تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وليد عيدو: كنت في المكان الخطأ .. ولست وديعة غازي كنعان



الحسني
04-17-2007, 12:41 PM
«النائب العام» «المرابط» السابق والنائب «الصقر» الحالي في «تيار المستقبل»
وليد عيدو: كنت في المكان الخطأ .. ولست وديعة غازي كنعان
(السفير 17/4/2007 م)

تغلبت شخصية «القاضي» لدى نائب بيروت القاضي وليد عيدو، على غيرها من شخصيات المواقع التي شغلها، في السياسة والنيابة. عيدو «مهجوس» بالقضاء، لذا ليس لديه حل وسط في الامور التي يتطرق اليها، إما أبيض أو أسود، إما بريء أو مدان، بما يرسخ صورته كسياسي متطرف، يصنفه البعض في خانة الصقور بين نواب «المستقبل» ويتهم بالتطرف المذهبي، من خلال المواقف التي تصدر عنه بحق «الآخر» الذي يجري «الكباش» السياسي معه حاليا حول الكثير من القضايا الوطنية.

ويبرر عيدو اتهامه بالتطرف بالقول «ان القاضي أمام امتحان ضميري ووطني يومياً، أياً كان موقعه، وتحقيق العدالة هو إشعار بأن في البلد قانوناً، تطبيقه يطمئن المواطن على حاضره ويشجع المستثمر على القدوم الى البلد. وبالتالي فإن عمل القاضي في أي زاوية من لبنان، يجعله مسؤولا عن الوطن وعن عدالته وسيادة القانون فيه». يضيف: «لهذا السبب أنا شرس في موضوع المحكمة وموضوع العدالة والحقوق التي يجب أن تنظم العدلية، بعد أن استهلكت واستخدمت استخدامات سيئة في فترة الوصاية، لمصلحة لا علاقة لها بالعدالة ولمصلحة الوساطات. ومن هذه الثغرة دخلت العدلية في زواريب الرشى. وحتى تاريخه ما زال في العدلية من يجب أن يكون خارجها. لذا أنا أدعو مجلس القضاء الاعلى الى ممارسة دوره في تطبيق القانون الذي شرّعناه وأعطيناه فيه الحق في الاعلان عن عدم أهلية أي قاض لموقعه».

ويعرف عيدو ان كثيرين يصنفونه بين «الصقور» في «تيار المستقبل» للسبب نفسه: أنا تركيبتي القضائية تجعلني أقول كل الحقيقة. في العدلية لا يوجد نصف حكم ولا نصف حق. ولا تستطيع أن تصدر حكما وأنت محتار بين الموافقة والرفض. وهذا الطبع القضائي يلعب دوره في موقفي السياسي، فأقول كل الحقيقة أحيانا وبشكل جاف وقاس، انما بشكل مطلق لأنني لا أناور. وأنا أعتقد أن قول الحقيقة وتسمية الاشياء بأسمائها، أهم من الإمساك بالعصا من النصف، ولذلك كنت أول من أطلق على اعتصام المعارضة في الساحتين اسم «احتلال» لان الصفة القانونية لاستعمال أملاك الغير هي «احتلال». ويرى ان «النائب العام» يمثل الدولة ويمثل الحق العام والمواطن، فهما طرف في أي دعوى جزائية، على اعتبار أن الجريمة موجهة ضد المجتمع. والسلطة القضائية هي الاهم بين سلطات النظام السياسي الثلاث، اذا كانت سلطة قضائية فعلية، لأنها تؤسس للتوازن بين السلطات وتمنع جنوحها باتجاه بعضها البعض.

عيدو الذي ينتمي الى عائلة متوسطة، تلقى دراسته كلها في بيروت وتخرج من كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية عام ,1967 ومنها دخل الى معهد القضاء حتى عام ,1970 بعده تولى مراكز قضائية في بيروت والجنوب ثم تسلم منصب النائب العام الاستئنافي في محافظة الشمال.
القاضي«المتّهم»

عن مرحلة عمله في الشمال، صدرت مؤخرا اتهامات «بارتكابات»، بعضها جاء على لسان رئيس الجمهورية اميل لحود، فيما اتهم آخرون عيدو بالمشاركة في لجان التخمين التي وضعت أسعار العقارات التي استملكتها «سوليدير» في وسط العاصمة، وبأنه كان محاميا للمؤسسة المذكورة. يرد عيدو: كان من الافضل للذين كتبوا الرد (للرئيس) اميل لحود، أن يحترموا الوقائع ويراجعوا سجلات وملفات وزارة العدل، اذ لا يحق لي أن أكون محاميا بالاساس، ولا علاقة لي بـ«سوليدير» مطلقا، كما لم يكن لي أي علاقة بالتخمينات. أما الامر الثاني الذي تحدثوا عنه فلم يشيروا الى أي حكم أو قرار، أو أي تدبير أخذته في الشمال يمكن أن أناقشهم فيه. تحدثوا بكلام عام من دون معنى، كلام سياسي وليس قضائيا. وبكل الحالات، أدعوهم الى استطلاع رأي في الشمال حول وليد عيدو، لأنني لم أترك هناك غير الصداقات والسمعة الحسنة.

