تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حبيبيت سورية - أليست هذه حقائق ؟؟؟



FreeMuslim
04-02-2007, 07:07 AM
إلى شقيقتى الحبيبة سورية..أليست كل هذه حقائق؟
2007-04-01 :: بقلم علي الصراف* ::
http://www.iraqirabita.org/upload/7800.jpg



الأخت العزيزة سورية..

أسأل الله أن تكوني، وكل أولادك، بخير وعافية. وكما تعرفين، فأنت في القلب دائما. وسواء باعدتنا الأيام أو انحرفت بنا المشاغل، فمكانك كما هو، لن يتغير، حتى لكأني أشعر إن حبك هو "الضعف" الوحيد الذي يستحق أن يبحث المرء عن المزيد منه.

وأعلن، للمرة الألف، أنى أحبك، وأعرف انك تعرفين. وقلبي يقول لي انك، تحبينني أكثر مما تحبين أي أخ آخر في الجوار القريب أو البعيد. ولسنا، في الجيرة، بابا على باب فحسب، ولكننا، في المشاعر، قلب على قلب، يربط بينهما شريان ثقافة واحد، هو فراتنا المشترك. وأعرف إن الدلال جزء من طباعك. وإنه جميل منك كما لا يمكن أن يكون من أي أحد آخر.

ولك في العقل والروح منازل كثيرة، حتى أصبحت الأخت التي ما بعدها أخت. فمنك تعلمنا الكثير من أوجه عروبتنا، ومن بسالتك تخرج الكثير من مناضلينا، ليس في مواجهة إمبراطورية الرجل المريض، فحسب، ولكن في مواجهة حملات الاستعمار الحديث أيضا. وفيك كانت المشانق أول "المراجيح" للأبطال. والثورة، فكرا ونضالا، ضد الاستعمار، كانت ثورتك أولا. والوحدة العربية إنما كانت، منذ البدء، وحدتك، وكنت لها ميدان النضال الأهم.

وإذا جاز للشاعر أن يقول: "نقل فؤادك ما رغبت من الهوى، ما الحب إلا للحبيب الأول"، فقد كنت أنت، بالنسبة لي، ذلك الحبيب الأول. ومثل كل أخوين يختلفان، فقد اختلفنا. إلا أنك تذكرين، إننا، على عكس كل خلاف آخر، اختلفنا في كيف نجعل الحب بيننا مثمرا، وليس لأننا، لا سمح الله، كنا نبحث عنه ولم نعثر عليه. ولم يكن الخلاف مصدرا للبغضاء أو الكراهية فيما بيننا. قلبك ظل واسعا بالأمل، وقلبي ظل ينبض برغبة في لقاء سيأتي. وظلت طرق أولادنا مفتوحة، جيئة وذهابا. أولادي كانوا يرون فيك متنفسا رحبا، وأولاك كانوا يرون بي سندا وعزما. وكنا، على خلافنا، بابا مفتوحا على باب مفتوح، وقلبا يخشى على قلب يغار. وكم كنا محظوظين، إننا لم نذهب في الخلاف بعيدا.

ورغم أنى، في بعض أوقات الشدة، غالبت الشعور بأنك غدرت بي، إلا أن حبي لك ظل هو الغالب. وكأن ما كان بى وبك تكرارٌ لما كان بالمتنبي (وهو في الكوفة) عندما أرسل له أبو فراس الحمداني يطلب مجيئه الى الشام، فقال له: "أغالب فيك الشوق والشوقُ أغلبُ- وأعجبُ من ذا الهجر والوصلُ أعجبُ".

وها إني، مغلوب بالشوق إليك، ويشدني العجبُ عن وصلك. ولكن لا لوم ولا عتب. فأنا نفسي، بشعوري الطاغي بالغنى والقوة، لم أعطف ولم أفهم، ولم أتواضع، وبدوتُ كما لو اني كنت أريد تابعا وملحقا لا حليفا وشقيقة من لحم ودم. وكان ذلك من غرور الشباب وغطرسة الصبا. ولكننا، كما تلاحظين، لم ننضج إلا ونحن مخضبين بالدماء. وظل في القلب من الهوى ما يسمح بالقول: "ألا ليت الذي بين وبينك عامرٌ، وبيني وبين العالمين خرابُ". وكنت تقولين، لا خوفا ولا خجلا، "من قاسيون أطل يا وطني، فأرى بغداد تعانق السحبا". ولكنى كنت لك كما ينبغي للأخ أن يكون. حاربت معك، بدعوةٍ أو من دونها. ودافعت عنك بدم الآلاف من أبنائي. وفي أحلك الظروف، لم أبخل. وها أنت اليوم عمارة الأمل، وأنت النجاة، وحضنك-الجار هو الأخير. وما زال بيننا ما لا يزيد عليه شيء وما لا يعلو عليه أحد.

