تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : زواج المتعة, جواب سؤال 20 من ذي القعدة 1391 6/1/1972



ابو شجاع
04-02-2007, 02:33 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

جـــواب ســـؤال

المتعة هي النكاح المؤقت بأمد معلوم او مجهول،‎والحكم الشرعي في المتعة انها حرام وذلك لما روى احمد و مسلم عن سبرة الجهني ( انه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( يا ايها الناس اني كنت اذنت لكم في الاستمتاع من النساء وان الله قد حرم ذلك الى يوم القيامة،‎فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما اتيتموهن شيئا ) وروى احمد وابو داود ( عن سبرة الجهني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع نهى عن نكاح المتعة ) والمتعة محرمة بنص الحديث وليس بامر عمر، فعمر لا يملك تحليلا ولا تحريما وانما يملك تبني حكم شرعي قد شرع الله وهو لا يملك التشريع ورأيه كرأي اي صحابي وهو رأي مجتهد وليس بدليل شرعية، وما روى ان عمر قد نهى عن المتعة فاطاعه الناس فان ذلك كان تنفيذا لحكم شرعي شرعه الله وليس امرا من عمر ولا رأيا له، ذلك ان بعض المسلمين لم يبلغهم حينئذ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحريم المتعة فلم يكونوا يقولون به فاراد عمــــــر ان يفهمهم انها حرام فامر بتحريمها ليبلغ ذلك من لم يبلغه بعد، فأمره كان تنفيذا لحكم شرعي وليس امرا من عنده، والمسلمون اطاعوه لحديث سبرة المصرح بالتحريم المؤبد وليس لانه امر به عمر،‎والمسلمون متعبدون بما بلغهم عن الشارع وقد صح التحريم المؤبد بحديث سبرة الصحيح فاخذوا بالتحريم المؤبد للحديث الصحيح .



والمتعة زنا لا شك فيه، فانه وقاع رجل لامرأة بغير نكاح،‎بل هو استحلال لفرج المرأة بما حرمه الشرع تحريما مؤبدا بالحديث الصحيح، فهو زنا .‎وقد روى البيهقي عن جعفر بن محمد انه سئل عن المتعة فقال : ( هي الزنا بعينه )‎وقد روى ابن ماجة عن ابن عمر باسناد صحيح ( ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذن لنا في المتعة ثلاثا ثم حرمها،‎والله لا اعلم احدا تمتع وهو محصن الا رجمته بالحجارة ) يعني ان ابن عمر يرى انها زنا وان مرتكبها يقام عليه الحد .


وحكم مرتكب المتعة حكم الزاني سواء بسواء تقيم عليه الدولة الحد بوصفه زانيا فتجلده مائة جلدة ان كان غير محصن وترجمه بالحجاره ان كان محصنا، ولا يعتبر نكاحا فيه شبهة كالنكاح الفاسد فانه ليس بنكاح حتى ولا نكاحا باطلا بل هو زنا محصن يحلد فاعله قطعا .

