تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : صراع المحاور في لبنان.. والضحية الشعب اللبناني؟!



FreeMuslim
04-02-2007, 01:36 PM
صراع المحاور في لبنان.. والضحية الشعب اللبناني؟!
05-12-2006


بقلم يوسف شلي (http://www.alasr.ws/index.cfm?method=home.authors&authorsID=178)

http://www.alasr.ws/myfiles/news/aaakabes.jpg



يبدو أن دولة لبنان دخلت من جديد، بعد حرب صيف تموز الأخيرة المدمرة، النفق المظلم ودخلت مبدئياً في المجهول.

ومن الواضح، باعتراف معظم الأطراف في الداخل، سنة وشيعة ودروزا ومسيحيين، والمراقبين في الخارج، أن الإنقاذ بات يتطلب عصا سحرية، قد تخرج لبنان وكل طوائفه من عنق الزجاجة، خاصة وأن الأزمة الدستورية الحالية بلغت نقطة اللارجوع، ولا يمكن بأي حال من الأحوال لأي فريق من السلطة أو المعارضة، أن يقدم أية تنازلات في الوقت الحالي، إلا إذا تمت تسوية في آخر الدقيقة، لأنها قد تشكل بالنسبة له هزيمة وخسارة سياسية غير متوقعة، وتضع مستقبله السياسي في مهب الريح.

* ماذا حدث؟ ومن المتسبب؟

تم تنفيذ "المخطط" الذي قاده حزب الله وحركة أمل خلال الجلسة الأخيرة لطاولة التشاور اللبنانية، حيث إن الجلسات الأخيرة كانت توحي بشكل واضح، بأن أزمة ما قد تحدث قريبا، وأن هناك مسارا سياسيا معينا قد خُطط له بدقة وإحكام، باتجاه المواجهة بين الأطراف السياسية المتصارعة، هذا في الوقت الذي كان أكثر المتابعين لجلسات الحوار التشاورية يتوقعون حدوث انفراج ما، بناء على الصراحة التي سادت خلال الجلسات السابقة.

غير أن الجلسة الأخيرة، اعتراها الكثير من التشنج والعصبية بين سعد الحريري زعيم "كتلة المستقبل"، وأحد أبرز أقطاب "14 آذار" وبين محمد رعد ممثل حزب الله، أبرز قوى المعارضة في "8 آذار"، فالقوى السياسية المشاركة في طاولة الحوار كانت قد وافقت من حيث المبدأ على مشروع المحكمة الدولية، وأن تسوية ما قد تحدث وفق المعادلة "قبول بالمحكمة الدولية مقابل حكومة وحدة وطنية".

وكان يسود اعتقاد راسخ في أوساط الأكثرية الحاكمة، أن الفريق الشيعي المعارض في الحكومة لن "يُسمح له" (بضم الميم)، بأن يوقع على مشروع المحكمة، أيا كانت طبيعة القرارات التي ستصدر عن المحكمة، لأن تلك القرارات المنتظرة قد تتجاوز البعد المحلي إلى البعد الدولي، وبالتالي تعقد الأزمة اللبنانية أكثر، ولا حل بعد ذلك إلا بسيطرة أحد الفرقاء على المشهد اللبناني، أو التصادم آجلا أم عاجلا!!

في السياق نفسه، أجمع الكثير من المحللين أن سقوط الجمهوريين في الانتخابات التشريعية الأمريكية الأخيرة في 8 تشرين الثاني، خدم تطلعات إيران في المنطقة وأهدافها التي لا تنكرها في لبنان، وفي أي منطقة يوجد بها الشيعة، لأن الديمقراطيين كثيرا ما تناولوا السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي جورج بوش بالنقد، بعد فشل الإستراتيجية الأمريكية في العراق، إضافة إلى استقالة رامسفيلد وزير الحرب وعرابها في المنطقة، واستبداله بروبرت غيتس، الذي عرف عنه منذ سنوات دعوته الإدارة الأمريكية إلى حوار مع إيران، مما أعطى المحور الإيراني- السوري نفسا جديدا وقوة أكبر، حتى انعكس ذلك على تصريحات المسئولين في كل من سوريا وإيران، فـ"المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران" علي خامنئي، صرح في إحدى المناسبات، بأن "نجاح الديمقراطيين في الولايات المتحدة يصب في مصلحة إيران"، وأن العديد من السياسيين الأمريكيين والأوروبيين دعوا إلى حوار مباشر مع إيران، معتقدين أن الحل الوحيد للخروج من المأزق العراقي يتم عبر إيران.

