استخدام اعداد محدودة من مقاتليه فيما يجمد الآخرون! فماذا حصل؟ لقد وجد بعثيون كثر انفسهم في تنظيمات غير بعثية رغما عنهم ولم تبرز مشكلة الا عندما اخذت عناصر من هذه التنظيمات بالمساهمة مباشرة في الحملة الامريكية القائمة على شيطنة البعث!
6 – ان تنظيمات البعث، والتي تبلغ الان مئات الالاف، تشكل عبئا ماديا ضخما خصوصا وان قانون اجتثاث البعث قد حرم اغلب البعثيين من مواردهم المالية، بعد فصلهم من وظائفهم، ولم يعودوا يستطيعون حتى دفع الاشتراكات الشهرية، لذلك اصبح الحزب ملزما بحل بعض المشاكل المالية الخاصة بالحياة اليومية للمجاهد، مما ضاعف من الازمة المالية للحزب.اما التنظيمات غير البعثية فهي تتمتع بقدرات مالية كبيرة رغم انها تنظيمات نخب قليلة العدد، فاصبحت حركتها مرنة جدا وسهلة وامكانية شراء اسلحة ومواد جهادية ممكنة جدا.
7 – ان البعثي مكشوف ومعروف للجميع لانه كان خلال 35 عاما من حكم الحزب معروفا للناس عامة. لهذا اصبح بعد الاحتلال صيدا سهلا للاحتلال والعصابات الاجرامية والقوى العميلة للاحتلال، واخيرا للعناصر المندسة في صفوف المجاهديين التي تقتل البعثيين. ان البعثي مهما حرص على حماية امنه فانه يبقى مكشوفا ومعروفا في وسطه الاجتماعي الذي عاش فيه وعمل لعدة عقود، اما التنظيمات الجديدة فان افرادها مجهولين اوشبه مجهولين ولا يتعرضون لما يتعرض له البعثيون من اغتيالات واعتقالات وابتزاز مادي. وهذه الحقيقة تعد عاملا سلبيا يحد من حركة البعثيين.
8 – بخلاف تنظيمات اخرى اسلاموية تكفيرية فان البعث رفض بشدة اسلوب الاستيلاء على اموال من البنوك في العراق المحتل اوفرض اموال على الناس دفعها بالقوة، لانه مؤمن بان هذا الاسلوب يخلق شرخا عميقا بينه وبين الجماهير وينمي روح الجريمة المنظمة تدريجيا، لذلك ازدادت تنظيمات التكفيريين ثراء بينما زاد البعث ومجاهديه فقرا.
9 – لقد تعرض البعثيون في العراق لحروب طويلة خاضوها ببسالة لمدة تزيد على ربع القرن ابتداء من الحرب التي فرضتها ايران وانتهاءا بالغزوالاستعماري، وفي كل تلك الحروب كان البعثي مقاتلا اواسيرا اوجريحا اوشهيدا اوشقيق لشهيد اواسير، الامر الذي خلق مشكلة ان البعثي متخوم بالمواجهات الساخنة والخطيرة المتعددة الاطراف. وحينما جاء الغزووجه ضربات متطرفة في قسوتها للبعثيين فكان طبيعيا ان يشعر بعضا منهم بالتعب والحاجة للراحة اوترك الجهاد والعمل، اوانه اتجه لاختيار طرق مقاومة للمحتل تنسجم مع تاريخه الحربي الشديد السخونة. مقابل ذلك فان غير البعثيين من المجاهدين كانوا مرتاحين جسديا ومعنويا حتى حصل الغزو، لذلك كانوا محتفظين بحيويتهم الطبيعية غير المستنزفة كليا اوجزئيا.
10 – ان عمليات التهجير المنظم للعراقيين قد اربكت قدرة الحزب على استمرار الحصول على تبرعات لتحريك عمله الجهادي، لان الثقة هي اساس دفع التبرعات وبما ان التهجير يغير السكان فان الثقة تعرضت للثلم، في حين ان التنظيمات التكفيرية المختلفة شيعية وسنية حققت الفائدة المادية من التهجير باستيلائها على اموال واملاك المهجرين.