واما اذا كان مذهبه يجيز المتعة مثل الجعفرية فانه ينظر فيه فان كان لم يتبن الامام اي الخليفة رأيا في المتعة فانه لا يطبق عليه حكم يخالف مذهبه الذي يتعهد عليه،‎ومذهب جعفر مثل مذهب ابي حنيفة يعتبر اجتهاده اجتهادا شرعيا ورأيه الذي استنبطه حكم شرعي لان لديه شبهة الدليل لكونه مجتهدا معتبرا يستند الى دليل عنده، واما ان كان قد تبنــــــى الامام تحريم المتعة وامر بتحريمها فان مرتكبها يقام عليه الحـــــد ايا كان سواء اكان حنفيا ام جعفريا لان امر الامام يرفع الخلاف ولان امر الامام نافذ ظاهرا وباطنا، فيقام الحد على ارتكاب المتعة على جميــــــــع الناس . والامامية اي الجعفرية يقولون بجواز المتعة، وحقيقتها عندهم كما في كتبهم،‎هي النكاح المؤقت بامد معلوم او مجهول او غايته الى خمسة واربعين يوما، ويرتفع النكاح بانقضاء المؤقت في المنقطعة الحيض، وبحيضتين في الحائض، وباربعة اشهر وعشر في المتوفى عنها زوجها، وحكمه ان لا يثبت لها مهر غير المشروط ولا تثبت لها نفقة ولا عدة الا استبراء بما ذكر، ولا يثبت به نسب الا ان يشترط وتحرم المصاهرة بسببه، ودليل الامامية ان الرسول صلى الله عليه وسلم قد رخص في المتعة وبقيت الرخصة ولم يحرمها بعد الترخيص بها، وروى عن ابن عباس بقاء الرخصة، وروى احمد من طريق معمر بسنده انه بلغه ان ابن عباس رخص في متعة النساء فقال له :‎ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه يوم خيبر وعن لحوم الحمر الاهلية الا انه قال السهيلي :‎انه لا يعرف عن اهل السير ورواة الاثار انه نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر . وقال ابو عوانة في صحيحه :‎سمعت اهل العلم يقولون :‎معنى حديث علي انه صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الاهلية،‎واما المتعة فسكت عنها، وعن ابن عيينة ان النهي زمن خيبر عن لحوم الحمر الاهلية،‎فالذين يجيزون المتعة ينكرون ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة يوم خيبر ويستدلون على ذلك بالترخيص بها بعد خيبر في حنين وعام الفتح،‎ويقولون ان تحليل المتعة مجمع عليه والمجمع عليه قطعي،‎وتحريمها مختلف فيه والمختلف فيه ظني والظني لا ينسخ القطعي، ويقولون ان قراءة ابن عباس وابن مسعود وابي بن كعب وسعيد بن جبير - فما استمتعتم به منهن الى اجل مسمى - دليل على جواز المتعة .