***
أختي العزيزة، لا أدرى كم بقى من ثقافتنا في سياستك. ولكنى أحسب إن روح العروبة ما تزال هي العصب النابض الذي يوصل القلبين والعقلين معا. ويمكن لكل امرئ منا أن ينظر للأشياء من منظار آخر، وان يتطلع الى مصالح مختلفة. وهذا حق مشروع، سوف يتعين علينا أن نتعلم قبوله. ولكنى أسألك: أليست كل هذه حقائق:

1- ألم نبن رؤيتنا للعالم على أساس التطلع للوحدة القومية؟ ولئن كنا ابتكرنا لها تسميات عدة، واستراتيجيات سياسية وخرائط مختلفة، ألم يكن واقعا إنها كانت تصب في مجرى ثقافة تحررية واحدة، ضد استعمار، مهما تعددت أشكاله، واحد؟

2- هل تعني "مواجهة الإمبريالية والصهيونية" شيئا آخر غير مواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل؟ وهل يعنى التصدي للسياسات الاستعمارية الجديدة شيئا آخر غير مناهضتها، ومناقضتها، ومعاكستها، بالقول والعمل؟

3- هل هناك من حلف إستراتيجي أقوى من حلف الصهاينة والإمبرياليين علينا؟ ألا يعملون على إملاء مصالحهم بالقهر والقسر والقوة حتى ولو بنشر الخراب والدمار فينا؟

4- "فرق تسد"... هل غيروا شيئا فيها؟ أفلا يصح، ونحن نعيها، أن نفعل عكس كل ما يفعلون، ونقول ضد كل ما يقولون، ونسير في الطريق الذي لا يقترحون؟

5- وإذ ترينهم يحاولون شق بيتي بالفرقة الطائفية، ويغرقون كل زاوية فيه بدماء الأبرياء، أفلا يصح ان تتوجسي خطرا شديدا، إذا نجحوا؟ ثم ألا تعرفين إن بوسعهم أن يغذوا من الأحقاد في بيتك، ما يجعل سفك الدماء في بيتي مجرد مزحة؟

6- ألا ترينهم يطاردونك بالضغوط والاتهامات والجرائم، من دون وجه حق، في كل مكان يكون لك فيه نفوذ وامتداد ومصالح؟

7- أليسوا هم الذين يحتلون أرضك، ويخططون لنهبها الى الأبد، تحت مسميات الأمن، الذي هو أمنهم هم وحدهم؟

8- ولو لم نوقفهم، بدمائنا وصبرنا على الموت والقهر والحرمان، فهل كانت دباباتهم ستتوقف، في الطريق اليك، دون الوصول الى ساحة المرجة؟

9- وهل كانوا سيوفرون وحشيتهم عليك، لو انهم جاءوا مدججين بـ"النصر"؟ وهل ستكون "ديمقراطيتهم" فيك شيئا آخر غير "ديمقراطية" لصوص وإمعات ونصابين؟ وهل ستكون شيئا آخر غير ديمقراطية قتل وأعمال تعذيب واغتصاب، مما ترين وتسمعين؟

10- وإذ رأيت الحبال والمسالخ والمشانق، تجر وتسفك وتعلو، بالحقد والوحشية والكراهية، فهل أبقت مكانا لاستراتيجية "الانحناء للعاصفة حتى تمر"؟ وهل ستمر من دون ان تسحق كل ما بقى تلك الروح وذلك العصب الذي ظل يوصل القلبين والعقلين معا؟ وهل ستظلين أنت من أنت، في العقل والروح، الأخت التي ما بعدها أخت؟

***
غير أني مطمئن لقلبك. مطمئن ليقظة ضميرك. مطمئن لحبك. وأستطيع أن أرى انك تحتضنين المشردين من أبنائي، كما لو انهم أبناؤك، وتصبرين على عواقب الحياة وضغوطها، فقط من اجل ألا يشعروا انهم غرباء او انهم في غير بيتهم. وهذا قد يكفي. إلا انه لا يكفي.
يدرك الإمبرياليون والصهاينة انهم إذا هزموا في بغداد، فانهم سيهزمون في الجولان. وهم يمارسون كل حيلة في سجل الوحشية ضد الرمادي، من اجل أن ينتصروا في دمشق. وهم، كما تعرفين... مصالح. لا شرف ولا قيم ولا أخلاقيات. والفائز، في ثقافة المصالح، يفوز في كل شيء، ويأخذ كل شيء، وينتقم بقسوة إذا شاء أن ينتقم. ولكنهم يقفون اليوم على حافة الهزيمة. وكل عالمهم سينهار إذا وقعوا في الهاوية. إذا نجوا سينتقمون، كما انتقم الصليبيون من القدس ببحور من الدماء، ولكنهم إذا هزموا سيذهبون الى الجحيم لما لا يقل عن مئات السنين.

لو كان هناك تاريخ، فلا أدرى إن كان هناك منعطف فيه أعظم وأجل وأقدس من هذا المنعطف. وأنت تذكرين. فمنذ ما يقارب القرن ونحن نحارب من اجل الحرية ضد هؤلاء المستعمرين. عانينا الكثير، وخسرنا الكثير، ولكن لم يبق، لكي يذهبوا الى الجحيم، سوى.. دفعة في الظهر. ليس ضعفا أن يتوسل الأخ أخته، في ساعة منعطف كهذا، أن تضع يدها خلف ظهره و...تدفع. وسنحمى هذا البيت. والبيت الذي في الجوار، والذي في جواره، وسيكون عيدا للحرية ما قبله ولا بعده عيد.

وأعلن للمرة الألف، إني أحبك، وأعرف إننا سنظل نختلف في كيف نجعل هذا الحب مثمرا، إلا إننا سنظل نسقى ماء القلب من دفق فرات واحد