تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المقاومة الكاذبة



FreeMuslim
04-02-2007, 01:26 PM
مثله مثل الخط الأول من قيادات التيار الصدري وجيش المهدي، تبخر بهاء الأعرجي عند بدء الخطة الأمنية، بعد الإنذار المبكر الذي تلقاه (الصدريون) من حكومة المالكي، ثم ظهر في البصرة ليلقي خطبة الجمعة، مهنئا الصدريين بالفتح العظيم بانسحاب القوات البريطانية، معتبراً ذلك الانسحاب نتيجة لمقاومتكم، وهو يوجه حديثه إلى "المؤمنين" من أعضاء فرق الموت ولصوص المال العام في البصرة!؟

عين السيد مقتدى الصدر اليوم يبدو أنها تتوجه نحو البصرة، وسوف يعيد ما حدث فيها بين نهاية تموز حتى منتصف آب عام 4م، عندما أشعل فتنة ظاهرها قتال المحتلين، أما حقيقتها فالصراع على الهيمنة على المراقد المقدسة، وما سمي حينها بمعركة المفاتيح، عندما كان صدر الدين القبانجي القيادي في المجلس الأعلى هو المهيمن على النجف، وعلى الواردات التي تصل إلى المراقد من حقوق شرعية وخُمس ونذور ... الخ.


وبعد معركة لم تدم سوى أسبوعين، انهزم السيد القائد سماحة حجة الإسلام والمسلمين الجنرال مقتدى الصدر، وبقي في جامع الكوفة يتسلى بلعب الأتاري، بينما كان جيشه (جيش الأمام المهدي) يُقتلون بالمئات في مقبرة وادي السلام، بعد أن نفذت ذخيرتهم وتمويناتهم من طعام وحبوب هلوسة!

آنذاك كانت القوة التي هاجمت جيشه العقائدي الثقافي، هي خليط من قوات الشركة الأمنية الأمريكية بلاك ووتر ومغاوير الداخلية وطلائع الحرس الوطني الحديث التأسيس، وبدعم من قوات بدر و مقاتل، أرسلهم السيد علي السيستاني لهزيمة الفتى المتمرد الذي شق عصا الشيعة، وأحدث فتنة كبرى داخل المؤسسة الشيعية التقليدية، وأرسى تقاليد جديدة تحط من قدر المرجعية، وتعتبرها مرجعية نائمة، فيما أنشأ هو مرجعية ثورية بحسب زعمه، بينما لم يصل إلى درجة الاجتهاد ولم يتجاوز تحصيله العلمي الحوزوي مرحلة (البحث الخارج) التي لم يستطيع تخطيها!.

والذي يتابع موقف السيد القائد من مسألة الفدرالية، ينتبه إلى التناقض في الموقف منها، والسبب هو تخوفه من أن يقع تحت سلطة المجلس الأعلى وآل الحكيم فيما إذا كانت الفدرالية على نمط ما ينادي به الحكيم (فدرالية شيعية من 9 محافظات)، والتغيرات الجديدة في البصرة تقع في قلب مقتدى الصدر موقع الماء البارد من جوف الظمآن! إذ هنالك في البصرة توجّه إلى أن تكون البصرة فدرالية قائمة بذاتها، وهذا الخيار سوف يمكن مقتدى الصدر من تضييق دائرة الصراع، وتوسيع إمكانية تحقيق انتصارات على أهل البصرة وعلى الأحزاب الشيعية المنافسة الأخرى، خصوصاً وأن في مقدمة أعدائه هناك حزب الفضيلة الذي لا يمتلك ميليشيات منظمة، بل تحالفات عشائرية ومصلحية، ثم المجلس الأعلى الذي يعتبر ـ وبالرغم من الدعم الإيراني الواسع ـ أقل نفوذاً بين العوام من جيش المهدي، ومقتدى الصدر هيأ جيشه أو جيش الأمام في البصرة، ونسّق مع قواته في العمارة لتكون على أهبة الاستعداد لتقديم الدعم في المعركة المقبلة!

أما موقف البصريين منه ومن جيشه، فمن المعلوم أن البصرة إحدى أهم الحواضر الثقافية والفنية في العراق، فضلاً على ما تميّز به أهلها من تسامح وود وتعايش وانفتاح، وهو ما يجعل مهمة الصدر هناك مهمة صعبة، وقد جرب البصريون ممارسات حثالات الصدر، وكان أشهرها مهاجمة سافرة لطلاب كلية الهندسة في فترة حكومة علاوي، وضرب الطلاب والطالبات وتمزيق ملابسهم وكسر كاميراتهم، بالاتفاق مع أفراد الشرطة الذين يتبعون جيش المهدي، وهو عدوان تكرر داخل جامعة البصرة، بعد أن احتج الطلاب على تلك الممارسات المشينة، على الرغم من وجود الأساتذة وبعض المسئولين المحليين!! وكان المبرر الذي أعلنه التيار الصدري مخالفة الطلاب للآداب الشرعية، هذه التي يراقب الالتزام بها والسير على نهجها، جيش المهدي المؤلف أصلا من بعثيين سابقين وفدائيي صدام ومخبرين معتمدين سابقين ومجموعة من أراذل اللصوص والمجرمين ومدمني المخدرات والعاطلين عن العمل، وما شئت من صنوف المخلوقات التي تجدها تتحرك على هامش المجتمعات!.