عرف عن القاضي عيدو انه كان أحد أعضاء قيادة تنظيم «المرابطون» في النصف الثاني من حقبة السبعينيات من القرن الماضي. ووجهت له اتهامات بأنه مارس القضاء من خلال دوره الحزبي، وأصدر أحكاما بحق أشخاص اختطفوا وغير ذلك، حتى قال البعض انه كان يحمل اسماً حركياً هو «رضوان سعادة». الى آخر ما هنالك من «أسلحة اتهامية».

يرد عيدو: أنا قاض ولدي حسّ ونزعة عروبية ووطنية كبيرة. وقد راهنت وغامرت بوجودي ومستقبلي في القضاء وقمت بعمل، في تقديري هو عمل وطني في ذلك الوقت، دفاعا عن القضية الفلسطينية. فأنا من موقعي الاسلامي والسني أعتبر أن الموضوع العربي يستحق أن تغامر بحياتك وليس فقط بمستقبلك المهني من أجله. وقد تعاونت مع «المرابطون» لفترة ليست طويلة، امتدت من عام 1978 حتى عام .1980 وتركت الحركة بكامل وعيي بعد أن تبين لي أنني في المكان الخطأ. وغادرت أنا وعدد من الاشخاص لأننا كنا غير موافقين على ما يحصل. ولم يكن لي أي دور في المفهوم الذي يتداوله البعض بأنني كنت قاضيا في «المرابطون»، كنت قاضيا لا قاضيا في «المرابطون». ولم أتعاط في أي موضوع أمني أو قضائي. كان دوري في «المرابطون» أكثره إعلامي، فأنا أسست إذاعة «صوت لبنان العربي». وأنا أسست مجلة «المرابط» وكنت رئيس تحريرها. وقد غادرت الحركة من دون أن أغير قناعاتي. بقيت في «المرابطون» سنتين فقط، ثم عدت الى العدلية واستقبلت فيها لأنني لم أرتكب أي شائبة أثناء وجودي في «المرابطون». ولم أحاسب على انتمائي السياسي، لان قضاة آخرين كانوا في أمكنة سياسية اخرى.

يتابع: «أساسا لم يكن هناك قضاء ولا غير قضاء في «المرابطون». ولم يكن هناك لا محاكمات ولا غير محاكمات. مثل كل التنظيمات التي كانت موجودة، كان يتم توقيف أشخاص أحيانا، من قبل جهاز الامن الذي يتولى التحقيق معهم، لكن لم تتخذ أي عقوبة بحق أي شخص. ولم تكن لي علاقة بهذا الموضوع مطلقا. لان تسعين في المئة من وقتي كنت أعطيه للمجلة والاذاعة».

تحولات السياسة
لكن كيف يستطيع عيدو المولود لأم من الطائفة المارونية، أن ينضوي في تنظيم يقاتل ضد «الآخر» الذي كان في ذلك الوقت يتمثل بالمسيحي عموما والماروني خصوصا؟
يجيب: كنّا ندافع عن القضية الفلسطينية التي اندمجنا بها وهي التي أوجدت عبد الناصر. ولم يكن لي هم طائفي، ولا يمكن أن أوافق على عمل عسكري عشوائي مثل القصف، على منطقة فيها أقربائي لجهة أمي. كنا نحاول في ذلك الوقت الانشداد الى عمل قومي ـ وطني من خلال ما سمي «الحركة الوطنية»، التي كانت تضم مسيحيين أكثر مما كانت تضم من المسلمين. لكن كنا نرى الفريق الآخر يقف أحيانا ضد القضية الفلسطينية وضد القضية الوطنية. والآن أقول ان النزاع لم يكن وقتها طائفيا ولا هو كذلك في هذه المرحلة، لان لبنان حاليا أمام مشروعين: مشروع لبنان اولا من دون التخلي عن العروبة المتنورة، وهو قوي ومنفتح على العروبة ومقاوم لكن بمفهوم المقاومة اللبنانية، التي لها مواصفاتها وشروطها، وليس مقاومة في خدمة مشروع غير لبناني. وعنوان المعركة اليوم مع الفريق الثاني، هو لبنان اولا الوطني والعربي، لكن بمفهوم العروبة غير المخابراتية. واذا أوجدنا الحركة السياسية اللبنانية والتوجهات اللبنانية في إطارها الوطني، نكون قد تخلصنا من جرثومة الطائفية.