وهذه الاقوال والادلة باطلة لا تصلح للاستدلال .‎اما كون الرسول صلى الله عليه وسلم قد رخص في المتعة فهذا صحيح ولا خلاف فيه ولكنه حرمها بعد ان رخص بها، فهي اولا حين ابيحت لم تكن عزيمة بل كانت رخصة ثم نسخت هذه الرخصة بتحريم المتعة تحريما مؤبدا،‎فالموضوع لا يتعلق بنكاح معين قد سنه الشرع بل برخصة رخص بها الشرع، والموضوع ايضا ليس كون الشرع قد رخص بها بل الموضوع هو نسخ هذا الترخيص او عدم نسخه،‎ومتى صح النسخ وجب المصير اليه وترك الحكم المنسوخ فورا ولو جاء الاخبار بالنسخ في خبر الاحاد لنسخ ما ثبت بالتواتر والدليل القطعي، فان المسلمين كانوا يصلون الى بيت المقدس قبلتهم الاولى وكان ذلك ثابتا بالتواتر، فلما نسخت الصلاة الى بيت المقدس بلغ ذلك المسلمين بطريق الاحاد وهم في الصلاة فتحولوا الى الكعبة وهم في الصلاة واتموا صلاتهم .‎فالحكم الناسخ يجب المصير اليه فورا متى ثبت النسخ ولو بطريق الاحاد، ونسخ الرخصة في المتعة بتحريمها تحريما مؤبدا ثابت بالحديث الصحيح فوجب على المسلمين المصير اليه وترك الحكم المنسوخ،‎واما ما روى عن ابن عباس بقاء الرخصة فانه روى عنه انه رجغ عن هذا القول بعد ان بلغه حديث تحريم المتعة تحريما مؤبدا . وقد روى الرجوع عن ابن عباس جماعة منهم محمد بن خلف المعروف بوكيع في كتابه القرر من الاخبار بسنده المتصل بسعيد بن جبير، وروى الرجوع ايضا البيهقي وابو عوانه في صحيحه .‎وفوق ذلك فان ابن عباس صحابي وكلامه ليس بحجة ورأيه ليس دليلا شرعيا فلا يصلح للاستدلال .‎واما ما روى عن علي من ان النهي في خيبر كان عن لحوم الحمر الاهلية واما المتعة فسكت عنه، فانه قد روى عن علي في كتب الصحاح المتفق عليها ما يخالف ذلك . فعن علي رضي الله عنه ( ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الاهلية زمن خيبر ) وفي رواية نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن لحوم الحمر الاهلية الانسية) واما ما روى عن ابن عيينة ان النهي زمن خيبر عن لحوم الحمر الاهلية، فهو صحيح من حيث رواية واقعة النهي زمن خيبر، ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر الاهلية في واقعة ثم بعد ذلك نهى عن المتعة في واقعة اخرى،‎فقد روى ابن عيينة عن الزهرى بلفظ نهي عن اكل الحمر الاهلية عام خيبر وعن المتعة بعــــــد ذلك او غير ذلك اليوم ( فالذين لم يبلغهم النهي الثاني قالوا بان النهي انما كان عن لحوم الحمر الاهلية، والذين بلغهم النهي الاول والنهي الثاني جمعوها معا وقالوا نهي عن لحوم الحمر الاهلية وعن المتعة،‎وكلتا الروايتين صحيحة فيكون النهي عن المتعة ثابتا يوم خيبر ولا ينقضه من يقول انما نهى عن الحمر الاهلية لانه لا يصلح دليلا على انه لم ينه عن غيرها فان عدم سماع الرجل للنهي الثاني لا ينفي سماع غيره له فيكون عدم سماع بعض الرواة حديث النهي عن المتعة يوم خيبر لا يطعن بسماع من روى حديث النهي عنها يوم خيبر نفسه لا سيما انه حصل في واقعة ثانية، واما قولهم ان تحليل المتعة مجمع عليه والمجمع عليه قطعي، وتحرميهما ظني والظني لا ينسخ القطعي، فان الموضوع هو ثبوت النسخ وعدم ثبوته وليس كون الناسخ ظنيا والمنسوخ قطعي، والموضوع ليس متعلقا برواية نص حتى ولا برواية حكم بل الموضوع هو ان هذا الحكم قد نسخ او لم ينسخ،‎فليس هو نسخ قطعي بظني بل هو نسخ حكم ثبت بالنسة بحكم ثبت بالسنة، فموضوع قطعي وظني ليس واردا ولا هو موضع البحث، فقد ثبت بالسنة اباحة المتعة في صدر الاسلام، وثبت بالسنة تحريمها في خيبر ثـــم بالسنة اباحتها عام الفتح وثبت بالسنة تحرميها في عام الفتح نفســـه تحريما مؤبدا . فالموضوع ليس نسخ القران بالنسة، ولا هو نسخ المتواتر بخبر الحاد، بل هو نسخ حكم ثابت بالسنة في خبر الاحاد بحكم ثبت بالسنة في خبر الاحاد،‎ولذلك لا ترد مسألة قطعي وظني ولا مسألة نسخ القطعي بالظني .


واما قراءة ابن عباس وابن مسعود وابي بن كعب وسعيد بن جبير، فانها ليست قرانا لانها جاءت بطريق الاحاد ولا يعتبر قرانا الا ما جاء بطريق التواتر وما القي على جمع تقوم الحجة القاطعة بقولهم لان القران هو فقط ما نقل نقلا متواترا وعلمنا يقينيا انه من القران، فهذا وحده هو القران وهو الذي يكون حجة واما ما عداه فليس قراناوليس بحجة،‎ولذلك فان ما نقل الينا منه من احاد كمصحف ابن مسعود وغيره ليس بقران ولا يكون حجة .‎وعلى ذلك فان هذه القراءة ليست قرانا،وكذلك ليست‎سنــــــة،‎لاجل روايتها قرانا،‎فلا يعتبر حجة ولا يصح الستدلال بها . علــى ان الدليل على تحريم المتعة تحريما مؤبدا ليس النهي عنها يوم خيبر فان الرسول صلى الله عليه وسلم قد اباحها بعد خيبر في عام الفتح، وانما تحريم المتعة تحريما مؤبدا ثابت بتحريمها يوم الفتح والنص على تحريمها تحريما مؤبدا في نفس نص النهي، ثابت بحديث سبرة الصحيح، فقد روى احمد ومسلم عن سبرة الجهني ( انه غزا مع النبي صلى الله عليه واله وسلم فتح مكة : قال : فأقمنا بها خمسة عشر فاذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في متعة النساء ) وذكر الحديث الى ان قال : ( فلم اخرج حتى حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا ايها الناس اني كنت اذنت لكم في الاستمتاع من النساء وان الله قد حرم ذلك الى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل ولا تأخذوا مما اتيتموهن شيئا ) فتحريم المتعة تحريما مؤبدا لم يأت من النهي عنها يوم خيبر وانما اتى عن النهي عنها يوم الفتح، ودليله ليس حديث النهي عنها يوم خيبر بل دليله حديث سبرة الصحيح المصرح به بالتحريم المؤبد، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقــول ( وان الله قد حرم ذلك الى يوم القيامة ) ويقول( فمن كان عنده منهن شيء فيلخل سبيله ) فهذا هو دليل التحريم المؤبد .


