تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ما معنى سيناريوات الكواليس اللبنانية عن حرب أميركية – إسرائيلية وشيكة؟



الحسني
03-27-2007, 02:40 PM
ما معنى سيناريوات الكواليس اللبنانية عن حرب أميركية – إسرائيلية وشيكة؟

تحفل كواليس تحالف الموالاة الحاكم في لبنان بكلام عن حرب أميركية – إسرائيلية وشيكة ضد إيران، وقد وصل بعضهم إلى تعبئة قواعده ومحازبيه بسيناريو هذه الحرب وحددوا لها مواقيت معينة: الرابع من نيسان في الرابعة فجرا، وربما الخامس من نيسان إلى آخر الروايات الرائجة في صالونات بيروت السياسية وعلى أرصفة بعض المقاهي.

بالتزامن مع هذه الحرب التي تستهدف قصف وتدمير آلاف المواقع في إيران، يقول بعض قادة الموالاة لقواعدهم أن إسرائيل ستنفذ عملية عسكرية خاطفة في لبنان لتصفية المقاومة، وأن إسرائيل هذه المرة سوف تقطع جميع الطرق إلى سوريا من خلال دفع وحدات جيشها إلى البقاع (تلك نصيحة نقلها آلان مينارغ عن السيد جنبلاط) وبلغ بعضهم حد القول في خطب تعبوية داخلية لعناصر ميليشياته أنه ينبغي الإستعداد لهذا الإستحقاق بتحرك في الداخل بحيث سوف تنتهي المواجهات إلى فرض واقع جديد بتدخل دولي مباشر يوسع نطاق اليونيفيل ويحولها إلى قوة عسكرية ضاربة ضمن الفصل السابع لتصبح الفدرالية هي الحقيقة الجديدة في لبنان تحت المظلة الدولية ويرسم زعماء الموالاة خريطة جديدة للبلد: الجنوب والبقاع منطقتان منزوعتا السلاح، قوات دولية على الحدود مع سوريا وفلسطين وولايات إتحادية عاصمتها بيروت.

إن المتابع لتصرفات الموالاة يكتشف ببساطة أنها تريد إطالة أمد الأزمة وتقطع الطريق مباشرة على المسعى السعودي في إطار إرتكازها إلى هذه الرهانات المستوحاة من مناخات وأجواء أميركية شيراكية واضحة المعالم.

هناك ثلاثة إفتراضات ينطلق منها هذا السيناريو لا يملك الموالون برهاناً جازماً عنها:


الإفتراض الأول هو شن حرب أميركية – إسرائيلية على إيران في غضون الأسابيع أو الأشهر القادمة، والمعطيات بشأن ذلك من واشنطن تشير إلى أن هذا الإحتمال قائم فعلاً وتتأرجح حظوظه منذ أشهر على خلفية النزاع المعلن بين المؤسسة الحاكمة والغالبية الديمقراطية وقسم رئيسي من الحزب الجمهوري في الإدارة والكونغرس معا من جهة، ومجموعة المحافظين ولوبي تشيني من جهة أخرى.

وحيث يبدو الرئيس جورج بوش في سلوكه وخطابه السياسي أقرب إلى المجموعة الثانية التي حكم معها الفترة المنقضية من ولايتيه، فإنه أكره على أخذ خطوات عملية وسياسية تساير توصيات "بيكر – هاملتون" بدأها بعزل وزير دفاعه المدلل دونالد رامسفيلد.

السؤال الذي تردده مراكز الدراسات والكتل السياسية الأميركية هو عن اليوم التالي في مثل هذه الحرب، حيث لن تقف خطوط الإشتباك عند لحظة الغارات أو القصف البحري التي تصدر إشارتها من البيت الأبيض، بل سوف تتسع ساحات هذه الحرب بالضرورة وقد وصفها بعض الخبراء بشبه حرب عالمية، وجميع توقعات البنتاغون تلحظ أن جحيما سيعصف بالمصالح الأميركية وبالوجود العسكري الأميركي في المنطقة وربما أبعد من ذلك في الجغرافيا.