لكن هذه اللهجة العالية ضد سوريا ونظامها، هل تعني أن صاحبها لم يكن على علاقة بالمسؤولين السوريين الذين كانوا يديرون الشأن اللبناني؟
يجيب عيدو: من الكذب الكبير أن يقول لك نائب عام انه لم تكن له علاقة مع السوريين في حركته على مستوى محافظة مثل الشمال. كنت أعمل في حقل طابعه جزائي وكنت أمثل الحق العام في ملاحقة المخلين بالامن من لصوص ومجرمين ومهربين ومشاغبين وغيرهم. وكان لا بد من وجود علاقة مع السوريين كقوة أمنية موجودة في البلد، كنا نطلب مساعدت هذا الفريق الأمني عندما نعجز عن اعتقال أحد المطلوبين. كنت أتعامل مع السوريين، لكن كنت أوظف هذا التعامل لمصلحة لبنان، ولمصلحة العدلية. وأتحدى أن يدلوني على تعاون بيني وبين السوريين لمصلحة غير مصلحة القضاء وغير الحقيقة والعدالة في حركتي كنائب عام.

معظم السياسيين اللبنانيين، إن لم نقل جميعهم، كانوا على علاقة وطيدة باللواء الراحل غازي كنعان. ولم يخرج النائب عيدو عن هذه القاعدة. يروي كيفية التواصل بينهما فيقول: تعرفت على اللواء كنعان. كان هناك عقيد اسمه محمد خلوف مسؤول في جهاز الامن السوري في الشمال، عرض علي تعريفي بغازي كنعان، فراجعت رئيسي التسلسلي منيف عويدات، الذي قال لي: «يا ابني الناس يركضون لعنده وأنت تسألني اذا كنت تذهب لمقابلته، اذهب وأنا موافق». قابلته ويشهد الناس في الشمال ان تعاملي وعلاقاتي لم تتبدل بتأثير هذه المعرفة.

النيابة
ينفي النائب عيدو أن يكون لكنعان أو للسوريين علاقة بترشحه على لوائح الرئيس الحريري النيابية. ويقول: كانت تربطني بالرئيس الشهيد علاقة تعود الى الى أيام «حركة القوميين العرب» التي كنت عضواً فيها وكان الرئيس الشهيد في صفوفها. وهو الذي دعاني لان أكون نائبا.

رب ضارة نافعة، فقد صودف أن نقل القاضي عيدو من الشمال الى محكمة استئناف بيروت. وعرض عليه ملف إخلاء سبيل المدير العام لمرفأ بيروت مهيب عيتاني، فوافق على إخلاء السبيل، لأنه رأى أن توقيفه جاء ظلما ومن دون وجه حق، ما أثار زوبعة سياسية. وهنا اتصل الرئيس الحريري بعيدو وهنأه على قراره، وعرض عليه «العمل في السياسة» والترشح الى النيابية.

ويلفت عيدو الى أن تاريخه القضائي انتهى بحصوله على منصب الشرف في القضاء. وهذا المنصب يعطى لكل قاض يغادر العدلية من دون أن يسجل في ملفه أي شائبة، بموجب اقتراح عن مجلس القضاء الاعلى، يتحول الى مرسوم يوقعه رئيس الجمهورية. ويقول عيدو: «لا أعرف لحسن الحظ أو لسوئه، فإن المرسوم وقعه (الرئيس) اميل لحود الذي يتهمني بتاريخي في العدلية».

وينفي عيدو أن يكون من النواب «الودائع» في لوائح الحريري. ويلفت الى أن الرئيس الشهيد كان ينوي التخلي عن الودائع وقال ذلك علنا. ولو كنت «وديعة» غازي كنعان لكنت أول الذين يجب أن يغادروا. على العكس، كان الرئيس الحريري سيخوض الانتخابات في الدائرة الثانية (المصيطبة ـ الباشورة) بمرشحين سنة، رفيق الحريري وأنا. وقد اتخذ قراره وأبلغ الجميع به. وبالتالي لم أكن وديعة أحد، بل كنت خيار رفيق الحريري. وأنا اليوم حتى آخر يوم من عمري، خياري رفيق الحريري وسعد الحريري.

كما يرفض اتهامه بأنه «سني متعصب» ويقول: أنا وطني وأكره ان يقال ان هناك سنيا وشيعيا. وحكما أكره أن أكون سنيا متعصبا. أنا مسلم مؤمن وسني بحكم الانتماء والولادة، لكن لست سنيا متعصبا ولا مسلما متعصبا. والمسلم الحقيقي هو المسلم المتسامح. ولم أتخذ يوما موقفا مذهبيا أو تحدثت بكلام مذهبي.