وعلى ذلك فان رأي الامامية الجعفرية في جواز المتعة رأي باطل لا يستند الى دليل . لان دليلهم هو دليل الرخصة بها وهذه الرخصة قد نسخت بالحديث الصحيح، والاستدلال بالمنسوخ استدلال باطل لا يحل الاستناد اليه ما دام يعرف انه منسوخ، وفوق ذلك فانهم يعتمدون على احاديث خيبر، واحاديث خيبر بغض النظر عن ثبوت النهي فانه لا يستدل على تحريم المتعة تحريما مؤبدا، ولا يستدل بها على عدم تحريم المتعة تحريما مؤبدا لان الرسول عليه السلام قد رخص بها بعد خيبر فاصبحت هذه الاحاديث ليست موضوع بحث في تحريم المتعة مطلقا،‎ولا في تحريمها تحرميا مؤبدا، بل موضوع البحث هو تحريمها في عام الفتح، او بعبارة اخرى هو حديث سبرة الصحيح المصرح بالتحريم المؤبد .


وخلاصة حديث المتعة ان تحرميها واباحتها وقعا مرتين،‎فكانت مباحة قبل خيبر ثم حرمت فيها، ثم ابيحت عام الفتح وهو عام اوطاس ثم حرمت تحريما مؤبدا .‎ذلك ان المتعة كانت مباحة في صدر الاسلام،‎فعن ابن مسعود قال : ( كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس معنا نساء،‎فقلنا : الا نختصي،‎فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا بعد ان ننكح المرأة بالثوب الى اجل، ثم قرأ عبد الله (‎يا ايها الذين امنوا لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم ... الاية ) وروى الترمذي عن محمد بن كعب عن ابن عباس قـــال ( انما كانت المتعة في اول الاسلام، كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج المرأة بقدر ما يرى انه يقيم فتحفظ له متعة وتصلح له شأنه حتى نزلت هذه الاية ( الا على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم( قال ابن عباس : فكل فرج سواهما حرام ) فالثابت في صحيح السنة عن طريق خبر الاحاد لا عن طريق التواتر ان المتعة كانت مرخصا بها وظل المسلمون علـى هذه الرخصة حتى يوم خيبر فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها، ولم يسمع نهي عنها قبل خيبر مطلقا . وفي خيبر ثبت بالسنة ان الرسول عليه السلام قد نهى عنها، روى ذلك عن علي وغيره، الا ان هذا النهي لم يبلغ بعض الصحابة فظلوا يقولون بالترخيص بها، وفوق ذلك فان هذا النهي لم يكن نهيا مؤبدا وانما كان نهيا مطلقا .


هذه هي المرة الاولى التي وقع فيها اباحة المتعة وتحريمها، فابيحت في صدر الاسلام حتى خيبر ثم حرمت في خيبر .‎اما المرة الثانية فكانت عام اوطاس او عام الفتح وهما عام واحد،‎فان الرسول عليه السلام قد فتح مكة وبعد الفتح غزا هوازن وكانت المعركة في وادي اوطاس بديار هوازن وهي المعروفة بغزوة حنين، وفي هذا العام رخص صلى الله عليه وسلم في المتعة ثم نهى عنها في نفس العام . فقد روى مسلم عن سلمة بن الاكوع رضي الله عنه قال ( رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم عام اوطاس في المتعة ثلاثا ثم نهى عنها ( واخرج احمد ومسلم عن سبرة الجهني ( انه غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم فتح مكة،‎قال : فأقمنا بها خمسة عشر فاذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في متعة النساء ) الى ان قال ( فلم اخرج حتى حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ورواية اخرى عن سبرة في حديث صحيح ( اني كنت اذنت لكم في الاستمتاع من النساء وان الله قد حرم ذلك الى يوم القيامة ) وكانت الاباحة هنا في عام اوطاس او عام الفتح ثابتة بالسنة، وكان التحريم هنا بعد الاباحة كما في نص الحديث الثابت بالسنة، الا ان التحريم هنا كان تحريما مؤبدا . فقد نص على انها قد حرمت الى يوم القيامة . وهذه هي المرة الثانية التي وقع فيها اباحة المتعة وتحرميها،‎وفيما عدا هاتين الواقعتين لم يصح شيء في امر المتعة .


