تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الخلافة



بشرى
03-22-2003, 11:05 AM
الخلافة: أرسل الله سبحانه وتعالى محمدا صلى الله عليه وسلم بدين قويم وصراط مستقيم، وقد اشتمل هذا الدين على قوانين بها صلاح المجتمع الإنساني في الدنيا والآخرة فبلّغ عليه السلام الرسالة كما حمل ثم لحق بربه راضيا مرضيا فكان لا بد للناس من إمام يخلفه في حمل الكافة على اتباع هذا الدين، فهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حراسة الدين وسياسة الدنيا. وقد أجمعت الأمة الإسلامية بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجوب وجود هذا الخليفة، وكذلك أجمع المسلمون على أنه لا يصح أن يكون لهم في عصر واحد خليفتان لما يجره ذلك من التنافس والتباغض اللذين هما سبب الخسران والوبال، وكفى بما حصل للمسلمين منذ تفرقت كلمتهم وتعدد سلطانهم؛ وهذه المسألة شاغلة أفكار العلماء من أكابر المسلمين وأول خلاف ظهر فيها كان عقب وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقوم منهم قالوا إنها ترجع لرأي الأمة تختار من تشاء ليكون إماما لها متى رأوا فيه القدرة على حراسة الدين وسياسة الدنيا لا فرق في ذلك بين القُرشيّ وغيره وكان هذا رأي غالب الأنصار من سكان المدينة رضوان الله عليهم؛ وقوم قالوا هي باختيار الأمة أيضا ولكن لا تكون إلا في قريش وكان هذا رأي أغلب المهاجرين رضوان الله عليهم وأخذ برأيهم من بعدهم عامة أهل السنة، والحجة في ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "الأئمة من قريش"؛ وقوم رأوا أن الأولى بها قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان هذا رأي أغلب بني هاشم ومن شايعهم والحجة في ذلك قوله له عليه السلام حينما خلفه على أهله في غزوة تبوك "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي من بعدي".
ولا بد لمن يتولى هذا المنصب العظيم أن يكون جامعا لشروط أربعة:
-1- العلم: لأنه منفذ لأحكام الله تعالى ومتى كان جاهلا بها لا يمكنه تنفيذها.
-2- العدالة: لأن الإمامة منصب ديني ينظر في سائر الأحكام التي تشترط فيها العدالة فكانت أولى باشتراطها.
-3- الكفاية: بأن يكون جريئا على لإقامة الحدود واقتحام الحروب بصيرا بها، كفيلا بحمل الناس عليها عالما بأحوال الدهاء قويا على معاندة السياسة ليصلح له بذلك ما أسند إليه من حماية الدين وجهاد العدو ولإقامة الأحكام وتدبير المصالح.
-4- أن يكون سليم الحواس والأعضاء: مما يؤثر فقدانه في الرأي والعمل يلحق بذلك العجز عن التصرف لصغر أو أسر غيرهما.
قال تعالى: "وشاورهم في الأمر" وهذا خطاب للأمة كلها فكانت الشورى بذلك أساسا للأعمال العظيمة التي يعملها المسلمون وأجلها تنصيب الخليفة فلا تنعقد إلا بشورى المسلمين ورضاهم والمعتبر في ذلك أهل الحل والعقد منهم وهم كبار الصحابة رضوان الله عليهم الذين امتازوا بكثرة الصحبة فاستنارت بصائرهم وعرفوا من يصلح للأمة وهذا في العصر الأول وينزل منزلتهم فيما بعده من العصور من له خير في لإسلام.