مقاوم
03-30-2007, 05:50 PM
البيان الختامي لقمة الرياض: قراءة بين السطور
اختتمت بالأمس في الرياض أعمال القمة التاسعة عشرة للملوك والرؤساء العرب وهي قمة علق عليها الكثيرون أهمية بالغة لأنها عقدت في ظل أزمات حقيقية وطارئة تجثو عند عتبتها وتطرق بابها بشدة وتسأل بل تطالب بحلول استراتيجية تضمن الحقوق وترد المظالم وتكفل الحريات وتؤمن الحد الأدنى من العيش الكريم وتوفر بصيص أمل للمستقبل.
إلا إن فئة "الكثيرين" الذين يتطلعون إلى هذه القمة لا تشمل الشارع العربي ولا الشارع المسلم ذلك لأن شعوبنا منذ أمد بعيد فقدت كل ثقة وكل أمل بزعمائنا وقدرتهم على اتخاذ قرارات مستقلة تعبر عن طموحات شعوبهم ولا تخضع لإيحاءات الشرق والغرب ولا لإملاءاتهم ولا تأخذ في اعتبارها أية مصلحة فوق مصالح الأمة أو الشعوب.
لم يخف على أحد كنه الرسائل المباشرة وغير المباشرة التي وجهتها وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس في جولتها الاستباقية للقمة. فهي لم تغادر المنطقة إلا عشية انعقاد القمة بعد أن اطمأنت إلى مخرجاتها. القارئ بين سطور البيان الختامي يرى بصمات رايس ومن ورائها امبراطورية المحافظين الجدد في أمريكا واضحة جلية وإليك أيها القارئ الكريم أبرز سماتها:
- المبادرة العربية:
وما أدراك ما المبادرة العربية!! تلك المبادرة المطبوخة عام 2002 في أروقة البيت الأبيض والبنتاغون بمكونات ومقادير المحافظين الجدد المستوردة من الكيان الصهيوني. فهي تبارك لإسرائيل كل الأراضي المحتلة قبل عام 1967 حلالا زلالا عليها وتجعل من الأراضي المحتلة بعد 1967 مناط النزاع ومحل الخلاف. فإن هي انسحبت من هذه الأراضي اعترفت بها الأنظمة العربية جمعاء وطبّعت معها العلاقات وأنهت حالة المقاطعة. وما أن خرج البيان الختامي للعلن حتى سارع رئيس الوزراء الإسرئيلي إيهود أولمرت بإعلان رفض إسرائيل للمبادرة العربية وأكد في تصريح اليوم لصحيفة "الجيروسلم بوست" أن إسرائيل ستعلن حدودها من طرف واحد قبل العام 2010 وأن هذه الحدود ستشمل الأراضي التي أصبحت خارج جدارالفصل العنصري. فما الذي تغير من عام 2002 إلى اليوم؟؟
أول التغيرات هو أن ما كان يمكن أن تقبل به إسرائيل عام 2002 أصبح مرفوضا اليوم في ظل التطورات الجذرية خلال السنوات الخمس الماضية. فالجدار الذي لم يتوقف العمل فيه لحظة واحدة أصبح واقعا مفروضا. والأقصى أصبح شبه معزول عن بقية القدس وعن أبنائه والحفريات جارية تحته على قدم وساق حيث صح في مواقف المسلمين والعرب تجاهه المثل المشهور: "أسمع جعجعة ولا أرى طحنا".
لعل أخطر المتغيرات ما بين 2002 و2007 هو أن المعارضة الإسلامية وثقافة المقاومة المتمثلة بحماس قد أرغمت على القبول بهذه المبادرة وبشروطها المخزية بعد اتفاق مكة الأخيرالذي أعلنت حماس بموجبه اعترافها بكافة القرارات الدولية والعربية التي تبنتها السلطة العلمانية الفاسدة عبر السنين، بما فيه إسقاط حق الفلسطينيين بالمطالبة بكامل فلسطين ورفض احتلال أي جزء منها. فهل هناك هدية أعظم من هذه تقدمها القمة 19 لإسرائيل؟؟!!
- العراق:
أكد البيان على حرص القمة على سيادة العراق ووحدة أراضيه ونبذ الاقتتال المذهبي بين أبنائه وأدان العمليات الإرهابية والتدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية في إشارة إلى إيران. لكن البيان لم يشر ولو تلميحا إلى الاحتلال الأممي بقيادة أمريكا الذي جلب الويلات على العراق وأهله ودفع به إلى الهاوية، والذي يريق دماء العراقيين ويهتك أعراضهم في كل يوم، ويوفر التربة الخصبة لكل أنواع الفتن مذهبية كانت أو عرقية.