اما ما يقال من انه قد روى نسخ المتعة بعد الترخيص بها في ستة مواطن هي : خيبر،‎وعمرة القضاء، وعام الفتح، وعام اوطاس، وغزوة تبوك،‎وحجة الوداع، فانه وهم وخلط بين الحوادث، اما رواية اباحتها ونسخها في عمرة القضاء فان الحديث الوارد فيها لايصح لكونه من مراسيل الحسن ومراسيل الحسن ضعيفة لانه كان يأخذ عن كل احد، وعلى فرض صحته فانه يحمل على انه يوم خيبر اي عام خيبر، لان خيبر وعمرة القضاء كانا في عام واحد، فالرسول صلى الله عليه وسلم قد رجع من صلح الحديبية واقام بالمدينة خمسة عشر يوما ثم غزا خيبر، وبعد ذلك في نفس العام قام بعمرة القضاء،‎فتكون واقعة واحدة . اما رواية اباحتها ونسخها في عام الفتح وعام اوطاس فانهما عام واحد، فبعد الفتح حصلت غزوة اوطاس او غزوة حنين،‎فتكون الروايات المتعددة حتى التي ذكرت حنين روايات عن واقعة واحدة هي نسخ المتعة وتحريمها في عام الفتح وهو نفسه عام اوطاس او غزوة حنين، واما غزوة تبوك فان الرواية لا تدل على ان الرسول اباحها لهم وانما تدل على انه زجرهم عنها فعن جابر قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الى غزوة تبوك حتى اذا كنا عند الثنية مما يلي الشام جاءتنا نسوة تمتعنا بهن يطفن برحالنا،‎فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهن فاخبرناه،‎فغضب وقام بيننا خطيبا فحمد الله واثنى عليه ونهى عن المتعة،‎فتوادعنا يومئذ ولم نعد ولا نعود فيها ابدا .‎فهذا الحديث لا يدل على الاباحة او النهي وانما يدل على الزجر،‎فان الرسول عليه السلام رأى النسوة عند هؤلاء الرجال فسألهم عنهن فاخبروه وزجرهم عن ذلك، وهذا الحديث وان كان اسناده ضعيفا لكن عند ابن حبان من حديث ابي هريرة ما يشهد له واخرجه البيهقي .


واما حجة الوداع فان الحديث وان كان صحيحا من رواية احمد وابي داود الاانه لم ينص على الاباحة وانما نص على النهي فقط، وبما ان النهي كان قبل ذلك في عام الفتح وكان تحريما مؤبدا فانه يحمل على انه تأكيد لذلك النهي وليس واقعة اخرى، ولعله صلى الله عليه وسلم اراد اعادة النهي ليشيع وليسمعه من لم يسمعه قبل ذلك . هذه خلاصة موضوع المتعة،‎فان تحريمها واباحتها قد وقعا مرتين . كانت مباحة في صدر الاسلام قبل خيبر ثم حرمت في خيبر ولكن لم يكن التحريم مؤبدا ثم ابيحت في عام الفتح او عام اوطاس او غزوة حنين ثم حرمت في نفس العام تحريما مؤبدا الى يوم القيامة . فالحكم الشرعي هو ان المتعة حرام، وان تحريمها جاء بالسنة في الحديث الصحيح،‎وان هذا التحريم تحريم مؤبد، لان الحديث الصحيح المصرح بالتحريم المؤبد لا يقبل التأويل وغير قابل للنسخ لنصه على ان التحريم الى يوم القيامة .

20 من ذي القعدة 1391
6/1/1972