11 – ان العمليات الاستشهادية كانت ضرورة من ضرورات الحاق اذى بالاحتلال اثناء تقدم قواته داخل الاراضي العراقية، وكان استشهاديوا البعث هم اول من واجه زحف قوات الاحتلال، والامثلة على ذلك كثيرة منها قصة اول استشهاديتين عراقيتين وهما نوشة الشمري ووداد الدليمي اللتان فجرتا نفسيهما امام وحدة عسكرية امريكية فقتلتا عددا كبيرا من جنود العدو. لكن البعث وبعد ان تمركز العدوفي العراق واكتمال الاحتلال اصبح غير محبذ لاستخدام العمليات الاستشهادية داخل مدن العراق، كاسلوب قتالي رئيسي، لان اختلاط قوات الاحتلال بالعراقيين اووجودها بالقرب منهم يجعل العمليات موجهة ضد عراقيين ابرياء مثلما توجه ضد الاحتلال، لذلك ركز جهده على العمل العسكري القتالي الهجومي وليس على العمليات الاستشهادية التي دشنها هووليس غيره في العراق. ان هجمات البعث وقواته الجهادية تتركز بالدرجة الاولى على مايلي :
أ – شن هجمات عسكرية على تجمعات العدووالحكومة العميلة.
ب – القصف الصاروخي.
ج – الدفاع عن الاحياء التي تهاجمها قوات الاحتلال والعملاء.
د – نسف اليات العدو.
من هنا فان ما يميز عمليات البعث بصفته حركة جماهيرية ضخمة هوالعمل العسكري القتالي اما تنظيمات النخب غير المستندة على قاعدة جماهيرية فانها تضطر للقيام بعمليات استشهادية.
12 – يتعرص البعث ومناضلوه لعمليات استخبارية منظمة تقوم بها جهات عديدة، يقوم بعضها على ارباك مناضليه بخلق مشاكل لهم وبينهم، من خلال استغلال اوضاعهم البالغة الصعوبة، خصوصا اوضاعهم المعاشية والشخصية والاحتماعية، فتبدومشاكل غير سياسية في الظاهر لكن محركها هواجهزة مخابرات تريد خلخلة توازن البعثيين تمهيدا لجرهم الى مواقع مناقضة لالتزاماتهم الوطنية والحزبية والاخلاقية، اولاسقاطهم اجتماعيا.

دور البعث في الاعداد للمقاومة المسلحة
لواكتفينا بدور البعث الجهادي قبل الغزوودوره في الاعداد للمقاومة المسلحة فان ذلك مبعث فخر له ولانصاره وجماهيره وكوادره، ولكنه يملك اكثر من ذلك، فهوكان ومازال وسيبقى القوة الوطنية الام والاساسية في نضال العراق السلمي والمسلح. يمكن تلخيص المسألة في البديهية التالية : هل يمكن ان تنطلق ثورة مسلحة من العدم اوالفراغ؟ ام انها يجب ان تكون نتيجة اعداد طويل ومدروس؟ لقد لوحظ من قبل المراقبين في المنطقة والعالم ان المقاومة المسلحة للاحتلال الامريكي في العراق قد اتخذت طابعا عاما وشاملا منذ اسابيعها الاولى بعكس قاعدة حرب العصابات الاولى وهي تنميتها وتوسيعها تدريجيا. بتعبير اخر انها ابتدأت من نقطة لا تصل اليها ثورات التحرر الاخرى الا في نهايات حروب التحرير، وهي تحولها من حرب عصابات يشنها افراد قليلون (بين 5 – 15) الى عمليات عسكرية كبيرة تشمل البلد كله ويشارك فيها عشرات وربما مئات الالاف من المقاتلين. الثورة العراقية انطلقت بمعجزة الهجمات الكبيرة والساحقة فتحولت امريكا، وهي تمثل اعظم قوة في التاريخ العالمي، من مهاجم قوي الى مندحر يتراجع والصدمة تهيمن على تفكير قادتها قبل ان تكمل المقاومة عامها الاول! فما السر في هذه الميزة الفريدة للثورة العراقية المسلحة؟
ان دراسة واقع العراق قبل وبعد الاحتلال يفسر عمليا وبصواب هذه الظاهرة الاستثنائية، ويمكن اجمال التفسير في النقاط التالية :
1 – ان الثورة المسلحة هي نتاج غزودولة مستقلة وقوية في كافة المجالات، وذات مشروع حضاري قومي اغتيلت بسببه، ولذلك فانها تملك مقومات ودوافع الرد الشامل على الغزوبمقاومة منظمة وشاملة.