* سوريا هل تكون مفتاح الحل؟

أما بالنسبة لسوريا، فقد بدأت الأصوات تتعالى في كل من الولايات المتحدة وأوروبا وكذلك "إسرائيل" في التحاور معها، حتى إن نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر سلطانوف، قال: "يستحيل تسوية شاملة في الشرق الأوسط من دون مشاركة سوريا".

وقد استطاعت سوريا وبالتنسيق مع إيران، في إرباك الوجود الأمريكي في العراق، وفي هذا السياق، صرح الديمقراطي "برجنسكي" قائلا: "ستُخرج الحرب الأخيرة في العراق الولايات المتحدة الأمريكية من المنطقة، كما أخرجت حرب السويس بريطانيا وفرنسا". كما أن الإستراتيجية الأمريكية المرسومة في المنطقة العربية، لا يمكن تبديلها أو تغييرها أو إلغاؤها، لأن مصلحة الولايات المتحدة بالدرجة الأولى، سواء عند الجمهوريين أو الديمقراطيين أو غيرهم، تبقى فوق كل اعتبار.. كل ما يمكن تعديله هو أسلوب تطبيق هذه الإستراتيجية، عن طريق الاستعانة بسورية أو إيران، لتهدئة الأوضاع في العراق وغزة ولبنان، مقابل نفوذ سياسي سوري محدود في لبنان.

والسؤال المشروع الذي يطرحه الجميع الآن: هل ما حدث بعد استقالة وزراء الشيعة، هو مسرحية محكمة من قبل "حزب الله" و"حركة أمل"، بالترتيب والتنسيق مع رئيس الجمهورية "إميل لحود"، لتعطيل المحكمة الدولية، وخاصة بعدما أصرت حكومة السنيورة على عقد الجلسة الاستثنائية التي كانت مقررة من قبل، لمناقشة مشروع المحكمة والموافقة عليها، بحيث يستقيل الوزراء من الطائفة الشيعية، فيدعو رئيس الجمهورية إلى حل الحكومة في محاولة لقطع الطريق على مشروع المحكمة؟

* احتمالات..احتمالات..احتمالات!!

على أية حال، فإن معالجة الأوضاع قد لا تتوقّف عند إشكالية من تجاوز الدستور أو احترمه، ولا مع تفسيراته المختلفة، لأن استقالة الوزراء الشيعة الخمسة، كما ذهب إليه الكثير من المتابعين، "خطة مرسومة" لتجاوز تداعيات الحرب اللبنانية الإسرائيلية الأخيرة في الصيف الماضي، وما نتج عنها من معطيات سياسية وعسكرية واقتصادية جديدة على الساحة اللبنانية، ليست سوى خطوات واسعة على طريق المسلسل الإيراني– السوري حسب الوصف الأمريكي والأوروبي، بموافقة من بعض الدول العربية "المعتدلة"، لتحقيق الخطوات "الإستراتيجية"، المتمثلة في تشكيل حكومة وحدة وطنية، وإعطاء فريق 8 آذار الثلث المعطّل + 1، الذي يمنحه حق المشاركة الفعلية في السلطة، ومنع تمرير أي قرار لا يتوافق مع توجهاته السياسية داخليا وإقليميا ودوليا..

وستلي هذا مباشرة، تحركات، لعل أبرزها:

ـ القيام بخطوات تصعيدية، بداية من داخل المؤسسات الدستورية في الدولة (الاستقالة)، وانتهاء بتجييش الشارع والاعتصام في الساحات.

ـ إذا لم تتم تسوية في الوقت المناسب، قد يلجأ الفريق المعارض إلى الرفع من مطالبه الاحتجاجية من خلال وسائل أكثر راديكالية، تصل إلى حد العصيان المدني في بيروت، وغيرها من المدن، وفي أكثر من منطقة، إلى حين استقالة حكومة فؤاد السنيورة.

ـ تدخل الجامعة العربية لتسوية سياسية ما يكون لا غالب فيها ولا مغلوب، من خلال تقديم مقترحات جديدة، أو التقريب بين بعض المقترحات التي قدمها الطرفان المتنازعان.. ومبادرة الأمين العام عمرو موسى تصب في هذا الاتجاه، قبل أن يستفحل الأمر مع سقوط أول ضحية للمعارضة بعد إطلاق النار عليه من طرف مجموعة من المشاغبين، ادعوا انتماءهم إلى تيار المستقبل برئاسة سعد الحريري.

