تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مجلس علماء العراق والهدف من تأسيسه



FreeMuslim
04-09-2007, 10:35 AM
هل سيتحول (مجلس علماء العراق) الى (مجلس انقاذ أنبار) ثاني لسحب البساط من تحت أقدام الرافضين للاحتلال والمقاومين له؟


2007-04-08 :: بقلم : د.عبد الحميد الكاتب ::
http://www.iraqirabita.org/upload/7864.jpg


تعرضت هيئة علماء المسلمين في العراق منذ الأيام الأولى لنشأتها إلى مضايقات ، وتزايدت الضغوط ضدها كلما ( تشددت ) في مواقفها ضد سياسات الاحتلال ، ويوما بعد آخر أخذ ينضم إلى ركب المعادين للهيئة جهات كانت من أقرب الناس لها أو متحالفين معها ، والسبب اختلاف وجهات النظر ومعارضة الهيئة لمواقفهم التي يعلنون أنهم يرون فيها المصلحة .

وليس مستغربا أن يكون الاحتلال أول الجبهات المعادية للهيئة لمجاهرتها بمواقفها المؤيدة للمقاومة ، وليس غريبا كذلك أن يوافق الاحتلال معاداته للهيئة الحكومات التي نصبت في العراق بناء على قرارات وسياسات الاحتلال ، وينضم لهؤلاء تلك الأحزاب التي جاءت مختبأة خلف دبابة الاحتلال ، ولسنا نتحدث هنا عن هؤلاء ، لكن الغريب هو وقوف جهات ( سنية ) موقف العداء للهيئة ، ومشاركتها في مؤامرات ترسم ليس لها من غاية سوى النيل منها والإساءة لها ، وحين نسأل عن سبب العداء فليس له من تفسير إلا اختلاف وجهات النظر وسلوكهم اجتهادا سياسيا تصفه الهيئة بالخاطئ .

والأغرب من ذلك أن الهيئة التي توصف (بتشددها) قابلت كل ذلك العداء – ولاسيما من الأقربين – بسعة صدر كبير ، فكانت حين تسأل عن بعض مواقف مخالفيها تقول (لهم اجتهادهم)، وما سمعنا أمين عام الهيئة (د. حارث الضاري) ينال من مخالفيه من هؤلاء الأقربين ، وعلى الرغم من الإساءات الشخصية التي تصدر من بعضهم وبالرغم من وصفهم له (بالمتعنت) إلا أنه بمواقفه فند كل ذلك .

تأسست هيئة العلماء لتسد فراغا تركه حل السلطة وانهيار النظام، واهتمت أول أمرها برعاية المساجد وشؤون القائمين عليها (أئمة وخطباء ومؤذنين)، ولم تبرز على الساحة السياسية إلا حين (تشنجت) في مواقفها ضد الاحتلال واتخاذها مواقف صريحة معارضة لسياساته ومؤيدة للمقاومة كحق شرعي، ولم تلق أول أمرها قبولا من الكثير من فصائل المقاومة الناشئة، ولم تحض باحترام أي من حكومات الدول الإسلامية، ورغم ذلك فلم تلن أو تنثني بحثا عن رضا المخلوق، لكنها بثباتها على مواقفها وبإرضائها للخالق فرضت على الآخرين مكانتها، وأجبرت الكثير أن يعترفوا بها، وانتزعت بجدارة تصدرها زعامة أهل السنة والجماعة مرجعية دينية وسياسية في ذات الوقت .

تأسس (مجلس شورى أهل السنة) كمنافس للهيئة لكن أجهض المشروع قبل أن يولد، ثم حاول أن يخرج على الهيئة بعض من يخالف ثوابتها (وتشددها) ضد الاحتلال وسياساته، لكن انقلبوا بخيبة أمل كبيرة وحتى قبل أن يضعوا أي حجر أساس لمشاريع الانشقاق، ولكم عجبت من لا مبالاة أمين عام الهيئة (الشيخ الضاري) إزاء تلك الأنواع من الأخبار، والأعجب رده على تلك الأخبار: (إن نجحوا في مشاريعهم فنحن معهم وفي خدمتهم، وإن قصدوا معاداة الهيئة فلن ينقلبوا إلا خاسرين).

واليوم ينعقد في الأردن المؤتمر الخامس لعلماء العراق ، وعنه يتمخض تأسيس (مجلس علماء المسلمين في العراق) و (مجمعا فقهيا للإفتاء)، ويحق للمتابع هنا أن يتساءل عن أهداف مثل هذه المشاريع، هل تقع في سلسلة ما تقدم من سياسات معاداة الهيئة؟ أم أنها مشاريع إسلامية وطنية تهدف للنهوض بواقع البلد والتكاتف مع الآخرين لتجاوز المحنة؟