2 – ان جيش الدولة وقواتها المسلحة الاخرى وقوى الامن والمنظمات الشعبية المدربة على القتال واستخدام السلاح كانت مستعدة لحرب التحرير الشعبية، خصوصا وانها تدربت على القتال بكافة اشكاله اثناء الحرب مع ايران، من خلال الجيش الشعبي الذي كان عبارة عن قوات مسلحة شعبية مدربة على حرب العصابات والاسلحة الخفيفة والمتوسطة ومقاومة الطائرات والدروع. وقبل الغزوبعامين بدأ تحويل قطعات كاملة من الجيش الى قوى تتقن حروب عصابات المدن، وتدربت كذلك على صنع المفخخات والقنابل المحلية وغير ذلك.
3 – بلغ عدد المواطنين الذين تدربوا على السلاح، بعثيون وغير بعثيين، حوالي عشرة ملايين عراقي، دخلوا دورات متعددة وتخصص بعضهم في فنون حروب الشوارع ومقاومة الطائرات والدروع.
4 – وزعت ملايين قطع السلاح على المواطنين مع عتاده بحيث اصبح العراق اكثر دول العالم امتلاكا للسلاح من قبل مواطنيه.
5 – خاض هؤلاء المواطنون معارك حقيقية وقاسية جدا اثناء الحرب مع ايران، سواء من خلال خدمتهم العسكرية اومن خلال قواطع الجيش الشعبي التي كانت ترسل لمقاتلة ايران، فتوفر احتياطي بشري مدرب على الحروب بكافة اشكالها يتجاوز الثمانية ملايين عراقي يتقنون فنون القتال في الصيف والشتاء والمناطق السهلية والجلية وفي الرطوبة والجفاف.
لقد تكونت ثقافة مواجهة الحرب والتحديات الخارجية واصبحت جزء من النسيج الاجتماعي العراقي خلال حكم البعث، نتيجة وجود تحديات وتهديدات متعددة المصادر وكان كل مواطن يشعر بها ويتجه لاعداد نفسه لمواجهة احتمالاتها.
وحينما اصبح اكيدا ان الغزوقادم وان الحرب ستكون حربا برية وجوية وليس حربا جوية فقط، كما كان الحال في عام 1991، تم بناء تنظيمات سرية موازية : تنظيم حزبي سري موازي من النخبة المجربة، تنظيمات من الجيش والحرس الجمهوري، جهاز مخابرات متطور، علماء متخصصون بصيانة الاسلحة والمعدات العسكرية، خبراء في حروب العصابات، كل هؤلاء تم انتقاءهم بدقة وسرية كاملة من قبل سيد الشهداء القائد صدام حسين دون معرفة اكثر اعضاء القيادة، كما خصصت مبالغ مالية كبيرة لتغطية النفقات الباهضة للحرب السرية.
بفضل هذا الاعداد المسبق كان طبيعيا ان يشهد العالم ولادة اول حرب تحرير من رحم الدولة التي كانت قائمة وتحول الكثير من موارد الدولة البشرية والعسكرية والمالية والخبرات الى عوامل انطلاق جبارة لاول ثورة في التاريخ تبدأ من المراحل النهائية للحرب وليس من بداياتها. وهذا هوالتفسير الوحيد للميزة الفريدة للثورة العراقية المسلحة، فهي لم تهبط من السماء ولا استورد رجالها من الخارج، ولا تم تدريبهم خلال اسبوع اواسبوعين بل تم اعدادهم خلال فترات تتراوح بين 25 – 30 عاما. وفي ضوء هذه الحقيقة فان البعث يحق له ان يفتخر بانه كان من هيأ لحرب التحرير بيئتها وعوامل نجاحها قبل الغزو.