الموقع والدور
عن دوره وموقعه داخل «تيار المستقبل» الذي سيتحول آخر الشهر الحالي الى «حزب تيار المستقبل»، يلفت عيدو الى أن موعد إعلان الحزب هو آخر الشهر الحالي، بعد أن وضعت له الوثيقة السياسية والاطار التنظيمي، الذي ستكون له قيادة تاريخية هي ابن رفيق الحريري.
وسيكون لكل شخص دوره وموقعه فيه بتفاعل ديموقراطي كامل. ويضيف: مهما كان دوري وأياً كان هذا الدور، لا أطمح إلا لان أكون جزءا من مشروع وطني عربي مقاوم في هذا الوطن.
هل يعتبر انتقاله من «المرابطون» الى «تيار المستقبل» تواصلا طبيعيا ام هو قطع بين مرحلتين؟
يرد عيدو: حكما أنا ما أزال على قناعاتي الوطنية والسياسية والعروبية. وقد وجدت أن لعروبتي معنى جديدا عند رفيق الحريري. لقد رأيت في رفيق الحريري شيئا كثيرا من عبد الناصر. ووجدت لوطنيتي معنى جديدا، لذلك كنت من محبي رفيق الحريري قبل أن أكون نائبا. ووجودي في «تيار المستقبل» هو استمرار لتاريخ أحد محطاته وجودي في «المرابطون». وهذا الموضوع ناقشته مع رفيق الحريري عندما قال لي: «هناك أشخاص يقولون لي انك كنت في «المرابطون» وكنت كذا وكذا. وأنا عدت الى تفاصيل وجودك هناك وأقول لك أهلا وسهلا».

في المقارنة بين البرنامج المرحلي للحركة الوطنية وبرامج قوى 14 آذار، يرى عيدو ان الاطراف ليسوا أنفسهم، لكن المنطق السياسي هو نفسه تقريبا. وقبل سنوات كان عنوان العمل السياسي في لبنان هو المشاركة وعروبة لبنان. واتفاق الطائف بما قدمه رفيق الحريري أجاب على كثير من هذه الامور. وتحققت المشاركة بشكل ما في الطائف. الحركة الوطنية كانت في صراع مع اسرائيل وما زال هذا الصراع ضمن أساسيات مفهومنا وفكرنا في «تيار المستقبل».
ونحن نقول اليوم بعروبة منفتحة ونقول بالعداء لإسرائيل. ومثلما كنا سابقا على خطأ في انشدادنا المطلق وذوباننا في العروبة، كان هناك من يقول ان لبنان لا يمكن أن يكون إلا لبنانيا.

يعتبر عيدو أن هناك مفهوما خاطئا بأن بعض أطراف 14 آذار تسعى الى الفيدرالية، وتوجه التهم بها الى وليد جنبلاط وسمير جعجع. ويرى ان لبنانية جنبلاط الآن هي أقوى من أي وقت مضى. أما سمير جعجع فلم يطرح في السابق الفيدرالية، بل طرح شعارات طرحها الجميع مثل «كيف نحمي المجتمع الاسلامي»، فكان هناك شعار «أمن المجتمع المسيحي فوق كل اعتبار» وهي شعارات سياسية لا عقائدية ولا دستورية. وبالتالي فإن الكلام عن الفيدرالية هو تهويل وليس هناك طرف داخل 14 آذار يسعى أو يؤمن بالكلام عن الفيدرالية. والامر نفسه لدى الطرف الآخر، وليس هناك أي فيدرالي لدى أي طرفق لبناني.

ويرى عيدو ان اتهام «حزب الله» بأنه أخذ قرار الحرب ضد اسرائيل هو كلام سياسي، لان اسرائيل دولة عدوانية توسعية ومجتمع حربي، تأخذ دائما قرارات الحرب ضد لبنان والدول العربية. ويبدي عيدو تشاؤمه من الخروج نهائيا من الازمة الناشبة في لبنان ويقول: قد نصل الى تسويات تؤدي الى هدنة ما، فلبنان يعيش فترات هدنة وحروب منذ عهد القائمقاميتين. كما انه لا يعيش حالة سلام كامل ولا حالة دولة ولا مخرج له من هذه الحالة إلا بالتوصل الى إلغاء الطائفية من حياة اللبنانيين وإقامة الدولة المدنية. وكل حل على أساس طائفي لم ينجح ولن ينجح، بما فيه اتفاق الطائف، لان فيه بذورا طائفية. في حين تتكفل دولة المؤسسات الديموقراطية بحل كل المشكلات بما فيها المشاكل الناتجة عن الديموقراطية، بعد أن يتخلى اللبنانيون عن فكرة أن طرفا خارجيا يمكن أن يدعم طرفا لبنانيا ليصبح متميزا عن غيره. فيتوحد اللبنانيون في منطق وطني مدني واحد، يبدأون به مرحلة سلام حقيقية.