ويعلم البصريون الدور الذي قام به الصدريون في بغداد والبصرة من قتل بشع للبعثيين ولضباط الجيش السابق، وكانت قوائم بأسماء البعثيين تصل إلى مقتدى الصدر عن طريق حليفه الدائم أحمد الجلبي، الذي كان يسّرب القوائم والعناوين، مستغلاً إشرافه على هيئة اجتثاث البعث هو وهادي العامري، المشرف على النزاهة في الجمعية الوطنية السابقة ورئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب وسفاح فيلق بدر.

وقد نكبت الأسر البصرية العريقة بمقتل أبنائها عن هذا الطريق، واختفى قسم منهم، ثم اتضح بعد ذلك أنه تم اختطافهم وإرسالهم إلى إيران، والتي وصل عدد المطلوبين فيها إلى أكثر من 5 اسم في بعض الأحيان، ومما يجدر ذكره هنا، أن أحمد الجلبي نشر قبل الاحتلال، وبالتحديد في صيف عام 2م قائمة بالمطلوبين، فيها 1 اسم لضباط وكوادر إدارية وكتاب وصحفيين وسياسيين! كانت هي الأساس لقاعدة المعلومات الدموية اللاحقة.

في البصرة اليوم (محاكم شرعّية) أقامها الصدر، تحاكم المخالفين، وتقيم عليهم الحدود (المبتكرة) من وسائل تعذيب جهنمية قبل قتلهم، وتلك المحاكم منها الثابتة في الحسينيات والمعسكرات السابقة المهجورة وفي المناطق السكنية، وبعضها متحرك، يقتل المتهم فيها على الفور بالتعاون مع الشرطة ومع عصابة (ثأر الله)، وقد عرف البصريون قصة (عصابة البطة القاتلة) التي روعتهم، ثم انتقل إلى طرق أخرى بعد افتضاح القصة وانتشارها، وكان حزب الفضيلة الإسلامي وبعض رؤساء العشائر ومسئولو المحافظة، وراء فضح أمر هذه العصابة الصدرية.

مقتدى الصدر يتهيأ لمعركة البصرة، وسوف تتوجه كل سرايا جيشه في الجنوب لابتلاع المدينة، وطرد كل الأحزاب المنافسة والميليشيات الأخرى وممثلي المراجع ورجال الدين هناك، ويتحالف مع بعض العصابات الصغيرة، التي أنشأها الإيرانيون للقيام بعمليات القتل ومهاجمة القوات البريطانية بين حين وآخر بقذيفة أو قذيفتين بأوامر إيرانية لتلميع صورتهم على إنه جهاد ومقاومة للمحتل!!

ومقتدى الصدر يريد تجيير الانسحاب البريطاني، المعلن لحسابه، ويريد تصوير خروج البريطانيين، على أنه هزيمة منكرة تحت ضربات جيشه، وسوف يحاول في الفترة القصيرة القادمة تنفيذ عمليات اغتيال ضد ضباط في الشرطة لم يتعاونوا معه، وفي نيته أيضا اغتيال رؤوسا عشائر طاردوا أنصاره القتلة عشائرياً، وحرّموا على أبنائهم الانضمام إلى عصابات جيش المهدي.

ومن أجل الاستحواذ على خيرات البصرة، يبحث مقتدى الصدر الآن بشكل محموم بين مؤيدين وأنصار من خارج التركيبة الحزبية والعشائرية المألوفة في البصرة، وربما تفاهم مع الإيرانيين الذين أخفوه في قم، على أن يقدم لهم كل ما يريدون مقابل أن يضعوا إمكانيات الاستخبارات الإيرانية (اطلاعات) وعناصر الحرس الثوري ـ قوات القدس ـ، وأن يسحبوا دعمهم من أي فصيل شيعي آخر في مرحلة حسم الصراع على البصرة.

وبينما يحمل الصدر مشروعه الدموي التخريبي، فإن خصومه تنبهوا لذلك، وتجري الآن بين شيوخ العشائر العربية في البصرة والمثقفين والليبراليين والمواطنين الرافضين لسلطة اللصوص والحشاشين، مفاوضات دخلتها أحزاب شيعية وميليشيات وضباط في الجيش والشرطة لمواجهة الخطر الداهم، الذي ينسج خيوطه مقتدى الصدر ومعاونوه في البصرة والعمارة وبغداد .
وبين الفريقين، فإن المراجع في النجف لن يكون موقفهم هذه المرة سلبياً، مثل الذي كانوا عليه وقت معركة النجف السابقة، فالظرف مختلف، والفرز بين القوى بات أكثر وضوحاً، والقوات الحكومية ستكون بمثابة لسان الميزان في عملية الحسم، مع استبعاد أفراد الشرطة الموالين لمقتدى الصدر، وهم ـ عموماً ـ من أهل الرتب الصغيرة، الذين من الممكن أن يتغير ولاؤهم بنسبة 180 درجة، إذا اقتنعوا أن الانخراط في صفوف جيش الإمام المهدي بقيادة الجنرال مقتدى، يكون له نتائجه الوخيمة والحاسمة، وتختلف كثيراً عما عودهم عليه السيد من اختطاف "المارقين" وتعذيبهم وقتلهم بعد أخذ الفدية من أهلهم ... هذه المرة، المعركة مختلفة... لأنها معركة حقيقية وليست معركة فضائيات.