لكن البعث لا تقتصر مأثره على ذلك فقد كان هواول من مارس المقاومة الشعبية المسلحة من ام قصر الباسلة ما ان بدأ الغزو، عبر مناضليه، ثم اتسع نطاق المقاومة بالتزامن مع مقاومة القوات المسلحة العراقية من البصرة حتى غزوبغداد، ولولا ذلك لما اضطرت القوات الامريكية ورغم تفوقها العسكري والتكنولوجي والمادي التامين للقتال 21 يوما وقدمت الكثير من التضحيات، واعلن في منتصفها دونالد رامزفيلد وزير الحرب الامريكي ايقاف القتال لعدة ايام لاعادة النظر في الستراتيجية العسكرية، نتيجة ضراوة المقاومة العراقية الباسلة في المدن التي مرت بها قوات الغزو. وهنا يجب ان نذكرّ من يرى بان مقاومة 21 يوما كانت قليلة بان فرنسا استسلمت لالمانيا النازية في ثلاثة ايام فقط، نتيجة التفوق النازي علما ان تسليح القوات الامريكية التي غزت العراق اخطر بمئات المرات من سلاح النازي واشد فتكا من كل الاسلحة التي استخدمت في كل الحروب السابقة.
كان التفوق الامريكي العسكري والتكنولوجي والمادي ساحقا وكان بامكان امريكا ان تدمر دولا اقوى واكبر من العراق خلال ايام قليلة، ومع ذلك فقد صمد العراق 21 يوما وهي مدة اسطورية في طولها، خصوصا وان بغداد كانت تمطر يوميا منذ بدء الغزوباكثر من الف صاروخ كروز، اضافة لآلاف القذائف من الانواع الاخرى، والتي دمرت بشكل منظم الدفاعات حول بغداد وفي داخلها قبل وصول الغزاة الى العاصمة. بل ان القوات المسلحة العراقية كانت تدمر دون ان ترى العدوودون ان تشتبك معه غالبا الا حينما يتقدم ويقترب من حافات القوات العراقية عند ذاك تصبح مقاومة القوات المسلحة العراقية ممكنة وضارية.
بعد غزوبغداد في الايام من 7 – 9 \ 4 \ 2003 اصدرت القيادة العراقية اوامرها للاجهزة السرية التي اعدها الرئيس الشهيد بالانتقال الى الصفحة الثانية من الحرب وهي صفحة حرب عصابات المدن، وطلب من اكثر القادة الذين لم يكلفوا بدور في التشكيلات الجديدة الانتظار في بيوتهم لحين وصول الاوامر، وبدأت القيادة الجديدة السرية العمل في ليلة 10 -11 \ 4 \ 2003 انطلاقة الثورة المسلحة. ومرت اسابيع كانت القوة الضاربة التي تقاتل هي التي يقودها البعثيون ومعهم بعض المتطوعين العرب، وبعد ذلك بدأت تتشكل تنظيمات غير بعثية لمقاتلة الاحتلال، فتعددت الفصائل منذ ذلك الوقت. ويجب هنا ان نذكر بان البعث قد قدم الدعم لكل فصيل ظهر في الساحة سواء كان ماديا اوعسكريا اوماليا قبل ان توجه له ضربات كبيرة ادت الى مصادرة اكثر امواله. كما ان الحزب اصدر يوم 28 – 4 – 2003 امرا الى كافة كوادره المدنية والعسكرية بالانتشار في كافة التنظيمات التي أنشأت اوالتي ستنشأ لضمان النشر الفوري والسريع للثورة المسلحة في كل العراق، وعدم التدقيق في الهوية الايديولوجية لاي تنظيم مادام يقاتل الاحتلال.