الإشارة الوحيدة للاحتلال جاءت على لسان العاهل السعودي وتسببت بتوتر فوري في العلاقات بين الرياض وواشنطن التي ردت مباشرة على الملك بأن وجودها في العراق جاء بطلب من الشعب العراقي وبقرار من مجلس الأمن ويخطئ من يعتقد غير ذلك. هل بعد هذا استهزاء بالعقول؟؟!!
- مكافحة الإرهاب وتطوير المناهج:
كان من اللافت حقا أن الكلام عن الإرهاب اتخذ منحى داخليا وكأن الإرهاب وليد مجتمعاتنا فقط وسببه "الفكر التكفيري المنحرف الذي يشوه الإسلام ويسئ إلى الأوطان". وهذا يعتبر قبولا ضمنيا واعترافا بما تبثه الآلة الإعلامية الأمريكية والصهيونية تشويها للإسلام وأهله دون الإشارة إلى إرهاب الدولة الذي يمارسه الكيان الصهيوني على شعبنا في فلسطين والذي تمارسه إدارة الرئيس بوش على المسلمين في أمريكا وخارجها وما بين ذلك في غوانتنامو.
أما تطوير المناهج المقصود فهو غربلتها للتأكد من خلوها من أية إشارة قد تزعج الصهاينة وحامي حماهم "الأنكل سام". أو أية إشارة إلى فكر المقاومة والممانعة المشروعة والجهاد في سبيل الله، فهذه كلها أصبحت مصطلحات محرمة لا تناسب لغة العصر ومفرداتها مثل السماحة والاعتدال والقبول بالآخر وإن كان سيفه على الأعناق!!
هذا غيض من فيض والمقام لا يتسع للدخول في الجزئيات والتفاصيل.
وبهذا تكون القمة التاسعة عشرة قد حققت كل ما قالت الشعوب أنها ستحققه ويمكن تلخيص ذلك بالتالي:
1- تكريس الاحتلال الصهيوني لفلسطين.
2- تنازل حماس عن حق المطالبة بأراضي 1948.
3- الرضا بالاحتلال الأمريكي للعراق (السكوت علامة الرضا)
4- القبول بلعب الأدوار المرسومة للزعماء من جانب أمريكا في المواجهة المقبلة مع إيران عسكرية كانت تلك المواجهة أو غير ذلك.
5- التأكيد على ضعفنا وخنوعنا في مواجهة الأطماع الخارجية.
6- استمرار تحييد النفط كأقوى سلاح استراتيجي تملكه الأمة.
فلا يقولن قائل بأنها جاءت مخيبة للتوقعات!!
اختتمت بالأمس في الرياض أعمال القمة التاسعة عشرة للملوك والرؤساء العرب وهي قمة علق عليها الكثيرون أهمية بالغة لأنها عقدت في ظل أزمات حقيقية وطارئة تجثو عند عتبتها وتطرق بابها بشدة وتسأل بل تطالب بحلول استراتيجية تضمن الحقوق وترد المظالم وتكفل الحريات وتؤمن الحد الأدنى من العيش الكريم وتوفر بصيص أمل للمستقبل.
إلا إن فئة "الكثيرين" الذين يتطلعون إلى هذه القمة لا تشمل الشارع العربي ولا الشارع المسلم ذلك لأن شعوبنا منذ أمد بعيد فقدت كل ثقة وكل أمل بزعمائنا وقدرتهم على اتخاذ قرارات مستقلة تعبر عن طموحات شعوبهم ولا تخضع لإيحاءات الشرق والغرب ولا لإملاءاتهم ولا تأخذ في اعتبارها أية مصلحة فوق مصالح الأمة أو الشعوب.
لم يخف على أحد كنه الرسائل المباشرة وغير المباشرة التي وجهتها وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس في جولتها الاستباقية للقمة. فهي لم تغادر المنطقة إلا عشية انعقاد القمة بعد أن اطمأنت إلى مخرجاتها. القارئ بين سطور البيان الختامي يرى بصمات رايس ومن ورائها امبراطورية المحافظين الجدد في أمريكا واضحة جلية وإليك أيها القارئ الكريم أبرز سماتها:
- المبادرة العربية:
وما أدراك ما المبادرة العربية!! تلك المبادرة المطبوخة عام 2002 في أروقة البيت الأبيض والبنتاغون بمكونات ومقادير المحافظين الجدد المستوردة من الكيان الصهيوني. فهي تبارك لإسرائيل كل الأراضي المحتلة قبل عام 1967 حلالا زلالا عليها وتجعل من الأراضي المحتلة بعد 1967 مناط النزاع ومحل الخلاف. فإن هي انسحبت من هذه الأراضي اعترفت بها الأنظمة العربية جمعاء وطبّعت معها العلاقات وأنهت حالة المقاطعة. وما أن خرج البيان الختامي للعلن حتى سارع رئيس الوزراء الإسرئيلي إيهود أولمرت بإعلان رفض إسرائيل للمبادرة العربية وأكد في تصريح اليوم لصحيفة "الجيروسلم بوست" أن إسرائيل ستعلن حدودها من طرف واحد قبل العام 2010 وأن هذه الحدود ستشمل الأراضي التي أصبحت خارج جدارالفصل العنصري. فما الذي تغير من عام 2002 إلى اليوم؟؟
أول التغيرات هو أن ما كان يمكن أن تقبل به إسرائيل عام 2002 أصبح مرفوضا اليوم في ظل التطورات الجذرية خلال السنوات الخمس الماضية. فالجدار الذي لم يتوقف العمل فيه لحظة واحدة أصبح واقعا مفروضا. والأقصى أصبح شبه معزول عن بقية القدس وعن أبنائه والحفريات جارية تحته على قدم وساق حيث صح في مواقف المسلمين والعرب تجاهه المثل المشهور: "أسمع جعجعة ولا أرى طحنا".