الإفتراض الثاني قدرة إسرائيل الخاطفة على التعافي من هزيمتها في تموز وإنتقالها إلى شن حرب شاملة ضد لبنان على النحو الذي يتمناه مروجو هذا السيناريو بل والمغامرة بتوسع هذه الحرب لتشمل الجبهة السورية بمجرد إختيار البقاع نقطة بداية للعمليات، وهو إستنتاج يبدو في حكم المؤكد قياسا على موقف سوريا الواضح والمعروف خلال الصيف الماضي من هذا الموضوع، فالإنذار السوري بدخول الحرب عند أي إقتراب إسرائيلي من الحدود اللبنانية – السورية فرض على إسرائيل تحاشي تحريك القطاع الشرقي من الجبهة مع لبنان، وبالتالي توقف خطوط العدوان عند منطقة مزارع شبعا وعدم القيام بأي عمل عسكري داخل الأراضي اللبنانية في قضائي حاصبيا وراشيا على الرغم من وجود بعض المواقع السياسية الفاعلة المناوئة للمقاومة في هذه المنطقة بسبب إنتمائها إلى قوى الموالاة.

الوقائع الناشئة عن هزيمة إسرائيل في مستوييها السياسي والعسكري لا تشير إلى جاهزية إسرائيلية راهنة بفعل وقوف الكيان الإسرائيلي على شفى إضطراب حكومي وسياسي قد يقود إلى إنتخابات مبكرة وخلط أوراق كبير تتضاءل معه القدرة على إشعال حرب، ولو أن المعاينة العلمية تستوجب إعتبار ذلك الإحتمال قائما من باب منطق الهروب إلى الأمام لتجريب آخر الحظوظ وعلى الرغم مما قد ترتبه هزيمة جديدة من خطر على الدولة العبرية سيكون وجوديا هذه المرة وعصيا على الإحتواء.


الإفتراض الثالث تخيل إمكانية إنتصار الحرب الأميركية الإسرائيلية في المنطقة على الرغم من الهزيمتين الساحقتين اللاحقتين بكل من واشنطن وتل أبيب.

فالمقاومة في لبنان أشد قوة و بأسا مما كانت عليه في تموز وإندلاع حرب تشترك فيها سوريا سيجعل إسرائيل في وضع أشد صعوبة مما شهدته في تموز الماضي ويفسح المجال أمام دخول المقاومة الفلسطينية على خط الصراع لإغتنام فرص النزيف الإسرائيلي وتبدد القوة العسكرية الإسرائيلية على جبهات واسعة ومتداخلة ومعقدة.

أما بالنسبة إلى إيران ومسرح القتال العراقي، فإن الأمر أوسع من طاقة مخيلة المراهنين على التصور، كما تقول التوقعات الأميركية بشأن السيناريوات المحتملة للحرب.

أمران منهجيان يطرحان في المبدأ حول هذه المراهنات التي تتملك فريقا لبنانيا:

- الربط المباشر لأصحاب هذا الرهان ولمصالحهم بالمشروع الأميركي – الإسرائيلي لإحراق المنطقة وقيامهم بتعطيل الحلول الداخلية ورفضهم للتسويات الوطنية الممكنة، هو ما يقف وراء معاندتهم للمسعى السعودي على الرغم من الروابط الوثيقة التي شدت بعضهم إلى المملكة فآثروا الإفتراق عنها سياسيا عندما قررت الإستدارة وقائيا إلى خيارات عقلانية في علاقتها بإيران وبسوريا وفي مقاربتيها الفلسطينية واللبنانية.

- المصلحة اللبنانية تفترض تغليب فرص الوفاق الداخلي وتوفير المناعة الوطنية لمواجهة خطر العدوان على السيادة والإستقلال، أما تعبئة الميليشيات للتحرك بالتناغم مع العدوان المحتمل لفرض مخطط التقسيم والتدويل، ففي ذلك ما يكشف الحقيقة العارية لزعامات مرتهنة إلى الخارج على حساب وطنها وشعبها وتعمل بكل وقاحة على الساعة الإسرائيلية في المنطقة، وهذه الحسابات تكشف حقيقة إرتباط أصحابها بخطة الحرب في تموز وصحة كل ما قيل عن معاتبة رايس لهم على تعهداتهم غير المنفذة بحرب أهلية تصاحب العدوان.

إن ما لم يفكر به هؤلاء ولو على سبيل الإحتمال، هو أن كل ما يمرر لهم من معلومات يهدف إلى تسخيرهم في منع التسوية اللبنانية لتحتفظ الإدارة الأميركية بلبنان ورقة في محفظة مساوماتها المقبلة مع سوريا و إيران، ويجب أن يعلم هؤلاء أن واشنطن في تلك المساومات تريد أن تطلب من سوريا وإيران وإن قررت إعطاءهما في المقايضة التي تخطط لها، فلن يكون ما تعطيه سوى من أوراقها الباقية في لبنان وسواه.