الخاتمة
وفي ضوء ما تقدم يتضح بان البعث كان ومازال الحاضنة الرئيسية والطبيعية للمقاومة العراقية المسلحة بكافة فصائلها، من حيث دور الكادر البشري والاعداد المسبق والتسليح والتدريب والتثقيف على الحرب الدفاعية شعبيا وعسكريا. والان نحن نجزم بقوة وسهولة بان القوة الاساسية جماهيريا وعسكريا وقتاليا في العراق هي قوة البعث وجماهير العراق تعرف ذلك وهي لذلك اخذت تعود الى مرجعيتها الاصلية، وهي الحزب، حينما تيقنت من ان انقاذ العراق لن يتم بواسطة نخب مقاتلة تستطيع المشاركة في مهاجمة الاحتلال واستنزافه لكنها لا تستطيع بمفردها اقامة دولة وتسييرها والمحافظة عليها، خصوصا وانها طائفيا لا تمثل الا جزء من العراق، مما يجعل الجزء الاخر يرفض قيادتها للدولة، حتى لوافترضنا لاغراض النقاش انها قادرة على الوصول للسلطة. ان الاعتماد اساسا يجب ان يكون على القوة الجماهيرية المقاتلة والتي تملك تنظيما يغطي القطر ولديها كوادر مدنية وعسكرية مدربة تدريبا عاليا، والاهم ان هذه القوة هي الوحيدة التي تمثل كافة العراقيين دون تمييز مذهبي اواثني لانها قوة وطنية وقومية.
لذلك فان أي محاولة للاستيلاء على السلطة في العراق من قبل نخب مهما كان وضعها، من دون التحالف مع القوة الاساسية، وهي البعث، سيكون عملا انتحاريا يسبب الضرر للعراق ومستقبل العلاقات بين القوى السياسية وفصائل المقاومة. ان الخيار الوحيد للوصول الى حل وطني تحرري يضمن للعراق الاستقرار والنجاح بعد التحرير (اذا تعذر اقامتها قبله) هوخيار اقامة جبهة وطنية عريضة تضم كل الوطنيين ينبثق عنها حكم ائتلافي ديمقراطي.
ويجب ان نشر هنا الى اننا محظوظين لان البعض قد كشف اوراقا كان يخفيها عنا وعن غيرنا وتتعلق بنيته الغدر بالمجاهدين اثناء الحسم وبعد الحسم، وكنا نظن لطيبتنا اولرغبتنا في التعامل الصادق مع الجميع من اجل انتصار على الاحتلال بلا منغصات، بان الذئب قد تاب عن افتراس الحملان، ففتحنا قلوبنا للجميع، لكن هذا البعض الذي يغتال مجاهدينا ويتعمد تلفيق الاكاذيب ضدنا ويهدر دم مناضلينا باتهامنا بالكفر، في هذه اللحظات الصعبة من تاريخ العراق، قد فتح اعيننا على قدرة العدوعلى تدجين وتجنيد وتحريك قوى واشخاص باتجاه شيطاني حتى حينما يعتقدون انهم يسيرون على طريق رحماني! لقد علمنا واكتشفنا الحقائق كاملة الان واتخذنا كافة الاحتياطات الضرورية لمنع الشيطان الامريكي الاسرائيلي من اغتيال مشروع نهضتنا مرة اخرى، ببندقية تبدوبيد مجاهد لكنها في الواقع بيد عميل للمخابرات الامريكية اومهوس فقد العقل والضمير والمنطق وصار اداة دون ان يشعر بيد اعداء العراق والامة العربية، فشكرا لغباء وحقد وتخلف تلك العناصر التي كشفت نفسها الان وليس غدا.