- قد تعمل بعض الدول العربية، خاصة السعودية ومصر على التدخل، من خلال وساطة لتسوية الأزمة الحالية والمستحكمة، منعا من تدخل قوى أخرى هي أيضا في الخط، خاصة إيران، حيث سيتم إقناع حكومة فؤاد السنيورة بالاستقالة إنقاذا للبنان، ليتم تشكيل حكومة "وفاق وطني"، ترضي فريقي الصراع، لمدة ستة أشهر، تحضيرا للانتخابات الرئاسية المسبقة، تليها مباشرة انتخابات تشريعية وبلدية تحت رعاية الجامعة العربية والأمم المتحدة. في هذا الإطار، انتقد الرئيس المصري حسني مبارك مسيرات المعارضة اللبنانية الهادفة إلى إسقاط حكومة فؤاد السنيورة، وحذر من احتمالات تدخل إيراني، قد يدفع دولا عربية إلى التدخل بدورها وإلى "تدويل النزاع وتدمير لبنان".

وقال مبارك أيضا أن "الدعوة (من جانب) حزب الله وأمل (للتظاهر) ضد السنيورة خطر جدا، ولبنان لا يتحمل كل هذا"، وأضاف "لو استمرت المسيرات فترة طويلة، سيأتي من يناصر السنيورة من الخارج .. من بلاد عربية كثيرة ومن يناصر حزب الله، وستكون النتيجة ساحة للقتال والخراب والدمار، وستضيع لبنان". ـ احتمال وارد، وهو أحد أهم نقاط الضغط، وذلك بدعوة نواب فريق 8 آذار إلى الاستقالة من مجلس النواب (أي 45 في المئة)، إذا لم يتم الموافقة على تشكيل حكومة وحدة وطنية "متوازنة ومتساوية في صناعة القرارات".

وفي هذه الحالة، حسب القانونيين والخبراء في الدستور، يتسلل الفراغ الدستوري إلى الدولة، بحيث تدخل البلاد في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، في ظل حكومة مستقيلة ومجلس نواب فاقد 57 نائبا من أصل 128، وبذلك تتعطل الانتخابات الرئاسية، أحد أهم مطالب فريق 14 آذار، وتدخل الدولة بكل مؤسساتها الدستورية في الفراغ القاتل.

ـ الخطّة البديلة لهذا الاحتمال، دخول أو إدخال البلاد عنوة في دوامة العنف والعنف المضاد، بحيث سيختار كل فريق محوره وحليفه، الفريق المعارض سوريا وإيران، والفريق الحاكم أمريكا وفرنسا والسعودية. وفي هذا الصدد، صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية توم كايسي، قائلا: "إن التظاهرات (...) ترمي إلى الإطاحة بالحكومة الشرعية والمنتخبة ديمقراطيا في لبنان". وأضاف أن "التهديدات وأعمال التخويف والعنف، ليست بالتأكيد وسائل يمكن أن نعتبرها ديمقراطية لتغيير الحكومة".

ـ انسحاب الجيش من الجنوب اللبناني لدعم الأمن في بيروت وباقي المدن الأخرى التي تشهد اضطرابات واعتصامات وتجمعات الفرقاء اللبنانيين، الأمر الذي قد يدفع بالدول المشاركة في "اليونيفيل" لأن تضع يدها على كل لبنان، وبالتالي يتم تدويله رغم أنف الجميع، وعندئذ يحق لمجلس الأمن الدولي الاجتماع فوراً، لوضع مشروع قانون بنشر قوات دولية في كل الأراضي اللبنانية، إلى حين تعيين سلطة مؤقتة وانتقالية، ابتداء من حكومة تعمل على إجراء انتخابات تشريعية، لتكوين مجلس نواب بإشراف قوات دولية تابعة لمجلس الأمن، ومن ثم ينتخب هذا المجلس رئيساً للجمهورية، ويتم تشكيل حكومة وحدة وطنية.. وقد يكون هذا الاحتمال أمنية إسرائيل في الوقت الحاضر، وأمنية الولايات المتحدة المتورطة في المستنقع العراقي.
ـ الحل في نظر البعض، وهو شاطئ الأمان لكل لبنان شعبا وحكومة، استعانة الفريقين المتصارعين بالوساطة السورية، وهو المنفذ الأخير. القيادة السورية في دمشق لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تفكر بالعودة إلى لبنان تحت أية ذريعة، وأن تتورط مرة أخرى في المعضلة اللبنانية، لكن في حالة ساءت الأمور في لبنان أو تطورت إلى حرب أهلية داخلية، مع تدخلات خارجية خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وأصبحت حدودها مهددة، في هذه الحالة ستتدخل دمشق في الشأن اللبناني مرة أخرى، لكن هذه المرة بقرار وحماية عربية ـ دولية، ليضع حدا للأزمة اللبنانية المتفاقمة.