لعل أخطر المتغيرات ما بين 2002 و2007 هو أن المعارضة الإسلامية وثقافة المقاومة المتمثلة بحماس قد أرغمت على القبول بهذه المبادرة وبشروطها المخزية بعد اتفاق مكة الأخيرالذي أعلنت حماس بموجبه اعترافها بكافة القرارات الدولية والعربية التي تبنتها السلطة العلمانية الفاسدة عبر السنين، بما فيه إسقاط حق الفلسطينيين بالمطالبة بكامل فلسطين ورفض احتلال أي جزء منها. فهل هناك هدية أعظم من هذه تقدمها القمة 19 لإسرائيل؟؟!!
- العراق:
أكد البيان على حرص القمة على سيادة العراق ووحدة أراضيه ونبذ الاقتتال المذهبي بين أبنائه وأدان العمليات الإرهابية والتدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية في إشارة إلى إيران. لكن البيان لم يشر ولو تلميحا إلى الاحتلال الأممي بقيادة أمريكا الذي جلب الويلات على العراق وأهله ودفع به إلى الهاوية، والذي يريق دماء العراقيين ويهتك أعراضهم في كل يوم، ويوفر التربة الخصبة لكل أنواع الفتن مذهبية كانت أو عرقية.
الإشارة الوحيدة للاحتلال جاءت على لسان العاهل السعودي وتسببت بتوتر فوري في العلاقات بين الرياض وواشنطن التي ردت مباشرة على الملك بأن وجودها في العراق جاء بطلب من الشعب العراقي وبقرار من مجلس الأمن ويخطئ من يعتقد غير ذلك. هل بعد هذا استهزاء بالعقول؟؟!!
- مكافحة الإرهاب وتطوير المناهج:
كان من اللافت حقا أن الكلام عن الإرهاب اتخذ منحى داخليا وكأن الإرهاب وليد مجتمعاتنا فقط وسببه "الفكر التكفيري المنحرف الذي يشوه الإسلام ويسئ إلى الأوطان". وهذا يعتبر قبولا ضمنيا واعترافا بما تبثه الآلة الإعلامية الأمريكية والصهيونية تشويها للإسلام وأهله دون الإشارة إلى إرهاب الدولة الذي يمارسه الكيان الصهيوني على شعبنا في فلسطين والذي تمارسه إدارة الرئيس بوش على المسلمين في أمريكا وخارجها وما بين ذلك في غوانتنامو.
أما تطوير المناهج المقصود فهو غربلتها للتأكد من خلوها من أية إشارة قد تزعج الصهاينة وحامي حماهم "الأنكل سام". أو أية إشارة إلى فكر المقاومة والممانعة المشروعة والجهاد في سبيل الله، فهذه كلها أصبحت مصطلحات محرمة لا تناسب لغة العصر ومفرداتها مثل السماحة والاعتدال والقبول بالآخر وإن كان سيفه على الأعناق!!
هذا غيض من فيض والمقام لا يتسع للدخول في الجزئيات والتفاصيل.
وبهذا تكون القمة التاسعة عشرة قد حققت كل ما قالت الشعوب أنها ستحققه ويمكن تلخيص ذلك بالتالي:
1- تكريس الاحتلال الصهيوني لفلسطين.
2- تنازل حماس عن حق المطالبة بأراضي 1948.
3- الرضا بالاحتلال الأمريكي للعراق (السكوت علامة الرضا)
4- القبول بلعب الأدوار المرسومة للزعماء من جانب أمريكا في المواجهة المقبلة مع إيران عسكرية كانت تلك المواجهة أو غير ذلك.
5- التأكيد على ضعفنا وخنوعنا في مواجهة الأطماع الخارجية.
6- استمرار تحييد النفط كأقوى سلاح استراتيجي تملكه الأمة.
فلا يقولن قائل بأنها جاءت مخيبة للتوقعات!!