محمد دغيدى
10-24-2008, 07:43 PM
البعث كان ومازال الحاضنة الرئيسية والطبيعية للمقاومة العراقية المسلحة بكافة فصائلها، من حيث دور الكادر البشري والاعداد المسبق والتسليح والتدريب والتثقيف على الحرب الدفاعية شعبيا وعسكريا. والان نحن نجزم بقوة وسهولة بان القوة الاساسية جماهيريا وعسكريا وقتاليا في العراق هي قوة البعث وجماهير العراق تعرف ذلك وهي لذلك اخذت تعود الى مرجعيتها الاصلية، وهي الحزب، حينما تيقنت من ان انقاذ العراق لن يتم بواسطة نخب مقاتلة تستطيع المشاركة في مهاجمة الاحتلال واستنزافه لكنها لا تستطيع بمفردها اقامة دولة وتسييرها والمحافظة عليها، خصوصا وانها طائفيا لا تمثل الا جزء من العراق، مما يجعل الجزء الاخر يرفض قيادتها للدولة، حتى لوافترضنا لاغراض النقاش انها قادرة على الوصول للسلطة

محمد دغيدى
11-04-2008, 07:12 PM
قصور فهم اساليب الاعداء
هناك نقيصة في ثقافتنا السياسية بشكل عام وفي وعينا الستراتيجي بشكل خاص، وفي معلوماتنا عن الالعاب الاستخبارية السرية بشكل اخص، وهي اننا نتعامل مع الاحداث الكبرى من خلال مظاهر الامور ووثائق الدول الرسمية المعلنة، والتحفظ على، وغالبا رفض، ما قد تستبطنه تلك المواقف اوالسياسات الخاصة بأعدائنا اوخصومنا الدوليين والاقليميين من خطط سرية اواهداف مناقضة لما اعلن في السياسات الرسمية، في حين ان عدونا المشترك (امريكا واطراف اوربية والصهيونية وايران) يخطط لمديات طويلة، واحيانا طويلة جدا، كما هوالحال مع بروتوكولات حكماء الصهيونية وبروتوكولات حكماء ايران، التي تمتد لمئات السنين، وخطط الغرب الاستعماري، التي تمتد لعقود من الزمن، تجري خلالها عمليات الانتقال من خطوة الى اخرى طبقا للمخطط الموضوع وليس طبقا لاجتهادات من يحل في السلطة محل سابقه. وبسبب هذا الامتداد الزمني الطويل ودقة رسم الخطط لا يكتشف الكثيرون ان هناك بروتوكولات اسرائيلية اوفارسية قومية اوخطط استعمارية امريكية واوربية بل يرى احداثا متناثرة لا يظهر رابطا قويا بينها، وهذا هوالفخ الذكي المنصوب للامة العربية!
ان بروتوكولات حكماء صهيون، وتوأمها المكمل بروتوكولات حكماء الفرس وخطط الهيمنة الاستعمارية الراسمالية الغربية، هي نماذج لهذا النمط من التخطيط الستراتيجي السري الطبيعة، والتي تنكر من قبل من ينفذها، مثل أنكار الجهات الرسمية الامريكية وجود مطامع في النفط العربي، قبل وبعد غزوالعراق، مع ان احد اهم عمودين ثابتين في سياسة امريكا تجاه العرب هوعمود النفط، ومثلما كانت ايران تنكر انها تروج لدعوة طائفية في الوطن العربي وتنكر ان لها اهدافا توسعية قومية، لكن غزوالعراق كشف النقاب عن الحقيقة الكاملة لخطط ايران الاستعمارية والتي تكاد تتطابق من حيث الاهداف والاساليب مع الحركة الصهيونية، ومثلما كانت الحركة الصهيونية تنكر انها تريد الإساءة للعرب وانها تريد فقط وطنا آمنا لليهود يوقف اضطهادهم. لكن الواقع يشهد انها مخططات حقيقية وتطبق بتدرج وتخطيط محكم لكي يمتص ويحتوى زخم الرد الشامل والمدروس من قبل الضحايا وهم العرب في اجواء التضليل الاعلامي الشامل.
