تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سقوط دولة المرابطين: 18 شوال 541هـ ـ 24 مارس 1147م



Saowt
03-31-2007, 09:31 AM
وذلك في واحدة من أهم الحوادث التي وقعت ببلاد المغرب والأندلس، فلقد كان مصرع وسقوط دولة المرابطين من أخطر وأهم الحوادث التي تعرضت لها دولة الإسلام في هذه البقعة من المعمورة، فلقد كانت دولة المرابطين أفضل الدول الإسلامية التي قامت بالمغرب والأندلس وذلك من كل النواحي، الدينية والأخلاقية والجهادية والاجتماعية والاقتصادية.

فلقد قامت هذه الدولة في البداية على أساس من العقيدة الدينية والإيمان القوي وذلك على يد الفقيه المغربي عبد الله بن ياسين الجزولي، بالتعاون مع أمراء وشيوخ قبيلة «لمتونة»، و«مسوفة»، وكانت بداية الدولة على شكل حركة أسسها «عبد الله بن ياسين» بهدف نشر الإسلام الصحيح بين قبائل البربر الذين غلب عليهم الجهل والضلالات والبدع الغليظة وترك شعائر الإسلام، وساعده في البداية الأمير يحيى بن عمر اللمتوني وذلك سنة 434هـ ـ 1042م، وهي السنة التي برزت فيها الحركة كقوة عسكرية تجاهد ضلاّل البربر، وأخذت الحركة في التوسع والانتصار وكسب المزيد من الأنصار والأرض يومًا بعد يوم حتى توفي الأمير يحيى بن عمر، وخلفه أخوه أبو بكر بن عمر اللمتوني وهو الذي قاد المرابطين مع عبد الله بن ياسين لعدة انتصارات هائلة، فتح بها المرابطون أجزاء واسعة من جنوب بلاد المغرب، وأصبحت حركة المرابطين أكبر قوة عسكرية بالمنطقة.

حدث تطور كبير داخل حركة المرابطين، إذ استشهد عبد الله بن ياسين في القتال ضد الملاحدة سنة 451هـ، ثم اتجه الأمير أبو بكر بن عمر ناحية الجنوب لنشر الإسلام بين القبائل الزنجية سنة 453هـ، وأصبحت قوة المرابطين تحت إمرة القائد «يوسف بن تاشفين» الذي استطاع بعبقريته العسكرية الفذة وقوة عزيمته وإيمانه أن يفتتح باقي بلاد المغرب ويعلن قيام دولة المرابطين سنة 455هـ لتشمل بلاد المغرب «الجزائر والمغرب وموريتانيا وأجزاء من تشاد ومالي حتى دلتا النيجر».

تناوب على حكم المرابطين أربعة من الحكام، كما يلي:

1- يوسف بن تاشفين (455هـ ـ 500هـ) وهو مؤسس الدولة وقائدها العظيم والذي لقب بأمير المسلمين، ولقد قام بأعظم الأدوار في خدمة الإسلام والمسلمين، إذ استطاع أن يؤسس الدولة في المغرب ونشر الإسلام بين قبائل البربر وقضى على الكيانات الضعيفة هناك، ثم قام بإنقاذ دولة الإسلام بالأندلس مرتين: الأولى عندما انتصر على الإسبان الصليبيين في معركة الزلاقة سنة 479هـ، وقضى على طموحات ألفونسو السادس في الأندلس، والثانية يوم أن أزال حكم ملوك الطوائف من الأندلس وذلك سنة 483هـ، بعد أن ألحقوا أضرارًا بالغة بوضع دولة الإسلام بالأندلس، وضاعت في عهدهم معظم أراضي الأندلس، وأصبحت الأندلس تابعة للمرابطين.

2- علي بن يوسف بن تاشفين (500هـ ـ 537هـ) وكان الأمير علي خيّرًا صالحًا مثل أبيه، وفي أيامه الطويلة توطدت دعائم الدولة المرابطية في المغرب والأندلس، وفي أوائل عهده، وصلت الدولة المرابطية إلى ذروة قوتها وضخامتها، وفي أيامه ظهرت حركة ابن تومرت مدعي المهدية وذلك سنة 515هـ، وهي الحركة التي ستكون السبب الأول والمباشر لسقوط دولة المرابطين، والأمير كان ورعًا متعبدًا يحب العلماء ويؤثر مجالسهم، وكان للفقهاء في عهده مكانة عظيمة، حتى أنه كان لا يقطع أمرًا قط دون مشورتهم، وكان الأمير علي أقرب للزهاد والنساك منه إلى الأمراء والسلاطين، وهذا الأمر أدى لاضطراب أحوال الدولة في أواخر عهده، لانشغاله بالصيام والقيام عن مقارعة حركة ابن تومرت وأتباعه الملقبين بالموحدين، مما أدى لاستفحال قوتهم وشرهم واستيلائهم على كثير من قواعد المرابطين بالمغرب ثم الأندلس.

3- تاشفين بن علي بن يوسف بن تاشفين (537هـ ـ 539هـ) وهو الذي لم يهنأ براحة أو يتنعم بدنيا، بل قضى حياته من قبل ولايته وحتى مصرعه في حروب متصلة ضد الموحدين الذين أصبحوا قوة كاسحة استولت على معظم بلاد المغرب، وقد حاول تاشفين عبثًا استدراك ما فات أباه من تقصير في مواجهة الموحدين ولكنه قد ورث تركة ثقيلة، لم يستطع حملها رغم بطولته وشجاعته وثباته في القتال حتى آخر لحظة في حياته، ولم يبق للمرابطين سوى عاصمتهم مراكش وبعض المدن الصغيرة.

4- إبراهيم بن تاشفين (539هـ ـ 541هـ) وقد تولى بعد مصرع أبيه تاشفين، وكان وقتها في الرابعة عشرة من العمر، وقد رفض عمه الأمير إسحاق هذه الولاية، وانقسم المرابطون فيما بينهم، واقتتلوا داخل مراكش والموحدون على أبوابها، ولم يكن لإبراهيم شيء من الأمر لأنه كان صغيرًا، وظل الموحدون محاصرين لمراكش عدة شهور، وفي النهاية في 18 شوال سنة 541هـ دخل الموحدون مراكش عاصمة المرابطين وقتلوا أهلها جميعًا في مذبحة مروعة كانت سمة عامة وغالبة في الموحدين، وأول من راح في هذه المذبحة الأمير إبراهيم وهو فتى في السادسة عشرة لا حول له ولا قوة، وقتل كل من انتمى لقبيلة «لمتونة» التي كانت أساس دولة المرابطين، وسقطت هذه الدولة العظيمة في واحدة من أشد المحن التي تعرضت لها بلاد الإسلام في هذه البقاع.