(المجمع الفقهي للإفتاء) مشروع علمي وقد يكون صرحا ضروريا لبلد مثل العراق، فمن جهة التاريخ الطويل لهذا البلد الذي احتضن أكثر من مدرسة فقهية ويحمل موروثا علميا كبيرا، ومن جهة أخرى الواقع العراقي اليوم الذي يشهد كثرة المتنطعين والمتطفلين الذين يصدرون الفتاوى بغير علم ولا مستند شرعي أصولي، فضلا عن بعض الجهات التي خالفت الثوابت الشرعية أو تجاوزت (واجب الوقت) بحجج رجحان المصلحة، كل ذلك يبرر في نظر البعض حاجة البلد إلى مثل هذا المشروع ، ولا ريب أن علاقته بهيئة علماء المسلمين ستكون تكاملية والمتوقع أن تكون فتاويه سندا شرعيا للثوابت التي (تشددت) الهيئة في التمسك بها، لكن ذلك مرهون بتحرر هذا المشروع من أي سيطرة سياسية للأحزاب العاملة في الساحة وهذا هو المعول بإذن الله .

لكن تأسيس (مجلس علماء المسلمين في العراق) قد يثير التساؤل، فطرف من الناس تنظر له نظرة تشاؤمية وأنه مشروع تآمري ضد مواقف الهيئة الوطنية، في حين ينظر إليه طرف آخر بأنه مرحلة جديدة لابد لها لتجميع علماء العراق بعد تشتت ولاءاتهم السياسية، ولكل طرف ما يؤيده في وجهة نظره.

فالمتشائمون لا يستطيعون أن يتناسوا أشهرا سبقت هذا المؤتمر من الاتصالات بين جهات تجاهر بعداوتها للهيئة، ولا تتناسى جهودا للحكومة الحالية تشجيعا لتلك المساعي، وهل يحتاج مزيد ذكاء استنباط أن المالكي وهو يشجع مثل هذه الإجراءات أنه يقصد إضعاف الهيئة؟ وهل يجانب الصواب من ينظر إلى شخصيات اضمحل نجمهم بسبب معاداتهم للهيئة أن يتوقع أنهم لا يباركون هذا الفعل إلا بحثا عن المجد الضائع؟

أما الطرف الآخر من المتفائلين بما أعلن فإنهم يقرؤون الموضوع بحسب واقع علماء العراق ، فقد تشتت أمر هؤلاء بسبب اختلاف وجهات النظر والاجتهادات المتعددة ، وطفا على السطح بشكل كبير ولاءات فكرية وسياسية ، وبسبب حرب الإبادة الطائفية التي يتعرض لها أهل السنة ولاسيما الأئمة والخطباء وتشتت من بقي حيا منهم بين النفي والتهجير أو الاعتقال، وحتى (هيئة علماء المسلمين) العنوان الذي كان يجمعهم ورفع مكانتهم تعرضت لشتى أنواع القهر، فقد نالت القسط الأكبر من القتل والاعتقالات، وباتت حركتها داخل العراق محدودة ومتابعة من قبل جبهات معادية عديدة علنية وسرية، من أجل هذا يعتقد هؤلاء المتفائلون أن (مجلس علماء العراق) سيجبر ذلك الكسر ويجمع ما تشتت.

ومن يتابع المؤتمر ويتفقد المشاركين فيه فإنه يجد بينهم الأمناء أهل الثقة، فمنهم علماء أجلاء وشخصيات محترمة ورجال طالموا عرفت مواقفهم الوطنية، فمثل هؤلاء لا يمكن اتهامهم ولا يمكن الشك في أمانتهم ولا نسمح لأنفسنا بإساءة الظن فيهم، ومن هؤلاء كثير نجزم أنهم يسعون لأي خير يعتقدون أنه ينقذ العراق، ويضحون بأنفسهم من أجل الإسلام ورفع رايته عالية.

لكن من جانب آخر فإن المتابع سيرى بين المشاركين شخصيات تثير الريبة، فحماسة أقوام عرفوا بحرصهم على حب الظهور، واندفاع آخرين عرف عنهم النفعية وحب الذات و (الوصولية) كلها أمور تبعث على الشك، ويتساءل آخرون ما هو الدور الذي سيكون (لمجلس علماء العراق) وأغلب قياداته وبعض مؤسسيه كانوا ولازالوا يؤيدون مشاركة الاحتلال في عمليته السياسية ، وماذا سيقرر مثل هؤلاء الذين كانوا بالأمس يصفون بعض أعمال المقاومة ( إرهابا ) من غير تفريق بين فصائل المقاومة والعصابات الإرهابية .

أنا في الختام أقول أنه لا يمكن لأحد أن يحكم على النوايا ، وربما القرائن التي سبقت هذا الإعلان من مساومات وتأييد بعض العملاء في الخفاء لا ترتقي إلى البينة ، وبما أننا مأمورون أن نتعامل مع الظاهر فلا يسعنا إلا أن نستحضر رأي ( الشيخ الدكتور حارث الضاري ) السابق ذكره ، فسننتظر إلى ما تأتي به الأيام وأفعال هذا المجلس هي خير حكم عليه ، فإن أصابوا فعلى الجميع أن يساندهم ، ونحن تبع للحق بغض النظر عن قائله ، ومن جانب الصواب فلن يضر سوى نفسه ، وناطح الجبل لن يجني إلا على رأسه .