ومن اهم نتائج تنفيذ هذه المخططات الفعلية، التي تؤكد وجود المؤامرة، هي احتلال فلسطين كنتاج للبروتوكولات الصهيونية، واحتلال الاحواز العربية والجزر العربية في الخليج العربي من قبل ايران كنتاج لوجود بروتوكولات فارسية، واحتلال العراق من قبل امريكا بصفته تأكيد لوجود خطة شاملة للسيطرة على كافة منابع النفط مباشرة وابتزاز العالم بقوته. وهنا يجب ان نذكرّ بان من الحقائق المعروفة تقليد ان بريطانيا وامريكا لا تكشفان اسرار سياستهما الا بعد مرور نصف قرن من الزمن تكون خلالها كل المعطيات قد تغيرت فلا يلحق الضرر بهما بل يعد من مخلفات الماضي الذي انتهى مع ان الحاضر يشهد تنفيذ خطط سرية جديدة! والسؤال المهم هنا هو: لماذا تخفى الاسرار اذا لم تكن هناك خططا سرية غير معلنة وتتناقض مع ما هومعلن؟
ماذا يحصل لمن يخوض صراعا مصيريا مع اعداء اذكياء وحكماء وطامعين وقتلة من الطراز الاول وهولا يفهم لعبتهم الحقيقية واصولها القائمة على اظهار الاعداء له عكس ما يستبطنون؟ الارباك في افضل الاحوال والتضليل في أسوأها. وفي حالتي الارباك والتضليل فان العدوالمشترك يضمن السيطرة على مسرح العمليات الاساسي، وهوالعقل والمنطق، ويجبر الضحية على اتباع سياسات الفعل ورد الفعل، وهي سياسات قاصرة ومنهكة ومدمرة تقود في نهاية المطاف لهزيمة الضحية مهما قاتل ببسالة، في حين ان العدوالمشترك ينفذ مخططا ستراتيجيا بعيد المدى وثابت الاهداف. ان قيام الجهد الاساسي للضحية على اعمال رد الفعل يفقده القدرة على الفعل الاصلي المبادر فيحرم من اكتشاف ما يخبئه العدوالمشترك لانه يقصر تعامله مع التحدي الاني وعدم الانتباه بالقدر الكافي للتحديات الاخطر القادمة، وهوبالضبط ما يرده العدو.
بتعبير اخر ان ان العفوية في القتال لدى الضحية تغيّب القدرة على اكتشاف آليات تفكير العدووانماط العابه الاستخبارية والستراتيجية فيقع فريسة غموض في فهم ابعاد الصراع وتساوي الاحتمالات لديه والعجز عن فرز الاحتمال الارجح عن الاخر الاقل اهمية، ومن ثم تفشل الضحية بالقيام بحشد القوى وتوزيعها بشكل صحيح، طبقا لاهمية كل معركة! يقترن ذلك بما هو اسوأ وهوتغيير الخطط اعتباطيا لمجرد التخلص من تحد قد يكون مفبركا لاجل الارباك، وذلك هوالطريق المفضي الى الهزيمة مهما كان القتال بطوليا، لقد حدد العدوالمقتل في سلوك الضحية وهومقتل خطط العدولابرازه وضربه في الوقت المناسب.
ولحسن الحظ فان عصرنا هذا قد سمح بكسر الكثير من الاسرار، فاكتشف كثير منا بان ماتعرضنا له من احداث في العقود الماضية، لم يكن كما لاحظنا في الظواهر، بل انه كان يستخدم الظواهر لتحقيق ما اخفاه عمدا في البواطن. فمثلا لم تدرك القوى الوطنية العربية بان الصراعات فيما بينها، والتي تفجرت في نهاية الخمسينيات، كانت مخططا لها من قبل العدوالصهيويني – الغربي، بل كنا نظن انها غالبا ثمرة نقص الخبرة وعواطف التحزب وأنانيات الزعماء، اما الان، ورغم اهمية العوامل التي ذكرت، فاننا اخذنا نكتشف وعلى نحومتزايد بان ثمة تخطيطا بعيد المدى قد وضع ونفذ، خصوصا منذ صعود القومية العربية ببزوغ عصر القائد المرحوم جمال عبدالناصر، اساسه تدمير وحدة القوى الوطنية العربية، خصوصا القوى القومية التقدمية الوحدوية منها، وتهيئة البيئة لاحلال قوى تشرذم ولا توحد الصف العربي محلها في قيادة الشارع العربي اوالسلطة.
ولا يمكن لاي عاقل يستخدم ذكاءه ان يتجاهل ان مانواجهه الان من تشرذم كان ثمرة تخطيط غربي صهيوني محكم لم تكن اخطاء وقصور وتخلف العرب الا عاملا مساعدا له وليس خالقه. والمفارقة المذهلة في قصور وعي بعضنا تتجسد في اننا نملك تراثا وتقاليدا عريقة عمرها الاف السنين وسبقت نشوء الغرب مثل معرفتنا لشعار (فرق تسد)، ولكننا لم نتعمق في فهم آليات واساليب قيام الاعداء بتفريقنا كي يسودوا بل اكتفينا بالتعميم المباشر ونسينا الغوص في التفاصيل الشيطانية لهذا الشعار وهذا التكتيك.
في ضوء ما تقدم ندخل في موضوعنا الاساسي وهودور البعث في المقاومة العراقية المسلحة، الذي اصبح الان، وبعد تعزز دور الحزب وتعاظم جماهيريته على نحولم يسبق له مثيل، خصوصا عقب اغتيال امينه العام سيد الشهداء صدام حسين ورفاقه الابطال على يد الاحتلالين الامريكي والايراني، هدفا لحملات اعلامية اشد ضراوة مما سبق تلتقي فيها قوى تبدومتناقضة لكنها تتفق على امر جوهري وهواجتثاث البعث، سواء بالإبادة الجسدية اوبالتشويه المتعمد لدوره وهويته. ومن اهم ما لا حظناه هوان العدوالمشترك، خصوصا امتدادته التجسسية داخل بعض من يقاومون الاحتلال، واجهزة اعلام معروفة الهوية، يحاولون الان انكار دور البعث في المقاومة العراقية اوالتقليل من شأنه، ولكي لا يضيعنا العدوالمشترك في متاهات العابه الذكية علينا ان نضع انفسنا داخل خطي السكة الحديدية الصارمة للواقع العراقي وان لا نخرج منها حتى نصل الى الحقيقة ونسقط الدعايات الخبيثة، وسكة الحقيقة هذه هي قراءة الواقع العراقي كما هولا كما يريد العدوان يظهره هووطابوره الخامس مهما تعددت اسماء افراد هذا الطابور.

محمد دغيدى
11-19-2008, 08:51 AM
البعث كان ومازال الحاضنة الرئيسية والطبيعية للمقاومة العراقية المسلحة بكافة فصائلها، من حيث دور الكادر البشري والاعداد المسبق والتسليح والتدريب والتثقيف على الحرب الدفاعية شعبيا وعسكريا.

محمد دغيدى
07-16-2009, 08:56 AM
اننا محظوظين لان البعض قد كشف اوراقا كان يخفيها عنا وعن غيرنا وتتعلق بنيته الغدر بالمجاهدين اثناء الحسم وبعد الحسم، وكنا نظن لطيبتنا اولرغبتنا في التعامل الصادق مع الجميع من اجل انتصار على الاحتلال بلا منغصات، بان الذئب قد تاب عن افتراس الحملان، ففتحنا قلوبنا للجميع، لكن هذا البعض الذي يغتال مجاهدينا ويتعمد تلفيق الاكاذيب ضدنا ويهدر دم مناضلينا باتهامنا بالكفر، في هذه اللحظات الصعبة من تاريخ العراق، قد فتح اعيننا على قدرة العدوعلى تدجين وتجنيد وتحريك قوى واشخاص باتجاه شيطاني حتى حينما يعتقدون انهم يسيرون على طريق رحماني! لقد علمنا واكتشفنا الحقائق كاملة الان واتخذنا كافة الاحتياطات الضرورية لمنع الشيطان الامريكي الاسرائيلي من اغتيال مشروع نهضتنا مرة اخرى، ببندقية تبدوبيد مجاهد لكنها في الواقع بيد عميل للمخابرات الامريكية اومهوس فقد العقل والضمير والمنطق وصار اداة دون ان يشعر بيد اعداء العراق والامة العربية، فشكرا لغباء وحقد وتخلف تلك العناصر التي كشفت نفسها الان وليس غدا.

الزبير الطرابلسي
07-16-2009, 09:09 AM
ليش مهستر هيك ما في حد عم يعبرك
ما كل كلامك خرافي بعث واكل هوى وطق حنك
ارحم حالك شوي يا زلمة

محمد دغيدى
07-16-2009, 09:20 AM
ليش مهستر هيك ما في حد عم يعبرك
ما كل كلامك خرافي بعث واكل هوى وطق حنك
ارحم حالك شوي يا زلمة
ريح دماغك شوية وبطل أكل بطيخ علشان ردودك كلها بقت بطيخ فى بطيخ

عاشت المقاومة العراقية الباسلة البطلة
عاش البعث العراقى المجاهد فى الميدان
عاش الجهاد والمجاهدين